تتمة شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) . متفق عليه.
فالحاصل أنه ينبغي للمسلم إذا منّ الله عليه بعمل ممّا يَتعبّد به لله من عبادات خاصّة كالصّلاة، أو عبادات متعدّية للغير كطلب العلم، أن لا يتقاعس، وأن لا يتأخّر، ليستمرّ، فإنّ ذلك من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن إرشاده : ( يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل )، والله الموفّق.
1 - تتمة شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) . متفق عليه. أستمع حفظ
باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء : قال الله تعالى: (( واخفض جناحك للمؤمنين )) .
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء :
قال الله تعالى: (( واخفض جناحك للمؤمنين )).
وقال تعالى: (( ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك )).
وأما الأحاديث: عن عَدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة ) متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والكلمة الطيبة صدقة ) متفق عليه.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتاب *رياض الصالحين : " باب استحباب طلاقة الوجه " : يعني عند اللّقاء، إذا لاقى الإنسان أخاه فإنه ينبغي له أن يلاقيه بالبُشر وطلاقة الوجه وحسن المنطق، لأن هذا من خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا يعدّ هذا تنزّلا من الإنسان ولكنّه رفعة للإنسان وأجر له عندّ الله عزّ وجلّ ، واتّباع لسنّة النبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلّم كان دائم البُشر، كثير التبسّم صلوات الله وسلامه عليه .
فالإنسان ينبغي له أن يلقى أخاه بوجه طلق ، وبكلمة طيّبة ، لينال بذلك الأجر والمحبّة والإِلفة والبعد عن التّكبّر والترفّع على عباد الله .
ثمّ ذكر المؤلف آيات منها قوله تعالى: (( واخفض جناحك للمؤمنين )). اخفض جناحك : يعني تنازل وتواضع للمؤمنين ، لأنّ المؤمن أهل لأن يتواضع له ، أما الكفّار فقد قال الله تعالى: (( يا أيها النبيّ جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنّم وبئس المصير )) ، لكن الذي يتلقّى بالبشر وطلاقة الوجه هو المؤمن ، أما الكافر فإن كان يرجى إسلامه إذا عاملناه بطلاقة الوجه والبُشر فإننا نعامله بذلك رجاء إسلامه وانتفاعه بهذا اللقاء ، وأما إذا كان هذا التواضع وطلاقة الوجه لا يزيده إلاّ تعاليًا على المسلم وترفّعًا عليه ، فإنه لا يقابل بذلك ، ثمّ إن طلاقة الوجه توجب سرور صاحبها لأنه يفرّق بين شخص يلقاك بوجه معبّس ، وشخص يلقاك بوجه منطلق.
2 - باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء : قال الله تعالى: (( واخفض جناحك للمؤمنين )) . أستمع حفظ
شرح حديث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والكلمة الطيبة صدقة ) متفق عليه. وهو بعض حديث تقدم بطوله. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ). رواه مسلم.
( فإن لم يجد فبكلمة طيّبة ) : كلمة طيّبة مثل أن تقول له كيف أنت؟ كيف حالك؟ كيف إخوانك؟ كيف أهلك؟ وما أشبه ذلك ، لأن هذه من الكلمات الطّيّبة التي تدخل السّرور على صاحبها ، كلّ كلمة طيّبة فهي صدقة لك عند الله وأجر وثواب ، وتعدّ في من أخلاقهم حسنة ، وقد قال النبي عليه الصّلاة والسّلام: ( البرّ حسن الخلق، وقال: أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم خلقا )، والله الموفّق.
3 - شرح حديث عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والكلمة الطيبة صدقة ) متفق عليه. وهو بعض حديث تقدم بطوله. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ). رواه مسلم. أستمع حفظ
ما حكم لعن الكافر ؟.
السائل : الكافر إذا مات على الكفر يلعن ؟
الشيخ : الكافر إذا مات على الكفر فإنه يجوز أن يلعن إلاّ أن يكون له أقارب من المسلمين ويحزنهم ذلك فلا تفعل، وأما إذا كان حيّا فإنه لا يجوز لعنه حتى لو أنه من أكفر الناس، يعني لا يجوز مثلا أن تلعن مثلا رؤساء الكفر الآن ، لأنه يمكن أن يهديه الله ويكون من خيار عباد الله ، ولكن لك أن تلعن الكافرين عمومًا : لعنة الله على الكافرين، على الظالمين، على الكاذبين وما أشبه ذلك ، والله أعلم.
باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك. عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك :
عن أنس رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا ) رواه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان كلام رسول الله كلامًا فصلًا يفهمه كل من يسمعه ) رواه أبو داود ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النّووي -رحمه الله- في كتاب *رياض الصالحين : " باب استحباب إيضاح الكلام وتكراره حتى يفهم عنه " : يعني ينبغي للإنسان إذا تكلّم وخاطب الناس أن يكلّمهم بكلام بيّن ، لا يستعجل في إلقاء الكلمات ولا يدغم شيئا ولكن يكون كلامه فصلا بيّنا واضحا حتى يفهم المخاطب بدون مشقة وبدون كلفة، بعض الناس تجده يسرع في الكلام ويغمغم في الكلام ، حتى إن الإنسان يحتاج لأن يقول ماذا تقول؟ وش تقول؟ علّمني وما أشبه ذلك، هذا خلاف السّنّة، السّنّة أن يكون الكلام بيّنا واضحًا يفهمه المخاطب وليس من الواجب أن يكون باللغة الفصحى ، بل ولا من المستحبّ إذا كان الناس ينتقدون ذلك ويرونه من باب التنطّع ، إنّما يخاطب الناس بلسانه ولكن ليكن كلامه بيّنا واضحا كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم كان إذا تكلّم بالكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه ) فقوله: " حتى تفهم عنه " : يدلّ على أنها إذا فهمت بدون تكرار فإنه لا يكرّرها ، وهذا هو الواقع ، فإن الرسول عليه الصّلاة والسّلام نسمع عنه أحاديث كثيرة يقولها في خطبه وفي مجتمعاته ولا يكرّر ذلك ، لكن إذا لم يفهم الإنسان بأن كان لا يعرف المعنى جيّدا فتكرّر عليه حتى يفهم، أو كان سمعه ثقيلا لا يسمع ، أو كان هناك ضجّة حولكم لا يسمع، فهنا يستحبّ أن تكرّر حتى يفهم عنك.
( وكان إذا سلّم على قوم سلّم عليهم ثلاثا ) يعني أنه لا يكرّر أكثر من ثلاثة، يسلّم مرّة، فإذا لم يجب سلّم الثانية، فإذا لم يجب سلّم الثالثة، فإذا لم يجب ترك. وكذلك في الإستئذان : كان صلى الله عليه وآله وسلّم يستأذن ثلاثا، يعني إذا جاء الإنسان يستأذن على بيته يدق عليه الباب ثلاث مرّات ، إذا لم يجب انصرف، فهذا من سنّته عليه الصّلاة والسّلام : أن يكرّر الأمور ثلاثا ثمّ ينتهي، وهل مثل ذلك الزّهم ، إذا رنّ جرس التلفون ثلاث مرّات أغلقته؟ يحتمل أن يكون من هذا الباب ، وأنك إذا زهمت على إنسان ودقّ الجرس ثلاث مرّات وأنت تسمعه ولم يجب فأنت في حلّ إذا أقفلت التلفون، ويحتمل أن يقال إن التّلفون أبقه حتى تيأس من أهل البيت ، لأنهم ربّما لا يكونون حول التلفون عند زهمه ، ربّما يكون في طرف المكان ويحتاج إلى خطوات والتلفون يسرع في تكرار الصوت ، فلهذا ربّما يقال : إنه يقيّد بالثلاث وربّما يقال : إنه يقيّد بحيث تيأس من الإجابة ، وأن هذا إذا رنّ ورنّ مرات متعدّدة ولم يجب فقد أيست وتغلق التلفون.
5 - باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك. عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري. أستمع حفظ
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كلام رسول الله كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه. رواه أبو داود.
ثم إنه ينبغي للإنسان إذا استعمل هذه الطريقة يعني : إذا جعل كلامه فصلا، بيّنا واضحا وكرّره ثلاث مرات لمن لم يفهم ، ينبغي أن يستشعر في هذا أنه متّبع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حتى يحصل له بذلك الأجر وإفهام أخيه المسلم ، وهكذا جميع السّنن اجعل على بالك أنّك فيها مُتّبع لنبيّك صلى الله عليه وعلى آله وسلّم حتى يتحقّق لك الإتّباع، والله الموفّق.
6 - شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان كلام رسول الله كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه. رواه أبو داود. أستمع حفظ
باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه . عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع : ( استنصت الناس ) ثم قال : ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) متفق عليه .
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام، واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه :
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : ( استنصت الناس، ثم قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النّووي -رحمه الله- في *رياض الصالحين : " باب إصغاء الإنسان إلى جليسه إذا لم يكن يتكلّم بشيء محرّم ، واستنصات العالم والمعلّم الناس يعني ليستمعوا إلى كلامه " : وقد سبق لنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا سلّم سلّم ثلاثاً ، والمراد إذا لم يسمع المسلّم عليه ، فإنه يسلّم أوّل مرّة فإذا لم يجب سلّم الثانية، فإذا لم يجب سلّم الثالثة ثمّ انصرف، أما إذا ردّ المسلّم عليه من أول مرّة فإنه لا يعيد السّلام مرّة ثانية، أما هذا الباب ففيه أنه ينبغي للإنسان أن يكون حسن الإصغاء إلى كلام جليسه إذا لم يكن يتكلّم بمحرّم.
حُسْن الإصغاء يكون بالقول وبالفعل، أما بالقول: فأن لا يتكلّم إذا كان جليسه يتكلّم فيحصل بذلك التّشويش ، وأن يكون كلّ واحد يتكلّم مع جليسه ، والذي ينبغي في المجالس أن يكون الكلام كلامًا واحدًا حتى ينتفع الناس جميعا بما يتكلّم به بعضهم.
وأما الإصغاء بالفعل فينبغي إذا كان إنسانا يحدثك أن تقبل إليه بوجهك ، وأن لا تلتفت يميناً وشِمالًا، لأنك إذا التفت يمينا وشمالا وهو يحدّثك نسبك إلى الكبرياء، وقد قال الله تعالى: (( ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مَرَحًا )): فينبغي أن تصغي إليه وأن تقابله بوجهك، حتى يعرفك أنك قد أحسست به وأنك قد اهتممت بكلامه، إلاّ إذا كان يتكلّم بشيء محرّم كغيبة أو كلام لغو، أو ما أشبه ذلك من الأشياء المحرّمة، فإنك لا تصغي إليه، بل انهه عن ذلك الشّيء، فإن استمر يتكلّم بالكلام المحرّم ولم يصغ إلى قولك وإلى نصحك ، فالواجب عليك أن تقوم مكانك وأن تفارقه ، لأن الله يقول: (( وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها أو يستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذن مثلهم إن الله جامع الكافرين والمنافقين في جهنّم جميعاً )).
ثمّ ذكر المؤلف حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال له في حجّة الوداع: استنصت الناس ) يعني سكّتهم حتى يستمعوا لما يقوله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ثمّ قال يعني النبي صلى الله عليه وسلّم ( لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض ) : يضرب هنا بالرّفع ، ولا يجوز جزمها على أنّها جواب النّهي بل هي بالرفع لأنها حال : يعني لا ترجعوا بعدي كفارا حال كونكم يضرب بعضكم رقاب بعض .
وفي هذا دليل على أن قتال المؤمنين بعضهم بعضا كفر، وقد أيّد هذا الحديث قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( سِباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) : لكنّه كفر لا يخرج من الملّة ، والدليل على هذا أنه لا يخرج من الملّة قوله تعالى: (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما )) إلى أن قال: (( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم )) ، والله الموفّق.
7 - باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه . عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع : ( استنصت الناس ) ثم قال : ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) متفق عليه . أستمع حفظ
باب الوعظ والاقتصاد فيه : قال الله تعالى: (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) . عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس مرة، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه. يتخولنا: يتعهدنا.
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الوعظ والاقتصاد فيه :
قال الله تعالى: (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )).
وأما الأحاديث : عن أبي وائل شقيق بن سلمة رضي الله عنه قال: ( كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس مرة، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتاب *رياض الصّالحين : " باب الوعظ والإقتصاد فيه " : الوعظ : هو ذكر الأحكام الشّرعيّة مقرونة بالترغيب أو الترهيب، يعني أن تقول للإنسان مثلاً: إنه يجب عليك كذا وكذا ، فاتّق الله وقم بما أوجب الله عليك ، وما أشبه ذلك .
وأعظم واعظ هو كتاب الله عزّ وجلّ، فإن الله يقول: (( يا أيّها الناس قد جاءتكم موعظة من ربّكم وشفاء لما في الصّدور وهدى ورحمة للمؤمنين )) : فأعظم ما يوعظ به كتاب الله عزّ وجلّ ، لأنه جامع بين الترغيب والترهيب وذكر الجنّة والنّار، والمتّقين والمهملين، فهو أعظم كتاب يُوعظ به، ولكن إنما يكون كذلك : لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد، كما قال تعالى: (( إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السّمع وهو شهيد )) .
أما من قست قلوبهم والعياذ بالله فقد قال الله تعالى: (( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون )) : وهكذا المؤمن كلما قرأ آية من كتاب الله ازداد إيماناً بالله واستبشر بما جعل الله في قلبه من النّور من هذا الكتاب العظيم ، (( وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رِجسًا إلى رِجسهم وماتوا وهم كافرون )) نعوذ بالله من ذلك ، فينبغي للإنسان أن يعظ الناس: بالقرآن، بالسّنّة، بكلام الأئمّة، بكلّ ما يليّن القلوب ويوجّهها إلى الله عزّ وجلّ.
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- أنه ينبغي الإقتصاد في الموعظة، يعني أن لا تكثر على الناس، فتملّهم وتكرّه إليهم القرآن والسّنّة وكلام أهل العلم، لأن النفوس إذا ملّت كلّت وتعبت وسئمت وكرهت الحقّ وإن كان حقّا، ولهذا كان أحكم الواعظين من الخلق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم : ( يتخوّل الناس في الموعظة ) : ما يكثر عليهم لئلاّ يملّوا ويسأموا ويكرهوا ما يقال من الحقّ.
ثمّ صدّر المؤلف هذا الباب بقوله تعالى: (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )).
(( ادع إلى سبيل ربّك )) : يعني إلى دين الله ، لأن سبيل الله هو دين الله ، حيث إنه يوصل إلى الله تعالى ، فإن من سلك هذا الدّين أوصله إلى الله سبحانه وتعالى ولأن هذا الدين وضعه الله عزّ وجلّ وشرعه لعباده، فلهذا أضيف إليه فقيل : سبيل الله (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) :
بثلاثة أمور، أولاً: الحكمة وذلك بأن تنزّل الأمور منازلها في الوقت المناسب، والمكان المناسب، والقول المناسب، لأن بعض الأماكن لا ينبغي فيه الموعظة، وبعض الأزمنة لا ينبغي فيها الموعظة، وكذلك بعض الأشخاص لا ينبغي أن تعظه في حال من الأحوال، بل تنتظر حتى يكون مهيّئاً لقبول الموعظة، ولهذا قال: (( بالحكمة )) قال العلماء: " والحكمة وضع الأشياء في مواضعها ".
الثاني: (( والموعظة الحسنة )) يعني : اجعل دعوتك مقرونة بموعظة حسنة موعظة تليّن القلب، ترقّقه، توجّهه إلى الله، تكون حسنة، إن كان الترغيب فيها أولى فبالترغيب، وإن كان الترهيب والتخويف فيها أولى فبالتخويف والترهيب.
كذلك حسنة من حيث الأسلوب والصّياغة تكون حسنة مقبولة، كذلك حسنة من حيث الإقناع، بحيث تأتي بموعظة يكون فيها أدلّة مقنعة، أدلّة شرعيّة وأدلّة عقليّة تُسند الشّرعية ، لأن بعض الناس يقنع بالأدلّة الشّرعيّة كالمؤمنين الخلّص، فإن الله يقول : (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )).
ومن الناس من لا يكتفي بالأدلّة الشّرعية، يحتاج إلى أن تسند الأدلّة الشّرعية عنده بأدلّة عقليّة، ولهذا يستدلّ الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة بالأدلّة العقلية على ما أوحاه إلى نبيّه من الأدلّة الشّرعية، انظر مثلا إلى البعث بعد الموت، البعث بعد الموت أنكره الكفّار وقالوا : (( من يحي العظام وهي رميم )) : كيف يموت الإنسان وتأكل الأرض عظامه ولحمه وجلده كيف يبعث ؟ فأجاب الله : (( قل يحييها الذي أنشأها أول مرّة )) : مَن الذي خلق هذه العظام أول مرّة ؟ هو الله ، وإعادة الخلق أهون من ابتدائه : (( هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه )) ، (( أوليس الذي خلق السّماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى )) : هذه أدلّة عقليّة ، الإستدلال بالمبدأ على المعاد، وكذلك يستدلّ الله عزّ وجلّ على إمكان البعث بإحياء الأرض بعد موتها ، فإن الله تعالى يُنزل المطر على أرض هامدة قاحلة ليس فيها خضراء، (( فتصبح الأرض مخضرّة )) بهذا المطر، من الذي أحيا هذا النبات إلاّ الله، فالذي أحيا هذا النبات بعد يبسه وموته قادر على إحياء الموتى، ولابدّ من حياة أخرى ، لأنه ليس من الحكمة أن الله ينشئ هذا الخلق ويمدّهم بالنّعم والرّزق وينزّل عليهم الكتب ويرسل إليهم الرّسل ويشرع الجهاد لأعداء الله ، ثمّ تكون المسألة بس دنيا تروح ما يمكن هذا! هذا خلاف الحكمة، بل لابدّ من حياة أخرى هي الحياة الحقيقيّة كما قال تعالى: (( يقول يا ليتني قدّمت لحياتي )) : نسف الدّنيا كلّها لأنها ما هي شيء راحت، الحياة الحقيقيّة الحياة الآخرة : (( ربّنا آتنا في الدّنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )).
قال: (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) : يعني إذا وعظت موعظة حسنة وصار الإنسان مجادلًا ولم يقبل جادل، لا تنسحب، لكن جادل بالتي هي أحسن، من حيث الأسلوب، ومن حيث العَرض، ومن حيث الإقناع، إذا استدلّ عليك بدليل فحاول إبطال دليله، فإذا كان إبطال دليله يطول فانتقل إلى دليل آخر، لا تأخذ بالجدال معه، انتقل إلى دليل آخر لا يستطيع مجادلتك فيه، انظر إلى إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام لما حاجّه الرّجل في الله : (( ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربّه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربّي الذي يحيي ويميت )) : يعني أنت لا تستطيع أن تحيي وتميت ، (( قال أنا أحيي وأميت )) يقوله مجادل ومعاند، كيف يحيي ويميت؟ يؤتى بالرجل المستحقّ للقتل فيقول لا تقتلوه، ويؤتى بالرجل لا يستحقّ القتل فيقول: اقتلوه ، هكذا موّه للنّاس ، فقال إبراهيم : (( إن الله يأتي بالشّمس من المشرق فأت بها من الغرب )) ، ولم يجادله على قوله أنا أحيي وأميت، وإلاّ لو جادله لقال : أنت لم تحي ولم تمت، أنت تفعل سبب الموت فيموت وهو القتل ، وترفع موجب القتل فلا يقتل، لكنّه عدل عن هذا ، لأنه يكون فيه مجادلة إلى شيء لا يستطيع الخصم أن يتحرّك ، قال : (( إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب )) يقدر أو ما يقدر؟ نعم ، لا يستطيع ولهذا قال : (( فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين )) .
فالحاصل أن الله يقول: (( وجادلهم بالتي هي أحسن )) لا تنسحب .
وفُهِم من الآية أن من لا يستطيع المجادلة بالتي هي أحسن فلا يجادل ، لأنه قد يأتي إنسان مؤمن حقّا ولا عنده إشكال في ما معه من الإيمان لكن يجادله هو ألد الخصم فيعجز عن مقاومته ففي هذه الحال لا تجادل ، لأنك إن جادلت لم تجادل بالتي هي أحسن اتركه إلى وقت آخر أو إلى أن يأتي أحد أقوى منك بالمجادلة فيجادل. والله أعلم.
8 - باب الوعظ والاقتصاد فيه : قال الله تعالى: (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )) . عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس مرة، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه. يتخولنا: يتعهدنا. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة ). رواه مسلم. مئنة بميم مفتوحة، ثم همزة مكسورة، ثم نون مشددة، أي: علامة دالة على فقهه.
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الوعظ والإقتصاد فيه : " عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مَئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة ) رواه مسلم.
عن معاوية بن الحكم السُلَمي رضي الله عنه قال : ( بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم! فقلت: واثكل أمِّياه! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت. فلمَّا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمِّي، ما رأيتُ معلّمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن -أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- قلتُ يا رسول الله: إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإنَّ منا رجالا يأتون الكهان؟ قال: فلا تأتهم، قلتُ: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدّهم ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في *رياض الصالحين في باب الوعظ والإقتصاد فيه وعدم الملل والسّآمة على الناس فيما يعظ به :
وسبق الكلام على الآية التي ذكرها المؤلف رحمه الله في هذا الباب وهي قوله تعالى: (( ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) .
ثم ذكر المؤلف أحاديث منها: حديث عمّار بن ياسر : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلّم قال: ( إنَّ طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئنّة من فقهه ) : يعني صلاة الجمعة لها خطبتان قبلها ، فيقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن طول صلاة الرّجل وقصر خطبته مَئنّة من فقهه ) : وهذا وإن كان ظاهراً في خطبة الجمعة فهو عامّ أيضاً ، حتى الخطب العارضة لا ينبغي للإنسان أن يطيل على الناس ، كلّما قصّر كان أحسن لوجهين:
الوجه الأول: أن لا يملّ النّاس، والوجه الثاني: أن يستوعبوا ما قال، لأن الكلام إذا طال ضيّع بعضُه بعضًا، فإذا كان قصيرا مهضوما مستوعبا انتفع الناس به وكذلك لا يلحقهم الملل .
وأما طول الصّلاة فالمراد أن تكون كصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليست الطويلة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنكر على معاذ وأنكر على الرّجل الآخر، أنكر على معاذ إطالته في صلاة العشاء، وأنكر على الرجل الآخر إطالته في صلاة الفجر، وقال : ( أيها الناس إن منكم منفّرين ) : فالمراد بطول الصّلاة هنا الطول الذي يوافق صلاة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، هذا إذا كان الإنسان إماماً ، أما إذا صلّى لنفسه فليطول ما شاء ولا أحد يمنعه ، لأنه هو يعامل نفسه بنفسه ثم ذكر المؤلف، نعم ، ثم قال النبي عليه الصّلاة والسلام: ( فأطيلوا الصّلاة وأقصروا الخطبة ) أطيلوها كما ورد وأقصروا الخطبة ، لكن لا بدّ من خطبة تثير المشاعر ويحصل بها الموعظة والإنتفاع.
9 - شرح حديث عن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة ). رواه مسلم. مئنة بميم مفتوحة، ثم همزة مكسورة، ثم نون مشددة، أي: علامة دالة على فقهه. أستمع حفظ
شرح حديث عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: بينا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم ! فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن ) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؟ قال: ( فلا تأتهم ) قلت: ومنا رجال يتطيرون ؟ قال: ( ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم ) رواه مسلم. الثكل بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. ما كهرني أي: ما نهرني.
فهذه موعظة قصيرة مفيدة انتفع بها معاوية ونقلها إلى من بعده.
وفي هذا الحديث دليل على أنه لا بأس أن يلتفت المصلّي أو ينظر إذا كان ذلك لمصلحة أو حاجة ، وإلاّ فالأفضل أن يكون نظره إلى موضع سجوده ، وفي حال الجلوس يكون نظره إلى موضع إشارته ، لأن الجالس للتّشهّد أو بين السّجدتين يرفع أصبعه قليلا ويشير بها عند الدّعاء، فيكون نظره إلى موضع إشارته، وأما في حال القيام والرّكوع فينظر إلى موضع سجوده، وقال بعض العلماء : ينظر إلى تلقاء وجهه ، والأمر في هذا واسع ، إن شاء نظر إلى موضع سجوده ، وإن شاء نظر تلقاء وجهه ، لكن إذا حصلت حاجة والتفت فإن ذلك لا بأس به .
وفيه أيضاً أن العمل اليسير في الصّلاة لا يضرّ ، لأن الصّحابة جعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم إلاّ أنه قال: ( إذا نابكم شيء فليسبّح الرجال وتصفّق النساء ) .
وفيه دليل على أن الكلام في الصّلاة لا يجوز ، وأنه مبطل لها إلاّ إذا كان الإنسان جاهلًا أو ناسيًا أو غافلًا، فمثلا لو أن أحدًا سلّم عليك وأنت تصلّي أو دقّ الباب وأنت تصلّي فقلت غافلا: ادخل، أو قلت: عليكم السلام ناسيا أو غافلا، فصلاتك صحيحة، لأن الله لا يؤاخذ الإنسان بالجهل أو بالنّسيان أو بالغفلة : (( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم )).
ومن فوائد الحديث : حُسنُ تعليم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وأنه يعلم بالرفق واللين ، وهذا هديه ، وهو أُسوة أمّته ، فالذي ينبغي للإنسان أن ينزّل الناس منازلهم ، المعاند، المكابر يُخاطب بخطاب يليق به ، والجاهل الملتمس للعلم يُخاطب بخطاب يليق به .
ومِن فوائد هذا الحديث أن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين وإنما هي التّسبيح والتّكبير وقراءة القرآن، أو كما قال، والصّلاة كما نعلم فيها قراءة القرآن، فيها تكبير، فيها تسبيح، فيها دعاء، فيها تشهّد، حسب ما هو معروف عند المسلمين.
وفيه الثّناء على الواعظ إذا كانت عِظَتُه جيّدة وليس فيه عنف، لأن هذا يشجّع أهل الوعظ، إذا كان الإنسان يتحدّث ويمدحه في المجالس: فلان سهل ليّن يعظ بسهولة ويسر، هذا يشجّع أهل الوعظ على أن يلتزموا بهذه الطّريقة ويأتي إن شاء الله بقيّة الكلام على الحديث.
10 - شرح حديث عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: بينا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم ! فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن ) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؟ قال: ( فلا تأتهم ) قلت: ومنا رجال يتطيرون ؟ قال: ( ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم ) رواه مسلم. الثكل بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. ما كهرني أي: ما نهرني. أستمع حفظ
تتمة شرح حديث عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؟ قال: ( فلا تأتهم ) قلت: ومنا رجال يتطيرون ؟ قال: ( ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم ) رواه مسلم. الثكل بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. ما كهرني أي: ما نهرني.
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الوعظ والإقتصاد فيه : " عن معاوية بن الحكم السُلمي رضي الله عنه قال: ( بينا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم! فقلت: واثكل أُمِّياه ! ما شأنكم تنظرون إليّ ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت.
فلمَّا صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ مُعلّمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما كَهَرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلحُ فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءةُ القرآن -أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- قلتُ: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإنا منا رجالًا يأتون الكُهان؟ قال: فلا تأتهم، قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدّهم ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في *رياض الصّالحين في باب: الوعظ والإقتصاد فيه ، في سياق حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه الذي تقدّم الكلام على أوّله حتى بلغنا إلى قوله رضي الله عنه: ( قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية ، وقد جاء الله بالإسلام ) : قال هذا الكلام ليبيّن حاله من قبل وحاله من بعد ، وليتحدّث بنعمة الله عليه ، حيث كان في جاهلية لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكراً إلاّ ما جرت به العادات بينهم ، وجاءنا الله بهذا الإسلام النور المبين والفرقان العظيم ، فبيّن الحقّ من الباطل ، وبيّن النّافع من الضار ، وبيّن الإيمان من الكفر ، والتوحيد من الشّرك إلى غير ذلك مما منّ الله به على هذه الأمّة بالإسلام .
ثم قال رضي الله عنه: ( وإنَّ منّا رجالا يأتون الكهّان؟ قال: فلا تأتهم ) : الكهان كانوا رجالًا تنزل عليهم الشّياطين الجنّ بما يسمعون من خبر السّماء ، ثمّ يحدّثون الناس بما أخبرت به الشياطين، ويضيفون إلى الخبر الحق !
11 - تتمة شرح حديث عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان ؟ قال: ( فلا تأتهم ) قلت: ومنا رجال يتطيرون ؟ قال: ( ذاك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم ) رواه مسلم. الثكل بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. ما كهرني أي: ما نهرني. أستمع حفظ