شرح حديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن، وقال: ( لا تنسنا يا أخي من دعائك ). فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. وفي رواية قال: ( أشركنا يا أخي في دعائك ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب وداع الصاحب وصيته عند فراقه للسفر وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن وقال: ( لا تنسانا يا أخي من دعائك ) فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا، وفي رواية قال: ( أشركنا يا أخي في دعائك ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول للرجل إذا أراد سفرًا: ادن مني حتى أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول: ( أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يودع الجيش يقول: ( أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم ) حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح، وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أريد سفرًا فزودني، فقال: ( زودك الله التقوى ) قال: زدني، قال: ( وغفر ذنبك ) قال: زدني، قال: ( ويسر لك الخير حيث ما كنت ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه الأحاديث ذكرها النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين فيما يستحب من وداع الصاحب والدعاء له وطلب الدعاء منه، ذكر حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أراد أن يعتمر فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له وقال: ( لا تنسنا يا أخي من دعائك ) وفي رواية: ( أشركنا يا أخي في دعائك ) وذكر أن الترمذي أخرجه وقال: إنه حسن صحيح، ولكن الحقيقة أنه ضعيف وأنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وطلب الدعاء من الغير ينقسم إلى أقسام: القسم الأول: أن يطلب من الغير الدعاء لصالح المسلمين أي لشيء عام فهذا لا بأس به، وقد دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وعلى آله سلم يخطب فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع يديه وقال: ( اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا ) فأنشأ الله سحابة وانتشرت وتوسعت وأمطرت ولم ينزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المنبر إلا والمطر يتحاذر من لحيته وبقي المطر أسبوعًا كاملًا، وفي الجمعة الثانية دخل رجل آخر أو الأول فقال: يا رسول الله غرق المال وتهدم البناء فادع الله يمسكها عنا، فرفع يديه وقال: ( اللهم حوالينا ولا علينا ) وجعل يشير إلى النواحي حوالينا ولا علينا فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت وتمايز السحاب حتى خرج الناس يمشون في الشمس، فإذا طلبت من شخص صالح مرجو الإجابة شيئًا عامًّا للمسلمين فهذا لا بأس به، لأنك لم تسأل لنفسك مثل ما لو أن فقيرًا جاء إليك يطلب منك الشفاعة إلى شخص ليعطيه أو مدينا جاء يطلب منك الشفاعة إلى شخص ليقضي دينه فشفعت فإن هذا لابأس به لأن المصلحة لغيرك، القسم الثاني: أن يطلب الدعاء من الرجل الصالح من أجل أن ينتفع الرجل بهذا الدعاء، ولا يهمه هو أن ينتفع لكن يحب من هذا الرجل الذي طلب منه الدعاء أن يلتفت إلى الله وأن يسأل الله عز وجل وأن يعلق قلبه بالله وأن يعلم أن الله سبحانه وتعالى سميع الدعاء، المهم أن يكون قصده مصلحة هذا الرجل فهذا لا بأس به أيضًا، لأنك لم تسأله لمحض نفعك ولكن لنفعه أيضا فهذا الرجل الصالح تريد أن يزداد خيرًا بدعاء الله عز وجل والتقرب إليه والأجر والثواب، القسم الثالث: أن يطلب الدعاء من الغير لمصلحة نفسه هو فهذا أجازه بعض العلماء وقال: لا بأس أن تطلب من الرجل الصالح أن يدعو لك، لكن شيخ الإسلام رحمه ابن تيمية يقول لا ينبغي إذا كان قصدك مصلحة نفسك فقط، لأن هذا قد يدخل في المسألة المذمومة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بايع أصحابه ألا يسألوا الناس شيئًا، ولأنه ربما يعتمد هذا السائل الذي سأل من غيره أن يدعو له يعتمد على دعاء هذا الغير وينسى أن يدعو هو لنفسه، يقول أنا قلت لفلان وهو رجل صالح ادع الله لي وإذا استجاب الله هذا الدعاء فهو كافٍ فيعتمد على غيره، ولأنه ربما يلحق المسؤول غرور في نفسه وأنه رجل صالح يطمح الناس إلى دعائه فيحصل في هذا ضرر على المسؤول وعلى كل حال هذا القسم الثالث مختلف فيه، فمن العلماء من قال لا بأس أن تقول للرجل الصالح يا فلان ادع الله لي ومنهم من قال لا ينبغي، والأحسن ألا تقول ذلك لأنه ربما يمن عليك بهذا وربما تذل أمامه بسؤاله، ثم إنك من الذي يحول بينك وبين ربك؟ أنت يا أخي ادع الله أنت بنفسك لنفسك لا أحد يحول بينك وبين الله، لماذا تذهب تفتقر إلى غيرك تقول ادع الله لي وأنت ليس بينك وبين ربك واسطة؟ قال الله تعالى: (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )) والله الموفق.
1 - شرح حديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة، فأذن، وقال: ( لا تنسنا يا أخي من دعائك ). فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. وفي رواية قال: ( أشركنا يا أخي في دعائك ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. أستمع حفظ
باب الاستخارة والمشاورة : قال الله تعالى: (( وشاورهم في الأمر )) ، وقال تعالى: (( وأمرهم شورى )) . أي: يتشاورون بينهم فيه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب الاستخارة والمشاورة، قال الله تعالى: (( وشاورهم في الأمر )) وقال تعالى: (( وأمرهم شورى بينهم )) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: ( إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال ويسمي حاجته ) رواه البخاري ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين: باب الاستخارة والمشاورة، الاستخارة مع الله والمشاورة مع أهل الرأي والصلاح، وذلك أن الإنسان لابد له من قصور أو تقصير، والإنسان خلق ضعيفًا فقد تشكل عليه الأمور وقد يتردد فيها فماذا يصنع؟ لنفرض أنه همّ بالسفر وتردد هل هو خير أو غير خير أو همّ أن يشتري سيارة أو بيتًا أو أن يصاهر رجلًا يتزوج ابنته أو ما أشبه ذلك، ولكنه متردد فماذا يصنع؟ نقول له طريقان الطريق الأول: استخارة رب العالمين عز وجل الذي يعلم ما كان وما يكون كيف كان يكون، ثم استشارة أهل الرأي والصلاح والأمانة، واستدل المؤلف رحمه الله على آيتين من كتاب الله هما قوله تعالى: (( وشاورهم في الأمر )) وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال الله له: (( فاعف عنهم واصفح )) (( واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله )) وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أسدّ الناس رأيًا وأصوبهم صوابًا يستشير أصحابه في بعض الأمور التي تشكل عليه، وكذلك خلفاؤه من بعده يستشيرون أهل الرأي والصلاح ولابد من هذين الشرطين فيمن تستشيره أن يكون ذا رأي وخبرة في الأمور وتأنٍ وعدم تسرّع وتجربة وأن يكون صالحًا في دينه، لأن من ليس بصالح في دينه ليس بأمين حتى وإن كان ذكيًّا وعاقلًا ومحنكًا في الأمور، إذا لم يكن صالحًا في دينه فلا خير فيه، وليس أهلًا لأن يكون من أهل المشورة لأنه إذا كان غير صالح في دينه فإنه ربما يخون والعياذ بالله، ويشير بما فيه الضرر أو يشير بمالا خير فيه فيحصل بذلك من الشر والفساد ما الله به عليم، ولنفرض أنه رجل من أهل الفسق والمجون والفجور لا يجوز أن تستشيره لأن هذا يوقعك في حفرة في هلاك، كذلك لو كان رجلًا صالحًا ديّنًا أمينًا لكنه مغفّل ما يعرف الأمور أو متسرّع متحمس أيضًا لا تحرص على استشاراته، لأنه ربما إذا كان مغفلًا لا يدري عن الأمور يأخذ الأمور بظواهرها ولا يعرف شيئًا وراء الظواهر، وكذلك إذا كان متسرعًا فإنه ربما يحمله التسرّع على أن يشير عليك بما لا خير فيه، فلابد من أن يكون ذا خبرة وذا رأي وصلاح في الدين، وقال الله تبارك وتعالى: (( وأمرهم شورى بينهم )) يعني: أمرهم المشترك الذي هو للجميع كالجهاد مثلًا شورى بينهم، فإذا مثلًا أراد ولي الأمر أن يجاهد أو أن يفعل شيئًا عامًّا للمسلمين فإنه يشاورهم، ولكن كيف المشورة؟ المشورة إذا حدث له أمر يتردد فيه جمع من يرى أنهم أهل للمشورة برأيهم وصلاحهم واستشارهم.
2 - باب الاستخارة والمشاورة : قال الله تعالى: (( وشاورهم في الأمر )) ، وقال تعالى: (( وأمرهم شورى )) . أي: يتشاورون بينهم فيه. أستمع حفظ
شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: ( إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمير خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به قال: ويسمي حاجته ). رواه البخاري.
3 - شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: ( إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمير خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به قال: ويسمي حاجته ). رواه البخاري. أستمع حفظ
باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر، لتكثير مواضع العبادة . شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري. قوله: خالف الطريق يعني: ذهب في طريق، ورجع في طريق آخر. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرس، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق والرجوع من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة، عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق، رواه البخاري، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرّس، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى، متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين: باب استحباب مخالفة الطريق في العيد والجمعة وغيرها من العبادات، ومعنى مخالفة الطريق أن يذهب إلى العبادة من طريق ويرجع من الطريق الآخر، فمثلًا ليذهب من الجانب الأيمن ويرجع من الجانب الأيسر، وهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في العيدين كما رواه جابر رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم " إذا صلى العيدين خالف الطريق " يعني: خرج من طريق ورجع من طريق آخر، واختلف العلماء لما كان الرسول صلى الله عليه وعلى آله سلم يصنع ذلك فقيل: ليشهد له الطريقان يوم القيامة، لأن الأرض يوم القيامة تشهد على ما عمل فيها من خير وشر، كما قال الله تبارك وتعالى: (( يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها )) تقول يوم القيامة تشهد الأرض عمل عليّ فلان كذا وعمل كذا وعمل كذا، فإذا ذهب من طريق ورجع من آخر شهد له الطريقان يوم القيامة بأنه أدى صلاة العيد، وقيل: من أجل إظهار الشعيرة شعيرة العيد حتى تكتظ الأسواق هذه وهذه، ومعلوم أن الناس لا يخرجون كلهم من طريق آخر ويرجعون من آخر تجد هذا يخرج من هذا الطريق وهذا من هذا وهذا من هذا فإذا انتشر الناس في طرق المدينة صار هذا فيه إظهار لهذه الشعيرة، لأن صلاة العيد من شعائر الدين، والدليل على ذلك أن الناس يؤمرون بالخروج إلى الصحراء إظهارًا لذلك وإعلامًا لذلك، وبعضهم قال: إنما خالف الطريق من أجل المساكين الذين يكونون في الأسواق قد يكون في هذا الطريق ما ليس في هذا الطريق فيتصدق على هؤلاء وهؤلاء، ولكن الأقرب والله أعلم أنه من أجل إظهار الشعيرة حتى تظهر شعيرة صلاة العيد والخروج إليها في جميع سكك البلد، ثم اختلف العلماء رحمهم الله هل يلحق في ذلك صلاة الجمعة؟ لأن صلاة الجمعة صلاة عيد فهي تلحق بصلاة العيدين فيأتي إلى الجمعة من طريق ويرجع من طريق آخر، ثم توسع بعض العلماء وقال يشرع ذلك أيضًا في الصلوات الخمس، فيأتي مثلًا إلى صلاة الظهر من طريق ويرجع من طريق آخر، وهكذا في صلاة العصر وبقية الصلوات، قالوا: لأن ذلك كله حضور إلى الصلاة فيقاس على صلاة العيد، وتوسع آخرون فقال: تشرع مخالفة الطريق في كل شيء من التعبد كل عبادة تذهب إليها فاذهب إليها من طريق وارجع إليها من طريق آخر، حتى عيادة المريض إذا عدت مريضًا فاذهب إليه من طريق وارجع من طريق آخر، وكذلك إذا شيعت جنازة فاذهب من طريق وارجع من طريق آخر، وكل هذه الأقيسة الثلاثة كلها ضعيفة لا قياس صلاة الجمعة على العيدين، ولا بقية الصلوات على العيدين، ولا المشي بالعبادة على العيدين، وذلك لأن العبادات ليس فيها قياس، ولأن هذه الأشياء كانت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان في عهده الجمعة والصلوات الخمس وعيادة المريض وتشييع الجنائز ولم يحفظ عنه أنه كان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق في هذا، والشيء إذا وجد في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يسن فيه شيئا فالسنة ترك ذلك، أما في الحج فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خالف الطريق في دخوله إلى مكة، دخل من أعلاها وخرج من أسفلها، وكذلك في ذهابه إلى عرفة ذهب من طريق ورجع من طريق آخر، واختلف العلماء أيضًا في هذه المسألة هل كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعل ذلك على سبيل التعبد أو لأنه أسهل لدخوله وخروجه؟ فإنه كان الأسهل لدخوله أن يدخل من الأعلى ولخروجه أن يخرج من الأسفل، فمن العلماء من قال بالأول وقال إنه سنة أن تدخل من أعلاها أي أعلى مكة وتخرج من أسفلها، وسنة أن تأتي عرفة من طريق وترجع من طريق آخر، ومنهم من قال بل هذا حسب تيسر الطريق فاسلك المتيسر سواء من الأعلى أو من الأسفل، وعلى كل حال إن تيسر لك أن تدخل من أعلاها وتخرج من أسفلها فهذا طيب، فإن كان ذلك عبادة فقد أدركته وإن لم يكن عبادة فلا ضرر عليك فيه، وإن لم يتيسر كما هو الواقع في وقتنا الحاضر حيث إن الطرق قد وجهت توجيهًا واحدًا ولا يمكن للإنسان أن يخالف فالأمر والحمد لله واسع، والله الموفق.
4 - باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر، لتكثير مواضع العبادة . شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري. قوله: خالف الطريق يعني: ذهب في طريق، ورجع في طريق آخر. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرس، وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى. متفق عليه. أستمع حفظ
باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل والتيمم، ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، والأكل والشرب، والمصافحة واستلام الحجر الأسود، والخروج من الخلاء، والأخذ والعطاء، وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب، والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك : قال الله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه )) ، وقال تعالى: (( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )) .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل والتيمم ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والخروج من الخلاء والأخذ والإعطاء وغير ذلك مما هو في معناه ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك كالامتخاط والبصاق عن اليسار ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك، قال الله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه )) وقال تعالى: (( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )) "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى " باب استحباب البداءة باليمين في كل ما من شأنه التكريم " والعكس بالعكس فما يقصد به الإهانة فإنه يبدؤ باليد اليمنى، وقد ذكر المؤلف رحمه الله لهذا أشياء متعددة، مثل الوضوء والغسل والتيمم ولبس الثوب، فالوضوء يبتدئ فيه الإنسان باليمين يبتدئ باليمنى قبل اليسرى، باليد اليمنى قبل اليد اليسرى، بالرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى، هذا إذا كان عضوين متميزين أما إذا كان عضوًا واحدًا كالوجه مثلًا فإننا لا نقول ابدأ بيمين الوجه قبل يساره بل يغسل الوجه مرة واحدة كما جاءت به السنة، نعم لو فرض أن الإنسان لا يستطيع أن يغسل وجهه إلا بيد واحدة فهنا يبدأ باليمين، ربما يقال يبدأ باليمين وربما يقال يبدأ من الأعلى ويأتي به هكذا، وكذلك مسح الأذنين لا تمسح الأذن اليمنى قبل اليسرى بل يمسحان جميعًا، إلا إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يمسح بيديه جميعًا فيبدأ باليد اليمنى قبل اليسرى، وكذلك في الغسل إذا أراد الإنسان أن يغتسل من الجنابة فإنه يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات حتى يروى، ثم يغسل سائر جسده ويبدأ بالشق الأيمن منه قبل الأيسر، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للنساء اللاتي كن يغسلن ابنته قال: ( ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ) فإذا كنت تحت البزبوز وهو يصب على رأسك وأنت تريد أن تغتسل فإذا غسلت رأسك وأرويته فابدأ بغسل الجانب الأيمن من الجسد قبل الأيسر هذا هو السنة، كذلك في التيمم ولكن التيمم جاءت السنة بأن الإنسان يمسح وجهه بيديه جميعًا ثم يمسح كل واحدة بالأخرى، فلا يظهر فيها التيامن لأن التيمم في عضوين فقط في الوجه والكفين، وإذا كان في الوجه والكفين فالوجه يمسح مرة واحدة، والكفان يمسح بعضهما ببعض، كذلك لبس الثوب والنعل والخف والسراويل كل هذه يبدأ فيها باليمين، إذا أردت أن تلبس الثوب فأدخل اليد اليمنى في كمها قبل اليد اليسرى، في السراويل أدخل الرجل اليمنى في كمها قبل أن تدخل الرجل اليسرى، في النعل إذا أردت أن تلبس النعل البس الرجل اليمنى أدخلها في النعل قبل اليسرى، كذلك في الخف والجورب ابدأ بالرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى هذه هي السنة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك دخول المسجد تبدأ بالرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى تقصد ذلك، فإذا أقبلت على المسجد فانتبه حتى تكون رجلك اليمنى هي الداخلة الأولى، كذلك أيضًا السواك إذا أراد الإنسان أن يتسوك فيبدأ بالجانب الأيمن قبل الأيسر، وكذلك الاكتحال إذا أراد أن يكتحل يبدأ بالعين اليمنى قبل اليسرى، كذلك تقليم الأظفار يبدأ بالأيمن قبل الأيسر، فيبدأ مثلًا في اليمنى بالخنصر ثم البنصر ثم الوسطى ثم السبابة ثم الإبهام، وفي اليد اليسرى يبدأ بتقليم الإبهام ثم السبابة ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر، ويبدأ أيضًا باليد اليمنى في تقليم أظافرها قبل اليد اليسرى، كذلك في قص الشارب ابدأ بالجانب الأيمن منه قبل الأيسر لما سيأتي، كذلك نتف الإبط وحلق الرأس نتف الإبط سنة فإذا أردت أن تنتف الآباط يعني تنتف الشعر فابدأ بالإبط الأيمن قبل الأيسر، وكذلك في الحلق حلق الرأس ابدأ بالجانب الأيمن من الرأس قبل الأيسر، وكذلك أيضًا السلام من الصلاة يلتفت الإنسان على يمينه قبل أن يلتفت على يساره، وكذلك الأكل والشرب فيأكل بيمينه ويشرب بيمينه، ولا يجوز أن يأكل باليسار أو يشرب باليسار لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك وقال: ( إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) فإذا رأيت رجلين أحدهما يأكل باليمين ويشرب باليمين والثاني يأكل بالشمال ويشرب بالشمال فالأول على هدي النبي والثاني على هدي الشيطان، وهل يرضى أحد من الناس أن يتبع هدي الشيطان عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم؟ لا أحد يريد ذلك أبدًا، لكن الشيطان يزيّن للناس الأكل بالشمال والشرب بالشمال، وربما بعض الناس يظن أن هذا تقدم وحضارة لأن الغربيين الكفرة يقدمون اليسار على اليمين، ولهذا يجب على الإنسان أن يأكل باليمين ويشرب باليمين إلا للضرورة، ويجب علينا أيضًا أن نعلم أولادنا الصغار أن يأكلوا باليمين ويشربوا باليمين، كذلك المصافحة نصافح باليمين ولا يصافح باليسار، فإن مدّ إليك يده اليسرى للمصافحة فلا تصافحه اهجره لأنه خلاف السنة، إلا إذا كانت اليد اليمنى شلاء لا يستطيع أن يحرّكها فهذا عذر، كذلك استلام الحجر الأسود، وكذلك استلام الركن اليماني يكون باليمين استلام الحجر الأسود والركن اليماني أن تمسح عليهما فهنا تمسح باليمين، ونحن نرى الآن بعض الطائفين يمسح باليسرى والغالب أن هذا جهل منهم، فإذا رأيت أحدًا يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود باليد اليسرى فنبه قل هذا ليس من الإكرام ليس من إكرام بيت الله أن تمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود باليد اليسرى بل امسحه باليد اليمنى، كذلك الخروج من الخلاء يعني إذا دخلت الحمام لقضاء الحاجة بول أو غائط ثم خرجت فقدّم الرجل اليمنى، لأن خارج الخلاء أحق بالتكريم من الخلاء، فإذا خرجت ابدأ بالرجل اليمنى كذلك الأخذ والإعطاء وغير ذلك، الأخذ والإعطاء يعني إذا أردت أن تناول صاحبك شيئًا فناوله باليمنى، وإذا أردت أن تأخذ منه شيئًا ناولك إياه فخذه باليمنى هذه أخلاق الإسلام، لكن بعض الناس يناولك باليسار ويأخذ منك باليسار ظنًّا منه أن هذا هو التقدم، لأن الكفرة يأخذون باليسار ويعطون باليسار، وسبحان الله العظيم أصحاب الشمال لهم الشمال، لأن الكفرة هم أصحاب الشمال، والمؤمنون هم أصحاب اليمين، ولهذا تجد الكافر دائمًا يفضل اليسار لأنه أهل اليسار وأهل الشمال فهو من أهل اليسار في الدنيا وفي الآخرة والعياذ بالله، إذن كل هذه الأمور ابدأ فيها باليمين وكذلك غيرها مما يقصد به التكريم، كل شيء للتكريم فإنه يبدأ فيه باليمين، لأن اليمين أكرم وأفضل، أما اليسار فبالعكس وسيأتي إن شاء الله الكلام عليها.
5 - باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل والتيمم، ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، والأكل والشرب، والمصافحة واستلام الحجر الأسود، والخروج من الخلاء، والأخذ والعطاء، وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب، والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك : قال الله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه )) ، وقال تعالى: (( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )) . أستمع حفظ
تتمة شرح قوله: واستلام الحجر الأسود، والخروج من الخلاء، والأخذ والعطاء، وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب، والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك : قال الله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه )) ، وقال تعالى: (( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم، قال الله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه )) وقال تعالى: (( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله، متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
تقدم لنا مسائل ذكرها النووي رحمه الله في باب البداءة باليمين فيما يقصد به الإكرام، وذكر عدة مسائل ومنها مسح الحجر الأسود، وكذلك الركن اليماني يمسح باليمنى، وكذلك إذا لم يستطع الإنسان مسحه فإنه يشير إليه ويكون ذلك باليد اليمنى وليس باليدين جميعًا كما يفعله بعض الناس، نشاهدهم يستقبلون الحجر الأسود فيشيرون إليه باليدين جميعًا، ولكن السنة باليد الواحدة فقط، أما الركن اليماني فإن استطعت أن تستلمه يعني تمسحه باليد فافعل، وإلا فلا تشر إليه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أشار إليه، ثم ذكر المؤلف أشياء مما تقدم فيه اليسار قال: كالامتخاط والبصاق فإنه يكون باليسار، الامتخاط يعني إذا استنثر الإنسان ليخرج مافي أنفه من الأذى فإنه يكون باليد اليسرى، وكذلك لو أراد أن يمسح المخاط فإنه يكون باليد اليسرى، وكذلك دخول الخلاء والخروج منه، دخول الخلاء يقدم الرجل اليسرى وأما الخروج منه فقد سبق أنه يقدم الرجل اليمنى، وكذلك إذا خرج من المسجد فإنه يقدم الرجل اليسرى، وكذلك إذا أراد أن يخلع النعل أو أن يخلع الخف أو أن يخلع الثوب أو أن يخلع السراويل فإنه يبدأ بإخراج الرجل اليسرى وتكون اليمنى هي الأولى تنعل واليسرى هي الأولى تخلع، كذلك الاستنجاء يكون باليد اليسرى وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجي الرجل بيمينه لأن اليمين محل الإكرام ويؤكل بها ويشرب بها فينبغي إبعادها عن القاذورات، وكذلك كل شيء مستقذر فإنه يكون لليد اليسرى، وأما اليمنى فهي لما يكون فيه الإكرام ولغيره مما لا إكرام فيه ولا إهانة، فاليسرى تكون للأذى واليمنى لما سواه، واعلم أن الناس عندما خرجت الساعات التي تعلق باليد صاروا يلبسونها باليد اليسار من أجل أن تبقى اليد اليمنى طليقة ليس فيها ساعة يتأذى بها الإنسان عند الحركة، لأن حركة اليمنى أكثر من حركة اليسرى ويحتاج الإنسان للحركة باليمنى أكثر، فكانوا يجعلونها في اليد اليسرى لأن ذلك أسهل، ولأنه إذا كانت اليد اليمنى هي التي يكون فيها العمل غالبًا ربما تتعرض الساعة لشيء يضرها، فلذلك جعلوها باليسار وقد ظن بعض الناس أن الأفضل جعلها في اليمين بناء على تقديم اليد اليمنى، ولكن هذا ظن ليس مبنيًّا على صواب لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتختم بيمينه ويتختم أحيانًا بيساره، وربما كان تختمه بيساره أكثر ليسهل أخذ الخاتم باليد اليمنى من اليد اليسرى، والساعة أقرب ما تكون للخاتم فلا تفضل فيها اليمنى على اليسرى ولا اليسرى على اليمنى، الأمر في هذا واسع، إن شئت باليمين وإن شئت باليسار، كل هذا لا حرج فيه، ثم ذكر المؤلف آيتين من كتاب الله هما قوله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤوم اقرؤوا كتابيه )) وهذا يكون يوم القيامة، فإن الناس يؤتون كتبهم أي كتب أعمالهم التي كتب فيها عمل الإنسان إما باليمين وإما بالشمال، من أوتي كتابه بيمينه -جعلني الله وإياكم منهم- فإنه يأخذه فرحًا يقول للناس انظروا إلي اقرؤوا كتابيه، كما نشاهد الآن الطالب إذا أخذ ورقة النجاح صار يريها أصدقاءه وأقاربه فرحًا بها، وأما من أوتي كتابه بشماله فإنه على العكس من ذلك، يتمنى أنه لم يؤت الكتاب فضلًا عن أن يطلع عليه غيره، أما الآية الثانية التي ذكرها المؤلف فهي قوله تعالى: (( وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة )) يعني (( وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة )) فذكر الله سبحانه وتعالى أن الناس يكونون يوم القيامة ثلاثة أقسام: أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، والسابقون، السابقون هم المقربون، وأصحاب الميمنة ناجون، وأصحاب المشأمة هالكون، فهم يوم القيامة ثلاثة أصناف.
6 - تتمة شرح قوله: واستلام الحجر الأسود، والخروج من الخلاء، والأخذ والعطاء، وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب، والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك : قال الله تعالى: (( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه )) ، وقال تعالى: (( فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة )). أستمع حفظ