تتمة إعادة شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يصلي مسبل إزاره، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اذهب فتوضأ ) فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال: ( اذهب فتوضأ ) فقال له رجل: يا رسول الله، ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه ؟ قال: ( إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل ). رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم.
الشيخ : فالصلاة صحيحة لكنه آثم بلبسه، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة لأن النهي هنا ليس نهيًا خاصًّا بالصلاة، يعني لبس الثوب المحرم عام في الصلاة وغيرها، فلا يختص بها فلا يبطلها هذا هي القاعدة التي أخذ بها جمهور العلماء رحمهم الله وهي القاعدة الصحيحة، وهذا الحديث لو صح لكان فاصلًا للنزاع، لكنه ضعيف فمن ضعفه قال صلاة المسبل صحيحة، ومن صححه قال صلاة المسبل غير صحيحة، وعلى كل حال فالإنسان يجب عليه أن يتقي الله عز وجل وألا يتخذ من نعمته وسيلة لغضبه والعياذ بالله، فإن من بارز الله بالعصيان وقيل له إن الثوب النازل عن الكعب حرام ومن كبائر الذنوب ولكنه لم يبالي بهذا، فهذا استعان بنعمة الله على معصية الله، نسأل الله لنا ولكم العافية.
قراءة حديث عن قيس بن بشر التغلبي قال: أخبرني أبي - وكان جليسا لأبي الدرداء - قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له سهل بن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا قلما يجالس الناس، إنما هو صلاة فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله، فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك. قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقدمت، فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو، فحمل فلان وطعن، فقال: خذها مني. وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى في قوله ؟ قال: ما أراه إلا قد بطل أجره. فسمع بذلك آخر فقال: ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( سبحان الله ؟ لا بأس أن يؤجر ويحمد ) فرأيت أبا الدرداء سر بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم !؟ فيقول: نعم. فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه. قال: فمر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها. ثم مر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعم الرجل خريم الأسيدي ! لولا طول جمته وإسبال إزاره ! ) فبلغ خريما، فعجل، فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه. ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ). رواه أبو داود بإسناد حسن، إلا قيس بن بشر، فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه، وقد روى له مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة طول القميص والكم والإزار وطرف العمامة: " عن قيس بن بشر التغلبي رضي الله عنه قال: أخبرني أبي وكان جليسًا لأبي الدرداء قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ابن الحنظلية وكان رجلًا متوحدًا قلما يجالس الناس إنما هو صلاة فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله، فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقدمت، فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل فلان وطعن فقال: خذها مني وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى في قوله؟ فقال: ما أراه إلا قد بطل أجره، فسمع بذلك آخر فقال: ما أرى بذلك بأسًا فتنازعًا حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( سبحان الله لا بأس أن يؤجر ويحمد ) فرأيت أبا الدرداء سر بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أأنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم، فما زال يعيد عليه، حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه، قال: فمر بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها ) ثم مر بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نِعم الرجل خريم الأسيدي لولا طول جمته وإسبال إزاره ) فبلغ ذلك خريمًا فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه، ثم مر بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا حالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ) رواه أبو داود بإسناد حسن ".
تتمة شرح حديث : ( وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه. )
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . سبق لنا في حديث جابر بن سليم ما شرحناه من قبل، لكن بقي فيه جملة وهي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إن أحد سابك أو عيَّرك بما هو فيك فلا تسبه ولا تعيِّره بما هو فيه ) أو ( بما تعلم فيه ) وذلك أن الإنسان ينبغي له أن يعفو ويصفح ولا يجعل كل كلمة يسمعها يبني عليها تغاض عن الشيء واعف واصفح، فإنا لله تعالى يحب العافين عن الناس ويثيبهم على ذلك، وأنت إذا عيَّرته أو سببته بما تعلم فيه طال النزاع وربما حصل بذلك العداوة والبغضاء، فإذا كففت وسكت هدأت الأمور وهذا شيء مجرب أن الإنسان إذا ساب أحدًا طال السباب بينهما وحصل تفرّق وتباغض وإذا سكت فإنه قد يكون أنفع، كما قال الله تبارك وتعالى في وصف عباد الرحمن قال: (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا )) يعني قالوا قولا يسلمون به إما أن يقولوا مثلا جزاك الله خيرا أعرض عن هذا اترك الكلام وما أشبه ذلك، وقال عز وجل: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) خذ العفو يعني ما عفا وسهل من أخلاق الناس ولا ترد من الناس أن يكونوا على أكمل حال بالنسبة لك الناس ليسوا على هواك، لكن خذ منهم ما عفا وما سهل وما تصعب لا تطلبه، ولهذا قال: (( وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )) الجاهل إذا سبك أو شتمك أو ما أشبه ذلك أعرض عنه فإن هذا هو الخير وهو المصلحة والمنفعة.
تتمة شرح حديث ( ... كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له سهل بن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا قلما يجالس الناس، إنما هو صلاة فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله ... ).
الشيخ : أما الحديث الذي ذكره أخيرًا ففيه عبر في قصة ابن الحنظلية رضي الله عنه حيث كان رجلًا يحب التفرد، ماهو إلا صلاة ثم تسبيح ثم في شأن أهله، يعني أنه لا يحب أن يذهب عمره سبهللًا مع الناس والقيل والقال والكلام الفارغ والذي ليس فيه فائدة يصلي ويسبح ويكون في أهله، فمر ذات يوم لأبي الدرداء رضي الله عنه وهو جالس مع أصحابه فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: " كلمة تنفعنا ولا تضرك " يعني: أعطنا كلمة أو قل لنا كلمة تنفعك ولا تضرك، فذكر ابن الحنظلية أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعث سرية ثم قدمت السرية، السرية يعني جيش قليل أقل من أربعمئة نفر يذهبون يقاتلون الكفار إذا لم يسلموا، فقدموا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فجلس أحدهم في المكان الذي يجلس فيه الرسول عليه الصلاة والسلام وجعل يتحدث عن السرية وما صنعت، وذكر رجلًا راميًا يرمي ويقول خذها وأنا الغلام الغفاري يفتخر، والحرب لا بأس أن الإنسان يفتخر فيه أمام العدو، ولهذا جاز للإنسان في مقابلة الأعداء جاز أن يمشي الخيلاء وأن يتبختر في مشيته وأن يضع على عمامته ريش النعام وما أشبه ذلك مما يعد مفخرة، لأن هذا يغيظ الأعداء وكل شيء يغيظ الكفار فلك فيه أجر عند الله، حتى الكلام اللي يغيظ الكافر ويذله هو عز لك عند الله عز وجل وأجر، هذا الغلام الغفاري يفتخر يقول خذها يعني خذ الرمية وأنا الغلام الغفاري، فقال بعض الحاضرين: بطل أجره لأنه افتخر (( والله لا يحب كل مختال فخور )) وهذا صحيح إن الله لا يحب كل مختال فخور إلا في الحرب، فقال الآخر: لا بأس بذلك فصار بينهم كلام فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم يتنازعون، فقال: سبحان الله يعني تنزيها لله عز وجل عن كل عيب ونقص، لأن الله تعالى كامل الصفات كامل من كل وجه ليس فيه علمه قصور ولا في قدرته قصور ولا في حكمته قصور ولا في عزته قصور كل صفاته جل وعلا كاملة من جميع الوجوه، قال: سبحان الله يعني كيف تتنازعون في هذا ( لا بأس أن يحمد ويؤجر ) يعني: يجمع الله بين خير الدين والدنيا يحمد بأنه رجل شجاع رامي وأنه يؤجر عند الله عز وجل ولا بأس بهذا، وكان عامر بن الأكوع رضي الله عنه لما لحق القوم في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول: " خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع " فلا بأس أن يفتخر الإنسان في حال الحرب بنفسه وقوته وعشيرته وما أشبه ذلك، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث.
تتمة شرح حديث : ( ... قال: فمر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها... ).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق حديث قيس بن بشر التغلبي رضي الله عنه في باب صفة طول القميص والكم والإزار وطرفي العمامة قال: " فرأيت أبا الدرداء سر بذلك وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أأنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم، فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه، قال: فمر بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال: لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها ) ثم مر بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نِعم الرجل خريم الأسيدي لولا طول جمته وإسبال إزاره ) فبلغ ذلك خريمًا فعجّل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه، ثم مر بنا يومًا آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا حالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ) رواه أبو داود بإسناد حسن ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله في حديث قيس في قضية ابن الحنظلية ومروره بأبي الدرداء رضي الله عنه أنه مرّ بأبي الدرداء فحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحاديث فمرّ بأبي الدرداء فقال: " كلمة تنفعنا ولا تضرك " يعني علمنا كلمة تنفعنا ولا تضرك، فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن المنفق على الخير كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها ) لأن الخيل في ذلك الوقت هي المركوب الذي يركب به في الجهاد في سبيل الله، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها، فيكون الإنفاق على الخيل من الصدقات لأنها تستعمل في الجهاد في سبيل الله.
تتمة شرح حديث : ( ... ثم مر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي ! لولا طول جمته وإسبال إزاره ! فبلغ خريما، فعجل، فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه... ).
الشيخ : ثم مر به مرة أخرى فقال: " كلمة تنفعنا ولا تضرك " فأخبره أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أثنى على رجل إلا أنه قال: ( لولا طول جمته وإسبال ثوبه ) الجمة الشعر يعني أنه عنده شيء من الخيلاء هذا الرجل، قد أطال شعره وأطال ثوبه، فسمع الرجل بذلك فقصّ جمته حتى صارت إلى كتفه وقصّر ثوبه، وفي هذا دليل على أن الجمة على أن طولها أي طول الجمة يعني الشعر للرجال من المخيلة، وأن الشعر للرجل لا يتجاوز الكتف أو شحمة الأذن أو ما أشبه ذلك، لأن الذي يحتاج إلى التجمل بالرأس هي المرأة، فإن المرأة هي التي تحتاج إلى التجمل، وفي هذا إشارة إلى أن الرجال لا يجوز لهم أن يتشبهوا بالنساء في الشعر أو غير الشعر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، والله سبحانه وتعالى جعل الذكور جنسًا والإناث جنسًا، وأحل لكل واحد منهما ما يناسبه، فلا يجوز أن يلحق الرجال بالنساء، ولا أعلم أن أحدًا من المسلمين ألحق النساء بالرجال في كل شيء، لكن الكفار الذين انتكسوا ونكس الله فطرتهم وطبيعتهم هم الذين يقدمون النساء ويقولون: لابد أن تشارك المرأة الرجل حتى لا يحصل فرق، ولا شك أن هذا خلاف الفطرة التي جبل الله عليها الخلق، وخلاف الشريعة التي جاءت بها الرسل، فالنساء لهن خصائص والرجال لهم خصائص، ثم إن الرجل سمع بذلك فقص جمته، وفيه دليل على امتثال الصحابة رضي الله عنهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واسترشادهم بإرشاده وأنهم يتسابقون إلى ما يقول وهذا علامة الإيمان، أما المتباطئ في تنفيذ أمر الله ورسوله فإن فيه شبهًا من المنافقين الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، تجده مثلًا يخبر عن حكم الله ورسوله في شيء ثم يتباطأ ويتثاقل وكأنما وضع على رأسه صخرة والعياذ بالله، ثم يذهب إلى كل عالم لعله يجد رخصة مع أن العلماء قالوا: إن تتبع الرخص من الفسق والعياذ بالله، والمتتبع للرخص فاسق حتى إن بعضهم قال: " إن من تتبع الرخص فقد تزندق " أي: صار زنديقًا، فعلى الإنسان إذا بلغه أمر الله ورسوله من شخص يثق به في علمه وفي دينه ألا يتردد، وأقول في علمه ودينه لأن من الناس من هو دين وملتزم ومتجه، لكن ليس عنده علم تجده يحفظ حديثًا من أحاديث الرسول ثم يقوم يتكلم في الناس وكأنه إمام من الأئمة، وهذا يجب الحذر منه ومن فتاويه لأنه قد يخطئ كثيرًا لقلة علمه، ومن الناس من يكون عنده علم واسع لكن له هوى والعياذ بالله، له هوى يفتي الناس بما يرضي الناس لا بما يرضي الله، وهذا يسمى عالم الأمة، لأن العلماء ثلاثة أقسام، عالم ملة، وعالم دولة، وعالم أمة، أما عالم الملة فهو الذي ينشر دين الإسلام ويفتي بدين الإسلام عن علم ولا يبالي بما دل عليه الشرع أوافق أهواء الناس أم لم يوافق، وأما عالم الدولة فهو الذي ينظر ماذا تريد الدولة فيفتي بما تريد الدولة ولو كان في ذلك تحريف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما عالم الأمة فهو الذي ينظر ماذا يرضي الناس إذا رأى الناس على شيء أفتى بما يرضيهم ثم يحاول أن يحرّف نصوص الكتاب والسنة من أجل موافقة أهواء الناس، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من علماء الملة العاملين به، اوالمهم أن الإنسان يجب ألا يغرر بدينه وألا يغتر بل يكون مطمئنًا حتى يجد من يثق به في علمه ودينه ويأخذ دينه منه انظروا عمن تأخذون دينكم لأن هذا دين طريق إلى الله عز وجل، ثم إن هؤلاء المغرمين بالكفار وتقليدهم والعياذ بالله تجدهم يقلدون الكفار في الملابس، إذا جاءت هذه المجلات التي يسمونها البردة على طول ذهبوا بها إلى أهل البيت، وقالوا شوفوا ثم صور خالعة وألبسة مخالفة للشريعة فتجد النساء لقصرهن نظرًا ونقصهن عقلًا ودينًا إذا رأت شيئًا يعجبها يمليه هواها قالت لزوجها: أريد مثل هذا، أو لأخيها أو ما أشبه ذلك، فيصبح الشعب المسلم في زيه كزي الشعب الكافر والعياذ بالله، وهذه مسألة خطيرة من تشبه بقوم فهو منهم، ومن ذلك الآن ما تفعله النساء برؤوسهن كان النساء إلى عهد قريب تفرح المرأة إذا طال رأسها، والخطيب إذا خطب امرأة صار يسأل رأسها وش لون؟ طويل ولا قصير؟ أما الآن فصار الأمر بالعكس المرأة تقص رأسها حتى يكون قريبًا من رأس الرجل أو مثل رأس الرجل نسأل الله العافية، ثم بدأن أيضًا يستعملن ما يسمى بالخنفسة أو ضد الخنفسة، تجد المرأة تقص سوالف رأسها مقدم الرأس والباقي يبقى مقصرًّا ومشكلًا مشرفًا كل هذا تقليد، وكل هذا بسبب الغفلة من الرجال عن النساء، والواجب أن تكون رجلًا في بيتك رجلًا بمعنى الكلمة، ما تكون رجلًا كأنك خشبة عند أهلك، كن رجلًا إذا رأيت أهلك مقصرين في واجب لله عز وجل مرهم، وإذا كان الشرع يجيز لك أن تضرب اضرب، إذا رأيتهم يخالفون الشرع في شيء من الأمور الأخرى ألزمهم بالشرع، لأنك مسؤول أعطاك النبي صلى الله عليه وسلم إمارة على أهلك ( الرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته ) ما نصب فلان وفلان ما نصبك أمير البلد ولا وزير الداخلية ولا الملك ولا غيره، نصبك محمد رسول الله أنت أمير في بيتك ( الرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته ) ولم يقل راعٍ وسكت لو كان كذلك لهان الأمر، قال مسؤول عن رعيته فانظر ماذا يكون جوابك إذا وقفت يوم القيامة بين يدي الله، فعلينا أن ننتبه لهذه الأمور قبل أن يجترفنا السيل الجرار الذي لا يبقي ولا يذر والعياذ بالله، ثم تنقلب عاداتنا وأحوالنا كأحوال النصارى، ثم ذكر في بقية الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن يخرج الرجل على وجه يرضي قال: ( إنكم تلاقون إخوانكم ) أو قال أصحابكم ( غدًا ) يعني ( فأصلوا أحوالكم وأصلحوا ثيابكم ) لأنه من المعروف فيما سبق أن المسافر تكون ثيابه رثة وتكون شعوره منتفشة ويكون عليه الغبار، ليس كاليوم اليوم الحمد لله بالطائرات نظيفة نزيهة ولا فيها شيء، ولكن فيما سبق على العكس من هذا، فأمرهم أن يصلحوا أحوالهم يعني بمعنى الشعر الشعث يرجّل ويصلح، وكذلك يتنظف الإنسان ويلبس الثياب التي ليست ثياب سفر حتى يلقى الناس دون أن يشمئزوا منه، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يلاحظ نفسه في هذه الأمور ولا يكون غافلًا، حتى يعني حتى جمال الثياب لما قال النبي عليه الصلاة والسلام إنه ( لا يدخل من في قلبه أدنى حبة خردل من كبر ) قالوا: يا رسول الله كلنا يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، فقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله جميل يحب الجمال ) يعني يحب التجمل أنا لم أقل لا تتجملوا خلوا النعل يكون حسنًا والثوب يكون حسنًا إن الله جميل يحب الجمال ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) أتدرون معنى بطر الحق؟ بطر الحق يعني رد الحق أن الإنسان يستكبر عن الحق يقال له هذا حق فيعرض والعياذ بالله، غمط الناس احتقارهم وازدراؤهم وألا يراهم شيئًا، قال رجل لابنه: " يا بني كيف ترى الناس؟ قال: أراهم ملوكًا، قال: هم يرونك كذلك " وقال آخر لابنه: " كيف ترى الناس؟ قال: لا أراهم شيئًا، قال: هم كذلك يرونك " يعني إذا رأيت الناس ملوك تراهم يجعلونك ملك إذا لم ترهم شيئا لا تكون شيئًا عندهم أنت فالناس ينظرون إليك بقدر ما تنظر إليهم، والله الموفق.
شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج - أو لا جناح - فيما بينه وبين الكعبين، فما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه ) . رواه أبو داود بإسناد صحيح.وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء، فقال: ( يا عبد الله، ارفع إزارك ) فرفعته ثم قال: ( زد )، فزدت، فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم: إلى أين ؟ فقال: إلى أنصاف الساقين. رواه مسلم.
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن، قال: ( يرخين شبرا ). قالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: ( فيرخينه ذراعا لا يزدن ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
القارئ : بسم الله الرحمن . الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة طول القميص والكم والإزار وطرف العمامة: " عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه ) رواه أبو داود بإسناد صحيح، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء فقال: ( يا عبد الله ارفع إزارك ) فرفعته، ثم قال: ( زد ) فزدت، فما زلت أتحراها بعد، فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: إلى أنصاف الساقين، رواه مسلم، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: ( يرخين شبرًا ) قالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: ( فيرخينه ذراعًا لا يزدن ) رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه أحاديث ثلاثة ساقها النووي رحمه الله في رياض الصالحين في آداب اللباس، منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( أزرة المؤمن إلى نصف الساق، ولا جناح أو قال لا حرج فيما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من الكعبين ففي النار، ومن جرّ إزاره بطرًا لم ينظر الله إليه ) فقسم النبي صلى الله عليه وسلم الطول طول القميص إلى أربعة أقسام، القسم الأول: السنة إلى نصف الساق، والقسم الثاني: الرخصة وهو ما نزل من نصف الساق إلى الكعب، والقسم الثالث: كبيرة من كبائر الذنوب وهو ما نزل عن الكعبين، ولكنه لم يكن بطرًا، والرابع: ما نزل من جرّ ثوبه خيلاء أو بطرًا وهو أشد من الذي قبله، فصارت الأقسام أربعة، قسم هو السنة، وقسم جائز، وقسم محرم بل من كبائر الذنوب لكنه دون الذي أسفل منه، والقسم الرابع: من جره خيلاء فإن الله تعالى لا ينظر إليه، وفي هذا دليل على أن من أنزل ثوبه إزارًا أو قميصًا أو سروالًا أو مشلحًا إلى أسفل من الكعبين فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، سواء فعل ذلك خيلاء أو لغير الخيلاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرّق في هذا الحديث بين ما كان خيلاء وما لم يكن كذلك، فالذي جعله خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة، وإذا ضممنا هذا الحديث إلى حديث أبي ذر السابق قلنا لا ينظر الله إليه ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم، وأما ما دون الكعبين فإنه يعاقب عليه بالنار فقط، ولكن لا تحصل له العقوبات الأربع وهي أن الله لا يكلمه ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم، ثم ذكر حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمره أن يرفع إزاره فرفعه، ثم قال: زد، ثم قال: زد، حتى قال رجل: إلى أين يا رسول الله؟ قال: ( إلى نصف الساق ) يعني الزيادة إلى فوق لا تتجاوز نصف الساق من فوق، لكنها من نصف الساق إلى الكعب كل هذا جائز وكلما ارتفع إلى نصف الساق فهو أفضل، وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخّص للنساء أن يرخين ذيولهن يعني أسفل ثيابهن إلى شبر، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، فقال عليه الصلاة والسلام: ( إلى ذراع لا يزدن على ذلك ) لأن المرأة قدمها عورة إذا برز للناس ورأوه فإن ذلك قد يكون به فتنة، فإذا نزّلت ثوبها وجعلت تمشي انسترت، وفي هذا دليل على وجوب تغطية الوجه لأنه إذا كانت القدم يجب سترها، مع أن الفتنة فيها أقل من الفتنة بالوجه فستر الوجه من باب أولى، ولا يمكن للشريعة التي نزلت من لدن حكيم خبير أن تقول للنساء يغطين أقدامهن ولا يغطين وجوههن لأن هذا تناقض، بل هذا إعطاء للحكم في شيء وحجب الحكم عن شيء أولى منه، وهذا لا يتصور في الشريعة العادلة التي هي الميزان، ولهذا أبعد الصواب من قال من العلماء إنه يجب أن تُستَر القدمان ولا يجب أن يستر الوجه والعينان هذا لا يمكن أبدًا، والصواب الذي لا شك عندنا فيه أنه لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها إلا لزوجها أو محارمها، والله أعلم.
باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا: قد سبق في باب فضل الجوع وخشونة العيش جمل تتعلق بهذا الباب.عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ترك اللباس تواضعا لله، وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
القارئ : بسم الله الرحمن . الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعًا، عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ترك اللباس تواضعًا لله وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان يلبسها ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، باب استحباب التوسط في اللباس، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . عقد المؤلف رحمه الله في كتاب اللباس هذين البابين، الباب الأول: استحباب ترك رفيع الثياب تواضعًا لله عز وجل، والثاني: التوسط في اللباس، أما الأول فعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم قال: ( من ترك اللباس ) يعني: اللباس الجميل الطيب ( تواضعًا لله عز وجل، فإن الله تعالى يناديه يوم يقوم الأشهاد على رؤوس الخلائق يخيره من أي لباس الإيمان شاء ) وهذا يعني إذا كان الإنسان بين أناس متوسطي الحال لا يستطيعون اللباس الرفيع فتواضع وصار يلبس مثل لباسهم لئلا تنكسر قلوبهم ولئلا يفخر عليهم، فإنه ينال هذا الأجر العظيم أما إذا كان بين أناس قد أنعم الله عليهم ويلبسون الثياب الرفيعة لكنها غير محرمة فإن الأفضل أن يلبس مثلهم، لأن الله تعالى جميل يحب الجمال، ولا شك أن الإنسان إذا كان بين أناس رفيعي الحال يلبسون الثياب الجميلة ولبس دونهم فإن هذا يعد لباس شهرة، فالإنسان ينظر ما تقتضيه الحال إذا كان ترك رفيع الثياب تواضعًا لله ومواساة لمن كان حوله من الناس فإن له هذا الأجر العظيم، أما إذا كان بين أناس قد أغناهم الله ويلبسون الثياب الرفيعة فإنه يلبس مثلهم.
باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به لغير حاجة ولا مقصود شرعي. عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
الشيخ : ثم ذكر المؤلف رحمه الله الاقتصاد في اللباس أن الإنسان يقتصد في جميع أحواله في لباسه وطعامه وشرابه لكن لا يجحد النعمة، فإن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، إذا أنعم على عبده نعمة فإنه يحب أن يرى أثر هذه النعمة عليه، إن كان مالًا فإنه يحب سبحانه وتعالى أن يرى أثر هذا المال على من أنعم الله عليه به، بالإنفاق والصدقات والمشاركة في الإحسان والثياب الجميلة اللائقة به وغير ذلك، إذا أنعم الله على عبده بعلم فإنه يحب أن يرى أثر هذه النعمة عليه، بالعمل بهذا العلم في العبادة وحسن المعاملة ونشر الدعوة وتعليم الناس وغير ذلك، كل ما أنعم الله عليك نعمة فأرِ الله تعالى أثر هذه النعمة عليك، فإن هذا من شكر النعمة، وأما من أنعم الله عليه بمال وصار لا يرى عليه أثر النعمة يخرج إلى الناس بلباس رث وكأنه أفقر عباد الله فهذا في الحقيقة قد جحد نعمة الله عليه، كيف ينعم الله عليك بالمال والخير وتخرج للناس بثياب كلباس الفقراء أو أنزل؟ وكذلك ينعم الله عليك بالمال ثم تمسك لا تنفق لا فيما أوجب الله عليك ولا فيما ندب لك أن تنفق فيه ينعم الله عليك بالعلم، فلا يرى أثر هذه النعمة عليك لا بزيادة عبادة أو خشوع أو حسن معاملة ولا بتعليم الناس ونشر العلم، كل هذا نوع من كتمان النعمة التي ينعم الله بها على العبد، والإنسان كلما أنعم الله عليه بنعمة فإنه ينبغي أن يظهر أثر هذه النعمة عليه حتى لا يجحد نعمة الله، والله الموفق.
باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه وجواز لبسه للنساء.عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تلبسوا الحرير؛ فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ). متفق عليه. وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنما يلبس الحرير من لا خلاق له ). متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ( من لا خلاق له في الآخرة ). وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من لبس الحرير الدنيا لم يلبسه في الآخرة ) . متفق عليه.وعن علي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا، فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله، ثم قال: ( إن هذين حرام على ذكور أمتي ). رواه أبو داود بإسناد حسن. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم ). رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه. رواه البخاري.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم لباس الحرير على الرجال، وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تلبسوا الحرير فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ) متفق عليه، وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنما يلبس الحرير من لا خلاق له ) متفق عليه، وفي رواية للبخاري: ( من لا خلاق له في الآخرة ) وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من لبس الحرير الدنيا لم يلبسه في الآخرة ) متفق عليه، وعن علي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريرًا فجعله في يمينه وذهبًا فجعله في شماله ثم قال: ( إن هذين حرام على ذكور أمتي ) رواه أبو داود بإسناد حسن، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج وأن نجلس عليه، رواه البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في كتاب اللباس: " باب تحريم لباس الحرير على الرجال وافتراشه والاستناد إليه "، هذه ثلاثة أمور لباس الحرير وافتراشه والاستناد إليه، وقد جزم المؤلف بأن هذا حرام على الرجال وذلك للأحاديث التي أوردها عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وأبي موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم، كلها تدل على تحريم لباس الذهب والفضة وعلى تحريم لباس الحرير للرجال، وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ( من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ) يعني: إذا لبس الرجل حريرًا في الدنيا فإنه لا يلبسه في الآخرة، وهذا وعيد يدل على أنه أي لباس الحرير للرجال من كبائر الذنوب، لأن فيه الوعيد في الآخرة وكل ذنب فيه وعيد في الآخرة فهو كبيرة من كبائر الذنوب عند أهل العلم، ولا فرق بين أن يكون قميصًا أو سراويل أو فنيلة أو غترة أو طاقية أو غير ذلك مما يلبس، كل هذا حرام على الرجال لا يجوز للرجال أن يلبسوا شيئا من الحرير لا قليلًا ولا كثيرًا، وفي حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ذهبًا وحريرًا بيديه وقال: ( هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها ) والحكمة من ذلك أو الحكمة في ذلك أن المرأة محتاجة إلى التجمل لزوجها فأبيح لها الذهب والحرير، وأما الرجل فليس بحاجة إلى ذلك فلهذا حرم عليه لبس الذهب والحرير، وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن من لبسه أو أنه ( إنما يلبسه من لا خلاق له في الآخرة ) يعني: من لا نصيب له في الآخرة، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان إذا لبس الحرير في الدنيا فإنه لا يدخل الجنة والعياذ بالله، لأن الرسول قال عليه الصلاة والسلام: ( لا خلاق له في الآخرة ) أي: لا نصيب له، وقال أيضًا: ( من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ) وهذا يعني أنه لا يدخل الجنة، وقال بعض العلماء: بل يدخلها ولكن لا يتمتع بلباس الحرير، مع أن أهل الجنة لباسهم فيها حرير وإنما يلبس شيئًا آخر، وهذا ما لم يتب فإن تاب من ذنوبه فإن التائب من الذنب يغفر الله له ذنبه، كما قال تعالى: (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا )) وهذا في الحرير الطبيعي الذي يخرج من دود القز، وأما الحرير الصناعي فليس حرامًا، لكن لا ينبغي للرجل أن يلبسه لما فيه من الميوعة والتنزل بحال الرجل التي ينبغي أن يكون فيها خشنًا يلبس ثياب الرجولة لا ثياب النعومة.