تتمة شرح حديث عن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق ؟ وأقول: اجلس بنا ههنا نتحدث، فقال: يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه. رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح.
الشيخ :( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) ولأن الإنسان إذا سلم على أخيه فقال السلام عليكم أو السلام عليك إذا كان واحدًا فإنه يكتب له بذلك عشر حسنات، فإذا سلم على عشرة أنفار كتب له مئة حسنة، وهذا خير من البيع والشراء، فكان ابن عمر رضي الله عنهما يدخل إلى السوق من أجل كثرة المسلِّم عليهم، لأنه في بيته لا يأتيه أحد وإذا أتاه أحد فهو أقل بكثير ممن في السوق، لكن من في السوق يمر عليهم ويسلم عليهم، وفي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يسأم يعني أن يمل من كثرة السلام لو لقاك مئة نفر فيما بينك وبين المسجد مثلًا فسلم إذا سلمت على مئة نفر تحصل على ألف حسنة هذه نعمة كبيرة، وفي هذا دليل على حرص السلف الصالح على كسب الحسنات وأنهم لا يفرطون فيها بخلاف وقتنا الحاضر، تجد الإنسان يفرط في حسنات كثيرة، وابن عمر رضي الله عنهما من أحرص الناس على المبادرة إلى فعل الخير، لما حدثه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن من تبع الجنازة حتى يصلى عليها كتب له قيراط، ومن شهدها حتى تدفن كتب له قيراطان ) قيل: وما القيراطان يا رسول الله؟ قال: ( مثل الجبلين العظيمين ) أصغرهما مثل أحد، ولما حدّث ابن عمر بهذا الحديث قال: " والله لقد فرطنا في قراريط كثيرة " ثم صار لا تحصل جنازة إلا تبعها رضي الله عنه، وهكذا السلف الصالح إذا علموا ما في الأعمال من الخير والثواب بادروا إليه وحرصوا عليه، فكان ابن عمر لا يدع جنازة إلا خرج معها وتبعها وتندم ندم لما مضى، قال: " لقد فرطنا في قراريط كثيرة " فالذي ينبغي للمؤمن أن يكون حريصًا على فعل الخير كلما بان له خصلة خير فليبادر إليها، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتسابقين إلى الخيرات إنه على كل شيء قدير.
ما معنى قول ابن عمر رضي الله عنهما للطفيل : يا أبا بطن ؟
السائل : ما معنى قول ابن عمر: يا أبا بطن؟ الشيخ : نعم يا أبا بطن يقول لأن أبا الطفيل كان كبير البطن، وهذا من باب المداعبة ليس قصده أن يعيره بأنه كبير البطن، لكن يداعبه مثل قول الرسول لأبي هريرة يا أبا هر نعم.
باب كيفية السلام : يستحب أن يقول المبتديء بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيأتي بضمير الجمع، وإن كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم. عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( عشر ) ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: ( عشرون ) ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: ( ثلاثون ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هذا جبريل يقرأ عليك السلام ) قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته. متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب كيفية السلام يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلَّم عليه واحدًا، ويقول المجيب: " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته " فيأتي بواو العطف في قوله وعليكم، عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( عشر ) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس، فقال: ( عشرون ) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس، فقال: ( ثلاثون ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هذا جبريل يقرأ عليك السلام ) قالت: قلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، متفق عليه ". الشيخ : وقف. القارئ : خلاص. الشيخ : خلص الباب؟ القارئ : لا. الشيخ : كمل. القارئ : " وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثًا، رواه البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب كيفية السلام يعني كيف يسلم ماذا يقول إذا سلم وماذا يقول إذا رد، ذكر رحمه الله أنه يستحب أن يقول السلام عليكم ورحمة الله وإن كان المسلَّم عليه واحدًا، ثم استدل بحديث جابر رضي الله عنه أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: " السلام عليكم " فرد عليه ثم جاء آخر قال: " السلام عليكم ورحمة الله " ثم جاء الثالث فقال: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " فقال للأول: ( عشر ) يعني عشر حسنات، وللثاني: ( عشرون ) وللثالث: ( ثلاثون ) لأن كل واحد منهم زاد، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء هل إذا سلم على واحد يقول السلام عليك أو عليكم؟ والصحيح أنه يقول السلام عليك هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث المسيء في صلاته أنه قال السلام عليك، وأما ما استدل به المؤلف من حديث جابر فليس فيه دلالة لأن الرجل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه جماعة فسلم على الجميع فإذا كانوا جماعة قل السلام عليكم وإذا كان واحدًا قل السلام عليك، وإن زدت ورحمة الله فهو خير، وإن زدت وبركاته فهو خير، لأنه كل كلمة فيها عشر حسنات وإن اختصرت على السلام عليك فهو كافي هذه كيفية، ويقول الرآد وعليكم السلام ثم إن كان المسلِّم لم يزد على قوله السلام عليك كفى وإن كان المسلِّم قد قال السلام عليكم ورحمة الله فعلى الرآد أن يقول عليك السلام ورحمة الله لقوله تعالى: (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) يعني ردوا مثلها، وقال يستحب أن يقول وعليكم بزيادة الواو وهذا حسن لأنه إذا قال وعليكم صار واضحًا أنه معطوف على الجملة التي سلم بها المسلِّم، وإن حذفها فلا بأس لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يأت بالواو في رده السلام على الملائكة (( قالوا سلامًا قال سلام )) ولم يأت بالواو فإن أتى بالواو فحسن وإن تركها فلا بأس، ثم إنه من السنة إذا نقل السلام إلى شخص من شخص آخر أن يقول عليه السلام، وإن قال عليك وعليه السلام أو عليه وعليك السلام فحسن، لأن هذا الذي نقل السلام محسن فتكافئه بالدعاء له، فإذا قال شخص لآخر سلم لي على فلان، ثم نقل الوصية وقال فلان يسلم عليك فإنه يقول عليه وعليك السلام أو يقول عليه السلام ويقتصر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( بلّغ عائشة أن جبريل يقرأ عليها السلام ) فقالت: " عليه السلام " فدل ذلك على أنه إذا نقل السلام إليك أحد من شخص تقول عليه السلام، ولكن هل يجب عليك أن تنقل الوصية إذا قال سلم لي على فلان أو لا يجب؟ فصّل في هذا العلماء قالوا إن التزمت له بذلك وجب عليك، لأن الله يقول: (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )) وأنت الآن تحملت هذا، أما إذا قال سلم لي على فلان وسكت أو قلت له مثلًا إن ذكرت وما أشبه ذلك، فهذا لا يلزمك إلا إذا ذكرت وقد التزمت له بأن تسلم عليه إذا ذكرت، لكن الأحسن ألا يكلف الإنسان أحدًا بهذا لأنه ربما يشق عليه، ولكن يقول سلم لي على من سأل عني لأنه إذا قال سلم على من سأل وسألوه كيف فلان قال فلان طيب ويسلم عليك هذا طيب، أما أن يحمّله فإن هذا لا ينبغي لأنه قد يستحي منك ويقول نعم أنقل سلامك ثم ينسى أو تطول المدة أو ما أشبه ذلك، ثم ذكر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان إذا تكلم تكلم ثلاثًا وإذا سلم سلّم ثلاثًا ) لكنه يتكلم ثلاثًا إذا لم تفهم الكلمة عنه، أما إذا فهمت فلا يكررها فإذا فهمت الكلمة فلا حاجة، لكن لو لم تفهم لكون المخاطب ثقيل السمع أو لكثرة الضجة حوله أو ما أشبه ذلك، فليعد مرتين فإن لم تكفِ فثلاث يعني وبعد الثلاث لا يلزمه، كما أنه إذا استأذن للدخول في البيت ثلاث مرات ولم يؤذن له انصرف، فكذلك هنا إذا تكلم ثلاث مرات ولم يكلمه أو لم يفهم يتركه، كذلك إذا سلّم إذا سلمت ولم يسمع المسلم عليه أعد مرة ثانية مرة ثالثة، وهكذا إذا سلمت ورد عليك ردًّا لا يجزئ كما لو قلت السلام عليك قال أهلًا ومرحبًا، أعد السلام قل السلام عليك، إذا قال أهلًا ومرحبًا، أعد السلام قل السلام عليك ثلاث مرات فإن لم ينفع فاتركه، ولكن نبهه بأن قول القائل في الإجابة أهلًا ومرحبًا لا يكفي لابد أن يقول عليك السلام إذا قيل السلام عليك، والله الموفق. السائل : ... الشيخ : إذا لم يكن في هذا فتنة فلا بأس أن يسلم وإن كان فيه فتنة فلا يسلم.
شرح حديث عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل قال: كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم. رواه مسلم. وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم، جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود: فسلم علينا.
وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام. رواه أبو داود بإسناد جيد. ورواه الترمذي بنحوه. وقال : حديث حسن. وعن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: عليك السلام يا رسول الله. فقال: ( لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب كيفية السلام: " عن المقداد رضي الله عنه في حديثه الطويل قال: كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم، رواه مسلم، وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يومًا وعصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم، رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود فسلم علينا، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ) رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي بنحوه وقال: حديث حسن، وعن أبي جري الهجيمي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: ( لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه الأحاديث التي ذكرها النووي في كتابه رياض الصالحين من آداب السلام، منها حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدخل البيت في الليل فيسلم سلامًا خفيفًا يسمعه اليقظان ولا يوقظ النائم، وهكذا ينبغي للإنسان إذا دخل بيتًا أو حجرة أو ما أشبه ذلك وفيها نيام وأيقاظ أن يسلم سلامًا يسمعه الأيقاظ ولا يوقظ النيام، لأن النائم لا يحب أن يوقظه أحد لاسيما أن بعض الناس إذا أوقظ ما صار يأتيه النوم بعد ذلك ويبقى أرِقا إلى الفجر، وهذا فيه أذى وفيه ضرر على الآخرين، فإذا دخلت مكانًا فيه أيقاظ ونيام فأعط الأيقاظ حقهم بالسلام عليهم، وامنع الأذى عن النيام بحيث يكون السلام خفيًّا يسمعه من كان يقظان ولا يسمعه النائم، ثم ذكر المؤلف حديث أسماء في مرور النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى نساء في المسجد فألوى بيده إليهن بالتسليم، وقال رحمه الله: إن هذا محمول على أنه جمع بين التسليم باليد بالإشارة وكذلك باللسان، لأن التسليم باليد فقط منهي عنه نهى عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما الجمع بينهما فلا بأس خصوصًا إذا كان الإنسان بعيدًا يحتاج إلى أن ينظر اليد التي يشير بها المسلِّم أو كان أصم لا يسمع أو ما أشبه ذلك، فإنه يجمع بين السلام وبين الإشارة وأما ما يفعله بعض الناس إذا مرّ بك في السيارة فإنه يضرب البوري فإن هذا لا يكفي في السلام وليس من السنة، اللهم إلا أن بعض الناس يقول أنا لا أريد به السلام لكن أريد أن ينتبه ثم أسلم عليه فهذا أرجو ألا يكون به بأس، وأما أن يجعله بدلًا عن السلام فإن هذا لا شك خلاف السنة، السنة أن يسلم الإنسان بلسانه وإذا كان الصوت لا يسمع فإنه يسلم بيده يشير بيده حتى ينتبه البعيد أو الأصم، كذلك أيضًا في صيغة السلام تقدّم أن صيغة السلام أن تقول: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وإذا كانوا جماعة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأما عليك السلام فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها وقال: ( إن هذه تحية الموتى ) يعني أنهم كانوا في الجاهلية يسلمون على أمواتهم بمثل هذا، مثل قول الشاعر: " عليك سلام الله *** قيس ابن عامر " فهم إذا خاطبوا الأموات ولو كانوا غائبين لكن يستحضرونهم كأنهم بين أيديهم يسلمون عليهم بهذا " عليك سلام الله " فلهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، لأنه تحية الموتى ومشابهة لأهل الجاهلية في جاهليتهم، فبدلًا من أن تقول عليك السلام قل السلام عليك هذا هو السنة، والله أعلم.
تتمة شرح حديث عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم، جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود: فسلم علينا. وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ). رواه أبو داود بإسناد جيد. ورواه الترمذي بنحوه. وقال : حديث حسن.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب كيفية السلام: " عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يومًا وعصبة من النساء قعود فألوى بيده بالتسليم، رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وهذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود فسلم علينا وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام ) رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي بنحوه وقال: حديث حسن، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير ) متفق عليه، وفي رواية البخاري: ( والصغير على الكبير ) ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه أحاديث في شيء من آداب السلام ذكرها النووي رحمه الله تعالى في رياض الصالحين في آداب السلام سبق الكلام على بعضها، ومنه حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم مر في المسجد في عصبة من النساء فألوى إليهن بالتسليم سلّم عليهن وأشار بيده، قال النووي: " وهو محمول على أنه جمع بين السلام والإشارة " وذلك لأن السلام بالإشارة فقط منهي عنه، السلام لابد بالقول السلام عليك إذا كان واحدا السلام عليكم إذا كان جماعة لكن إذا كان الإنسان بعيدًا أو أصم أو حوله ضجة أو ما أشبه ذلك فإنه يجمع بين الإشارة وبين القول، السلام عليكم مع الإشارة، وفي الحديث سلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على النساء وذلك لأن المحذور منتفٍ غاية الانتفاء، وإلا فإن الرجل الأجنبي الذي ليس محرمًا للمرأة لا يسلم عليها لما في ذلك من الفتنة ولاسيما الشاب مع الشابة، فإنه لا يسلم الرجل على المرأة ولا المرأة على الرجل، لكن إذا كان الرجل معروفًا بالصلاح ومر على نساء مجتمعات كاللاتي يجتمعن في المسجد أو في درس أو ما أشبه ذلك، فلا بأس أن يسلم لأن المحذور منتفي، والمسجد كلٌ يدخل فيه ويخرج، لكن يمر الإنسان بالمرأة الشابة في السوق ويسلم عليها هذا فتنة فلا يسلم على المرأة، كذلك لو دخل بيته وفيه نساء قد زرن أهله فلا بأس أن يسلم لأن المحذور منتفي، وأما ما يخشى منه الفتنة فإن لدينا قاعدة شرعية وهي درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير. متفق عليه. وفي رواية للبخاري: والصغير على الكبير.
الشيخ : ثم ذكر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه من الذي يسلم فنقول: أولًا: خير الناس من يبدأ الناس بالسلام، وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو أشرف الخلق يبدأ من لقيه بالسلام، فاحرص على أن تكون أنت الذي تسلم قبل صاحبك ولو كان أصغر منك، لأن خير الناس من يبدؤهم بالسلام، وأولى الناس بالله من يبدؤهم بالسلام، فهل تحب أن تكون أولى الناس عند الله؟ كلٌ يحب ذلك إذن فابدأ الناس بالسلام، ثم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن الراكب يسلم على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير، وذلك لأن الراكب يكون متعليًّا فيسلم على الماشي، الماشي متعلٍ على القاعد يسلم عليه، القليل يسلم على الكثير لأن الكثير لهم حق على القلة، الصغير يسلم على الكبير لأن الكبير له حق على الصغير، لكن إذا قدّر أن القليلين في غفلة ولم يسلموا يسلّم الكثيرون، لو قدّر أن الصغير في غفلة فليسلم الكبير ولا تترك السنة، يعني هذا الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام ليس معناه أنه لو سلم الكبير على الصغير كان حرامًا، لكن المعنى الأولى أن الصغير يسلم على الكبير فإذا لم يسلم فسلّم أنت، حتى إذا كما قلنا قبل قليل: إذا بادرت أنت بالسلام وبدأت فهو أفضل أولى الناس بالله من يبدؤهم بالسلام، والله الموفق. السائل : شيخ بارك الله فيك بالنسبة لمصافحة المرأة الكبيرة من وراء حائل؟
باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل ثم خرج، ثم دخل في الحال، أو حال بينهما شجرة ونحوها. عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسيء صلاته أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال: ( ارجع فصل، فإنك لم تصل ) فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى فعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه. وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إذا لقي أحدكم أخاه، فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر، ثم لقيه، فليسلم عليه. رواه أبو داود.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل ثم خرج ثم دخل في الحال أو حال بينهما شجرة ونحوها، عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث المسيء أنه جاء فصلى ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه فرد عليه السلام فقال: ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم حتى فعل ذلك ثلاث مرات، متفق عليه، وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه ) رواه أبو داود، باب استحباب السلام إذا دخل بيته، قال الله تعالى: (( فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة )) عن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذان البابان من آداب السلام ذكرهما النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين، أن الإنسان إذا سلم على أخيه ثم خرج ورجع عن قرب أو عن بعد من باب أولى فإنه يعيد السلام، مثلًا إنسان عنده ضيوف في البيت فدخل إلى البيت يأتي لهم بماء أو طعام أو نحو ذلك فإنه إذا رجع يسلم، وهذه من نعمة الله أنه يسن السلام وتكراره كلما غاب الإنسان عن أخيه سواء غيبة طويلة أم قصيرة، أن الله شرع لنا أن يسلم بعضنا على بعض، لأن السلام عبادة وأجر كلما ازددنا منه ازددنا عبادة لله وازداد أجرنا وثوابنا عند الله، ولولا أن الله شرع هذا لكان تكرار السلام على هذا الوجه من البدع، لكن من نعمة الله أنك إذا غبت عن أخيك ورجعت ولو عن قرب فإنك تسلم عليه، حال بينكم شجرة كبيرة بحيث تغيب عنه بهذه الشجرة أو حجر كبير صخرة تغيب عنه بهذ الصخرة فإذا لقيته فسلم عليه، حال بينكما جدار، حال بينكما سيارة، المهم متى غبت عنه ثم صادفته بعد الغيبة فسلم عليه، ثم استدل المؤلف رحمه الله بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الرجل الذي دخل المسجد فصلى صلاة لا يطمئن فيها ينقرها نقرًا ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرد عليه السلام وقال: ( ارجع فصلّ فإنك لم تصل ) فرجع الرجل وصلى لكن كصلاته الأولى بدون طمأنينة ثم رجع فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرد عليه السلام وقال: ( ارجع فصلّ فإنك لم تصل ) ثلاث مرات، والرجل يصلي صلاة لا يعرف غيرها لأنه جاهل، ثم قال: " والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني " وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام جعله يتردد يصلي هذه الصلاة التي لا تجزئ من أجل أن يشتاق إلى العلم ويتشوف إليه فيرد العلم على قلبه وهو منفتح له محتاج إليه، ومعروف أن الشيء إذا جاء على الحاجة يكون أقبل للنفس، انظر الآن تعطي الفقير عشرة ريالات وهو محتاج يفرح بها فرحًا كثيرًا ويكون لها منزلة، لكن لو أعطيتها غنيًّا لم تهمه، فالمهم أن الرسول ردد هذا الرجل من أجل أن يتشوف للعلم ويتشوق إليه وينفتح قلبه له، فقال له: ( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) ولكن الفاتحة لابد منها كما تدل عليه نصوص أخرى ( ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تطمئن قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ) هذه ركعة تامة ( ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) علمه الرسول عليه الصلاة والسلام فتعلم ومشى، فاستدل المؤلف بهذا الحديث على أن الإنسان إذا رجع إلى أخيه ولو من قرب فليسلم عليه، مثلًا أنت في المسجد تذاكر انصرفت تأتي بكتابك أو تنقض الوضوء أو ما أشبه ذلك، ثم رجعت سلم وهذا خير كل سلام كم حسنة هاه بعشر حسنات، لو قيل لك كلما سلمت أعطيناك عشرة ريالات تسلم تكرر تخرج لو بدون حاجة عشان ترجع وتسلم فهذه عشر حسنات باقية لك، سلم وكرر ولا يضر.
باب استحباب السلام إذا دخل بيته : قال الله تعالى: (( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة )). عن أنس رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بني، إذا دخلت على أهلك، فسلم، يكن بركة عليك، وعلى أهل بيتك. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الشيخ : ثم ذكر المؤلف رحه الله أنه من السنة إذا دخل الإنسان بيته أن يسلم، واستدل بقوله تعالى: (( فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة )) مباركة طيبة إذا دخلت بيتك فسلّم، لكن أول ما تدخل ابدأ بالسواك قبل كل شيء، ثم سلم على أهلك، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه وهو خادمه قال: ( يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم تكن بركة عليك وعلى أهلك ) ولهذا قال الله تعالى: (( مباركة طيبة )) فإذا دخلت البيت سلم على من فيه سواء أهلك أو زملائك أو ما أشبه ذلك إذا دخلت فسلم فهذا من السنة، والله الموفق.
باب السلام على الصبيان. عن أنس رضي الله عنه أنه مر على صبيان، فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله. متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب السلام على الصبيان، عن أنس رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، متفق عليه، باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كانت فينا امرأة وفي رواية كانت لنا عجوز تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة وانصرفنا نسلم عليها فتقدمه إلينا، رواه البخاري، وعن أم هانيء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وهو يغتسل وفاطمة تستره بثوب فسلمت وذكرت الحديث، رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف في كتابه رياض الصالحين في آداب السلام: " باب السلام على الصبيان " الصبيان يعني الصغار من سن التمييز إلى الثانية عشرة ونحوها، وقد جرت عادة كثير من الناس ألا يسلم على الصبيان استخفافًا بهم، ولأنهم لا يشرعون عليه لو ترك السلام، ولكن هذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هدي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يسلم على الصغير والكبير، فهذا أنس بن مالك رضي الله عنه مرّ على صبيان فسلم عليهم وقال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله " أي: كان يسلم على الصبيان، وفائدة السلام على الصبيان أكثر من فائدة، أولًا: اتباع السنة سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد قال الله تعالى: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر )) وثانيًا: التواضع حتى لا يزم الإنسان بنفسه ويشمخ بأنفه ويعلو برأسه، يتواضع ويسلم على الصبيان، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ) ثالثًا: تعويد الصبيان لمحاسن الأخلاق، لأن الصبيان إذا رأوا الرجل يمر بهم ويسلم عليهم تعودوا ذلك واعتادوا هذه السنة المباركة الطيبة، رابعًا: أن هذا يجلب المودة للصبي يعني أن الصبي يحب الذي يسلم عليه ويفرح بذلك وربما لا ينساها أبدًا، لأن الصبي لا ينسى ما مرّ به، فهذه من فوائد السلام على الصبيان، فينبغي لنا إذا مررنا على صبيان يلعبون يلعبون في السوق أو جالسين يبيعون شيئًا أو ما أشبه ذلك أن نسلم عليهم لهذه الفوائد التي ذكرناها.
باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن، وسلامهن بهذا الشرط. عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كانت فينا امرأة - وفي رواية: كانت لنا عجوز - تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة، وانصرفنا، نسلم عليها، فتقدمه إلينا. رواه البخاري. وعن أم هانيء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وهو يغتسل، وفاطمة تستره بثوب، فسلمت، وذكرت الحديث. رواه مسلم.
الشيخ : أما السلام على النساء فالسلام على المحارم من النساء والزوجات سنة، المحارم يعني التي لا يحل لك أن تتزوج بها يعني التي تكشف لك تسلم عليها ولا حرج في ذلك، تسلم على زوجتك على أختك على عمتك على بنت أخيك على بنت أختك ولا حرج في هذا، أما الأجانب فلا تسلم عليهن اللهم إلا العجائز الكبيرات إذا كنت آمنًا على نفسك من الفتنة، وأما إذا خفت الفتنة فلا تسلم، ولهذا جرت عادة الناس اليوم أن الإنسان لا يسلم على المرأة إذا لاقاها في السوق وهذا هو الصواب، ولكن لو تأتي إلى بيتك وتجد فيه نساء من معارفك وتسلم فلا بأس ولا حرج، بشرط أيضًا أمن الفتنة، وكذلك المرأة تسلم على الرجل بشرط أمن الفتنة، وذكر المؤلف رحمه الله حديث المرأة التي كانت تأخذ من أصول السلق، السلق نوع من الشجر وأصوله طيبة تصلح إدامًا فتأخذ من هذه الأصول وتلقيها في ماء وتغليها على النار وتكركر عليها حبات من شعير، فإذا خرج الصحابة من شاء منهم جاء إليها يسلم عليها ويأكل من هذا السلق ويفرحون به، لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا أغنياء إلا بعد أن فتح الله عليهم، كما قال تعالى: (( ومغانم كثيرة يأخذونها )) وقال تعالى: (( وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجّل لكم هذه )) فكثرت الأموال بعد الفتوح، أما قبل ذلك فإن غالبية الصحابة فقراء كل شيء يكون عندهم كبيرًا، والله الموفق. السائل : مصافحة المحارم؟
الشيخ : المصافحة للمحارم لا بأس بها أما المصافحة لغير المحارم فلا تجوز، سواء مباشرة أو من وراء حائل، وسواء كانت المرأة كبيرة أو صغيرة. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد ".
باب تحريم ابتدائنا الكفار بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار. شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبدؤ وا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ). رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليك ). متفق عليه. وعن أسامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين - عبدة الأوثان واليهود - فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
القارئ : " باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم، واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) رواه مسلم، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم ) متفق عليه، وعن أسامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم، هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في حكم السلام على الكفار الخلّص وعلى الكفار المختلطين بالمسلمين، وقد سبق الكلام في السلام على المسلمين الخلّص وأنه سنة مؤكدة، أما السلام على الكفار فإنه لا يحل لنا أن نبدأهم بالسلام، يعني لا يجوز للإنسان إذا مر بالكافر أو دخل على الكافر أن يقول السلام عليك، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وذلك لأن تسليمنا عليهم فيه نوع من الذل لهم ونوع من الإكرام لهم، لأن التحية والسلام إكرام والكافر ليس أهلًا للإكرام بل الكافر حقه منا أن نغيظه وأن نذله وأن نهينه، لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العظيم: (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا )) قال: (( أشداء على الكفار )) يعني أقوياء عليهم أعزاء عليهم (( تراهم ركعًا سجدًا يبتغون فضلًا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كمثل زرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار )) هذا الشاهد، وقال تعالى في سورة التوبة: (( ولا يطؤون موطئًا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلًا إلا كتب لهم به عمل صالح )) وابتداؤنا إياهم بالسلام إكرام لهم وإعزاز لهم، والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزًا على الكافرين، قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )) لهم العزة على الكافرين يعني يرى المسلم أنه أعز من الكافر وأن له العزة عليه، ولهذا لما كثرت العمالة النصرانية بيننا اليوم ذهبت الغيرة، ذهبت الغيرة من القلوب وكأن النصراني أو اليهودي أو البوذي أو الوثني كأنه لا يخالفنا إلا كما يخالف الحنبلي للمالكي والشافعي وما أشبه ذلك، عند بعض الناس يظنون أن الكفر باختلافنا معهم كاختلاف المذاهب الأربعة في الإسلام، نسأل الله العافية وهذا لا شك أنه من موت القلوب ولا يحل للإنسان أبدًا أن يعز الكافر.