شرح حديث عن علي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أنس، رضي الله عنه، قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم ) فنظر إلى أبيه وهو عنده ؟ فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار ). رواه البخاري.
القارئ : الأحاديث في كتاب عيادة المريض وتشييع الميت: " عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له خريف في الجنة ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم ) فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ( الحمد لله الذي أنقذه من النار ) رواه البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . نقل النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب عيادة المريض وتشييع الميت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ) وكذلك ( إن عاده في المساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان في خرفة الجنة ) هذا الحديث له شاهد مما سبق أن الإنسان إذا عاد أخاه فهو في خرفة الجنة، يعني في جناها، وأما استغفار الملائكة له فهذا فيه نظر، لأنه فضل الله واسع لكن من قواعد الحديث الضعيف عند العلماء: كثرة الثواب في عمل يسير جدًّا، ولكننا نقول ما دام قد ثبت أصل مشروعية عيادة المريض فإن ذكر الفضائل إذا لم يكن الضعف شديدًا مما يساعد على فعل ما رتب فيه وينشط الإنسان ويرجو الإنسان ثواب ذلك، إن كان هذا الحديث ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حصل للإنسان ما دل عليه وإن لم يكن ثابتًا فإنه لا يزيده إلا رغبة في الخير، وعلى كل حال فهو يدل على فضيلة عيادة المريض وأنه إن كان في الصباح فله هذا الأجر وإن كان في المساء فله هذا الأجر.
شرح حديث عن أنس رضي الله عنه، قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم ) فنظر إلى أبيه وهو عنده ؟ فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: ( الحمد لله الذي أنقذه من النار ). رواه البخاري.
الشيخ : أما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن غلامًا يهوديًّا كان يخدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمرض هذا الغلام فعاده النبي عليه الصلاة والسلام فجلس عند رأسه وقال له: ( أسلم ) فنظر إلى أبيه يعني كأنه يستشيره فقال له أبوه وهو يهودي قال: " أطع أبا القاسم " لأن اليهودي يعلم أن الرسول حق ويدري أنه حق فقال لابنه أطع أبا القاسم فأسلم هذا الغلام، فخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يقول: ( الحمدلله الذي أنقذه من النار ) ففي هذا الحديث عدة فوائد، منها: جواز استخدام اليهود يعني أن يستخدمهم الإنسان يجعلهم خدمًا عنده وهذا بشرط أن يأمن من مكرهم، لأن اليهود أصحاب مكر وخديعة وخيانة لا يكادون يوفون بعهد ولا يؤدون أمانة لكن إذا أمنه فلا بأس أن يستخدمه، وفيه أيضًا دليل على جواز عيادة المريض اليهودي، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عاد هذا الغلام، ولكن يحتمل أن عيادة النبي صلى الله عليه وسلم له كان من أجل خدمته إياه، وأن هذا من باب المكافأة مكافأة المعروف، وعلى هذا فلا يكون الحكم عامًّا لكل يهودي أن تعوده، ويحتمل أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عاده ليعرض عليه الإسلام، فتكون عيادة المريض يهودي أو غيره من الكفار تكون مستحبة إذا كان الإنسان يريد أن يعرض عليهم الإسلام فينقذهم الله به من النار، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم ) يعني إذا هدى الله بك رجلًا واحدًا من الكفر فهو خير لك من الإبل الحمر التي هي أغلى أنواع الإبل عند العرب، وفي هذا دليل على أنه ينبغي لمن عاد المريض أن يرشده إلى الحق يبين له الحق ويرغبه فيه، إذا كان مثلًا يعرف أنه صاحب تقصير يقول يا فلان استغفر الله تب إليه ويعرض عليه الأشياء اللي تنفعه ماهو يبقى عنده ويجلس عنده يسولف عليه سواليف الأولين والآخرين بدون أن ينفعه في دينه، أحسن ما تهدي للمريض أن تنفعه في دينه، وأما السواليف والقصص هذه لها وقت آخر، لكن اغتنم الفرصة قل يا فلان استغفر الله تب إليه إذا كان لك مظالم عند الخلق فأدها إذا كان عندك تقصير في واجب فأتمه وهلم جرًّا، وفيه دليل أيضًا على أن الأب قد يؤثر ابنه بالخير وهو لا يفعله، فهذا اليهودي أشار على ابنه أن يطيع النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه هو لم يسلم فالأب قد يحب لولده شيئًا يرى أنه خير وإن كان هو محرومًا منه والعياذ بالله، وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حق ويدل لذلك أن اليهودي قال لابنه: " أطع أبا القاسم " والحق ما شهدت به الأعداء، ومعلوم أن اليهود والنصارى يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، قال الله تعالى: (( الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )) وإنما كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، لأن الله قال: (( الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل )) معروف مذكور باسمه العلم عليه الصلاة والسلام مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل (( يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) هم يعرفون هذا لكن الحسد والعياذ بالله والاستكبار منعهم من أن يؤمنوا بالرسول عليه الصلاة والسلام (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق )) نسأل الله السلامة، وعلى هذا فإذا مرض إنسان كافر فلك أن تعوده إذا رجوت من هذه العيادة خيرًا تعرض عليه الإسلام لعله يسلم، فهؤلاء العمال الذين عندنا الآن من الكفار وهم كثيرون لا ينبغي أن نتركهم هكذا وأن نجعلهم بمنزلة البهائم يعملون لنا دون أن ندلهم على الحق، لهم حق علينا واجب أن ندعوهم إلى الإسلام ونبين لهم الحق ونرغبهم فيه حتى يسلموا، أما أن يكون عندنا هذا العدد الهائل من الكفار من النصارى والبوذيين وغيرهم ثم لا نجد من يسلم إلا واحدًا بعد واحد بعد مدة أيام فهذا يدل على ضعف الدعوة عندنا، وأننا لم نحاول أن ندعوهم للإسلام وهذا لاشك أنه تقصير منا، وإلا فإن العامل جاء يتكفف الناس في الواقع جاء يريد لقمة العيش فليس عنده ذاك الاستكبار، فلو أننا دعوناه باللين ورغبناه لحصلنا خيرًا كثيرًا واهتدى على أيدينا أناس كثيرون، لكن عندنا غفلة عن الدعوة للحق والذي ينبغي لنا أن ننتهز هذه الفرص في مثل هذه الأمور، والله الموفق.
باب ما يدعى به للمريض. عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا ـ ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبابته بالأرض ثم رفعها ـ وقال: ( بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا ). متفق عليه. وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: ( اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما ). متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه، أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برقية رسول الله، صلى الله عليه وسلم ؟ قال: بلى، قال: اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما. رواه البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب ما يدعى به للمريض عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا، -ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبابته بالأرض ثم رفعها- وقال: ( بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى به سقيمنا بإذن ربنا ) متفق عليه، وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: ( اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . لما ذكر المؤلف رحمه الله النووي في كتاب رياض الصالحين ما يدل على استحباب عيادة المريض ذكر ما يدعى للمريض وما يفعل به، فذكر حديثين عن عائشة رضي الله عنها، أما الأول فإنه إذا كان في الإنسان المريض جرح أو قرحة أو نحو ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يبل أصبعه ثم يمسح بها الأرض فيأخذ من التراب بهذا البلل ثم يمسح به الجرح ويقول: ( تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى بها مريضنا بإذن ربنا ) وهذا يدل على أن ينبغي الإنسان أن يداوي الجرح بمثل ذلك بأن يضع يبل أصبعه ثم يمسح به الأرض ذات التراب، ثم يقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووجه ذلك أن التراب طهور، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( جعلت تربتها لنا طهورًا ) وريق المؤمن طاهر أيضًا فيجتمع الطهوران مع قوة التوكل على الله عز وجل والثقة به فيشفى به المريض، ولكن لابد من أمرين، الأمر الأول: قوة اليقين في هذا الداعي بأن الله سبحانه وتعالى سوف يشفي هذا المريض بهذه الرقية، والثاني: قبول المريض لهذا وإيمانه بأنه سينفع، أما إذا كانت المسألة على وجه التجربة فإن ذلك لا ينفعه، لأنه لابد أن تتيقن أن ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام فهو خير، ولابد أن يكون المحل قابلًا وهو المريض يكون مؤمنًا بفائدة ذلك، أما إذا كان غير مؤمن فإنه لن ينتفع لأن الذين في قلوبهم مرض لا تزيدهم الآيات إلا رجسًا إلى رجسهم والعياذ بالله، أما الحديث الثاني فإنه كان إذا عاد بعض أهله يقول ( اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا ) ويمسح بيده اليمنى يعني يمسح المريض ويقرأ عليه هذا ( اللهم رب الناس أذهب البأس ) فيتوسل إلى الله عز وجل بربوبيته العامة فهو الرب سبحانه وتعالى الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، فأنت أيها المريض تقول خلقني الله عز وجل ولا بأس بي ثم قدر عليّ المرض، والذي قدّر عليّ المرض بعد الصحة قادر على أن يرفع المرض إلى صحة لأنه رب الناس يفعل ما شاء عز وجل ( أذهب البأس ) هذا دعاء أذهب البأس يعني المرض الذي حل بهذا المريض ( اشف أنت الشافي ) والشفاء إزالة المرض وبرء المريض فيقال: اشف، ولا يقال: أشفي لأنك إذا أشفي صار معناه أهلك، وإذا قلت اشف صار معناه البراء يعني أن أنت يبرأه من السقم، ولهذا يقال: " اللهم اشف فلانًا ولا تشفه " الكلمتين عند العوام ممكن معناهما واحد لكن بينهما فرق عظيم، اللهم اشف يعني ابرئه من المرض، ولا تشفه يعني لا تهلكه اشف أنت الشافي من أسماء الله عز وجل، لأنه هو الذي يشفي المرض وما يصنع من الأدوية أو يقرأ من الرقى فما هو إلا سبب قد ينفع وقد لا ينفع، فإن الله هو المسبب عز وجل، ولهذا ربما يمرض رجلان بمرض واحد ويداوى الرجلان بدواء واحد وعلى وصفة واحدة فيموت هذا ويسلم هذا، لأن الأمر كله بيد الله عز وجل فهو الشافي وما يفعل من الرقا أو من الأدوية فإنما هو سبب ولكننا مأمورون بالسبب كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( تداووا ولا تداووا بحرام ) وقال: ( ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء ) وقوله: ( لا شفاء إلا شفاؤك ) صدق النبي عليه الصلاة والسلام لا شفاء إلا شفاء الله شفاء المخلوقين ليس إلا مجرد سبب، والشافي هو الله عز وجل ليس الطبيب الذي يشفيك وليس هو الدواء، بل الطبيب سبب والدواء سبب والشافي هو الله ( شفاء لا يغادر سقمًا ) يعني شفاء كاملًا لا يبقي سقمًا أي لا يبقي مرضًا فينبغي الإنسان إذا عاد المريض أن يمسحه بيده اليمنى ويقول هذا الدعاء: ( اللهم رب الناس اذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا ) والله الموفق.
شرح حديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: عادني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: ( اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا، اشف سعدا ). رواه مسلم. وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، أنه شكا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجعا يجده في جسده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله - ثلاثا - وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ). رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ( من عاد مريضا لم يحضره أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك: إلا عافاه الله من ذلك المرض ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب ما يدعى به للمريض: " عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا ) رواه مسلم، وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل: سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) رواه مسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من عاد مريضًا لم يحضره أجله، فقال عنده: سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه الأحاديث فيما يقال عند المريض إذا عاده الإنسان ذكرها النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين، حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عاده يعني عاده في مرضه فقال: ( اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا ) ثلاث مرات، ففي هذا الحديث دليل على أن من السنة أن يعود الإنسان المريض المسلم، وفيه أيضًا حسن خلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعاملته لأصحابه، فإنه كان عليه الصلاة والسلام يعود مرضاهم ويدعو لهم، وفيه أنه يستحب أن يدعى بهذا الدعاء اللهم اشف فلانًا وتسميه، اللهم اشف فلانًا، اللهم اشف فلانًا ثلاث مرات، فإن هذا مما يكون سببًا لشفاء المريض، وفيه أيضًا دليل على أن الإنسان يكرر الدعاء فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دعا دعا ثلاثًا، وإذا سلم ولم يفهم عنه سلم ثلاثًا، وتكرار الدعاء ثلاثًا من الأمور المشروعة كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة يقول: ( رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي ) يكرر هكذا أيضًا الدعاء للمريض، ثم ذكر المؤلف حديث عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله عثمان أنه يشكو من مرض في جسده فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول هذا الدعاء: ( بسم الله ثلاثًا ) بسم الله، بسم الله، بسم الله، ويضع يده على موضع الألم ثم يقول: ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) يقولها سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر، فهذا من أسباب الشفاء أيضًا، فينبغي الإنسان إذا أحس بألم أن يضع يده على هذا الألم ويقول: بسم الله، بسم الله، بسم الله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات، إذا قاله موقنا بذلك مؤمنًا به وأنه سوف يستفيد من هذا فإنه يسكن الألم بإذن الله عز وجل، وهذا أبلغ من الدواء الحسي أبلغ من الأقراص والشراب والإبر، لأنك تسأل أو تستعيذ بمن بيده ملكوت السماوات والأرض بالذي أنزل هذا المرض هو الذي يجيرك منه، كذلك أيضًا حديث ابن عباس أن الإنسان إذا زار مريضًا لم يحضر أجله يعني ليس الذي فيه مرض الموت فقال: ( أسأل العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك ) سبع مرات إلا شفاه الله من ذلك المرض، هذا إذا لم يحضر الأجل أما إذا حضر الأجل فلا ينفع الدواء ولا القراءة، لأن الله تعالى قال: (( لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) والله الموفق.
شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده قال: ( لا بأس، طهور إن شاء الله ). رواه البخاري. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اشتكيت ؟ قال: ( نعم ) قال: (بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك ). رواه مسلم.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . نقل المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين فيما يدعى به للمريض عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده وكان إذا دخل على مريض يعوده يقول: ( لا بأس طهور إن شاء الله ) لا بأس يعني لا شدة عليك ولا أذى، طهور يعني هذا طهور إن شاء الله، وإنما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن شاء الله لأن هذه جملة خبرية وليست جملة دعائية، لأن الدعاء ينبغي للإنسان أن يجزم به لا يقول إن شئت، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يقول الرجل اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت لا تقل هذا لأن الله لا مكره له، إن شاء غفر لك ورحمك وإن شاء لم يغفر ولم يرحم، ويقال إن شئت إلا لمن له مكره أو لمن يستعظم العطاء، والله سبحانه وتعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه، فإذا سألت الله لا تقل إن شئت، أما قول إن شاء الله في قول الرسول عليه الصلاة والسلام لا بأس طهور إن شاء الله فهذا لأنه خبر وتفاؤل، فيقول لا بأس يعني ينفي أن يكون به بأس ثم يقول إن شاء الله لأن الأمر كله بمشيئة الله عز وجل، فيؤخذ من هذا الحديث أنه ينبغي لمن عاد المريض إذا دخل عليه أن يقول: لا بأس طهور إن شاء الله، ثم ذكر حديث رقية جبريل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه جاءه فقال له: أشتكيت؟ يسأله يعني هل أنت مريض قال: ( نعم ) فقال: ( بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك ) هذا دعاء جبريل أشرف الرسل للنبي صلى الله عليه وسلم أشرف الرسل، لكن جبريل أشرف الرسل الملكيين وأما محمد فأشرف الرسل البشريين، يقول: أشتكيت؟ قال: ( نعم ) في هذا دليل على أنه لا بأس أن يقول المريض للناس إني مريض إذا سألوه وأن هذا ليس من باب الشكوى، الشكوى أن تشتكي الخالق للمخلوق تقول أنا أصابني الله بكذا وكذا تشكو الرب للخلق هذا لا يجوز، ولهذا قال يعقوب: (( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )) لكن إذا أخبر المريض بمرضه على سبيل الإخبار دون الشكوى فلا بأس، ولهذا بعض العامة يقول إخبار لا شكوى فيّ كذا وكذا وهذا طيب، وفي هذا دليل على أنه ينبغي أن يقرأ على المريض بهذه الرقية باسم الله أرقيك يعني أقرأ عليك من كل شيء يؤذيك عام كل شيء يؤذيك من مرض أو حزن أو هم أو غم أو شيء أي شيء يكون ( من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك ) من شر كل نفس من النفوس البشرية أو من نفوس الجن أو غير ذلك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، عين حاسد يعني ما يسميه الناس بالعين وذلك أن الحاسد والعياذ بالله الذي يكره أن ينعم الله على عباده بنعمة نفسه خبيثة شريرة هذه النفس الخبيثة الشريرة قد ينطلق منها ما يصيب المحسود، ولهذا قال تعالى: (( ومن شر حاسد إذا حسد )) فيصيب المحسود فتزول منه النعمة بسبب هذه العين، ولهذا قال: ( أو عين حاسد الله يشفيك ) أي: يبرئك ويزيل سقمك ( بسم الله أرقيك ) فبدأ بالبسملة في أول الدعاء وفي آخر الدعاء، فإذا دعا الإنسان بما جاءت به السنة فهذا خير، لأن كل ما جاءت به السنة فإن مراعاته أفضل، وإذا لم يعرف يدعو بالمناسب يقول شفاك الله عافاك الله أسأل الله لك الشفاء أسأل الله لك العافية وما أشبه ذلك، وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر يصيبه المرض، وفيه أيضًا أنه أن القراءة على المريض لا تنافي كمال التوكل بخلاف الذي يطلب من الناس أن يقرؤوا عليه، فالذي يطلب من الناس أن يقرؤوا عليه فيه شيء من نقص التوكل، لأنه سأل الخلق واعتمد على سؤالهم، لكن إذا جاء إنسان يقرأ عليك ولم تمنعه فإن ذلك لا يضرك، ولا يقال إن هذا نقص في التوكل، ولهذا قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على غيره وقرئ عليه أيضًا فهذا لا ينافي كمال التوكل إذا كان بغير سؤال، والله الموفق.
شرح حديث عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: من قال: ( لا إله إلا الله والله أكبر، صدقه ربه، فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر. وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال: يقول: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي. وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد. وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي ) وكان يقول: ( من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب ما يدعى به للمريض: " عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قال: لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال: يقول: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: لا إله إلا أنا لي الحمد ولي الملك، وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي ) وكان يقول: ( من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا آخر حديث نقله النووي رحمه لله في كتابه رياض الصالحين في باب ما يدعى به للمريض، وقد سبقت الأحاديث فيما يدعو به العائد للمريض، أما هذا فهو فيما يدعو به المريض نفسه إذا قال هذا الذي ذكره أبو هريرة وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن الله سبحانه وتعالى يصدق العبد، إذا قال الله أكبر لا إله إلا الله قال إنه لا إله إلا أنا وأنا أكبر وإذا قال الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا الله كذلك يصدقه الله، فمن قال هذا أي من قال لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا الله ثم مات مع بقية الذكر فإنها لا تطعمه النار، أي أن ذلك يكون من أسباب تحريم الإنسان على النار، فينبغي للإنسان أن يحفظ هذا الذكر وأن يكثر منه في حال مرضه حتى يختم به الخير إن شاء الله تعالى، والله الموفق.
باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أصبح بحمد الله بارئا. رواه البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس: يا أبا الحسن،كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبح بحمد الله بارئًا، رواه البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . لما ذكر المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين كثيرًا من آداب عيادة المريض ذكر بيان سؤال أهل المريض عن حاله وأن ذلك من الأمور التي جاءت بها السنة، حيث ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه، وكان علي بن أبي طالب صهر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وابن عمه، وكان أفضل أهل البيت فهو الخليفة الرابع في هذه الأمة، ولما خلّفه النبي صلى الله عليه وسلم على أهله في غزوة تبوك ورأى أنه تأثر من ذلك قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ) لأن موسى خلّف هارون في أهله قال: (( اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين )) قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) خرج من عند الرسول عليه الصلاة والسلام في مرضه الذي مات فيه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرض كان يعدل بين نسائه التسع إلا سودة بنت زمعة رضي الله عنها فإنها وهبت يومها لعائشة، فكان في مرضه يعدل بين نسائه، ولما اشتد به المرض صار يقول: ( أين أنا غدًا؟ أين أنا غدًا؟ ) يريد يوم عائشة فأذنَّ له رضي الله عنهن أن يتمرّض في بيت عائشة، فكان عند عائشة رضي الله عنها حتى توفي فسئل علي رضي الله عنه كيف أصبح النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: " أصبح بحمد الله بارئًا " ففيه دليل على أنه إذا لم يمكن الوصول إلى المريض فإنه يسأل عنه من ينتابه من أقاربه أو غيرهم يسأل عن حاله ليطمئن الإنسان، في وقتنا هذا حصل ولله الحمد اتصال بغير الأهل بغير الأقارب وهو اتصال الهاتف، فإن الإنسان إذا لم يتمكن من الذهاب إلى المريض بنفسه فهذا الهاتف والحمد لله جاء الله به خير مرسول للإنسان يدخل على البيوت بدون استئذان، لهذا نقول إذا لم تتمكن من عيادة المريض بنفسك فإنك تتصل به بالهاتف وتسأل عن حاله ويكتب لك بذلك الأجر إن شاء الله تعالى، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب ما يقوله من أيس من حياته ".
باب ما يقوله من أيس من حياته. عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول: ( اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى ). متفق عليه. وعنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت، عنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: ( اللهم أعني على غمرات الموت أو سكرات الموت ). رواه الترمذي.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب ما يقوله من أيس من حياته، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلي يقول: ( اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى ) متفق عليه، وعنها رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت عنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول: ( اللهم أعني على غمرات الموت أو سكرات الموت ) رواه الترمذي ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله النووي في كتابه رياض الصالحين: " باب ما يقوله من أيس من حياته " اليأس من الحياة لا يعلم إلا إذا حضر الموت، أما قبل ذلك فإنه مهما اشتد المرض، فإن الإنسان لا ييأس، وكم من إنسان اشتد به المرض حتى جمع أهله ماء تغسيله وحنوطه وكفنه ثم شفاه الله وعافاه، وكم من إنسان أشرف على الموت في مفازة في أرض مفازة ليس عنده ماء ولا طعام فأنجاه الله عز وجل، ومن ذلك ما قال النبي عليه الصلاة والسلام، ( إن الله أشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم براحلته حين أضلها وعليها طعامه وشرابه ) أضلها يعني ضيعها ضيّع الراحلة وعليها الطعام والشراب وطلبها ولم يجدها، فاضطجع تحت شجرة ينتظر الموت أيس منها وما بقي عليه إلا أن يموت، فبينما هو كذلك إذا بخطام ناقته متعلقا بالشجرة رد الله عليه ضالته حتى جاءت إلى هذه الشجرة ترعاها فارتبط خطامها يعني مقودها بهذه الشجرة، فأخذ الرجل بخطامها وقال: ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) يريد أن يقول اللهم أنت ربي وأنا عبدك، لكن من شدة الفرح أخطأ قال اللهم أنت عبدي وأنا ربك، فهذا الرجل أيس من حياته باعتبار ظاهر الحال لأن طعامه وشرابه راح مع الراحلة، لكن اليأس الحقيقي هو ما إذا حضر الإنسان الموت وصار في النزع، فحينئذ لا يمكن أن يحيى، قال الله تعالى: (( فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون )) بلغت يعني الروح الحلقوم يعني الحلق (( وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )) الملائكة أقرب إلى الإنسان من حلقومه عند احتضاره (( فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها إن كنتم صادقين )) ما يمكن، هل أحد يمكن أن يرد روحه بعد أن بلغت الحلقوم؟ أبدًا لا يمكن أبدًا، إذن ييأس الإنسان من حياته إذا عاين الموت، فماذا يقول؟ تقول عائشة رضي الله عنها: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني في الرفيق الأعلى ) هكذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عند موته، وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول: ( اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى ) من هم الرفيق الأعلى؟ هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون وحسن أولئك رفيقًا، هكذا كان الرسول يقول عند موته، وكان عنده صلى الله عليه وسلم إناء فيه ماء وقد أوتي من شدة الموت وسكراته ما لم يؤت أحد، يعني أشد الناس عند سكرات الموت النبي عليه الصلاة والسلام لأنه صلى الله عليه وسلم يمرض مرض رجلين، يشدد عليه في المرض في النزع عند الموت شدد عليه صلوات الله وسلامه عليه، لماذا؟ من أجل أن ينال أعلى درجات الصبر، لأن الصبر يحتاج إلى شيء يصبر عليه الإنسان، فكان الله عز وجل اختار لنبيه صلوات الله وسلامه عليه أن يكون مرضه شديدًا ونزعه شديدًا حتى ينال أعلى درجات الصابرين صلوات الله وسلامه عليه، فكان عليه الصلاة والسلام يضع يده في الإناء الذي فيه الماء ويمسح بذلك وجهه ويقول: ( اللهم أعني على غمرات الموت ) أو قال: ( على سكرات الموت ) أعني عليها حتى أتحمل وأصبر وأتروى ولا يزيغ عقلي حتى أعي ما أقول، وحتى يختم لي بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لأن المقام مقام عظيم مقام هول وشدة، إذا لم يعنك الله عز وجل ويصبرك ويثبتك فأنت على خطر، ولهذا كان يقول: ( اللهم أعني على غمرات الموت ) وفي روايات أخرى يقول: ( لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ) وصدق النبي عليه الصلاة والسلام (( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد )) نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على غمرات الموت، وأن يحسن لنا ولكم الخاتمة، ويتوفانا على الإيمان والتوحيد وأن يتوفانا وهو راضٍ عنا إنه على كل شيء قدير.
باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدو على آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما ".
باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما. عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها، فقال: ( أحسن إليها، فإذا وضعت فأئتني بها ) ففعل، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها. رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدو على آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما، عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: ( أحسن إليها فإذا وضعت فأئتني بها ) ففعل، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: باب استحباب وصية أهل المريض بالإحسان إليه والصبر وتحمله وغير ذلك، يعني أنه ينبغي للإنسان أن يحسن إلى المريض ويتحمله ويصبر على ما يجد منه من كلام نابي، لأن المريض نفسه ضيقة والدنيا عليه قد ضاقت، فربما يحدث منه كلام أو يحدث منه تضجر أو ما أشبه ذلك، فليصبر الإنسان على هذا وليحتسب الأجر من الله سبحانه وتعالى فإنه يثاب على هذا، يثاب على إحسانه لهذا المريض، ويثاب على تحمله المشقة منه والأذى ولاسيما إذا كان هذا الذي يتولاه الإنسان قد وجد سبب موته أو سبب قتله، كما ذكر حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي حبلى من الزنا حبلى يعني حامل زانية وهي حامل فقالت: " يا رسول الله إني أصبت حدًّا فأقمه علي " تريد من الرسول صلى الله عليه.