كتاب الفضائل: باب فضل قراءة القرآن.
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب الفضائل : باب فضل قراءة القرآن :
عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ) رواه مسلم .
وعن النوَّاس بن سمعان رضي الله عنه ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا ، تَقدُمُه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما ) رواه مسلم " .
الشيخ : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " كتاب الفضائل " : الفضائل جمع فضيلة ، ثم بدأ بفضائل كتاب الله عز وجل فقال : " باب فضل قراءة القرآن " : والقرآن الذي بين أيدينا هو كلام الله عز وجل ، تكلم به سبحانه وتعالى حقيقة كلامًا سمعه جبريل ، ثم تلاه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : (( وإنه لتزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين )) ، وقال : نزل به على قلبك ، لأن القلب هو محل الوعي والإدراك والفقه .
(( لتكون من المنذرين )) ، وقال الله تبارك وتعالى : (( لا تحرك به لسانك لتعجل به )) : وكان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على القرآن كان يبادر جبريل ، وجبريل يقرأ عليه يلقنه ، فيبادره القراءة ، فقال الله تعالى : (( لا تحرك به لسانك لتعجل به )) : يعني اسكت حتى يفرغ جبريل ، (( إن علينا جمعه وقرءانه فإذا قرأناه )) : يعني قرأه جبريل الذي هو رسول رب العالمين إلى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، (( فإذا قرأناه فاتبع قرءانه )) يعني : يقرأه بعده ، (( ثم إن علينا بيانه )) يعني : لا تقاطع جبريل في قراءته ، فهذا القرآن تكلم الله به جل وعلا ، وهو يتكلم به سبحانه وتعالى إذا أراد أن ينزله ، كما قال تعالى : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )) : وهذه الجملة جملة ماضوية ، يعني أنها فعل ماضي : (( قد سمع )) : يدل على تقدم كلام هذه المرأة وعلى تأخر كلام الله تعالى في قصتها وشأنها : (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير )) ، وقال تعالى : (( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال )) : هذا في أحد ، يقول : (( إذ غدوت من أهلك )) : إذًا فالغدو سابق على كلام الله تعالى هذا ، فالله جل وعلا يتكلم متى شاء بما شاء كيف شاء ، ولا يحل لنا أن نقول : إن كلام الله تعالى ككلامنا ، يعني أن صوته بالقرآن كأصواتنا ، كلا ، لكنه يتكلم بالحروف التي نتكلم بها ، فهذا القرآن الذي بين أيدينا هو الحروف التي نكون منها كلامنا وهو كلام الله عز وجل المعنى واللفظ ، كله كلام الله، هذا هو ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وأئمة أهل السنة : " أن القرآن كلام الله وأنه منزل من عنده وأن الله تكلم به حقيقة وأنه تلقاه عنه جبريل ثم نزل به على قلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ، قال الله تعالى : (( إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مُطاع ثَم أمين )) : فهو أمين أعني جبريل عليه الصلاة والسلام ، نزل به على أمين البشر ، جبريل أمين الملائكة ومحمد أمين البشر وكلاهما أمين على وحي الله عز وجل .
هذا القرآن له فضائل عظيمة : فضائل عامة وفضائل في آيات وسور خاصة ، مثلا الفاتحة هي السبع المثاني وهي أم الكتاب ، آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله وهلم جرا ، فيه آيات أو سور لها فضائل خاصة ، أما القرآن عموما فله أيضًا فضائل عامة ، وهذا يوجب لنا أن نحرص غاية الحرص على تلاوة كتاب الله عز وجل ليلا ونهارا ، لأن الإنسان إذا تلا كلام الله صار له بكل حرف عشر حسنات ، كل حرف ، الحرف الواحد من الكلمة له فيه عشر حسنات فمثلا : (( قل )) هذه فيها عشرون حسنة لأنها حرفان القاف واللام ، (( أعوذ )) : هذه أربعة أحرف فيها أربعين حسنة ، يعني ثواب جزيل ما يتصوره الإنسان إذا قرأ هذا الكتاب العزيز العظيم الذي : (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )) .
وينبغي للإنسان إذا قرأ القرآن أن يترسل فيه ، وألا يتعجل عجلة توجب سقوط بعض الحروف ، فإن بعض الناس يهذُّه هذَّاً حتى يسقط بعض الحروف ، هذا ما تلاه كما أُنزل ، لا بد من بيان الحروف لكن التجويد المصطلح عليه ليس بواجب ، التجويد المصطلح عليه في كتب التجويد هذا ليس بواجب ، لكنه من كمال تحسين الصوت ، الواجب ألا تسقط حرفا من الحروف ، ولا شدة من الشدات ، وأما قواعد التجويد المعروفة فهي من باب التحسين والتكميل ، وليست من باب الواجبات ، ولهذا يضعَّف القول بأن التجويد واجب ، وأن من لم يجود القرآن آثم ، فإن هذا قول ضعيف جدًا ضعيف ، بل يقال : القرآن أمره ولله الحمد بيِّن واضح لا تسقط حرفا من حروفه ، وأما مراعاة قواعد التجويد فليست بواجبة لكنها من باب تحسين الصوت بالقرآن .
واعلموا أن القرآن أول ما نزل نزل على سبعة أحرف مو على حرف واحد ، لأن الناس عرب من قبائل متعددة ولهجات مختلفة ، وتعرفون إن الواحد إذا أراد أن يتكلم بلهجة غيره يصعب عليه ويشق عليه ، فكان من رحمة الله عز وجل أن جعل القرآن على سبعة أحرف ، كل يقرأ بلهجته من العرب ، بقي على هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كله وفي عهد أبي بكر وفي عهد عمر ، في عهد عثمان صار الناس يقرؤون على لهجاتهم ، فصار في هذا اختلاف ، واللغة القرشية كانت غلبت على جميع اللهجات بعد أن تطور الإسلام وصارت الدولة كل خلفائها من قريش غلبت اللغة القرشية ، غلب حرف قريش على جميع اللغات ، فلما خاف أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه أن يختلف الناس في كلام الله ، وأن تؤدي هذه الأحرف السبعة إلى شقاق ونزاع أمر رضي الله عنه أن يوحد القرآن على حرف واحد ، ألا وهو حرف قريش ، أي : لغة قريش ، فجمع القرآن على حرف واحد على لغة قريش ، وهو الذي نقرأ به الآن ، ثم أمر بسائر المصاحف فأحرقت ، أحرقوها لئلا تبقى فيفتتن الناس بها ، فكان في ذلك مصلحة عظيمة وفضيلة لأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه لا تنسى ، فنسأل الله تعالى أن يجزيه عن المسلمين خيرا ، وأحث نفسي وإياكم على تلاوة كتاب الله ، لا تتركوا القرآن ، لو بالشهر مرة تقرؤه كله أو بالشهر مرتين أو بالشهر أربع مرات أو بالشهر عشر مرات ، وهذا أدنى ما يكون من الكمال أن تحفظه كل ثلاثة أيام ، هذا أفضل ما يكون ، وإن رأيت أو لم يتيسر لك إلا في الأسبوع مرة ، أو في عشر أيام مرة ، أو في الأسبوعين مرة أو في ثلاثة أسابيع مرة أو في الشهر مرة ، المهم لا تهجر القرآن ، لا تهجره لأنه كلام ربك عز وجل ، ولا يزيدك إلا نورا في القلب وبصيرة في العلم ، والله الموفق .
شرح حديث عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ). رواه مسلم. وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب الفضائل : باب فضل قراءة القرآن :
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ) رواه مسلم .
وعن النَّواس بن سمعان رضي الله عنه ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا ، تَقدُمُه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب الفضائل : باب فضل قراءة القرآن " : هكذا في * رياض الصالحين * للنووي رحمه الله ، وقد سبق لنا شيء من الكلام على ذلك في الدرس الماضي .
أما اليوم فعن أبي أمامة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( اقرؤوا القرآن ) ، ( اقرؤوا القرآن ) : فأمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقراءة القرآن وأطلق ، فقراءة القرآن مستحبة كل وقت وعلى كل حال إلا إذا كان الإنسان على حاجته يعني يبول أو يتغوط فلا يقرأ القرآن ، لأن القرآن محترم معظم فلا يقرأ في هذه الحال ، وكذلك إذا كان الإنسان مع أهله حالة جماعه فإنه لا يقرأ القرآن ، لكنه يقول عند جماعه : ( بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ) : إذا كان يوم القيامة جعل الله سبحانه وتعالى ثواب هذا القرآن شيئًا قائمًا بنفسه ، شخصًا يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه ، يشفع لهم عند الله سبحانه وتعالى ، فإن فإن القرآن إذا تلاه الإنسان محتسباً فيه الأجر عند الله فله بكل حرف عشر حسنات ، ومثله حديث النَّواس بن سمعان رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أخبر أن من قرأ القرآن وعمل به ، فإنه يأتي يوم القيامة يتقدمه سورة البقرة وآل عمران يحاجان عن صاحبهما يوم القيامة ) : ولكن الرسول قيد في هذا الحديث قراءة القرآن بالعمل به ، لأن الذين يقرؤون القرآن ينقسمون إلى قسمين : قسم لا يعملون بالقرآن ، فلا يؤمنون بأخباره ولا يعملون بأحكامه ، هؤلاء يكون القرآن حجة عليهم .
وقسم آخر : يؤمنون بأخباره ويصدقون بها ، ويعملون بأحكامه فهؤلاء يكون القرآن حجة لهم ، يحاج عنهم يوم القيامة ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( القرآن حجة لك أو عليك ) .
وفي هذا دليل على أنَّ أهم شيء في القرآن العمل به ، ويؤيد هذا قوله تبارك وتعالى : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب )) : ليدبروا آياته يعني : يتفهموا معانيها ، وليتذكر أولو الألباب : يعني يعملون بها ، وإنما أخر العمل عن التدبر ، لأنه لا يمكن عمل بلا تدبر إذ أن التدبر يحصل به العلم والعمل فرع عن العلم .
فالمهم أن هذا هو الفائدة من إنزال القرآن : أن يُتلى ويعمل به ، يؤمن بأخباره ويعمل بأحكامه ، يمتثل أمره ويجتنب نهيه ، فإذا كان يوم القيامة فإنه يحاج عن أصحابه يوم القيامة ، وفي هذا دليل على أن الترتيب بين سورة البقرة وآل عمران والنساء هو على ما في المصحف الآن ، يعني البقرة ثم آل عمران ثم النساء ، وأما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقرأ بالبقرة ثم بالنساء ثم بآل عمران ) : فإن هذا نسخ بالترتيب الأخير ، حيث جُعلت آل عمران قبل النساء ، ولهذا اتفق الصحابة رضي الله عنهم على أن آل عمران بعد سورة البقرة فهي بينها وبين سورة النساء ، والله الموفق .
2 - شرح حديث عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ). رواه مسلم. وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ). رواه البخاري. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ). متفق عليه.
" عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) رواه البخاري .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- فيما نقله في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل قراءة القرآن " : عن عثمان ين عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) : الخطاب للأمة عامة ، فخير الناس من جمع بين هذين الوصفين : من تعلم القرآن وعلم القرآن ، تعلمه من غيره ، وعلمه غيرَه ، والتعلم والتعليم يشمل التعلم اللفظي والمعنوي ، فمن حفَّظ القرآن يعني : صار يعلم الناس القرآن تلاوة ويحفظهم إياه فهو داخل في التعليم ، وكذلك من تعلم القرآن على هذا الوجه فهو داخل في التعلُّم ، وبه نعرف فضيلة الحلق الموجودة الآن في كثير من البلاد ولله الحمد ، في المساجد حِلق يتعلم الصبيان فيها كلام الله عز وجل ، فمن ساهم فيها بشيء فله أجر ، ومن دخل أولاده فيها فله أجر ومن تبرع وعلم فيها فله أجر ، كلهم داخلون في قوله : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) .
والنوع الثاني : التعليم المعنوي ، يعني تعليم التفسير : أن الإنسان يجلس للناس يعلمهم تفسير كلام الله عز وجل ، كيف يُفسر القرآن ، والقرآن كما نعلم متشابه ، تجد أحيانا بعض الآيات تتكرر بلفظها مثل : (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) هذه تكررت بلفظها في سورتين ، في سورة التوبة وفي سورة التحريم ، وكذلك كثير من الآيات يتكرر ، فالقرآن متشابه ، فإذا علّم الإنسان غيره كيف يفسر القرآن ، وأعطاه القواعد في تفسير القرآن فهذا من تعليم القرآن ، وليُعلم أن القرآن الكريم ليس كغيره من الكتب من حيث التفسير ، يعني أنه لا يجوز للإنسان أن يفسر القرآن بهواه ، ويحمل الآيات على ما يريده هو كما يفعل أهل الإلحاد بآيات الله عز وجل من أهل التعطيل وغيرهم ، يحملون الآية على غير ما أراد الله ، مثلا يقول في قول الله تعالى : (( وجاء ربك والملك صفًا صفًا )) يقول : وجاء أمر ربك ، هذا حرام لا يجوز ، لأن الذي يفسر القرآن إنما يشهد على الله أنه أراد كذا ، وهذه عظيمة ما هي هينة ، لو كنت تفسر كلام عالم من العلماء لعد ذلك جناية إذا فسرته بما يريد أنت فكيف بكلام رب العالمين !
ولهذا جاء في الحديث : ( من قال في القرآن برأيه فيتبوأ مقعده من النار ) ، فالواجب أن الإنسان يتحرز من أن يقول معنى الآية كذا وكذا وهو لا يدري، لكن إذا كان طالبَ علم وتكلم في معنى الآية عند من هو أعلم منه على أساس أنه سيرشده إذا أخطأ ، فلا بأس ، ومن ذلك ما يلقى في الاختبارات ، يُلقى للطالب مثلا فسر الآية كذا وكذا ، فيكون الطالب ليس عنده في تلك الساعة استحضار لمعناها ، فهل يفسرها بما عنده نقول : نعم لأن هذا يختبر ، وإذا أخطأ فعنده من ينبهه ، لكن يتحرى الصواب ، أما الإنسان الذي يفسر لا على هذا الوجه وهو ليس عنده علم فإنه لا يجوز له أن يقدم على هذا ، لأن كلام الله عز وجل ليس كغيره .
أما حديث عائشة رضي الله عنها ففيه : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر : ( أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ) : الماهر الذي يجيد القرآن ، يتقنه ، هذا مع السفرة الكرام البررة ، وهؤلاء السفرة الكرام البررة هم الملائكة كما قال تعالى : (( في صحف مكرمة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة )) فالماهر مع الملائكة .
وأما الذي يتتعتع في القرآن ويتهجاه وهو عليه شاق فله أجران : الأجر الأول أجر التلاوة ، والأجر الثاني أجر التعب ، أجر التعب والمشقة ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة : ( أجرك على قدر نصبك ) يعني على قدر تعبك ، فالذي يتتعتع في القرآن ويشق عليه فله أجران : أجر التلاوة وأجر قراءة القرآن ، لكن الأول أفضل منه ، لأن الأول مرتبته عظيمة ، وفرق بين إنسان له مرتبة عالية وإنسان دون ذلك لكن له أجر ، ونضرب مثلا لهذا والثواب ليس له نظير ، لكن لو أن رجلا له شرف وسيادة ومنزلة عالية في الناس ، لكن دراهمه قليلة ، وإنسان آخر وضيع بين الناس ليس له قيمة لكن عنده دراهم كثيرة ، الأول أفضل ، فالمهم أن الماهر بالقرآن المجيد فيه مع السفرة الكرام البررة .
وأما الذي يتلو القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران ، إذًا تالي القرآن ليس بخاسر مهما كان ، رابح على كل حال ، والله الموفق .
3 - شرح حديث عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ). رواه البخاري. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل قراءة القرآن : " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثلُ المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجَّة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مُر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مُرّ ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذا الحديث ساق المؤلف -رحمه الله- في باب فضل قراءة القرآن في * رياض الصالحين * في بيان أقسام الناس بالنسبة للقرآن :
أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أمثلة للمؤمن والمنافق ، المؤمن : إما أن يكون قارئا للقرآن أو غير قارئ ، فإن كان قارئا للقرآن فمثله كمثل الأترجة يعني الترنج : ريحها طيب وطعمها طيب ، فهذا المؤمن الذي يقرأ القرآن : لأن نفسه طيبة وقلبه طيب ، وفيه خير لغيره ، الجلسة معه خير ، وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كمثل حامل المسك إما أن يبيعك أو يَحذيك أو تجد منه رائحة طيبة ) ، فالمؤمن الذي يقرأ القرآن كله خير ، في ذاته وفي غيره ، فهو كالأترجة لها رائحة طيبة ذكية ، وطعمها طيب .
أما المؤمن الذي لا يقرأ القرآن فهو كمثل التمرة ، طعمها حلو ولكنه ليس لها رائحة كرائحة الأترجة ، يعني ليس لها رائحة ذكية بينة ، لا ريح لها ، ونفى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ريحها ، لأنه ليس بريح ظاهر بين وإن كان كل شيء له رائحة ، لكن ليست رائحتها ذكية تجذب الناس ، لكنها حلوة طيبة هذا المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ، إذًا فالمؤمن القارئ للقرآن أفضل بكثير من المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ، ومعنى لا يقرؤه : يعني لا يعرفه ولم يتعلمه .
ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ، لها رائحة طيبة لكن طعمها مُر ، لأن المنافق في ذاته خبيث لا خير فيه ، والمنافق : هو الذي يظهر أنه مسلم ولكنه ولكن قلبه كافر والعياذ بالله ، هو الذي قال الله فيه : (( ومن الناس يقول آمنا بالله وباليوم الأخر وما هم بمؤمنين * يُخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضًا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )) .
يوجد منافقون يقرؤون القرآن قراءة طيبة مرتلة مجودة لكنهم منافقون والعياذ بالله ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الخوارج : ( يقرؤون القرآن لا يتجاوز حناجرهم ) : هؤلاء والعياذ بالله ضرب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهم مثلا بالريحانة ريحها طيب ، وذلك بما معهم من القرآن ، وطعمها مُر ، وذلك لخبث طويتهم وفساد نيتهم .
المنافق الذي لا يقرأ القرآن ضرب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له مثلا بالخنظلة ، الشرية طعمها مُر وليس لها ريح ، هذا المنافق الذي لا يقرأ القرآن ، لا خير فيه : طعمه مُر وليس معه قرآن ينتفع الناس به ، هذه أقسام الناس بالنسبة لكتاب الله عز وجل ، فاحرص يا أخي المسلم على أن تكون من المؤمنين الذين يقرؤون القرآن ويتلونه حق تلاوته حتى تكون كمثل الأترجة ، رائحة طيبة ، وطعم طيب ، والله الموفق .
4 - شرح حديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ). رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا حسدَ إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالًا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل قراءة القرآن :
فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين ) : يعني معناه أن هذا القرآن يأخذه أناس يتلونه ويقرؤونه ، فمنهم من يرفعه الله به في الدنيا والآخرة ، ومنهم من يضعه الله به في الدنيا والآخرة ، فمَن هذا ومن هذا ؟
مَن عمل بهذا القرآن تصديقا بأخباره وتنفيذا لأوامره واجتنابا لنواهيه واهتداء بهديه وتخلُقا بما جاء فيه من الأخلاق وكلها أخلاق فاضلة ، فإن الله تعالى يرفعه به في الدنيا والآخرة ، وذلك لأن هذا القرآن هو أصل العلم ومنبع العلم وكل العلم ، وقد قال الله تعالى : (( يرفعِ الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) .
أما في الآخرة فيرفع الله به أقوامًا في جنات النعيم ، يرفع درجاتهم في جنات النعيم ويقال للقارئ : ( اقرأ ورتل واصعد ) : وله إلى منتهى قراءته صعودا في الجنة ، نسأل الله من فضله .
وأما الذين يضعهم الله به : فقوم يقرؤونه ويحسنون قراءته لكنهم يستكبرون عنه والعياذ بالله ، لا يصدقون بأخباره ولا يعملون بأحكامه ، يستكبرون عنه عملا ، ويجحدونه خبرا ، إذا جاءهم شيء من القرآن قصص عن الأنبياء السابقين أو غيرهم أو عن اليوم الآخر أو ما أشبه ذلك صاروا والعياذ بالله يشككون في ذلك ، ولا يؤمنون ، بل في قلوبهم مرض مرتابون والعياذ بالله ، وربما تصل بهم الحال إلى الجحد ، مع أنه يقرأ القرآن وفي الأحكام يستكبرون عن أحكامه : لا يقومون بأمره ولا ينتهون عن نهيه ، هؤلاء والعياذ بالله يضعهم الله في الدنيا وفي الآخرة ، ولا بد أن يكون أمرهم خساراً ، حتى لو فُرض أنه أن الدنيا زانت لهم وتزخرفت فإن مآلهم إلى الخسار والعياذ بالله ، ولكن ربما يُمهَل له ويملى لهم وتنفتح عليهم الدنيا ، ولكنه كلما انفتح عليهم شيء من زهرة الدنيا ، فإنهم لا يزدادون به إلا خسارا والعياذ بالله ، (( ويوم يُعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تُجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون )) : يعني ربما يُملي الله تعالى للكافر الجاحد المستكبر وتزدان له الدنيا لكنه لا يزيده ذلك إلا إثما وخساراً في الآخرة والعياذ بالله ، فالحذر الحذر أن تكون من القسم الثاني الذين يضعهم الله تعالى بهذا القرآن ، كن من القسم الأول الذين يرفعهم الله تعالى بالقرآن ، جعلنا الله وإياكم منهم .
5 - شرح حديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ). متفق عليه.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب فضل القرآن في كتاب * رياض الصالحين * :
فيما نقله عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لا حسد إلا في اثنتين ) الحسد قال العلماء : إن معناه هنا الغبطة ، يعني لا شيء فيه غبطة إلا في هذين الثنتين ، وذلك أن الناس يغبط بعضهم بعضًا في أمور الدنيا وفي أمور الآخرة ، فتجد مثلا بعض الناس يغبط هذا الرجل حين أعطاه الله المال والأولاد والأهل والقصور والسيارات وما أشبه ذلك ، يقول هذا هو الحظيظ ، الحظيظ ، هذا هو المغتبط وما أشبه ذلك ، يحسد يغبط بعض الناس على ما آتاه الله من الصحة - يرحمك الله - على ما آتاه الله من الصحة وسلامة البنية وغير ذلك يقول : هذا هو الحظيظ ، يغبطه على أنه له شرف وجاه في قومه إن قال سُمع وإن عمل اتُبع فيقول هذا هو الحظيظ ، لكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أن الحظيظ الذي يُغبط من حصل على إحدى هاتين المسألتين : الأولى : ( آتاه الله تعالى الحكمة القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ) : آتاه الله القرآن ، حفظ القرآن وفهم القرآن وعمل بالقرآن آناء الليل والنهار ، يقوم به ، يفكر ماذا قال الله عز وجل عن الصلاة فيقول : إن الله قال : (( أقيموا الصلاة )) فيقيمها ، ماذا قال عن الزكاة ؟ قال : إن الله يقول : (( آتوا الزكاة )) فيؤتيها ، ماذا قال الله عن الوالدين ؟ قال الله تعالى : (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا )) ، ماذا قال عن صلة الأرحام ؟ (( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل )) ، فيصل رحمه ، ماذا قال عن الجيران ؟ قال الله تعالى : (( والجار ذي القربى والجار الجنب )) وإلى آخره ، فتجده يقوم بالقرآن آناء الليل والنهار ، هذه هي الغبطة، وهي الغنيمة وهي الحظ لأن هذا يبقى .
والثاني رجل آتاه الله المال : يعني أعطاه الغنى صار غنيا ، فهو ينفق المال آناء الليل وآناء النهار : ينفقه يعني في سبيل الله ، فيما يرضي الله عز وجل ، أي شيء يرضي الله ينفق ماله فيه : في بناء المساجد ، في الصدقات على الفقراء ، في إعانة المجاهدين ، في إعانة الملهوفين وغير ذلك ، المهم لا يجد شيئا يقرب إلى الله إلا بذل ماله فيه ليلا ونهارا ليس ممسكا وليس مبذرا ، ليس ممسكا فيبخل ، ولا مبذرا فيغلو ويزيد ، بل هو ينفقه لله وبالله وفي الله مخلصا لله مستعينا به متمشيا على شرعه ، هذا هو الذي يغبط .
أما الذي عنده شيء من الدنيا حظ من الدنيا ، أموال يتمتع بها كما تتمتع البهيمة بالعلف ثم يذهب عنها ، هذا ليس محسودا ولا يحسد على هذا ، لأن هذا المال تالف أو متلوف عنه ، لكن الذي ينفق ماله في سبيل الله هذا هو الذي يُغبط .
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يقوم بالقرآن آناء الليل والنهار ، دائما يجعل أعماله كلها مبنية على القرآن ، يتمشى بهدي القرآن ، وأنه ينبغي لمن آتاه الله المال أن يؤدي حقه ويقوم بواجبه وينفقه حيث كان إنفاقه خيرا ، والله الموفق .
6 - شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرس مربوط بشطنين، فتغشته سحابة فجعلت تدنو، وجعل فرسه ينفر منها. فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك فقال: ( تلك السكينة تنزلت للقرآن ). متفق عليه.
فلما أصبح أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك فقال : تلك السكينة تنزلت للقرآن ) متفق عليه .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول: ألم حرف، ولكن : ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل قراءة القرآن ، ما يدل على فضل قراءة القرآن من الأحاديث السابقة واللاحقة ، فمن ذلك :
حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رجلا كان يقرأ في سورة الكهف : وسورة الكهف هي السورة التي بين سورة الإسراء ومريم ، هذه السورة من فضائلها : أن الإنسان إذا قرأها يوم الجمعة أضاء له مِن النور ما بين الجمعتين ، وفيها قصص وعِبَر قصها الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وكان هذا الرجل يقرأ القرآن فغشيه : يعني غطاه شيء مثل الظلة كأنه غمامة ، كلما قرأ نزل ، كلما قرأ نزل من فوق ، وجعلت الفرس وهي مربوطة بشطنين : جعلت تميل تنفر من هذا الذي رأته ، فلما أُخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( تلك السكينة نزلت لقراءة القرآن ) : لأن السكينة تنزل عند قراءة القرآن إذا قرأه الإنسان بتمهل وتدبر ، فإن السكينة تنزل حتى تصل إلى قلب القارئ ، فيُنزل الله السكينة في قلبه ، وهذه القصة من كرامات الأولياء ، الأولياء لهم كرامات ، لكن ليس لكل ولي كرامة وإنما يؤتي الله سبحانه وتعالى بعض أوليائه كرامة تثبيتا له وتصديقا لما كان عليه من الحق ، وهي يعني الكرامات أمور خارقة للعادة ، يعني لا تأتي على وفق العادة ، خارقة للعادة يجريها الله عز وجل على يد بعض أوليائه تكريما له وتثبيتًا له وتصديقا لما هو عليه من الحق ، وهي في نفس الوقت معجزة للرسول الذي يتبعه هذا الولي ، وقد ذكر العلماء رحمهم الله : " أن الخوارق ثلاثة أقسام ، يعني الأشياء التي تخرج عن العادة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
قسم آيات للأنبياء ، وقسم كرامات للأولياء ، وقسم إهانات من الشياطين يجريها الله على خلاف العادة على أيدي الشياطين والعياذ بالله " ، وعلامة ذلك أن الذي تحصل له هذه الخوارق : إما أن يكون نبيا أو وليًا للرحمن أو وليًا للشيطان .
ومن المعلوم أنه بعد وفاة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن تكون كرامة معجزة أبدًا لأن النبوة انقطعت ، (( ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) .
تبقى الكرامات وبقي الأحوال الشيطانية والشعوذات والسحر وما أشبه ذلك .
الكرامات علامتها : أن أن يجريها الله عز وجل على يد رجل صالح من أولياء الله ، وأولياء الله هم المؤمنون المتقون ، كما قال تعالى : (( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون )) : فإذا جرى شيء خارق للعادة على يد رجل صالح مؤمن تقي معروف بالخير قيل هذه كرامة .
القسم الثالث : السحر والأحوال الشيطانية ، وهذه تجري على الطواغيت وأولياء الشياطين ، الذين يدعون أنهم أولياء ويلعبون بعقول السفهاء وعقول العامة ، تجد الإنسان يكبر عمامته ويوسع كُمَّه ويطيل لحيته ويعرك جبهته على الأرض ليظهر عليها أثر السجود وما أشبه ذلك من اللعب بعقول الناس ، ثم يستخدم الشياطين لأغراضه الخاصة ، فتخدمه ، تقرب له البعيد ، وربما تحمله في الهواء ويطير في الهواء ، حتى إنَّ رؤي بعضهم في بيته في أول يوم عرفة ثم حملته الشياطين حت أدرك الناس بعرفة .