شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في: قل هو الله أحد: ( إنها تعدل ثلث القرآن ). رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب هذه السورة: قل هو الله أحد، قال: ( إن حبها أدخلك الجنة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس ). رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا، أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الحث على سور وآيات مخصوصة : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( في قل هو الله أحد : إنها تعدل ثلث القرآن ) رواه مسلم .
وعن أنس رضي الله عنه : ( أن رجلاً قال : يا رسول الله إني أحب هذه السورة : قل هو الله أحد، قال : إنَّ حبها أدخلك الجنة ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
وعن عُقبة بن عامر رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألم ترَ آيات أنزلت هذه الليلة لم يُر مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس ) رواه مسلم .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : ( كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان ، حتى نزلت المعوذتان ، فلما نزلتا ، أخذ بهما وترك ما سواهما ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مِن القرآن سورة ثلاثون آية ، شفعت لرجل حتى غُفر له وهي : تبارك الذي بيد الملك ) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن .
وفي رواية أبي داود : ( تشفع ) .
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قرأ بالآيتين مِن آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب الحث على سور وآيات معينة من القرآن : ما سبق في سورة الفاتحة ، وسورة الإخلاص ، وقد تقدم الكلام عليهما ، ومن ذلك المعوذتان : فإن المعوذتين وهما : (( قل أعوذ برب الفلق )) و (( قل أعوذ برب الناس )) ما تعوذ بهن متعوذ عن إيمان وصدق إلا أعاذه الله عز وجل .
أما سورة الفلق فيقول الله عز وجل : (( قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق )) : يعني قل أيها الإنسان مستعيناً بربك (( أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق )) الفلق : فلق الصبح ، وفلق الحب والنوى ، قال الله تعالى : (( فالق الإصباح )) وقال : (( إن الله فالق الحب والنوى )) : فهو عز وجل رب الفلق ، لا يستطيع أحد أن يفلق شيئا من هذه التي ذكرها الله إلا الله عز وجل ، (( من شر ما خلق )) أي : كل ما خلق ، ومنهم أي : مما خلق نفسك ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ) ، والنفس أمارة بالسوء فتستعيذ بالله من شر ما خلق أي : من شر كل ما خلق من الإنس والجن والنفس وغير ذلك . (( ومن شر غاسق إذا وقب )) : الغاسق الليل ، لأن الليل تكثر فيه الهوام وتخرج فيه السباع ، وتكون فيه الشرور ، فتستعيذ بالله من شر الليل الغاسق ، إذا وقب يعني : إذا دخل .
(( ومن شر النفاثات في العقد )) يعني : الساحرات اللاتي ينفثن في العقد يسحرن الناس ، ونص على النساء وإن كان السحر يكون في النساء وفي الرجال ، لأنه هو الغالب فيهن ، ويجوز أن يكون المراد النفاثات : يعني النفوس النفاثات فتشمل الرجال والنساء .
(( ومن شر حاسد إذا حسد )) : هذه العين ، صاحب العين والعياذ بالله الشرير الذي لا يحب الخير للغير ، تجده إذا منَّ الله على أحد بشيء من مال أو جاه أو علم أو ولد أو زوجة أو غير ذلك يخرج من نفسه الخبيثة كما يخرج السهم ، فيُصيب الرجل ، وهذا السهم ما يُدرى عنه خفي لكن تفز نفسه والعياذ بالله لأنها خبيثة ، لا تحب الخير للغير ، فيصاب الإنسان بالعين ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لو سبق القضاء شيءٌ أو قال القدر لسبقته العين ) ، فالعين تُدرك وهي حق ، حتى قال بعض العلماء إنها هي المرادة بقوله تعالى : (( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر )) .
(( ومن شر حاسد )) ثم قال : (( إذا حسد )) : لأن الحاسد قد لا يحسد ، العائن مهو يصيب كل إنسان ، لكن إذا حسد والعياذ بالله تعدى شره غيره يعني : تعدى إلى غيره .
ويجوز أن يكون المراد بالآية الحاسد العائن والحاسد غير العائن ، لأن بعض الناس حسود والعياذ بالله ، يحسد ما يحب الخير للغير ، والحسد هو كراهة ما أنعم الله به على غيرك ، أن تكره ما أنعم الله به على غيرك ، وإن كنت لا تتمنى زواله ، فإن تمنيت زواله صار أشد والعياذ بالله .
والحاسدون -نسأل الله العافية- لا يحرقون إلا أنفسهم ، الحاسد يحترق كلما أنعم الله على عباده نعمة احترق قلبه ، ليش فلان يجيب كذا وليش فلان يصير كذا ؟ !
فهذا الحاسد والعياذ بالله أحيانا إذا حسد بغى ، إذا صار بقلبه هذا الحسد هذا الجمرة والعياذ بالله بغى على الغير ، واعتدى عليهم ، مثلا افرض أن إنسان منّ الله عليه بمال ، منَّ الله عليه بمال وصار ينفقه في سبيل الله ، فيه رجل حسود والعياذ بالله قلبه محترق : أن الله أنعم على هذا الرجل بالمال وجعل ينفقه في سبيل الله فتجده مثلا يتحدث في المجالس كلما أثني على هذا الرجل قال : لا هذا مرائي ، هذا مرائي ما قصده وجه الله والدار الآخرة .
إذا منَّ الله على إنسان بعلم أيضا وصار له قبول عند الناس صار والعياذ بالله يحسد ، يحب أن يخفي ما أنعم الله به على الإنسان وهلم جرّا .
والحسد والعياذ بالله من كبائر الذنوب ، وقد ذم الله اليهود عليه فقال : (( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )) : فالفضل لله مهو لك يؤتيه من يشاء ، تحسد الناس إذا أعطاهم الله من فضله ؟!
أنت إذا فعلت ذلك جنيت على من أعطاه الله الفضل ، واعتديت على حق الله عز وجل ، كأنك تقول : ليش تعطي هذا الرجل هذه النعمة ؟ فتحسد .
هذه سورة الفلق ، ويأتي إن شاء الله الكلام على سورة الناس ، والمهم أن الإنسان ينبغي له أن يتعوذ بهاتين السورتين .
وذكر الترمذي -رحمه الله- ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ومن عين الإنسان ، حتى نزلت (( قل أعوذ برب الفلق )) و(( قل أعوذ برب الناس )) فصار يتعوذ بهما وترك ما سواهما ) ، والله الموفق .
1 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في: قل هو الله أحد: ( إنها تعدل ثلث القرآن ). رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب هذه السورة: قل هو الله أحد، قال: ( إن حبها أدخلك الجنة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس ). رواه مسلم. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا، أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. أستمع حفظ
شرح حديث وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ). رواه مسلم. وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ ) قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فضرب في صدري وقال: ( ليهنك العلم أبا المنذر ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الحث على سور وآيات مخصوصة : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) رواه مسلم .
وعن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا المنذر أتدري أيَّ آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، فضرب في صدري وقال : لِيهنِك العلم أبا المنذر ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه أحاديث في بيان فضل آيات أو سور من القرآن الكريم ، منها سورة البقرة :
سورة البقرة نقل المؤلف -رحمه الله- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ) قال العلماء : " معنى ذلك لا تتركوا الصلاة فيها " : يعني صلوا في بيوتكم وإنما سمى عدم الصلاة في البيوت سماه مقابر أي : سمى البيوت مقابر إذا لم يصل فيها ، لأن المقبرة لا تصح الصلاة فيها ، كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ) .
فالمقبرة لا تصح فيها صلاة النافلة ولا صلاة الفريضة ولا سجدة التلاوة ولا سجدة الشكر ولا أي شيء من الصلوات ، إلا صلاة واحدة وهي : صلاة الجنازة ، إذا صُلي على الجنازة في المقبرة فلا بأس سواء كان ذلك قبل الدفن أم بعد الدفن ، لكن بعد الدفن لا يُصلى عليها في أوقات النهي ، يعني مثلا لو جئت لحضور جنازة بعد صلاة العصر ووجدت أنهم قد دفنوها فلا تصل عليها ، لأنه يمكنك أن تصلي في وقت آخر غير وقت النهي ، كالضحى مثلا ، وأما إذا جئت وهم لم يدفنوها ، لكن قد وضعت في الأرض للدفن ، فلا بأس أن تصلي عليها ولو كان ذلك بعد العصر ، لأنها في هذه الحال تكون صلاة لها سبب ، والصلاة التي لها سبب ليس عنها وقت نهي .
ثم أخبر صلى الله عليه وسلم : ( أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) : يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة فإن الشيطان ينفر منها من البيت ولا يقربه ، والسبب أن في سورة البقرة آية الكرسي ، ويدل لهذا ما بعد الحديث الذي ذكره المؤلف : حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أيَّ آية في كتاب الله أعظم ؟ قال : آية الكرسي ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على صدره وقال : ليهنك العلم يا أبا المنذر ) : يعني هنأه حيث عَلِم أن أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي ، لأن هذه الآية مشتملة على عشر صفات من صفات الله عز وجل ، يقول عز وجل : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) ففي هذا إخلاص التوحيد لله عز وجل ، (( الله لا إله إلا هو )) : ومعنى لا إله إلا هو أي : لا معبود حق إلا هو جل وعلا ، فجميع المعبودات من دون الله معبودة بغير حق ، حتى وإن سُميت آلهة فإنما هي أسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان .
(( الحي القيوم )) : يعني الكامل في حياته وفي قيوميته ، فهو الحي الكامل في حياته ، لم يَسبق حياته عدم ، ولا يلحقها فناء ، لأنه الأول الذي ليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء ، قال الله عز وجل : (( كلُّ من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) : قال بعض السلف : " ينبغي لمن قرأ بهذه الآية (( كل من عليها فان )) ألا يقف بل يقول (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) لأجل أن يتبين بذلك نقص المخلوقات ، وكمال الخالق جل وعلا " ، فهو سبحانه وتعالى الحي الكامل في حياته ، كذلك حياته لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه ، وحياة غيره كلها نقص ، انظر حياتك أنت الإنسان : إن جئت بالسمع سمعك ناقص لا تسمع كل شيء ، البصر كذلك ، الصحة كذلك ، ما أكثر الأمراض التي تصيب الناس ، وهكذا بقية صفات الحياة ناقصة ، أما الرب عز وجل فهو كامل الحياة .
القيوم معناها : " القائم بنفسه القائم على غيره " : يعني معنى القائم بنفسه يعني أنه لا يحتاج لأحد عز وجل : (( ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) ، (( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضي لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم )) هو غني ، وفي الحديث القدسي أنه قال جل وعلا : ( إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ) : فهو قائم بنفسه لا يحتاج لأحد ، قائم على غيره : كل من سواه فإن القائم عليه هو الله عز وجل ، قال الله تعالى : (( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت )) : يعني كمن لا يملك شيئًا ! والقائم على كل نفس بما كسبت : هو الله عز وجل .
إذًا معنى القيوم له معنيان ما هما ؟ سامي !
القائم على غيره ، القائم بنفسه : يعني لا يحتاج لأحد ، القائم على غيره : يعني كل شيء محتاج إلى الله عز وجل .
(( لا تأخذه سنة ولا نوم )) السِنة : النعاس وهو مقدمة النوم والنوم معروف ، الله عز وجل لا تأخذه سِنة ولا نوم ، والإنسان تأخذه السنة ويأخذه النوم ، اختار أم لم يختر ، أحيانا ينام الإنسان وهو يصلي ما يقدر ، ينعس وهو يكلم الناس ، ما يقدر ، لكن الرب عز وجل لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته سبحانه وتعالى وكمال قيوميته .
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ) : لا ينام ولا ينبغي له أن ينام : يعني مستحيل غاية الاستحالة أن ينام عز وجل ، لأنه كامل الحياة ، كامل القيومية ، من يقوم على الخلق لو نام الخالق ؟! لا أحد ، فهو جل وعلا لا تأخذه سنة ولا نوم ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه الآية ، والله أعلم .
2 - شرح حديث وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ). رواه مسلم. وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ ) قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فضرب في صدري وقال: ( ليهنك العلم أبا المنذر ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال، وبي حاجة شديدة، فخليت عنه، فأصبحت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله. فقال: ( أما إنه قد كذبك وسيعود ) فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج, وعلي عيال لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك ) البارحة؟ قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته، فخليت سبيله، فقال: ( إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة. فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود، ثم تعود ! فقال: دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هن ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله. قال: ( ما هي ؟ ) قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة ؟ ) قلت: لا، قال: ( ذاك شيطان ). رواه البخاري.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : ( وكَّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إني محتاج وعليَّ عيال، وبي حاجة شديدة ، فخليت عنه ، فأصبحت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ، ما فعل أسيرك البارحة ؟ فقلت : يا رسول الله شكا حاجة وعيالًا ، فرحمته ، فخليت سبيله. فقال : أما إنه قد كذبك وسيعود . فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : دعني فإني محتاج ، وعليَّ عيالٌ ، لا أعود ، فرحمته وخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت : يا رسول الله شكا حاجة وعيالاً فرحمته ، وخليت سبيله ، فقال : إنه قد كذبك وسيعود ، فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ، فقال : دعني ، فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها ، قلت : ما هن ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح ، فخليت سبيله فأصبحت ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟ فقلت : يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله. فقال : ما هي ؟ فقلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) ، وقال لي : لا يزال عليك من الله حافظ ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاثٍ يا أبا هريرة ؟ قلت : لا، قال : ذاك شيطان ) رواه البخاري " .
الشيخ : هذه القصة قصة عجيبة عظيمة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة رمضان ، يعني على الفطرة يحفظها ، وكانوا يجمعونها قبل العيد بيوم أو يومين ، وكان أبو هريرة وكيلًا عليها ، وفي ليلة من الليال جاء هذا الرجل يحثو من الطعام ، فأمسكه أبو هريرة وقال : ( لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخاف وقال : إنه محتاج وذو عيال ، وذو حاجة فرحمه وأطلقه ، فلما أصبح ، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له : ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) : وهذه من آيات الله ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام ليس عنده لكنه علم بذلك عن طريق الوحي ، قال : ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت : يا رسول الله إنه قال : إنه ذو حاجة وذو عيال وإني رحمته وأطلقته ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : كذبك ) : يعني كذب عليك ، ما له عيال ولا له حاجة ، ( وسيعود ، يقول : فعلمت أنه سيعود لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنه سيعود ) : وكان الصحابة رضي الله عنهم يؤمنون بما أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام كما يؤمنون بما يشاهدونه بأعينهم أو أكثر ، يقول : ( فرصدته ، فجاء فجعل يحثو من الطعام ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فاشتكى شكايته الأولى : أنه محتاج وذو عيال فرحمه رضي الله عنه ) ، وإنما رحمه مع أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إنه كذبك ) ، لأن أبا هريرة يعلم حلم النبي عليه الصلاة والسلام وسعة صدره ، وأنه لن يؤنبه وفعلا لم يؤنبه ، ( أطلقه ، فلما أصبح وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره قال : إنه كذبك وسيعود ) ، في المرة الثالثة : ( فرصده وجعل يترقبه فجاءه يأخذ من الطعام فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) : يعني ولا يمكن هذه المرة إلا أن أرفعك ، لأنك قلتَ : لن تعود ثلاث مرات وعدت ، فقال : ( دعني وإني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ، قال : وما هن ؟ قال : آية الكرسي (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) إذا أويت إلى فراشك ) : يعني إذا جيت تنام ، ( فاقرأها ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ) : كلمات يسيرة تحفظك لو جعلت حُراسًا كثيرة مئة حارس ما استطاعوا أن يمنعوا الشياطين عنك ، لكن هذه كلمات يسيرة يحفظك الله بها ، ( فلما أصبح غدا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال له الخبر فقال : إنه صدقك وهو كذوب ) : يعني هذه المرة قوله : إنه إذا قرأت هذه الآية لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، هذا صحيح ، صدقك وهو كذوب .
( أتدري من تخاطب منذ ثلاث ليال ؟ قلت : يا رسول الله لا أعلم . قال : ذلك شيطان ) : شيطان متلبس بصورة آدمي وأن له أولاد ، وفي هذا الحديث من الفوائد فوائد كثيرة .
3 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال، وبي حاجة شديدة، فخليت عنه، فأصبحت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالا، فرحمته، فخليت سبيله. فقال: ( أما إنه قد كذبك وسيعود ) فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج, وعلي عيال لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك ) البارحة؟ قلت: يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته، فخليت سبيله، فقال: ( إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة. فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود، ثم تعود ! فقال: دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هن ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله. قال: ( ما هي ؟ ) قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة ؟ ) قلت: لا، قال: ( ذاك شيطان ). رواه البخاري. أستمع حفظ
تتمة شرح حديث ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ... ).
من المعلوم أن ملوك الدنيا مهما عظم ملكهم يأتي الإنسان ويشفع عندهم بدون أي استئذان ، حتى إن الملك الكبير الملك تشفع عنده زوجته ولا تستأذن منه ، لكن الرب عز وجل لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه ، أكرم عباده عنده لا يشفع إلا بإذن الله ، وهذا دليل على كمال سلطانه عز وجل ، وأنه لكمال سلطانه لا أحد يستطيع يتكلم عنده ولا بالشفاعة التي هي خير إلا بإذنه .
مَن أكرم الخلق من بني آدم عند الله ؟ محمد عليه الصلاة والسلام ، ويوم القيامة لا يمكن يشفع إلا بعد أن يستأذن من الله ، ثم يسجد سجودًا طويلا يفتح الله عليه من المحامد ما لم يفتحه عليه من قبل ثم يشفع ، ومَن دونه من باب أولى ، لا أحد يشفع إلا بإذن الله ، لماذا ؟ لكمال ؟ أجيبوا ! لكمال سلطانه ، لكمال سلطانه عز وجل ، لا أحد يشفع إلا بإذنه .
(( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم )) يعلم الله عز وجل ، (( ما بين أيديهم )) : كل الأمور المستقبلة ، (( وما خلفهم )) : كل الأمور الماضية ، وهذا دليل على كمال علمه عز وجل وأنه محيط بكل شيء ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، فما بين يديك ما تستقبله ولو بلحظة ، وما خلفك ما خلفته ولو بلحظة فمثلا الآن سلامنا من صلاتنا هذه العصر من بين أيدينا ولا من خلفنا ؟
الطالب : من خلفنا .
الشيخ : من خلفنا ، كلماتي الآن أنا أقول : الآن ما بعد الآن فهو مستقبل والآن حاضر وما مضى ماضي من خلف ، فالله عز وجل يعلم كل ما يكون بين أيدينا الحاضر والمستقبل وما خلفنا وهذا يدل على كمال علمه جل وعلا لأن علم غيره ناقص ،
أولا : نجهل كثيرا من الأمور ثم يتجدد لنا العلم .
ثانيا : إذا علمنا الشيء هناك آفة لعلمنا وهي النسيان ، أما علم الله عز وجل فليس فيه نسيان ولا جهل سابق ، كما قال موسى صلى الله عليه وسلم لما قال له فرعون : (( فما بال القرون الأولى )) : يعني خبرنا عنها ويش شأنها ؟ (( قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) : لا يضل : يعني لا يجهل ، ولا ينسى ما مضى ، فعلمنا نحن محفوف بآفتين : آفة سابقة وهي الجهل ، وآفة لاحقة وهي النسيان ، وعلم الله عز وجل خال من ذلك كله . (( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم )) ، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه الآية .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الحث على سور وآيات مخصوصة : " عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا المنذر أتدري أيُّ آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قلت : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) ، فضرب في صدري وقال : لِيهنك العلم أبا المنذر ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذا الحديث ذكره النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب استحباب سور وآيات معينة :
وهو ما دل عليه هذا الحديث مِن فضل آية الكرسي ، أنها أعظم آية في كتاب الله ، وقد سبق الكلام على أكثرها إلى قوله تعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )) : يعني أن الخلق لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ، والعلم هنا بمعنى المعلوم ، يعني أننا لا نحيط بشيء مما يعلمه الله إلا بما شاء الله عز وجل ، وهذا كقوله : (( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا )) .
كذلك أيضا لا نحيط بشيء من علمه أي : من علم ذاته وصفاته إلا بما شاء ، فلا نعلم ما يتعلق بذات الله وأسمائه وصفاته إلا بما شاء ، ولهذا قال العلماء -رحمهم الله- : " إن الأسماء والصفات توقيفية " ، بمعنى أنه يتوقف إثباتها أو نفيها على ما جاء به الشرع ، لأننا لا نعلم من صفات ربنا إلا ما علمنا ولا من أسمائه إلا ما علمنا ولا في ذاته إلا ما علمنا عز وجل .
وفي هذه الجملة دليل على افتقار الإنسان إلى علم الله عز وجل ، وأنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله تعالى أن يعلمه ما لم يكن يعلم مما فيه مصلحة دينه ودنياه .
(( وسع كرسيه السماوات والأرض )) : الكرسي : قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( هو موضع قدمي الله عز وجل ) ، وهو دون العرش ، والعرش أعظم منه ، وفي الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( ما السماوات السبع ، والأرض السبعون في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة مِن الأرض ) حلقة الدرع الصغيرة إذا ألقيتها في فلاة من الأرض يعني : في أرض واسعة لم تكن شيئا ، فهذا السماوات السبع والأرضون بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض ، ( وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ) : فالعرش أعظم بكثير من الكرسي ، وخالق العرش جل وعلا أعظم وأعظم سبحانه وتعالى .
فإذا كان هذا شأن الكرسي أنه واسع ومحيط بالسموات والأرض ، فالعرش أعظم والرب أعظم جل وعلا من كل شيء ، وأكبر من كل شيء .
(( ولا يؤده حفظهما )) يعني : لا يُثقل الله عز وجل أن يحفظ السموات والأرض على ما فيهما من الخلائق وعلى كبرهما واتساعهما وعلى علوه عز وجل فوق كل شيء فهو لا يغيب عنه شيء ، لا يثقله أن يحفظ السموات والأرض ، لا يثقله أن يحفظ ما في السموات والأرض ، (( له معقبات من بين يديه يحفظونه من أمر الله )) ، (( فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين )) ، فالله عز وجل مع علوه تبارك وتعالى فوق كل شيء : لا يؤده أي : لا يثقله أن يحفظ السموات والأرض .
(( وهو العلي العظيم )) هو العلي جل وعلا فوق كل شيء ، وهو العظيم على كل شيء ، قال أهل العلم : " والعلو نوعان : علو ذاته عز وجل فهو فوق كل شيء . وعلو صفاته : فصفاته فوق كل شيء " .
والعظيم يعني ذو العظمة والكبرياء والعزة والجلال وبهذه المعاني القليلة بالنسبة لهذه الآية العظيمة يتبين أنها أعظم آية في كتاب الله ، والله الموفق .
تتمة شرح حديث ( ... وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ... )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الحث على سور وآيات مخصوصة : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : ( وكَّلني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آتٍ فجعل يحثو مِن الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إني مُحتاج وعليَّ عيال، وبي حاجة شديدة ، فخليت عنه ، فأصبحت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ، ما فعل أسيرك البارحة ؟ فقلت : يا رسول الله شَكا حاجة وعيالًا ، فرحمته ، فخليت سبيله .
فقال : أما إنه قد كذبك وسيعود . فعرفت أنه سيعود لقولِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرصدته ، فجاء يحثو من الطعام ، فقلت : لأرفعنك إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، قال : دعني فإني محتاج ، وعليَّ عيالٌ ، لا أعود ، فرحمته وخليت سبيله ، فأصبحت فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلتُ : يا رسول الله شكا حاجة وعيالاً فرحمته ، وخليت سبيله ، فقال : إنه قد كذبك وسيعود ، فرصدته الثالثة ، فجاء يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود ، فقال : دعني ، فإني أُعلمك كلمات ينفعك الله بها ، قلت : ما هنّ ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكُرسي ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح ، فخلَّيت سبيله فأصبحت ، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل أَسيرك البارحة ؟ فقلت : يا رسول الله ! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها ، فخليت سبيله . فقال : ما هي ؟ فقلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) ، وقال لي : لا يزال عليك مِن الله حافظ ، ولن يقربك شيطانٌ حتى تصبح .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاثٍ يا أبا هريرة ؟ قلت : لا ، قال : ذاك شيطان ) رواه البخاري " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ما زلنا في الباب الذي عقده النووي -رحمه الله- في * رياض الصالحين * : الحث على سور وآيات معينة من كتاب الله عز وجل :
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قرأناه سابقاً وأعدناه لأجل أن يحفظه من شاء الله أن يحفظه ، لأن فيه عِبرًا وفوائد وأحكامًا ، وقد شرحنا آية الكرسي ، وبينا وجه كونها أعظم آية في كتاب الله ، هذا الحديث وكَّل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة الفطر ، وصدقة الفطر هي التي تخرج من الطعام في آخر شهر رمضان قبل الفطر بيوم ، بيومين أو ثلاثة ، هذه الصدقة لابد أن تكون من الطعام يعني مما يأكله الناس : من التمر أو البر أو الرز أو غيرها ، ولا تصح من غيره ما يطعمه الناس ، يعني لو أن الإنسان أخرج بدل صاع من البر خمسة أو ستة ثياب للفقراء ما أجزأ ، لابد أن تكون من الطعام .
وكَّل النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة على صدقة الفطر ، وفي يوم من الأيام أتى إلى هذه الصدقة شخص متلبس يعني متمثل بصورة الآدمي ، فأخذ من الصدقة بدون استئذان ، وبدون أن يصرف له أبو هريرة شيئا ، فأمسكه أبو هريرة وقال : ( لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) : فخاف هذا الشخص ، وادَّعى أنه صاحب عائلة وأنه في حاجة فرحمه أبو هريرة وأطلقه ، فلما أصبح وأتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا الوحي قد جاءه من الله عز وجل في هذه القصة ، فقال له : أي لأبي هريرة : ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) يعني الذي أمسكت فقال : ( يا رسول الله إنه ادعى أنه ذو حاجة وذو عيال فرحمته وأطلقته ، قال : أما إنه كذبك وسيعود ) يعني : كذب عليك وسيعود ، يقول : ( فعلمت أن هذا الشخص سيعود لقول النبي صلى الله عليه وسلم فرصده ) يعني : ترصد له في الليلة الثانية ، فجاء وفعل كالليلة الأولى واعتذر بما اعتذر به في الليلة الأولى أنه صاحب عيال وذو حاجة فرحمه أبو هريرة المرة الثانية وأطلقه ، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك فقال : ( إنه كذبك وسيعود ) هذه المرة إيش ؟ الثالثة ، فعاد في المرة الثالثة ، ولكن أبا هريرة أمسكه قال : ( لابد أن أرفعك إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : إني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قال : وما هن ؟ قال : آية الكرسي (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) إلى آخرها فأطلقه ) ، ولم يأخذ شيئا من الطعام ، ( فلما أصبح قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟ قال : يا رسول الله إنه قال : إني أعلمك كلمات ينفعك الله بهنّ ) .