تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته؛ فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: ( هل تسمع النداء بالصلاة ؟ ) قال: نعم، قال: ( فأجب ). رواه مسلم. وعن عبد الله ابن أم مكتوم المؤذن رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ فحيهلا ). رواه أبو داود بإسناد حسن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ). متفق عليه.
ودلَّ ذلك أيضًا على أنها تجب في المسجد ، وأنه ليس المقصود الجماعة فقط بل المقصود بالجماعة وأن تكون في المسجد .
ودلَّ ذلك أيضًا على أن العبرة بسماع النداء ، ولكن المراد سماع النداء المعتاد ، ما هو سماع النداء بالميكروفون ، المكروفون يسمع من بعيد ، لكن المعتاد إذا لم يكن هناك مانع من سماع الصوت فهذا هو الذي يجب عليه حضور الجماعة .
ودل ذلك أيضًا على أنه لا يصح اقتداء من كان خارج المسجد بمن في المسجد ولو أمكنه أن يقتدي به ، يعني مثلا لو كان الإنسان عنده بيت جنب المسجد وهو يسمع تكبيرات الإمام ، وقال لابنه مثلا : أصلي أنا وإياك جماعة مع الجماعة في بيتنا ، فإن ذلك لا يصح ، لأنه لا بد من حضور المكان الذي تقام فيه الجماعة ، إلا أنه إذا امتلأ المسجد وصلى الناس في الأسواق فإن الذين خارج المسجد يكونون تبعا للمسجد لاتصال الصفوف ، وأما بدون اتصال الصفوف فإن من كان خارج المسجد لا تصح صلاته مع أهل المسجد ، لا بد من الحضور حتى لو كان يسمع كل التكبيرات فلا بد أن يحضر .
فإذا قال قائل : إذا كان مريضًا ولا يستطيع الحضور لكن يسمع بواسطة الميكروفون يتابع الإمام ، قلنا : لا يصلي مع الإمام ، هو معذور ، معذور في ترك الجماعة ، وإذا كان من عادته أنه يصلي مع الجماعة فإنه يكتب له ما كان يعمل لما كان صحيحا ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من مرض وسافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مُقيمًا ) ، والله أعلم .
1 - تتمة شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته؛ فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: ( هل تسمع النداء بالصلاة ؟ ) قال: نعم، قال: ( فأجب ). رواه مسلم. وعن عبد الله ابن أم مكتوم المؤذن رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؛ فحيهلا ). رواه أبو داود بإسناد حسن. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ). متفق عليه. أستمع حفظ
هل تجزىء جماعة المصلى في العمل عن جماعة المسجد ؟
الشيخ : إيش المصلى ؟
السائل : ... في الدوام يصلون الظهر أو العصر .
الشيخ : هذا إذا كان .
السائل : ... .
الشيخ : لا يصلون في المسجد إلا إذا كان يختل العمل يصلون في مكانهم .
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به، يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم. وفي رواية له قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى؛ وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل صلاة الجماعة : " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( مَن سرَّه أن يلقى الله تعالى غدا مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سُنن الهدى، وإنهنَّ مِن سُنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم، لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتى به، يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) رواه مسلم .
وفي رواية له قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سُنن الهدى، وإن من سُنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه ) .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما مِن ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكلُ الذئبُ من الغنم القاصية ) رواه أبو داود بإسناد حسن " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ساق المؤلف -رحمه الله- في باب فضل الجماعة هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، هذا الأثر الذي كأنما يخرج من مشكاة النبوة ، يعني كأنه من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام ، في سلاسته وحسنه ونظمه ، يقول رضي الله عنه : ( مَن سرَّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن ) : وكل أحدٍ يسره أن يلقى الله تعالى مسلمًا مُنيبًا إليه مؤمنًا به جل وعلا ، فمن أراد ذلك فليحافظ على هؤلاء الصلوات : يعني الصلوات الخمس ، حيث ينادى بهن : أي في المكان الذي ينادى بهن يعني في المساجد ، وذلك لوجوب صلاة الجماعة في المسجد ، فلا يجوز لأحد يقدر على أن يصلي في المسجد إلا وجب عليه إذا كان من أهل وجوب الجماعة كالرجال .
ثم ذكر رضي الله عنه : ( أن الله سبحانه وتعالى شرع للنبي صلى الله عليه وسلم سنن الهدى ) : يعني طرق الهدى ، فكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو هدى ونور شرعه الله له ، ( وإنهن ) : يعني الصلوات الخمس ، ( من سنن الهدى ) : وصدق رضي الله عنه ، بل الصلوات الخمس أعظم سنن الهدى بعد الشهادتين ، لأن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
ثم قال : ( لو أنكم صليتم في بيوتكم كما صلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم، لضللتم ) : يعني لو أن كل واحد صلى في بيته كما صلى هذا المتخلف لتركنا السنة ولتعطلت المساجد ، ولانقطع الناس بعضهم عن بعض ، ولما تعارفوا ولا تآلفوا ولا حصل هذا المظهر العظيم للدين الإسلامي ، لو صلى الناس كل في بيته ، ولكن من رحمة الله وحكمته أن شرع للعباد أن يصلوا جماعة ، كل يوم خمس مرات تلقى أخاك ، تسلم عليه ويسلم عليك ، وتقتدي به على إمام واحد نعمة عظيمة ، هذه من أعظم ارتباط أواصل المودة والمحبة ، ثم قال : ( ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها ) أي : عن هذه الصلوات في المساجد ، ( إلا منافق ) : والمنافقون كثيرون ، لاسيما إذا اعتز الإسلام ، إذا اعتز الإسلام وقوي ما استطاع الإنسان أن يعلن كفره ، ولهذا لم يبرز النفاق ولم يكثر النفاق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا حين انتصر المسلمون في غزوة بدر ، لما انتصر المسلمون في غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة بدأ النفاق يظهر ، خاف الكفار على أنفسهم فصاروا يعلنون الإسلام ، حتى إنهم يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقولون : نشهد إنك لرسول الله ، فيقول الله عز وجل : (( والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون )) : يعني ما قالوا صدقا ، قالوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
يقول : ( لا يتخلف عنها إلا منافق ) : لماذا يتخلف المنافق ؟ لأن المنافق لا يرجو ثوابا ولا يؤمن بالحساب فلا يهتم ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ) : لأن صلاة العشاء ما يُشاف الإنسان إذا تخلف في عهد الرسول ما فيه أنوار ولا كهرباء فيتخلف الإنسان ولا يدرى عنه ، ثم إن صلاة العشاء والفجر تأتي في وقت الراحة والنوم فهي ثقيلة على المنافقين لا يأتون إليها ، ( ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ) .
ثم ذكر رضي الله عنه أن الرجل يؤتى به : ( الرجل من المسلمين يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) : يعني ماسكه رجلين ، مريض ما يستطيع يمشي وحده ، يهادونه : يمشون به رويدا رويدا حتى يقام في الصف فيصلي مع الجماعة ، رضي الله عنهم ، وبهذه الأعمال وأمثالها ملكوا مشارق الأرض ومغاربها .
ولما تخلفت الأمة الإسلامية واختلف قلوبها ، صارت إلى ما ترون الآن ، أمة ذليلة على أنهم يبلغون مليارًا من البشر ومع ذلك هم في أذل ما يكون من الأمم ، لأنهم متفرقون ، بل بعضهم متعادون ، بل بعضهم يرى أن الآخر أشد عليه من اليهود والنصارى والعياذ بالله ، لأنهم متنازعون متفرقون ، لكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يتخلف أحد عن الجماعة ، ولو كان مريضًا يُؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ، فلو أننا عدنا إلى ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم لصرنا أمة عزيزة مرموقة كل يخافها وكل يصانعها وكل يتودد إليها ، نسأل الله أن يعيد لنا مجدنا في ديننا ، وأن يعيد لنا كرامتنا ، إنه على كل شيء قدير .
3 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به، يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم. وفي رواية له قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى؛ وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان . فعليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ). رواه أبو داود بإسناد حسن.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل صلاة الجماعة : " عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما مِن ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) رواه أبو داود بإسناد حسن " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله- في كتابه *رياض الصالحين* في باب فضل الجماعة فيما نقله عن أبي الدرداء رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ) : يعني ولا بادية ، ( لا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان ) : يعني معنى ذلك أنه إذا كان ثلاثة في قرية أو في بادية لا تقام فيهم الجماعة يعني ولا الجمعة ، ( إلا استحوذ عليهم الشيطان ) : فدل ذلك على أنه لا يجوز ترك الجماعة ، ولكن هذا الحديث يفيد أنه لا يجوز إذا كانوا ثلاثة فأكثر ، لكن فيه أحاديث أخرى تدل على أن الجماعة تجب إذا كانا اثنان فأكثر ، وأما الجمعة فلا تجب إلا إذا كانوا ثلاثة فأكثر في غير البرية ، أما البادية والمسافرون في البر فليس عليهم جمعة ، لكن القرى والأمصار فيها الجمعة ، وأدنى ما يكون ثلاثة .
فإن قلت : كيف يمكن أن يكون قرية أو مدينة ليس فيها إلا ثلاثة ؟
فالجواب : يمكن هذا ، بأن يكون هذه المدينة أكثر أهلها آفاقيون جاؤوا للدراسة مثلا ، كما يوجد الآن في المجتمعات في بعض البلاد الخارجية ، يكون ليس فيها من المواطنين إلا ثلاثة والباقون كلهم مسافرون جاؤوا للدراسة ، فهؤلاء تلزمهم الجمعة لأن فيه ثلاثة مواطنين .
وأما البادية فلا تجب عليهم الجمعة ، لأن الجمعة لا تكون إلا في القرى والأمصار ، ولهذا لم تكن البادية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وهم حول المدينة ، لم يكونوا يقيمون الجمعة ، وفي قوله : ( فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئبُ القاصية من الغنم ) : دليل على أنه لا ينبغي للمسلمين الاختلاف ، وأن الواجب عليهم الاجتماع ، وأن الشذوذ عن الجماعة سبب للهلاك ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شبه ذلك بالقاصية من الغنم : البعيدة ، يأكلها الذئب فتهلك ، فهكذا الذي يشذ عن الجماعة حتى برأي ينفرد به ويظن أن النصوص تدل عليه ، فإن الواجب إذا رأى الإنسان في رأيه أن النصوص تدل على خلاف ما يراه الجمهور ، فالواجب عليه أن يعيد النظر مرة بعد أخرى ، إذ لا يمكن أن يكون الجمهور هم الذين توهموا وأنت الذي أصبت ، ولهذا لما قال حذيفةُ لابن مسعود رضي الله عنه : ( إن قوماً يعتكفون في البصرة والرسول عليه الصلاة والسلام يقول : لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى قال : لعلهم ذكروا فنسيت ، وحفظوا ) : وكلمة أخرى تقابلها نسيتها ، فوهم ابن مسعود حذيفة ، وذلك لأن المسلمين يكادون كالمجمعين على أن الاعتكاف يصح في كل مسجد ، وأنه لو فرض صحة حديث حذيفة لكان معناه : لا اعتكاف تام إلا في هذه المساجد الثلاثة ، وإلا فلا يمكن أن يخاطب الله بالقرآن الكريم الأمة الإسلامية يقول : (( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد )) : ثم نقول : ( لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد ) ، لا يحضرها ولا واحد بالمائة من المسلمين ، هذا خلاف البلاغة وخلاف الفصاحة ، لكن بعض الناس يحب الإغراب في الشيء ، يُحب أن يذكر ، ومن أمثال العامة : " خالف تُذكر " ، علشان إذا شذ وأتى بما لم يكن عليه الجماعة اشتهر وقال ويش هذا ؟
ولهذا تجد بعض الناس يفتي بأقوال شاذة ما لها دليل مخالفة للدليل ولرأي الجمهور ثم يشتهر بهذا ، وقد شبه النبي عليه الصلاة والسلام الشاذ عن الجماعة بالقاصية من الغنم يأكلها الذئب ، والله الموفق .
4 - شرح حديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان . فعليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ). رواه أبو داود بإسناد حسن. أستمع حفظ
باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله ). رواه مسلم. وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن شهد العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة ). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ). متفق عليه. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ). متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله ) رواه مسلم .
وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن شهد العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة ) قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ولو يعلمون ما في العَتَمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ) متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل صلاة العشاء وصلاة الفجر " : يعني في الجماعة ، ونص على هاتين الصلاتين : صلاة العشاء وصلاة الفجر ، لما فيهما من الأجر الكثير ، ففي حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه : ( أن الإنسان إذا صلى العشاء في جماعة والفجر في جماعة فكأنما صلى الليل كله ) : يعني كأنه قام يصلي كل الليل ، العشاء نصف الليل والفجر نصف الليل ، وهذا فضل عظيم ، يعني كأنك قائم الليل كله وأنت في فراشك ، إذا صليت العشاء في جماعة والفجر في جماعة .
وقال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة : ( لو يعلمون ما في العَتَمة وصلاة الفجر لأتوهما ولو حبوا ) : العَتَمة : العشاء ، والفجر معروف لو يعلمون ما فيهما من الأجر والثواب لأتوهما يحبون على أستاههم : يعني يمشي حبو على الأرض كما يحبو الصبي لما فيهما من الأجر العظيم .
وكذلك الحديث الذي بعده حديث أبي هريرة أيضًا : ( أن أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ) : لأن المنافقين يصلون رياء وسمعة ، وصلاة العشاء والفجر ظلمة لا يشاهدون فهم يأتون إليهما كرها ، لكن الظهر والعصر والمغرب يأتون لأن الناس يشاهدونهم فهم يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ، والعشاء والفجر ما فيه مراءاة لأنها ظلمة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ما فيه أنوار ، ما فيه كهرباء ولا فيه أتاريك ، ولا فيه سرج ظلمة ، فلا يشاهدهم أحد ، فيكون حضورهم العشاء والفجر ثقيلا عليهم لفوات المراءاة ، هذا من وجه .
من وجه آخر أن صلاة العشاء والفجر وقت الراحة والنوم ، ففي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام الناس لا يسهرون كما يسهر الناس اليوم ، ينامون مبكرين من حين أن يصلوا العشاء ، والفجر يقومون منهم من يمن الله عليه بقيام الليل فيقوم ومنهم من يقوم لصلاة الفجر .
فهما ثقيلتان على المنافقين ، فينبغي للإنسان أن يحرص على صلاة العشاء وصلاة الفجر ، لكن صلاة العشاء ليست أفضل من صلاة العصر صلاة العصر أفضل . ولهذا صارت الفجر قرينة للعصر وقرينة للعشاء ، فهي قرينة العصر كما سبق : ( أن من صلى البردين دخل الجنة ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس -وهي صلاة الفجر- وصلاة قبل غروبها -وهي صلاة العصر- فافعلوا ) .
صلاة الفجر مع صلاة العشاء أيضا إذا اجتمعتا فكأنما قام الإنسان الليل كله ، كل الليل ، وكذلك أيضا : ( لو يعلم الناس ما في العشاء والفجر لأتوهما ولو حبوا ) .
فاحرص يا أخي المسلم على جميع الصلوات كن محافظا عليها فإن الله عز وجل يقول : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون )) إلى قوله : (( والذين هم على صلواتهم يحافظون * أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )) : فذكر الله الصلاة في أول الأوصاف الحميدة وفي آخر الأوصاف الحميدة ، وقال تعالى في سورة المعارج : (( إن الإنسان خلق هَلوعًا * إذا مسه الشر جزوعًا * وإذا مسه الخير منوعًا * إلا المصلين * الذين هم على صلاتهم دائمون )) وفي آخر الأوصاف الحميدة قال : (( والذين هم على صلاتهم يحافظون )) ، وبهذا يُعرف أن الصلاة أعظم الأعمال بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، جعلني الله وإياكم من مقيمي الصلاة ومؤتي الزكاة المحافظين على أداء فرائض الله واجتناب محارم الله .
5 - باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله ). رواه مسلم. وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن شهد العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة ). قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ). متفق عليه. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ). متفق عليه. أستمع حفظ
باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن: قال الله تعالى: (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )) وقال تعالى: (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )).
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن :
قال الله تعالى : (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )) ، وقال تعالى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )) .
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ الأعمال أفضل؟ قال : الصلاة على وقتها . قلتُ : ثم أيّ ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أيّ ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ) متفق عليه .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب وجوب المحافظة على الصلوات والتحذير من إضاعتهن " :
الصلوات خمس كتبهن الله عز وجل على عباده في كل يوم وليلة ، لقوله تبارك وتعالى حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربَّه أن يخفف عن عباده قال : ( هُن خمس في الفعل وخمسون في الميزان ) : وسأله أي : سأل النبي صلى عليه وسلم رجلٌ عن الإسلام ومنه الصلوات ، فذكر له خمس صلوات قال : ( هل علي غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع ) .
وأرسل معاذًا إلى اليمن وقال : ( أخبرهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ) .
وقد أمر الله بالمحافظة عليها فقال : (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )) : خصها لما لها من المزية والفضل ، والمراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر ، فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أعلم الخلق بكتاب الله عز وجل وبمراد الله ، ولا قول لأحد بعد قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )) .
وقال تعالى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )) .
وليت المؤلف أتى بالآية الأخرى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) : لأن هذه الآية تدل على أن من لم يقم الصلاة فهو كافر .
6 - باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن: قال الله تعالى: (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )) وقال تعالى: (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )). أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ( الصلاة على وقتها ) قلت: ثم أي ؟ قال: ( بر الوالدين ) قلت: ثم أي ؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله ). متفق عليه.
أما الفجر والعصر والمغرب فالأفضل فيها التعجيل على كل حال ، لكن قال العلماء رحمهم الله : " من قام حين يسمع النداء يتوضأ ويتأهب للصلاة فهذا تقديم " : يعني ليس المعنى من يوم يؤذن تصلي ، لا ، المهم أن تستعد للصلاة من أول وقتها .
قال ابن مسعود : ( ثم أي ؟ قال : بر الوالدين ) : يعني الإحسان إليهم بالقول والفعل والمال والجاه والخدمة وغير ذلك ، بر الوالدين الأب والأم .
( قلت : ثم أيّ ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ) قال ابن مسعود : ( ولو استزدته لزادني ) : يعني لو طلبت زيادة ثم أيّ ثم أيّ لزادني ، قال ذلك بناء على ما عرفه من قرينة الحال .
وفي هذا الحديث دليل على إثبات المحبة لله عز وجل وأنه يحب الأعمال كما يحب العاملين ، وأن حبه يتفاوت سبحانه وتعالى ، بعض الأشياء أحب إليه من بعض .
وفيه أن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله ، واجبه على واجبه وتطوعه على تطوعه ، فمثلا إذا كان الوالدان ليس عندهما من يعولهما ولا من يخدمهما وهما في ضرورة للولد ، فإنه يجب عليه أن يبقى ولا يجاهد ، وإذا كان عندهما من يقوم بكفايتهما ويخدمهما فهذا بقاؤه عندهما مستحب ثم الجهاد إن احتيج إليه كان أفضل ، وإن لم يحتج إليه فبر الوالدين أفضل ، ويأتي إن شاء الله الكلام على حديث ابن عمر ، والله أعلم .
7 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ( الصلاة على وقتها ) قلت: ثم أي ؟ قال: ( بر الوالدين ) قلت: ثم أي ؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله ). متفق عليه. أستمع حفظ
هل لتوقيت صلاة الفجر الموجود في تقويم أم القرى صحيح ؟
الشيخ : بالنسبة للفجر بارك الله فيكم المعروف أن التوقيت الذي بأيدي الناس الآن توقيت أم القرى فيه تقديم ، يعني فيه قبل الفجر خمس دقائق على أقل تقدير ، وبعض الإخوان خرجوا إلى البر ورأوا أن الفرق بين هذا التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة ، فالمسألة خطيرة جدا ، ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر بإقامة الصلاة ، بل يتأخر ثلث ساعة ، خمسة وعشرين دقيقة حتى يتقين أن الفجر خرج .
شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ). متفق عليه.
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن :
" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل الصلوات الخمس والنهي الأكيد والوعيد الشديد على من ضيعهن :
ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) هذا واحد ، ( وإقام الصلاة ) هذا الثاني ، ( وإيتاء الزكاة ) هذا الثالث ، ( وحج البيت ) هذا الرابع ، ( وصوم رمضان ) هذا الخامس ، هكذا رواه ابن عمر رضي الله عنهما وفي لفظ : أنه قدم الصوم على الحج ، فعلى الأول بنى البخاري رحمه الله ترتيب الصحيح ، صحيح البخاري ، فبدأ بالحج قبل الصيام ، وأكثر الأحاديث على تقديم الصيام على الحج .
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بني الإسلام ) يعني أن الإسلام شبهه بالقصر الذي له خمسة أعمدة ، هذا القصر مبني عليها ، ومعلوم أن الأعمدة هي أساس البنيان ، وأنه إذا فقدت الأعمدة تداعى البنيان وانهدم ، فإن بني على غير أعمدة بني بناء ضعيفا ، ولكن الإسلام بناء قوي محكم شرعه الله عز وجل لعباده وقال : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) : هذه الدعائم وهذه الأعمدة الخمسة بينها صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله : ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) : يعني أن تشهد معترفا بلسانك مؤمنا بقلبك أنه لا معبود حق إلا الله ، كل ما عبد من دون الله فهو باطل ، فيه أناس يعبدون الشمس ، وفيه أناس يعبدون القمر ، وفيه أناس يعبدون الشِّعرى وهي : نجم من النجوم ، وفيه أناس يعبدون الأشجار ، وفيه أناس يعبدون البقر ، وفيه أناس يعبدون فروج النساء أمم مختلفة لكن من المعبود حقا ؟
الله عز وجل ، أشهد أن لا إله إلا الله أقول ذلك معترفا بلساني مؤمنا بقلبي أنه لا معبود حق إلا الله ، وهذا هو مقتضى الشرع ومقتضى العقل ، لأن الذي يستحق العبادة هو الذي خلق الخلق ، ومن الذي خلق الخلق ؟
الله عز وجل ، قال الله تبارك وتعالى : (( أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )) وقال تعالى : (( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون )) لو اجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا جنينا واحدا ما استطاعوا ، بل قال عز وجل ، واستمعوا لما قال ، قال : (( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له )) ضرب الله لنا مثلا وأمرنا أن نستمع له : (( إن الذين تدعون من دون الله )) كل الذين تدعون من دون الله ، (( لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له )) : سبحان الله !! كل المعبودات على اختلاف أصنافها : (( لن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له )) : لو تجتمع كل المعبودات سوى الرب عز وجل على أن يخلقوا ذبابا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا هذا في القدر ، في الشرع قال الله تبارك وتعالى : (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله )) : إذًا لا أحد يستطيع أن يأتي بمثل كلام الله ولا أن يخلق مثل خلق الله .
(( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله )) ، (( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله )) ، (( قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله )) : إذًا هذا الذي موصوف بهذه الأوصاف هو المستحق للعبادة ، أيستحق العبادة شيء مدبَّر ؟
الشمس مدبرة ، (( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم )) هل تستحق أن تعبد ؟! القمر هل يستحق أن يعبد ؟! النجم هل يستحق أن يعبد ؟! الشجر هل يستحق أن يعبد ؟!
لا أحد يستحق ، كل هذه مربوبة مخلوقة ، حاج إبراهيم عليه الصلاة والسلام قومه فلما جنَّ عليه الليل وأظلم رأى كوكبا ، وكان من قومه من يعبد النجوم قال : هذا ربي ، يقوله مَن ؟ إبراهيم ، علشان يقيم عليهم الحجة ، قال : هذا ربي الكوكب مشى كالعادة حتى غاب ، (( فلما أفل )) : يعني غاب ، (( قال لا أحب الآفلين )) ، لأن الرب لا يغيب عن عباده وهذا غاب ، (( فلما رأى القمر بازغًا )) : وهو أعلى النجوم إضاءة ، (( قال هذا ربي )) : لأن فيه من يعبد القمر ، (( فلما أفل )) : يعني غاب ، (( قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )) : وهذا أشد من الأول ، هذا قال لا أحب الآفلين وهذا قال إن عبدته فأنا ضال ، (( لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )) . جاء إلى شيء أكبر وهي الشمس ، وهم يعبدونها أيضا (( فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت )) : غابت هل تكون ربا وهي تغيب عن مربوبها ؟ أبدًا (( فلما أفلت )) : أعلن عليه الصلاة والسلام التوحيد : (( يا قوم إني بريء مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين )) .
إذًا لا إله إلا الله يعني : " لا معبود حق إلا الله وكل ما يعبد من دون الله فهو باطل " ، والعجيب أن هذه الأصنام التي تعبد يا إخواني العجيب أنها يوم القيامة تجمع وتحصب في نار جهنم كما يحصب الحصى ، وكذلك عابدوها يحصبون : (( إنكم وما تعبدون من دون الله حَصَب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون )) : صحيح ، لو كانت هذه الأصنام آلهة حقا هل ترد النار ؟! لا ، لكن وردت النار إذًا فلا تستحق أن تكون إلها ، ما فكت نفسها تفك غيرها ؟! وكذلك الذين يعبدونها .
لما جاءت الآية هذه أراد المشركون أن يشبهوا به قالوا : طيب عيسى ابن مريم يُعبد من يعبده ؟ مَن يعبد عيسى ؟ النصارى ، إذًا يلقى في النار ، فأنزل الله تعالى قوله : (( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مُعبدون * لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون * لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون )) : وعيسى ابن مريم ممن سبقت له من الله الحسنى ، لأنه أحد أولي العزم من الرسل .
والمهم يا إخواني أن تعلموا أن كلما يعبد من دون الله فهو باطل سواء كان نبي أو ولي أو صالح أو عالم أو رئيس كل ما يعبد من دون الله فهو باطل ، عبادته باطلة ، من الذي يستحق العبادة ؟! أجيبوا يا إخوان !! الله هو الذي يستحق العبادة وما سواه فهو باطل .
إذًا انتبهوا شهادة لا إله إلا الله ، طيب الثاني وأن محمدا رسول الله ويأتي إن شاء الله الكلام عليه في الدرس المقبل .
9 - شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ). متفق عليه. أستمع حفظ
تتمة شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ). متفق عليه.
" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
ذكر المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب المحافظة على الصلوات الخمس والنهي الأكيد والوعيد الشديد على من تركهن :
ذكر حديث ابن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) :وسبق الكلام على هذا ، وهذا يُعد ركنا واحدًا ، لأنه يعود على تصحيح العبادات ، إذ أن كل عبادة لا تصح إلا بالإخلاص الذي يتضمنه شهادة أن لا إله إلا الله ، والمتابعة التي تتضمنها شهادة أن محمدًا رسول الله ، ولهذا جُعل ذلك ركنا واحدًا .
أما الثاني فهو إقام الصلاة : الصلاة يعني الصلوات الخمس وما يتبعها من النوافل ، وما يستقل من النوافل أيضا ، إقام الصلاة من أركان الإسلام والصلوات الواجبة بالإجماع هي خمس : الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، والجمعة تكون في محل الظهر ، وما عدا ذلك فمختلف فيه : فالوتر اختلف العلماء هل هو واجب يأثم الإنسان بتركه أو سنة أو فيه تفصيل ؟ وهو أنَّ من له ورد من الليل يجب عليه أن يوتر ، ومن ليس له ورد وإنما ينام إذا صلى العشاء إلى الفجر فهذا لا يجب عليه الوتر .
وأما صلاة الكسوف فمختلف فيها : من العلماء من يقول : واجبة ومنهم من يقول : ليست واجبة - تأخر عن إخوانك تأخر لا تستدبرهم - فمن العلماء من يقول : إنها واجبة ، ومنهم من يقول : ليست بواجبة ، والصحيح أنها واجبة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها ، وفزع لما كسفت الشمس ، وصلاها صلاة غريبة ، لكنها فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي من أهل البلد سقط عن الباقين .
وكذلك أيضا اختلف العلماء -رحمهم الله- في تحية المسجد هل هي واجبة أو لا ؟ والقول بالوجوب قول قوي ، لكن يمنع القطع به أحاديث تدل على أنها أي : تحية المسجد ليست بواجبة ، مثل مجيء الإمام يوم الجمعة ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدخل المسجد يوم الجمعة ويصعد المنبر ويخطب الناس ويجلس بين السجدتين ولا يصلي تحية المسجد ، وكذلك ظواهر أخبار أخرى تدل على عدم وجوب تحية المسجد .
وكذلك صلاة العيدين اختلف فيهما العلماء : منهم من يقول : إنها واجبة ، ومنهم من يقول : سنة ، ومنهم من يقول : فرض كفاية ، فالمهم أن الصلوات المجمع على وجوبها هي الخمس والجمعة بدل عن الظهر .
ومعنى إقام الصلاة : أن يأتي بها الإنسان في أوقاتها متمما شروطها وأركانها وواجباتها ، ومكملا ذلك بمستحباتها ، هذا هو إقام الصلاة .
وأما إيتاء الزكاة : فهو إعطاء الزكاة لمستحقها ، والزكاة : هي القسط من مالك الذي أوجبه الله تعالى عليك في الذهب والفضة والنقد .