باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها، والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفصل بينهما بكلام. عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ). متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا ). متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده؛ فليجعل لبيته نصيبا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا ). رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد فليجعل لبيته نصيبًا مِن صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
لما ذكر المؤلف -رحمه الله- الرواتب التابعة للمكتوبات ، بيَّن في هذا الباب أن الأفضل للإنسان أن يصلي في بيته ، وذكر في ذلك أحاديث ، منها :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلوا في بيوتكم صلوا في بيوتكم ) : فأمر أن يصلي في البيوت .
( فإن صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة ) : فدل ذلك على أن الإنسان ينبغي له أن تكون جميع نوافله في بيته سواء الرواتب أو صلاة الضحى أو التهجد أو غير ذلك ، حتى في مكة والمدينة الأفضل أن تكون النوافل في البيت ، أفضل من كونها في المسجد ، في المسجد الحرام أو المسجد النبوي ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال هذا وهو في المدينة ، والصلاة في مسجده خير من ألف صلاة إلا المسجد الحرام .
وكثير من الناس الآن يفضل أن يصلي النافلة في المسجد الحرام دون البيت وهذا نوع من الجهل ، فمثلا إذا كنت في في مكة وأذن لصلاة الفجر وسألك سائل : هل الأفضل أن تصلي الراتبة في البيت أو أذهب إلى المسجد الحرام ؟ قلنا : الأفضل في البيت ، صلاة الضحى أفضل في المسجد الحرام أو في البيت ؟ قلنا : في البيت ، التهجد أفضل في المسجد الحرام أو في البيت ؟ قلنا : في البيت ، وهلُم جرّا ، إلا الفرائض ، فالفرائض لا بد أن تكون في المساجد ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الأحاديث ، في الحديث الأخير : ( فإن الله جاعل في صلاته في بيته خيرا ) : يعني أن البيت إذا صليت فيه جعل الله فيه خيرا ، جعل الله في صلاتك فيه خيرا : من هذا الخير أن أهلك إذا رأوك تصلي اقتدوا بك وألفوا الصلاة وأحبوها ولاسيما الصغار منهم . ومنها أن الصلاة في البيت أبعد من الرياء ، فإن الإنسان في المسجد يراه الناس وربما يقع في قلبه شيء من الرياء أما في البيت فإنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء .
ومنها أن الإنسان إذا صلى في بيته وجد فيه الراحة ، راحة قلبية وطمأنينة وهذه لا شك أنها تزيد في إيمان العبد .
فالمهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا أن نصلي في بيوتنا إلا الفرائض ، كذلك أيضا يستثنى من ذلك من النوافل قيام رمضان ، فإن الأفضل في قيام رمضان أن يكون جماعة في المساجد مع أنه سنة وليس بواجب ، لكن دلت السنة على أن قيام رمضان في المسجد أفضل ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثلاث ليال أو ليلتين ثم تخلَّف وقال : ( إني خشيت أن تفرض عليكم ) ، والله الموفق .
1 - باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها، والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفصل بينهما بكلام. عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ). متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا ). متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده؛ فليجعل لبيته نصيبا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال: نعم صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. رواه مسلم.
" عن عمر بن عطاء : أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال : نعم ، صليت معه الجمعة في المقصورة ، فلما سلَّم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال : لا تعد لما فعلت .
( إذا صليت الجمعة فلا تَصِلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذا الحديث الذي ذكره -رحمه الله- في استحباب الفصل بين الفرض والسنة : حديث معاوية رضي الله عنه : أنه رأى رجلا صلى الجمعة ثم قام فصلى ، يعني سنة فدعاه معاوية وأخبره : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمرَ ألا توصل صلاة بصلاة حتى نخرج أو نتكلم ) : فمثلا إذا صليت الظهر ، الظهر لها راتبة بعدها ، وأردت أن تصلي الراتبة لا تصل في مكانك ، قم بمحل آخر ، أو اخرج إلى بيتك وهو أفضل ، أو على الأقل تكلم ، ( لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يخرج الإنسان أو يتكلم ) ، ولهذا قال العلماء : " يسن الفصل بين الفرض وسنته بكلام أو انتقال من موضعه " ، والحكمة من ذلك لئلا يوصل الفرض بالنفل ، بل يكون النفل وحده والفرض وحده حتى لا يختلط ، هكذا قال أهل العلم رحمهم الله ، والله الموفق .
2 - شرح حديث عن عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال: نعم صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما فعلت: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. رواه مسلم. أستمع حفظ
باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة متأكدة وبيان وقته. عن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة، ولكن سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، ومن أوسطه، ومن آخره. وانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة متأكدة وبيان وقته :
عن علي رضي الله عنه قال : ( الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة، ولكنه سُنة سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن ) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( مِن كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، ومن أوسطه، ومن آخره. وانتهى وتره إلى السَحَر ) متفق عليه .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في بيان فضيلة الوتر والحث عليه ووقته وكذلك عدده :
واعلم أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( إن الله وتر يحب الوتر ) ، ( إن الله وتر ) : يعني ليس معه إله ثاني ، وهو سبحانه وتعالى يحب الوتر ، وقد ظهرت آثار هذه المحبة في مخلوقاته وفي مشروعاته :
ففي مشروعاته نجد أن أكثرها وتر ، ينقطع بالوتر الصلوات الخمس ، عددها سبع عشرة ركعة ، وهي وتر .
صلاة الليل إحدى عشرة ركعة وهي وتر .
كذلك المخلوقات أعظم ما نعلم من المخلوقات : العرش وهو واحد ، ثم السموات وهي سبع ، ثم الأرضون وهن سبع ، فتجد أن الوترية ظهرت في مشروعات الله وفي مخلوقات الله عز وجل ، لأنه تبارك وتعالى وتر يحب الوتر. واعلم أيضا أن الوتر وتران : وترٌ فريضة ووترٌ سنة : أما وتر الفريضة فهو صلاة المغرب ، كما ثبت بالحديث الصحيح : ( أنها وتر النهار ) : يعني تختم بها صلاة النهار وهي وتر وإن كانت في أول الليل .
وأما وتر النافلة فهو الوتر الذي يختم به صلاة الليل ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) .
واختلف العلماء -رحمهم الله- في وتر صلاة الليل :
فمنهم من قال : إنه واجب وأن الذي يترك الوتر آثم ، ولكنه ليس كالفريضة ركن من أركان الإسلام ، لكنه واجب ، يأثم الإنسان بتركه .
ومنهم من قال : إنه سنة لا يأثم الإنسان بتركه ، ولكل منهم حجة ، لكن حجة من يقول : إنه ليس بواجب أقوى ، لأن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمَّا وجب عليه من الصلوات فعدَّ عليه الصلوات الخمس فقال : ( هل علي غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع ) .
وفصَّل بعض العلماء فقال : من كان له ورد من آخر الليل وجب عليه أن يوتر ، ومن لم يكن كذلك يعني أنه يصلي العشاء ثم ينام فهذا لا يلزمه الوتر ففصل بين من له ورد من آخر الليل قال : يجب عليه أن يوتر ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أوتروا يا أهل القرآن ) : وهذا خاص بهم ، أمر خاص بهم ، لأن الأمر العام يشملهم وغيرهم ، لكن هذا أمر خاص .
وعلى كل حال فإن ترك الوتر أمر لا ينبغي ، حتى قال الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- إمام أهل السنة قامع البدعة قال -رحمه الله- : " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة " : شوف إلى هذا الحد وصفه بأنه رجل سوء ، وأنه لا ينبغي أن تقبل له شهادة ، لأن الوتر ركعة أدناه ركعة، ركعة لا تشتبه على أحد ، ولا تكلف أحدا ، ولا تأخذ من الوقت وقتا كثيراً ، فالذي يتركها مع تأكدها وفضلها وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بها ، الذي يتركها رجل سوء ما فيه خير ، قال : " ولا ينبغي أن تقبل له شهادة " : فإذا جاء إلى القاضي وشهد وقد علمنا أنه لا يوتر رددنا شهادته هذا قول الإمام أحمد -رحمه الله- وهذا يدل على تأكد هذا الوتر فلا ينبغي للإنسان أن يدعه.
أما وقته فهو : من صلاة العشاء وسنتها إلى طلوع الفجر ، من صلاة العشاء ولو جُمعت جمع تقديم للمغرب : يعني لو أن الإنسان مسافر أو مطر أو ما أشبه ذلك وجُمعت صلاة العشاء إلى المغرب تقديما فإن الوتر يدخل وقته يصلي العشاء ثم راتبة العشاء ثم الوتر ، سواء في أول الليل أو وسطه أو آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( من كل الليل أوتر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مِن أول الليل ووسطه وآخره ، وانتهى وتره إلى السحر ) : هذا وقته ، أما عدده فسيذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- أو نتعرض له في الدرس المقبل -إن شاء الله- والله الموفق .
3 - باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة متأكدة وبيان وقته. عن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة، ولكن سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، ومن أوسطه، ومن آخره. وانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ). متفق عليه. أستمع حفظ
ما حكم الإسراع في صلاة النافلة ؟.
الشيخ : الذي يسرع في الصلاة إسراعًا مُخلا في الطمأنينة ، ليس له صلاة ، الفريضة والنافلة ، لأن رجلًا جاء إلى المسجد وصلى بغير طمأنينة ، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) ثلاث مرات ، فلا بد من الطمأنينية ، وعجبًا لبني آدم وعجلة بني آدم وجهل بني آدم وظلم بني آدم كيف يسرع هذه السرعة وهو يخاطب الله ويناجيه ؟! لو أن إنسانا وقف مع صديق له يحادثه لبقي الساعة والساعتين وهو واقف لا يمل فكيف وهو بين يدي الله عز وجل يناجيه ويخاطبه يا رب ، رب اغفر لي سبحان ربي الأعلى سبحان ربي العظيم يناجيه بكلامه ، كيف يسرع هذه السرعة هل وراءه جيش ؟!! أبدًا ، لكن الشيطان عدو لنا والله لا يحب منا إلا ما يسوؤنا ، يحب أن يصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة ويقول : يلا امش امش عجل كأننا على جمر ، وأقول : يا أخي جرب اطمئن في الصلاة استحضر وكأنك تخاطب الله وتناجيه وحتى تذوق طعمها وحتى تكون قرة عينك كما كانت قرة عين الرسول عليه الصلاة والسلام ، تأنسها تحبها إذا فرغت الصلاة قلت : عسى الله يجيب الصلاة الثانية ، أما أن نسرقها سرقا هذا سرقة من الشيطان نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، اللهم أعذنا جميعا من الشيطان الرجيم .
شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أوتروا قبل أن تصبحوا ). رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته بالليل، وهي معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت. رواه مسلم. وفي رواية له: فإذا بقي الوتر قال: ( قومي فأوتري يا عائشة ). وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا الصبح بالوتر ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة متأكدة وبيان وقته :
" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أوتروا قبل أن تصبحوا ) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته بالليل، وهي معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت ) رواه مسلم .
وفي رواية له : ( فإذا بقي الوتر قال : قومي فأوتري يا عائشة ) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا الصبح بالوتر ) رواه أبو داود، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
وعن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في بقية ما يتعلق بالوتر ذكرها المؤلف في * رياض الصالحين * : منها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( أوتروا قبل أن تصبحوا ) ، لأن الوتر ينتهي وقته بطلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر فلا وتر ، حتى ولو بين أذان الفجر والإقامة لا وتر ، ولكن إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر فإنه يصلي في النهار شِفعًا : إن كان يوتر بثلاث صلى أربعا ، إن كان يوتر بخمس صلى ستا ، إن كان يوتر بسبع صلى ثمانية ، لقول عائشة رضي الله عنها : ( كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) .
واعلم أن الوتر له صفات :
الصفة الأولى : أن يوتر بواحدة فقط ، وهذا جائز ولا يكره الوتر بها .
الثانية : أن يوتر بثلاث ، وله الخيار : إن شاء سلم من ركعتين ثم أتى بالثالثة ، وإن شاء سردهما سردا بتشهد واحد .
الثالثة : أن يوتر بخمس فيسردها سردًا لا يتشهد إلا في آخرها .
الرابعة : أن يوتر بسبع فيسردها سردًا لا يتشهد إلا في آخرها .
الخامسة : أن يوتر بتسع فيسردها سردًا لكن يتشهد بعد الثامنة ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ويسلم .
السادسة : أن يوتر بإحدى عشرة ، فيسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة .
هذه صفة الوتر وقد سبق أنه سنة مؤكدة ، وأن من العلماء من أوجبه ، فلا تضيع الوتر .
ثم إن كنت ترجو أن تستيقظ مِن آخر الليل فاجعل الوتر في آخر الليل ، وإن كنت تخاف ألا تقوم فاجعل الوتر من أول الليل ، لا تنم إلا موترا ، ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام ، لأن أبا هريرة كان يقرأ أحاديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أول الليل وينام في آخره ، فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يوتر قبل أن ينام .
واعلم أن الوتر سنة في الحضر والسفر ، حتى في السفر لا تتركه ، ومن ذلك : ليلة المزدلفة ، فإن الإنسان إذا صلى العشاء فإنه يصلي المغرب والعشاء جمعًا ثم يوتر ، وإن كان جابر رضي الله عنه لم يذكره في حديثه ، لكن الأصل بقاء ما كان على ما كان ، وأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدع الوتر حضرًا ولا سفراً ، والله الموفق .
5 - شرح حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أوتروا قبل أن تصبحوا ). رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته بالليل، وهي معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت. رواه مسلم. وفي رواية له: فإذا بقي الوتر قال: ( قومي فأوتري يا عائشة ). وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بادروا الصبح بالوتر ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل؛ فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل ). رواه مسلم. أستمع حفظ
باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث على المحافظة عليها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد. متفق عليه. وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ). رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. رواه مسلم. وعن أم هانيء رضي الله عنها، قالت: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من غسله، صلى ثماني ركعات، وذلك ضحى. متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث على المحافظة عليها :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد ) متفق عليه .
وعن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة : فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) رواه مسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله ) رواه مسلم .
وعن أم هانىء رضي الله عنها قالت : ( ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من غسله، صلى ثماني ركعات، وذلك ضحى ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
" باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأوسطها وأكثرها " :
صلاة الضحى هي : ركعتان أو أكثر تفعلان من ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال ، وارتفاع الشمس قدر رمح : يكون بمقدار ربع ساعة أو نحوها بعد طلوع الشمس ، فمن ثَم يدخل وقت صلاة الضحى إلى أن يبقى على الزوال عشر دقائق أو قريب منها ، كل هذا وقت لها ، لكن فعلها في آخر الوقت أفضل ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) : والفصال : أولاد النوق ، وترمض يعني : تشتد عليها الرمضاء وهذا في آخر الوقت .
وهذه من الصلوات التي يسن تأخيرها ، ونظيرها في الفرائض صلاة العشاء فإن صلاة العشاء الأفضل أن تؤخر في آخر وقتها إلا إذا شق على الناس ، وصلاة الضحى مما عَهد به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى بعض أصحابه ، عهد بها إلى أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه حين أوصاه ، قال : ( أوصاني بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ) : ولم يعين وقتها من الشهر ، ولهذا قالت عائشة : ( كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره ) ، ولا فرق بين أن تكون متوالية يعني متتابعة أو متفرقة ، كلها يحصل بها الأجر ، لكن أفضل هذه الأيام الثلاثة أيام البيض : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر . وأوصاه صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى : ركعتان يركعهما ما بين ارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال .
والثالث : ( وأن أوتر قبل أن أنام ) : وإنما أوصاه بالوتر قبل أن ينام ، لأن أبا هريرة رضي الله عنه كان يدرس في أول الليل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلا ينام إلا متأخرا فيُخشى ألا يقوم من آخر الليل فلهذا أوصاه أن يوتر قبل أن ينام .
الشاهد من هذا قوله : ( وركعتي الضحى ) .
ثم ذكر حديث أبي ذر : ( أنه يصبح على كل سلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس ) : السُلامى هي الأعضاء أو العظام والمفاصل ، وقد ذكر العلماء السابقون -رحمهم الله- أن في كل إنسان ثلاثمئة وستون مفصلا ، كل مفصل يطالبك كل يوم بصدقة ، لأن الذي أحياه عز وجل وأمده وعافاه له عليك مِنة وفضل ، فكل يوم كل عضو يطالبك بصدقة ، لكنها ليست صدقة مال ، بل هي كل ما يقرب إلى الله من قول أو عمل أو بذل مال أو غير ذلك ، ( فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف بصدقة ونهي عن المنكر صدقة ) : فكلما يقرب إلى الله فهو صدقة ومثل هذا يسير على المرء أن يؤدي ثلاثة مئة وستين صدقة في كل يوم قال : ( ويجزئ من ذلك ) يعني بدلا عن ذلك ، ( يجزئ ركعتان يركعهما في الضحى ) : الحمد لله نعمة كبيرة ، بدل أن تطالب عن كل عضو من أعضائك بصدقة يكفيك أن تصلي ركعتين من الضحى ، وهذا يدل على أنه ينبغي على الإنسان أن يواظب عليهما أي : على ركعتي الضحى حضرا وسفرا .
ولكن هل لها عدد معين ؟ نقول : أما أقلها فركعتان ، وأما أكثرها فما شاء الله ، لو تبقى تصلي كل الضحى فأنت على خير ، ولهذا تقول عائشة رضي الله عنها : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله ) : ولم تحدد .
وأما قول من قال : إن أكثرها ثمان ، ففيه نظر ، لأن حديث أم هانئ في فتح مكة : ( أن الرسول صلى ثماني ركعات ) : لا يدل على أن هذا هو أعلاها ، هذا وقع اتفاقا وما يقع اتفاقا ليس فيه دليل على الحصر ، وعلى هذا فنقول : أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها ، صل ما شئت ، لكن كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي أربعاً وربما صلى ثمانياً ، فينبغي للإنسان أن يغتنم عمره بصالح الأعمال ، لأنه سوف يندم إذا جاءه الموت أن أمضى ساعة مِن دهره لا تقرب فيها إلى الله عز وجل ، كل ساعة تمضي عليك وأنت لا تتقرب إلى الله بها فهي خسارة ، لأنها راحت عليك لم تنتفع بها ، فانتهز الفرصة بالصلاة والذكر وقراءة القرآن والتعلق بالله عز وجل ، اجعل قلبك دائما مع الله سبحانه وتعالى ، ربك في السماء وأنت في الأرض ، لا تغفل عن ذكر الله بلسانك وبفعالك وبجنانك بالقلب ، فإن الدنيا ذاهبة لم تبق لأحد ، انظر الأولين من سلفك من الأمم السابقة الماضية البعيدة المدى وانظر من سلفك من أصحابك بالأمس كانوا معك ، يتمتعون ويأكلون كما تأكل ويشربون كما تشرب والآن هم في أعمالهم مرتهنون ، وأنت سيجري عليك هذا طالت الدنيا أم قصُرت : (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) فانتهز الفرصة يا أخي ، انتهز فرصة العمر ، لا ينفعك يوم القيامة لا مال ولا بنون ولا أهل لا ينفعك إلا أن تأتي الله بقلب سليم ، أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يأتي ربه بقلب سليم ، وأن يتوفانا على الإيمان والتوحيد إنه على كل شيء قدير .
6 - باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث على المحافظة عليها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد. متفق عليه. وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ). رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. رواه مسلم. وعن أم هانيء رضي الله عنها، قالت: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من غسله، صلى ثماني ركعات، وذلك ضحى. متفق عليه. أستمع حفظ
قراءة من رياض الصالحين.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين ، وكراهية الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل ، سواء صلى ركعتين بنية التحية أو صلاة فريضة أو سنة راتبة أو غيرها :
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) متفق عليه .
وعن جابر رضي الله عنه قال : ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فقال : صل ركعتين ) متفق عليه .
باب استحباب ركعتين بعد الوضوء :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال : ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعتُ دَف نعليك بين يدي في الجنة ؟
قال : ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طُهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطُهور ما كتب لي أن أصلي ) متفق عليه، وهذا لفظ البخاري " .
باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهية الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل سواء صلى ركعتين بنية التحية أو صلاة فريضة أو سنة راتبة أو غيرها. عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ). متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فقال: ( صل ركعتين ). متفق عليه.
ذكر المؤلف -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في هذا الدرس بابين ، الباب الأول : في تحية المسجد ، وأنها سنة مؤكدة إذا دخل المسجد في أي وقت كان ، وأنه يكره أن يجلس حتى يصلي ركعتين ، وأنه لا فرق بين أن تكون الركعتان تحية المسجد أو سنة راتبة أو فريضة أو صلاة استخارة أو غير ذلك المهم ألا يجلس حتى يصلي ركعتين :
فنتكلم أولاً : سنة دخول المسجد مؤكدة جدًا حتى إن بعض العلماء قال : إنها واجبة ، ويدل على تأكدها جدًا : ( أن رجلا دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب فجلس ، فقال له : أصليت ؟ قال : لا قال : قم فصل ركعتين وتجوز فيهما ) : يعني خففهما لأجل أن يستمع للخطبة ، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يصلي حال الخطبة مع أن استماع الخطبة واجب ، كان ذلك إيذاناً بأن تحية المسجد واجبة ، ولولا نصوص دلت على عدم الوجوب لقلنا إنها واجبة ، لكنها سنة مؤكدة ، في أي وقت إن دخلت بعد صلاة الفجر صل ركعتين ، بعد صلاة العصر صل ركعتين ، عند غروب الشمس صل ركعتين ، عند طلوع الشمس صل ركعتين ، لا تجلس دخلت والإمام يخطب صل ركعتين ، دخلت والناس في الدرس لتستمع الدرس صل ركعتين ، في أي حال في أي وقت لابد أن تصلي ركعتين ، لكن يستثنى من ذلك :
أولاً : إذ دخل الخطيب فإنه لا يُسن له أن يصلي ركعتين ، بل يعمد إلى المنبر ويسلم على الناس ويخطب .
الثاني : إذا دخل المسجد الحرام للطواف ، فإنه يجزئه الطواف عن صلاة الركعتين ، وأما من دخل المسجد الحرام للصلاة فإنه كغيره من المساجد يصلي تحية المسجد ، وما اشتهر بين العامة مِن أن تحية المسجد الحرام الطواف هذا لا أصل له ، بل يقال : من دخل المسجد الحرام ليطوف أجزأه الطواف عن تحية المسجد ، ومن دخل لاستماع درس أو لانتظار فريضة أو ما أشبه ذلك فهو كغيره من المساجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين .
وينبغي إذا دخل المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة أن يصلي ركعتين خفيفتين ، وإذا دخل والمؤذن يؤذن فإن كان في غير الجمعة فإنه ينتظر قائمًا حتى يتابع المؤذن ، ويدعو بالدعاء بعد الأذان ، ثم يصلي ركعتين .
وإن كان في يوم الجمعة والأذان هو الثاني فإنه يصلي تحية المسجد حتى يتفرغ لاستماع الخطبة ، هكذا قال أهل العلم -رحمهم الله- .
8 - باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهية الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل سواء صلى ركعتين بنية التحية أو صلاة فريضة أو سنة راتبة أو غيرها. عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ). متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فقال: ( صل ركعتين ). متفق عليه. أستمع حفظ
باب استحباب ركعتين بعد الوضوء. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة )، قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري.
وينبغي في هاتين الركعتين أن تحرص غاية الحرص على ألا توسوس فيهما ، يعني لا تهوجس ، اجعل قلبك وقالبك لصلاتك ، لأن من أحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه .
ويصلي الركعتين سواء في بيته إن توضأ في بيته ، أو في المسجد إن توضأ في حمام المسجد أو في أي مكان ، والله الموفق .
9 - باب استحباب ركعتين بعد الوضوء. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة )، قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. أستمع حفظ
باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لها والتطيب والتبكير إليها والدعاء يوم الجمعة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وبيان ساعة الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة: قال الله تعالى: (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )).
قال الله تعالى : (( فإذا قُضِيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون )) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة : فيه خُلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أُخرج منها ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل الجمعة " : وذكر أشياء مِن خصائص يوم الجمعة :
ويوم الجمعة هو اليوم الذي بين الخميس والسبت ، وهو الذي خُصت به هذه الأمة ، وأضل الله عنه اليهود والنصارى ، اليهود كان لهم السبت ، والنصارى كان لهم الأحد ، فكانوا تبعا لنا مع أنهم قبلنا في الزمن ، وهذا من فضائل هذه الأمة ولله الحمد ، وهذا اليوم هو يوم الخصائص ويوم السبت والأحد ليس فيه خصائص ، لكن ضل اليهود والنصارى عن يوم الجمعة فصار لنا ولله الحمد والمنة .
ويوم الجمعة له خصائص متعددة ، ومن أحسن من ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في * زاد المعاد * فليرجع إليه فإنه واف كاف .
ثم صدر المؤلف -رحمه الله- هذا الباب بقول الله تعالى : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا في فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )) وكان هذا آخر آية سبقت وهي قوله : (( يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) : فخاطب الله المؤمنين أن يتركوا البيع إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ، والمراد به النداء الثاني الذي يكون إذا حضر الإمام ، أما النداء الأول : فإن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما كثر الناس في المدينة أمر أن يُؤذن أذاناً سابق ليستعد الناس للحضور ، فكان هذا من سنة الخليفة الراشد عثمان الذي أُمرنا باتباع سنته ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) .
ولقد ضل من قال : إنه بدعة ، وسفَّه الصحابة رضي الله عنهم ، وسفَّه الخليفة الراشد ونحن نقول له : أنت المبتدع بهذا القول الذي ادعيت أن هذا بدعة ، وكيف يكون بدعة وقد سماه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم سنة ، ( سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ) : لكن هؤلاء سفهاء الأحلام وإن كانوا كبار السن ، كيف تضلل الصحابة رضي الله عنهم بقائدهم عثمان بن عفان ، وتدعي أنك أنت صاحب السنة ؟! بل أنت صاحب البدعة بهذا القول .
يقول عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله )) والمراد بذكر الله : الخطبة والصلاة ، أما الخطبة فيذكر الله فيها في التشهد وذكر الأحكام والموعظة وغير ذلك ، وأما ذكر الله بالصلاة فهذا ظاهر .
(( وذروا البيع )) : اتركوا البيع ، ولهذا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة حرم البيع إلا على من لا تجب عليه كالنساء مثلا ، وأما من تجب عليه الجمعة فإنه يحرم عليه البيع ، ولو باع لم يصح ، حتى لو كان في طريقه إلى المسجد ، وسمع أذان الجمعة ، ومعه زميل له فتبايعا فإن البيع باطل ، لا ينتقل به المبيع إلى المشتري ولا الثمن إلى البائع ، لأنه باطل ، وكل شيء نهى الله عنه فهو باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ) ، وقوله : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة مِن يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله )) : يشمل المسافر ، المسافر الذي في البلد إذا سمع أذان الجمعة يجب أن يحضر الجمعة لأنه مؤمن ، فمن الذي أخرجه ؟ فإذا قال : أنا مسافر ، قلنا : ألست مؤمنا ؟ سيقول : بلى ، إذا قال : بلى ، قلنا : اسمع : (( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم )) يعني : خير لكم من البيع لأن فيه إقامة شعيرة من شعائر الإسلام وقياما بواجب فهو خير من البيع ، (( إن كنتم تعلمون )) يعني : إن كنتم من ذوي العلم فاعلموا أنه خير ، والمراد بهذه الجملة الشرطية الحث على ترك البيع والتوجه إلى الجمعة ، (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) يعني : لكم الرخصة ، انتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله في البيع والشراء ، لكن لا يلهيكم ذلك عن ذكر الله ولهذا قال : (( واذكروا الله كثيرا )) يعني : لا تظنوا أنكم إذا فرغتم من ذكر الله بالخطبة والصلاة أنكم انتهيتم من ذكر الله ، لا ، ذكر الله في كل حال وفي كل وقت وفي كل مكان ، قال الله تعالى : (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) مَن ذوو الألباب ؟ (( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار )) : فالحاصل أنه إذا قُضيت الصلاة فلا جلوس بعدها مُلزَم ، اخرج ابتغ الرزق ابتغوا من فضل الله ، وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان إذا قدم الصلاة على البيع والشراء ثم اشترى وباع بعد ذلك فإنه يرزق لأنه قال : (( وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون )) : وفي هذا إشارة إلى أنه لا خطبة بعد صلاة الجمعة ، لأن الله قال : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) : ما في خطبة ولا كلام ولا موعظة ، تكفي المواعظ التي في الخطبة التي قبل الصلاة ، والتي كانت مشروعة بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولهذا قال الإمام أحمد -رحمه الله- : " إذا تكلم أحد بعد الصلاة فلا تستمع له إلا أن يكون كتابا من السلطان " ، لأن الكتابات الموجهة من السلطان لا بد أن تستمعها الرعية ، لأن السلطان له حق على الرعية يوجهها ويدلها على الخير ، أما غير ذلك من النصائح فإن في الخطبتين كفاية ، خير الهدي هدي مَن ؟ محمد عليه الصلاة والسلام ولم يكن يخطب بعد الصلاة ولم يرو عنه ذلك في حرف صحيح ولا ضعيف ، يوجد بعض الناس يتخذها سنة راتبة كلما انتهت صلاة الجمعة قام يتكلم فتكون الجمعة فيها كم خطبة ؟ كم ؟
الطالب : ثلاث .
الشيخ : ثلاث خطب ، مِن أين هذا ؟ أما لو طرأ أمر لا بد منه ، لو طرأ أمر لا بد منه أو جاء كتاب من .
10 - باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لها والتطيب والتبكير إليها والدعاء يوم الجمعة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه وبيان ساعة الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة: قال الله تعالى: (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )). أستمع حفظ