تتمة تفسير قول الله تعالى: (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )).
الطالب : ثلاث .
الشيخ : ثلاث خطب ، مِن أين هذا ؟ أما لو طرأ أمر لابد منه أو جاء كتاب من السلطان أو من نائب السلطان من أحد الوزراء أو غيرهم ممن لنا أن نتكلم فهذا نعم يقرأ على الناس ويذكر ، وقوله تبارك وتعالى : (( لعلكم تفلحون )) لعل : هنا للتعليل وليست للترجي ، " وكلما جاءت لعل في كتاب الله فهي للتعليل " ، لأن الرجاء إنما يكون ممن يتعسر عليه الأمر ، وأما الرب عز وجل فكل شيء يسير عليه ، فإذا وجدت لعل في القرآن فهي للتعليل ، مثل : (( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) ، وما أشبه هذا ، (( لعلكم تتقون )) يعني : لأجل أن تتقوا وهذه ، (( ولعلكم تفلحون )) يعني : لأجل أن تفلحوا ، رزقنا الله وإياكم الفلاح والصلاح والإصلاح والهداية ، نسأل الله أن يهدينا وأن يهديَ لنا وأن يهديَ بنا إنه على كل شيء قدير .
1 - تتمة تفسير قول الله تعالى: (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )). أستمع حفظ
هل يجوز بيع المسواك بعد أذان الجمعة ؟
الشيخ : لا يشتري المساويك ، حتى المساويك بعد نداء الجمعة الثاني لا يجوز بيعها ولا شراؤها ، ولذلك نبه صاحب المساويك الذي ، نعم وأقول لك عبارة أحسن من مساويك : المساوي جمع سيء ، لكن قل : أعواد الأراك أعواد الأراك ، إي نعم ، والله أعلم .
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل الجمعة ووجوبها والاغتسال لها والتطيب والتبكير إليها، والدعاء يوم الجمعة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، وبيان ساعة الإجابة، واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة : فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل الجمعة وما يتعلق بها : فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ) : والمراد بذلك : خير يوم من أيام الأسبوع ، وإنما قلنا هذا ، لئلا يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة ) ، فإن يوم عرفة أفضل باعتبار العام ، وهذا أفضل باعتبار الأسبوع ، ( فيه خلق آدم ) : وآدم هو أبو البشر خلقه الله عز وجل بيده ، خلقه من تراب ثم قال له : كن فيكون ، ( خلق يوم الجمعة وفيه أدخل الجنة ) : وهي جنة المأوى التي يأوي إليها البشر ، أدخله الله الجنة هو وزوجه وقال : ( اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) : فأذن الله لهما أن يأكلا من جميع أشجار الجنة مما شاءا ونهاهما عن شجرة معينة اختبارا وابتلاءا ، فوسوس لهما الشيطان ودلاهما بغرور ، وأقسم لهما أن يأكلا من هذه الشجرة وأنه بذلك يحصل لهم الخلد والملك الذي لا يبلى ، وما زال بهما حتى أكلا من الشجرة وكان الله تعالى قد وضع على عورتيهما هيبة ، فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوءاتهما ، وصار كل إنسان ينظر إلى عورته ، آدم ينظر إلى عورة حواء ، وحواء تنظر إلى عورته ، انكشفت لأنهما هتكا حرمة الله عز وجل بأكلهما من الشجرة ، وقال الله تعالى عن ذلك : (( وعصى آدم ربه فغوى )) : لما أكلا منها أمرهما الله عز وجل أن يهبطا إلى الأرض ، أخرجهما من الجنة ، فهبطا إلى الأرض وهذا من حكمة الله عز وجل ، لأنه لولا ذلك ما وجدت هذه البشرية وهذه الخليقة وحصل هذا الامتحان ، ولكن الله تعالى بحكمته قدر لكل شيء سببا ، فانظر كيف نزل من الجنة العالية إلى الأرض الهابطة بمعصية واحدة ؟!! فما بالك بنا نحن معاصٍ كثيرة الليل والنهار -نسأل الله أن يعاملنا وإياكم بعفوه- ومع ذلك نؤمل أملا ما هو إلا تخييل في الواقع وأوهام ، نؤمل أننا في الدرجات العليا ، مع أننا هابطون بكثرة المعاصي والتهاون بالواجبات ، وما في القلوب من الحقد والبغضاء والكراهية ، فنسأل الله أن يتوب علينا وعليكم وأن يصحح قلوبنا وقلوبكم .
وهذه الجنة التي أُهبط منها آدم اختُلف فيها : هل هي جنة المأوى أو أنها جنة بستان عظيم على ربوة طيبة الهواء كثيرة الماء ؟
والصواب أنها جنة الخلد ، وفي هذا يقول ابن القيم :
" فحي على جنات عدنٍ فإنها *** منازلك الأولى وفيها المخيم "
والله على كل شيء قدير ، فهذا فضل يوم الجمعة : أنه فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، وكلاهما حكمة : خلق آدم حكمة إدخاله الجنة حكمة إنزاله الأرض بسبب المعصية حكمة ، ولكن اعلموا أن آدم تاب إلى الله هو وزوجه : (( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) ، قال الله تعالى : (( ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) : فكان بعد التوبة خيرا منه قبل التوبة ، والله الموفق .
3 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا ). رواه مسلم. وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر . رواه مسلم. وعنه وعن ابن عمر رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: ( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ). رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل ). متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ). متفق عليه. وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت, ومن اغتسل فالغسل أفضل ). رواه أبو داود، والترمذي وقال حديث حسن.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لها، والتطيب والتبكير إليها، والدعاء يوم الجمعة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا ) رواه مسلم .
وعنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفراتٌ ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) رواه مسلم .
وعنه ، وعن ابن عمر رضي الله عنهم ، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره : ( لينتهين أقوام عن ودعهم الجُمُعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونُنَّ من الغافلين ) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل ) متفق عليه .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في بيان ما يتعلق بصلاة الجمعة ذكرها النووي -رحمه الله- في * رياض الصالحين * : منها أن الإنسان إذا توضأ في بيته ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من الخطبة ، فإنه يغفر له ما بين الجمعتين ، ( ومن مس الحصى فقد لغا ) : واللغو معناه : أن يحرم من فضل يوم الجمعة وتكون الجمعة في حقه باعتبار الثواب كأنها صلاة ظهر لا كأنها صلاة جمعة ، والحصى هو أن مسجد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان مفروشا بالحصى يعني بالحجرات الصغيرة مثل الفولة وأشبابها ، لأنه ليس هناك فُرش ولا رمال وإنما يفرش بهذا الحصى كالجمار التي يرمى بها الجمرات ، فمن مسه يعني عبث فيه بتمليس أو شبهه فقد لغا ، ووجه ذلك أنه إذا فعل هذا اشتغل عن سماع الخطبة ، وسماع الخطبة واجب ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارًا ) : يعني مثل الحمار يحمل الكتب ما ينتفع بها ، ( والذي يقول له أنصت ليست له جمعة ) : يُحرم أجر الجمعة ، وفي هذا الحديث الذي رواه مسلم يقول : ( من توضأ يوم الجمعة ) ، لكن في حديث أبي سعيد الخدري : ( غُسل الجمعة واجب على كل محتلم ) : والأخذ بحديث أبي سعيد أولى من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن حديث أبي سعيد فيه زيادة وهو الوجوب ، وجوب الاغتسال ، وحديث أبي هريرة فيه التوضأ ، والأخذ بالزيادة واجب .
ثانياً : أن غسل الجمعة ، أن حديث أبي سعيد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد والنسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجه اتفق عليه السبعة ، وحديث أبي هريرة انفرد به مسلم ، ومعلوم أن ما اتفق عليه السبعة أولى بالأخذ مما انفرد به مسلم .
ومنها أن حديث أبي سعيد علق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوجوب بوصف يقتضي التكليف وهو قوله : ( على كل محتلم ) : والمحتلم هو البالغ ، والبلوغ مناط التكليف ، ولهذا نقول : القول الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة : " أن غسل الجمعة واجب على كل إنسان شتاء وصيفا سواء كان فيه وسخ أم لم يكن فيه وسخ " ، لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك واضح ، ولأن هذا هو الذي يظهر من فهم الصحابة رضي الله عنهم : " فإن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه دخل وعمر بن الخطاب أمير المؤمنين يخطب ، فأنكر عليه فقال : والله يا أمير المؤننين ما زدت أن توضأت ثم أتيت فقال : والوضوء أيضًا ؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل ) " ، يعني كيف تقتصر على الوضوء ؟! فأنكر عليه في مشهد من الصحابة ، فالحاصل أن القول الراجح وجوب غسل الجمعة.
لكن لو لم يغتسل فهل تبطل الجمعة ؟ لا ، لا تبطل ، لأن هذا ليس غسل حدث حتى نقول إنه صلى بغير طهارة بل هو غسل واجب عن غير حدث ، ولهذا لا يغني عن غسل الجنابة ، لو أن الإنسان اغتسل للجمعة وعليه غسل جنابة ولا نوى غسل جنابة لم يجزئه ، لأن غسل الجمعة ليس عن حدث بخلاف غسل الجنابة ، والله الموفق .
الطالب : ... .
الشيخ : لا بأس .
الطالب : ما المقصود من قوله : ( من مس الحصى ) ؟
الشيخ : إي ، نفس العبث المقصود العبث ( من مس الحصى ) عبث فيها .
4 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا ). رواه مسلم. وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر . رواه مسلم. وعنه وعن ابن عمر رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: ( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ). رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل ). متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ). متفق عليه. وعن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت, ومن اغتسل فالغسل أفضل ). رواه أبو داود، والترمذي وقال حديث حسن. أستمع حفظ
شرح حديث عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ). رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة؛ فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل يوم الجمعة وما يستحب فيه :
" عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طُهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم يُنصت إذا تكلم الإمام، إلا غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ) رواه البخاري .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن اغتسل يوم الجمعة غُسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث فيما يتعلق بيوم الجمعة وفي صلاتها :
فالحديث الأول : حديث سلمان رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أشياء إذا فعلها الإنسان فإنه يغفر له ما بين الجمعة والجمعة ، منها : الاغتسال : أن يغتسل كما يغتسل للجنابة ، كما في حديث أبي هريرة التالي ، وهذا الاغتسال سبق أن القول الراجح وجوبه ، وأنه يجب على الإنسان أن يغتسل ليوم الجمعة إذا كان يصلي الجمعة ، أما النساء فلا يجب عليهن ، ولكن هذا الوجوب ليس عن حدث ، فلو تركه الإنسان وصلى الجمعة أثم وصحت جمعته ، لأنه ليس عن حدث .
ومنها : أن يدهن بالطيب ، يعني يتطيب بدهن عود أو ورد أو ريحان أو غير ذلك ، المهم أن يتطيب ، ويختار أطيب ما يجد .
ومنها ألا يفرق بين اثنين ، لأنه إذا فرق بين اثنين آذاهما ، وهذا يدل على أن المراد إذا وَجَد الصف مشتبكا فلا يفرق ، أما لو وجد فرجة فله أن يدخل فيها لأن الاثنين هم اللذان افترقا .
ومنها : أن يصلي ما كُتب له ، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة ، فدل هذا على أن الجمعة ليس لها راتبة قبلها ، بل يصلي الإنسان ما شاء قليلا كان أو كثيراً إلى أن يحضر الإمام .
ومنها : أن يُنصت يعني ينصت للخطبة فلا يتكلم إلى أن يفرغ الخطيب من الخطبة ، فإذا فعل هذه الأشياء الخمسة فإنه يغفر له ما بين الجمعتين ، وهذا فضل عظيم من الله عز وجل .
أما حديث أبي هريرة فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من اغتسل غسل الجنابة ) : يعني : يوم الجنابة وغسل الجنابة وهو معروف ، ( ثم راح ) يعني في الساعة الأولى ( فكأنما قرب بدنة ) : يعني كأنما ذبح بدنة ووزعها على الفقراء ، ( ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ) : وخص الكبش بالأقرن لأنه أقوى وأكبر حجماً ، ( ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا حضر الإمام طويت الصحف ) : ولم يكتب للحاضر شيء من الأجر ، إلا أجر الصلاة العادية ، فإذا دخل الإنسان بعد أن دخل الإمام فإنه لا يكتب له أجر التقدم ، لكن يكتب له أجر الخطا من بيته إلى المسجد ، ففي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان في يوم الجمعة أن يبكر ، وأكثر الناس اليوم ولله الحمد ليس لهم شغل ، فارغون ، لكن يكسلهم الشيطان ويخذلهم ويثبطهم عن الخير حتى إن الإنسان ليذهب إلى السوق ليس له شغل ولكن يقطع الوقت إلى أن يحضر الإمام فيحرم من هذا الخير .
هذه الساعات تختلف في طولها وقصرها بحسب اختلاف الأيام : في أيام الصيف يطول النهار فتطول الساعات ، وفي أيام الشتاء يقصر النهار فتقصر الساعات ، والمهم أن تقسم ما بين طلوع الشمس إلى حضور الإمام إلى خمسة أقسام ، قد تكون ساعة عُرفية كالساعات التي معنا ، وقد تكون أطول أو أقصر ، المهم أن تقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام إلى خمسة أقسام فالساعة الأولى هي الخمس الأول ، والثاية الخمس الثاني وهلم جرّا ، والله الموفق .
5 - شرح حديث عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ). رواه البخاري. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة؛ فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: ( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه, وأشار بيده يقللها ). متفق عليه. وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة ؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة ). رواه مسلم. وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي ). رواه أبو داود بإسناد صحيح.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل يوم الجمعة وما يستحب فيه :
" عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال : ( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي ، يسأل الله شيئا ، إلا أعطاه إياه ، وأشار بيده يقللها ) متفق عليه .
وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة ؟ قال : قلت : نعم ، سمعته يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة ) رواه مسلم .
وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مِن أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي ) رواه أبو داود بإسناد صحيح " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث الثلاثة فيما يتعلق بالجمعة : فأما الحديث الأول : حديث أبي هريرة ، والثاني حديث أبي موسى : ففيهما بيان أن في يوم الجمعة ساعةً لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ، وهذا من خصائص يوم الجمعة ، فيه ساعة إذا سألت الله فيها شيئا أي شيء يكون ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم فإن الله تعالى يجيبك ، لكن في الحديث : ( وهو قائم يصلي ) ، وأشار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقلل هذه الساعة ، يعني ساعة ليست طويلة ، وقد اختلف العلماء في تعيين هذه الساعة متى ؟ من أول النهار ، من وسط النهار ، من آخر النهار ، اختلفوا فيها على أكثر من أربعين قول ، أكثر من أربعين قول ، كما اختلفوا في تعيين ليلة القدر على أكثر من أربعين قول ، ولكن قد تكون بعض هذه الأقوال متداخلة ، ويمكن اختصارها ، وأرجى زمن تكون فيه هذه الساعة ما دل عليه حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : ( ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة ) ، يعني إذا دخل الإمام يوم الجمعة وسلم على الناس وجلس من هذا الحين تبتدئ ساعة الإجابة ، ومن المعلوم أنه إذا قام يخطب فإن الناس منصتون ، لكن يمكن أن يدعوا بين الخطبتين وأن يدعوا في صلاة الفريضة ، والدعاء في صلاة الفريضة أقرب إلى الإجابة لأن الإنسان يكون فيها ساجدًا لله وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، لهذا نرى أن أقرب ساعة تكون ساعة إجابة في الجمعة هي هذه الساعة ، من حين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضي الصلاة ، فألح يا أخي على ربك بالدعاء في هذا الوقت ، لعل الله عز وجل أن يجيبك ، ولا تستبطئ الإجابة ، ولا تستعظم المسؤول ، فإن الله سبحانه وتعالى أعظم من أن يتعاظمه شيء ، كل شيء هين على الله ، لو تسأل أي ما تسأل فهو هين على الله عز وجل ، فادع الله سبحانه وتعالى واحرص على الدعاء في هذا الوقت .
الوقت الثاني : من صلاة العصر إلى غروب الشمس ، هذا أيضا ترجى فيه الإجابة ، ولكن يُشكل على هذا قوله : ( وهو قائم يصلي ) ، فإن العصر ما فيه صلاة ، لكن قد يقال : يمكن الإنسان يتوضأ في هذا الوقت يحتاج إلى الوضوء فيتوضأ ثم يصلي ركعتين للوضوء ، أو يقال : إن الإنسان إذا كان في انتظار الصلاة فهو في صلاة ، ولهذا نرى أن الأرجى ما دل عليه حديث أبي موسى ، ثم ما دل عليه حديث أبي هريرة ، وباقي الأقوال ليس عليها دليل بين .
ومما يختص بالجمعة كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا شك أن النبي صلوات الله وسلامه عليه أعظم الخلق حقوقا علينا ، حقوقه علينا أعظم من حقوق أنفسنا على أنفسنا ، ولهذا يجب أن تقدم محبته على محبة نفسك وابنك وأبيك وأمك وزوجك وكل الناس ، ولا يمكن يتم إيمانك إلا بهذا أن تقدم محبة الرسول عليه الصلاة والسلام على محبة كل أحد ، من حقه عليك أن تُكثر من الصلاة والسلام عليه ، وهو ليس بحاجة إلى صلاتك وسلامك ، لكنك أنت بحاجة إلى أجر هذه الصلاة والسلام ، لأنك إذا صليت على الرسول صلى الله عليه وسلم مرة واحدة صلى الله عليك بها عشر ، فإذا قلت : اللهم صل على محمد ، صلى الله عليك عشر مرات ، مع أنك في حاجة إلى ذلك والرسول عليه الصلاة والسلام ليس في حاجة ، ولكن ما معنى الصلاة على الرسول ؟ ! كلنا يقول : اللهم صل على محمد ، لكن كثيراً منا لا يعرف معنى هذه الكلمة ، ما معنى صلى الله عليه وسلم ؟ قال أبو العالية الرياحي رحمه الله : " صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه في الملأ الأعلى " : عند الملائكة المقربين يثني عليه يقول عبدي فلان فيه كذا وكذا ويذكر من صفاته الحميدة ، فأنت إذا صليت على النبي أثنى الله عليك عشر مرات فعليك بالإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وفي كل وقت ، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقني وإياكم القيام بحقه وحق رسوله وحق عباده المؤمنين .
6 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: ( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه, وأشار بيده يقللها ). متفق عليه. وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة ؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة ). رواه مسلم. وعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي ). رواه أبو داود بإسناد صحيح. أستمع حفظ
باب استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة. عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبا من عزوراء نزل, ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجدا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدا - فعله ثلاثا - وقال: ( إني سألت ربي، وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدا لربي ). رواه أبو داود.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبًا من عَزْوَراء نزل، ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خرَّ ساجدًا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدًا - فعله ثلاثا - وقال : إني سألت ربي، وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدًا لربي شكرًا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدًا لربي شكرًا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدًا لربي ) رواه أبو داود " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم " : من المعلوم أن نعمة الله سبحانه وتعالى لا تحصى ، كما قال الله تبارك وتعالى : (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) : وأضرب مثلا بالنَّفَس النفس الذي يتكرر في الدقيقة الواحدة إلى ستين مرة ، هذا النفس لو حبس لهلك الإنسان فهو نعمة كبرى ، ولا يمكن عدها ، وكذلك الصحة والعافية ، الأكل والشرب ، البراز البول ، كل هذه نعم عظيمة لكنها نعم مستمرة ، ولو كُلف الإنسان أن يسجد عند كل نعمة منها لبقي ساجدا مدى الدهر ، لكن هناك نعم تتجدد للإنسان ، كإنسان ولد له ، أو تسهل له الزواج ، أو قدم له غائب ميؤوس منه ، أو حصل على مال أو ما أشبه ذلك من النعم التي تتجدد ، أو بشر بنصر المسلمين أو ما أشبه ذلك فهذا يُستحب للإنسان أن يسجد لله تبارك وتعالى شكرًا له .
فمثلا إذا بشر بولد ، قيل له : أبشر بولد ، هذه نعمة متجددة فيسجد لله كما يسجد في الصلاة ، ويقول : سبحان ربي الأعلى ، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ، ثم يشكر الله على النعمة المعينة التي حصلت ، فيقول : أشكرك يا ربي على هذه النعمة ويثني على الله تعالى بذلك .
هكذا أيضا اندفاع النقم : الإنسان في سلامة دائماً ، دائماً في سلامة ودائما هو معرض للآفات وللنقم لكن أحيانا تنعقد أسباب النقمة ويشاهدها فيرفعها الله عنه ، ولنضرب لذلك مثلا بحادث : إنسان مثلا يمشي في الطريق فانقلبت السيارة فنجى ، هذه اندفاع نقمة فيسجد لله تعالى شكرًا على اندفاع هذه النقمة .
أو إنسان مثلا يمشي فبينما هو كذلك انخسفت به حفرة في الأرض فنجى فهذه اندفاع نقمة يحمد الله سبحانه وتعالى على ذلك ، واندفاع النقم كثير ، فإذا دفع الله عنك نِقمة فاسجد لله تعالى شكرًا على اندفاع هذه النقمة ، وقل مثلا في السجود : سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات ، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ، اللهم إني أشكرك على أن نجوتني من هذه المصيبة ويذكرها هذا سجود الشكر .
واختلف العلماء -رحمهم الله- هل تشترط له الطهارة أو لا ؟ والصحيح أنها لا تشترط ، وذلك لأن هذا يأتي بغتة والإنسان غير متأهب ، فلو ذهب يتوضأ لطال الفصل بين السبب ومسبَّبه ، فإذا كان على غير طهارة فليسجد ولو كان على غير طهارة ، والله الموفق .
7 - باب استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة. عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبا من عزوراء نزل, ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجدا فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدا - فعله ثلاثا - وقال: ( إني سألت ربي، وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدا لربي ). رواه أبو داود. أستمع حفظ
باب فضل قيام الليل: قال الله تعالى: (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )). وقال تعالى: (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )). وقال تعالى: (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )).
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل قيام الليل :
قال الله تعالى : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا )).
وقال تعالى : (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون )) .
وقال تعالى : (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل قيام الليل " : قيام الليل يعني : الصلاة فيه ، وهو أفضل الصلاة بعد المكتوبة كما سيأتي إن شاء الله في الأحاديث ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى الثناء على القائمين في الليل ، فأمر نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وعلى آله وسلم : أمره أن يتهجد فقال : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا )) : فأمر الله نبيه أن يتهجد من الليل ، يعني لا كل الليل ، لأن قيام كل الليل ليس من السنة ، إلا أحيانا كقيام عشر رمضان ، وأما البقية فالسنة أن ينام ويقوم .
قوله : (( فتهجد به نافلة لك )) اختلف العلماء -رحمهم الله- في قوله : (( نافلة لك )) فقيل : المعنى أن هذا خاص بك يعني الوجوب ، وجوب التهجد ، لأن غير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يجب عليه التهجد إلا أن ينذره ، إن نذر أن يتهجد لزمه الوفاء بالنذر وإلا فلا ، أما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه يجب عليه أن يتهجد من الليل .
وقيل : المعنى (( نافلة لك )) : يعني أنه نافلة أي : زيادة فضل ، وهذا له ولغيره عليه الصلاة والسلام .
ثم قال تعالى مبينا ما يكون من ثمرات التهجد قال : (( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً )) قال العلماء : " إذا قال الله تعالى في القرآن عسى فهو واجب " : يعني معناه أن الله سيبعثك مقاما محموداً أي : يبعثك يوم القيامة مقاما تحمد عليه من كل الخلائق ، فلِرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المقام المحمود يوم القيامة ، ومنه الشفاعة العظمى : يعني من المقام المحمود للرسول عليه الصلاة والسلام الشفاعة العظمى ، وهي أن الناس يوم القيامة يُبعثون في صعيد واحد ، ليس هناك جبال ولا أشجار ولا أنهار ولا بناء ، يُسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، لا يحول بينهم وبين الداعي شيء ، ولا بينهم وبين الرائي شيء في صعيد واحد ، وتدنو الشمس ، تدنو الشمس منهم حتى تكون على قدر ميل ، ويطول هذا اليوم حتى يكون مقداره خمسين ألف سنة ، سبحان الله !! الإنسان ما يستطيع أن يقف ولا أربع وعشرين ساعة ، لكن هذا اليوم مقداره خمسون ألف سنة ، فيلحق الناس من الهم والكرب ما لا يطيقون ، فيطلب بعضهم إلى بعض النظر في الأمر لعل أحدًا يشرع لهم عند الله عز وجل يريحهم من هذا الموقف ، فيذهبون إلى آدم ، يلهمهم الله عز وجل أن يذهبوا إلى آدم ، آدم أبو البشر ، كل البشر أبوهم واحد وهو آدم عليه الصلاة والسلام ، وكما هو العادة أن الإنسان يفر إلى أقرب من يرى أنه أنفع فذهبوا إلى أبيهم ، قالوا : ( اشفع لنا أترى إلى ما نحن فيه ، إن الله خلقك بيده وعلمك أسماء كل شيء ، وأسجد لك الملائكة ) : يعني أعطاك خيرا كثيرا فاشفع لنا إلى الله فيعتذر ، يعتذر بماذا ؟ يقول : ( إن الله نهاه عن أكل الشجرة فأكل منها ) : وهذه المعصية فهو خجلان من الله عز وجل فكيف يشفع لكم عند الله ؟
فيذهبون إلى نوح وهو أول الرسل من البشر ، أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض هو نوح صلى الله عليه وسلم ، فيذكرونه بنعمة الله عليه أنه أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض ، ولكنه يعتذر ، يعتذر بماذا ؟ بقوله : (( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق )) ، لأن الله وعده أن ينجيه وأهله ، وكان أحد أبنائه كافرا لم ينج من الماء ، حتى قال له نوح : (( يا بني اركب معنا ولا تكن ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء )) يعني ولا أركب معكم ، لأن المياه عظيمة تدرون كيف كانت ؟ السماء فتَّحه الله ، فتحه في قراءة (( فَفَتَحْنَا أبواب السماء )) وفي قراءة (( فَفَتَّحْنَا أبواب السماء )) وهي أعظم فتّح الله أبواب السماء بماء منهمر غزير أشد من القرب ، وفجر الأرض عيونا ، حتى إن التنور الذي هو محل النار وهو أشد الأرض يبوسة وأبعدها من الماء ، بدأ التنور يفور ، فجرنا الأرض عيونا ، شوف كل الأرض ، إذا كانت السماء فتّحت بماء منهمر والأرض فجرت بالعيون كيف يكون منسوب المياه ؟ يكون عظيماً عظيماً عظيماً حتى صعد الماء إلى قمم الجبال ، وكانت امرأة معها صبي من الكفار الذين كفروا بنوح ، معها صبي كلما ارتفع الماء في الجبل صعدت عنه ، كلما ارتفع صعدت عنه ، حتى وصل الماء إلى قمة الجبل ، فارتفع المنسوب ووصل إلى كعبيها ثم إلى ركبتيها ثم ألجمها الماء ، فرفعت صبيها هكذا لأجل أن ينجو من الغرق ، تغرق هي والولد ترجو أن الولد ينجو من الغرق ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لو نجى الله أحدًا لنجى أم الصبي ) : ولكن والعياذ بالله قضى الله على أهل الأرض أن يغرقوا كلهم إلا من ركب في هذه السفينة ، ابن نوح الذي كفر بأبيه أبى أن يركب قال : (( سآوي إلى جبل يعصمني من الماء )) قال له أبوه : (( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم * فحال بينهما الموج فكان من المغرقين )) غرق لكن نوحا عليه الصلاة والسلام قال : (( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين )) : سبحان الله !! كلام الرب عز وجل لنبي من الأنبياء من أولي العزم : (( إني أعظك أن تكون من الجاهلين )) ، فيأتون إلى نوح في ذلك اليوم -نسأل الله أن ينجينا وإياكم من عذابه- يأتون إلى نوح ويقولون : اشفع لنا فيذكر ذنبه أنه سأل ما ليس له به علم ، والمذنب ليس له وجه يشفع ، المذنب لا يمكن أن يشفع عند من عصاه لأنه ليس له وجه ، فيعتذر ، فيذهبون إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، أبو الأنبياء الذين أُمرنا أن نتبع ملته ، ويذكرونه بنعمة الله عليه ولكنه يعتذر ، يعتذر بأشياء ما تضره ، لكنه عليه الصلاة والسلام لكمال إيمانه جعلها من الأشياء الضارة ، فيذكر ما يذكر من العذر فيقول : اذهبوا إلى موسى ، يأتون إلى موسى ويذكرونه بنعمة الله عليه ، ولكنه يعتذر ، بماذا يعتذر ؟ يقول : إنه قتل نفسًا لم يؤذن له بقتلها حين قتل القبطي الذي استغاثه عليه الإسرائيلي ، إسرائيلي من بني إسرائيل كان مع قبطي يتنازعان ، وكان موسى عليه الصلاة والسلام من أشد الناس صرامة ، قوي شديد ، وهذه من حكمة الله لأن بني إسرائيل ما ينفع بهم إلا الأقوياء الأشداء ، بعثه الله إلى بني إسرائيل ، لما رأى هذا القبطي قد استغاثه الإسرائيلي عليه وكزه موسى : أعطاه وكزة بيده ، (( فقضى عليه )) ، فقال يعتذر بأنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها اذهبوا إلى عيسى ، يذهبون إلى عيسى ، عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام الذي هو آخر الرسل قبل محمد عليه الصلاة والسلام ، ليس بينه وبينه نبي ولا رسول ، ولكنه يعتذر بدون أن يذكر شيئًا ، لكنه يدلهم على من هو أكمل منه وهو محمد صلوات الله وسلامه عليه -وأسأل الله تعالى أن يدخلني وإياكم في شفاعته- يأتون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : ( أنا لها ) ، ويذهب ويسجد تحت العرش بعد إذن الله عز وجل ، ثم يؤذن له بالشفاعة ، فيشفع ، فينزل الرب عز وجل للقضاء بين عباده ، فيقضي بينهم ويستريحون من هذا الموقف ، هذا المقام يا إخواني هل يُحمد عليه الرسول ؟ أجيبوا ؟ نعم لا شك ، كل الأنبياء الكرام الرسل أولو العزم كلهم يعتذرون حتى تصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .