تتمة باب فضل قيام الليل: قال الله تعالى: (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )). وقال تعالى: (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )). وقال تعالى: (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )).
هذا المقام يا إخواني هل يحمد عليه الرسول ؟ أجيبوا ؟ نعم لا شك ، كل الأنبياء الكرام الرسل أولو العزم كلهم يعتذرون ، حتى تصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانظر كيف كانت هذه السلسلة : يعني لو شاء الله سبحانه وتعالى لدلهم على محمد من أول الأمر ، لكن ليظهر فضل هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، ويتحقق قوله تعالى : (( عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا )) ، ونِعم هذا المقام مقامًا ، فصلوات الله وسلامه عليه ، ويأتي -إن شاء الله- بقية الكلام على الآيات .
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل قيام الليل :
قال الله تعالى : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا )).
وقال تعالى : (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون )) .
وقال تعالى : (( كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل قيام الليل " :
ثم ذكر قول الله تبارك وتعالى : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا )) : وسبق الكلام على هذه الآية .
ثم ذكر قول الله تعالى : (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون )) : هذا في سياق قوله تعالى : (( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خرُّوا سُجدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون )) : فوصفهم الله عز وجل بهذه الأوصاف الجليلة : إذا ذكروا بآيات الله خرُّوا سجداً ، أي : خروا سجدًا فيما يتطلب السجود ، فلا يستكبرون أن يضعوا جباههم وأنوفهم على الأرض ، بل يتذللون لله ، إذا أمر بالسجود سجدوا ويحتمل أن يكون معنى : (( خروا سجدا )) أي : أن المراد بذلك كمال التذلل لله بالعبادة ، سواء كان سجدة أو غيرها ، (( وسبحوا بحمد ربهم )) : أي : سبحوا الله سبحانه وتعالى ، وتسبيح الله يعني : " تنزيهه عن كل نقص وعيب " ، هذا التسبيح سبحت الله يعني : نزهته وبرأته من كل نقص وعيب ، لأنه جل وعلا كامل الصفات منتفي عنه جميع النقائص ، وقوله : (( بحمد ربهم )) الباء للمصاحبة ، أي : سبحوا الله تسبيحًا مقرونًا بالحمد مصاحَبًا به ، والحمد هو : " وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم " ، هذا الحمد حمدت الله يعني اعتقدت أن له أوصافا كاملة وذكرت بلساني ذلك ، فإن كُرر المدح صار ثناء ، كما يدل على ذلك حديث أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال : (( الحمد لله رب العالمين )) قال : حمدني عبدي ، وإذا قال : (( الرحمن الرحيم )) قال : أثنى علي عبدي ) .
(( وهم لا يستكبرون )) : يعني لا يستكبرون عن عبادة الله ، إذا أمرهم الله امتثلوا الأمر بذل وخضوع وشعور بالعبودية وشعور بكمال الألوهية والربوبية لله عز وجل .
ومن أوصافهم قوله : (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )) تتجافى أي : تتباعد عن المضاجع : عن المراقد ، فهم يحيون الليل بالصلاة وذكر الله عز وجل ، وإذا أتموا صلاتهم ختموا ذلك بالاستغفار ، كما قال تعالى : (( وبالأسحار هم يستغفرون )) ، قال بعض السلف : هذا يدل على كمال معرفتهم بأنفسهم ، يقومون الليل ثم يستغفرون في آخر الليل خوفا من أن يكونوا قصروا مع الله عز وجل ، (( يدعون ربهم خوفاً وطمعًا )) : يدعون الله دعاء المسألة ودعاء العبادة ، دعاء المسألة : أن يقولوا : يا ربنا اغفر لنا يا ربنا ارحمنا يا ربنا أغننا يا ربنا يسر أمورنا يا ربنا اشرح صدورنا هذا دعاء المسألة ، دعاء العبادة : أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويصوموا رمضان ويحجوا البيت ويبروا الوالدين ويصلوا الأرحام إلى غير ذلك من العبادات ، وكانت العبادة دعاءً ، لأنك لو سألت العابد : لأي شيء تعبد الله ؟ قال : لنيل رضوانه والجنة ، فهو داع بلسان الحال ، وقد يصحبه دعاء بلسان المقال ، فالصلاة مثلا فيها دعاء ، يدعو الإنسان فيها دعاء ركن في الصلاة ، إذا لم تدع في الصلاة في هذا الدعاء بطلت صلاتك ، في أي موضع ؟ ! الفاتحة : (( اهدنا الصراط المستقيم )) هذا دعاء ، ركن في العبادة لو تركته ما صحت صلاتك ، فالصلاة عبادة ، عبادة بلسان الحال ، دعاء بلسان الحال ودعاء بلسان المقال ، ولهذا قال : (( يدعون ربهم )) أي : يعبدونه ويسألونه .
(( خوفا وطمعا )) : خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه ، لأنهم إن فعلوا المحرم عوقبوا ، وإن تركوا المحرم وقاموا بالواجب أثيبوا ، فهم خائفون طامعون ، وقيل : خوفا من ذنوبهم ، وطمعا في فضل الله .
فالإنسان إذا نظر إلى نفسه وإلى ذنوبه خاف ، لأنها ذنوب أثقل من الجبال وأكثر من الرمال ، نسأل الله تعالى أن يعاملنا بعفوه ، وإن نظر إلى سعة رحمة الله وسعة عفوه ، وأن العفو أحب إليه من العقوبة ، وأنه يفرح بتوبة عبده المؤمن أشد من أي فرح على الدنيا ، كلها قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لله أشد فرحاً ) اللام هذه للابتداء وهي للتوكيد ، ( لله أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم ) يقول : ( كان معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فأضلها -ضاعت منه- في أرض فلاة ما حوله أحد ، أضاعها طلبها لم يجدها ، أيس من الحياة ، اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت ، ما بقي إلا أن يموت ، فبينما هو كذلك إذا بخطام الناقة متعلقا بالشجرة ) خطامها يعني : زمامها ( فقام وأخذه وقال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) يريد إيش ؟ ماذا يريد ؟ يريد أن يقول : اللهم أنت ربي وأنا عبدك ، لكن من شدة الفرح قال : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، فالله جل وعلا أشد فرحا بتوبة عبده من هذا الرجل براحلته .
إذًا نحن نطمع بفضل الله ، ذنوبنا كثيرة عظيمة لكن فضل الله أوسع ورحمته أوسع ، إذا كانت الصلوات الخمس تكفر ما بينها إذا لم ترتكب الكبائر فضل عظيم ، فعلى كل حال : هم يدعون الله خوفا وطمعا : خوفا من عذابه وطمعا في ثوابه ، خوفا من ذنوبهم وطمعا في فضله ، كل الأوجه صحيحة .
(( ومما رزقناهم ينفقون )) من : للتبعيض يعني ينفقون بعض ما رزقناهم مو كل ما رزقوا ، لأنه لا ينبغي للإنسان أن يتصدق بكل ماله ، ولهذا لما قال أبو لبابة : ( يا رسول الله إني أتصدق بكل مالي ، قال : يكفيك الثلث ) : يكفيك الثلث ، تصدق بالثلث ، حتى إن العلماء قالوا : " إذا نذر الصدقة بماله كله أجزأه ثلثه " ، لأن هذا هو المشروع ، فعلى هذا تكون من للتبعيض يعني ينفقون شيئا مما رزقناهم ، وقيل : إن من للبيان ، بيان الجنس ، فينفقون حسب الحال قد ينفقون قليلا أو كثيرا الثلث أو النصف أو الكل كما فعل أبو بكر رضي الله عنه ، حث النبي صلى الله عليه وسلم يومًا على الصدقة فتصدق أبو بكر بكل ماله ، وتصدق عمر بشطر ماله بالنصف ، وقال : ( الآن أسبق أبا بكر ) : الآن أسبق أبا بكر ، لأن الصحابة يتسابقون ليس حسدًا لكن تسابقا في الخيرات ، ( فلما جاء بنصف ماله ، وإذا أبو بكر قد تصدق بكل ماله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : ماذا تركت لأهلك ؟ قال : تركت لهم الله ورسوله . قال لعمر : ماذا تركت ؟ قال : تركت النصف ، ثم قال عمر : والله لا أسابقه على شيء أبدا بعد اليوم ) ، لأن أبا بكر رضي الله عنه له سوابق فضائل لا يلحقه لا عمر ولا عثمان ولا علي ولا من دونهم ، المهم أنهم ينفقون مما رزقهم الله فما هو الجزاء ؟ وما هي الثمرة ؟
(( فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )) : اللهم اجعلنا منهم يا رب ، لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين : وذلك في جنات النعيم ، ( فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ، أتظنون أن قول الله تعالى : (( فيهما فاكهة ونخل ورمان )) : أتظنون أن النخل والرمان والفاكهة كالذي في الدنيا ؟
لا والله ، ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء ، اسمه رمان لكن رمان لا يمكن أن يطرأ على بالك ، اسم نخل لكن لا يطرأ على بالك ، اسم فاكهة لكن ما تطرأ على بالك : (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )) ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء الأبرار الكرام البررة ، إنه على كل شيء قدير .
1 - تتمة باب فضل قيام الليل: قال الله تعالى: (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )). وقال تعالى: (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )). وقال تعالى: (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )). أستمع حفظ
تتمة تفسير قوله تعالى: (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )). عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: ( أفلا أكون عبدا شكورا ). متفق عليه.
قال الله تعالى : (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )) .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه ، فقلت له : لم تصنع هذا يا رسول الله ، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل قيام الليل " : وذكر آياتٍ ثلاثا تكلمنا على اثنتين منها وهذه هي الثالثة ، وهي قوله تعالى : (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون )) : هذه من أوصاف المتقين الذين أعد الله لهم الجنات والعيون ، من أوصافهم : أنهم كانوا لا يهجعون من الليل إلا قليلا ، وذلك أنهم يشتغلون بالقيام والتهجد وقراءة القرآن وغير ذلك ، قال الله تعالى : (( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك )) ، فكانوا يقومون في الليل ، ثم إذا فرغوا من القيام رأوا أنهم مقصرون ، فجعلوا يستغفرون الله عز وجل : (( وبالأسحار هم يستغفرون )) ، وقال تعالى في سورة آل عمران : (( والمستغفرين بالأسحار )) أي : في آخر الليل .
ثم ذكر الأحاديث في ذلك ومنها : حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل ويطيل القيام حتى تتفطر قدماه ) :لأن الدم ينزل فيها فتتفطر فقيل له في ذلك : ( كيف تفعل هذا ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا ؟ ) : فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذه الأعمال من شكر نعمة الله سبحانه وتعالى ، فدل ذلك على أن الشكر هو القيام بطاعة المنعم ، وليس الإنسان إذا قال : أشكر الله ، هذا شكر باللسان لكن لا يكفي ، لابد من الشكر بالجوارح بالقيام بطاعة الله عز وجل .
وفي هذا دليل على تحمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للعبادة ، ومحبته لها ، لأنه لا يمكن لأحد أن يفعل ذلك إلا لمحبة شديدة ، ولهذا قال : ( جعلت قرة عيني في الصلاة ) : فالصلاة أحب الأعمال إلى الرسول عليه الصلاة والسلام .
وقد قام معه من الليل مِن أصحابه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قام معه ذات ليلة ، فأطال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم القيام ، قال عبد الله : ( حتى هممت بأمر سوء ، قالوا : بم هممت يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : هممت أن أجلس وأدعه ) : وهو شاب ، أقل سنا من الرسول عليه الصلاة والسلام ، ومع ذلك عجز أن يكون كالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولكن لو قال قائل : هل الأفضل في صلاة الليل أن أطيل القيام أو أن أطيل السجود والركوع ؟ قلنا : انظر ما هو أصلح لقلبك ، قد يكون الإنسان في حال السجود أخشع وأحضر قلب ، وقد يكون في حال القيام يقرأ القرآن ويتدبر القرآن ، ويحصل له من لطائف كتاب الله عز جل ما لا يحصل له في حال السجود ، ولكن الأفضل أن يجعل صلاته متناسبة ، إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود ، وإذا قصر القيام قصر الركوع والسجود ، حتى تكون متناسبة كصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والله أعلم .
2 - تتمة تفسير قوله تعالى: (( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون )). عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: ( أفلا أكون عبدا شكورا ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح ! قال: ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه - أو قال: في أذنه - ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ). متفق عليه.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذان الحديثان فيما يتعلق بقيام الليل : الحديث الأول : أنه ذكر عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل نام حتى أصبح وقوله : ( حتى أصبح ) : يعني حتى طلع الصبح ، ولم يتهجد ويحتمل ، ( حتى أصبح ) : يعني فاتته صلاة الفجر ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنه ) أو قال : ( في أذنيه ) ، فلما بال لم يسمع النداء ، لما بال في أذنيه حال بينه وبين سماع النداء ، فلم يقم ، فدل هذا على فوائد :
أولا : أن الشيطان يبول، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( بال الشيطان في أذنه ) .
وثانيا : أنه يأكل ويشرب ، وهذا ثبت أيضا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : ( لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ) .
أيضاً ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الشيطان يتقيأ ، فإن رجلا أكل طعامًا ولم يسم فشاركه الشيطان فيه ، لأنك إذا بدأت بالطعام ولم تسم الله شاركك الشيطان ، فلما سمى الرجل ، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (تقيأ الشيطان ما أكله ) ، تقيأه : يعني أخرجه من جوفه ، فهذه ثلاثة أشياء : البول الأكل الشرب التقيؤ ، أربعة أشياء ، يجب علينا أن نؤمن بها كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وأن نؤمن بأنها حق على حقيقتها ، لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو أعلم الخلق بأمور الغيب .
ثانيا : هو أنصح الخلق للأمة ، لا يمكن أن يأتي بكلام يلبس عليه .
ثالثا : أنه أفصح الخلق عليه الصلاة والسلام ، لا يمكن أن ينطق بكلام وهو يريد خلاف ظاهره أبدًا .
إذًا الشيطان يأكل ويشرب ويتقيأ ويبول ، ولكن هل بوله وقيؤه وأكله وشربه شيء محسوس مشاهد ؟ لا ، لا يشاهد ، نؤمن بذلك ونقول : هذه أمور غيبية لا نعرف عن كيفيتها ، ولا نعرف عنها من واقع الأمر المحسوس .
وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان في الحديث أن يحرص على قيام الليل حتى لا يكون للشيطان عليه سبيل .
أما حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أخبر بأن الشيطان يعقد على قافية أحدنا إذا نام ثلاث عقد ) يعقدها يحكمها ، ( يقول : عليك ليل طويل ) : نم ، مبكرين ، ما بعد أذن ، تأخر ، وما أشبه ذلك يثبطه عن الخير ، لكن إذا قام الإنسان وذكر الله انحلت عقدة ، فإذا توضا انحلت القعدة الثانية ، فإذا صلى انحلت العقدة الثالثة ، فأصبح طيب النفس نشيطًا والحمد لله الدواء سهل : قم اذكر الله ، قل لا إله إلا الله ، الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ، واقرأ عشر آيات في آخر سورة آل عمران ، توضأ تنحل عقدتان ، صل تنحل العقد الثلاثة .
ولهذا يُستحب أن الإنسان يفتتح قيام الليل بركعتين خفيفتين ، يخففهما ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بذلك ، ولأنه هو نفسه صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك ، يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين ، ولأن ذلك أسرع في حل عقد الشيطان ، من يوم يصلي ركعتين تنحل العقد ، وهذه من أمور الغيب التي لا ندركها نحن بحواسنا ، لا ندركها إلا عن طريق الوحي ، ويجب علينا أن نقول آمنا وصدقنا بما أخبر الله به ورسوله ، لأن هذا هو حقيقة الإيمان ، أما الذي لا يؤمن إلا إذا شاهد ليس بمؤمن ، ولهذا إذا شاهد الكفار العذاب أو شاهدوا الموت يؤمنون ، فرعون لما غرق وشاف أنه هالك قال : (( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) : شوف بعد ما كان يتسلط على بني إسرائيل صار الآن تبعا لهم ، يؤمن بما يؤمنوا به أذل نفسه وهو حي قبل أن يموت : (( لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) / فقيل له : (( آالأن )) ؟ آالآن تؤمن ؟ لا ينفع (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك )) فقد (( لتكون لمن خلفك آية )) لأن بني إسرائيل قد أرعبهم فرعون لو قيل لهم : مات يكون في قلوبهم شك لكن إذا رأوا جثته طافية على الماء آمنوا ، (( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )) .
فالحاصل يا إخواني أن هذه الأمور التي قد تستبعدها عقولكم يجب أن تصدقوا بها ، قالها المعصوم ، قل : آمنا وصدقنا ، لا تقل طيب أنا ألمس إيدي ما أجد فيها رطوبة سبحان الله !! هل بول الشيطان مثل بول الإنسان ؟! هذا أمر علمه عند الله ، أومن بأنه يبول بأذن الإنسان إذا تأخر عن الصلاة صلاة الصبح ، أومن بذلك أما كونه لابد تدرك أن فيه رطوبة أو لا ، طيب تقيأ ما أكله في وسط الطعام ومع ذلك نأكله ولا يضرنا ، ولو تقيأ بشر في وسط العام ما أكلناه .
فالواجب في مثل هذه الأمور أن يصدق الإنسان ويؤمن ، وما أكثر ما خفي علينا ، لما جاؤوا يسألون الرسول عن الروح ويش الروح هذه التي إذا صارت في البدن صار حي ويتحرك ويذهب ويجي وإذا خرجت منه صار جثة ، ويش هالروح هذه ؟ قال الله تعالى : (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) : يعني ما بقي عليكم إلا تعرفون الروح ما هي ، (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) .
ولما جاء عصفور ونقر في البحر ، البحر كثير الماء ، نقر العصفور من البحر وشرب ، هل ينقص البحر ؟ نعم ؟ لا ينقص البحر ، قال الخضر لموسى عليه الصلاة والسلام : ( ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر ) : يعني ما نقصه شيئاً ، ويش حنا يا بني آدم لا نعلم إلا ما علمنا الله ، وما أوتينا من العلم إلا قليلا ، والله الموفق .
3 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح ! قال: ( ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه - أو قال: في أذنه - ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل قيام الليل : " عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
نقل المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل قيام الليل :
عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( يا أيها الناس أفشوا السلام ) : اعلم أن خطاب الشرع إذا صُدر بالنداء دل ذلك على أهمية هذا الخطاب ، لأن النداء يوجب تنبه المخاطب فإنه فرق بين أن تقول الكلام مرسلا وبين أن تنادي من تخاطب فالثاني يكون أبلغ في التنبيه والانتباه ، يقول : ( يا أيها الناس أفشوا السلام ) أفشوا يعني : أظهروا وأعلنوا وأكثروا من السلام ، والسلام يخاطب به المـُسَلم والمسلَم عليه ، أما المسلِم فينبغي له أن يسلم على كل من لاقاه ممن يستحق أن يُسَلم عليه سواء عرفه أم لم يعرفه .
والذي يستحق أن يسلَم عليه هو المسلم الذي لا يحل هجره ، أمام الكافر فلا تبدأه بالسلام سواء كان كافرا لا ينتسب للإسلام ، أو كان كافرا ينتسب للإسلام لكنه على بدعة مكفرة ، فهذا لا تسلم عليه ، لأنه لا يستحق ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ) ، وينبغي للمُسَلِّم أن يرفع صوته حتى يسمع وألا يسلم بأنفه ، لأن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يكون عنده كبرياء ، أو عنده جفاء ، فإذا لاقاك سلم عليك بأنفه ، لا تكاد تسمعه ، هذا خلاف إفشاء السلام ، إفشاء السلام أن ترفع صوتك وتجهر به : السلام عليك ، قال العلماء : " إلا إذا سلم على قوم أيقاظ بينهم نيام فلا ينبغي أن يرفع صوته رفعا يستيقظ به النيام " ، لأن هذا يؤذي النائمين .
ثم إن الصيغة المستحبة أن تقول : " السلام عليك إن كان المسلَّم عليه واحدًا، وإن كانوا جماعة رجال تقول : السلام عليكم ، وإن كانوا جماعة نساء تقول : السلام عليكن " : حسب المخاطَب ، ثم إنك إذا قلت : السلام عليك أو عليكم أو عليكنَّ فإنك تشعر أنك تدعو لهم بالسلامة ، السلام عليكم : مهو مجرد تحية دعاء بالسلامة ، لأن الله يسلمه من كل الآفات من آفات الذنوب وآفات القلوب وآفات الأجسام وآفات الأعراض من كل آفة ، ولهذا لو قلت : أهلا ومرحبا بدل السلام عليك ما أجزأك ، لأن أهلا ومرحبا ما فيها دعاء ، فيها صحيح تحية وتهنئة لكنها ليس فيها دعاء ، السلام المشروع أن تقول : السلام عليكم .
أما المسلَّم عليه فالواجب عليه أن يرد كما سلم عليه ، هذا أمر واجب لقول الله تعالى : (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) ، فإذا قال : السلام عليك فقلت : أهلا ومرحبا بأبي فلان حياك الله وبياك ، سررنا بمجيئك حياك لله تفضل ، كل هذه الكلمات لا تجزئ عن كلمة واحدة ما هي ؟ عليك السلام ، لابد تقول : عليك السلام قبل ، لو تقول أهلا ومرحبا من هنا إلى مكة ما نفع ، لابد أن تقول : إذا قال : السلام عليك أن تقول : عليك السلام ، فإن لم تفعل فأنت آثم ، آثم عليك وزر ، لأنك تركت واجباً ، (( فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) ، وأنت ما رديتها ولا حييت بأحسن منها ، فلابد أن تقول في الجواب : عليك السلام ، كذلك أيضا إذا سلم عليك بصوت مرتفع بين واضح لا ترد عليه السلام بأنفك يسمع أو لا يسمع أيضا هذا ما يجوز ، لأنك لم ترد بمثلها ولا أحسن منها ، وكثير من الناس يقول : السلام عليكم ، كلام واضح ، الثاني يقول : عليكم السلام ، يا الله يسمع ، وبأنفه وغطرسة وجفاء ، هذا لا يجوز ، لأن قوله : (( فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) يشمل الصيغة وصفة الأداء ، لابد أن يكون مثلها أو أحسن منها .
كذلك أيضًا قال عليه الصلاة والسلام : ( أطعموا الطعام ) ، ( أطعموا الطعام ) من نطعم الطعام ؟ من يحتاج إليه ، إطعامك أهلك من الزوجات والأولاد بنين أو بنات ومَن في بيتك أفضل ما يكون ، أفضل من أن تتصدق على مسكين ، لأن إطعامك أهلك قيام بواجب ، والقيام بالواجب أفضل من القيام بالتطوع ، لقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحبَّ إلي مما افترضت عليه ) ، فإطعام الطعام لأهلك أفضل من إطعام المسكين عند الباب ، لأن ذا واجب وذاك تطوع ، فمن أطعم الطعام أهله ولم يقصر عليهم بشيء وقام بالواجب فقد أطعم الطعام ، وما فَضُل وتصدق به فهو خير .
( أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام ) : اللهم اجعلنا من هؤلاء ، ( صلوا بالليل والناس نيام ) : ربما يكون أحسن وألذ نوم ما كان من بعد منتصف الليل إلى الفجر ، فإذا قام الإنسان في هذا الوقت لله عز وجل يتهجد يتقرب إليه بكلامه ، وبدعائه خاشعاً بين يديه والناس نائمون فهذا من أفضل الأعمال .
( صلوا بالليل والناس نيام ) : وهذا محل الشاهد من هذا الحديث : أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم جعل الصلاة بالليل من أسباب دخول الجنة .
والجواب : قال : ( تدخلوا الجنة بسلام ) ، ( تدخلوا الجنة بسلام ) تسلم عليكم الملائكة ، (( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم )) : يهنئونهم بما صبروا وبهذا الثواب العظيم ، وتدخل الجنة بسلام : ظاهره أنه بلا عقاب ولا عذاب ، لأن من عُذب لم يسلم ، فهذه الأمور الثلاثة في هذا الحديث من أسباب دخول الجنة بسلام ، نسأل الله تعالى أن يعينني وإياكم عليها وأن يجعلنا ممن يدخلون الجنة بسلام ، إنه على كل شيء قدير .
4 - شرح حديث عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ). رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ). متفق عليه. وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة. متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا؛ وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته. رواه البخاري.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ) متفق عليه .
وعنه رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة ) متفق عليه .
وعن أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إلا رأيته، ولا نائماً إلا رأيته ) رواه البخاري " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث في بيان فضل صلاة الليل :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ) : صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام وهو واجب بالإجماع ، وشهر المحرم أفضل الشهور التي يتطوع بها بالصوم ، وعلى هذا فيكون صوم شهر المحرم من الصيام المستحب ، لأنه أفضل الصيام بعد الفريضة .
وأما الشاهد من هذا الحديث : ( وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) : هذا هو الشاهد ، صلاة الليل أفضل من صلاة النهار ما عدا الرواتب التابعة للمكتوبات ، فإنها أفضل من النفل المطلق في الليل ، فمثلا راتبة الظهر أربع ركعات بسلامين قبلها ، وركعتان بعدها ، أفضل من ست في الليل ، لأنها راتبة مؤكدة تابعة للفريضة .
وأما النفل المطلق ففي الليل أفضل من النهار ، ولهذا قال : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) .
أما حديث ابن عمر الأول والثاني : ففيه دليل على أن صلاة الليل تكون مثنى مثنى ، لا يمكن أن يصلي أربعًا ، بل لا بد ثنتين ويسلم ثنتين ويسلم ثنتين ويسلم ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " فإن قام إلى الثالثة ناسيًا فهو كما قام إلى ثالثة في الفجر " : يعني فيجب عليه أن يرجع ، فإن لم يفعل بطلت صلاته : يعني لو كنت تصلي في الليل على ركعتين ركعتين ، فقمت إلى الثالثة ناسيًا ، وجب عليك أن ترجع حتى لو بدأت بقراءة الفاتحة ، يجب أن ترجع ، فإن لم تفعل بطلت صلاتك لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( صلاة الليل مثنى مثنى ) يعني على ثنتين ثنتين ، إلا أنه يستثنى من ذلك الوتر إذا أوتر بثلاث أو خمس أو سبع أو تسع ، فإذا أوتر بثلاث فإن شاء سلم من الركعتين الأوليين وأتى بالثالثة وحدها ، وإن شاء جمع الثلاثة جميعا بسلام واحد .
وإن أوتر بخمس سردها كلها بسلام واحد ، وتشهد واحد ، وإن أوتر بسبع فكذلك يسردها كلها بسلام واحد .
وإن أوتر بتسع كذلك يسردها بسلام واحد إلا أنه في الثامنة يجلس ويتشهد ولا يسلم ثم يأتي بالتاسعة ويسلم ، وإن أوتر بإحدى عشرة سلم من كل ركعتين كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وفي حديث ابن عمر الأول والثاني : دليل على أن الوتر لا يكون بعد طلوع الفجر ، إذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر ، فإن غلبه النوم ولم يوتر قبل طلوع الفجر صلى من النهار لكن يصلي شفعًا ، فإن كان من عادته أن يوتر بثلاث صلى أربعًا وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس صلى ستًا
وهلم جرَّا .
فهذه الأحاديث في فضل صلاة الليل وفي كيفية صلاة الليل وأنها مثنى مثنى . أما حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ففيه دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أحيانًا يُديم العمل الصالح حتى لا تراه إلا على هذا العمل ، كان لا تراه قائمًا إلا رأيته ، ولا تراه نائما إلا رأيته ، وكذلك في الصوم لا تراه صائما إلا رأيته ولا تراه مفطرا إلا رأيته : يعني أنه عليه الصلاة والسلام يتبع ما هو أصلح وأنفع ، أحياناً يديم الصوم أحيانا يديم القيام ، أحيانًا يديم الفطر أحياناً يديم النوم ، لأنه عليه الصلاة والسلام يتبع ما هو الأفضل والأرضى لله وما هو الأريح لبدنه ، لأن الإنسان له حق على نفسه كما قال عليه الصلاة والسلام لعبد الله بن عمرو بن العاص : ( إن لنفسك عليك حقاً ) ، والله الموفق .
5 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ). رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة ). متفق عليه. وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة. متفق عليه. وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا؛ وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته. رواه البخاري. أستمع حفظ
ما حكم رد السلام بأهلا ومرحبا ؟.
الشيخ : أي نعم ، إذا سلمت على إنسان وقال : أهلا ومرحبا نبهه قل : يا أخي هذا ما يكفي وأنت الآن ما رددت السلام ، الواجب في ذمتك حتى الآن ، نبهه لأن الله عز وجل أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمر بالدعوة إلى الله عز وجل .
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة - تعني في الليل - يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة. رواه البخاري. وعنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة: يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي ثلاثا. فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر !؟ فقال: ( يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ). متفق عليه. وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي. متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل قيام الليل : " عن عائشة رضي الله عنها : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة -تعني في الليل- يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة ) رواه البخاري .
وعنها رضي الله عنها قالت : ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة : يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي ثلاثًا. فقلت : يا رسول الله أتنام قبل أن توتر !؟ فقال : يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ) متفق عليه .
وعنها رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي ) متفق عليه .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فلم يزل قائمًا حتى هممت بأمر سوء ، قيل : ما هممت ؟ قال : هممت أن أجلس وأدعه ) متفق عليه .
وعن حذيفة رضي الله عنه قال : ( صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت : يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت : يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت : يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول : سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال : سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبًا من قيامه ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه أحاديث في بيان صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الليل : منها حديث عائشة الأول : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشر ركعة ) : وقد بين ذلك مفصلا في أحاديث أخرى : أنه يسلم من ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعة ، يعني يصلي إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة ، ثم كان عليه الصلاة والسلام .
7 - شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة - تعني في الليل - يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة. رواه البخاري. وعنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة: يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي ثلاثا. فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر !؟ فقال: ( يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ). متفق عليه. وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي. متفق عليه. أستمع حفظ