تتمة شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة - تعني في الليل - يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة. رواه البخاري. وعنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة: يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ! ثم يصلي ثلاثا. فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر !؟ فقال: ( يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي ). متفق عليه. وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل ويقوم آخره فيصلي. متفق عليه.
الشيخ : ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعة : يعني يصلي إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ثنتين ، ويوتر بواحدة . ثم كان عليه الصلاة والسلام يصلي ركعتين قبل الغداة : يعني إذا أذن الفجر صلى ركعتين ، وكان يخفف هاتين الركعتين حتى تقول عائشة : ( أقرأ بأم القرآن ؟ ) : لشدة تخفيفه لهما ، ثم يضطجع على جنبه الأيمن حتى يأتيه المؤذن يؤذنه بالصلاة عليه الصلاة والسلام : ففي هذا دليل على أن قيام الليل إحدى عشرة ركعة يوتر بواحدة . ودليل على أنه ينبغي أن يصلي الإنسان الراتبة في بيته أفضل من المسجد لاسيما الإمام . وفيه أيضا أن الإمام لا يخرج من بيته إلا للإقامة ، يبقى في بيته حتى يأتي وقت الإقامة فيخرج إلى المسجد ويصلي ، هذا هو الأفضل ، أفضل من أن يتقدم الإمام ويصلي بالمسجد ، الذي غير الإمام ينتظر الإمام والإمام ينتظره غيره ، فلذلك كان الأفضل في حقه أن يتأخر إلى قرب إقامة الصلاة ، إلا أن يكون لهذا سبب ، أو يكون في تقدمه مصلحة ، مثل أن يكون تقدمه يشجع المصلين فيتقدمون ، ولو تأخر لكسلوا فهذا ينظر للمصلحة . وفي حديثها الثاني : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة ) ، ( لأنها سئلت : كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في رمضان ؟ قالت : كان لا يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا ) : هذه أربع وأربع وثلاث : إحدى عشرة ، هذا هو السنة وهو الأفضل ألا يزيد في صلاة الليل على إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ركعة كما صح به الحديث . وقولها رضي الله عنها : ( يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ) : قد ظن بعض الناس أنها أربع مجموعة بسلام واحد ، وهذا غلط ، لأنه قد جاء مفصلاً مُبينًا أنها أربع ركعات يسلم من كل ركعتين ، وأربع ركعات يسلم من كل ركعتين ، وثلاث ركعات ، فيكون قولها : ( يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ) : يكون فيه دليل على أنه إذا صلى الأربع بسلامين استراح قليلا لقولها : ( ثم يصلي ) : وثم للترتيب بمهلة ، ثم يصلي الأربع على ركعتين ثم الثلاثة . وفي هذا إشارة ، أو أنا أشير في هذه المسألة إلى أنه ينبغي للإنسان ألا يتعجل في فهم النصوص ، بل يجمع شواردها حتى يضم بعضها إلى بعض ، ويتبين له الأمر ، فقد كان بعض الإخوان الذين بدؤوا يتعلمون ولاسيما علم الحديث : صاروا يصلون بالناس أربع ركعات جميعًا وهذا غلط ، غلط على السنة وفهم خاطئ ، ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل فقال : مثنى مثنى ) : وهذا حصر في أنها ركعتان ركعتان ، لا يمكن أن يصلي أربعًا في الليل إلا في بعض صور الوتر يصلي خمسًا جميعا وسبعًا جميعا وتسعًا جميعا ألا أنه يتشهد في الثامنة .
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت ؟ قال: هممت أن أجلسي وأدعه. متفق عليه. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا. إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه. رواه مسلم.
الشيخ : أما حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : فهو صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بابه مفتوح بيته بيت للصحابة للأمة ، يأتي الواحد في الليل يحب أن يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام ، لا يقول له : لا تصل معي ، صل في بيتك ، بل يشرح له صدره ويدخل للبيت ويصلي معه ، وكان ابن مسعود رضي الله عنه من الذين يخدمون الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، صاحب السواك ، ينظف سواك الرسول عليه الصلاة والسلام له ، وصاحب الوساد وساده ، وصاحب النعل رضي الله عنه . فكان يدخل على الرسول ويصلي معه ، صلى معه ذات ليلة فلما دخل في الصلاة أطال النبي صلى الله عليه وسلم القيام ، أطال القيام يقول : ( حتى هممت بأمر سوء ، قيل : بماذا هممت يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : هممت أن أجلس وأدعه ) : وهو شاب والرسول صلى الله عليه وسلم أسن منه ، ومع ذلك كان يقف ويطيل حتى يعجز الشباب عن قيامه عليه الصلاة والسلام ، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، لكنه يصلي عليه الصلاة والسلام شكرا لله عز وجل كما قال : ( أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا ) . والمرة الثانية صلى معه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ذات ليلة ، فبدأ بسورة البقرة فقلت : يركع عند المئة : يعني إذا أتم مئة آية ركع ، ولكنه مضى فقلت : يركع بها ، لكنه أتمها ثم بدأ بسورة النساء فأتمها ، ثم بدأ بسورة آل عمران فأتمها : يرتل عليه الصلاة والسلام ، يرتل القرآن ، وهذه السور الثلاث تمثل خمسة أجزاء وربع جزء ، خمسة أجزاء وربع جزء بالترتيل كم تستغرق من ساعة ؟ ساعتين ونصف تقريباً ، ساعتين ونصف وهو واقف صلوات الله وسلامه عليه ، ( ولا يمر بآية رحمة إلا سأل ، ولا آية تسبيح إلا سبح ، ولا آية وعيد إلا تعوذ ) : فيجمع بين القراءة والذكر والدعاء عليه الصلاة والسلام مع هذا الطول العظيم ، ( ثم ركع ) ، وكيف كان ركوعه ؟ ( كان ركوعه نحوا من قيامه ) ، أطال الركوع ثم رفع قائلا : ( سمع الله لمن حمده ، وكان قيامه نحوا من ركوعه ، ثم سجد وكان سجوده نحوا من قيامه ) : وهكذا صلاته كانت متناسبة : إذا أطال في القراءة أطال في الركوع والسجود ، يقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، ويقول في السجود : سبحان ربي الأعلى ، ويقول أيضا إضافة إلى ذلك : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ، ويقول أيضا : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، فالصلاة روضة من رياض العبادات ، روضة فيها من كل زوج بهيج : قرآن وذكر ودعاء تسبيح وتكبير وتعوذ ، ولهذا كانت هي أفضل العبادات البدنية ، أفضل من الصيام ، وأفضل من الزكاة ، وأفضل من الحج ، وأفضل من كل العبادات إلا التوحيد أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله فهذا هو مفتاح الإسلام . فالحاصل أن هذه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الليل ، فاحرص يا أخي المسلم ، أسأل الله أن يعينني وإياكم على اتباعه ظاهرا وباطنا وأن يتوفانا على ملته وأن يحشرنا في زمرته ، ويدخلنا معه جنات النعيم . الطالب : آمين .
شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الصلاة أفضل ؟ قال: ( طول القنوت ). رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما ). متفق عليه. وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل قيام الليل : " عن جابر رضي الله عنه قال : ( سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الصلاة أفضل ؟ قال : طول القنوت ) رواه مسلم . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سُدُسه، ويصوم يومًا ويفطر يومًا ) متفق عليه . وعن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة ) رواه مسلم " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأحاديث ساقها المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل صلاة الليل منها : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل : أي الصلاة أفضل ؟ قال : طول القنوت ) : والمراد بطول القنوت أي : طول الخشوع لله عز وجل ، والقيام والركوع والسجود . وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- أيهما أفضل ؟ طول القراءة مع تخفيف الركوع والسجود ، أو الأفضل تقصير القراءة والركوع والسجود ، بمعنى هل الأفضل أن تعدد الركعات مع كثرة العدد ، أو أن تطيل الركعات مع قلة العدد ؟ والصواب : أن الأفضل في ذلك أن تكون الصلاة متناسبة ، وقد سبق في درس اليوم الماضي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجعل ركوعه نحوًا من قيامه ، وسجوده كذلك نحوا من قيامه ، أي : قريبا منه . وذكر -رحمه الله- من ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله صيام داود ) : أما صلاته يعني : النافلة صلاة الليل ، ( فإنه كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ) : فيقسم الليل ثلاثة أقسام : النصف الأول للنوم ، ثم الثلث للقيام ، ثم السدس للنوم ، لأنه هذا فيه راحة البدن ، فإن الإنسان إذا نام نصف الليل أخذ حظا كبيرا من النوم ، فإذا قام الثلث ثم نام السدس ، فإن التعب الذي حصل له بالقيام ينتقض بالنوم الذي في آخر الليل ، ولكن مع هذا إذا قام الإنسان في أي ساعة من الليل فإنه يرجى له أن ينال الثواب ، هذا الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام هو أحب إلى الله والأفضل ، لكن يكفي أن تقوم الثلث الأخير أو الثلث الأوسط أو النصف الأول حسب ما تيسر لك ، قالت عائشة رضي الله عنها : ( من كل الليل أوتر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أول الليل ووسطه وآخره ) . فالأمر في هذا ولله الحمد واسع . ثم ذكر الحديث الثالث : ( أن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله تعالى بخير إلا أعطاه إياه ) : وهذه الساعة غير معلومة بعينها ، يعني الله أعلم ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا بهذا من أجل أن نجتهد وأن نتحرى فضل الله عز وجل ونعمته بقبول الدعاء ، وهذا كساعة يوم الجمعة مبهمة ، وإن كان ساعة يوم الجمعة أرجى ما يكون إذا حضر الإمام يعني الخطيب إلى أن تقضى الصلاة ، والله الموفق .
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. رواه مسلم. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل ). رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإنة أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء ). رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعا، كتبا في الذاكرين والذاكرات ). رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول، فليضطجع ). رواه مسلم.
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل قيام الليل : " عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من وجع أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) رواه مسلم . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن حزبه أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت، وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ) رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعنه، وعن أبي سعيد رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا أو صلى ركعتين جميعًا، كتبا في الذاكرين والذاكرات ) رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر فيسبَّ نفسه ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول، فليضطجع ) رواه مسلم " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه بقية الأحاديث التي نقلها النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب فضل صلاة الليل : وتدل على أمور : الأمر الأول : أن الإنسان إذا فاته قيام الليل فإنه يقضيه من النهار ، ولكنه لا يوتر ، لأن الوتر تختم به صلاة الليل وقد انتهت كما دل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا غلبه وجع أو غيره ) يعني كالنوم ( فلم يصل في الليل ، صلى في النهار ثنتي عشرة ركعة ) : لأنه عليه الصلاة والسلام كان يواظب في أكثر أحيانه على إحدى عشرة ركعة ، فكان يقضي ما هو الأكمل والأكثر ، يقضي ثنتي عشرة ركعة ، وعلى هذا فإذا كان من عادة الإنسان أنه يوتر بثلاث ، ولم يقم ، فإنه يقضي في النهار أربعا ، ولا يقضي ثلاثا ، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس يقضي ستا وهلم جرا ، ولكن متى يقضي ؟ يقضيه فيما بين طلوع الشمس وارتفاعها إلى زوال الشمس ، كما يدل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه فيمن فاته ورده أو حزبه في الليل أو شيء منه : أنه يقضيه في النهار في الضحى ، فيقضي ذلك في الضحى ، فإن نسي ولم يتذكر إلا بعد الظهر قضاه بعد الظهر ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) . ومما دلت عليه هذه الأحاديث أن الإنسان إذا غلبه النوم وجاءه النعاس وهو يصلي فلا يصلي ، وذلك لأنه ربما يذهب يستغفر لنفسه فيسبُّ نفسه لأنه ينعس . وأيضًا ربما يستعجم القرآن على لسانه فيتكلم بالكلمة من القرآن على غير وجهها فيحرف القرآن ، فأنت إن كان من عادتك أن تصلي بالليل وجاءك النوم لا تجهد نفسك ، نم حتى يزول عنك النعاس ، ثم استأنف القيام فإن طلع الفجر فعلى ما سبق : تقضي الوتر في الضحى ولكن شفعا . ومما تدل عليه هذه الأحاديث أنه ينبغي للإنسان إذا كان له أهل وقام من الليل أن يوقظ أهله ، لكن حسب نشاط الأهل ، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل فإذا لم يبق إلا الوتر أيقظ عائشة فأوترت ، يعني : وليس من اللازم أن توقظ أهلك معك ، لأنه قد يكون أهلك ليسوا مثلك في النشاط البدني أو في النشاط النفسي فلا توقظهم معك ، ليس بلازم إلا إذا رأيت أنهم يرغبون ، ولكن لا تنسهم من آخر الليل ، يقومون ولو للوتر ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يقوم الليل ويصوم النهار ويعبد ربه حق عبادته .
باب استحباب قيام رمضان وهو التراويح. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ). متفق عليه. وعنه رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة؛ فيقول: ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب استحباب قيام رمضان وهو التراويح : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وعنه رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول : من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه مسلم " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب قيام رمضان وهو التراويح " : سُمي تراويح ، لأن السلف الصالح رضي الله عنهم كانوا يقومون رمضان ، ويطيلون القيام والركوع والسجود ، فإذا صلوا أربع ركعات يعني تسليمتين : استراحوا ، وإذا صلوا أربعا استراحوا ، ثم يصلون ثلاثا ، وهذا يؤيده حديث عائشة رضي الله عنها السابق : ( كان يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا ) : فكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة : يعني ما يُلزم لكن يرغب ، يقول : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) . وقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثلاث ليال في رمضان يصلي بهم جماعة ، ثم تأخر وقال : ( إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ) : فتركها ، وبقي الناس يأتون إلى المسجد ويصلون الرجلين والثلاثة أوزاعًا ، كل يصلي مع صاحبه ، فخرج عمر ذات يوم ، بل ذات ليلة ، خرج ذات ليلة فوجدهم يصلون أوزاعًا ، فرأى رضي الله عنه بثاقب رأيه أن يجمعهم على إمام واحد ، فأمر أُبي بن كعب ، أَمر أُبي بن كعب رضي الله عنه وآخر معه أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة ، قال : " صليا بالناس إحدى عشرة ركعة " ، فاجتمع الناس على إمام واحد في التراويح ، وبقي المسلمون على هذا إلى يومنا . لكن اختلف العلماء في عدد ركعات التراويح : فمنهم من قال : إحدى عشرة ركعة . ومنهم من قال : ثلاثة عشرة ركعة . ومنهم من قال : ثلاثة وعشرون ركعة . ومنهم من قال : أكثر من ذلك ، والأمر في هذا واسع ، لأن السلف الذين اختلفوا في هذا لم ينكر بعضهم على بعض ، فالأمر في هذا واسع ، يعني نحن لا ننكر على من زاد على إحدى عشرة ركعة ، ولا على من زاد على ثلاث وعشرين ركعة ، ونقول : صل ما شئت ما دامت الجماعة جماعة المسجد قد رضوا بذلك ولم ينكر أحد . أما إذا اختلف الناس فالرجوع إلى السنة أولى ، والسنة ألا يزيد على ثلاثة عشرة ركعة ، ( لأن عائشة سئلت : كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم برمضان ؟ قالت : كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة ) ، فأما مع عدم الخلاف فإنه يصلي ثلاث وعشرين أو أكثر ما دام الناس لم يقولوا : خفف ، فإذا قالوا : خفف ، فلا يزيد على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة ، والله الموفق .
باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها: قال الله تعالى: (( إنا أنزلناه في ليلة القدر ... )) إلى آخر السورة. وقال تعالى: (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة... )).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها : قال الله تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر )) إلى آخر السورة . وقال تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين )) . عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيمانًا واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وعن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن رجالًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول : تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) متفق عليه . وعنها رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) رواه البخاري . وعنها رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل كله، وأيقظ أهله، وجدَّ وشد المئزر ) متفق عليه . وعنها رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره ) رواه مسلم . وعنها رضي الله عنها قالت : ( قلت : يا رسول الله ! أرأيت إن علمت أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا الباب خصه المؤلف -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * لليلة القدر : وليلة القدر سميت بذلك لوجهين : الوجه الأول : أنه يقدر فيها ما يكون في السنة من أعمال بني آدم وغيرها ، ودليل ذلك قوله تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم )) يعني : يفصل ويبين . والوجه الثاني : أن ذلك الشرف : يعني ليلة القدر أي : ليلة ذات الشرف ، لأن قدرها عظيم ، ويدل لذلك قوله تعالى : (( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر )) : هذه الليلة خُص بفضلها هذه الأمة ، خُصت بفضلها هذه الأمة فكانت لها ، ويُذكر : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عُرضت عليه أعمار أمته فتقاصرها ، فأعطي ليلة القدر وجعلت هذه الليلة خيرا من ألف شهر ، فإذا كان الإنسان له عشرون سنة : صار له عشرون ألف حسنة في ليلة القدر ، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة ، والله تعالى خص هذه الأمة وخص نبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخصائص لم تكن لمن سبقهم ، فالحمد لله رب العالمين . ثم ذكر المؤلف أحاديث وردت في ذلك وأنها أي : ليلة القدر في رمضان ، وأنها في العشر الأواخر منه ، وأنها في أوتاره آكد ، وأنها في ليلة سبع وعشرين آكد ، لكن هي تتنقل في العشر ، يعين قد تكون هذه السنة ليلة إحدى وعشرين ، والسنة الثانية ليلة ثلاث وعشرين ، والثالثة ليلة خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو أربع وعشرين أو ست وعشرين أو اثنتين وعشرين ، تتنقل ، لأنها ليست ليلة معينة دائما ، لكن أرجى ما تكون ليلة سبع وعشرين ، ثم الأوتار ، وأرجى العشر الأواخر السبع الأواخر منها ، ( لأن جماعة من الصحابة أُروا ليلة القدر في السبع الأواخر فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) : وهذا يحتمل أنه كل عام ، أو أنه تلك السنة فقط . وعلى كل حال فهي في العشر الأواخر ، ولا تكون في الأوسط ولا في العشر الأول ، بل هي في العشر الأواخر من رمضان .
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ). متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ). متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ). متفق عليه. وعنها رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ). رواه البخاري. وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل كله، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر. متفق عليه. وعنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم. وعنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال: ( قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الشيخ : وذكر المؤلف -رحمه الله- أحاديث عن عائشة رضي الله عنها ، عدة أحاديث ، مما يدل على فضل هذه المرأة ، وأنها حفظت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من سنته ما لم تحفظه امرأة أخرى من النساء ، فهي رضي الله عنها أكثر النساء حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، حفظت من شريعة الله وسنة رسوله ما لم يحفظه امرأة سواها ، فجزاها الله عن أمة محمد خيرا. عائشة تقول للرسول صلى الله عليه وسلم : ( أرأيت إن وافقتُ أو إن علمت أي ليلةٍ ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) : عفو : والعفو هو المتجاوز عن سيئات عباده ، وهو سبحانه وتعالى عفو قدير يعني : يعفو مع المقدرة ، ليس كبني آدم إذا عجز عن الشيء قال : سامحتك ، إنما يعفو مع القدرة جل وعلا وهذا هو كمال العفو ، وهو سبحانه وتعالى يحب العافين عن الناس : (( فمن عفا وأصلح فأجره على الله )) . وهو سبحانه يحب الذين يأخذون من الناس العفو ، بل أمر بذلك قال : (( خذ العفو وأمر بالعرف )) قال العلماء : معنى العفو يعني : خذ ما عفا من الناس ، يعني ما سهُل منهم خذه ولا تشرح عليهم ولا تشد الحبل خذ العفو واترك ما زاد ما وراء ذلك ، وهذا من آداب القرآن أن الإنسان يكون واسع الصدر لبني آدم يأخذ العفو . فالشاهد أنك في ليلة القدر تقول ، يعني أفضل ما تدعو به أن تقول : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ، والله الموفق .
باب فضل السواك وخصال الفطرة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ). متفق عليه. وعن حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. متفق عليه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ ويصلي. رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكثرت عليكم في السواك ). رواه البخاري. وعن شريح بن هانيء قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته. قالت: بالسواك. رواه مسلم. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ). رواه النسائي، وابن خزيمة في صحيحه بأسانيد صحيحة.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل السواك وخصال الفطرة : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ) متفق عليه . وعن حذيفة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنا نُعدُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ ويصلي ) رواه مسلم . وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكثرت عليكم في السواك ) رواه البخاري . وعن شريح بن هانىء قال : ( قلت لعائشة رضي الله عنها : بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته ؟ قالت : بالسواك ) رواه مسلم . وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه ) متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم . وعن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) رواه النسائي وابن خزيمة في * صحيحه * بأسانيد صحيحة " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل السواك وسنن الفطرة " : السواك : هو التسوك وهو دلك الأسنان واللثة واللسان بعود الأراك ، هذا السواك المعروف هو عود الأراك ويحصل الفضل بعود الأراك أو بغيره من كل عود يشابهه ، والصحيح أنه يحصل أيضا بالخرقة وبالإصبع ، لكن العود أفضل ، والسواك ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيه فائدتين عظيمتين : كما في حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) :مطهرة للفم : يعني يطهر الفم من الأوساخ والأنتان وغير ذلك مما يضر ، وقوله : ( للفم ) : يشمل كل الفم ، الأسنان واللثة واللسان كما في حديث أبي موسى : ( أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وطرف السواك على لسانه ) . الفائدة الثانية : مرضاة للرب ، يعني : أنه من أسباب رضا الله عن العبد أن يتسوك . وللسواك مواضع يتأكد فيها ، وإلا فهو مسنون كل وقت ، لكن يتأكد في مواضع معينة منها : إذا قام من النوم ، فإنه يسن له أن يستاك ، لحديث حذيفة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك ) : يعني يتسوك . وكذلك يؤيده حديث عائشة : ( أنهم كانوا يعدون له سواكه ووضوءه فإذا قام تسوك وتوضأ وصلى ما شاء الله ) ، فيُسن عند القيام من النوم بالليل أو بالنهار ، لأن الفم يتغير فيسن أن يتسوك . كذلك يُسن إذا دخل الإنسان بيته ، أول ما يدخل يتسوك : ( لأن عائشة سئلت : أي شيء يبدأ به الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته ؟ قالت : بالسواك ) . ثالثًا : يتسوك عند الصلاة ، إذا أراد أن يصلي فريضة أو نافلة صلاة ذات ركوع وسجود أو صلاة جنازة فإنه يسن أن يتسوك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) . كذلك أيضاً يُسن السواك بتأكد عند الوضوء ومحله عند المضمضة أو قبل أو بعد ، لكنه عند الوضوء يتسوك إما عند المضمضة أو قبل أو بعد ، المهم عند الوضوء يسن أن يتسوك كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم . وألحق العلماء -رحمهم الله- ما إذا تغير فمه بأكل أو شرب لبن أو نحوه مما له دسم ، فإنه يسن أن يتسوك ، لأنه يطهر الفم . وعلى كل حال فالسواك سنة ، ويتأكد في مواضع ، ولكنه من حيث السنية مشروع كل وقت ، حتى للصائم بعد الزوال فإنه كغيره يسن له أن يتسوك ، وأما من كره ذلك من أهل العلم فقوله لا دليل عليه ، والصحيح أن الصائم يتسوك أول النهار وآخر النهار ، والله الموفق .
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب ). متفق عليه.. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ) قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة؛ قال وكيع - وهو أحد رواته - : انتقاص الماء؛ يعني: الاستنجاء. رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) . متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل السواك وخصال الفطرة : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الفطرة خمس، أو خمسٌ من الفطرة : الختان، والاستحداد، وتقليمُ الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ) . قال الراوي : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة . قال وكيع - وهو أحد رواته - : انتقاص الماء، يعني : الاستنجاء ، رواه مسلم . وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ) متفق عليه " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : ساق المؤلف -رحمه الله- أحاديث خصال الفطرة في باب فضل السواك وخصال الفطرة : والفطرة يعني : التي فطر الخلق على استحسانها ، وأنها من الخير ، والمراد بذلك الفطر السليمة ، لأن الفطر المنحرفة لا عبرة بها ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) : وذكر منها : حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( الفطرة خمس ) وفي لفظ ( خمس من الفطرة ) : فعلى اللفظ الأول يكون المعنى أن الفطرة هي هذه الخمس ، وعلى الثاني يكون المعنى أن هذه الخمس من الفطرة وهناك أشياء أخرى غيرها من الفطرة ، وهذا اللفظ أقرب إلى الواقع لأن الخمس التي ذكرت في حديث أبي هريرة فيه شيء من الفطرة غيرها ، فيكون الأقرب أن لفظ الحديث : ( خمس من الفطرة ) ، أما على اللفظ الأول الحصر فقد يراد بذلك الفطرة التامة ، وأما الأخرى فتكون من الفطرة التي هي من مكملات الفطرة : أولا : الختان ، الختان الذي يسمى عند الناس الطهارة ، وهو للرجال والنساء ، أما الرجال فختانهم واجب ، الذكور ختانهم واجب ، وأما النساء فختانهن سنة وليس بواجب . وذلك أن الرجل إذا لم يُختن وبقيت الجلدة التي فوق الحشفة فإنه يحتقن بها البول ، وتكون سببًا في النجاسة ، لأنه إذا احتقن بها البول ثم حصل ضغط عليها خرج البول الذي صار بينها وبين الحشفة ، فتلوثت الثياب وتنجست ، ثم هي أيضا عند الكبر وعندما يصل الإنسان إلى حد الزواج يكون هناك مشقة شديدة عند الجماع ، فلذلك كان من الفطرة أن تُقص هذه الجلدة ، ولهذا كان كثير من الكفار الآن يختتنون لا لأجل الطهارة والنظافة لأنهم نجس ، لكنهم يختتنون من أجل التلذذ عند الجماع وعدم المشقة ، هذه واحدة ، ومتى يكون الختان ؟ يكون الختان من اليوم السابع فما بعده ، وكلما كان في الصغر فهو أفضل ، لأن ختان الصغير لا يكون فيه إلا الألم الجسمي دون الألم القلبي ، أما الكبير لو ختنا من له عشر سنوات مثلا فإنه يكون فيه ألم قلبي وجسمي ، ثم إن نمو اللحم ونبات اللحم وسرعة البُرء في الصغار أكثر لهذا قال العلماء : " إن الختان في زمن الصغر أفضل " ، وهو كذلك . الثاني : الاستحداد ، الاستحداد يعني : حلق العانة ، والعانة هي الشعر الخشن الذي ينبت حول القُبُل ، وهو من علامات البلوغ ، فمن الفطرة أن يحلق الإنسان هذا الشعر ، لأنه إذا طال فربما يتلوث بالنجاسة من أسفل أو من القُبُل ، ويحصل في ذلك وسخ وقذر ، ولأنه يضر ، وإن كان بعض الناس مثل البهائم ، يبقي العانة ويجعلها تزداد وتطول نسأل الله السلامة . الثالث : قص الشارب ، وهو الشعر النابت فوق الشَّفَة السفلى وحده الشفة كل ما دار على الشفة العليا -أنا قلت السفلى والصواب العليا- كلما دار على الشفة العليا فهو شارب ، فهذا يُحف .