تتمة شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب ). متفق عليه.
الرابع : قص الأظفار يعني تقليمها ، والمراد بذلك أظفار اليدين والرجلين ، ولا ينبغي أن يقص حتى يصل إلى اللحم ، لأن هذا يضر الإنسان ، وربما يحصل فيه خرّاج أو ما أشبه ذلك ، لكن يقصهما قصا معتدلا.
الخامس : نتف الآباط إذا كان فيها شعر ، فإنها تنتف ولا تقص ولا تحلق ، بل نتفها أولى ، لأن النتف يزيلها بالكلية ويضعف أصولها حتى لا تنبت فيما بعد ، وهذا أمر مطلوب شرعاً ، هذه خمسة أشياء : الختان والاستحداد قص الشارب تقليم الأظفار نتف الآباط.
أما الختان فيفعل مرة واحدة وينتهي أمره ، وهنا أنبه على مسألة وهي : أن بعض الناس قد يولد مختونا ، ليس له قلفة ، تجد الحشفة بارزة ظاهرة من حين أن يولد ، وشاهدنا ذلك بأعيننا ، فهذا لا يختن ، لأنه ما بقي شيء يختن من أجله ، أما الأربعة الباقية : الاستحداد قص الشارب تقليم الأظفار نتف الآباط : فإنها لا تترك فوق أربعين يوما ، ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأمته أن لا تترك هذه الأشياء فوق أربعين يوما ) : فلها مدة محدودة لا تتجاوزها ، وأحسن ما يكون في ضبط الأربعين أن تجعل لك وقتا معينا مثل تقول : أول جمعة من كل شهر أقوم بالعملية هذه ، حتى لا تنسى ، لأن أحيانا ينسى الإنسان ربما يمضي أربعون يوما أو خمسون يوما ما ذكر ، فإذا جعلت شيء معين بأن تقول مثلا : أول جمعة من كل شهر أزيل هذه الأشياء الأربعة ، انضبط الوقت ، ولكن هذا ليس بسنة إنما هو من أجل ضبط الوقت لفعل السنة وهي أن لا تتركها فوق أربعين يومًا ، والله الموفق .
1 - تتمة شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب ). متفق عليه. أستمع حفظ
هل يحلق الشارب بالموسى ؟
الشيخ : لا ، حلقه بالموسى لا ، الشارب ، حتى إن الإمام مالكا -رحمه الله- قال : " أرى أن يؤدب من حلق شاربه " ، يؤدب لأنه يشوه الخلقة ولأنه خلاف السنة ، السنة حفه أو تقصيره .
هل يزال شعر الإبط بالمزيل ؟
الشيخ : لا الأفضل النتف ، إزالته بالمزيل لا بأس ، لكن الأفضل النتف إلا أن بعض الناس يشق عليه النتف جدًا فلا بأس أن يزال بالأدهان وشبهها .
هل يختن الكبير ؟
الشيخ : إي ، إي يختن ، واجب ، إي نعم : ( اختتن إبراهيم عليه الصلاة والسلام وله ثمانون سنة ) .
تتمة شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ) قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة؛ قال وكيع - وهو أحد رواته - : انتقاص الماء؛ يعني: الاستنجاء. رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ). متفق عليه.
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب فضل السواك وخصال الفطرة :
" عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عشرٌ من الفطرة : قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ) . قال الراوي : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة .
قال وكيع -وهو أحد رواته- : انتقاص الماء يعني : الاستنجاء ، رواه مسلم . وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه بقية خصال الفطرة ، وقد سبق حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( الفطرة خمس : الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الآباط ) ، وذكرنا أن الأربعة التي سوى الختان لا تترك فوق أربعين يوماً ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقت ذلك .
أما حديث عائشة ففيه أن الفطرة عشر خصال منها : ما سبق في حديث أبي هريرة ، ومنها ما ذُكر في حديث عائشة دون حديث أبي هريرة ، فمن ذلك : إعفاء اللحية : فإنه من الفطرة ، وفي حديث ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بإعفاء اللحى ) : واللحية قال أهل اللغة : " إنها شعر الوجه واللحيين " ، يعني : العوارض وشعر الخدين هذه كلها من اللحية ، وأما الشارب فسبق الكلام عليه ، فإعفاء اللحية يعني : إرخاءها وإطلاقها وتركها على ما هي عليه ، هذا من الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، وعلى استحسانها ، وعلى أنها من علامة الرجولة ، بل ومن جمال الرجولة ، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يحلق لحيته ، فإن فعل فقد خالف طريق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعصى أمره ، ووقع في مشابهة المشركين والمجوس ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( خالفوا المجوس أو المشركين وفِّروا اللحى وحفوا الشوارب ) ، ولم يكن الناس يعرفون هذا : أي لم يكن الناس يعرفون حلق اللحية ، بل كان بعض الولاة الظلمة إذا أرادوا أن يعزروا شخصا حلقوا لحيته ، وهذا حرام عليهم ، لأنه لا يجوز التعزير بالمحرم ، لكن قصدي أنهم كانوا يعدون حلق اللحية مثلة وتعزيرا وعذابا .
أما بعد أن استعمر الكفار ديار المسلمين في مصر والشام والعراق وغيرها ، وأدخلوا على المسلمين هذه العادة السيئة وهي حلق اللحية ، صار الناس لا يبالون بحلقها ، بل كان الذي يعفي لحيته مستنكَرا في بعض البلاد الإسلامية وهذه لا شك أنها معصية للرسول عليه الصلاة والسلام ، ومن يعص الرسول فقد عصى الله ، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله .
وإذا ابتلي الإنسان بأحد مِن أقاربه يحلق لحيته فالواجب عليه أن ينصحه ، ويبين له الحق ، أما هجره فهذا حسب المصلحة ، إذا كان هجره يفيد لترك المعصية فليهجره ، وإن كان لا يفيد أو لا يزيد الأمر إلا شدة فلا يهجره ، لأن الهجر دواء يستعمل حيث ينفع ، وإذا لم ينفع فإن الأصل تحريم هجر المؤمن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) ، ومما زيد في هذا الحديث الاستنشاق : الاستنشاق من الفطرة ، لأنه تنظيف وإزالة أذى لما في الأنف فهو طهارة ، والاستنشاق يكون في الوضوء ويكون في غير الوضوء ، كلما احتجت إلى تنظيف الأنف فاستنشق الماء ونظف أنفك .
وهذا يختلف باختلاف الناس : من الناس من لا يحتاج إلى هذا إلا في الوضوء ومن الناس من يحتاج إليه كثيرا .
ومن ذلك أيضا المضمضة فإنها من الفطرة ، لأن فيها تنظيف الفم ، والفم يحتاج إلى تنظيف ، لأنه يمر به الأكل والدهن وما أشبه ذلك فيحتاج إلى تنظيف ، فكانت المضمضة من خصال الفطرة .
ومن ذلك أيضا الاستنجاء ، كما فسره وكيع ، فسر وكيع انتقاص الماء بأنه الاستنجاء ، لأن الاستنجاء تنظيف وتطهير وإزالة أذى .
ومن ذلك أيضا : غسل البراجم ، والبراجم قال العلماء : إنها مسبط الأصابع فإن مسبط الأصابع من الباطن يحتاج إلى تنظيف أكثر من ظاهرا ، لأن ظاهرا ممسوح ما فيه شيء يحتاج إلى تنظيف أكثر .
وفي هذا الحديث دليل على أن إعفاء اللحية مع كونه مخالفة للمشركين من خصال الفطرة ، فيندفع بذلك شبهة من شبه وقال : إن من الكفار اليوم من يعفي لحيته ، أفلا يليق بنا أن نخالفهم ونحلق اللحى ؟ شوف والعياذ بالله الشيطان فنقول : إن إعفاءهم اللحية تبع للفطرة ونحن مأمورون بالفطرة ، وإذا شابهونا هم بالفطرة فإننا لا نمنعهم ولا يقتضي أن نعدل عن الفطرة من أجل أنهم وافقونا فيها ، كما أنهم لو وافقونا في تقليم الأظفار فإننا لا نقول : نترك تقليم الأظفار ، بل نقلمها ، وهكذا بقية الفطرة إذا وافقنا فيها الكفار فإننا لا نعدل عنها ، والله الموفق .
5 - تتمة شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء ) قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة؛ قال وكيع - وهو أحد رواته - : انتقاص الماء؛ يعني: الاستنجاء. رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ). متفق عليه. أستمع حفظ
ما حكم الاسراف في الوضوء ؟.
الشيخ : أي نعم ، الإسراف في استعمال الماء في الوضوء أو في الغسل داخل في قول الله تعالى : (( إنه لا يحب المسرفين )) ، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله : " يكره الإسراف ولو كان على نهر جار " ، فكيف إذا كان على مكائن تستخرج الماء ، فالحاصل أن الإسراف في الوضوء وغير الوضوء من الأمور المذمومة .
باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها: قال الله تعالى: (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )). وقال تعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دين القيمة )). وقال تعالى: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )).
قال -رحمه الله تعالى- : " باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها :
قال الله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) .
وقال تعالى : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) .
وقال تعالى : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها " :
الزكاة : هي الركن الثالث من أركان الإسلام ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ( بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله أن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ) ، والله سبحانه وتعالى يذكرها كثيرا مع الصلاة في القرآن الكريم ، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله هل تاركها يكفر كما يكفر تارك الصلاة أم لا ؟ على قولين .
والزكاة : " هي التعبد لله تعالى بدفع مال مخصوص من أموال مخصوصة " ، هذا المال المخصوص مقدر : ربع العشر نصف العشر العشر ، وكذلك يدفع لطائفة مخصوصة ، كما سيأتي إن شاء الله .
والزكاة لها فوائد عظيمة منها :
تكميل إسلام العبد ، لأنها أحد أركان الإسلام ، وهي أفضل من الصدقة ، يعني لو أدى الإنسان مئة ريال زكاة أو مئة ريال صدقة تطوع كانت مئة ريال الزكاة أحب إلى الله عز وجل وأفضل .
ومنها : أن الإنسان يخرج بها عن دائرة البخلاء إلى دائرة الكرماء ، لأنها بذل مال ، والبخل إمساك المال ، فإذا بذلها الإنسان خرج عن كونه بخيلا إلى كونه كريما .
ومنها : مضاعفة الحسنات ، لأن الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله مثلهم كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة : يعني الريال بسبعمئة ريال أو أكثر .
ومنها : أن فيها جبرا لقلوب الفقراء ودفعا لحاجتهم وحماية من غضبهم ، لأن الفقراء إذا لم يعطوا من مال الأغنياء فربما يغضبون ويتجرؤون ويكرهون الأغنياء ، ويرون أنهم في واد والأغنياء في واد ، والأمة الإسلامية أمة واحدة يجب أن يعتقد كل إنسان أنه لبنة في سور قصر مع إخوانه المسلمين ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ). ومنها : أنها سبب لشرح الصدر ، لأن الإنسان كلما بذل شيئاً من ماله شرح الله له صدره ، وهذا شيء مجرب وواقع ، لو يتصدق الإنسان بأدنى من واجب الزكاة لوجد في قلبه انشراحًا ، لوجد في صدره انشراحاً وفي قلبه محبة للخير . ومنها : أنها تطفئ غضب الرب ، وتدفع ميتة السوء ، وهذا فائدة عظيمة تدفع ميتة السوء : بمعنى أن الإنسان يموت على أحسن حال ، وحسن الخاتمة -أحسن الله لي ولكم الخاتمة- أعز ما يكون على الإنسان ، لأنه وقت فراق الدنيا إلى الآخرة ، والشيطان أحرص ما يكون على بني آدم عند الموت ، لأن هي الساعة الحاسمة إما من أهل النار وإما من أهل الجنة ، وفي حديث عبد الله بن مسعود : ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) : فالأعمال بالخواتيم .
والصدقة وعلى رأسها الزكاة تدفع ميتة السوء .
ومنها : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر : ( أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ) : كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ، فالناس تكون الشمس فوق رؤوسهم قدر ميل ، وهؤلاء المتصدقون ، وعلى رأس صدقاتهم الزكاة : يكونون في ظل صدقاتهم يوم القيامة ، وحكى لي بعض الصلحاء : أن رجلا كان يمنع أهله من الصدقة من البيت ، يقول : لا تصدق ، وفي يوم من الأيام نام ورأى في المنام كأن الساعة قد قامت ، ورأى فوق رأسه ظلا يظله من الشمس ، إلا أن فيه ثلاثة خروق ، يقول : فجاءت تمرات فسدت هذه الخروق ، فتعجب ، ويش هذا الرؤيا ؟ كيف الثوب مخرق وتجي التمر تسد الخرق ، فلما قصها على زوجته أخبرته بأنها تصدقت بثوب ، وبثلاث تمرات ، فكان الكساء الأول هو الثوب ، لكنه مخرق ، وجاءت التمرات الثلاث فسدت الخروق ، ففرح بذلك ، وأذن لها بعد هذا أن تتصدق بما شاءت .
فالحاصل أن هذه الرؤيا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة ) .
ومنها : أنها تُلين القلب ، من فوائد الزكاة وصدقات التطوع تلين القلب ، حيث إن الإنسان يعطيها الفقراء المحتاجين فيلين قلبه ويرحمهم ، وفي ذلك تعرض لرحمة الله لأن الله : ( إنما يرحم من عباده الرحماء ) ، ولها فوائد كثيرة قد يطول المقام لذكرها ، ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام على الاية التي ساقها المؤلف ، والله الموفق .
7 - باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها: قال الله تعالى: (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )). وقال تعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دين القيمة )). وقال تعالى: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )). أستمع حفظ
تتمة باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها: قال الله تعالى: (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )). وقال تعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دن القيمة )). وقال تعالى: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )).
قال -رحمه الله تعالى- : " باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها :
قال الله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) .
وقال تعالى : (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) .
وقال تعالى : (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال النووي -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها " : ثم ذكر آيات ثلاث :
الآية الأولى : قوله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) : فإقامة الصلاة أن تأتي بها مستقيمة على الوجه الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وإيتاء الزكاة : هو إعطاؤها لمستحقها وقد سبق بيان معنى الزكاة وبيان فوائدها ما يسره الله تعالى في درس الأمس .
ثم ذكر الآية الثانية وهي قوله تعالى : (( وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) ، (( وما أُمروا )) يعني بذلك الناس ، (( إلا ليعبدوا الله )) أي : يتذللوا له بالعبادة بكل ما تعبدهم به من عقيدة أو قول أو عمل ، (( مخلصين له الدين )) أي : مخلصين له العمل ، وإخلاص العمل لله ألا يبتغي الإنسان بعمله شيئًا سوى الله عز وجل ، لا يبتغي دنيا ولا جاهاً ولا رئاسة ولا غير ذلك ، لا يريد إلا ثواب الله .
وقوله : (( حنفاء )) يعني مائلين عن الشرك ، فهو إخلاص بلا إشراك .
(( ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة )) وهذا هو الشاهد في قوله : (( ويؤتوا الزكاة )) ، (( وذلك دين القيمة )) ذلك : أي : عبادة الله تعالى مخلصين له الدين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، (( دين القيمة )) أي : دين الملة القيمة ، فهو العمل المرضي عند الله عز وجل .
وقال تعالى : (( خذ من أموالهم صدقة )) : الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، (( خذ من أموالهم صدقة )) يعني بذلك الزكاة ، (( تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم )) : تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة ،
أما كونها تطهر من الذنوب فلقوله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( الصدقة تطف الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) .
وأما كونها تطهر من الخلاق الرذيلة ، فلأنها تلحق الإنسان بالكرماء والمحسنين بما يبذله من أموال الزكاة لمستحقيها .
(( وتزكيهم بها )) أي : تنمي أخلاقهم بعد التطهير من الأخلاق الرذيلة تنمي الأخلاق الفاضلة .
(( وتزكيهم بها )) تزكيهم أيضا دينا ، فهي تزكية دين وتزكية أخلاق ، (( وصل عليهم )) أي : ادع عليهم بالصلاة عليهم ، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : ( اللهم صل عليهم ) امتثالا لأمر الله : (( إن صلواتك سكن لهم )) : صلاتك عليهم يعني دعاءك لهم بالصلاة سكن لهم ، تسكن إليه نفوسهم وتطمئن قلوبهم وتنشرح صدورهم ، ويسهل عليهم بذل المال ، (( والله سميع عليم )) : ففي هذه الآيات الثلاث دليل على وجوب الزكاة وأنها من أفضل الأعمال ، ويأتي إن شاء الله الكلام في الأحاديث فيما بعد .
8 - تتمة باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها: قال الله تعالى: (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )). وقال تعالى: (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دن القيمة )). وقال تعالى: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )). أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ). متفق عليه. وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خمس صلوات في اليوم والليلة ) قال: هل علي غيرهن ؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وصيام شهر رمضان ) قال: هل علي غيره ؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع ) قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها ؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع ) فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح إن صدق ). متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال: ( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ). متفق عليه.
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ) متفق عليه .
وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائرُ الرأس ، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا، إلا أن تطَّوع .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وصيام شهر رمضان ، قال : هل علي غيره ؟ قال : لا، إلا أن تطَّوع .
قال : وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال : هل عليَّ غيرها ؟ قال : لا، إلا أن تطوع .
فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق ) متفق عليه .
وعن ابن عباس رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن فقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث الثلاثة ذكرها النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب وجوب الزكاة :
أما حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( بني الإسلام على خمس ) فقد تقدم الكلام عليه مفصلا ولا حاجة إلى إعادته .
وأما حديث طلحة بن عبيد الله في قصة الرجل النجدي الذي جاء ثائر الرأس ، يسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول ، وسأل النبيَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الإسلام ، فذكر له خمس صلوات وصيام رمضان والزكاة ، ولم يذكر شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله لعلمه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه قد فقهها وشهد بها ، لأنه جاء مسلما لكن يريد أن يستفصل عن تفاصيل بعض الأشياء .
وفي قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الرجل لما ذكر خمس صلوات وصيام رمضان والزكاة قال : ( هل عليَّ غيرها ؟ قال : لا، إلا أن تطوع ) : فدل هذا على أن على أنه لا يجب في اليوم والليلة أكثر من خمس صلوات ، فالوتر ليس بواجب ، لكنه سنة مؤكدة ، وتحية المسجد ليست بواجبة لكنها سنة مؤكدة ، وصلاة العيدين ليست بواجبة لكنها سنة مؤكدة ، وكذلك أيضا ما اختلف فيه العلماء ، هكذا ذهب بعض أهل العلم ، وجعل هذا الحديث أصلا في عدم وجوب ما ذكر ، ولكن عند التأمل ليس فيه دليل لذلك ، يعني أنه لا يدل على عدم وجوب تحية المسجد ، وعلى عدم وجوب صلاة العيد وما أشبهها ، لأن هذه صلوات لها أسباب عارضة ، تجب بوجود أسبابها ، إلا أن القول الراجح أن تحية المسجد ليست بواجبة ، ولكنها سنة مؤكدة ، أما صلاة العيد فواجبة ، ( لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر حتى الحيض من النساء وذوات الخدور والعواتق أن يخرج ويصلين ، إلا أن الحيض يعتزلن المصلى ) .
وأما الوتر فنعم في الحديث دليل على أنه ليس بواجب ، لأن الوتر يتكرر يوميا ولو كان واجبا لبينه الرسول عليه الصلاة والسلام لهذا الرجل ، فالصواب أن الوتر سنة مؤكدة وليس بواجب ، لو تركه الإنسان لا يأثم ، لكن من داوم على تركه سقطت عدالته ، قال الإمام أحمد -رحمه الله- : " من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة " .
وأما صيام رمضان نعم فلا يجب أن يصوم غيره ، لا يجب ، مهو لا يسن لا يجب أن يصوم غيره ، اللهم إلا إن نذر فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) .
وأما الزكاة فلا يجب غيرها أيضا في المال إلا ما كان له سبب كالنفقة على الزوجة والأقارب وكضيافة الضيف وما شابه ذلك مما له سبب معين يجب بوجود السبب .
وأما قول النبي عليه الصلاة ، لما أدبر الرجل قال : ( والله لا أزيد على هذا ولا أنقص ) : عاهد الله عهدا بيمين ألا يزيد على هذا ولا ينقص ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفلح إن صدق ، أفلح إن صدق ) : وهذا دليل على أن الإنسان إذا اقتصر على الواجب في الشرع فإنه مفلح ، ولكن لا يعني هذا أنه لا يُسن أن يأتي بالتطوع ، لأن التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة ، وكم من إنسان أدى الفريضة وفيها خلل وفيها خُروق وفيها خدوش تحتاج إلى تكميل وإلى رأب الصدع .
أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما في بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن فقد سبق الكلام عليه أيضًا فلا حاجة إلى إعادته .
لكن فيه أن أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ) : وهذا هو الشاهد لهذا الباب ، والله الموفق .
9 - شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة؛ وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان ). متفق عليه. وعن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خمس صلوات في اليوم والليلة ) قال: هل علي غيرهن ؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( وصيام شهر رمضان ) قال: هل علي غيره ؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع ) قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال: هل علي غيرها ؟ قال: ( لا، إلا أن تطوع ) فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح إن صدق ). متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال: ( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله ؟! فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. متفق عليه.
" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله ) متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله ؟!
فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عِقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه.
قال عمر رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن رأيتُ الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها :
ذكر منها ما سبق الكلام عليه ، وذكر منها حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) قوله : ( أُمرت ) الآمر له هو الله عز وجل ، وفي هذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور مكلف يُؤمر وينهى كما يُؤمر وينهى سائر الناس ، لأنه عبد من عباد الله عليه الصلاة والسلام ، ليس ربا ولا يملك شيئا من حقوق الربوبية ، بل هو عبد ، يومر ويُنهى ، وربما يحصل له أكبر من ذلك كقول الله تبارك وتعالى له : (( عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين )) ، وكقوله تعالى : (( يا أيها النبي لم تُحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم )) : يعاتبه ربه عز وجل ، ويقول له سبحانه وتعالى : (( واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )) : فمن زعم أن محمدًا رسولَ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم له شيءٌ من الربوبية وأنه ينفع ويضر ويجيب الدعوة ويكشف السوء ، فقد أشرك بالله وكفر بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
يقول عليه الصلاة والسلام : ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) : يقاتل من امتنع من واحد من هذه الأربع : مِن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ومن إقامة الصلاة ، ومن إيتاء الزكاة ، يقاتلهم حتى يذعنوا ويرضخوا لهذه الأربع ، فإذا فعلوا ذلك يعني : شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة : ( عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل ) : يعني إذا فعلوا ذلك فقد استسلموا ظاهرا ، فيعصمون دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله : لأن من الناس من يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وقلبه منطوٍ على الكفر ، ولهذا قال : ( حسابهم على الله ) : فالمنافقون يقولون : لا إله إلا الله لكن لا يذكرون الله إلا قليلا .
ويقولون للرسول عليه الصلاة والسلام : نشهد إنك لرسول الله ، ويقيمون الصلاة ولكن لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ، ويتصدقون ولكن لا ينفقون إلا وهم كارهون ، ومع ذلك قلوبهم منطوية على الكفر نسأل الله العافية ، ولهذا قال : ( حسابهم على الله عز وجل ) .
ثم ذكر -رحمه الله- حديث أبي هريرة في تحاور أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وعمر بن الخطاب الخليفة الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تحاورا في مسألة دينية ، مع أن كل واحد منهما يحب الآخر حباً عظيماً ، لكن هذه المحبة لا تمنع من المحاورة والمراجعة الدينية ، لأن الدين فوق كل شيء ، لما كان أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم باختيار الصحابة له : أن يكون الخليفة من بعد الرسول ، وكذلك بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، حيث خلفه عنه في الحج ، وهي إمامة كبرى بالنسبة للناس ، وفي الصلاة وهي إمامة صغرى ، لأن أمير الحج يؤم من الناس أكثر مما يؤمه إمام المسجد ، خلقه النبي عليه الصلاة والسلام إمام في المسجد حين مرض ، وخلفه في الحج بالناس عام تسع من الهجرة ، واتفق الصحابة بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام على أن الخليفة من بعده أبو بكر .
ارتد من ارتد من العرب والعياذ بالله ، وقد أشار الله إلى هذا في قوله : (( وما محمدٌ إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )) : وقد حصل هذا ، ارتد من ارتد من العرب ، ومنعوا الزكاة ، وكفروا بالله ، فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه .
فحاوره عمر قال : ( كيف تقاتل الناس وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) : وهذا هو الذي سمعه عمر من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وإلا فابنه سمع من الرسول أكثر من ذلك ، سمع من الرسول أنه قال : ( حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ) لكن عمر روى ما سمع : ( حتى يقولوا لا إله إلا الله ) ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : ( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ) : الزكاة حق المال ، ( والله لو منعوني عقالا ) : يعني عقال بعير ، ( كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقاتلتهم على ذلك ) : وهذا دليل على حزمه رضي الله عنه حزم أبي بكر مع أنه ألين من عمر ، لكن في مواقف الشدة والضيق يكون أبو بكر أحزم من عمر ، نضرب لكم أمثلة منها هذا المثال :
عمر رأى ألا يقاتل الناس ، لكن بعد مراجعة أبي بكر له علم أنه حق ، لما رأى أن الله قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم ، وهو الخليفة من بعد الرسول عرف أنه الحق ، إذ أن الله سبحانه وتعالى لم يشرح صدر هذا الخليفة الراشد أول خليفة في الأمة الإسلامية إلا لحق ، عَرف أنه الحق لما شرح الله صدر أبي بكر له ، هذا موقف صار أبو بكر أجلد من عمر وأشد وأثبت .
والموضع الثاني : لما مات الرسول عليه الصلاة والسلام ، أظلمت المدينة واضطرب الناس وصار يوما عظيمًا ، واجتمع الناس في المسجد وقام عمر وقال : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكنه صعق ) : يعني غشي عليه ( وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ) : هكذا قال ، يقول هذا بجد وحزم ، وكان أبو بكر رضي الله عنه حين مات الرسول عليه الصلاة والسلام في حائط له خارج المدينة ، فذهبوا فأخبروه ، أخبروا أبا بكر فجاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكشف عن وجهه ، وقد غُطي عليه الصلاة والسلام ، كشف عن وجهه وقبَّله وقال : ( بأبي أنت وأمي طبت حيًا وميتًا والله لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة الأولى فقد متها ) : ثم خرج إلى الناس وإذا عمر يتكلم ينكر ، يقول : ما مات غشي عليه وليبعثنه الله ، فقال : " على رسلك " قال أبو بكر : " على رسلك " : يعني ارفق ، فجلس عمر أو بقي قائماً ، فصعد أبو بكر المنبر ، وخطب الناس خطبة عظيمة بليغة في هذا المقام الضنك قال : " أما بعد أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات " : رضي الله عنه وهو أشد الناس فجيعة به ، " ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا قوله تعالى : (( إنك ميت وإنهم ميتون )) وقوله تعالى : (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا )) " ، يقول عمر : " حتى عُقرت فما تقلني رجلاي " : يعني رجله ما تحمله ، جلس لأنه علم أن هذا هو الحق ، فانظر إلى ثبات أبي بكر في هذا المقام العظيم .
أما الثالث الموضع الثالث : ففي صلح الحديبية ، صلح الحديبية فيه شروط ظاهرها أنها غضاضة على المسلمين ، منها : أن من جاء من قريش مسلما انتبه من جاء من قريش مسلما رده الرسول إلى قريش .
10 - شرح حديث عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أقتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله ؟! فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. متفق عليه. أستمع حفظ