شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ) قال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال: ( نعم وأرجو أن تكون منهم ). متفق عليه. وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ). متفق عليه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ). متفق عليه.
القارئ : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب وجوب صوم رمضان : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من أنفق زوجين في سبيل الله نُودي مِن أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير، فمن كان مِن أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان مِن أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومَن كان مِن أهل الصيام دُعي من باب الريان، ومن كان مِن أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة . قال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! ما على مَن دُعي من تلك الأبواب من ضَرورة، فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم ) متفق عليه . وعن سهل بن سعد رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن في الجنة بابًا يقال له : الريَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد ) متفق عليه . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما مِن عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأحاديث التي ساقها النووي -رحمه الله- في كتاب * رياض الصالحين * كلها تدل على فضل الصيام : فمنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أنفق زوجين في سبيل الله دُعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير ): ( من أنفق زوجين في سبيل الله ) يعني صنفين ، مثل أن ينفق دنانير ودراهم ، أو دراهم وأمتعة ، أو خيل وإبل ، أو ما أشبه ذلك ، المهم أن المراد بالزوجين الصنفين كما قال الله تعالى : (( وكنتم أزواجًا ثلاثة )) أي : أصنافًا ثلاثة . ثم ذكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبواب الجنة ، وفي قوله : ( دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير ) : يعني أن الملائكة تدعوه من كل باب تقول : هذا خير هذا خير هذا خير ، يعني فادخل معنا ، وهذا يدل على فضل الإنفاق في سبيل الله في الجهاد في سبيل الله . وفيه أيضا في هذا الحديث أن من كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان يعني هذا الباب خاص يسمى باب الريان ، الريان يعني الذي الذي يروى ، لأن الصائمين يعطشون ولاسيما في أيام الصيف الطويلة الحارة فيجازون بتسمية هذا الباب بما يختص بهم باب الريان . وقوله : من كان من أهل أهل الصلاة من أهل الصدقة من أهل الصيام من أهل الجهاد يعني من كان يُكثر من هذا الشيء ، وإلا معلوم أن من صام فقط بدون أن يصلي فإنه لا يدخل الجنة لأنه كافر ، لكن المراد بذلك المسلمين إن كانوا يكثروا من الصلاة فإنهم يدعون من باب الصلاة ، يكثرون من باب الصيام يدعون من باب الصيام ، يكثرون من الصدقة يدعون من باب الصدقة ، وعلى كل حال من كان من أهل الجنة دخل الجنة من أي باب كان . وأبواب الجنة ثمانية ، وأبواب النار سبعة ، أما أبواب النار فقد ذكرها الله في القرآن : (( لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم )) . وأما أبواب الجنة الثمانية فصحَّت بها السنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . ولما حدَّث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحديث أبي هريرة الذي نحن بصدد شرحه قال أبو بكر : ( يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما على مَن دُعي من أحد هذه الأبواب من ضرورة ؟ ) : يعني الذي يُدعى من باب واحد لا يشق عليه ، فهل يُدعى أحد من هذه الأبواب كلها ؟ يعني كل باب عليه ملائكة يقولون : يا فلان تعال ، قال : نعم ، يمكن أن يكون الإنسان كثير الصلاة والصوم والصدقة والجهاد فيدعى من الأبواب كلها ، قال : ( نعم وأرجو أن تكون منهم ) : فأبو بكر رضي الله عنه يُدعى من الأبواب الثمانية كلها ، لأنه رضي الله عنه سباق إلى الخير ، كل خير له فيه نصيب ، حتى إنه رضي الله عنه : حث النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصدقة ورغب فيها ، فأتى عمر رضي الله عنه -وكان يحب أن يسبق أبا بكر لا حسدا لأبي بكر لكن حبًا في السبق إلى الخير- فأتى عمر بنصف ماله -نصف ماله للصدقة- فلما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وإذا أبو بكر قد جاء بجميع ماله -كل ماله- فقال له الرسول : ( ماذا تركت لأهلك ؟ قال : تركت لهم الله ورسوله قال عمر : والله لا أسابقه بعدها أبدا ) ، لأن أبا بكر رضي الله عنه أسبق الصحابة إلى الخير وأقواهم إيمانا وأشدهم تصديقا بالله ورسوله . ثم ذكر أحاديث أخرى كلها تدل على الصيام ، آخرها قوله في حديث أبي هريرة : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) : إذا صام إيمانا بالله واحتسابا لثواب الله فإن الله تعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه ، وربما يذكر المؤلف -إن شاء الله- الأيام التي يُسن صيامها ما عدا رمضان ويكون الكلام عليها فيما بعد ، فإن تم ذلك وإلا فسنذكرها إن شاء الله تعالى ، والله الموفق .
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ). متفق عليه. وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ). متفق عليه وهذا لفظ البخاري. وفي رواية مسلم: (فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما ).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب وجوب صوم رمضان : " عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة وغلِّقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين ) متفق عليه . وعنه رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُبّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) متفق عليه، وهذا لفظ البخاري . وفي رواية مسلم : ( فإن غُم عليكم فصوموا ثلاثين يومًا ) " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : نقل الحافظ النووي -رحمه الله- في كتاب * رياض الصالحين * في باب وجوب صوم رمضان : عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( إذا دخل رمضان فُتّحت أبواب الجنة وغُلّقت أبواب النيران ، وصُفدت الشياطين ) : هذه ثلاثة أشياء تكون في رمضان ، تفتح أبواب الجنة ترغيبا للعاملين لها بكثرة الطاعات من صلاة وصدقة وذكر وقراءة القرآن وغير ذلك . وتغلق أبواب النيران ، وذلك لقلة المعاصي فيه من المؤمنين . ( وصفدت الشياطين ) : يعني المردة من الشياطين كما جاء ذلك في رواية أخرى ، المردة يعني الذين هم أشد الشياطين عداوة وعدوانا على بني آدم . والتصفيد معناه : الغل يعني تغل أيديهم حتى لا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره . وكل هذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق ، أخبر به نصحا للأمة وتحريضًا لها على الخير وتحذيراً لها من الشر . وأما حديث أبي هريرة الثاني فقال : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) : يعني أنه يجب على المسلمين أن يصوموا إذا رأوا الهلال ، هلال رمضان ، فإن لم يروه فلا صيام عليهم ، ولهذا قال : ( فإن غُبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا ) : يعني لو تغَبَّى الهلال لغيم أو قتر أو ما أشبه ذلك فإنه يجب أن يكمل شعبان ثلاثين يوماً ثم يصام . هذا لفظ البخاري ، ولفظ رواية مسلم : ( فصوموا ثلاثين يومًا ) وهذا فيما إذا غبي هلال شوال ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم فيما إذا غبي هلال شوال ، فبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث أنه متى خفي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان فإنه يجب أن يكمل شعبان ثلاثين يومًا ، وإذا خفي ليلة الثلاثين من رمضان فإنه يكمل ثلاثين يومًا ، والله الموفق .
باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان، والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه.عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة. متفق عليه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر. متفق عليه.
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان، والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشدَّ المئزر ) متفق عليه " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب الجود في شهر رمضان " : الجود هو : " بذل المحبوب من مال أو عمل " ، والإنسان يجود بماله فيعطي الفقير ويهدي على الغني ، ويواسي المحتاج ، ويجود كذلك بعمله ، فيُعين الإنسان في أموره في سيارته في دكانه في بيته ، فالجود هو بذل المال أو العمل ، وربما يدخل في ذلك أيضًا بذل الجاه ، بأن يشفع لأحد أو يتوسط له في جلب منفعة أو دفع مضرة أو ما أشبه ذلك . وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أجود الناس ) : أجود الناس بماله وبدنه وعلمه ودعوته ونصيحته وكل ما ينفع الخلق ، وكان أجودَ ما يكون في رمضان ، لأن رمضان شهر الجود يجود الله فيه على العباد ، والعباد الموفقون يجودون على إخوانهم ، والله تعالى جواد يحب الجود . وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه جبريل في رمضان كل ليلة ، يدارسه القرآن من أجل أن يثبته في قلبه ، وأن يحصل الثواب بالمدارسة بينه وبين جبريل . وجبريل عليه الصلاة والسلام ينزل لكن على كيفية لا نعلمها ، لأنه ملك من الملائكة ، والملائكة لا يرون إلا إذا شاء الله عز وجل ، ( فلرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن أجود بالخير من الريح المرسلة ) : يعني أنه يسارع إلى الخير عليه الصلاة والسلام ويجود به ، حتى إنه أسرع من الريح المرسلة ، الريح المرسلة يعني التي أرسلها الله عز وجل فهي سريعة عاصفة ، ومع ذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام أجود بالخير من هذه الريح في رمضان . ثم ذكر المؤلف حديث عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل ) : أحياه بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة ، ( وأيقظ أهله وشد مئزره ) : أيقظهم ليصلوا ، وشد المئزر أي : تأهب تأهبا كاملا للعمل ، لأن شد المئزر معناه أن الإنسان يتأهب للعمل ، ويتقوى عليه ، وقيل معنى شد المئزر : أنه يتجنب النساء عليه الصلاة والسلام ، لأنه يتفرغ للعبادة ، وكلاهما صحيح ، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتفرغ للعبادة في العشر الأواخر من رمضان ، ويحي الليل كله في طاعة الله ، وهذا من الجود بالنفس ، لكنه جود في حق الله عز وجل ، والله هو الذي يمن على من يشاء من عباده ، إذا منَّ عليك بالعمل فله المنة يمن عليك بالعمل أولًا ، ثم يمن عليك بقبوله ثانياً ، وفقني الله وإياكم لما يحب .
باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله، أو وافق عادة له. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم ). متفق عليه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين يوما ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله، أو وافق عادة له : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم ) متفق عليه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غَيابة فأكملوا ثلاثين يومًا ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا بقي نصف مِن شعبان فلا تصوموا ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال : ( مَن صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ) رواه أبو داود، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب النهي عن تقدم رمضان بعد منتصف شعبان بصوم " : ثم ذكر أحاديث -رحمه الله- : منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( نهى أن يتقدم الرجل رمضان بصوم يومين أو يومين ، إلا لمن له عادة ) : مثل أن يكون من عادته أن يصوم يوم الاثنين ، فصادف يوم الاثنين قبل رمضان بيوم أو يومين فلا بأس ، أو يكون من عادته أن يصوم أيام البيض ولم يتمكن أن يصوم اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ولم يتيسر إلا أن يصوم قبل رمضان بيوم أو يومين ، فلا بأس . وهذا يدل على أن المقصود بالنهي خوفا من أن يحتاط الإنسان لدخول رمضان فيقول : أصوم قبله بيوم أو يومين احتياطا ، فإن هذا الاحتياط لا وجه له ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) أي لرؤية الهلال ، ( فإن حال بينكم وبينه غيابة ) يعني : غيم أو قتر أو ما أشبه ذلك ( فأكملوا العدة ثلاثين يوما ) يعني عدة شعبان . واختلف العلماء -رحمهم الله- في هذا النهي هل هو نهي تحريم أو نهي كراهة ، والصحيح أنه نهي تحريم لاسيما اليوم الذي يشك فيه فإن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال : ( من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ) ، وعلى هذا فنقول : لا يجوز للإنسان أن يصوم قبل رمضان بيوم أو يومين إلا من له عادة ، ولا يجوز أن يصوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في الليلة غيم أو قتر يمنع من رؤية الهلال مطلقا ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) . وأما النهي عن الصوم بعد منتصف شعبان ، فإنه وإن قال الترمذي : " حسن صحيح " فإنه ضعيف قال الإمام أحمد : " إنه شاذ " ، إنه يخالف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصوموا قبل رمضان بيوم أو يومين ) ، فإن مفهومه أنه يجوز أن يصوم قبل رمضان بثلاثة أيام وأربعة أيام وعشرة أيام ، وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة ، كما أخذ بذلك بعض أهل العلم -رحمهم الله- ، إلا من له عادة بصوم فإنه يصوم ولو بعد منتصف شعبان ، وعلى هذا يكون الصيام ثلاثة أقسام : بعد النصف إلى الثامن والعشرين هذا مكروه ، إلا من اعتاد الصوم ، لكن هذا القول مبني على صحة الحديث ، والإمام أحمد لم يصححه وعلى هذا فلا كراهة . الثاني : قبل رمضان بيوم أو يومين فهذا محرم إلا من له عادة . والثالث : يوم الشك فهذا محرم مطلقا ، لا تصم يوم الشك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، ولكن كما قلت : يظهر أن النهي لمن أراد أن يجعله من رمضان ، وأما من أراد التطوع به فإنه يحرم تحريم الذرائع ، يعني بمعنى أنه يُخشى أن الناس إذا رأوا هذا الرجل قد صام ظنوا أنه صام احتياطا وهذا لا يجوز أن يحتاط ، ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) ، والله الموفق .
باب فضل السحور. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) متفق عليه. وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قيل: كم كان بينهما قال: خمسين آية. متفق عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا. متفق عليه. وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل السحور : عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ( تسحروا فإن في السَّحور بركة ) متفق عليه . وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : ( تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة ، قيل : كم كان بينهما ؟ قال : خمسون آية ) متفق عليه . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان : بلال وابن أم مكتوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، قال : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا ) متفق عليه . وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ) رواه مسلم " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل السحور " : يقال : السُحور والسَحور ، فالسَحور : الأكل الذي يُتسحر به الإنسان ، والسُّحور بالضم الفعل يعني تسحر الإنسان ، والسَّحور حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ، وأيده بفعله ، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( تسحروا فإن في السُّحور بركة ) : فأمر وبيّن ، أمر بأن نتسحر ، وبيّن أن في السحور بركة ، فمن بركة السحور امتثال أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وامتثال أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كله خير ، كله أجر ثواب ، ومن بركته أنه معونة على عبادة ، فإنه يعين الإنسان على الصيام إذا تسحر كفاه هذا السَّحور إلى غروب الشمس ، مع أنه في أيام الإفطار يأكل في أول النهار وفي وسط النهار وفي آخر النهار ويشرب كثيرا ، فيُنزل الله البركة في السَّحور يكفيه من قبل طلوع الفجر إلى غروب الشمس . ومن بركته : أنه يحصل به التفريق بين صيام المسلمين وصيام غير المسلمين ، ولهذا بيَّن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن فصل ما بيننا وبين صيام أهل الكتاب أكلة السحر : يعني السحور ، لأن أهل الكتاب يصومون من نصف الليل ، فيأكلون قبل منتصف الليل ، لا يأكلون بالسحور ، أما المسلمون ولله الحمد فيأكلون في السحر في آخر الليل ، والتمييز بين المسلمين والكفار أمر مطلوب للشرع ، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن التشبه بهم ، قال : ( خالفوا المجوس وفروا اللحى وحفوا الشوارب ) : يعني أرخوا اللحى لا تقصوها ولا تحلقوها . وقال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ، وينبغي أن يؤخِر السُّحور إلى قبيل طلوع الفجر ولا يتقدم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ) ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ) . وأما قوله في الرواية التي ساقها المؤلف : ( ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا ) : فهذه مدرجة في الحديث شاذة ، ليست بصحيحة ، لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالأكل والشرب حتى يؤذن ابن أم مكتوم دليل على أن بينهما فرقا كبيرا يتسع للأكل والشرب والسحور ، فهي جملة ضعيفة شاذة لا عمدة عليها . وقد بيَّن زيد بن ثابت رضي الله عنه حينما ذكر أنه تسحر مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ثم قاموا إلى الصلاة ، ولم يكن بينهما إلا قدر خمسين آية ، خمسين آية مِن عشر دقائق إلى ربع ساعة : إذا قرأ الإنسان قراءة مرتلة أو دون ذلك ، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤخر السحور ، تأخيرًا بالغا ، وعلى أنه يقدم صلاة الفجر ولا يتأخر . ثم إنه ينبغي للإنسان حين تسحره أن يستحضر أنه يتسحر امتثالًا لأمر الله ورسوله ، ويتسحر مخالفة لأهل الكتاب وكُرها لما كانوا عليه ، ويتسحر رجاء البركة في هذا السحور ، ويتسحر استعانة به على طاعة الله ، حتى يكون هذا السَّحور الذي يأكله يكون خيرا وبركة وطاعة ، والله الموفق .
باب فضل تعجيل الفطر وما يفطر عليه وما يقوله بعد إفطاره. عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ). متفق عليه. وعن أبي عطية قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألو عن الخير أحدهما يعجل المغرب والإفطار والآخر يؤخر المغرب والإفطار فقالت: من يعجل المغرب والإفطار, قال عبد الله يعني ابن مسعود, فقالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عز وجل : أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا ). رواه الترمذي وقال : حديث حسن. وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ). متفق عليه.
وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم, فلما غربت الشمس قال لبعض القوم: ( يا فلان انزل فاجدح لنا ) فقال: يا رسول الله لو أمسيت قال: ( انزل فاجدح لنا ) قال: إن عليك نهارا قال: ( انزل فاجدح لنا ) قال: فنزل فجدح لهم فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ( إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم ) وأشار بيده قبل المشرق. متفق عليه. وعن سلمان بن عامر الضبي الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد، فليفطر على ماء فإنه طهور ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات؛ فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل تعجيل الفطر وما يفطر عليه وما يقوله بعد إفطاره : عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) متفق عليه . وعن أبي عطية قال : ( دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقال لها مسروق : رجلان مِن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما لا يألو عن الخير ، أحدهما يعجل المغرب والإفطار ، والآخر يؤخر المغرب والإفطار فقالت : من يعجل المغرب والإفطار ؟ قال : عبد الله يعني ابن مسعود، فقالت : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عز وجل : أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطرا ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا ، وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم ) متفق عليه . وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال : ( سِرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم، فلما غربت الشمس قال لبعض القوم : يا فلان إنزل فاجدح لنا . فقال : يا رسول الله لو أمسيت قال : انزل فاجدح لنا ، قال : إن عليك نهارا ، وقال : انزل فاجدح لنا ، قال : فنزل فجدح لهم فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم . وأشار بيده قبل المشرق ) متفق عليه . وعن سلمان بن عامر الضَّبي الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد، فليفطر على ماء فإنه طَهور ) رواه أبو داود، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وعن أنس رضي الله عنه قال : ( كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رُطَبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء ) رواه أبو داود، والترمذي وقال : حديث حسن " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب فضل تعجيل الفطر ما يفطر به وما يقال عند الفطور " : هذه ثلاث مسائل : المسألة الأولى : تعجيل الفطر ، لكن بشرط أن يتحقق غروب الشمس ، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث عمر بن الخطاب الذي ساقه المؤلف : ( إذا أقبل الليل من هاهنا ) : يعني من المشرق ، ( وأدبر النهار من هاهنا ) : يعني من المغرب ، ( وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ) . فإذا بادر الإنسان بالفطر مِن حين أن يغرب قرص الشمس ولو كان البياض ظاهرًا والشعاع في الأفق ما دام قُرص الشمس قد غاب فأفطر ، وبادر ، وهذا هو السنة القولية والفعلية من الرسول عليه الصلاة والسلام ، أما الفعلية فدليلها حديث عائشة رضي الله عنها : حين سألها عطية ومسروق عن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحدهما يؤخر الفطر ويؤخر صلاة المغرب ، والثاني يعجل الفطر ويعجل صلاة المغرب ، أيهما أصوب ؟ فقالت عائشة : ( من هذا الذي يُعجل ؟ قالوا : ابن مسعود رضي الله عنه فقالت : هكذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ) : يعني يعجل الفطر ويعجل صلاة المغرب ، هذه سنة فعلية تدل على أن الأفضل تقديم الإفطار . أما القولية فحديث سهل بن سعد ، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) : فما دام الناس يبادرون إلى السنة ، ويتسابقون إلى الخير ، فهم بخير ، لا يزالون بخير ، أما إذا تباطؤوا ولم يفطروا مبادرين فإن ذلك هو الشر ، ولهذا كان الرافضة المخالفون لسنة الرسول عليه الصلاة والسلام وهديه كانوا يؤخرون الفطور ، لا يفطرون إلا إذا اشتبكت النجوم ، فيُحرمون من الأجر والثواب ويُحرمون من تعجيل إعطاء النفوس حظوظها من الأكل والشرب ، يُعذبون في الدنيا قبل الآخرة ، لأن الإنسان إذ تأخر وهو عطشان أو جائع يتألم أكثر ، فهم يؤلمون أنفسهم بتأخير الفطور ويخالفون السنة ويفوتهم الأجر . ثم إن المؤلف -رحمه الله- ذكر أن الأفضل أن يفطر على رطب فإن لم يجد فتمر ، فإن لم يجد فماء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطيبات قليلة لا يُكثِّر ، لأنه لا ينبغي الإكثار عند الفطور ، فإن المعدة خالية فإذا أكثرت فهذا يضرها ، أعطها شيئا فشيئا ، قلل عند الفطور ، ولهذا ليس من الطب أن الإنسان إذا أفطر على طول يتعشى كما يفعل بعض الناس ، بل الطب يقتضي أن تعطي المعدة الشيء القليل ، لأنها خالية ، فكان عليه الصلاة والسلام يُفطر على رطيبات ، فإن لم تكن فعلى تُميرات ، فإن لم تكن حسا حسوات أو حسيات من ماء ، هكذا ينبغي أن تفطر : على الرطب ثم التمر ثم الماء . والرطب الآن والحمد لله موجود ، حتى في غير أيام الصيف ، فالناس يدخرون الآن الرطب بالثلاجات ويبقى مدة ، فإذا وجدت رطب أو تمر كنيز فالأفضل أن تفطر على الرطب ، فإن لم يكن عندك شيء فالتمر ، فإن لم يكن عندك من التمر فالماء . فإن قال قائل : ليس عندي رطب ولا تمر ولكن عندي خبز وماء ، أيهما أفطر عليه ؟ أفطر على الماء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك وقال : ( إنه طَهور ) : يطهر المعدة والكبد ، فلذلك أمرنا عليه الصلاة والسلام أن نفطر على الماء ، وإنما قدم التمر والرطب ، لأنه أنفع ، أنفع للبدن من الماء ، لأنه حلوى وغذاء وقوت ، وقد قال أهل الطب : " إن الحلاوة التي في التمر هي أسرع شيء يتقبله الجسم من أنواع الحلوى ، وأنها تسري إلى العروق فوراً " ، وهذا من حكمة الله عز وجل ، فهذا الذي ينبغي أن تفطر عليه : رطب فإن لم تجد فتمر ، فإن لم تجد فماء ، فإن لم تجد ماء فما تيسر من مأكول أو مشروب ، فإن لم تجد كما لو كنت في البر وليس عندك شيء فقال بعض العوام : " امصص إصبعك " ، وهذا غلط إذا لم تجد فتكفي النية بالقلب ، وإذا عثرت على مطعوم أو مشروب بعد ذلك فافعل ، أما مص الإصبع فليس له ليس له أصل . وتحذلق عامي قال : " اتفل في ثوبك ثم امصص الريق " : يعني كأنه يجعله مثل الماء وهذا أيضا غلط ، كل هذا ليس بمشروع ، ولكن إن تيسر لك ما تفطر عليه فهذا هو المطلوب وإلا فانتظر حتى ييسر الله وانو بقلبك . وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم ) قال بعض أهل العلم : " فقد أفطر يعني وإن لم ينو الفطر " : يعني فقد انتهى صيامه ، وأفطر حكمًا ، وقال بعضهم : " فقد أفطر أي : فقد حل له الفطر " ، ولكن لا شك أنك إذا نويت الفطر إذا لم يكن عندك ما تأكله وتشربه فهو أحسن وأفضل حتى تكون مبادرا إلى الإفطار بالنية لعدم القدرة على الأكل والشرب ، والله الموفق .
السائل : هل معنى التعجيل في صلاة المغرب التعجيل في أفعالها ؟ الشيخ : إي تعجيل صلاة المغرب ليس معناه تعجيل الأفعال يعني في نفس الصلاة ، تعجيلها يعني يقدمها ما يتأخر في الإقامة ، بارك الله فيك .
باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم ). متفق عليه. وعنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ). رواه البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل : إني صائم ) متفق عليه . وعنه رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب حفظ الصائم لسانه عما حرم الله " : هذا عنوان الباب أو نحوه ، والمراد بذلك أنه يجب على الصائم أن يتجنب كل قول محرم وكل فعل محرم ، لأن الله تعالى إنما فرض الصيام من أجل التقوى ، كما قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) أي : من أجل أن تتقوا الله عز وجل ، وتجتنبوا محارمه ، ولا يريد الله من عباده أن يضيق عليهم بترك الأكل والشرب والجماع ، ولكنه يريد أن يمتثلوا أمر الله ، ويجتنبوا نواهيه حتى يكون الصيام مدرسة يتعودون فيها على ترك المحرمات ، وعلى القيام بالواجبات ، وإذا كان شهر كامل يمرُّ بالإنسان وهو محافظ على دينه تارك للمحرم ، قائم بالواجب ، فإن ذلك سوف يغير من مجرى حياته . ولهذا بين الله الحكمة من ذلك بأنها التقوى ، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ) : يعني لا يفعل فعلا محرما ولا يقول قولا محرما ، ( فإن سابَّه أحد ) : يعني صار يعيبه ويشتمه ، ( أو قاتله ، فليقل : إني صائم ) : حتى يدفع عن نفسه العجز عن المدافعة ويبين لصاحبه أنه لولا الصيام لقابلتك بمثلما فعلت بي ، فيبقى عزيزا لا ذليلا ، لكنه ذل عبودية لله تعالى وطاعة له . وكذلك قال عليه الصلاة والسلام : ( من لم يدع قول الزور ) يعني القول المحرم ( والعمل به ) : أي بالمحرم ( والجهل ) كما في لفظ آخر يعني العدوان على الناس ، ( فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) : ليس لله حاجة أن يدع الإنسان طعامه وشرابه ، لأن الله تعالى إنما أوجب الصيام لأهم شيء وهو ترك المحرمات والقيام بالواجبات ، والله الموفق . القارئ : " بابٌ في مسائل من الصوم : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه ) متفق عليه . وعن لَقيط بن صَبُرة رضي الله عنه قال : ( قلتُ : يا رسول الله أخبرني عن الوضوء ؟ قال : أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) رواه أبو داود، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح " .