باب في مسائل من الصوم. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نسي أحدكم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه ). متفق عليه. وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء ؟ قال: ( أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم. متفق عليه. وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من غير حلم، ثم يصوم. متفق عليه.
القارئ : " وعن لقيط بن صَبُرة رضي الله عنه قال : ( قلت : يا رسول الله أخبرني عن الوضوء ؟ قال : أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) رواه أبو داود، والترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب مِن أهله، ثم يغتسل ويصوم ) متفق عليه . وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا مِن غير حلم، ثم يصوم ) متفق عليه " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب في مسائل في الصوم " : يعني مسائل متنوعة متفرقة ، فمنها : إذا أكل الإنسان أو شرب وهو صائم ناسيًا فهل يفسد صومه ؟ ! استمع للجواب في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه قال : ( مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) : فإذا أكلت أو شربت ولو شبعت ولو رويت وأنت ناسي في الصيام ، فإن صومك تام ليس فيه نقص ، ولهذا قال : ( فليتم صومه ) وفي قوله : ( فإنما أطعمه الله وسقاه ) : دليل على أن فعل الناسي لا يُنسب إليه ، وإنما يُنسب إلى الله ، وكذلك النائم لا ينسب فعله إلى نفسه وإنما ينسب إلى الله كما قال الله تعالى في أصحاب الكهف : (( ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال )) ، والذي يتقلب هو النائم ، لكن لما لم يكن له قصد نسب الله الفعل إليه ، كذلك الناسي لم يتعمد فساد الصوم ، نسي وأكل وشرب على العادة ، نقول : صومك صحيح ، وكذلك لو كان جاهلا مثل أن يحتجم وهو لا يدري أن الحجامة تفطر ، فصومه صحيح . ومثل أن يأكل يظن أن الفجر لم يطلع ، ثم تبين أنه طالع ، فصومه صحيح ، ومثل أن يأكل يظن أن الشمس قد غربت لأنها غيم مثلا ، فظن أن الشمس غابت فأكل ، ثم تبين أن الشمس لم تغرب فصيامه صحيح ، وقد وقعت هذه المسألة في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، حينما كان الناس صائمين في يوم غيم ، فأفطروا ظنًا منهم أن الشمس قد غابت ثم طلعت الشمس ، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقضاء الصوم ، لأنهم لا يدرون ، لم يتعمدوا ، ولكن متى ذكر الإنسان وجب عليه الكف والإمساك حتى لو كانت اللقمة في فمه وجب عليها لفظها ، وكذلك لو كان الماء في فمه وجب عليه أن يريقه . وكذلك لو كان جاهلا ثم أُخبر فإنه يجب عليه أن يمسك ، لو مثلا رآه إنسان يأكل ويشرب قال : ليش يا ولد وأنت صائم ؟ قال : غابت الشمس ، قال : الشمس لم تغب ، يجب عليه أن يتوقف لأنه زال عنه العذر . فإذا قال قائل : لو رأيت صائمًا يأكل وأعرف أنه ناسيا ، فهل علي أن أذكره ؟ ، قلنا : نعم يجب أن تذكره ، لأن أخاك إذا عذر بالنسيان وأنت علمت به وجب عليك أن تذكره ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الصلاة : ( إذا نسيت فذكروني ) ، فأمر أن يذكر إذا نسي ، كذلك أيضا إذا رأيت صائما يأكل ويشرب ناسيا فذكره ، وكما لو رأيت إنسانا يصلي منحرفا عن القبلة وجب عليك أن تخبره . فالمهم أنه إذا وقع أخوك في شيء لا يحل له فعليك أن تذكره ، لأن النسيان كثير والخطأ كثير . ثم ذكر حديث لَقيط بن صَبِرة رضي الله عنه حيث قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( أسبغ الوضوء ) ، ( أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ) : أسبغ الوضوء : يعني توضأ وضوءا سابغا كاملا ، والإسباغ بمعنى الإكمال ، قال تعالى : (( وأسبغ عليكم نعمه )) أي : أكملها . والثاني : ( خلل بين الأصابع ) : ولاسيما أصابع الرجلين ، خلل بينها بالماء لأن أصابع الرجلين متلاصقة وربما لا يدخل الماء من بينها . ( وبالغ في الاستنشاق ) : يعني استنشاق الماء عند الوضوء . ( إلا أن تكون صائما ) : فلا تبالغ في الاستنشاق ، لأنك إذا بلغت في الاستنشاق دخل الماء إلى جوفك من طريق الأنف ، فدل ذلك على أن وصول الأكل أو الشرب عن طريق الأنف كوصوله عن طريق الفم ، يفطر الصائم . وأما الإبر فإنها لا تفطر الصائم ، الإبر التي تكون في الوريد أو تكون في اليد أو تكون في الظهر أو في أي مكان لا تفطر الصائم ، إلا الإبر المغذية التي يُستغنى بها عن الأكل والشرب فهذه تفطر الصائم ، ولا يحل له إذا كان صومه فرضًا أن يستعملها إلا عند الحاجة ، عند الضرورة ، فإذا اضطر إلى ذلك أفطر واستعمل الإبر وقضى يوماً مكانه . ثم ذكر حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصبح جنباً فيصوم ثم يغتسل ) : وهذا أيضًا جائز ، يعني يجوز للجنب أن ينوي الصوم وإن لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك . وفي حديثي عائشة وأم سلمة دليل على أن أفعال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حُجة يحتج بها ، ولا يقال : هذا من خصائصه ، لأن الأصل عدم الخصوصية ، فإذا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعلا فهو حق ، إن كان عبادة فهو عبادة ، وإن كان عادة فهو عادة وليس بمحرم ، والله الموفق .
باب بيان فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ). رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله. وفي رواية: كان يصوم شعبان إلا قليلا. متفق عليه. وعن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق فأتاه بعد سنة، وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله أما تعرفني ؟ قال: ( ومن أنت ؟ ) قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال: ( فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة ؟ ) قال: ما أكلت طعاما منذ فارقتك إلا بليل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عذبت نفسك ) ثم قال: ( صم شهر الصبر، ويوما من كل شهر ) قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: ( صم يومين ) قال: زدني، قال: ( صم ثلاثة أيام ) قال: زدني، قال: ( صم من الحرم واترك، صم من الحرم والترك، صم من الحرم واترك ) وقال بأصابعه الثلاث فضمها، ثم أرسلها. رواه أبو داود.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب بيان فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان : شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) رواه مسلم . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم مِن شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله ) . وفي رواية : ( كان يصوم شعبان إلا قليلاً ) متفق عليه . وعن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها : ( أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق فأتاه بعد سَنَة، وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال : يا رسول الله أما تعرفني ؟ قال : ومَن أنت ؟ قال : أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول . قال : فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة ؟ قال : ما أكلتُ طعاماً منذ فارقتك إلا بليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عذبت نفسك ، ثم قال : صم شهر الصبر ، ويومًا من كل شهر ، قال : زدني ، فإن بي قوة ، قال : صم يومين ، قال : زدني، قال : صم ثلاثة أيام ، قال: زدني، قال : صم من الحرم واترك، صم من الحرم والترك، صم من الحرم واترك ، وقال بأصابعه الثلاث فضمها، ثم أرسلها ) رواه أبو داود " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا الباب ذكر المؤلف -رحمه الله- فيه بيان ما يُسن صومه من الأيام والشهور : فمن ذلك : صوم شعبان ، فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصومه كله ، أو إلا قليلا ، كما روت ذلك عائشة عنه رضي الله عنها ، ولهذا ينبغي للإنسان أن يُكثر من الصيام في شهر شعبان أكثر من غيره ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يصومه . قال أهل العلم : " والحكمة من ذلك أنه كان بين يدي رمضان كالرواتب بين يدي الفريضة " . ومن ذلك أيضا : شهر الله المحرم ، شهر الله المحرم هو ما بين ذي الحجة وصفر ، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ) ، ويتأكد أن يصوم منه العاشر والتاسع ، أو العاشر والحادي عشر ، أو العاشر والتاسع والحادي عشر. ومن ذلك أيضًا : أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، كما في حديث الباهلي ( وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي أصامها في أول الشهر أو وسطه أو آخره ) ، لكن أيام البيض أفضل وهي : يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر . ومن ذلك أيضًا : أن يصوم يوم عرفة : ( لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سُئل عن صومه فقال : إنه يكفر السنة الماضية والباقية ) : يعني يكفر سنتين . وسيأتي إن شاء الله في كلام المؤلف أو في هذا الكتاب بيان أشياء من الأيام يسن صومها . وفي حديث الباهلي الذي صام سنة كاملة ، حتى تغيرت هيئته ، وضعفت حاله وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : ( فقال : هل تعرفني ؟ قال : من أنت ؟ قال : أنا الباهلي الذي أتيتك عام أول . فأخبره بما كان يصنع ، وأنه لم يترك الصوم منذ فارقه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : عذبت نفسك ) : وفي هذا دليل على أنه ليس من الشرع أن يكلف الإنسان نفسه ما لا تطيق ، وأن يعذب نفسه ، لأن الله يقول : (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرًا عليمًا )) ، والله الموفق .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول من ذي الحجة : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما مِن أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه البخاري . باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء : عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : ( سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ قال : يكفر السنة الماضية والباقية ) رواه مسلم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، وأمر بصيامه ) متفق عليه . وعن أبي قتادة رضي الله عنه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال : يكفر السنة الماضية ) رواه مسلم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) رواه مسلم . باب استحباب صوم ستة أيام مِن شوال : عن أبي أيوب رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان، ثم أتبعه ستًا من شوال، كان كصيام الدهر ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذه الأبواب الثلاثة التي عقدها النووي في كتابه * رياض الصالحين * في بيان أيام يسن صيامها : فمنها ، أي مما يسن صيامه : أيام العشر ، عشر ذي الحجة الأول ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( ما مِن أيام العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيام ) يعني أيام العشر ، وقوله : ( العمل الصالح ) : يشمل الصلاة والصدقة والصيام والذكر والتكبير وقراءة القرآن وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الخلق وحسن الجوار وغيرَ ذلك ، كل الأعمال الصالحة ، ( ما من أيام -في السنة- يكون العمل فيها يكون العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ، قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء ) : ففي هذا دليل على فضيلة العمل الصالح في أيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة ، من صيام وغيره . وفيه دليل أيضا على أن الجهاد من أفضل الأعمال ، ولهذا قال الصحابة : ( ولا الجهاد في سبيل الله ) . وفيها دليل على فضيلة هذه الحال النادرة أن يخرج الإنسان مجاهدا في سبيل الله بنفسه وماله وماله يعني سلاحه ومركوبه ثم يقتل ويؤخذ سلاحه ومركوبه يأخذه العدو ، فهذا فقد نفسه وماله في سبيل الله فهو من أفضل المجاهدين فهذا أفضل من العمل الصالح في أيام العشر ، وإذا وقع هذا العمل في أيام العشر تضاعف فضله .
باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء. عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن صوم يوم عرفة ؟ قال: ( يكفر السنة الماضية والباقية ). رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، وأمر بصيامه. متفق عليه. وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ( يكفر السنة الماضية ). رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ). رواه مسلم.
الشيخ : ومن الأيام التي يسن صيامها صيام يوم عرفة ، واليوم العاشر من شهر المحرم ، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة قال : يكفر السنة الماضية والباقية ) : الماضية التي انتهت لأن يوم عرفة في آخر شهر من العام ، والباقية فهو يكفر سنتين . ( وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال : يكفر السنة الماضية ) : فهو أقل أجرا من صوم يوم عرفة ، ومع ذلك ينبغي أن يصوم مع عاشوراء تاسوعاء لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) يعني مع العاشر ، ولأنه أمر أن يصام يوماً قبله أو يوماً بعده مخالفة لليهود ، لأن يوم عاشوراء يعني يوم العاشر من المحرم هو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه ، فكان اليهود يصومونه شكرا لله عز وجل على هذه النعمة العظيمة : أن الله أنجى جنده وهزم جند الشيطان ، أنجى موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه ، فهو نعمة عظيمة ولهذا : ( لما قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عن ذلك فقالوا : هذا يوم نجا الله فيه موسى وقومه وأهلك فرعون وقومه فإننا فنصومه شكرًا لله فقال : نحن أولى بموسى منكم ) : لماذا ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم والذين معه أولى الناس بالأنبياء السابقين ، (( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي )) : يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم (( والذين آمنوا والله ولي المؤمنين )) : فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بموسى من اليهود ، لأن اليهود كفروا به حيث كفروا بعيسى وكفروا بمحمد ، ( فصامه وأمر الناس بصيامه ) : إلا أنه أمر أن يخالفوا اليهود الذين لا يصومون إلا يوم العاشر ، بأن نصوم التاسع أو العاشر والحادي عشر أو الثلاثة ، ولهذا ذكر بعض أهل العلم كابن القيم وغيره أن صيام عاشوراء ثلاثة أقسام : أن يصوم عاشوراء والتاسع ، وهذا أفضل الأنواع . أن يصوم عاشوراء والحادي عشر وهذا دون الأول . أن يصوم عاشوراء وحده ، فكرهه بعض العلماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفة اليهود ، ورخص فيه بعض العلماء .
باب استحباب صوم ستة أيام من شوال. عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( من صام رمضان، ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر ). رواه مسلم.
الشيخ : وكذلك مِن الأيام التي يسن صيامها : ستة أيام من شوال ، كما في حديث أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال فكأنما صام الدهر ) : فسر العلماء ذلك بأن الحسنة بعشر أمثالها ، فيكون رمضان شهراً بعشرة أشهر ، ويكون ستة أيام ستين يومًا وهما شهران ، فعلى هذا يُسن للإنسان إذا أتم صيام رمضان أن يصوم ستة أيام من شوال . وليعلم أنها لا تصام قبل القضاء ، يعني لو كان على الإنسان يوما واحدا من رمضان وصام الست فإنه لا يحصل على أجرها ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان ) : ومَن عليه يوم واحد من رمضان لم يكن صامه ، بل صام أياما منه ، إن كان عليه يوم فقد صام كم ؟ تسعة وعشرين ، إن كان عليه يومان فقد صام ثمانية وعشرين ، ما صام الشهر ، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول : ( من صام رمضان ) . فإذا صمت رمضان وصمت ستة أيام بعده من شوال فكأنما صمت الدهر كله ، وسواء صمت ثاني يوم العيد وأتبعت بعضها بعضًا أو صمتها بعد يومين أو ثلاثة أو صمتها متتابعة أو صمتها متفرقة الأمر في هذا واسع ، لكن لو أنك تساهلت حتى خرج شوال وصمت ، فإنها لا تكون بهذا الأجر ، اللهم إلا من كان معذورا مثل أن يكون مريضاً أو امرأة نفساء أو مسافراً ولم يصم في شوال وقضاها في ذي القعدة فلا بأس .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب استحباب صوم الاثنين والخميس : عن أبي قتادة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سئل عن صوم يوم الاثنين فقال : ذلك يوم ولدت فيه، ويومٌ بعثت أو أنزل علي فيه ) رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأُحب أن يعرض عملي وأنا صائم ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن، رواه مسلم بغير ذكر الصوم . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن . باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام ) متفق عليه . وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت : بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر ) رواه مسلم . وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ) متفق عليه . وعن معاذة العدوية ، أنها سألت عائشة رضي الله عنها : ( أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت : نعم ، فقلت : من أي الشهر كان يصوم ؟ قالت : لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم ) رواه مسلم . وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صمت من الشهر ثلاثًا، فصم ثلاثَ عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن . وعن قتادة بن مِلحان رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض : ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة ) رواه أبو داود . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر ) رواه النسائي بإسناد حسن " .
باب استحباب صوم الاثنين والخميس. عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: ( ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل علي فيه ). رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن، ورواه مسلم بغير ذكر الصوم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذان البابان عقدهما المؤلف النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * في بيان فضل صوم يوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر : أما صوم يوم الاثنين فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( سئل عن صومه فقال : ذاك يوم ولدت فيه وبعثت أو أُنزل عليّ فيه ) وكذلك مات فيه عليه الصلاة والسلام ، فيوم الاثنين ولد فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لكن في أي شهر لم يتبين ، هل هو في شهر ربيع الأول أو في غيره وهل هو في اليوم الثاني عشر منه أو في غيره ، إنما المؤكد أنه ولد يوم الاثنين عليه الصلاة والسلام . كذلك أيضًا أُنزل على الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعني أول ما نزل عليه القرآن في يوم الاثنين ، والراوي شك هل قال : ( أنزل أو بعثت ) وبينهما فرق ، لأنه أنزل عليه القرآن قبل أن يبعث ، أُنزل عليه سورة (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) وبهذا صار نبيا وأنزل عليه . وأما البعث وهو الإرسال فإنما كان بقوله تعالى : (( أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر )) : وهذا بعد الأول ، وعلى كل فهذه مناسبة صار هذا اليوم له فيه مناسبات شريفة عظيمة : ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم وإنزال الوحي عليه أو إرساله إلى الناس .
باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. متفق عليه. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر. رواه مسلم. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ). متفق عليه.
وعن معاذة العدوية أنها سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام قالت: نعم. فقلت: من أي الشهر كان يصوم ؟ قالت: لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم. رواه مسلم. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا صمت من الشهر ثلاثا، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن قتادة بن ملحان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. رواه أبو داود. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر. رواه النسائي بإسناد حسن.
الشيخ : وأما صيام ثلاثة أيام من كل شهر ففيه أحاديث : منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وأبي الدرداء ، والثالث : أبو ذر : هؤلاء الثلاثة أوصاهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بوصية واحدة ، لكن كل واحد في وقت ، أوصاهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وقال لعبد الله بن عمرو بن العاص : ( صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ) ، يعني ثلاثة أيام والحسنة بعشرة أمثالها تكون ثلاثين يومًا ، فيكون صوم الدهر كله . أوصاهم بثلاثة أيام من كل شهر ولم يعين ، لم يقل : في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، وأوصاهم أيضا بركعتي الضحى . وركعتا الضحى وقتها من ارتفاع الشمس قدر رمح ، أي : من نحو ثلث ساعة بعد طلوع الشمس ، إلى قبيل الزوال ، أي : إلى ما قبل الزوال بنحو عشر دقائق ، كل هذا وقت لركعتي الضحى . وتُسن كل يوم ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : إن كل عضو من أعضاء بني آدم ، كل عضو يصبح كل يوم عليه صدقة مقابل الأعضاء ، والأعضاء ثلاثمئة وستين عضو في الإنسان ، في الإنسان الواحد ثلاثمئة وستين عضو ، إذًا عليك كل يوم ، كم صدقة هداية الله ؟ الطالب : ... الشيخ : لا ، ثلاثمائة وستين صدقة ، لأن الأعضاء ثلاثمئة وستين عضوا ، فيكون عليك ثلاثمئة وستين صدقة ، لكن الصدقات ما هي لازم بالمال ، كل تسبيحة صدقة ، كل تهليلة صدقة ، كل تكبيرة صدقة ، أمر بالمعروف صدقة نهي عن منكر صدقة ، حتى إعانة الرجل في دابته صدقة ، حتى جماع الرجل لأهله صدقة ، ولكن قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُغني عن ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى ) : إذًا أنت إذا ركعت ركعتين من الضحى أديت الواجب عليك من الصدقات وبقي الباقي تطوعًا ، ثم إن هذه الأيام نعم . أما الثالث : قال : ( وأن أوتر قبل أن أنام ) : وهذا لمن يخشى ألا يقوم من آخر الليل ، الذي يخشى ألا يقوم من آخر الليل نقول : أوتر قبل أن تنام ، احتط لنفسك ، أما الذي يطمع أن يقوم من آخر الليل فليجعل وتره في آخر الليل ، هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، قال العلماء : " وإنما أوصى هؤلاء بأن يوتروا قبل أن يناموا ، لأن مقتضى حالهم تقتضي ذلك " ، فقد كان أبو هريرة رضي الله عنه في أول الليل يتحفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وينام في آخر الليل ، ثم إن الأيام الثلاثة يجوز أن تصومها في العشر الأول ، أو في العشر الأوسط ، أو في العشر الأخير ، أو كل عشر أيام يوم ، أو كل أسبوع يوم ، كل هذا جائز ، والأمر واسع ، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها : ( إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يبالي من أي الشهر صامها من أوله أو وسطه أو آخره ) ، لكن اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر أحسن وأفضل لأنها أيام البيض . أما صوم يوم الخميس فهو أيضا سنة لكنه دون صوم يوم الاثنين ، صوم يوم الاثنين أفضل وكلاهما فاضل ، وإنما كان صيامهما فاضلاً ، لأنه يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الأعمال تعرض فيهما على الله قال : ( فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ) . وأفضل الصيام صيام داود : أن يصوم الإنسان يوما ويفطر يوما ، هذا لمن قدر ولم يكن عليه مشقة ، ولم يضيع بسببه الأعمال المشروعة الأخرى ، ولم يمنعه عن تعلم العلم ، لأن هناك عبادات أخرى ، إذا كان كثرة الصيام يعجزك عنها فلا تكثر الصيام ، والله الموفق .
باب فضل من فطر صائما وفضل الصائم الذي يؤكل عنده، ودعاء الآكل للمأكول عنده. عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من فطر صائما، كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدمت إليه طعاما، فقال: كلي فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا وربما قال: حتى يشبعوا. رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادةرضي الله عنه، فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة ). رواه أبو داود بإسناد صحيح.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين : قال -رحمه الله تعالى- : " باب فضل من فطر صائما : عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وعن أم عِمارة الأنصارية رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقدمت إليه طعاما، فقال : كلي فقالت : إني صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أُكل عنده حتى يفرغوا وربما قال : حتى يشبعوا ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن . وعن أنس رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة ) رواه أبو داود بإسناد صحيح . كتاب الاعتكاف : باب الاعتكاف في رمضان : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ) متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً ) رواه البخاري " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : هذا الباب : " باب من فطر صائماً " : هو آخر ما ذكره النووي -رحمه الله- في كتابه * رياض الصالحين * فيما يتعلق بالصيام . وذلك أن من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده أن شرع لهم التعاون على البر والتقوى . ومن ذلك تفطير الصائم ، لأن الصائم مأمور بأن يفطر ، وأن يعجل الفطر ، فإذا أعين على هذا فهو من نعمة الله عز وجل ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَن فطَّر صائما فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء ) . واختلف العلماء في معنى قوله : ( مَن فطَّر صائما ) فقيل : إن المراد من فطره على أدنى ما يفطر به الصائم ، ولو بتمرة . وقال بعض العلماء : المراد بتفطيره أن يشبعه ، لأن هذا هو الذي ينفع الصائم طول ليله ، وربما يستغني به عن السحور ، ولكنَّ ظاهر الحديث أن الإنسان إذا فطر صائما ولو بتمرة واحدة فإن له مثل أجره ، ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص على تفطير الصوام بقدر المستطاع ، لاسيما مع حاجة الصائمين وفقرهم ، أو حاجتهم لكونهم ليس في بيوتهم من يقوم بتجهيز الفَطور لهم ، وما أشبه ذلك .
كتاب الاعتكاف. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. رواه البخاري.
الشيخ : ثم ذكر -رحمه الله تعالى- باب الاعتكاف : والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل ، وهو مشروع في العشر الأواخر من رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعتكف العشر الأول ، ثم اعتكف العشر الأوسط يتحرى ليلة القدر ، ثم قيل له : ( إنها في العشر الأواخر فصار يعتكف العشر الأواخر من رمضان ) : وبهذا عرفنا أنه لا يُشرع الاعتكاف في غير رمضان ، وأن ما ذكره بعض العلماء من أنه ينبغي للإنسان إذا قصد المسجد أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه ، قول لا دليل عليه ، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يشرعه لأمته ، لا بقوله ولا بفعله ، يعني لم يقل للناس : إذا دخلتم المسجد فانووا الاعتكاف فيه في أي وقت وفي أي حال ، ولم يكن يفعل ذلك هو بنفسه ، وإنما كان يعتكف العشر الأواخر تحريا لليلة القدر ، ولهذا ينبغي للمعتكف ألا يشتغل إلا بالطاعة مِن صلاة وقراءة قرآن وذكر وغير ذلك ، حتى تعليم العلم قال العلماء : " لا ينبغي للمعتكف أن يشتغل بتعليم العلم ، بل يقبل على العبادات الخاصة " ، لأن هذا الزمن مخصوص للعبادات الخاصة ، ولا يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لما لابد منه : إما أن يكون ليس له من يأتي له بالطعام والشراب ، فيخرج ليأكل ويشرب ، أو أو يحتاج للخروج لقضاء الحاجة بول أو غائط ، أو يحتاج للخروج من أجل غسل الجنابة وما أشبه ذلك ، أو يحتاج للخروج لكونه في مسجد غير جامع فيذهب إلى الجمعة ، فالمهم أن المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لشيء لابد له منه شرعاً أو طبعاً . ثم إنه ينبغي للمعتكف إذا جاءه أحد يريد أن يشغله بالكلام اللغو الذي لا فائدة منه ، أن يقول له : يا أخي أنا معتكف ، إما أن تعينني على الطاعة وإلا فأبعد عني ، والله تعالى لا يستحي من الحق ، وأما الجلوس اليسير عند المعتكف والتحدث اليسير فهذا لا بأس به ، ( لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يستقبل نساءه وهو معتكف ، فيتحدث إليهن ويتحدثن إليه ) ، والله الموفق . نعم . الطالب : ودروسكم في الحرم في رمضان ؟ الشيخ : أي نعم ، دروسنا في الحرم برمضان حاجة ، لأنه لا يتسنى لنا أن ندرس في كل الوقت ، يعني بقاؤنا في رمضان ، أو حضورنا للمسجد الحرام إنما هو في العشر الأواخر ، فمن أجل الحاجة صرنا نفعل هذا .
كتاب الحج : باب وجوب الحج وفضله : قال الله تعالى: (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )).
القارئ : قال -رحمه الله تعالى- : " كتاب الحج : باب وجوب الحج وفضله : قال الله تعالى : (( ولله على الناس حِج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) . عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) متفق عليه . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا . فقال رجل : أكلَّ عام يا رسول الله ؟ فسكت ، حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت : نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ) رواه مسلم " . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم : قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه * رياض الصالحين * : " باب وجوب الحج وفضله " : الحج هو : قصد مكة للتعبد لله سبحانه وتعالى بأداء المناسك ، وهو أحد أركان الإسلام بإجماع المسلمين ، ودليل فرضه قول الله تبارك وتعالى : (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) ، وهذه الآية نزلت في العام التاسع من الهجرة ، وهو العام الذي يسمى عام الوفود ، وبها فرض الحج ، أما قوله تعالى في سورة البقرة : (( وأتموا الحج والعمرة لله )) : ففيها فرض الإتمام لا فرض الابتداء ، ففرض الابتداء كان في السنة التاسعة ، بآية سورة آل عمران وأما فرض الاستمرار والإتمام فكان في آية البقرة في سنة ست من الهجرة ، قال الله تعالى : (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) ، على الناس : يعني على جميعهم ، لكن الكافر لا نأمره بالحج حتى يسلم ، وأما المسلم فنأمره بأن يحج بهذا الشرط الذي اشترط الله عز وجل : (( من استطاع إليه سبيلا )) يعني من استطاع أن يصل إلى مكة ، فمن لم يستطع لفقره فلا حج عليه ، ومن لم يستطع لعجزه نظرنا ، فإن كان عجزه لا يرجى زواله وعنده مال وجب أن يقيم من يحج عنه ، وإن كان يرجى زواله كمرض طارئ طرأ عليه في أيام الحج فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ثم يحج بنفسه . ثم ذكر المؤلف -رحمه الله- حديث ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( بني الإسلام على خمس ) وقد سبق الكلام عليه فلا حاجة إلى الإعادة ، والشاهد من هذا قوله : ( وحج البيت الحرام ) .