عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ستفتح عليكم أرضون، ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ). رواه مسلم. وعنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من علم الرمي ثم تركه فليس منا ) أو ( فقد عصى ). رواه مسلم. وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله . وارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا. ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه، فإنها نعمة تركها ) أو قال: ( كفرها ). رواه أبو داود. وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر ينتضلون، فقال: ( ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ). رواه البخاري. وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل محررة ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أبي يحيى خريم بن فاتك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ). متفق عليه. وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو، مات على شعبة من النفاق ). رواه مسلم. وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: ( إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم المرض ).
وفي رواية: ( حبسهم العذر ). وفي رواية: ( إلا شركوكم في الأجر ). رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ له. وعن جابر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: ( إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم المرض ). وفي رواية: ( حبسهم العذر ). وفي رواية: ( إلا شركوكم في الأجر ). رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ له. وعن أبي موسى رضي الله عنه أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه ؟ وفي رواية: يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية. وفي رواية: ويقاتل غضبا، فمن في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ). متفق عليه.
القارئ : " وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ) رواه مسلم، وعن جابر رضي الله عنه قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم حبسهم المرض ) وفي رواية: ( حبسهم العذر ) وفي رواية: ( إلا شركوكم في الأجر ) رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ له، وعن أبي موسى رضي الله عنه ( أن أعرابيًّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، وفي رواية يقاتل شجاعة ويقاتل حمية، وفي رواية ويقاتل غضبًا فمن في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه الأحاديث في بيان أمور في الجهاد في سبيل الله منها الرمي، وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ألا إن القوة الرمي ) كررها ثلاثًا، وفي الأحاديث التي ساقها المؤلف في هذا الباب حثٌ على تعلم الرمي وعلى أن من ترك الرمي بعد أن منّ الله عليه به فإنها نعمة كفرها، وفي بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تبرأ منه وفي بعض الأحاديث أيضًا ( إنها ستفتح عليكم أرضون وسيكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ) ففي هذه الأحاديث وأشباهها حث على تعلم الرمي وأن الإنسان ينبغي له أن يتعلم كيف يرمي ولو بالأسلحة الخفيفة، لأنه لا يدري ماذا يعرض له حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجاز العوض في المسابقة في الرمي، يعني يترامى اثنين في البندق أو شبهها من السلاح ويجعلون بينهم عوض اللي يغلب منهم يأخذه هذا أيضًا لا بأس به وجائز لما في ذلك من الحث على تعلم الرمي، وفي هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( اركبوا وارموا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ) لأن الرمي يدركه الإنسان الراكب والراجل أما الركوب فلا يدركه إلا من ركب، ولهذا كان الرمي أحب إلى النبي صلى عليه وعلى آله سلم من الركوب، وفي هذه الأحاديث أيضًا دليل على فضيلة الصيام في الجهاد في سبيل الله وأن الإنسان إذا صام يوما في سبيل الله باعد الله بين وجهه وبين النار سبعين خريفًا، يعني سبعين سنة، وفيه أيضًا في هذه الأحاديث دليل على وجوب إخلاص النية لله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل ليرى ويقاتل غضبًا يعني عصبية لقومه فمن في سبيل الله قال: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) والله الموفق.
شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من غازية، أو سرية تغزو، فتغنم وتسلم، إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم، وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم أجورهم ). رواه مسلم. وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله عز وجل ). رواه أبو داود بإسناد جيد. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قفلة كغزوة ). رواه أبو داود بإسناد جيد. وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك تلقاه الناس، فتلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع. رواه أبو داود بإسناد صحيح بهذا اللفظ، ورواه البخاري قال: ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع. وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من لم يغز، أو يجهز غازيا، أو يخلف غازيا في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة. رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ). رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن النعمان بن مقرن رضي الله عنه قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، وينزل النصر. رواه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا ). متفق عليه. وعنه وعن جابر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحرب خدعة ). متفق عليه.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجهاد " عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق وتصاب إلا تم لهم أجورهم ) رواه مسلم، وعن أبي أمامة رضي الله عنه ( أن رجلًا قال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله عز وجل ) رواه أبو داود بإسناد جيد، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قفلة كغزوة ) رواه أبو داود بإسناد جيد، وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: ( لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك تلقاه الناس فلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع ) رواه أبو داود بإسناد صحيح بهذا اللفظ، ورواه البخاري قال: ( ذهبنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الصبيان إلى ثنية الوداع ) وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من لم يغز أو يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة ) رواه أبو داود بإسناد صحيح، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه أبو داود بإسناد صحيح، وعن النعمان بن مقرّن رضي الله عنه قال: ( شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا ) متفق عليه، وعن أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحرب خدعة ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه الأحاديث هي بقية أحاديث كتاب الجهاد المنقولة في رياض الصالحين وفيها الحث على الغزو، وأن الإنسان إذا لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو ولم يخلف غازيًا في أهله وماله فإنه تصيبه قارعة قبل يوم القيامة وهذه القارعة ربما تفسر بما سبق في الحديث ( من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ) وفيها أيضًا الحث على جهاد المشركين بالمال والنفس واللسان بالمال أن يبذل الإنسان مالًا يساعد به المجاهدين أو يشتري به سلاحًا أو غير ذلك، والنفس أن يخرج بنفسه يقاتل واللسان يهجوهم بالقصائد والأشعار لأن هجو المشركين يؤثر عليهم ويكون ذكرى سيئة في حقهم إلى ما شاء الله، فمثلًا نحن الآن إلى الآن ونحن نسمع هجاء حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وغيرهما رضي الله عنهم للمشركين، وفيه أيضًا في هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله فضيلة الجهاد في سبيل الله وأنه من أفضل الأعمال، وقد مضت أحاديث كثيرة في هذا المعنى، وأطال المؤلف رحمه الله في نقل الأحاديث في ذلك لأن باب الجهاد من أهم أبواب الدين حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ذروة سنامه ) يعني: ذروة سنام الإسلام ( الجهاد في سبيل الله ) لما فيه من إعلاء كلمة الله ونصر الإسلام والمسلمين وغير ذلك من المصالح العظيمة، والله الموفق . السائل : ...
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة ".
باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله ). متفق عليه. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما تعدون الشهداء فيكم ؟ ) قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال: ( إن شهداء أمتي إذا لقليل ) قالوا: فمن يا رسول الله ؟ قال: ( من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله ) متفق عليه، وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون الشهداء فيكم؟ قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذن لقليل! قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب بيان شيء من الشهداء " يعني غير المقتولين في سبيل الله، والمقتول في سبيل الله هو أعلى أنواع الشهداء، أما الشهداء الآخرون فهم كما أشار إليه المؤلف رحمه الله هم شهداء في الآخرة في أحكام الآخرة لا في أحكام الدنيا، ويتبين ذلك بأن الشهيد المقتول في سبيل الله شهيد في الدنيا والآخرة فهو شهيد في الدنيا، إذا قتل ومات فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ويدفن ولا يأتيه الملكان اللذان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فلا يغسّل من أجل أن يبقى أثر الدم عليه أثر الدم الذي قتل في سبيل الله من أجله يبقى فيأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا اللون لون الدم والريح ريح المسك، ولهذا قال العلماء: " يحرم أن يغسّل ويحرم أن يغسل دمه " بل يبقى على ما هو عليه، ولا يكفّن وإنما يكفّن في ثيابه التي قتل فيها حتى يأتي يوم القيامة بهذه الثياب، ولا يصلى عليه لأن الصلاة شفاعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الميت: ( ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه ) والمقتول في سبيل الله لا يحتاج لأن يشفع له أحد، لأن الشفاعة له كونه يعرض رقابه لأعداء الله إعلاء لكلمة الله، ولهذا علل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عدم فتنته في قبره فقال: ( كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة ) يعني: كفى بها اختبار، وصدق النبي عليه الصلاة والسلام فيكفن في ثيابه ليأتي بها يوم القيامة ولا يصلى عليه، ونظير هذا من بعض الوجوه الرجل إذا مات محرمًا إذا مات محرمًا فإنه يغسل بماء وسدر ولا يحنط ولا يقرّب طيبا ولا يغطى رأسه ولا يكفن بثياب غير ثياب الإحرام التي عليه، لأنه يبعث يوم القيامة ملبيًا يبعث يقول: لبيك اللهم لبيك، والشهيد يبعث يوم القيامة جرحه يصب دمًا لكنه لونه لون الدم وريحه ريح المسك، فهذا الشهيد في أحكام الدنيا الشهيد في سبيل الله يجنب هذه الأشياء لا يغسل ولا يكفن بكفن جديد وإنما يكفن في ثيابه ولا يصلى عليه ويدفن ولا يأتيه الملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه، لأن هذا أكبر امتحان واختبار له ودليل على صدقه، أما في الآخرة فقد قال الله تعالى: (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين )) أما بقية الشهداء المذكورين في الحديث فهم شهداء في الآخرة لا في الدنيا، ومع ذلك فإنهم لا يساوون الذين قتلوا في سبيل الله لكنهم شهداء ولكل درجات مما عملوا المطعون والمبطون والغريق ومن قتل في سبيل الله هذا شهيد في الدنيا والآخرة، الخامس؟ نعم، وصاحب الهدم هؤلاء أربعة المطعون يعني الذي مات بالطاعون، والطاعون وباء فتاك معدي نسأل الله العافية إذا وقع في أرض فإنه يهلك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الطاعون: ( إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارًا منه ) لأنه كيف تفر من الله عز وجل وانظر إلى قوم ألوف (( خرجوا من ديارهم حذر الموت فقال لهم الله موتوا )) فماتوا وهم ألوف هربوا من الموت، ولكن الله تعالى أراد أن يبين لهم أنه لا مفر من الله جل وعلا، قال لهم الله موتوا فماتوا ثم أحياهم ليتبين أنه لا مفر من قدر الله عز وجل، لكن نحن نفعل الأسباب التي أمرنا بها أما التي نهينا عنها فلا، ولهذا قال: ( إذا وقع وأنتم في أرض فلا تخرجوا منها فرارًا منه ) هذا المطعون إذا مات في الطاعون كان شهيدًا، الثاني: المبطون والمبطون هو الذي أصابه داء البطن ويشبه والله أعلم ما يسمونه الآن في الغاشية غاشية تصيب الإنسان في بطنه ثم يموت، هذه إذا مات بها الإنسان فإنه يكون شهيدًا، والثالث: الغريق الذي يغرق إما بأمطار عظيمة أو يقع في النهر أو في البحر أو ما أشبه ذلك فإنه يكون من الشهداء في الآخرة، ولهذا أمر الإنسان أن يتعلم السباحة فالإنسان مأمور أن يتعلم السباحة حتى إذا حصل مثل هذه الأشياء أمكنه أن يتوقى منها، وأما الرابع: فهو من مات بهدم يعني رجل انهدم عليه البيت أو الجدار أو ما أشبه ذلك فإنه يكون شهيدًا، لأن هؤلاء كلهم ماتوا بحوادث مميتة سريعة وهل يقاس عليهم مثلهم كالذي يموت بحادث أو بصدم أو ما أشبه ذلك الله أعلم قد يقاسون على هذا ويقال لا فرق بين أن ينهدم الجدار أو أن تنقلب السيارة لأن كل حادث مات به الإنسان فيحكم على من مات بهذا الحادث أنه شهيد، لكننا لا نجزم به لأن مسائل الجزاء عقوبة أو مثوبة ليس فيها قياس، فالحاصل أن هناك شهداء غير المقتولين في سبيل الله، ومن ذلك أيضًا من مات في سبيل الله وإن لم يقتل فهو شهيد لكنه شهيد في الآخرة كرجل خرج مع المجاهدين ومات ميتة طبيعية فهذا أيضًا من الشهداء، لكن شهيد آخرة أما في الدنيا فإنه يغسّل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع الناس كالشهداء الذين ذكرهم الرسول عليه الصلاة والسلام وهم من مات بهدم أو غرق أو طاعون أو بطن، والله الموفق.
شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ). متفق عليه. وعن أبي الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال: ( فلا تعطه مالك ) قال: أرأيت إن قاتلني ؟ قال: ( قاتله ) قال: أرأيت إن قتلني ؟ قال: ( فأنت شهيد ) قال: أرأيت إن قتلته ؟ قال: ( هو في النار ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب بيان جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة: " عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون ماله فهو شهيد ) متفق عليه، وعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنهم قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي، قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني، قال: فأنت شهيد ، قال: أرأيت إن قتلته، قال: هو في النار ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه بقية الأحاديث في بيان الشهداء في ثواب الآخرة منها ما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) يعني: إذا أتاك أحد يريد أخذ مالك فدافعت عنه حتى قتلت فأنت شهيد، وفي الحديث الأخير ( أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء أحد يريد أخذ مالي، قال: فلا تعطه مالك ) قال: أرأيت إن قاتلني، قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني، قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته، قال: هو في النار ) فدل ذلك على أن الإنسان يدافع عن ماله إذا جاء أحد يريد أخذ المال فإنك تدافع فإذا لم يندفع إلا بالقتل فاقتله، وإن اندفع بدون ذلك فلا تقتله يعني لو أمكن أن تكون أنت أقوى منه وتشد يديه ورجليه وتأسره فلا تقتله لأنه لا حاجة لقتله، وإذا كان لا يمكن فقاتلك فقاتله ولو قتلته وإن خفت أن يبادرك بالقتل فاقتله ولا حاجة للمقاتلة، يعني لو جاء إليك يسعى يشتد ومعه سلاح قد شهره فاقتله لأنك إن لم تبادره قتلك فإذا قتلته فإنه في النار، وإن قتلك هو فأنت شهيد وكذلك في حديث سعيد بن زيد: ( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ) حتى لو أن أحدًا أراد أن يفتنك في دينك يهتك عرضك أو ما أشبه ذلك فقاتلته فقتلك فأنت شهيد، وإن قتلته أنت فهو في النار، ولهذا قال العلماء: " إن دفع الصائل ولو أدى إلى قتله جائز " لأنه إذا صال عليك فلا حرمة له، لكن إذا اندفع بما دون القتل فلا تقتله، نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب فضل العتق، قال الله تعالى: (( فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة )) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوًا منه من النار حتى فرجه بفرجه ) متفق عليه، باب فضل الإحسان إلى المملوك، قال الله تعالى: (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )) عن المعور بن سويد رضي الله عنه قال: ( رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه حلة وعلى غلامه مثلها فسألته عن ذلك فذكر أنه سابَّ رجلًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم ) متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه ولي علاجه ) رواه البخاري ".
باب فضل العتق: قال الله تعالى: (( فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة )). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه ). متفق عليه. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال: ( الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله ) قال: قلت: أي الرقاب أفضل ؟ قال: ( أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمنا ). متفق عليه.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف في كتابه رياض الصالحين: " باب فضل العتق " العتق هو تحرير الرقاب يعني أن يكون هناك إنسان مملوك فيأتي شخص فيعتقه ويحرره ابتغاء وجه الله عز وجل فهذا من أفضل الأعمال، قال الله تعالى: (( فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيمًا ذا مقربة * أو مسكينًا ذا متربة * ثم كان من الذين آمنوا )) اقتحم العقبة يعني صعدها على مشقة، والعقبة هي الطريق المرتفع، ومعلوم أن اقتحام العقبات صعبة وشاق، كذلك إعتاق الرقاب صعب على النفوس لأن فيه إخراج المملوك عن ملكه وهو شاق، وقوله: (( فك رقبة )) يشمل العتق ويشمل فك الأسير من العدو فإن هذا من فك الرقاب، ففي الآية دليل على فضيلة العتق، ثم ذكر المؤلف ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن من أعتق عبدًا أعتق الله بكل عضو منه ) أي: من العتيق ( عضوًا منه ) أي: من المعتق ( من النار ) حتى الفرج بالفرج، يعني: أنك إذا أعتقت عبدًا أعتق الله كل بدنك من النار، لأنك أعتقت هذا العبد من الرق فيعتقك الله تعالى من النار.
باب فضل الإحسان إلى المملوك : قال الله تعالى: (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم )).
الشيخ : ثم ذكر فضل الإحسان إلى المملوك وصدّر هذا بقوله تعالى: (( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل ))(( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا )) اعبدوا الله يعني أطيعوا الله فعبادة الله هي طاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه، وهذا هو الذي خلق العباد من أجله، قال الله تعالى: (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) ما خلقنا الله لنأكل ونشرب ونلبس ونسكن ونتمتع لا هذه كلها وسائل، الغاية هي العبادة (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) فمن لم يعبد الله أو عبد مع الله غيره أو لم يعبد أحدًا فإنه أضاع دينه ودنياه، لأنه أضاع ما خلق من أجله، وقوله: (( ولا تشركوا به شيئًا )) عام، شيئًا يعم كل مشرك به لأنه نكرة في سياق النهي فيكون عامًّا، لا تشرك بعبادة الله أحدًا لا الرسول ولا جبريل ولا وليًّا من أولياء الله ولا صِديقًا ولا شهيدًا لا تعبد إلا الله وحده لا تشرك به شيئًا، فمن أشرك بالله شيئًا فإن كان شركًا أكبر فقد قال الله في حقه: (( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار )) مثاله: أن يذهب إلى قبر ثم يسجد له أو يدعوه يقول يا سيدي أغثني يا سيدي ارزقني ولدًا ارزقني زوجة ارزقني مالًا فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة، حتى لو صام الإنسان وتصدق وصلى وقرأ القرآن وحج البيت وهو باقٍ على هذا الشرك فإنه لا يدخل الجنة، الجنة عليه حرام ومأواه النار وما للظالمين من أنصار لأنه أشرك بالله (( وبالوالدين إحسانًا )) إلى آخره، ولم يذكر الله عز وجل حق النبي عليه الصلاة والسلام مع أن حق الرسول أعظم من حق الوالدين يجب على الإنسان أن يحب الرسول عليه الصلاة والسلام أشد من حبه لنفسه ومن حبه لولده ومن حبه لوالده يجب، وحق الرسول فوق كل حقوق الخلق، قال العلماء: " لأن حق الرسول من حق الله " لأن عبادة الله لا يمكن أن تقبل إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحق الرسول داخل في ضمن حق الله عز وجل، فمن لم يجرد العبادة لله إخلاصًا وللرسول اتباعًا فلا عبادة له، ولهذا لم يذكر حق الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه داخل في حق الله، وقوله: (( بالوالدين )) يشمل الأم والأب (( إحسانًا )) يعني: أحسنوا بالوالدين إحسانًا، إحسانًا بالمال تعطيهم من مالك إذا كانوا فقراء محتاجين أو غير فقراء، ولكن تعطيهم كمالًا كماليات تتودد إليهما ومن الإحسان أن تخدمهما، أرسلك أبوك إلى شيء اذهب قال انتظر فلانًا انتظره قال ائت لي بالحاجة الفلانية تأتي له فتخدمهما بالمال وبالبدن وبالجاه أيضًا، لو كان الابن له جاه عند الناس أو عند الدولة وأبوه محتاج إلى جاهه فمن الإحسان أن يخدمه بجاهه وكذلك الأم، فالإحسان هنا يشمل كل ما يعد إحسانًا، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الآية وما بعدها من الأحاديث.
باب فضل المملوك الذي يؤدي حق الله وحق مواليه. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( للعبد المملوك المصلح أجران ) والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج، وبر أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك . متفق عليه. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المملوك الذي يحسن عبادة ربه، ويؤدي إلى سيده الذي عليه من الحق، والنصيحة، والطاعة، له أجران ). رواه البخاري. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران ). متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب فضل المملوك الذي يؤدي حق الله وحق مواليه، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين ) متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للعبد المملوك المصلح أجران، والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك ) متفق عليه، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المملوك الذي يحسن عبادة ربه ويؤدي إلى سيده الذي عليه من الحق والنصيحة والطاعة له أجران ) رواه البخاري، وعنه رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لهم أجران، رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران ) متفق عليه، باب فضل العبادة في الهرج ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل العتق ليبين ما جاءت به الأحاديث أن المملوك إذا قام بحق الله وحق سيده كان له الأجر مرتين، الأجر الأول لقيامه بحق الله والثاني لقيامه بحق سيده، لأن لله عليه حقًّا كالصلوات والصيام وغيرهما من العبادات التي ليست مبنية على أمر مالي، وللسيد عليه حق وهو القيام بخدمته وما إلى ذلك، فإذا قام بالحقين صار له أجران، وكذلك في الحديث الأخير ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن ثلاثة لهم الأجر مرتين رجل من أهل الكتاب اليهود أو النصارى يعني كان يهوديًّا أو نصرانيًّا ثم آمن بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهذا له الأجر مرتين، الأجر الأول إيمانه برسوله والثاني إيمانه بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وليعلم أن اليهود والنصارى إذا بلغتهم رسالة محمد عليه الصلاة والسلام فلم يؤمنوا به حبطت أعمالهم، حتى أعمالهم التي يتدينون بها في ملتهم حابطة غير مقبولة لقول الله تعالى: (( ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )) أما الثاني فهو العبد المملوك الذي قام بحق سيده وحق الله عز وجل، أما الثالث فرجل عنده أمة أدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها وتزوجها فله الأجر مرتين، المرة الأولى لإحسانه إليها وهي رقيقة مملوكة، والأجر الثاني لإحسانه إليها بعد أن أعتقها لم يضيعها بل تزوجها وكفها وأحصن فرجها، والله الموفق.
باب فضل السماحة في البيع والشراء : قال الله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )). وقال تعالى: (( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) وقال تعالى: (( ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين )).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب فضل السماحة في البيع والشراء، قال الله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )) وقال تعالى: (( ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) وقال تعالى: (( ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين )) " الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب فضل السماحة في البيع والشراء " البيع والشراء أمران ضروريان لا تقوم حياة بني آدم إلا بهما غالبًا، وذلك لأن الإنسان قد يحتاج إلى شيء عند غيره فكيف يتوصل إليه إن استجداه وقال هبه لي أذلّ نفسه وإن استعاره بقي في قلق وإن أخذه غصبًا ظلمه، فكان من حكمة الله عز وجل أن شرع البيع والشراء لأني أنا يمكن أحتاج دراهم فأبيع ما عندي وأنت تحتاج هذا الشيء المعين عندي فتشتريه بالدراهم، فكان البيع أمرًا ضروريًّا لحاجة بني آدم، ولكن من الناس من يبيع بالعدل ومن الناس من يبيع بالظلم ومن الناس من يبيع بالإحسان، الناس ثلاثة أقسام، قسم يبيع بالعدل لا يظلم ولا يظلم كما قال تعالى في الذين يتعاملون بالربا: (( إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون )) وقسم يبيع بالجور والظلم كالغشاش والكذاب وما أشبه ذلك، وقسم يبيع بالفضل والإحسان فيكون سمحًا في البيع وفي الشراء إن باع لم يطلب حقه وافيًا بل ينزل من الثمن ويمهل في القضاء، وإن اشترى لا يهمه أن يزيد عليه الثمن ويبادر بالوفاء فيكون محسنًا، وقد استدل المؤلف رحمه الله على فضل السماحة في البيع والشراء بآيات منها قوله تعالى: (( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )) وكلمة من خير نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الخيرات من أي جهة، وهي أيضًا مؤكد عمومًا بمن (( من خير )) يعني: أي خير يكون تفعلونه فإن الله به عليم، يعني: لا يخفى عليكم ولا يفوته عز وجل وسيجازيكم على هذا أفضل مما عملتم، لأن الله تعالى يجازي بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والمراد بالآية الكريمة المراد بذلك الحث على فعل الخير وأن يعلم الفاعل أنه لن يضيع عليه شيء من فعله فإن الله به عليم وسيجازيه عليه عز وجل أفضل الجزاء ومن الخير السماحة في البيع والشراء، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمتسامحين في البيع والشراء فقال: ( رحم الله امرءًا سمحًا إذا باع سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى ) فالإنسان كلما كان أسمح في بيعه وشرائه وتأجيره واستئجاره ورهنه وارتهانه وغير ذلك فإنه أفضل، وقال الله تعالى عن شعيب أنه قال لقومه: (( يا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم )) أوفوا المكيال يعني: ما تبيعونه كيلا والميزان ما تبيعونه وزنا أوفوه ولا تنقصوا منه شيئًا، وهذا دليل على أن الوفاء في العقود مما جاءت به الشرائع السماوية السابقة واللاحقة، وقال تعالى: (( ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون )) ويل كلمة وعيد يتوعد الله عز وجل المطففين الذين هذه صفتهم (( إذا اكتالوا على الناس يستوفون )) يعني: إذا كان الحق لهم واكتالوا فإنهم يستوفون حقهم كاملًا (( وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون )) يعني: إذا كان الحق عليهم وكالوا لهم أو وزنوا لهم يخسرون أي يبخسون الكيل والميزان.