تتمة باب فضل العلم تعلما وتعليما لله: قال الله تعالى: (( وقل رب زدني علما )) وقال تعالى: (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) وقال تعالى: (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) وقال تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )).
1 - تتمة باب فضل العلم تعلما وتعليما لله: قال الله تعالى: (( وقل رب زدني علما )) وقال تعالى: (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) وقال تعالى: (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) وقال تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )). أستمع حفظ
تتمة تفسير قول الله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله، قال الله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) عن معاوية رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ساق المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ما يتعلق أو بعض ما يتعلق من كتاب الله عز وجل في فضل العلم، وسبق الكلام على آيات ثلاث مما ذكره في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله، أما الآية الرابعة فهي قوله تعالى: (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) والخشية هي الخوف المقرون بالتعظيم، فهي أخص من الخوف فكل خشية خوف وليس كل خوف خشية، ولهذا يخاف الإنسان من الأسد ولكنه لا يخشاه، أما الله عز وجل فإن الإنسان يخاف منه ويخشاه، قال الله تعالى: (( فلا تخشوا الناس واخشون )) ولكن من هم أهل الخشية حقًّا؟ أهل الخشية حقًّا هم العلماء العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه الذين يعرفون ما لله عز وجل من الحكم والأسرار في مقدوراته ومشروعاته جل وعلا وأنه سبحانه وتعالى كامل من كل الوجوه، ليس في أفعاله نقص ولا في أحكامه نقص، فلهذا يخشون الله عز وجل، وفي هذا دليل على فضيلة العلم وأنه من أسباب خشية الله والإنسان إذا وفق للخشية عصم من الذنوب وإن أذنب استغفر وتاب إلى الله عز وجل لأنه يخشى الله يخافه يعظمه.
شرح حديث عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ). متفق عليه.
3 - شرح حديث عن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله: " عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ) متفق عليه، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ( قال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضًا فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله في الأحاديث الواردة في فضل العلم سبق حديث معاذ رضي الله عنه: ( من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين ) ثم ذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لا حسد إلا في اثنتين ) الحسد يطلق ويراد به الحسد المحرم الذي هو من كبائر الذنوب، وهو أن يكره الإنسان ما أنعم الله به على غيره هذا الحسد أن تكره ما أنعم الله به على غيرك، تجد إنسانًا عنده مالًا فتكره تقول ليت الله ما رزقه، عنده علم تكره ذلك وتمنى أن الله لم يرزقه العلم، عنده أولاد صالحون تكره ذلك وتمنى أن الله لم يرزقه وهلم جرًّا، هذا الحسد هذا النوع هذا من كبائر الذنوب وهو من خصال اليهود، كما قال الله تعالى عنهم: (( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )) وقال عنهم: (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق )) أما النوع الثاني من الحسد فهو حسد الغبطة يعني الذي تغبط به غيرك أن أنعم الله بمالٍ أو علم أو ولد أو جاه أو غير ذلك، هذا الناس يغبط بعضهم بعضًا على ما آتاهم الله من النعم، تقول ما شاء الله فلان أعطاه الله كذا فلان أعطاه الله كذا فلان أعطاه الله كذا، لكن لا غبطة إلا في شيئين الغبطة الحقيقة التي يغبط عليها الإنسان شيئان الأول العلم العلم النافع وهو المراد بقوله: ( رجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ) هذا العلم إذا منّ الله على إنسان بعلم فصار يقضي به بين الناس سواء كان قاضيا أو غير قاضي وكذلك يقضي به في نفسه وعلى نفسه ويعلم الناس فهذا هو الغبطة لأن العلم هو أنفع شيء أنفع من المال أنفع شيء للإنسان من الأعمال الصالحة العلم، لأنه إذا مات وانتفع الناس بعلمه جرى أجر ذلك عليه إلى يوم القيامة، كلما انتفع به أي إنسان من الناس فله أجره، العلم كلما أنفقت منه وعلمته ازداد، ولهذا من أقوى ما يثبت العلم ويبقي حفظه أن يعلمه الإنسان غيره، لأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فإذا علمت غيرك علمك الله، وإذا علمت غيرك ثبت العلم في نفسك لكن لا تتقدم للتعليم إلا وأنت أهل له حتى ينفع الله بك وحتى لا تفشل أمام الناس، لأن الذي يتقدم للتعليم وليس أهلًا له بين أمرين إما أن يقول بالباطل وهو لا يشعر، وإما أن يفشل وإذا سئل عجز عن الإجابة مثلًا، فهذا هذا العلم كلما أنفقت منه ازداد، أيضًا العلم لا يحتاج إلى تعب إلا في تعلمه لكن لا يحتاج مثلًا إلى خزائن كالمال، المال يحتاج إلى خزائن وإلى محاسبين وإلى حسابات وإلى تعب، لكن العلم لا يحتاج إلى هذا خزينته قلبك هذه الخزينة وهي معك أينما كنت فلا تخشى عليه لا تخشى أن يسرق ولا أن يحرق لأنه في قلبك، فالمهم أن العلم هو أفضل نعمة أنعم الله بها على الإنسان بعد الإسلام والإيمان، ولهذا قال: ( رجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ) أما الثاني فهو رجل أتاه الله مالًا شف الآن العلم والمال ( فسلطه على هلكته في الحق ) يعني: صار يبذل ماله فيما يرضي الله عز وجل لا يبذله في حرام ولا يبذله في لغو وإنما يبذله فيما يرضي الله سلطه الله على هلكته يعني على إنفاقه في الحق هذا أيضًا ممن يغبط، نحن لا نغبط من عنده مال عظيم لكنه بخيل لا ينفع الناس لا نغبطه بل هذا نتأوى له ونقول هذا المسكين كيف يستطيع الجواب على حساب يوم القيامة على هذا المال، من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وكيف تصرف فيه؟ لكن إذا رأينا رجلًا أتاه الله مال وصار ينفقه يما يرضي الله نقول ما شاء الله هذا يغبط، لا نغبط إنسانا أتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في القصور والديكورات والسيارات والفخمة لا لا نغبطه على هذا، بل نقول هذا مسرف إذا كان تجاوز الحد فيما ينفق نقول هذا مسرف والله لا يحب المسرفين، كذلك لا نغبط شخصًا عنده مال فصار ينفق منه جوائز في أشياء لا ينتفع الناس بها لا في دينهم ولا في دنياهم، فإن بعض الناس يعطي جوائز على ألعاب وأشياء من الأمور التي ليس فيها خير لا في الدنيا ولا في الآخرة هذا لا نغبطه، لأنه لم يسلط على هلكة ماله في الحق إنما الذي يغبط من سلطه الله على هلكة ماله في الحق، أيضًا لا نحسد إنسانًا أتاه الله مالًا فصار كلما عنّ له أن يتزوج تزوج وجمع عنده من النساء الحسان ما لا يجمعه غيره هذا لا نغبطه أيضًا، إلا إذا كان سلطه الله على هلكته في الحق وأراد بذلك تحصين فرجه وتحصيل السنة وكثرة النسل فهذا مقصود شرعي يغبط عليه الإنسان، الشاهد من هذا الحديث في باب فضل العلم هو الجزء الأول منه من أتاه الله الحكمة يعني العلم فقضى بها وعلمها وهذا خير الرجلين يعني خير من صاحب المال الذي سلط على هلكته في الحق، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
4 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا؛ فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس؛ فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ). متفق عليه.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
في هذا الحديث الذي ساقه النووي رحمه الله في رياض الصالحين في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله الذي رواه أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا مثل بديع عجيب، فقد مثل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما بعثه الله به من العلم والهدى مثله بغيث يعني بمطر، ووجه الشبه أن بالغيث تحيا الأرض وبالوحي تحيا القلوب، ولهذا سمى الله سبحانه وتعالى ما بعث به محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم سماه روحًا فقال تعالى: (( وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور )) فالوحي غيث لكنه كما مثل الرسول عليه الصلاة والسلام نزل على الأرض فصارت الأرض ثلاثة أقسام، قسم قبل المطر وشرب وأنبت العشب الكثير والكلأ فانتفع الناس بذلك لأن الأرض أنبتت، والقسم الثاني: قيعان لا تنبت لكن أمسكت الماء لم تشربه فسقى الناس منه وارتووا وزرعوا، القسم الثالث: أرض قيعان بلعت الماء ولم تنبت سباخ سبخة تبلع الماء ولكنها لا تنبت، فهذا مثل من فقه في دين الله فعلم وعلم ومثل من لم يرفع به رأسًا، الصورة الأولى والثاني للمثل فيمن قبل الحق فعلم وتعلم ونفع وانتفع، لكن الذين قبلوا الحق صاروا قسمين قسم أتاه الله تعالى فقهًا فصار يأخذ الفقه والأحكام الشرعية من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويعلم، والثاني: راوية ولكنه ليس عنده ذلك الفقه يعني يحمل الحديث يرويه يحفظه ولكنه ليس عنده فقه وهذا كثير أيضًا، ما أكثر رجال الحديث الذين رووا الحديث لكن ليس عندهم فقه ما هم إلا أوعية يأخذ الناس منهم، ولكن الذي يوزع من هذا الماء وينفع الناس به هم الفقهاء، هذان قسمان، قسم حفظ الشريعة ووعاها وفهمها وعلمها واستنبط منها الأحكام الكثيرة، هؤلاء مثل الأرض التي قبلت الماء وأنبتت العشب الكلأ والعشب الكثير، قسم آخر نقلة بس ينقلون الأحاديث لكن لا يفقهونها كثيرًا، هؤلاء كالأرض التي أمسكت الماء فانتفع الناس به وارتووا منه، لأن الناس يأخذون من هؤلاء الرواة الحديث ثم يستنبطون منه الأحكام وينفعون الناس بها، القسم الثالث: أرض لم تنتفع بالغيث قيعان لا تمسك الماء ولا تنبت الكلأ، هؤلاء ما فيهم خير لم ينتفعوا بوحي الله ولم يرفعوا به رأسًا والعياذ بالله، يكذبون بالخبر ويستكبرون عن الأمر فهؤلاء هم شر الأقسام نسأل الله العافية، فأنت انظر في نفسك من أي الأراضين الثلاث أنت، هل أنت من الأرض التي قبلت الماء وأنبتت العشب والكلأ؟ أو من الأرض الثانية؟ أو من الأرض الثالثة والعياذ بالله؟ وفي هذا الحديث حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام حيث يضرب الأمثال للمعاني المعقولة بأشياء محسوسة، لأن إدراك المحسوس أقرب من إدراك المعقول، وما أكثر الأمثال في القرآن: (( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء )) هذا مثل لو جاء الكلام هكذا من أنفق في سبيل الله حبة فله سبعمئة حبة لم يرسخ في الذهن كرسوخ المثل، لأن المثل يستحضره الإنسان دائمًا، قال الله تعالى: (( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون )) فضرب الأمثال تقريب للعلم وترسيخ له وإعانة على الفهم، لهذا ينبغي لك إذا حدثت عاميًّا ولم يفهم أن تضرب له المثل اضرب له المثل بشيء يعرفه ويعقله حتى يعرف المعاني المعقولة بواسطة الأشياء المحسوسة، والله الموفق.
5 - شرح حديث عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا؛ فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس؛ فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ). متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ). رواه البخاري.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله ": عن سهل بن سعد رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير من حمر النعم ) متفق عليه، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) رواه البخاري ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ساق المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين أحاديث في بيان فضل العلم، ومنها حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعلي بن أبي طالب حين أعطاه الراية يوم خيبر قال: انفذ على رسلك ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم ) أقسم صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الله لو هدى به رجلًا واحدًا لكان ذلك خيرًا له من حمر النعم، والحمر بسكون الميم جمع حمراء، وأما الحمر بضم الميم فهي جمع حمار، ولهذا يخطئ بعض الطلبة فيقول خير لك من حمُر النعم وهذا غلط، لأن الحمُر جمع حمار كما قال تعالى: (( كأنهم حمُر مستنفرة )) أما حمْر بسكون الميم فهي جمع حمراء والمعنى وكذلك جمع أحمر، لكن هنا جمع حمراء وهي الناقة الحمراء وكانت أعجب المال إلى العرب في ذلك الزمن وأحب المال إلى العرب في ذلك الزمن، فإذا هدى الله بك رجلًا واحدًا كان ذلك خيرًا من حمر النعم، ففي هذا حث على العلم وعلى التعليم والدعوة إلى الله عز وجل، لأنه لا يمكن أن يدعو الإنسان إلى الله إلا وهو يعلم، فإذا كان يعلم ما يعلم من شريعة الله ودعا إلى ذلك كان هذا دليلًا على فضل العلم، ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( بلغوا عني ولو آية ) بلغوا عني يعني: بلغوا الناس بما أقول وبما أفعل وبجميع سنته عليه الصلاة والسلام بلغوا عني ولو آية من كتاب الله، ولو هنا للتقليل يعني لا يقول الإنسان أنا لا أبلغ إلا إذا كنت عالمًا كبيرًا لأ، يبلغ الإنسان ولو آية بشرط أن يكون قد علمها وأنها من كلام الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولهذا قال في آخر الحديث: ( ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) من كذب على الرسول متعمدًا يعلم أنه كاذب فليتبوأ مقعده من النار هنا اللام للأمر لكن المراد بالأمر هنا الخبر يعني فقد تبوأ مقعده من النار والعياذ بالله، أي: فقد استحق أن يكون من ساكني النار، لأن الكذب على الرسول ليس ككذب على واحد من الناس، الكذب على الرسول كذب على رسول الله عز وجل، ثم هو كذب على الشريعة لأن ما يخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من الوحي هو من شريعة الله، وكذلك يقال الكذب على العالم ليس كالكذب على عامة الناس يعني مثلًا تقول قال فلان كذا وكذا قال هذا حلال هذا حرام هذا واجب هذا سنة وأنت تكذب هذا أيضًا أشد من الكذب على عامة الناس، لأن العلماء ورثة الأنبياء يبلغون شريعة الله إرثًا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا كذبت عليه قلت قال العالم الفلاني كذا وكذا وأنت تكذب فهذا إثمه عظيم نسأل الله العافية، بعض الناس والعياذ بالله إذا اشتهى شيئًا يكف الناس عنه قال العالم الفلاني هذا حرام وهو يكذب، لكن يعرف أن الناس إذا نسب العلم إلى فلان قبلوه فيكذب أو يقول قال فلان هذا واجب وهو كاذب، هذا أشد من الكذب على عامة الناس، فالحاصل أن من كذب على الرسول عليه الصلاة والسلام متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن نقل عنه حديثًا كذبًا يعلم أنه كذب فهو أحد الكاذبين، يعني: فليتبوأ مقعده من النار، وما أكثر ما ينشر من النشرات التي فيها الترغيب أو الترهيب وهي مكذوبة على الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن بعض المجتهدين الجهال ينشرون هذه النشرات ويوزعونها بكمية كبيرة يقولون نعظ الناس بهذا، كيف تعظهم بشيء كذب؟ ولهذا يجب الحذر من هذه المنشورات التي تنشر بالمساجد أو تعلق على الأبواب أبواب المساجد أو غير ذلك، يجب الحذر منها ربما يكون فيها أشياء مكذوبة فيكون الذي ينشرها قد تبوأ مقعده من النار إذا علم أنها كذب، وقال في حديث عبد الله بن عمرو: ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) بنو إسرائيل اليهود والنصارى إذا قالوا قولًا فحدث عنهم ولا حرج عليك بشرط ألا تعلم أنه مخالف للشريعة، لأن بني إسرائيل أيضًا عندهم كذب، يحرفون الكلم عن مواضعه ويكذبون، فإذا أخبروك بالخبر فلا بأس أن تحدث به بشرط ألا يكون مخالفًا لما جاء في شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن كان مخالفًا له فإنه لا يجوز أن يحدث به إلا إذا حدث به يبين أنه باطل ولا حرج والله أعلم.
6 - شرح حديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه: ( فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ). متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ). رواه البخاري. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ). رواه مسلم. وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله ": عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة ) رواه مسلم، وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ) رواه مسلم، وعنه رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه الأحاديث الثلاثة في بيان فضل العلم وآثاره الحميدة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة ) سلوك الطريق يشمل الطريق الحسي الذي تقرعه الأقدام مثل أن يأتي الإنسان من بيته إلى مكان العلم سواء كان مكان العلم مسجدًا أو مدرسة أو كلية أو غير ذلك، ومن ذلك أيضًا الرحلة في طلب العلم أن يرتحل الإنسان من بلده إلى بلد آخر يلتمس العلم، فهذا سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، وقد رحل جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث واحد مسيرة شهر تام على الرواحل على الإبل، سار من بلد إلى بلد مسيرة شهر من أجل حديث واحد رواه عبد الله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أما الثاني فهو الطريق المعنوي وهو أن يلتمس العلم من أفواه العلماء ومن بطون الكتب، فالذي يراجع الكتب للعثور على حكم مسألة شرعية وإن كان جالسًا على كرسيه فإنه قد سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، ومن جلس إلى شيخ يتعلم منه فإنه قد سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا ولو كان جالسًا فسلوك الطريق ينقسم كما سمعتم إلى قسمين، قسم يراد به الطريق الذي تقرعه الأقدام، والثاني: يراد به الطريق الذي يتوصل به إلى العلم وإن كان جالسًا، من سلك هذا الطريق سهل الله له به طريقًا إلى الجنة، لأن العلم الشرعي تعرف به حكم ما أنزل الله تعرف به شريعة الله تعرف به أوامر الله تعرف به نواهي الله، فتستدل به على الطريق الذي يرضي الله عز وجل ويوصلك إلى الجنة، وكلما ازددت حرصًا في سلوك الطرق الموصلة إلى العلم، ازددت طرقًا توصلك إلى الجنة، وفي هذا الحديث من الترغيب في طلب العلم ما لا يخفى على أحد، فينبغي للإنسان أن ينتهز الفرصة ولاسيما الشاب الذي يحفظ سريعًا ويمكث في ذهنه ما حفظه ينبغي له أن يبادر الوقت يبادر العمر قبل أن يأتيه ما يشغله عن ذلك، أما الحديث الثاني فهو أيضًا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من دعا إلى هدى فله أجر من اتبعه ) يعني: إلى يوم القيامة ( من دعا إلى هدى ) يعني: علّم الناس فإن الداعي إلى الهدى هو الذي يعلم الناس ويبين لهم الحق ويرشدهم إليه، فهذا له مثل أجر من فعله مثلًا دللت إنسانًا على أنه ينبغي أن يوتر يجعل آخر صلاته في الليل وترًا كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا ) وحثثت على الوتر ورغبت فيه فأوتر أحد من الناس بناء على كلامك وعلى توجيهك فلك مثل أجره لك مثل أجره، علم بذلك آخر منك أو من الذي علمته أنت فلك مثل أجره وإن تسلسلوا إلى يوم القيامة، وفي هذا دليل على كثرة أجور النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأنه دل الأمة على الهدى فكل من عمل من هذه الأمة بهدى فللنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مثل أجره من غير أن ينقص من أجورهم شيء، الأجر تام للفاعل والداعي، وإذا تبين أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له أجر ما عملته أمته تبين بذلك خطأ من يهدي ثواب العبادة للرسول عليه الصلاة والسلام، يعني مثل بعض الناس اجتهد اجتهد وصار يصلي ركعتين ويقول اللهم اجعل ثوابها للرسول، يقرأ قرآنًا يقول اللهم اجعل ثوابه للرسول هذا غلط، وأول ما حدث هذا في القرن الرابع الهجري يعني بعد ثلاثمئة سنة من موت الرسول، استحسن بعض العلماء إنه يفعل هذا قال أنا كما أهدي لأبي وأمي صدقة أو صلاة أو ذكر أهديه للرسول عليه الصلاة والسلام، نقول: هذا خطأ غلط سفه في التصور وضلال في الدين، كيف نسأله نقول هل أنت أعظم حبًّا للرسول من أبي بكر؟ سيقول: لا، أعظم من عمر؟ لا، أعظم من عثمان؟ لا، أعظم من علي؟ لا، أعظم من ابن عباس؟ ابن مسعود؟ الصحابة؟ لا، هل أحد منهم أهدى للرسول عليه الصلاة والسلام عملًا صالحًا؟ أبدًا وكذلك التابعون والأئمة الإمام أحمد بن حنبل الشافعي مالك أبو حنيفة ما فعلوا هذا، ما الذي أطلعك على شيء لم يعلموا به أو أو لم يعملوا به من أنت؟ فهو خطأ في التصور ضلال في الدين لأن أي عمل تعمله ولو كان ثوابه لك فللرسول صلى الله عليه وسلم مثله لو ما قلت شيء وإن لم تقل شيئًا، أيّ عمل لو تصلي ركعتين أجرهن لك وللرسول مثله من غير أن ينقص من أجرك شيئًا، إذن ما الفائدة لا يعني إهداؤك القرب للرسول إلا أنك حرمت نفسك من الأجر فقط والرسول عليه الصلاة والسلام له مثل أجرك سواء أهديت له أم لم تهد، لأنه يقول عليه الصلاة والسلام: ( من دعا إلى هدى فله أجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ) فلا حاجة إذن نأخذ من هذا الحديث فضيلة العلم، لأن العلم به الدلالة على الهدى والحث على التقوى فالعلم أفضل بكثير من المال حتى لو تصدق الإنسان بأموال عظيمة طائلة فالعلم ونشر العلم أفضل، وأضرب لكم مثلًا الآن في عهد أبي هريرة خلفاء خلفاء ملوك ملكوا الدنيا، وفي عهد الإمام أحمد أغنياء ملكوا أموالًا عظيمة وتصدقوا وأوقفوا في عهد من بعدهم كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وناس أغنياء تصدقوا وأنفقوا وأوقفوا، أين ذهب ما أنفقوه؟ أين ذهب ما وقفوه؟ راح لا يوجد له أثر، لكن أحاديث أبي هريرة تتلى في كل وقت ليلًا ونهارًا ويأتيه أجرها، الأئمة أيضًا علمهم وفقههم منشور بين الأمة يأتيهم أجره وهكذا، شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من العلماء ماتوا لكن ذكرهم حي باق يعلمون الناس وهم في قبورهم ينالهم الأجر وهم في قبورهم، وهذا يدل على أن العلم أفضل بكثير من المال وأنفع للإنسان، وسيأتي إن شاء الله تعالى في حديث أبي هريرة الثالث اللي ذكره المؤلف ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) يأتي إن شاء الله الكلام عليه لئلا يطول عليكم المقام، والله الموفق إن شاء الله.
7 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ). رواه مسلم. وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ). رواه مسلم. أستمع حفظ