شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله: " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ساق المؤلف رحمه الله النووي في كتابه رياض الصالحين في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) وهذا الحديث فيه الحث أعني حث الإنسان على المبادرة بالأعمال الصالحة لأنه لا يدري متى يفجؤه الموت، فليبادر قبل أن ينقطع العمل بالعمل الصالح الذي يزداد به رفعة عند الله سبحانه وتعالى وثوابًا، ومن المعلوم أن كل واحد منا لا يعلم متى يموت ولا يعلم أين يموت، كما قال الله تعالى: (( وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرض تموت )) فإذا كان الأمر كذلك فإن العاقل ينتهز الفرص فرص العمر في طاعة الله عز وجل قبل أن يأتيه الموت ولم يستعتب ولم يتب، وقوله: ( انقطع عمله ) يشمل كل عمل لا يكتب له ولا عليه إذا مات لأنه انتقل إلى دار الجزاء دار العمل هي دار الدنيا، أما بعد ذلك فالدور كلها دور جزاء ( إلا من ثلاثة صدقة جارية ) يعني: أن يتصدق الإنسان بشيء ويستمر هذا الشيء، وأحسن ما يكون المساجد بناء المساجد صدقة جارية لأن أجر الباني مستمر ما دام هذا المسجد قائمًا ليلًا ونهارًا، والمسلمون ينتفعون بالمساجد في صلاتهم وقراءتهم وتعلمهم العلم وتعليمهم العلم وغير ذلك، ومن الصدقات الجارية أن يوقف الإنسان وقفًا من عقار أو بستان أو نحوه على الفقراء والمساكين أو على طلبة العلم أو على المجاهدين في سبيل الله أو ما أشبه ذلك، ومن الصدقات الجارية أن يطبع الإنسان كتبًا نافعة للمسلمين يقرؤون بها وينتفعون بها سواء كانت من مؤلفين في عصره أو من مؤلفين سابقين، المهم أن تكون كتبًا نافعة ينتفع بها المسلمون من بعده، ومن الصدقات الجارية إصلاح الطرق فإن الإنسان إذا أصلح الطرق وعدّلها وأزال عنها الأذى واستمر الناس ينتفعون بهذا فإن ذلك من الصدقات الجارية، والقاعدة في الصدقات الجارية كل عمل صالح يستمر للإنسان بعد موته، أما الثاني: فعلم ينتفع به وهذا أعمها وأشملها وأنفعها أن يترك الإنسان وراءه علمًا ينتفع المسلمون به، سواء ورث من بعده بالتعليم الشفوي أو بالكتابة، فتأليف الكتب وتعليم الناس وتداول الناس لهذه المعلومات ما دام مستمرًّا فأجر المعلم جاري مستمر، لأن الناس ينتفعون بهذا العلم الذي ورثه، والثالث: ( ولد صالح يدعو له ) ولد يشمل ذكر وأنثى يعني ابن أو بنت، يشمل ابنك لصلبك وابنتك لصلبك وأبناء أبنائك وأبناء بناتك وبنات أبنائك وبنات بناتك إلى آخره، ولد صالح يدعو للإنسان بعد موته هذا أيضًا يثاب عليه الإنسان، وانظر كيف قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ولد صالح يدعو له ) ولم يقل ولد صالح يصلي له أو يقرأ له القرآن أو يتصدق عنه أو يصوم عنه لا ما قال هكذا، مع أن هذه كلها أعمال صالحة بل قال: ( ولد صالح يدعو له ) وفي هذا دليل على أن الدعاء لأبيك وأمك وجدك وجدتك أفضل من الصدقة عنهم وأفضل من الصلاة لهم وأفضل من الصيام لهم، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يمكن أن يدل أمته إلا على خير ما يعلمه لهم، ما من نبي بعثه الله إلا دل أمته على خير ما يعلمه لهم، فلو علم الرسول عليه الصلاة والسلام أن كونك تصدق عن أبيك أو أمك أفضل من الدعاء لقال الصدقة ما قال الدعاء، فلما عدل عن الصدقات والصيام والصلاة وقراءة القرآن والمقام مقام تحدث عن الأعمال لما عدل عن هذه الأعمال إلى الدعاء علمنا يقينًا لا إشكال فيه أن الدعاء أفضل من ذلك، فلو سألنا سائل أيهما أفضل أتصدق لأبي أو أدعو له؟ قلنا الدعاء أفضل لأن الرسول هكذا أرشدنا فقال: ( أو ولد صالح يدعو له ) والعجيب أن العوام وأشباه العوام يظنون أن الإنسان إذا تصدق عن أبيه أو صام يوما لأبيه أو قرأ حزبًا من القرآن لأبيه أو ما أشبه ذلك يرون أنه أفضل من الدعاء، ومصدر هذا الجهل وإلا فمن تدبر النصوص علم أن الدعاء أفضل، ولهذا لم يرشد النبي عليه الصلاة والسلام في أي حديث بحرف واحد إلى العمل الصالح يجعله الإنسان لوالديه أبدًا، غاية ما هنالك أنه حصلت قضايا أعيان يسأله الصحابة هل يتصدق عن أبيه وهو ميت أو عن أمه وهي ميتة فيقول نعم لا بأس، لكن لم يحث الأمة على ذلك ولم يرشدهم إلى هذا، لكن سئل في قضايا أعيان سعد بن عبادة رضي الله عنه ( سأله أن يتصدق بمخلافه يعني ببستانه لأمة بعد موتها، قال الرسول: نعم ) ( وجاءه رجل قال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها يعني ماتت بغتة أفأتصدق عنها؟ قال: نعم ) لكن لما أراد أن يشرع تشريعًا عامًّا للأمة قال: ( أو ولد صالح يدعو له ) نسأل الله أن يغفر لنا ولكم ولوالدينا وللمسلمين جميعًا.
1 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم. فمن أخذه أخذ بخط وافر ). رواه أبو داود والترمذي.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله " عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما صنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بخط وافر ) رواه أبو داود والترمذي ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ساق المؤلف رحمه الله في باب فضل العلم حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة ) وقد سبق بيان معنى هذه الجملة، وفيه أيضًا في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في البحر ) وهذا يدل على فضل العلم وأن العلماء يستغفر لهم أهل السماوات والأرض حتى الحيتان في البحر وحتى الدواب في البر، كل شيء يستغفر له، ولا تستغرب أن تكون هذه الحيوانات تستغفر الله عز وجل للعالم، لأن الله تعالى قال في القرآن الكريم على لسان موسى صلى الله عليه وسلم: (( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )) فالبهائم والحشرات تعلم ربها عز وجل وتعرفه (( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم )) كل شيء يسبح بحمد الله حتى إن الحصى سمع تسبيحه بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو حصى، لأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه حتى إن الله قال للسماوات والأرض: (( ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين )) خاطبهما فخاطباه (( ائتيا طوعًا أو كرهًا )) يعني: لما أمركما به (( قالتا أتينا طائعين )) فكل شيء يمتثل أمر الله عز وجل إلا الكفرة من بني آدم والجن، ولهذا قال الله عز وجل في كتابه العزيز بين أن كثيرًا من الناس يسجد لله عز وجل وكثير حق عليه العذاب: (( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب )) ما يسجد، ولهذا الكافر لا يسجد لله لا يسجد لله شرعًا وتعبدًا، لكنه يسجد لله ذلًّا قدريًّا ما له مفر عما قدر الله، كما قال تعالى: (( ولله يسجد من في السماوات ومن في الأرض طوعًا وكرهًا )) والسجود هنا السجود القدري فكل أحد خاضع لقدر الله ما أحد يستطيع أن يغالب الله عز وجل أين المفر يقول الشاعر الجاهلي:
" أين المفر والإله الطالب *** والأشرم المغلوب ليس الغالب "
فالسجود الشرعي كثير من الناس حق عليهم العذاب فلم يسجدوا، على أن الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب كلها تسجد لله عز وجل، لكن الكفرة من بني آدم ومن الجن لا يسجدون لله تعالى إلا السجود الكوني القدري، فــ (( لله يسجد من في السماوات ومن في الأرض طوعًا وكرهًا )) المهم أن الله تعالى سخر هذه الكائنات تستغفر للعالم، وأبلغ من ذلك أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، الملائكة الكرام الذين كرمهم الله عز وجل تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، أترون فضلًا أعظم من هذا أن الملائكة ملائكة الله عز وجل تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع؟ هذا فضل عظيم، وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث أبي الدرداء أن العلماء ورثة الأنبياء، لو سألت من الذي يرث الأنبياء العباد الذين يركعون ويسجدون ليلًا ونهارًا؟ لا، أقارب الأنبياء؟ لا، لا يرث الأنبياء إلا العلماء اللهم اجعلنا منهم، العلماء هم ورثة الأنبياء ورثوا العلم من الأنبياء وورثوا العمل كما يعمل الأنبياء، وورثوا الدعوة إلى الله عز وجل وورثوا هداية الخلق ودلالاتهم على شريعة الله، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، توفي الرسول عليه الصلاة والسلام عن ابنته فاطمة وعن عمه العباس وعن أبناء عمه وعن زوجاته، ولم ترثه ابنته ولا زوجاته ولا عصبته لأن الأنبياء لا يورثون درهمًا ولا دينارًا، وهذا من حكمة الله عز وجل أنهم لا يورثون لئلا يقول قائل: إن النبي إنما ادعى النبوة لأجل أن يملك فيرثه أقاربه من بعده فقطع هذا، وقيل: النبي لا يرثه ولا ابنه، وأما قوله زكريا: (( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب )) فالمراد بذلك إرث العلم والنبوة وليس إرث المال، الأنبياء لا يورثون ما ورثوا درهمًا ولا دينارًا إنما ورثوا هذا العلم يالله من فضلك وهذا أعظم ميراث ( فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) أي: بنصيب واسع كثير، من أخذ بهذا الإرث وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من آخذيه هذا هو الإرث الحقيقي النافع، العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا وإنما ورثوا العلم، أليس الإنسان يسعى من شرق الأرض إلى مغربها من أجل أن يحصل على مال خلّفه أبوه له؟ وهو متاع دنيا، فلماذا لا نسعى من مشارق الأرض ومغاربها إلى أخذ العلم الذي هو ميراث مَن؟ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، جدير بنا أن نسعى بكل ما نستطيع لأخذ العلم الموروث عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولو لم يكن من فضل العلم إلا أن العالم كلما عمل شيئًا فهو يشعر مع إخلاصه لله عز وجل يشعر بأن أمامه إمامه محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه يعبد الله على بصيرة، عندما يتوضأ يشعر كأن الرسول أمامه يتوضأ الآن يتبعه تمامًا، وكذلك في الصلاة وغيرها من العبادات لو لم يأتك من فضل العلم إلا هذا لكان كافيًا، فكيف وهذا الفضل العظيم في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه؟ والمهم أن الإنسان الذي يمنّ الله عليه بالعلم فقد منّ الله عليه بما هو أعظم من الأموال والبنين والزوجات والقصور والمراكب وكل شيء، اللهم ارزقنا علمًا نافعًا وعملًا صالحًا ورزقًا طيبًا واسعًا تغنينا به عن خلقك إنك على كل شيء قدير.
2 - شرح حديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم. فمن أخذه أخذ بخط وافر ). رواه أبو داود والترمذي. أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نضر الله امرءا سمع منا شيئا، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ساق النووي رحمه الله في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله أحاديث متعددة في هذا الباب سبق كثير منها، ومنها حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( نضّر الله امرءا سمع منا ) يعني: مقالًا ( فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع ) نضّر الله يعني: حسّنه لأن نضر بالضاد من الحسن، ومنه قوله تعالى: (( وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناضرة )) ناضرة يعني: حسنة (( إلى ربها ناظرة )) يعني: تنظر بالعين إلى الله عز وجل جعلني الله وإياكم منهم، وكذلك أيضًا قال الله تبارك وتعالى: (( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورًا )) أي: حسنًا وسرورًا، حسنًا في الوجوه وسرورًا في القلوب، هنا يقول: ( نضّر الله امرءا سمع منا ) يعني: مقالًا ( فأداه كما سمعه ) والمراد بذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم دعا للإنسان إذا سمع حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغه كما سمعه أن يحسّن الله تعالى وجهه يوم القيامة ( فرب مبلغ أوعى من سامع ) يعني: ربما يكون الإنسان يسمع الحديث ويبلغه ويكون المبلغ أوعى من السامع، يعني: أفقه وأفهم وأشد عملًا من الإنسان الذي سمعه وأداه، وهذا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام معلوم، تجد مثلًا من العلماء من هو راوية يروي الحديث يحفظه ويؤديه، لكنه لا يعرف معناه فيبلغه إلى شخص آخر من العلماء يعرف المعنى ويفهمه ويستنتج من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام أحكامًا كثيرة فينفع الناس، وقد سبق أن مثل الأول كمثل الأرض التي أمسكت الماء فروى الماء روى الناس واستقوا، ولكنها لا تنبت وأن الأرض الرياض التي أنبتت هم الفقهاء الذين عرفوا الأحاديث وفقهوها واستنتجوا منها الأحكام الشرعية، أما حديث أبي هريرة بعد هذا فقد توعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من سئل عن علم فكتمه توعده بأن يلجم يوم القيامة بلجام من نار، يعني: يوضع على فمه لجام من نار نسأل الله العافية، لأنه كتم ما أنزل الله بعد أن سئل عنه، وهذا إذا علمت أن السائل يسأل استرشادًا فلا يجوز لك أن تمنع أما إذا علمت أنه يسأل امتحانًا، وليس قصده أن يسترشد فيعلم ويعمل فأنت بالخيار إن شئت فعلمه وإن شئت فلا تعلمه، لقول الله تعالى: (( فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم )) لأن الله علم أن هؤلاء يأتون للرسول عليه الصلاة والسلام يستحكمونه لا لأجل أن يعملوا بكلامه ولكن لينظروا ما عنده، فإذا علمت أن هذا الرجل جاء يسألك عن علم امتحانًا فقط لا طلبًا للحق، فأنت بالخيار إن شئت فافعل وأفته وأعلمه وإن شئت فلا تفته ولا تعلمه، كذلك إذا علمت أنه يحصل من الفتوى مفسدة كبيرة فلا بأس أن ترجئ الإفتاء، لا تكتم لكن لا بأس أن ترجئ الإفتاء إلى وقت يكون فيه المصلحة بيان ذلك، لأنه أحيانًا تكون الفتوى لو أفتيت بها سببًا للشر والفساد، فأنت إذا رأيت أنها سبب للشر والفساد وأجّلت الإجابة فلا حرج عليك في ذلك، والله الموفق.
3 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نضر الله امرءا سمع منا شيئا، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ). رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ). يعني: ريحها. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله: " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني: ريحها، رواه أبو داود بإسناد صحيح، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوساء جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
من فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله عز وجل ما ساقه المؤلف رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) يعني: ريحها، العلوم تنقسم إلى قسمين، قسم يراد به وجه الله وهو العلوم الشرعية وما يساندها من علوم العربية، وقسم آخر علم للدنيا كعلم الهندسة والبناء والميكانيك وما أشبه ذلك، فأما الثاني علم الدنيا فلا بأس أن يقصد الإنسان به عرض الدنيا يتعلم الهندسة ليكون مهندسًا يأخذ راتبًا وأجرة، يتعلم الميكانيكا من أجل أن يكون ميكانيكيًّا يعمل ويكدح ويعمر الدنيا هذا لا حرج عليه أن ينوي في تعلمه الدنيا، لكن لو نوى نفع المسلمين بما تعلمه لكان ذلك خيرًا له وينال بذلك الدين والدنيا، يعني لو قال أنا أريد بتعلم الهندسة من أجل أن أكفي المسلمين أن يجلبوا مهندسين كفارًا مثلًا لكان هذا طيبًا أو يتعلم الميكانيكا من أجل أن يسد حاجة المسلمين فيما إذا احتاجوا إلى إصلاح مكائنهم فهذا خير وله أجر على ذلك لكن لو لم يرد إلا الدنيا فله ذلك ولا إثم عليه كالذي يبيع ويشتري من أجل زيادة المال، أما القسم الأول وهو الذي يتعلم شريعة الله عز وجل وما يساندها فهذا علم لا يبتغى به إلا وجه الله، إذا أراد به الدنيا فإنه لا يجد ريح الجنة يوم القيامة، وهذا وعيد شديد والعياذ بالله يدل على أن من قصد بتعلم الشرع شيئًا من أمور الدنيا فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يبارك له في علمه يعني مثلًا قال أريد أن أتعلم من أجل أن أصرف وجوه الناس إليّ حتى يحترموني ويعظموني، أريد أن أتعلم حتى أكون مدرسًا فآخذ راتبًا وما أشبه ذلك فهذا والعياذ بالله لا يجد ريح الجنة يوم القيامة، وقد أشكل على هذا أو قد روّع هذا بعض الذين يقرؤون في المدارس النظامية كالمعاهد والكليات من أجل أن ينالوا الشهادة فيقال نيل الشهادة ليس للدنيا وحدها قد يكون للدنيا وحدها وقد يكون للآخرة، فإذا قال الطالب أنا أطلب العلم لأنال الشهادة حتى أتمكن من وظائف التدريس وأنفع الناس بذلك، أو حتى أتمكن من أن أكون مديرًا في دائرة أوجه من فيها إلى الخير فهذا خير ونية طيبة ولا فيها إثم ولا حرج، وذلك أنه مع الأسف في الوقت الحاضر صار مقياس كفاءة الناس هذه الشهادات معك شهادة توظف وتولى قيادة على حسب هذه الشهادة، يمكن يأتي إنسان يحمل شهادة دكتوراه فيولى التدريس في الكليات والجامعات وهو من أجهل الناس لو جاء طالب في الثانوي لكان خيرًا منه، وهذا مشاهد مشاهد يوجد الآن من يحمل شهادة دكتوراه لكنه لا يعرف من العلم شيئًا أبدًا، إما أنه نجح بغش أو نجح نجاحًا سطحيًّا لم يرسخ العلم في ذهنه، لكن يوظف لأن معه شهادة دكتوراه يأتي إنسان طالب علم جيد هو خير للناس وخير في نفسه من هذا الدكتور ألف مرة لكن لا يوظف لا يدرس الكليات لماذا؟ لأنه لا يحمل شهادة دكتوراه، فنظرًا لأن الأحوال تغيرت وانقلبت إلى هذه الحال نقول إذا طلبت العلم من أجل أن تنال الشهادة التي تتمكن بها من تولي التدريس لا لأجل الدنيا لكن لأجل نفع الخلق فإن هذا لا بأس به ولا تعد قاصدًا بذلك الدنيا ولا ينالك هذا الوعيد فالحمد لله ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) الحمد لله هذا ميزان انظر قلبك ماذا نوى؟ وعلى هذا فالذي يطلب العلم في الجامعة لأجل أن ينال الشهادة نقول ما الذي في قلبك هل أنت تريد أن تنال الشهادة لأجل تكون في المرتبة الفلانية وراتبك كذا وكذا إن قال نعم أنا فقير أنا أريد هذا نقول خبت وخسرت ما دمت تريد الدنيا، أما إذا قال لا أنا أريد أن أنفع الخلق لأن الأمور الآن لا يمكن الوصول إلى نفع الخلق بالتدريس إلا بالشهادات وأنا أريد أن أصل إلى هذا أو لا يوظف الإنسان وظيفة كبيرة يكون قائدًا فيها مديرًا على جماعة من المسلمين إلا بالشهادة وأنا أريد هذا، قلنا الحمد لله هذه نية طيبة وليس عليك شيء والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، المهم احذر أخي طالب العلم احذر من النية السيئة العلم الشرعي أعز وأرفع وأعلى من أن تريد به عرضًا من الدنيا، عرض الدنيا ما الذي تنتفع به؟ آخر أمره أن يكون في محل القاذورات تأكل وتشرب وين يروح للمرحاض، وألذ ما يتلذذ به الإنسان هو الأكل والشرب في المنافع البدنية ومع ذلك نهايته المرحاض، أيضًا لو بقيت عندك الدنيا فلابد إما أن تفارقها أو تفارقك، إما أن تفتقر وتعدم المال وإما أن تموت وتدع المال لغيرك، لكن أمور الآخرة تبقى فلماذا تجعل العلم الشرعي الذي هو من أجل العبادات وأفضل العبادات تجعله سلما لتنال به عرضا من الدنيا هذا سفه في العقل وضلال في الدين العلم الشرعي اجعله لله عز وجل ولحماية شريعة الله ولرفع الجهل عن نفسك وعن إخوانك المسلمين، وللدلالة على الهدى ولتنال ميراث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن العلماء ورثة الأنبياء، نسأل الله أن يخلص لنا ولكم النية ويصلح العمل إنه على كل شيء قدير.
4 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ). يعني: ريحها. رواه أبو داود بإسناد صحيح. أستمع حفظ
شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ). متفق عليه.
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل العلم تعلمًا وتعليمًا لله: " عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوساء جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) متفق عليه ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
ساق المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل العلم حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا من صدور الرجال ) ففي هذا الحديث إشارة إلى أن العلم سيقبض، ولا يبقى في الأرض عالم يرشد الناس إلى دين الله، فتتدهور الأمة وتضل ثم بعد ذلك ينزع منها القرآن، ينزع من الصدور ومن المصاحف كما قال أهل السنة: " إن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود " قالوا: معنى وإليه يعود أي: يرجع إلى الله عز وجل في آخر الزمان حين يهجره الناس هجرًا تامًّا لا يقرؤونه ولا يعملون به، ونظير ذلك الكعبة المشرفة حماها الله عز وجل لما أراد أبرهة أن يهدمها وقدم إليها بفيل عظيم وجنود كبيرة، حماها الله عز وجل منه وأنزل الله في ذلك سورة كاملة: (( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرًا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول )) طيور أرسلها الله عز وجل أبابيل يعني جماعات متفرقة كل واحد في منقاره وبين رجليه حجارة من سجيل، يعني: من طين مشوي صلب فكانت هذه الطيور بأمر الله عز وجل ترسل هذه الحجارة على هؤلاء الجنود حتى إنها تضرب الرجل من رأسه وتخرج من دبره نعوذ بالله، حتى جعلهم كعصف مأكول يعني كعصف الزرع الذي أكلته البهائم واختلط بعضه ببعض، لكن في آخر الزمان إذا انتهك الناس حرمة هذا البيت وأكثروا فيه من المعاصي وغير ذلك مما يعد امتهانًا لحرمته، سلط الله عليه رجلًا من الحبشة أفحج الرجلين قصير فينقضها حجرًا حجرًا، يأتي إليها بجنود وينقضها يهدمها حجرًا حجرًا إذا نزع الحجر أعطاه أحد الجنود ثم الثاني يعطيه الذي بجنبه من مكة إلى البحر يتمادون حجارتها حتى تهدم عن آخرها، فانظر كان بالأول حماها الله عز وجل من أولئك الكفرة لأنه يعلم أنه سيبعث فيها رسولًا ينقذ الناس من الضلال والظلم والشرك إلى الهدى والعدل والتوحيد، لكن في آخر الزمان عندما ينتهك الناس هذه الحرمة ترفع منهم الكعبة تهدم يسلط الله عليها بحكمته من يهدمها ولا أحد يقول شيء، لا أحد يعارض هذا الرجل والله عز وجل بحكمته يمكنه من ذلك، كذلك القرآن الكريم ينتزع من الصدور ومن المصاحف ويرفع إلى الرب عز وجل، لأنه كلامه منه بدأ وإليه يعود، العلم أيضًا لا ينتزع من صدور الرجال لكن يقبض بموت العلماء، يموت العلماء الذين هم علماء حقيقة ولا يبقى عالم فيتخذ الناس رؤساء، يعني يتخذ الناس من يترأسهم ويستفتونه لكنهم جهال يفتون بغير علم فيَضلون ويُضلون والعياذ بالله، وتبقى الشريعة بين هؤلاء الجهال يحكمون فيها بين الناس وهم جهلة لا يعرفون فلا يبقى عالم، وحينئذ لا يوجد الإسلام الحقيقي الذي يكون مبنيًّا على الكتاب والسنة لأن أهله قد قبضوا، وفي هذا الحديث حث على طلب العلم لأن الرسول أخبرنا بهذا لأجل أن نتحاشى ونتدارك هذا الأمر ونطلب العلم وليس المعنى أنه أخبرنا لنستسلم فقط لا من أجل أن نحرص على طلب العلم حتى لا نصل إلى الحال التي وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام، والإخبار بالواقع لا يعني إقراره يعني إذا أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام عن شيء ليس معناه أنه يقرّه ويسمح فيه، كما أخبر عليه الصلاة والسلام وأقسم قال: ( لتركبن سنن من كان قبلكم ) يعني: لتركبن طرق من كان قبلكم، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: نعم اليهود والنصارى، فأخبر أن هذه الأمة سوف ترتكب ما كان عليه اليهود والنصارى إخبار تحذير لا إخبار تقرير وإباحة، فيجب أن نعلم الفرق بين ما يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مقررًا له ومثبتًا له وما يخبر به محذرًا عنه، فالرسول عليه الصلاة والسلام أخبر بأن العلماء سيموتون ويعني ذلك أن نحرص حتى لا ندرك هذا الوقت الذي يموت فيه العلماء ولا يبقى إلا هؤلاء الرؤساء الجهال الذين يفتون بغير علم فيضلون بأنفسهم ويضلون غيرهم، اللهم إنا نسألك علمًا نافعًا وعملًا صالحًا ورزقًا طيبًا واسعًا.
5 - شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ). متفق عليه. أستمع حفظ
توجيهات لطالب العلم.
الشيخ : نعم، عليك بالاستكثار بأن يحثك على الاستكثار من ميراث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك العلم لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر من ميراث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم اعلم أن ميراث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إما أن يكون بالقرآن الكريم أو بالسنة النبوية، فإن كان بالقرآن الكريم فقد كفيت إسناده والنظر فيه لأن القرآن لا يحتاج إلى نظر في السند، إذ أنه متواتر، متواتر أعظم التواتر، وأما إذا كان في السنة النبوية فلابد من أن تنظر أولًا هل صحت نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أم لم تصح، فإن كنت تستطيع أن تمحص ذلك بنفسك فهذا هو الأولى، وإلا فقلد إذا لم تستطع شيئًا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع نعم.
القارئ : وفي ترجمة أحمد.
الشيخ : وقوله: ابذل الوسع في الطلب والتحصيل والتدقيق بذل الوسع يعني الطاقة بذل الطاقة في التدقيق أمر مهم، لأن بعض الناس يأخذ بظواهر النصوص وبعموماتها دون أن يدقق هل هذا الظاهر مراد أو غير مراد؟ وهل هذا العام مخصص أو غير مخصص؟ وهل هذا المطلق مقيد أو غير مقيد؟ فتجده يضرب السنة بعضها ببعض لأنه ليس عنده علم في هذا الأمر لا يدقق، وهذا يغلب على كثير من الشباب اليوم الذين يعتنون بالسنة تجد الواحد منهم يتسرع في الحكم المستفاد من الحديث أو في الحكم على الحديث وهذا خطر خطر عظيم نعم.
القارئ : وفي ترجمة أحمد بن عبد الجليل من تاريخ بغداد.