تتمة توجيهات لطالب العلم.
القارئ : وفي ترجمة أحمد بن عبد الجليل من تاريخ بغداد.
الشيخ : طيب يقول: " مهما بلغت في العلم فتذكر كم ترك الأول للآخر " هذا طيب لكن نقول إن أحسن من ذلك مهما بلغت في العلم فتذكر قول الله عز وجل: (( وفوق كل ذي عِلْمٍ عليم )) لأن هذا من القرآن وأوضح في الدلالة من قول الأول كم ترك الأول للآخر كلما بلغت في العلم فتذكر: (( وفوق كل ذي عِلْمٍ عليم )) وتذكر الآية الأخرى: (( وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) نعم.
القارئ : وفي ترجمة أحمد بن عبد الجليل من تاريخ بغداد للخطيب ذكر من قصيدة له:
" لا يكون السري مثل الدني *** لا ولا ذو الذكاء مثل الغبي
قيمة المرء كلما أحسن المرء *** قضاء من الإمام علي "
الشيخ : هذا سبق الكلام على هذا لكن لا يكون السري يعني الشريف عالي الهمة مثل الدني، ونفي المماثلة ظاهر، لا ولا ذو الذكاء مثل الغبي أيضًا لا يكون الإنسان الذكي مثل الإنسان الغبي، طيب بقي ولا ذو العلم مثل الجاهل إلا أن يؤخذ من قوله: " لا يكون السري مثل الدني " لأن ذا العلم سري، أما قوله:
" قيمة المرء كلما أحسن المرء *** قضاء من الإمام علي "
فهو قد سبق قيمة كل امرئ ما يحسنه وسبق تعليقنا عليه نعم.
القارئ : السادس والعشرون الرحلة للطلب من لم يكن رحلة لن.
الشيخ : من لم يكن لعله له رحلة.
القارئ : نعم؟
الشيخ : لعل من لم يكن له رحلة هاه إيه بالضم، وأيضًا الضم فيه سقط العبارة تذكر السامعع والمتكلم يرجع إلى الأصل.
الطالب : ...
الشيخ : نعم؟
القارئ : فمن لم يرحل في طلب العلم للبحث عن الشيوخ والسياحة في الأخذ عنهم فيبعد تأهله ليرحل إليه لأن هؤلاء العلماء الذين ما ضاع وقت في تعلمهم وتعليمهم والتلقي عنهم لديهم من التحريرات والضبط والنكات العلمية والتجارُب.
الشيخ : والتجارِب.
القارئ : والتجارِب والتجارِب.
الشيخ : مكسورة عندك الراء مكسورة.
القارئ : إيه نعم.
الشيخ : التجارُب والتجربة غلط ماهي لغة عربية مع أنها هي الشائعة عند الناس الآن حتى عند طلبة العلم يقول تجارب تجربة مع أن الصواب بكسر الراء، قال الشاعر:
" قد جربوه فما زادت تجاربهم *** أبا قدامة إلا المجد والفنعا "
الآن تبين أن المعنى من لم يكن له رحلة في طلب العلم فلن يرحل إليه يعني فلن يكون له رحلة، أي لن يرحل إليه والمعنى أن من لم يبلغ في العلم ما يبلغ فإنه لن يرحل إليه ولن يأتي الناس إليه نعم.
كتاب حمد الله تعالى وشكره.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " كتاب حمد الله تعالى وشكره، قال الله تعالى: (( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون )) وقال تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) وقال تعالى: (( وقل الحمد لله )) وقال تعالى: (( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )) ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب حمد الله وشكره " حمد الله يعني وصفه بالمحامد والكمالات وتنزيهه عن كل ما ينافي ذلك ويضاده، فهو سبحانه وتعالى أهل الحمد يحمد على جميل إحسانه وعلى كمال صفاته جل وعلا مع المحبة والتعظيم، وقد حمد الله نفسه في ابتداء الخلق فقال: (( الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور )) وحمد نفسه حين أنزل على عبده الكتاب فقال: (( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب )) وحمد نفسه على تنزيهه عن الشريك والند فقال: (( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرًا )) وحمد نفسه جل وعلا عند انتهاء الخلق فقال سبحانه وتعالى: (( وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين )) فهو جل وعلا محمود في ابتداء الخلق وانتهاء الخلق واستمرار الخلق ومحمود على ما أنزل على عبده من الشرائع محمود على كل حال، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا أتاه ما يسره قال: ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا أتاه ما يخالف ذلك قال: ( الحمد لله على كل حال ) إذا أتاه ما يسره يقول: ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا أتاه ما يخالف ذلك قال: ( الحمد لله على كل حال ) وما يقوله بعض الناس اليوم الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه فهو خطأ غلط، لأنك إذا قلت الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه فهو عنوان على أنك كاره لما قدره عليك، ولكن قل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( الحمد لله على كل حال ) هذا هو الصواب وهو السنة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد حمد الله نفسه وأمر بحمده فقال الله تعالى: (( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى )) فأمرنا أن نحمده جل وعلا بل جعل حمدنا إياه من أركان الصلاة لا تتم الصلاة إلا به، فالفاتحة أولها: (( الحمدلله رب العالمين )) لو أسقطت هذه الآية من الفاتحة ما صحت صلاتك، فحمد الله تعالى واجب على كل إنسان وكذلك الشكر الشكر على إنعامه كم أنعم عليك من نعمة عقل وسلامة بدن مال أهل أمن نعم لا تحصى (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) لو لم يكن من نعمته عليك إلا هذا النفس الذي لو اغتممت لفقدت الحياة مع أنه يخرج بدون أن تحس به وبدون أن تتعب له، وانظر الذين ابتلوا بضيق النفس كيف يتكلفون عند إدخال النفس وإخراجه وهذا النفس مستمر دائم نعمة لا تحصى أبدًا العقل الأولاد المال الدين كل هذه نعم عظيمة يستحق جل وعلا أن يشكر عليها والشكر، قال أهل العلم: " هو القيام بطاعة المنعم " هذا الشكر أن تقوم بطاعة المنعم ولاسيما جنس هذه النعمة، فإذا أنعم الله عليك بالمال فليكن عليك أثر هذا المال في لباسك في بيتك في مركوبك في صدقاتك في نفقاتك ليرى عليك أثر نعمة الله عليك بهذا المال في العلم، إذا أنعم الله عليك بعلم فليرى عليك أثر هذا العلم من نشره بين الناس وتعليم الناس والدعوة إلى الله عز وجل وغير ذلك، فالشكر يكون من جنس النعمة التي أنعم الله بها عليك أو بأعم إذن فمن عصى الله فإنه لم يقم بشكر نعمة الله كافر بنعمة الله والعياذ بالله، قال الله تعالى: (( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار )) فالعاصي لم يقم بشكر نعمة الله عز وجل وينقص من شكره بقدر ما أتى من المعصية، حتى لو قال الإنسان بلسانه أشكر الله الشكر لله وهو يعصي الله فإنه لم يصدق فيما قال الشكر القيام بطاعة المنعم والشكر له فائدتان عظيمتان منها الاعتراف لله تعالى بحقه وفضله وإحسانه، ومنها أنه سبب لمزيد النعمة كلما شكرت زادت نعم الله عليك، قال الله تعالى: (( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد )) إذا شكر الإنسان أزاده الله وإذا كفر عرّض نفسه لعذاب الله وعذاب الله تعالى شديد، وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله )) اشكروا لله على هذه النعمة التي أنعمها عليكم وسهل لكم الوصول إليها فوصلت إليكم من غير حول ولا قوة، هذه الطيبات التي نأكلها لو شاء الله تعالى لم نقدر عليها إما لعسر فينا وإما لفقد لهذه لنعم، قال الله تعالى: (( أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون * لو نشاء لجعلناه حطامًا فظلتم تفكهون * أفرأتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون * لو نشاء جعلناه أجاجًا فلولا تشكرون * أفرأيتم النار التي تورون * أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤون * نحن جعلناها تذكرة ومتاعًا للمقوين )) فالمهم أن علينا أن نشكر نعمة الله ويكون الشكر من جنس النعمة فتبذل من العلم والمال بحسب ما أعطاك الله عز وجل الصحة أيضًا، إذا أعطاك الله صحة ونشاطًا واحتاج إخوانك إلى المساعدة والمعاونة فمن شكر نعمة الله أن تعينهم، والله الموفق.
تفسير قول الله تعالى: (( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون )) وقال تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) وقال تعالى: (( وقل الحمد لله )) وقال تعالى: (( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " كتاب حمد الله تعالى وشكره، قال الله تعالى: (( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون )) وقال تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) وقال تعالى: (( وقل الحمد لله )) وقال تعالى: (( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )) ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " كتاب حمد الله وشكره " وقد سبق الكلام على هذا ولكننا لم نتكلم على الآية الأولى وهي قوله تبارك وتعالى: (( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون )) اعلم أن ذكر الله عز وجل هو ذكر القلب، وأما ذكر اللسان مجردًا عن ذكر القلب فإنه ناقص، ويدل لهذا قول الله تعالى: (( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه )) ولم يقل من أسكتنا لسانه عن ذكرنا قال: (( من أغفلنا قلبه عن ذكرنا )) فالذكر النافع هو ذكر القلب وذكر القلب يكون في كل شيء، يعني معنى ذلك أن الإنسان وهو يمشي وهو قاعد وهو مضطجع إذا تفكر في آيات الله عز وجل فهذا من ذكر الله، ومن ذكر الله أيضًا ما جاءت به السنة مثل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله وما أشبه ذلك، ومن ذكر الله أيضًا الصلاة فإنها من ذكر الله، قال الله تبارك وتعالى: (( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر )) قال بعض العلماء المعنى: " ولما فيها من ذكر الله أكبر " فعلى كل حال ينبغي للإنسان عند ذكر الله بلسانه أن يكون ذاكرًا لله بقلبه حتى يتطابق القلب واللسان وتحصل الفائدة، لأنه لأن مجرد الذكر باللسان ينفع الإنسان ولكنه ناقص، لكن الذكر بالقلب هو الأصل هو المهم، واعلم أن الله تعالى يقول: (( اذكروني اذكركم )) وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال: ( من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) يعني: الإنسان إذا ذكر الله في نفسه وليس حوله أحد ذكره الله في نفسه وإن ذكر الله وحوله ملأ يعني جماعة ذكره الله في ملأ خير منهم، وهذا يدل على فضيلة الذكر أن الله تعالى التزم بأن من ذكره في نفسه ذكره في نفسه ومن ذكره في ملأ ذكره في ملأ خير منه قال: (( واشكروا لي ولا تكفرون )) وقد سبق معنى الشكر ومعنى الكفران، ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا الباب في الأحاديث القادمة.
3 - تفسير قول الله تعالى: (( فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون )) وقال تعالى: (( لئن شكرتم لأزيدنكم )) وقال تعالى: (( وقل الحمد لله )) وقال تعالى: (( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )). أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما فأخذ اللبن. فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك. رواه مسلم. وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع ). حديث حسن، رواه أبو داود وغيره. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها ). رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " كتاب حمد الله تعالى وشكره، عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللبن، فقال جبريل: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ) رواه مسلم، وعنه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع ) حديث حسن رواه أبو داود وغيره، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته قبضتم ولد عبدي؟ فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه بيت الحمد ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن أنس رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
هذه أحاديث ذكرها المؤلف رحمه الله في باب فضل حمد الله تعالى وشكره، ومن المعلوم لنا جميعًا أن كل ما بنا من نعمة فمن الله عز وجل وأنه إذا مسنا الضر فليس لنا ملجأ إلا إلى الله، وأن الإنسان إذا أصيب بما يكره أو بما يؤذيه، فإن الله تعالى يكفر بذلك عنه ( ما من أذى أو هم أو غم يصيب المؤمن إلا كفر الله به عنه حتى الشوكة يشاكها الشوكة ) إذا بطتك فإن الله يكفر بها عنك، إذن فنعم الله عظيمة كثيرة لا تعد ولا تحصى لذلك وجب علينا أن نحمد الله تعالى وأن نشكره على نعمه التي أسبغها علينا ومن فوائد الحمد أن الإنسان إذا ابتدأ الشيء بحمد الله فإن الله تعالى يجعل فيه البركة، إذا ابتدؤه بحمد الله جعل الله فيه البركة، يعني أراد أن يؤلف كتابًا أو يتكلم في كلام خطبة أو غير ذلك إذا حمد الله جعل الله فيه البركة، و( كل أمر لا يبدأ فيه بحمد الله فإنه أقطع ) يعني منزوع البركة، لكن قد ينوب عن الحمد غيره كالبسملة مثلًا، البسملة أيضًا يبارك الله فيها في أشياء كثيرة، منها: أن الإنسان إذا ذبح الذبيحة إن قال بسم الله حلت الذبيحة وكانت طيبة، وإن قال الحمد لله لم تحل الذبيحة، لأن الذبيحة لا تحل إلا بالبسملة، وإذا قال عند الذبح الله أكبر ولم يقل بسم الله لم تحل الذبيحة، فكل أمر يبدأ فيه بالحمد لله فهو خير وبركة، لكن قد ينوب عن الحمد ما سواه كالبسملة عند الأكل والشرب والذبح والوضوء وإتيان الرجل أهله يقول: " بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا " وغير ذلك، ومن فوائد الحمد أن الله سبحانه وتعالى يرضى عن العبد إذا أكل الأكلة أن يحمده عليها وإذا شرب الشربة أن يحمده عليها، فما هي الأكلة هل هي الوجبة أو كل ردة يردها الإنسان إلى فمه فهي أكلة؟ الحديث محتمل وكان الإمام ابن حنبل رحمه الله كلما أكل ردة قال الحمد لله، فقيل له: يا أبا عبد الله ما هذا؟ قال: " أكل وحمد خير من أكل وسكوت " وكأن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن الأكلة هي الردة، وعلى هذا فيكون حمد الإنسان على طعامه كثيرًا، لكن أكثر العلماء يقولون إن الأكلة هي الوجبة تجلس على الطعام إذا خلصت تقول الحمد لله، والحمد كله خير، فهذه من فوائد الحمد أنه إذا حمد الإنسان على أكله وشربه كان ذلك سببًا لرضى الله عز وجل عنه، نسأل الله أن يحل علينا وعليكم الرضى إنه على كل شيء قدير.
4 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن، فنظر إليهما فأخذ اللبن. فقال جبريل صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك. رواه مسلم. وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع ). حديث حسن، رواه أبو داود وغيره. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك واسترجع فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها ). رواه مسلم. أستمع حفظ
هل يجوز الشرب باليسار ؟.
الشيخ : الأكل باليسار والشرب باليسار حرام، والذي يأكل بشماله ويشرب بشماله مشابه للشيطان مقتدٍ بالشيطان مجانب لهدي الرحمن، ولهذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأكل بشماله قال: ( كل بيمينك ، قال: لا أستطيع، فقال: لا استطعت، فشلت يمينه ) وصار لا يستطيع أن يرفعها إلى فمه، وهذا يدل على أن الإنسان يجب عليه أن يأكل باليمين ويشرب باليمين حتى الشرب وأنت تأكل لا تشرب بالشمال اشرب باليمين حتى لو تلوث الكأس أو الماعون لا يهم يغسل.
باب الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين قال: " باب الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " الأمر يكون تارة للوجوب وتارة يكون للاستحباب، فالذي للوجوب يعني أن الإنسان إذا تركه فهو آثم عاصي مستحق للعقوبة، ومعنى الاستحباب أن إلإنسان إذ فعله فله أجر وإذا تركه فليس عليه إثم، فيتفق الواجب والمستحب بأن فيهما ثوابًا بفعلهما لكن ثواب الواجب أعظم وأكثر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: ( ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه ) ويختلف الواجب عن المستحب بأن تارك الواجب آثم عاصٍ لله مستحق للعقوبة وتارك المستحب لا يأثم لكن فاته خير، والأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أطلقه المؤلف رحمه الله فاختلف العلماء رحمهم الله هل تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في العمر مرة أو بأسباب أو لا تجب؟ والصحيح: أنها تجب بأسباب وإلا فالأصل أنها مستحبة، فما معنى الصلاة على النبي يعني ما معنى قول القائل اللهم صل على محمد؟ أكثر الناس يقرأ هذا أو يدعو بهذا الدعاء وهو لا يدري معناه وهذا غلط، كل شيء تقوله فاعرف معناه كل شيء تدعو به فاعرف معناه حتى لا تدعو بإثم، فقولك: " اللهم صل على محمد " يعني اللهم أثن عليه في الملأ الأعلى، ومعنى أثن عليه أي اذكره بالصفات الحميدة، والملأ الأعلى هم الملائكة، فكأنك إذا قلت اللهم صل على محمد كأنك تقول يا رب صفه بالصفات الحميدة واذكره عند الملائكة حتى تزداد محبتهم لهم ويزداد ثوابهم بذلك، هذا معنى: " اللهم صل على محمد " واختلف العلماء رحمهم الله هل يصلى على غير النبي أو لا؟ يعني هل يجوز أن تقول اللهم صل على فلان العالم الفلاني أو الشيخ الفلاني أو اللهم صل على أبي أو ما أشبه ذلك؟ والصحيح: أن في ذلك تفصيلًا، فإن كان ذلك تابعًا للصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلا بأس، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام حين سألوه كيف يصلون عليه؟ قال: ( قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) وإن كان مستقلًا فإن كان لسبب فلا بأس، ومن ذلك إذا أتى الإنسان إليك بصدقته لتوزعها فقل اللهم صل عليه، واحد عطاك مثلًا ألف ريال قال خذ هذه زكاة وزعها تقول هات اللهم صلّ على فلان ويسمعه يسمع هذا منك لقول الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم )) ( قال عبد الله بن أبي أوفى: فأتيته بصدقتي أو قال أتاه أبي، فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى ) هذا أيضًا لا بأس، كذلك إذا صليت على الإنسان دون أن تجعل ذلك شعارًا له كلما ذكرته صليت عليه فلا بأس، يعني حتى لو قلت مثلًا اللهم صل على أبي بكر أو على عمر أو على عثمان أو على علي فلا بأس، لكن لا تجعل هذا شعارًا كلما ذكرت هذا صليت عليه لأنك إذا فعلت ذلك جعلته كأنه نبي، ثم صدّر المؤلف هذا الباب بالآية الكريمة: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) فتأمل ما في هذه الآية من خبر وأمر وتأكيد (( إن الله وملائكته يصلون على النبي )) هذا خبر أخبرنا الله بذلك حثًّا لنا على الصلاة والسلام عليه، الله وملائكته كل الملائكة في كل السماوات والأرض يصلون على النبي، والملائكة عالم غيبي من مخلوقات الله لا يحصيهم إلا الله عز وجل، البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، كل يوم ثم لا يعودون إليه يعني يجي ناس غيرهم يجي ملائكة غيرهم، إذن من الذي يحصيهم ما يحصيهم إلا الله، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أطت السماء وحق لها أن تئط ) والأطيط هو صرير الرحل يعني صرير الشداد اللي على البعير ولا يصرّ إلا إذا كان عليه حمل ثقيل تسمع له صرصرة، يقول: ( وحق لها أن تئط ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ) والسماء ليست كالأرض السماء أوسع بكثير بكثير من الأرض، انظر الآن بعدها الشاسع وهي على الأرض كالكرة فتكون دائرتها وسيعة واسعة عظيمة، والسماء الثانية أوسع، والثالثة أوسع، والرابعة أوسع، والخامسة أوسع، والسابعة أوسع، كل سماء فيه ملك بين الأربع أصابع فيه ملك قائم لله راكع وساجد، إذن من يحصي الملائكة إذا كنا لا نحصي الملائكة فهل يمكن أن نحصي الصلاة على الرسول؟ لا، لأن الملائكة يصلون على النبي فلا تحصى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، شف فضل الله واسع أعطى الله هذا الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه الله هذه الفضيلة العظيمة التي لا ينالها أحد فيما نعلم (( إن الله وملائكته يصلون على النبي )) هذا خبر أراد الله منا أن نتشجع، ولهذا قال بعده: (( يا أيها الذين آمنوا )) بمقتضى إيمانكم (( صلوا عليه )) وجه الخطاب لنا بصفة الإيمان لأن الإيمان هو الذي يحمل الإنسان على امتثال الأمر (( يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) صلاة وسلام (( صلوا عليه )) ادعوا الله أن يثني عليه في الملأ الأعلى (( وسلموا تسليمًا )) ادعوا الله تعالى أن يسلمه تسليمًا تامًّا من أين يسلمه؟ في حياته يسلمه من الآفات الجسدية والآفات المعنوية، وبعد موته من الآفات المعنوية بمعنى أن تسلم شريعته من أن يقضي عليها قاض أو ينسخها ناسخ، وكذلك الجسد لأنه ربما يعتدى عليه بعد موته في قبره كما في القصة المشهورة أن رجلين أراد أن يستخرجا جسد النبي عليه الصلاة والسلام فنزلا المدينة رجلان غريبان نزلا المدينة وبدءا يحفران من تحت الأرض حفرة يحفران من تحت الأرض حتى ليتوصلا إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام فيأخذا جسده الشريف فبقيا على ذلك مدة، فأري أحد الملوك في المنام أن رجلين يحفران ليصلا إلى جسد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويأخذاه، فاهتم لذلك اهتمامًا عظيمًا ثم ارتحل إلى المدينة ارتحل إلى المدينة وصل المدينة فمن يعلم هذين الرجلين كيف يتوصل إلى معرفتهما، فقال لأمير المدينة ادع لي جميع أهل المدينة لأنه في المنام إما وصفا له أو رآهما في المنام وعرفهما، فقال ادع لي أهل المدينة فدعاهم أطعمهم ومشوا ما رأى الرجلين، فقال ادع لي أهل المدينة دعاهم أظنه مرتين أو ثلاثة ولم ير الرجلين، والرؤيا رآها رؤيا حق لابد تكون هذه فقال أين أهل المدينة قالوا مافي أحد فيه رجلان غريبان في المسجد يعني ليس لهما قيمة، قال هاتوهما فجيء بهما فإذا هما اللذان رآهما في المنام فعرفهما ثم أمر بأن يحفر إلى تخوم الأرض حفرة على جوانب الحجرة التي فيها قبر النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن تكون حجرة بناية ثم صبها بالنحاس والرصاص حتى يحمي الله جسد هذا النبي الكريم فصب الرصاص إلى الأرض، ولهذا قبر النبي عليه الصلاة والسلام محفوظ حفظًا تامًّا، فالمهم أن قول المسلم: " اللهم صل وسلم على محمد " يعني: سلمه من الآفات الجسدية حيًّا وميتًا وسلمه أيضًا سلم شريعته من أن يطمسها أحد أو يعدو عليها أحد، ثم اعلموا أيها الإخوان أن أجساد الأنبياء لا يمكن أن تأكلها الأرض ما يمكن، لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، إذن فأجسادهم سالمة من الأرض، الأرض اللي تأكل كل جسد إلا من شاء الله لا تأكل أجساد الأنبياء، والحاصل أن في هذه الآيات الكريمة أمر الله تعالى أن نصلي ونسلم عليه تسليمًا، والصلاة عليه واجبة في مواضع منها إذا ذكر اسمه عندك فصلّ عليه، لأن جبريل أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك " رغم أنفه وش معنى رغم؟ يعني سقط في التراب الرغامة هي الأرض الترابية ( رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصلّ عليك ) يعني: إذا سمعت ذكر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قل: اللهم صل وسلم عليه لأن له حقًّا عليك تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أيضًا عند كثير من العلماء في الصلاة في التشهد الأخير فعند كثير من العلماء أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها، وعند بعضهم أنها سنة، وعند بعضهم أنها واجبة، والاحتياط ألا يدعها الإنسان في صلاته الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو أن الإنسان جعل كل دعاء يدعو به مقرونًا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكان كما جاء في الحديث يكفى همه ويغفر ذنبه، ولهذا أكثر يا أخي من الصلاة والسلام على الرسول يزداد إيمانك ويسهل لك الأمر، ثم اعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر لا يملك لك نفعًا ولا ضرًا، فلا تسأله لا تقول يا رسول الله افعل كذا يا رسول الله استغفر لي يا رسول الله أغثني يا رسول الله سهل أمري هذا حرام شرك أكبر، لأنه لا يجوز أن تدعو مع الله أحدًا، الدعاء خاص بمن؟ بالله، قال الله تعالى: (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) فإن قال قائل: أيما أعظم حقًّا الوالدان يعني الأم والأب أو الرسول؟ الرسول أعظم من حق نفسك عليك، ولهذا يجب على الإنسان أن يفدي نفسه للرسول عليه الصلاة والسلام بمعنى أن يفدي الرسول بنفسه يجب على كل إنسان وأن يكون الرسول أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين، فإن قال قائل: أليس الله يذكر حق الوالدين بعد حقه؟ قلنا: بلى، قال الله تعالى: (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا )) ولكن حق الرسول مذكور في حق الله لأن عبادة الله لا تتم إلا بالإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والله الموفق.
6 - باب الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )). أستمع حفظ
تتمة باب الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )).
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال رحمه الله تعالى: " باب الأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا ) رواه مسلم ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين باب الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأمر يعني من الله عز وجل الذي أرسله، والله سبحانه وتعالى يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس، والله عز وجل يخلق ما يشاء ويختار، والله عز وجل أعلم حيث يجعل رسالته فجعل خير الرسالات في محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وختم به النبوة فلا نبي بعده، فمن ادعى أنه نبي بعد رسول الله فإنه كافر، ومن صدقه فإنه كافر أيضًا لقول الله تعالى: (( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين )) وقد أمر الله تعالى بالصلاة على نبيه والسلام عليه فقال تعالى: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) فبدأ الله تعالى بالإخبار عن نفسه وعن ملائكته أنهم يصلون على النبي، وهذه الآية كما تعرفون في سورة الأحزاب التي أمر الله بها نبيه بتقوى الله عز وجل، وأنزل عليه أعظم آية فيما يتعلق بفعل الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: (( يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليمًا حكيمًا )) وقال الله تبارك وتعالى له: (( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )) فلما نزلت هذه القوارع العظيمة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبر الله ذلك بقوله: (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا )) وبقوله: (( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابًا مهينًا )) فانجبرت هذه القوارع التي نزلت من الله تعالى في حق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقوله: (( وملائكته )) يشمل كل ملك في السماوات والأرض، كل ملك في السماوات والأرض فإنه يصلي على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومعنى الصلاة من الله على رسوله الثناء عليه في الملأ الأعلى يعني أن الله يمدحه ويثني عليه.