تتمة شرح حديث عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلم قال: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ). متفق عليه. وعن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل وله الثناء الحسن. لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. قال ابن الزبير: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة مكتوبة. رواه مسلم.
الشيخ : من الله إذا آمنا بأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع إذن لا نسأل العطاء إلا من الله عز وجل، إذن لا نسأل العطاء إلا من الله عز وجل ونعلم أنه لو أعطانا فلان وفلان شيئًا فالذي قدر ذلك هو الله، والذي سيره حتى يعطينا هو الله وما هو إلا مجرد سبب لكننا نحن مأمورون بأن نشكر من صنع إلينا معروفًا كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) لكننا نعلم أن الذي يسر لنا هذا العطاء وسير لنا هذا المعطي هو الله عز وجل ( اللهم لا مانع لم أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) الجَدّ يعني: الحظ والغنى يعني الإنسان المحظوظ الذي له حظ وعنده مال وعنده أولاد وعنده زوجات وعنده كل ما يشتهي من الدنيا فإن هذا لا ينفعه من الله ( لا يمنع ذا الجد منك الجدُّ ) الجَدُّ فاعل يعني أن الجد والحظ والغنى ما يمنع من الله عز وجل، لأن الله تعالى له ملك السماوات والأرض، وكم من إنسان تراه مسرورًا في أهله وعنده المال والبنون وجميع ما يناله من الدنيا ولا ينفعه شيء من الله، يصاب بمرض ولا يقدر أن يرفعه عنه إلا الله عز وجل، يصاب بهم وغم وقلق لا ينفعه إلا الله عز وجل، وهذا كله في التفويض إلى الله إذن ينبغي لنا إذا سلم الإنسان واستغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، أن يذكر الله تعالى بهذا الذكر، والترتيب بين الأذكار ليس بواجب يعني لو قدمت بعضها على بعض فلا بأس، لكن الأفضل أن تبدأ بالاستغفار ثلاثًا، واللهم أنت السلام منك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم تذكر الله تعالى بالأذكار الواردة، ويأتي إن شاء الله الكلام على حديث عبد الله بن الزبير.
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال: يحجون، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون. فقال: ( ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ( تسبحون، وتحمدون. وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين). قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة، لما سئل عن كيفية ذكرهن، قال: يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثا وثلاثين. متفق عليه. وزاد مسلم في روايته: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ). وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ). رواه مسلم. وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( معقبات لا يخيب قائلهن - أو فاعلهن - دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وأربعا وثلاثين تكبيرة ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضل من أموال يحجون ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون، فقال: ألا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين ) قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة لما سئل عن كيفية ذكرهن قال: يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثًا وثلاثين، متفق عليه، وزاد مسلم في روايته: ( فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا من الأحاديث الدالة على فضيلة الذكر المخصوص المقيد بعمل، وقد سبق لنا أن الأذكار منها مطلق مقيد وهذا منها، حديث أبي هريرة أن فقراء المهاجرين جاؤوا يشتكون إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقولون إن أهل الأموال سبقونا إنهم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من الأموال يعني زيادة يتصدقون بها ويحجون ويعتمرون ويجاهدون، فدلهم النبي صلى الله عليه وسلم على أمر قال ألا أخبركم بشيء إذا فعلتموه لم يدركم من لحقكم وتسبقون به من بعدكم قالوا بلى يا رسول الله، قال تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، يعني تقولون سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين مرة فهذه تسع وتسعين، ثم إنهم فعلوا ذلك ولكن سمع الأغنياء بهذا ففعلوا مثله فتساووا معهم في هذا الذكر، فرجع الفقراء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالوا: " يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما صنعنا فصنعوا مثله " وكأنهم يريدون شيئًا آخر يختصون به، فقال: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) ففي هذا الحديث من الفوائد أولًا حرص الصحابة رضي الله عنهم على التسابق إلى الخير وأن كل واحد منهم يحب أن يسبق غيره، ومنها من فوائد هذا الحديث أن هذا الذكر سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين مشروع خلف الصلوات، وقد ورد في حديث آخر أنه تكمل المئة بقول لا إله إلا لله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وهذه صفة من صفات الذكر بعد الصلاة، ومن صفات الذكر بعد الصلاة أن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسًا وعشرين مرة فتكون الجميع مئة، ومن صفاته أيضًا أن تقول سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر أربعًا وثلاثين فهذه مئة، ومن صفاته أن تقول سبحان الله عشر مرات، والحمد لله عشر مرات، والله أكبر عشر مرات، تفعل هذا مرة وهذا مرة لأن الكل ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومن فوائد هذا الحديث سعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم على المراجعة والمناقشة لأنه عليه الصلاة والسلام يريد الحق أينما كان والحق معه لكن يطيب قلوب الناس ويبين لهم، ومنها من فوائد الحديث أن الله سبحانه وتعالى إذا منَّ على أحد بفضل فإنما هو فضله يؤتيه من يشاء ولن يجور بهذا الفضل على أحد، فإذا أغنى هذا وأفقر هذا فهو فضله يؤتيه من يشاء وليس هذا بجور، بل ذلك فضله يؤتيه من يشاء، وكذلك أيضًا من رزقه الله علمًا ولم يرزق الآخر فهذا من فضله، فالفضل بيد الله عز وجل يؤتيه من يشاء، ومن فوائد هذا الحديث أيضًا أن الأغنياء من الصحابة كالفقراء حريصون على فعل الخير والتسابق فيه، ولهذا صنعوا مثل ما صنع الفقراء فصاروا يسبحون ويحمدون ويكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، والله الموفق. السائل : ... الشيخ : لا، عشر مرات. السائل : المجموع ثلاثين. الشيخ : المجموع ثلاثين، نعم.
شرح حديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر الصلوات بهؤلاء الكلمات: ( اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من فتنة القبر ). رواه البخاري. وعن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: ( يا معاذ والله إني لأحبك ) فقال: ( أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك ). رواه أبو داود بإسناد صحيح.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ دبر الصلوات بهؤلاء الكلمات: اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من فتنة القبر ) رواه البخاري، وعن معاذ رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك، فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه أبو داود بإسناد صحيح ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه من الأذكار التي تقال دبر الصلاة، الحديث الأول عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهذه الكلمات دبر كل صلاة: اللهم إني أعوذ من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من فتنة القبر ) وكذلك حديث معاذ بن جبل ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك ) فكلمة دبر القاعدة فيها أنه إذا كان المذكور أذكارًا فإنه يكون بعد السلام، وإذا كان المذكور دعاء فإنه يكون قبل السلام، لأن ما قبل السلام وبعد التشهد هو دبر الصلاة، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " دبر الشيء من الشيء " كما يقال دبر الحيوان لمؤخره، وعلى هذا فيكون حديث سعد بن أبي وقاص وحديث معاذ بن جبل يكون هذا الدعاء قبل أن تسلم إذا انتهيت من التشهد ومن قولك أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال تقول: ( اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من فتنة القبر هذه خمسة أشياء تستعيذ بالله منهن، الأول: البخل وهو الشح بالمال، والثاني: الجبن وهو الشح بالنفس، فالبخل أن يمنع الإنسان ما يجب عليه بذله من ماله من زكاة أو نفقات أو إكرام ضيف أو غير ذلك، وأما الجبن فأن يشح الإنسان بنفسه لا يقدم في جهاد يخشى أن يقتل ولا يتكلم بكلام حق يخشى أن يسجن وما أشبه ذلك فهذا جبن، ( وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ) أرذله يعني أرداه وأنقصه وذلك على وجهين، الوجه الأول: أن يحدث للإنسان حادث يختل به عقله فيهذي فيرد إلى أرذل العمر ويصير كالصبي، كما يوجد هذا في الحوادث يوجد أحد يصاب بحادث فيختل مخه ثم يكون كالبزر كالصغير، أو أن يكون ذلك عن كبر وهو الوجه الثاني، لأن الإنسان كلما كبر إذا استوى وبلغ أربعين سنة بدأ يأخذ بالنقص، ولكن الناس يختلفون أحد ينقص كثيرًا وأحد ينقص قليلًا قليلًا، لكنه لابد أن ينقص إذا بلغ الأربعين فقد استوى وكمل، والشيء إذا كمل أخذ بالنقص، فمن الناس من يرد إلى أرذل العمر في قواه الحسية وقواه العقلية فيضعف بدنه ويحتاج إلى من يحمله ويوضئه ويوجهه وما أشبه ذلك، أو عقليًّا بحيث يهذي ولا يدري ما يقول، فالرد إلى أرذل العمر يشبه هذا وهذا، ما كان بحادث وما كان بسبب تقادم السن به، ثم إن الإنسان إذا وصل إلى هذه الحال ن-سأل الله أن يعيذنا وإياكم منها- فإن أهله يملونه، أهله اللي هم أشفق الناس به يتعبون منه ويملونه وربما يلقونه في مكان تتكفل به الحكومة مثلًا، وهذا لا شك أن الإنسان لا يرضاه لا يرضى لنفسه أن يصل إلى هذا الحد، وتسقط أيضًا عنه الصلاة ويسقط عنه الصوم وتسقط عنه الواجبات، لأنه وصل إلى حد ارتفع عنه التكليف ( وأعوذ بك من فتنة الدنيا ) وما أعظم فتنة الدنيا وما أكثر المفتونين في الدنيا لا سيما في عصرنا هذا، وعصرنا هذا هو عصر الفتنة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( والله ما الفقر أخشى عليكم وإنما أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسها من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم ) وهذا هو الواقع في وقتنا الحاضر فتحت علينا الدنيا من كل جانب، من كل شيء من كل وجه منازل كقصور الملوك ومراكب كمراكب الملوك وملابس ومطاعم ومشارب، فتحت فصار الناس الآن ليس لهم هم إلا البطون والفروج فتنوا في الدنيا نسأل الله العافية، ففتنة الدنيا عظيمة يجب على الإنسان أن ينتبه لها، ولهذا قال الله عز وجل: (( إن وعد لله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ))( وأعوذ بك من فتنة القبر أو من عذاب القبر ) وفتنة القبر أيضًا فتنة عظيمة إذا دفن الميت وانصرف عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم منصرفين عنه، أتاه ملكان يسألانه عنه ربه ودينه ونبيه، إن كان مؤمنًا خالصًا أجاب بالصواب قال: ربي الله ونبي محمد وديني الإسلام، وإن كان مرتابًا أو منافقًا أعاذنا الله وإياكم من ذلك، قال: هاه لا أدري هاه هاه لا أدري، فيضرب بمرزبة من حديد، المرزبة قالوا: إنها حديدة مثل المطرقة، وقد ورد في بعض الأحاديث أنه لو اجتمع عليها أهل منى ما أقلوها من عظمتها نسأل الله العافية، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء يسمعها كل شيء إلا الثقلين يعني الجن والإنس، وهذا من رحمة الله أن الله تعالى لا يسمعنا عذاب القبر، لأننا لو سمعنا الناس يعذبون في قبورهم ما طاب لنا عيش ولتنكدنا، إن كان قريبًا لنا تنكدنا من وجهين من قرابته ومن هذه الأصوات المزعجة، وإن كان غير قريب أيضًا انزعجنا منه، ففتنة القبر فتنة عظيمة نسأل الله أن يعيننا وإياكم منها هذه أشياء كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلمه أصحابه خمسة أشياء: ( اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر أو من فتنة القبر ) أما حديث معاذ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إني أحبك، وأقسم وقال: ( والله إني لأحبك ) وهذه منقبة عظيمة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه أن نبينا صلوات الله وسلامه عليه أقسم أنه يحبه، والمحب لا يدخر لحبيبه إلا ما هو خير له، وإنما قال هذا له لأجل أن يكون مستعدًا لما يلقي إليه، لأنه يلقيه إليه من محب ثم قال له لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة: ( اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك ) ودبر كل صلاة يعني في آخر الصلاة قبل السلام، هكذا جاء في بعض الروايات أنه يقولها قبل السلام وهو حق، وكما ذكرنا لكم في أول الدرس أن المقيد بالدبر أي بدبر الصلاة إن كان دعاء فهو قبل التسليم وإن كان ذكرًا فهو بعد التسليم، ويدل لهذه القاعدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن مسعود في التشهد لما ذكره قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ) أو ما أحب أو أعجبه إليه أما في آخر الصلاة، أما الذكر فقال الله تعالى: (( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم ))( أعني على ذكرك ) يعني كل قول يقرب إلى الله كل فعل يقرب إلى الله كل تفكير يقرب إلى الله فهو من ذكر الله، ( وشكرك ) أي: شكر النعم واندفاع النقم، فكم من نعمة لله علينا، وكم من نقمة اندفعت عنا، فنشكر الله على ذلك، ونسأل الله أن يعيننا عليه ( وعلى حسن عبادتك ) وحسن العبادة يكون بأمرين بالإخلاص لله عز وجل كلما قوي الإخلاص كانت أحسن وبالمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله الموفق.
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع؛ يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر؛ ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال ). رواه مسلم. وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت) . رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ) رواه مسلم، وعن علي رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . ذكر المؤلف رحمه الله هذين الحديثين فيما يتعوذ به ويذكر الله به في الصلوات، ففي الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع ) وفي لفظ: ( التشهد الأخير ) يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ) هذه أربعة أمور أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ بالله منها إذا فرغنا من التشهد، يعني قبل التسليم أعوذ بالله من عذاب جهنم وهي النار، فتتعوذ بالله من عذابها وهذا يشمل ما عملت من سوء تسأل الله أن يعفو عنك منه وما لم تعمل من السوء تسأل الله أن يجنبك إياه، ( ومن عذاب القبر ) لأن القبر فيه عذاب عذاب دائم للكافرين وعذاب قد ينقطع للعاصين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بقبرين فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة )( ومن فتنة المحيا والممات ) فتنة المحيا ما يفتتن به الإنسان في حياته وتدور على شيئين، إما جهل وشبهة وعدم معرفة بالحق فيشتبه عليه الحق بالباطل فيقع في الباطل فيهلك، وإما شهوة أي هوى بحيث يعلم الإنسان الحق لكنه لا يريده وإنما يريد الباطل، وأما فتنة الممات فقيل: إنها فتنة القبر وهي سؤال الملكين للإنسان إذا دفن عن ربه ودينه ونبيه، وقيل: فتنة الممات هي ما يكون عند موت الإنسان، وذلك أن أشد ما يكون الشيطان حرصًا على إغواء بني آدم عند موته، يأتي الإنسان عند موته ويوسوس له ويشككه وربما يأمره بأن يكفر بالله والعياذ بالله، فهذه الفتنة من أعظم الفتن، وأما فتنة المسيح الدجال فالمسيح الدجال هو من يبعثه الله عز وجل عند قيام الساعة، رجل خبيث كافر مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه المؤمن الكاتب وغير الكاتب، ويبتلي الله تعالى الناس به، لأنه يمكن له في الأرض بعض الشيء، يبقى في الأرض أربعين يومًا، اليوم الأول طوله طول السنة الكاملة، والثاني طول الشهر، والثالث طوله أسبوع، سنة شهر أسبوع، والرابع كسائر الأيام، يدعو الناس إلى أن يكفروا بالله وأن يشركوا به، يقول أنا ربكم ومعه جنة ونار، لكنها جنة فيما يرى الناس ونار فيما يرى الناس، وإلا فحقيقة جنته أنها نار وحقيقة ناره أنها جنة، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيغتر الناس به ويفتتن به من شاء الله أن يفتتن، وفتنته عظيمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما في الدنيا فتنة أعظم من خلق آدم إلى قيام الساعة مثل فتنة المسيح الدجال، وما من نبي إلا وأنذر به قومه ) ولهذا خصه من بين فتنة المحيا، لأن فتنته عظيمة نسأل الله أن يعيذنا وإياكم منها، وهذه الأربع يذكرها الإنسان قبل أن يسلم، واختلف العلماء رحمهم الله هل هذا واجب أو سنة؟ فأكثر العلماء على أنه سنة وأن الإنسان لو تركه لم تبطل صلاته، وقال بعض أهل العلم: إنه واجب إنه يجب على الإنسان أن يستعيذ بالله من هذه الأربع قبل أن يسلم وأنه لو ترك ذلك فصلاته باطلة وعليه أن يعيدها، وقد أمر طاووس وهو أحد كبار التابعين ابنه حين لم يقرأ هذه التعوذات الأربع أمره أن يعيد صلاته، فينبغي للإنسان ألا يدعها أن يحرص عليها لما فيها من الخير الكثير ولئلا يؤدي في صلاته إلى أنها تكون باطلة عند بعض أهل العلم، والله الموفق. القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ). متفق عليه. وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ). رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم ). رواه مسلم.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) متفق عليه، وعنها رضي الله عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) رواه مسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه أذكار في أحوال معينة فمنها ما نقله المؤلف رحمه الله عن عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) وهذا بعد أن أنزل الله عليه: (( إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا )) وهذه السورة هي أَجَلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله نعاه إلى نفسه بأنه إذا جاء النصر وتم الفتح فقد قرب أجلك كما فهم ذلك ابن عباس رضي الله عنهما، فإن ابن عباس رضي الله عنهما كان صغير السن، وكان عمر رضي الله عنه يحضره مع مجالس الرجال وكبار القوم، فقال بعضهم لماذا يحضر عمر ابن عباس ويترك أبناءنا، فأراد أن يبين لهم رضي الله عنه فضل ابن عباس، فقال لهم يوم من الأيام ما تقولون في قوله تعالى: (( إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا * فسبح بحمد واستغفره إنه كان توابًا ))؟ ما مغزى هذه السورة؟ قالوا: معناها أنه إذا جاء الفتح فسبح بحمد ربك واستغفره فقال ما تقول يا ابن عباس؟ قال: " أقول هذا أجل رسول الله " صلى الله عليه وسلم أن الله أعطاه علامة وهي الفتح والنصر إذا جاء فقد قرب أجلك، فقال: " ما فهمت منها إلا ما فهمت " فالحاصل أن هذه الآية أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسبح بحمد ربه ويستغفره، وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك يكثر أن يقول في ركوعه وكذلك في سجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، ومعنى هذا أنك تثني على الله عز وجل بكمال صفاته وانتفاء صفات النقص عنه وتسأله المغفرة، أما حديثها الثاني فقالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) يعني: أنت سبوح قدوس، وهذه مبالغة في التنزيه وأنه جل وعلا سبوح قدوس رب الملائكة وهم جند الله عز وجل، عالم لا نشاهدهم وأما الروح فهو جبريل وهو أفضل الملائكة، فينبغي للإنسان أن يكثر في ركوعه وسجوده من قول: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " تأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يقول كذلك في ركوعه وسجوده: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: ( أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ) وهذا طرف من حديث أوله: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) أي: حري أن يستجاب لكم، لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فالركوع لا يجوز لأحد أن يقرأ القرآن وهو راكع، ولا يجوز أن يقرأ القرآن وهو ساجد، لكن له أن يدعو بالدعاء الذي يوافق القرآن، مثل أن يقول مثلًا: (( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) ما في بأس لكن أما أن يقرأ القرآن فهذا حرام عليه، أن يقرأ وهو راكع أو يقرأ وهو ساجد، الركوع له التعظيم يعظم ربه سبحان ربي العظيم سبحان الملك القدوس وما أشبه ذلك، السجود يقول: " سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " ويدعو يكثر من الدعاء فقمن أن يستجاب له، أي: حري أن يستجاب له، وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا الدعاء ). رواه مسلم. وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: ( اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) رواه مسلم، وعنه رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذان الحديثان في بيان دعاء وأذكار مخصوصة ذكرها المؤلف رحمه الله في باب فضل الدعاء، فمنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد ) وذلك لأن الإنسان إذا سجد فإنه يضع أشرف ما به من الأعضاء في أماكن وطء الأقدام التي توطأ بالأقدام، وكذلك أيضًا يضع أعلى ما في جسده حذاء أدنى ما في جسده، يعني أن وجهه أعلى ما في جسده وقدميه أدنى ما في جسده فيضعهما في مستوى واحد تواضعًا لله عز وجل، ولهذا كان أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد، وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام فيما سبق بالإكثار من الدعاء في حال السجود، فيجتمع في ذلك الهيئة والمقال تواضعًا لله عز وجل، ولهذا يقول الإنسان في سجوده: " سبحان ربي الأعلى " إشارة إلى أنه جل وعلا هو العلي الأعلى في ذاته وفي صفاته، وأن الإنسان هو السافل النازل بالنسبة لجلال الله تعالى وعظمته، أما الحديث الثاني فهو فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: ( اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره وأوله وآخره ) وهذا من باب التبسط بالدعاء والتوسع فيه، لأن الدعاء عبادة فكلما كرره الإنسان ازداد عبادة لله عز وجل، ثم إنه في تكراره هذا يستحضر الذنوب كلها السر والعلانية وكذلك ما أخفاه وكذلك دقه وجله، وهذا هو الحكمة في أن النبي صلى الله عليه وسلم فصّل بعد الإجمال، فينبغي للإنسان أن يحرص على الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنها أجمع الدعاء وأنفع الدعاء، وفقني الله وإياكم لما فيه الخير والصلاح.
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فتحسست، فإذا هو راكع - أو ساجد - يقول: ( سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت ). وفي رواية: فوقعت يدي على بطن قدميه، وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فتحسست فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت ) وفي رواية: ( فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) رواه مسلم، وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة، فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب ألف حسنة؟ قال: يسبح مئة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة ) رواه مسلم ". الشيخ : هذان أيضًا الحديثان في بيان الذكر وفضله، الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها أنها افتقدت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات ليلة فخرجت تتحسس عنه، لأنها رضي الله عنها هي أحب نسائه إليه، وهي تحبه أيضًا فتخشى أن يكون حصل عليه شيء فذهبت تتحسس فوجدته صلى الله عليه وسلم في المسجد وهو ساجد يدعو الله تبارك وتعالى بهذا الدعاء، قالت: ووقعت يدي يدها على بطون قدميه وهو ساجد، واستدل العلماء بذلك على أن الساجد ينبغي له أن يضم قدميه بعضهما إلى بعض ولا يفرقهما، لأنه لا يمكن أن تقع اليد الواحدة على قدمين متفرقتين، وكذلك هو أيضًا في صحيح ابن خزيمة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضم رجليه في السجود ) أما الركبتان فهما على طبيعتهما لا يفرقهما ولا يضمهما على طبيعتهما، فكان من دعائه عليه الصلاة والسلام: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ) والمعنى: أنه يستعيذ عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله عز وجل بالأعمال الصالحة عن الأعمال السيئة، لأن الأعمال السيئة توجب الغضب والسخط، والأعمال الصالحة توجب الرضا، والشيء إنما يداوى بضده، فالسخط ضده الرضا فيستعيذ بالرضا من السخط، ( وبمعافاتك من عقوبتك ) يعني: يستعيذ بمعافاتك من الذنوب وآثارها وعقوباتها من عقوبتك على الذنوب، وهذا يتضمن سؤال المغفرة ( وأعوذ بك منك ) وهذا أشمل وأعم أنه يعوذ بالله من الله عز وجل، وذلك لأنه لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه، لا أحد ينجيك من عذاب الله إلا الله عز وجل، فتستعيذ بالله من الله سبحانه وتعالى، أي: تستعيذ به من عقوبته وغير ذلك مما يقدره، فدل ذلك على ما ذكرنا من انضمام القدمين في السجود، ودل هذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أحيانًا النافلة في المسجد، مع أن الأفضل أن تكون النوافل في البيت كما قال صلى الله عليه وسلم: ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) لكنه عليه الصلاة والسلام أحيانًا يصلي النافلة في المسجد، وفيه أيضًا دليل على محبة عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا غرابة، فإنه عليه الصلاة والسلام كانت هي أحب نسائه اللاتي عنده ولا يساميها أحد اللهم إلا خديجة رضي الله عنها، فإن خديجة هي أول نسائه صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها أحدًا حتى ماتت، وكان يذكرها دائمًا أي يذكر خديجة، لكن عائشة رضي الله عنها هي أحب نسائه الموجودات في عهد عائشة، ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان يستعيذ بصفات الله عز وجل من ضدها بالرضا من السخط وبالمعافاة من العقوبة وأنه لا ملجأ له من الله إلا إليه، فيستعيذ بالله منه تبارك وتعالى، والله الموفق.
السائل : شيخ بارك الله فيك بالنسبة للذي يرفع قدميه وهو ساجد؟ الشيخ : نعم لا يجوز للإنسان وهو ساجد أن يرفع يديه أو إحدى يديه أو رجليه أو إحدى رجليه، لأن الواجب السجود على الأعضاء السبعة، الجبهة مع الأنف والكفين والركبتين وأطراف القدمين، فإن رفعهما حتى قام من السجود فصلاته باطلة، أما إن رفع ثم نزل بسرعة فأرجو ألا يكون عليه إعادة للصلاة. السائل : بارك الله فيك. الشيخ : وفيكم.
عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ( ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ ) قالت: نعم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته ). رواه مسلم. وفي رواية له: ( سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضاء نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته ). وفي رواية الترمذي: ( ألا أعلمك كلمات تقولينها ؟ سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته ).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) رواه مسلم، وفي رواية له: ( سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته ) وفي رواية ".