شرح عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: ( ما زلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ ) قالت: نعم: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته ). رواه مسلم. وفي رواية له: ( سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضاء نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته ). وفي رواية الترمذي: ( ألا أعلمك كلمات تقولينها ؟ سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته ).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) رواه مسلم، وفي رواية له: ( سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته ) وفي رواية الترمذي: ( ألا أعلمك كلمات تقولينها سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماته ) ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الحديث من الأحاديث التي فيها بيان فضيلة نوع من أنواع الذكر، وهو ما روته أم المؤمنين جويرية بنت الحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج منها من عند الفجر ثم رجع إليها ضحى وهي تسبح وتهلل، فبين لها صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال بعدها كلمات تزن ما قالت منذ الفجر أو منذ الصبح، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده رضا نفسه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده مداد كلماته ثلاث مرات، أما سبحان الله وبحمده عدد خلقه فمعناه: أنك تسبح الله عز وجل وتحمده عدد مخلوقاته، ومخلوقات الله عز وجل لا يحصيها إلا الله كما قال الله تعالى: (( وما يعلم جنود ربك إلا هو ))( سبحان الله وبحمده زنة عرشه ) وزنة عرشه لا يعلم ثقلها إلا الله عز وجل، لأن العرش أكبر المخلوقات التي نعلمها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يروى عنه أنه قال: ( إن السماوات السبع والأراضين السبع في الكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة ) إذن فهو مخلوق عظيم لا يعلم قدره إلا الله عز وجل، ( سبحان الله وبحمده رضا نفسه ) يعني: أنك تسبح الله وتحمده حمدًا يرضى به الله عز وجل، وأي حمد يرضى به الله إلا وهو أفضل الحمد وأكمله، ( سبحان الله وبحمده مداد كلماته ) والمداد ما يكتب به الشيء، وكلمات الله تعالى لا يحيط بها شيء، قال الله تعالى: (( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم )) وقال تعالى: (( قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا )) فكلمات الله تعالى لا نهاية لها، فالمهم أنه ينبغي لنا أن نحافظ على هذا الذكر، سبحان الله وبحمده عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده رضا نفسه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده مداد كلماته ثلاث مرات، فتكون الجميع اثنتي عشرة مرة. القارئ : والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شرح حديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، مثل الحي والميت ). رواه البخاري. ورواه مسلم فقال: ( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه، مثل الحي والميت). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ). متفق عليه. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سبق المفردون ) قالوا: وما المفردون يا رسول الله ؟ قال: ( الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ). رواه مسلم.
القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت ) رواه البخاري، ورواه مسلم فقال: ( مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) متفق عليه، وعنه رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه أحاديث في فضل الذكر ذكر الله عز وجل، فأما الحديث الأول فقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت ) وذلك لأن الذي يذكر الله تعالى قد أحيا الله قلبه بذكره وشرح له صدره فكان كالحي، وأما الذي لا يذكر الله فإنه لا يطمئن قلبه والعياذ بالله ولا ينشرح صدره للإسلام فهو كمثل الميت، وهذا مثل ينبغي للإنسان أن يعتبر به وأن يعلم أنه كلما غفل عن ذكر الله عز وجل فإنه يقسو قلبه وربما يموت قلبه والعياذ بالله، وأما الحديثان الأخيران ففيهما أيضًا دليل على فضيلة الذكر وهو أن الإنسان إذا ذكر الله عز وجل في نفسه ذكره الله في نفسه، وإن ذكره في ملأ ذكره في ملأ خير منهم، يعني إذا ذكرت ربك في نفسك إما أن تنطق بلسانك سرًّا ولا يسمعك أحد أو تذكر الله في قلبك فإن الله تعالى يذكرك في نفسه، وإذا ذكرته في ملأ يعني عند جماعة فإن الله تعالى يذكرك في ملأ خير منهم، أي ملأ من الملائكة يذكرك عندهم ويعلي ذكرك ويثني عليك جل وعلا، ففي هذا دليل على فضيلة الذكر وأن الإنسان إذا ذكر الله عند ملأ كان هذا أفضل مما إذا ذكره في نفسه، إلا أن يخاف الإنسان على نفسه الرياء فإن خاف الرياء فلا يجهر، ولكن لا يكون في قلبه وساوس بأن يقول إذا ذكرت الله جهرًا فهذا رياء فلا أذكر الله بل يدع هذه الوساوس ويذكر الله تعالى عند الناس وفي نفسه حتى يذكره الله عز وجل كما ذكر ربه، وأما حديث أبي هريرة الثالث فهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( سبق المفردون، قالوا: وما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) ففي هذا دليل على أن الذاكرين لله كثيرًا لهم السبق على غيرهم لأنهم عملوا أكثر من غيرهم فكانوا أسبق إلى الخير، والله الموفق.
شرح حديث عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( أفضل الذكر: لا إله إلا الله ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به قال: ( لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرىء أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء؛ وأنها قيعان وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة, وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم ؟) قالوا: بلى، قال: ( ذكر الله تعالى ). رواه الترمذي، قال الحاكم: إسناده صحيح.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن جابر رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل الذكر لا إله إلا الله ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه ( أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقيت إبراهيم صلى الله عليه وسلم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى، قال: ذكر الله تعالى ) رواه الترمذي، قال الحاكم: إسناده صحيح ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين كلها بمجموعها تدل على فضيلة الذكر كما سبق لكن في بعضها ما فيه ضعف، فمنها ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له رجل: إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله ) هذا الحديث فيه ضعف، لكن إن صح فالمعنى أن هذا الرجل كثرت عليه النوافل أما الفرائض فلا يغني عنها قول لا إله إلا الله ولا غيره، الفرائض لابد منها لكن النوافل إذا شق على الإنسان بعضها فالذكر قد يسد ما يحصل به الخلل، ومنها أيضًا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( أفضل الذكر لا إله إلا الله ) ولا شك أن هذه الكلمة كلمة عظيمة هي التي يدخل بها الإنسان دين الإسلام فهي مفتاح الإسلام كما جاء في الحديث: ( أن مفتاح الجنة هو لا إله إلا الله ) ومنها أيضًا فضيلة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وأن هذه غراس الجنة يعني أن الإنسان إذا قالها يغرس له في الجنة غرسًا في كل كلمة، ومنها أن ذكر الله عز وجل من أفضل الأعمال وأوفاها وأحبها إلى الله عز وجل بل هو من أسباب الثبات عند اللقاء كما قال الله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون )) فهذه الأحاديث كلها تدل على فضيلة الذكر وأنه ينبغي للإنسان أن يكثر من ذكر الله، وقد مر علينا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) والله الموفق.
شرح حديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى - أو حصى - تسبح به فقال: ( أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا - أو أفضل فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق. والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ ) فقلت: بلى يا رسول الله قال: ( لا حول ولا قوة إلا بالله ). متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل الذكر والحث عليه: " عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ( أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به، فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك أو أفضل، فقال: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض، وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذان حديثان في بيان فضل الذكر وقد سبقت أحاديث كثيرة كلها تدل على فضل الذكر، فحديث سعد بن أبي وقاص في دخول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على المرأة وبين يديها حصى أو نوى تسبح به فقال: ( ألا أخبرك بما هو أفضل من ذلك ) وذكر لها التسبيح سبق نظيره أو قريب منه قوله صلى الله عليه وسلم: ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده رضا نفسه ثلاث مرات، سبحان الله وبحمده مداد كلماته ثلاث مرات ) هذه اثنتا عشرة مرة فيها خير كثير وسبق بيان شرح ذلك، أما حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ ) والاستفهام هنا للتشويق يعني يشوقه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن يستمع إلى ما يقول، ( قلت: بلى يا رسول الله، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ) لأن هذه الكلمة فيها التبرؤ من الحول والقوة إلا بالله عز وجل، فالإنسان ليس له حول وليس له قوة فلا يتحول من حال إلى حال ولا يقوى على ذلك إلا بالله عز وجل، فهي كلمة استعانة إذا أعياك الشيء وعجزت عنه قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإن الله تعالى يعينك عليه، وليست هذه الكلمة كلمة استرجاع كما يفعله كثير من الناس إذا قيل له حصلت المصيبة الفلانية قال: " لا حول ولا قوة إلا بالله " كلمة الاسترجاع أن تقول: " إنا لله وإنا إليه راجعون " أما هذه فهي كلمة استعانة إذا أردت أن الله يعينك على شيء فقل: " لا حول ولا قوة إلا بالله " وكما مر عليكم في سورة الكهف في صاحبي الجنتين قال له صاحبه: (( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله )) يعني لكان هذا خيرًا لك وأبقى لجنتك ولكنه دخلها وقال: (( ما أظن أن تبيد هذه أبدًا وما أظن الساعة قائمة )) فأعجب بها وأنكر قيام الساعة فأرسل الله عليها حسبانًا من السماء فأصبحت صعيدًا زلقًا، فالمهم أن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة تقولها أيها الإنسان عندما يعييك الشيء ويثقلك وتعجز عنه قل لا حول ولا قوة إلا بالله ييسر الله لك الأمر، والله الموفق.
باب ذكر الله تعالى قائما وقاعدا ومضطجعا: قال الله تعالى: (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )). عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه. رواه مسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضي بينهما ولد لم يضره ). متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب ذكر الله تعالى قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا، قال الله تعالى (( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )) عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) رواه مسلم، وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب ذكر الله تعالى قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا " يعني: أن الإنسان ينبغي له أن يذكر الله تعالى في كل حال، قائمًا وقاعدًا وعلى جنب، ثم استشهد رحمه الله بقول الله تعالى: (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم )) في خلق السماوات والأرض يعني في ذات السماء وذات الأرض بما فيهما من عجائب مخلوقات الله تعالى (( آيات لأولي الألباب )) لأولي العقول الذين يدركون بآيات الله ما لله تعالى في هذه الآيات من الحكم والأسرار، فالسماء واسعة عالية والأرض مسطحة مذللة للخلق فيها من الآيات، من آيات الله تعالى من البحار والأنهار والأشجار وغير ذلك ما يستدل به على خالقها جل وعلا، وأما اختلاف الليل والنهار فاختلاف الليل والنهار بالطول والقصر والحر والبرد والرخاء والشدة والأمن والخوف والبؤس والعافية وغير ذلك، فيها أيضًا آيات عظيمة والإنسان إذا طالع التاريخ ورأى تقلبات الليل والنهار واختلافهما رأى من آيات الله العجيبة ما يزداد به إيمانه، وقوله: (( الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم )) هذا هو الشاهد يذكرون الله في كل حال، قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم في كل حال، وكذلك ذكر رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) على كل أحيانه أي على كل أزمانه في كل زمن يذكر الله قائمًا وقاعدًا ومضجعًا، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم ندب الإنسان أن يذكر الله عند جماعه أهله فقال: ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله الله جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إذا قضي بينهما ولد لم يضره الشيطان ) ففي هذا دليل على أنه ينبغي لك أن تكثر من ذكر الله في كل حال، إلا أن العلماء قالوا لا ينبغي أن يذكر الله تعالى في الأماكن القذرة كأماكن قضاء الحاجة المراحيض ونحوها، تكريمًا لذكر الله عز وجل عن هذه المواضع هكذا ذكر بعض أهل العلم، والله أعلم.
باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه. عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أوى إلى فراشه قال: ( باسمك اللهم أحيا وأموت, وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ). رواه البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه، عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما قالا: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك اللهم أحيا وأموت، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) رواه البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله: " باب ما يقوله عند نومه واستيقاظه " من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا أن الله شرع لنا أذكارًا عند النوم والاستيقاظ والأكل والشرب ابتداء وانتهاء، بل حتى عند دخول الخلاء وعند اللباس، كل هذا من أجل أن تكون أوقاتنا معمورة بذكر الله عز وجل، ولولا أن الله شرع لنا ذلك لكان بدعة، ولكن الله شرع لنا هذا من أجل أن تزداد نعمته علينا بفعل هذه الطاعات، فمنها هذا الحديث الذي ذكره المؤلف عن حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك اللهم أحيا وأموت ) إذا أوى يعني إذا ذهب إلى فراشه وأراد أن ينام قال: ( باسمك اللهم أحيا وأموت ) لأن الله سبحانه وتعالى هو المحيي المميت فهو المحي يحي من شاء وهو المميت يميت من يشاء فتقول: ( باسمك اللهم أحيا وأموت ) يعني: أموت على اسمك وأحيا على اسمك، ومناسبة هذا الذكر للنوم هو أن النوم موت لكنه موت أصغر كما قال الله تعالى: (( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه )) وقال تعالى: (( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها )) ولهذا كان إذا قام من الليل قال: ( الحمدلله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) فتحمد الله الذي أحياك بعد الموت وتذكر النشور يعني من القبور والإخراج من القبور يكون إلى الله عز وجل، فتتذكر ببعثك من نومك بعثك من موتتك الكبرى وتقول: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، وفي هذا دليل على الحكمة العظيمة في هذا النوم الذي جعله الله راحة للبدن عما سبق وتنشيطًا للبدن فيما يستقبل أنه يذكر أيضًا بالحياة الآخرة، تذكر بذلك إذا قمت من قبرك بعد موتك حيًّا إلى الله عز وجل، وهذا يزيدك إيمانًا بالبعث والإيمان بالبعث أمر مهم، لولا أن الإنسان يؤمن بأنه سيبعث ويجازى على عمله ما عمل، ولهذا نجد أن الله يقرن كثيرًا الإيمان باليوم الآخر بالإيمان به كما قال تعالى: (( الذين يؤمنون بالله وباليوم الآخر )) وآيات كثيرة في هذا، فالمهم أنه ينبغي لك إذا أويت إلى فراشك أن تقول: ( باسمك اللهم أحيا وأموت ) وإذا استيقظت أن تقول: ( الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) والله الموفق.
باب فضل حلق الذكر: قال الله تعالى: (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم )).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب فضل حِلَقِ الذِّكر، قال الله تعالى: (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم )) ".
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل، تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم - وهو أعلم - : ما يقول عبادي ؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك، ويحمدونك، ويمجدونك، فيقول: هل رأوني ؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني ؟! قال: يقولون: لو رأوك أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدا، وأكثر لك تسبيحا. فيقول: فماذا يسألون ؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة. قال: يقول: وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها ؟! قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا، وأشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة. قال: فمم يتعوذون ؟ قال: يقولون: يتعوذون من النار؛ قال: فيقول: وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها ؟! قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا، وأشد لها مخافة. قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ). متفق عليه. وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن لله ملائكة سيارة فضلا يتبعون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم، وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم الله عز وجل - وهو أعلم - : من أين جئتم ؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض: يسبحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك. قال: وماذا يسألوني ؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي ؟ قالوا: لا، أي رب: قال: فكيف لو رأوا جنتي ؟! قالوا: ويستجيرونك. قال: ومم يستجيروني ؟ قالوا: من نارك يا رب. قال: وهل رأوا ناري ؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري ؟! قالوا: ويستغفرونك، فيقول: قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا. قال: فيقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر، فجلس معهم، فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب فضل حلق الذكر، قال الله تعالى: (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا)) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله عز وجل تنادوا هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، فيسألهم ربهم وهو أعلم ما يقول عبادي؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا والله ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدًا وأكثر لك تسبيحًا، فيقول: فماذا يسألون؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا وأشد لها طلبًا وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها، فيقول:كيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم، قال، يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ) متفق عليه، وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن لله ملائكة سيارة فضلا يتتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم من أين جئتم فيقولون جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، فيقول: قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا، قال: يقولون: رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم، فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين: " باب فضل حِلق الذكر " يعني الاجتماع على ذكر الله عز وجل، ثم ساق الآية الكريمة: (( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عينهم تريد زينة الحياة الدنيا )) فأمر الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصبر نفسه مع هؤلاء القوم الفضلاء الشرفاء الكرماء، وصبر نفسه يعني حبسها احبس نفسك معهم فإن هؤلاء القوم خير من تجلس إليهم، (( يدعون ربهم بالغداة )) في أول النهار وبالعشي في آخر النهار ومن ذلك إن شاء الله الاجتماع على صلاة الفجر وعلى صلاة العصر، لأن الأولى في الصباح والثانية في المساء غداة وعشي (( يريدون وجهه )) هذا دليل على إخلاصهم لله عز وجل وأنهم لا يريدون من هذا الاجتماع والدعاء أن يمدحوا بذلك أو يقال ما أعظم عبادتهم ما أكثرها ما أصبرهم عليها، لا يريدون هذا كله يريدون وجه الله عز وجل (( ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا )) يعني: لا تتجاوز عنهم وتفارقهم وتغض الطرف عنهم من أجل الدنيا، أما من أجل مصلحة أخرى أعظم مما هم عليه فلا بأس، لكن من أجل الدنيا لا هؤلاء هم القوم وهم أهل الدنيا والآخرة (( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا )) يعني: لا تطع الغافل الذي غفل قلبه والعياذ بالله عن ذكر الله وكان أمره فرطًا واتبع هواه وضاعت عليه دنياه وضاعت عليه أخراه، ففي هذه الآية الكريمة فضل الاجتماع على الذكر والدعاء، وفيها فضل الإخلاص وأن الإخلاص هو الذي عليه مدار كل شيء، وفيه أيضًا أن الإنسان لا ينبغي له أن يدع أحوال الآخرة والعبادات إلى أحوال الدنيا، أما الأحاديث فذكر المؤلف حديث أبي هريرة في صحيح البخاري وصحيح مسلم أن الله تعالى وكل ملائكة يسيحون في الأرض يطلبون حلق الذكر والملائكة، عالم غيبي فاضل خلقهم الله عز وجل من النور وجعلهم صُمْدًا لا أجواف لهم فلا يأكلون ولا يشربون لا يحتاجون إلى هذا، لا لهم بطون ولا لهم أمعاء بل هم صمد، ولهذا لا يأكلون ولا يشربون، وهم غيبي لا يرونه لكن قد يريهم الله تعالى قد يري الله تعالى الناس إياهم أحيانًا كما جاء جبريل عليه الصلاة والسلام على صفة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه أحد من الصحابة، وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله، فهذا أحيانًا وإلا فالأصل أن عالم الملائكة عالم غيبي والملائكة كلهم خير، ولهذا لا يدخلون الأماكن التي فيها ما يغضب الله عز وجل فلا يدخلون بيتًا فيه صورة ولا يصحبون رفقة فيهم جرس ولا رفقة معهم كلب إلا الكلب المحلل الذي يجوز اقتناؤه، هؤلاء الملائكة وكلهم الله عز وجل يسيحون في الأرض إذا وجدوا حِلق الذكر جلسوا معهم ثم حفوا هؤلاء بأجنحتهم إلى السماء، يعني هؤلاء الملائكة من الأرض إلى السماء، ثم إن الله تعالى يسألهم ليظهر فضيلة هؤلاء القوم الذين جلسوا يذكرون الله يسبحونه ويحمدونه ويهللونه ويكبرونه ويدعونه، وإلا فالله يعلم عز وجل لماذا جلسهم لكن ليظهر فضلهم ونبلهم يسأل الملائكة من أين جئتهم فيقولون: جئنا من عباد لك في الأرض يسبحونه ويهللونه ويكبرونه ويحمدونه ويدعونه، فيقول لهم: ماذا يريدون؟ قالوا: يريدون الجنة، اللهم اجعلنا ممن أرادها وكان من أهلها يريدون الجنة، قال: هل رأوها؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوها؟ يعني لكانوا قالوا لكانوا أشد لها طلبًا وأشد فيها رغبة، لأن الله يقول: ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ثم يسألهم ماذا يدعون بالنجاة منه؟ قال: يسألونك النجاة من النار، هذا معنى الحديث قال: هل رأوها؟ قالوا: لا، ما رأوها، قال: فكيف لو رأوها؟ قال: لكانوا أشد منها مخافة، فيقول لهم عز وجل: ( أشهدكم أني قد غفرت لهم ) جميعًا وإذا غفر الله للإنسان استحق أن يدخل الجنة وأن ينجو من النار، فيقول ملك من الملائكة: إن فيهم فلانًا ما جاء للذكر لكن جاء لحاجة فوجد هؤلاء القوم فقعد معهم، فيقول عليه الصلاة والسلام: ( وله قد غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) وفي هذا الحديث دليل على فضيلة الجلساء الصالحين وأن الجليس الصالح ربما يعم الله سبحانه وتعالى بجليسه رحمته وإن لم يكن مثله، لأن الله تعالى قال: ( قد غفرت لهذا ) مع أنه ما جاء للذكر والدعاء لكنه لحاجة، وقال: ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ) وعلى هذا فيستحب الاجتماع على قراءة القرآن وعلى الذكر وعلى التسبيح والتحميد والتهليل وكلنا يدعو لنفسه ويذكر لنفسه ويسأل الله لنفسه، لكن يجتمعون ومن الاجتماع كما قلت لكم أن يجتمع المسلمون على صلاة الفجر وصلاة العصر، لأنها ذكر تسبيح تكبير تهليل قرآن دعاء، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الملائكة الموكلين ببني آدم يجتمعون في صلاة الفجر وفي صلاة العصر، وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير.
شرح حديث عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة, ونزلت عليهم السكينة؛ وذكرهم الله فيمن عنده ). رواه مسلم. وعن أبي واقد الحارث بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب واحد، فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها, وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبا. فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ). متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب فضل حِلق الذِّكر: " عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما قالا: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده ) رواه مسلم، وعن الحارث بن عوف رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهبًا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذان الحديثان من الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين، فالأول أخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه: ( ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) وهذا يدل على فضل الاجتماع على ذكر الله عز وجل ولا يلزم من هذا أن يذكرون الله بصوت واحد، بل الحديث مطلق لكن لم يعهد عن السلف أنهم يذكرون ذكرًا جماعيًّا كما يفعله بعض أهل الطرق من الصوفية وغيرهم، وفيه أن هؤلاء المجتمعين تنزل عليهم السكينة، والسكينة هي طمأنينة القلب وخشوعه وإنابته إلى الله عز وجل، ( وتغشاهم الرحمة ) أي: تحيط بهم من كل جانب.