تتمة باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان: قال الله تعالى: (( ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )). وقال تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )). وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )).
الشيخ : فإذا قال قائل: ما هي المناسبة مناسبة الغيبة لهذا المثل؟ قلنا: لأن الذي تغتابه غائب لا يمكن أن يدافع عن نفسه كالميت إذا قطعت لحمه لا يمكن أن يقوم فيدافع عن نفسه، ولهذا إذا ذكرت أخاك بما يكره في حال وجوده فإن ذلك لا يسمى غيبة بل يسمى سبًّا وشتمًا (( واتقوا الله إن الله تواب رحيم )) فأمر بتقوى الله عز وجل بعد أن نهى عن الغيبة وهذا إشارة إلى أن الذين يغتابون الناس لم يتقوا الله عز وجل، واعلم أنك إذا سلطت على عيب أخيك ونشرته وتتبعت عورته فإن الله تعالى يقيّض لك من يفضحك ويتتبع عورتك حيًّا كنت أو ميتًا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في بيت أمه ) إلا أن الغيبة إذا كانت للنصح والبيان فإنه لا بأس بها كما لو أراد إنسان أن يعامل شخصًا من الناس وجاء إليك يستشيرك يقول ما تقول هل أعامل فلانًا؟ وأنت تعلم أن هذا سيء المعاملة ففي هذه الحالة يجب عليك أن تبين ما تعلم فيه من العيب من باب النصح، ودليل ذلك: ( أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها خطبها ثلاثة من الصحابة أسامة بن زيد ومعاوية بن أبي سفيان وأبو جهم، فجاءت تستشير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تقول خطبني فلان وفلان وفلان فقال لها عليه الصلاة والسلام: أما أبو جهم فضرّاب للنساء، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة ) فذكر هذين الرجلين بما يكرهان لكن من باب النصيحة لا من باب نشر العيب والفضيحة وفرق بين هذا وهذا، وكذلك لو جاء إنسان يستشيرك قال أطلب العلم عند فلان وأنت تعلم أن فلان ذو منهج منحرف فلا حرج عليك أن تقول لا تطلب العلم عنده، مثل أن يكون في عقيدته شيء أو في فكره شيء أو في منهجه شيء وتخشى أن يؤثر على هذا الذي جاء يستشيرك يطلب العلم عنده أم لا، وجب عليك أن تبين له تقول لا تطلب العلم عند هذا، هذا فيه كذا وفيه كذا من العيوب حتى لا ينتشر عيبه بين الناس والأمثلة على هذا كثيرة، والمهم أنه إذا كان ذكرك أخاك بما يكره من أجل النصيحة فلا بأس، وقد شاع عند الناس كلمة غير صحيحة وهي قولهم: " لا غيبة لفاسق " هذا ليس حديثًا وليس قولًا مقبولًا، بل الفاسق له غيبة مثل غيره وقد لا يكون له غيبة فإذا ذكرنا فسقه على وجه العيب والسب فإن ذلك لا يجوز، وإذا ذكرناه على سبيل النصيحة والتحذير منه فلا بأس بل قد يجب، والمهم أن هذه العبارة ليست حديثًا عن الرسول عليه الصلاة والسلام وليست على إطلاقها أيضًا بل في ذلك تفصيل ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على الآيات.
تتمة باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان: قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )). وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )).
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان، قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا )) وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الباب كما سبق في بيان تحريم الغيبة ووجوب حفظ اللسان، وقد سبق الكلام على الآية الأولى قوله تعالى: (( ولا يغتب بعضكم بعضًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم )) أما الآية الثانية فهي قول الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا )) لا تقف يعني: لا تتبع ما ليس لك به علم، وهذا النهي يشمل كل شيء كل شيء ليس لك به علم فلا تتبعه أعرض عنه ولا تتكلم فيه، لأنك على خطر وهذا إذا كان بالنسبة لما تنسبه إلى الله ورسوله كان محرمًا من أشد المحرمات إثمًا إذا قلت مثل قال الله تعالى كذا والله لم يقله أو تفسّر الآية بما تهواه لا بما تدل عليه فقد قلت على الله ما لا تعلمه، ولهذا جاء في الحديث: ( من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ) ولا يحل لأحد أن يفسر آية من كتاب الله وهو لا يعلم معناها وإنما يفسرها بالظن والتخمين، لأن الأمر خطير فإنك إذا فسرت آية إلى معنى من المعاني فقدت شهدت على الله أنه أراد كذا وكذا وهذا خطر، خطر عظيم ولهذا يجب على الإنسان التحرز من التسرع فيما ليس له به علم بالنسبة للأحكام الشرعية وكذلك غيرها لكن هي أشد، وقد قرن الله تعالى القول عليه بلا علم قرنه بالشرك فقال جل وعلا: (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) وكذلك إذا قفوت ما ليس لك به علم بالنسبة للآدميين بأن تنقل عن شخص أنه قال كذا وكذا وهو لم يقله، حتى لو قيل لك إنه قال كذا وكذا فلا تعتمد على هذا حتى تتيقن، لاسيما إذا كثر الخوض بين الناس في الأمور فإنه يجب التحرز أكثر، لأن الناس إذا كثر فيهم الخوض والقيل والقال فإنهم يبنون من الحبة قبة ومن الكلمة كلمات ولا يتحرّزون في النقل، ولهذا يسمع الإنسان أنه ينقل عنه أو عن غيره ما ليس بصحيح إطلاقًا، لأن الناس مع الخوض والقيل والقال يكون لهم هوى والعياذ بالله فيقولون بما لا يعلمون، ثم ذكر الآية الثالثة وهي قول الله تعالى: (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) المؤلف رحمه الله لم يسق إلا هذه الآية الثالثة وليته ساق الآيات كلها لكان أحسن، فالله تعالى يخبر أنه خلق الإنسان وهذا أمر معلوم بالضرورة والفطرة، فالله وحده هو الخالق والخالق يعلم من خلق كما قال تعالى: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) فهو جل وعلا يعلم بأحوالنا ونياتنا ومستقبلنا وكلما يتعلق بنا، ولهذا قال: (( ونعلم ما توسوس به نفسه )) الشيء الذي تحدث به نفسك يعلمه الله قبل أن تتكلم ولكن هل يؤاخذك به في هذا تفصيل إن ركنت إليه وأثبته في قلبك عقيدة فإن الله يؤاخذك به وإلا فلا شيء عليك، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ) فمثلًا لو أن الإنسان صار يوسوس يفكر هل يطلق زوجته أو لا ومثلت بهذا، لأنه كثير بي الناس فإنها لا تطلق حتى لو عزم على أن يطلقها فإنها لا تطلق إلا بقول أو بالكتابة الدالة على القول أو بالإشارة الدالة على القول، لأن الله تجاوز عن هذه الأمة ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، قال: (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد )) فإن الله تعالى وكّل بالإنسان ملكين يلازمانه أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال، عن اليمين وعن الشمال يلازمانه دائمًا ويكتبان عليه كل ما نطق به وكل ما فعل، ولهذا قال: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) ومن هنا زائدة للتوكيد يعني ما يلفظ قولًا من الأقوال أي قول كان إلا لديه رقيب عتيد، رقيب أي مراقب، عتيد أي حاضر لا يفلته، وأنت الآن لو جعلت في جيبك مسجلًا يسجل ما تقول لوجدت العجب العجاب مما يصدر منك أحيانًا وأنت لا تفكر فيه، والرجل قد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي في النار كذا وكذا خريفًا والعياذ بالله، طيب الرقيب معناه المراقب الذي يرقبك، العتيد الحاضر الذي لا يغيب عنك أي قول كان يكتب، ويذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه دخل عليه أحد أصحابه وهو مريض مريض يئنّ من المرض فقال له: " إن فلانًا من التابعين يقول إن الملك يكتب حتى أنين المريض " فأمسك رحمه الله عن الأنين خوفًا من أن يكتب عليه، ولهذا ينبغي للإنسان أن يقلل من الكلام ما استطاع، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) فليقل خيرًا أي كلامًا فيه الخير إما لأنه خير بذاته وإما لأنه خير لما يفضي إليه من الإلفة بين الجلساء والمحبة، لأنك إذا حضرت مجلسًا مثلًا ولم تتكلم فيه لم يستحب الناس الجلوس معك، لكن إذا انطلقت في الكلام المباح من أجل أن تؤلفهم وتتودد فهذا خير داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: ( فليقل خيرًا أو ليصمت ) والمهم أن من جملة الأقوال التي تكتب الغيبة فاحذر أن تكتب عليك لأنك إذا اغتبت أحدًا فإنه يوم القيامة يأخذ من حسناتك التي هي أغلى ما يكون عندك في ذلك الوقت، فإن بقي من حسناتك شيء وإلا أخذ من سيئات الذين اغتبتهم وطرح عليك ثم طرحت في النار، نسأل الله أن يحمينا وإياكم مما يغضبه وأن يوفقنا وإياكم لما يرضيه.
شرح قول المصنف : " اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه؛ وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء ". عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ). متفق عليه. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي المسلمين أفضل ؟ قال: ( من سلم المسلمون من لسانه ويده ). متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان، اعلم أنه ينبغي لكل مكلّف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلامًا ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة والسلامة لا يعدلها شيء، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) متفق عليه، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ( قلت يا رسول الله أيُّ المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال النووي رحمه الله في باب تحريم الغيبة ووجوب حفظ اللسان: اعلم أنه ينبغي للإنسان أن يحفظ لسانه وألا يتكلم إلا بما فيه المصلحة الدينية أو الدنيوية، وهذا الكلام مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) وهو الحديث الذي ساقه المؤلف رحمه الله فإذا استوى الأمران أن يسكت أو يتكلم فالسلامة أفضل، يعني لا يتكلم إذا كان يشك هل في كلامه خير أو لا فالأفضل ألا يتكلم، لأن السلامة لا يعدلها شيء، والساكت سالم إلا إذا اقتضت الحال أن يتكلم فليتكلم، مثلًا لو رأى منكرًا فهنا لا يسكت يجب أن يتكلم وينصح وينهى عن هذا المنكر، وأما إذا لم تقتض المصلحة أن يتكلم فلا يتكلم، لأن ذلك أسلم له ثم اعلم أن قول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) يدل على أنه يجب على الإنسان أن يسكت إذا لم يكن الكلام خيرًا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرط للإيمان بالله واليوم الآخر أن يقول الخير وإلا فليسكت، لكن الخير نوعان خير في ذات الكلام كقراءة القرآن والتسبيح والتكبير والتهليل وتعليم العلم وما أشبه ذلك، هذا واضح وخير لغير الكلام يعني خير في الكلام وخير لغيره بما أن الكلام مباح، لكن يجر إلى مصلحة يجر إلى تأليف القلب وانبساط الإخوان وسرورهم بمجلسك هذا أيضًا من الخير، لأن الإنسان لو بقي ساكتًا من أول المجلس إلى آخره ملّه الناس وكرهوه وقالوا هذا رجل فض غليظ، لكن إذا تكلم بما يدخل السرور عليهم وإن كان كلامًا مباحًا فإنه من الخير، وأما من تكلم بكلام يضحك الناس وهو كذب فإنه قد ورد فيه الوعيد: ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) وهذه يفعلها بعض الناس ويسمونها النكت يتكلم بكلام كذب لكن من أجل أن يضحك الناس هذا غلط، تكلم بكلام مباح من أجل أن يدخل السرور على قلوبهم، وأما الكلام الكذب فهو حرام، ثم ذكر حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي المسلم خير يعني أي المسلمين خير قال: ( من سلم المسلمون من لسانه ويده ) يعني: لا يعتدي على المسلمين لا بلسانه بغيبة أو نميمة أو سب أو ما أشبه ذلك، ويده يعني لا يأخذ أموالهم ولا يضرب أبشارهم بل هو كافٌ عاد لا يأتي إلى الناس إلا ما هو خير هذا هو المسلم، وفي هذا حث على أن يسلم الإنسان من لسانك، ويدك حث على أن يسلم الناس من لسانك ويدك احفظ لسانك لا تتكلم بعباد الله إلا بخير، كذلك احفظ يدك لا تجني على أموالهم ولا على أبشارهم بل كن سالمًا يسلم منك فإن هذا هو خير المسلمين، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
شرح حديث عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ). متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ). متفق عليه. وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم ). رواه البخاري.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان: " عن سهل بن سعد قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة ) متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ) متفق عليه، وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم ) رواه البخاري ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه أحاديث ثلاثة في بيان خطر اللسان وأنه من أعظم ما يكون من الأعضاء خطورة، ففي الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من يضمن لي ما بين لحييه وبين رجليه أضمن له الجنة ) الذي بين اللحيين هو اللسان والذي بين الرجلين هو الفرج سواء من الرجل أو امرأة، يعني من حفظ لسانه وحفظ فرجه حفظ لسانه عن القول المحرم من الكذب والغيبة والنميمة والغش وغير ذلك، وحفظ فرجه من الزنا واللواط ووسائل ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم يضمن له الجنة، يعني أن جزاءه هو الجنة إذا حفظت لسانك وحفظت فرجك فزلة اللسان كزلة الفرج خطيرة جدًّا، وإنما قرن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينهما لأن في اللسان شهوة الكلام كثير من الناس يتنطع ويتلذذ إذا تكلم في أعراض الناس ويتفكّه والعياذ بالله (( وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين )) فتجده أحب شيء عنده أن يتكلم في أعراض الناس، ومن الناس من يهوى الكذب فتجد أحسن شيء عنده هو الكذب نسأل الله العافية، والكذب من كبائر الذنوب لاسيما إذا كذب بالكلمة ليضحك بها القوم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له ) وأما الثاني الذي قرن بينه وبين شهوة الكلام فكذلك شهوة النساء فإن الإنسان مجبول على ذلك ولاسيما إذا كان شابًّا، فإذا حاول حفظ هاتين الشهوتين ضمن له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الجنة أي هذا جزاؤه لأنهما خطيران، كذلك أيضًا الحديث الثاني أن الرجل يتكلم بالكلمة لا يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب الكلمة لا يتبين فيها يعني ما يتأكد ينقل ما سمع وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع، فتجده يتكلم بالكلمة ولا يتبين ولا يتثبت ولا يدري وش معناها ولا يدري وش توصل إليه هذا والعياذ بالله، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ومسافة ما بين المشرق والمغرب بعيدة جدًّا نصف الكرة الأرضية، ومع ذلك كلمة واحدة زلّ بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهذا يدل على وجوب التأكد مما تتكلم به سواء نقلت إلى غيرك أو نقلته عن غيرك تثبت اصبر لا تستعجل ما الذي يوجب لك أن تستعجل بالمقال اصبر حتى تتثبت ويتبين لك الأمر، ثم إن رأيت مصلحة في الحديث تتحدث وإن لم تر مصلحة في الحديث فاسكت ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) وأما الحديث الثالث فهو أن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله يعني كلمة ترضي الله قرآن تسبيح تكبير تهليل أمر بمعروف نهي عن منكر تعليم علم إصلاح ذات البين وما أشبه ذلك، يتكلم بالكلمة ترضي الله عز وجل ولا يلقي لها بالًا بمعنى أنه لا يظن أن تبلغ به ما بلغ وإلا فهو قد نواها وعرفها وألقى لها البال، لكن لا يظن أن تبلغ ما بلغت يرفع الله له بها درجات في الجنة، وعلى العكس من ذلك رجل يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار لأنه تكلم بها ولا ظن أن تبلغ ما بلغت وهذا يقع كثيرًا، كثير من الناس والعياذ بالله تجده يسأل عن فلان العاصي أو ما أشبه ذلك، فيقول هذا اتركه اترك هذا هذا والله ما يهتدي والله ما يغفر الله له والعياذ بالله، هذه كلمة خطيرة كان رجل عابد يمر برجل عاصي عابد يعبد الله ورجل عاصي فيقول هذا الرجل العابد: " والله لا يغفر الله لفلان " شف والعياذ بالله تحجّر واسعًا وتألَّى على الله " والله لا يغفر الله لفلان " لأن الرجل هذا العابد معجب بعمله يرى نفسه ويدل بعمله على ربه وكأن له المنة على الله سبحانه وتعالى، فقال: " والله لا يغفر الله لفلان " قال الله عز وجل: ( من ذا الذي يتألَّى علي ألا أغفر لفلان ) الملك والسلطان لمن لله عز وجل ما هو لك حتى تقول والله ما يغفر الله لفلان الملك والسلطان لله لا ينازعه فيه منازع إلا أذله الله عز وجل، قال: ( من ذا الذي يتألَّى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت لفلان وأحبطت عملك ) أعوذ بالله كلمة واحدة صارت سببًا لحبوط عمله نسأل الله العافية، إذن احذر زلة اللسان احذر زلة اللسان، ومن ذلك أيضًا من زلل اللسان إذا قال مثلًا لشخص يا فلان إن جارنا لا يصلي لعلك تنصحه جزاك الله خير قال لا هذا ما يمكن يهتدي هذا هذا طاغي هذا فاسق، أعوذ بالله من قال لك ما يمكن يهتدي القلوب بيد من بيد الله عز وجل كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( ما من قلب من قلوب بني آدم إلا بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبه كيف يشاء ) إن شاء أزاغه وإن شاء هداه وهذا شيء مسلم، حتى الإنسان أحيانًا يجد في قلبه أشياء يعرف أنها من الشيطان وأنه إن لم يثبته الله زلّ فالقلوب بيد الله سبحانه وتعالى فتقول هذا ما ينفع له شيء هذا ما هو بمهتدي حرام هذا ما يجوز ادعه ولا تيأس ألا سيوجد في هذه الأمة من كان من ألد أعدائها وأشد خصومها وكان ثاني اثنين في زعامة الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مناويًا للدعوة الإسلامية وكان يحذر منها وكان يفرّ منها وكان من ألد أعدائها فهداه الله وصار هو الخليفة الثاني بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، وكذلك خالد بن الوليد عكرمة بن أبي جهل ماذا فعل في أحد كرّ على المسلمين من الخلف على فرسيهما ومعهم فرسان آخرون واختلطوا بالمسلمين وحصلت الهزيمة، وفي النهاية كانا قائدين عظيمين من قواد المسلمين فلا تيأس يا أخي واسأل الله الهداية والثبات ولا تزل بلسانك فتهلك، حماني الله وإياكم من معاصيه ووفقنا لمراضيه إنه على كل شيء قدير.
شرح حديث عن أبي عبد الرحمن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت, يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت, يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه ). رواه مالك في الموطأ, والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال: ( قل ربي الله، ثم استقم ) قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: ( هذا ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي ). رواه الترمذي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله ما النجاة ؟ قال: ( أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك, فإن استقمت استقمنا, وإن اعوججت اعوججنا ). رواه الترمذي. وعن معاذ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار ؟ قال: ( لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ) ثم قال: ( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ) ثم تلا: (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )) حتى بلغ (( يعملون )). ثم قال: ( ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه ) قلت: بلى يا رسول الله، قال: ) رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد ) ثم قال: ) ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ) قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه فقال: ( كف عليك هذا ) قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ( ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم ؟). رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
القارئ : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم الغيبة: " عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه ) رواه مالك في الموطأ والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال: ( قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به، قال: قل ربي الله ثم استقم، قلت: يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال: هذا ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي ) رواه الترمذي، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ( قلت يا رسول الله ما النجاة؟ قال: أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان تقول اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا ) رواه الترمذي، وعن معاذ رضي الله عنه قال: ( قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: (( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )) حتى بلغ (( يعملون )) ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا ) قلت: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟ ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله كلها فيها التحذير من اللسان وشروره وآفاته وأن الإنسان ربما يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا ولا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه، وكلها فيها التحذير من اللسان وآفاته ولهذا قيل: " احفظ لسانك أن تقول فتبتلى *** إن البلاء موكل بالمنطق " كثير من الناس يدعو على نفسه بشر وهو لا يشعر يدعو على ولده يدعو على ماله يدعو على صديقه يدعو على قريبه من حيث لا يشعر فربما يصادف ذلك بابًا مفتوحًا فيصيبه الدعاء، وفي حديث معاذ رضي الله عنه معاذ بن جبل ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ ) أي ما يملك هذا كله ( قلت: بلى يا رسول الله، فأخذه بلسانه ) أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه وقال: ( كف عليك هذا ) فقال: " يا رسول والله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ " يعني: هل نؤاخذ بما نتكلم به؟ فقال: ( ثكلتك أمك يا معاذ ) وهذه كلمة يقصد بها تعظيم الأمر ( هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟ ) فاحذر يا أخي هذه الحصائد احفظ لسانك، ومن حفظ اللسان أن يحفظ الإنسان لسانه عن الكذب وقول الزور والغش والغيبة والنميمة وكل قول يبعده من الله عز وجل ويوجب عليه العذاب فإنه يجب عليه أن يتنزه منه، نسأل الله أن يحفظ علينا وعليكم ديننا الذي هو عصمة أمرنا إنه على كل شيء قدير.
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أتدرون ما الغيبة ؟ ) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ( ذكرك أخاك بما يكره ) قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال: ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ). رواه مسلم. وعن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنى في حجة الوداع: ( إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت ). متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا. قال بعض الرواة: تعني قصيرة، فقال: ( لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ) قالت: وحكيت له إنسانا فقال: ( ما أحب أني حكيت إنسانا وإن لي كذا وكذا ). رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم ). رواه أبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله ). رواه مسلم.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم الغيبة: " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) رواه مسلم، وعن أبي بكر رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنى في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت ) متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا قال بعض الرواة تعني قصيرة فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته، قالت وحكيت له إنسانًا فقال: ما أحب أني حكيت إنسانًا وإن لي كذا وكذا ) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وعن أنس رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) رواه أبو داود، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذه بقية الأحاديث في باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان، واشتملت على أشياء متعددة منها بيان الغيبة وأنها ذكرك أخاك بما يكره، وقد سبق لنا بيان هذا وأن الغيبة ذكرك أخاك بما يكره في دينه أو خلقه أو بدنه أو أهله أو غير ذلك، إلا إذا كان المقصود النصيحة كما لو استشارك شخص في معاملة إنسان وأنت تعرف من هذا الإنسان أنه ليس أهلًا للمعاملة وأنه مثلًا خداع أو كذاب أو ما أشبه ذلك، وتريد أن تبين له ما فيه من عيب فهذا لا بأس به، وبينا دليل هذا في حديث فاطمة بنت قيس حين استشارت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن خطبوها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فضرّاب للنساء انكحي أسامة ) فهذا من باب النصيحة لا بأس به، وتضمنت هذه الأحاديث إعلان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تحريم الدماء والأموال والأعراض في حجة الوداع في أكبر مجتمع حصل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة، لأن الذين حجوا معه قريب من مئة ألف ومع ذلك أعلن عليه الصلاة والسلام قال: ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد ) كذلك أيضًا بينت هذه الأحاديث أن ذكرك أخاك بما يكره ولو فيما يتعلق بخلقته كالطويل والقصير وما أشبه ذلك، كما في حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت في صفية بنت حيي بن أخطب إحدى أمهات المؤمنين: " حسبك من صفية كذا " تعني أنها قصيرة تقول للرسول عليه الصلاة والسلام فقال: ( لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ) يعني: لو خلطت بماء البحر على كبره وسعته لمزجته أي أثرت فيه، وهي كلمة يسيرة جدًّا لكنها عظيمة حيث إنها في ضرتها وحيث إنها قد يحدث من هذه الكلمة أن يكره النبي صلى الله عليه وسلم صفية فلعظمها صار لها هذا الأثر العظيم، كذلك أيضًا العقوبة العظيمة التي رآها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد أسري به أنه مر بأقوام لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال: ( يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يقعون في أعراض الناس ) يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم فالمهم أن الواجب على الإنسان الحذر من إطلاق اللسان وألا يتكلم إلا بخير إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) نسأل الله أن يحمينا وإياكم من سخطه وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.