باب تحريم سماع الغيبة: قال الله تعالى: (( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه )). وقال تعالى: (( والذين هم عن اللغو معرضون )). وقال تعالى: (( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا )). وقال تعالى: (( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القومم الظ!المين )).
الشيخ : يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم فالمهم أن الواجب على الإنسان الحذر من إطلاق اللسان وألا يتكلم إلا بخير إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت ) نسأل الله أن يحمينا وإياكم من سخطه وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
شرح حديث عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ). رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور الذي تقدم في باب الرجاء قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال: ( أين مالك بن الدخشم ؟ ) فقال: رجل: ذلك منافق لا يحب الله ولا رسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تقل ذلك ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله ! وإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ). متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب تحريم سماع الغيبة، قال الله تعالى: (( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه )) وقال تعالى: (( والذين هم عن اللغو معرضون )) وقال تعالى: (( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا )) وقال تعالى: (( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القومم الظ!المين )) عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور الذي تقدم في باب الرجاء قال: ( قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال: أين مالك بن الدخشم؟ فقال رجل: ذلك منافق لا يحب الله ولا رسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقل ذلك ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله وإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: " باب تحريم سماع الغيبة " لما ذكر رحمه الله النصوص الواردة في تحريم الغيبة وبيان مضارها ومفاسدها وآثامها أعقب ذلك بهذا الباب وهو تحريم سماع الغيبة، يعني أن الإنسان إذا سمع شخصًا يغتاب آخر فإنه يحرم عليه أن يستمع إلى ذلك، بل ينهاه عن هذا ويحاول أن ينقله إلى حديث آخر، فإن هذا فيه أجرًا عظيمًا كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، فإن أصر هذا الذي يغتاب الناس إلا أن يبقى على غيبته وجب عليه أن يقوم عن المكان لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم )) فدل ذلك على أن الإنسان إذا استمع إلى المحرّم فهو مشارك لمن يفعل هذا المحرم، بل الواجب أن يقوم ثم ذكر آيات متعددة في بيان الإعراض عن اللغو واللغو كل كلام لا فائدة فيه فإنه من اللغو، وعباد الرحمن قال الله تعالى في وصفهم: (( وإذا مروا باللغو مروا كرامًا )) يعني: سالمين منه لا يلحقهم شيء منهم لأنهم لا يستمعون إليه ولا يقرونه، ثم ذكر حديث عتبان بن مالك في قضية مالك بن الدغشم وتكلم الرجل في عرضه عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ذلك وقال: ( ألم تر أنه يصلي يريد بذلك وجه الله ) وهذا يدل على أن الإنسان إذا لم يكن كذلك فإنه لا غيبة له، فالكافر مثلًا ليس محترمًا في الغيبة، لك أن تغتابه إلا أن يكون له أقارب مسلمون يتأذون بذلك فلا تؤذهم وإلا فلا غيبة له، أما الفاسق فقد سبق لنا أنه محترم إلا إذا كانت المصلحة تقتضي بيان فسقه فلا بأس أن يذكر بفسقه لأن هذا من باب النصيحة، والله الموفق.
شرح حديث عن كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصته توبته وقد سبق في باب التوبة. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في القوم بتبوك: ( ما فعل كعب ابن مالك ؟) فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه، والنظر في عطفيه. فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه: بئس ما قلت: والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم سماع الغيبة: " عن كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة توبته، وقد سبق في باب التوبة قال: ( قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب بن مالك؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه، فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب تحريم سماع الغيبة فيما نقله عن كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته وكان كعب من الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بلا عذر، وهم ثلاثة نفر مرارة بن الربيع وهلال بن أمية وكعب بن مالك تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا عذر، فلما رجع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من تبوك جاءه المعذرون يعتذرون ويقولون والله إننا لا نستطيع ويحلفون على ذلك، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل اعتذارهم ويكل سرائرهم إلى الله، أما كعب بن مالك وصاحباه فقد نطقوا بالحق وقالوا تخلفنا بلا عذر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم فهجرهم المسلمون، حتى إن الرجل منهم ليسلم ولا يرد عليه أحد السلام، حتى كان كعب رضي الله عنه يأتي فيسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: " فلا أدري أحرّك شفتيه برد السلام أم لا " وبات ثمانية وأربعين يومًا أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجاتهم أن ينفصلن عنهم، فذهبت النساء إلى أهليهم إلا أن هلال بن أمية ومرارة بن الربيع بقية زوجتاهما، لأنهما محتاجان إليهما أما كعب فذهبت امرأته إلى أهلها، وهذه القصة العجيبة العظيمة أنزل الله تعالى فيها آية من كتاب الله يتلى ويثاب من تلاه على الحرف الواحد عشر حسنات، أي فضل يساوي هذا الفضل أن يكون تاريخ إنسان في حياته إذا تلاه المسلمون كان لهم بكل حرف عشر حسنات، فقال الله تعالى: (( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم )) في تبوك كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا فسأل عن كعب فقال رجل من الناس يا رسول الله إنه " شغله برداه ونظره في عطفيه " ولكن هذا الكلام الذي قاله هذا الرجل لا شك أنه من الغيبة وأنه ذكر كعبًا بما يكره، إلا أن الله وفق من دافع عنه وقال إنه لا يعلم عنه إلا خيرًا، فسكت النبي عليه الصلاة والسلام، فيستفاد من ذلك أن الواجب على الإنسان إذا سمع من يغتاب أحدًا أن يكف غيبته وأن يسعى في إسكاته، إما بالقوة إن كان قادرًا بأن يقول اسكت اتق الله خاف الله وإما بالنصيحة المؤثرة فإن لم يفعل فإنه يقوم ويترك المكان، لأن الإنسان إذا جلس في مجلس يغتاب فيه الجالسون أهل الخير والصلاح فإنه يجب عليه أولًا أن يدافع، فإن لم يستطع فعليه أن يغادر وإلا كان شريكًا لهم في الإثم، والله الموفق.
باب بيان ما يباح من الغيبة: اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها، وهو ستة أسباب: الأول: التظلم، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية، أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيقول: ظلمني فلان بكذا. الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا، فازجره عنه ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر، فإن لم يقصد ذلك كان حراما. الثالث: الاستفتاء، فيقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي، أو زوجي، أو فلان بكذا، فهل له ذلك ؟ وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي، ودفع الظلم ؟ ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة، ولكن الأحوط والأفضل أن يقول: ما تقول في رجل أو شخص، أو زوج، كان من أمره كذا ؟ فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى.
الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه: منها جرح المجروحين من الرواة والشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة. ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته، ويجب على المشاور أن لا يخفي حاله، بل يذكر المساويء التي فيه بنية النصيحة. ومنها إذا رأى متفقها يتردد إلى مبتدع، أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة، وهذا مما يغلط فيه. وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد، ويلبس الشيطان عليه ذلك، ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن لذلك.ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها: إما بأن لا يكون صالحا لها، وإما بأن يكون فاسقا، أو مغفلا، ونحو ذلك فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله، ويولي من يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله، ولا يغتر به، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به. الخامس: أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر، ومصادرة الناس، وأخذ المكس؛ وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به؛ ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه. السادس: التعريف، فإذا كان الإنسان معروفا بلقب؛ كالأعمش والأعرج والأصم، والأعمى؛ والأحول، وغيرهم جاز تعريفهم بذلك؛ ويحرم إطلاقه على جهة التنقص؛ ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى. فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليها.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " باب ما يباح من الغيبة، اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها وهو بستة أسباب، الأول: التظلم فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه فيقول ظلمني فلان بكذا، الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر فإن لم يقصد ذلك كان حرامًا، الثالث: الاستفتاء فيقول للمفتي ظلمني أبي أو أخي أو زوجي أو فلان بكذا فهل له ذلك وما طريقي في الخلاص منه وتحصيل حقي ودفع الظلم ونحو ذلك، فهذا جائز للحاجة ولكن الأحوط والأفضل أن يقول ما تقول في رجل أو شخص أو زوج كان من أمره كذا فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع ذلك فالتعيين جائز كما سنذكره في حديث هند إن شاء الله تعالى، الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم، وذلك من وجوه منها جرح المجروحين من الرواة والشهود وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب للحاجة، ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان أو مشاركته أو إيداعه أو معاملته أو غير ذلك أو مجاورته، ويجب على المشاور أن لا يخفي حاله بل يذكر المساوئ التي فيه بنية النصيحة، ومنها إذا رأى متفقهًا يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك فعليه نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يقصد النصيحة وهذا مما يغلط فيه وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ويلبّس الشيطان عليه ذلك ويخيّل إليه أنها نصيحة فليتفطن لذلك، ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها إما بأن لا يكون صالحًا لها وإما بأن يكون فاسقًا أو مغفلًا ونحو ذلك، فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من يصلح أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله ولا يغتر به وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو يستبدل به، الخامس: أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخذ المكس وجباية الأموال ظلمًا وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه، السادس: التعريف إذا كان الإنسان معروفًا بلقب كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى والأحول وغيرهم جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقيص ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى، فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليها ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . هذا الباب عقده المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين فيما يجوز من الغيبة وذكر لذلك ستة أسباب كما سمعتم، وكلامه رحمه الله ليس بعده كلام لأنه كله كلام جيد وصواب، وله أدلة وسيذكرها إن شاء الله تعالى في هذا الباب يذكر الأدلة، وسنتكلم عليها في حينها إن شاء الله، فنسأل الله أن يغفر للنووي رحمه الله وأن يجمعنا وإياكم به في جنات النعيم.
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( ائذنوا له، بئس أخو العشيرة ). متفق عليه. احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب. وعنها قالت: قال رسول الله: ( ما أظن فلانا وفلانا يعرفان من ديننا شيئا ). رواه البخاري. قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين. وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبا الجهم ومعاوية خطباني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه ). متفق عليه. وفي رواية لمسلم: ( وأما أبو الجهم فضراب للنساء ) وهو تفسير لرواية: ( لا يضع العصا عن عاتقه ) وقيل: معناه: كثير الأسفار. وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبي، فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل الله تعالى تصديقي: (( إذا جاءك المنافقون )) ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم. متفق عليه.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " وعن عائشة رضي الله عنها ( أن رجلًا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له بئس أخو العشيرة ) متفق عليه احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب، وعنها قالت: ( قال رسول الله: ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا ) رواه البخاري، قال: قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث: هذان الرجلان كانا من المنافقين، وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن أبا الجهم ومعاوية خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يضع العصا عن عاتقه ) متفق عليه، وفي رواية لمسلم: ( وأما أبو الجهم فضراب للنساء ) وهو تفسير لرواية ( لا يضع العصا عن عاتقه ) وقيل: معناه كثير الأسفار، وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أصاب الناس فيه شدة فقال عبدالله بن أُبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أُبي فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل الله تعالى تصديقي: (( إذا جاءك المنافقون )) ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم ) متفق عليه ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . تقدم أن النووي رحمه الله عقد بابًا في بيان ما يجوز من الغيبة، وذكر لذلك أحاديث فمنها حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن عليه رجل يعني ليدخل بيته فقال: ( ائذنوا له بئس أخو العشيرة ) وفي لفظ: ( بئس ابن العشيرة ) وكان هذا الرجل من أهل الفساد والريب، فدل هذا على جواز غيبة من كان من أهل الفساد والريب وذلك من أجل أن يحذر الناس فساده حتى لا يغتروا فيه، فإذا رأيت شخصًا ذا فساد وريب لكنه قد سحر الناس ببيانه وكلامه يأخذ الناس منه ويظنون أنه على خير، فإنه يجب عليك أن تبين أن هذا الرجل لا خير فيه وأن تثني عليه شرًّا لأجل ألا يغتر الناس به، كم من إنسان طليق اللسان فصيح البيان إذا رأيته يعجبك جسمه وإن يقل تسمع لقوله، ولكنه لا خير فيه فالواجب بيان حاله، كذلك أيضًا ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة أيضًا قال: ( ما أظن أن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا ) وكانا من المنافقين فأثنى عليهما شرًّا وأنهما لا يعرفان من الدين شيئًا، لأن المنافق لا يعرف من دين الله شيئًا بقلبه وإن كان يعرف بأذنه، لكن لا يعرف بقلبه والعياذ بالله فهو منافق يظهر أنه مسلم ولكنه كافر، قال الله تعالى: (( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون )) وذكر أيضًا حديث فاطمة بنت قيس في المشورة أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبرته أنه خطبها ثلاثة من الرجال معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم وأسامة بن زيد، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له ) لكنه رضي الله عنه بقي حتى صار خليفة من خلفاء المسلمين، لكنه في ذلك الوقت فقير قال: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فضراب للنساء ) وفي رواية: ( فلا يضع العصا عن عاتقه ) وهما بمعنى واحد يعني أنه سيء العشرة مع النساء يضربهن، والمرأة لا يجوز ضربها إلا لسبب بيّنه الله في قوله: (( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن )) أما أن تكون تضرب امرأتك كلما خالفت أدنى مخالفة هذا غلط ولا يحل لقوله تعالى: (( وعاشروهن بالمعروف )) لكن إذا خفت نشوزها وترفعها عليك وعدم قيامها بواجبك فاستعمل معها هذا الرتب، أولًا: عظها خوفها بالله بيّن لها أن حق الزوج لا يجوز تضييعه فإن استقامت فهذا المطلوب، وإلا فالرتبة الثانية: اهجرها في المضجع لا تنم معها، أما الكلام فلا تهجرها لكن لك رخصة أن تهجرها في الكلام ثلاثة أيام، لأنه لا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، الرتبة الثالثة: إذا لم يجد بها هذا فاضربوهن لكن ضربًا غير مبرّح يعني ليس شديدًا بل ضرب يحصل به التأديب فقط، وفي لفظ: ( أنه لا يضع العصا عن عاتقه ) وهما بمعنى واحد، وقيل إن معنى قوله: " لا يضع العصا عن عاتقه " إنه كثير الأسفار لأن صاحب السفر في ذلك الوقت يسافر على الإبل تحتاج إلى العصا، والظاهر أن المعنى واحد يعني أن معناه ضرّاب للنساء ولا يضع العصا عن عاتقه واحد، لأن الروايات يفسر بعضها بعضًا، ثم قال: ( انكحي أسامة بن زيد ) بن حارثة فنكحته فاغتبطت به ورأت به خيرًا، ففي هذا دليل على أن الإنسان إذا جاءك يستشيرك في شخص فذكرت عيوبه فلا بأس، لأن هذا من باب النصيحة وليس من باب الفضيحة، وفرق بين من يغتاب الناس ليظهر مساوءهم ويكشف عوراتهم وبين إنسان يتكلم بالنصيحة، أما الحديث الرابع فهو حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وكان معه المؤمنون والمنافقون فأصاب الناس شدة فتكلم المنافقون وقالوا لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، يعني لا تعطوهم شيئًا من النفقة حتى يجوعوا ويتركوا النبي عليه الصلاة والسلام وكذبوا، المؤمنون لا يمكن أن يتركوا الرسول عليه الصلاة والسلام لو ماتوا جوعًا وظمأ ما تركوه، لكن هذه هي حال المنافقين الذين يلمزون النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقات إن أعطوا رضوا وإن لم يعطوا إذا هم يسخطون، أما المؤمنون فلن يتركوا الرسول عليه الصلاة والسلام (( لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا )) حتى هنا للتعليل وليست للغاية يعني لأجل أن ينفضوا عنه، ولكن كذبوا في ذلك وقالوا أيضًا: (( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )) ويعني بالأعز نفسه وقومه وبالأذل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسمع ذلك زيد بن أرقم رضي الله عنه فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأن عبد الله بن أُبي قال هذا الكلام، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم أي إلى عبد الله بن أُبي فاجتهد يمينه أنه لم يقل هذا، يعني حلف وأقسم واشتد في القسم أنه ما قال ذلك، لأن المنافقين هذا دأبهم يحلفون على الكذب وهم يعلمون، فأقسم أنه ما قال ذلك وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل علانيتهم ويكل سريرتهم إلى الله، فلما بلغ ذلك زيد بن أرقم اشتد عليه الأمر لأن الرجل حلف وأقسم عند الرسول واشتد يمينه في ذلك، فاشتد هذا على زيد بن أرقم فقالوا كذب زيد بن أرقم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أخبره بالكذب، حتى أنزل الله تصديق زيد بن أرقم: (( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون * يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنون ولكن المنافقين لا يعلمون )) وتأمل جواب الله عز وجل لقول عبد الله بن أُبي ليخرجن الأعز منها الأذل حيث قال: (( ولله العزة ولرسوله )) ولم يقل إن الله هو الأعز لأنه لو قال هو الأعز لصار في ذلك دليل على أن المنافقين لهم عزة وهم لا عزة لهم، بل قال: (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون )) في هذه الآية دليل على أنه لا بأس أن الإنسان ينقل كلام المنافق إلى ولي الأمر حتى يتخذ فيه ما ينبغي اتخاذه، وكذلك ينقل كلام المفسد إلى ولي الأمر حتى لا يتمادى في إفساده، وإذا كان الإنسان يخشى من الكلام أن يحصل فيه فساد وجب عليه أن يبلغه إلى ولي الأمر حتى يقضى على الفساد قبل أن يستشري، ولا يقال أخشى أن ولي الأمر يفعل فيه أو يفعل فيه دعه هو الذي جنى على نفسه، إذا كان يتكلم بكلام يخشى منه الفساد فالواجب رفع الكلام إلى ولي الأمر، لكن لابد من التثبت لابد من التثبت وألا يقع الإنسان في حرج، في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لما أنكر عبد الله بن أُبي ما قيل عنه نزل الوحي بتصديق زيد بن أرقم، لكن في وقتنا ما في وحي يؤيد أو يفند فأنت إذا تثبت وسمعت من بعض الناس كلامًا يؤدي إلى الشر والفساد وجب عليك أن تبلغ به ولي الأمر حتى لا يستشري الشر والفساد، فالمهم أن المؤلف رحمه الله ذكر مسائل وضوابط مما يجوز من الغيبة ثم ذكر أدلة ذلك، والله الموفق.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . قال رحمه الله تعالى: " وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، قال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) متفق عليه، باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد، قال الله تعالى: (( هماز مشاء بنميم )) وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) وعن حذيفة رضي الله عنه قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة نمام ) متفق عليه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ) متفق عليه، وهذا لفظ إحدى روايات البخاري، قال العلماء: ( وما يعذبان في كبير ) أي: كبير في زعمهما وقيل: كبير تركه عليهما ".
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ؟ قال: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ). متفق عليه. عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة، القالة بين الناس ). رواه مسلم.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . سبق أن المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين ذكر بابًا مفيدًا في باب ما يجوز من الغيبة، وذكر من ذلك عدة مسائل ستة مسائل ذكر لها أدلة سبق الكلام عليها، ومن ذلك التظلم يعني إذا تظلم إنسان عند ولي الأمر من شخص ظلمه فإن ذلك لا بأس به لأن حقه لن يتمكن منه إلا بذلك، والدليل على هذا حديث هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: " يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح " يعني: بخيل " لا يعطيني ما يكفيني وولدي بالمعروف " فوصفته بأنه شحيح وهذا وصف ذم يكرهه الإنسان، لكن لماذا قالت ذلك تظلمًا من أجل رفع الظلم عنها، وذلك أن الواجب على الإنسان أن ينفق على زوجته وعلى أولاده بالمعروف لا وكس ولا شطط لا يقصر ولا يزيد كما قال الله تعالى: (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا )) وأما البخل بما يجب فهذا حرام لا يجوز، ومن وقع عليه ذلك فله أن يتظلم إلى شخص يمكن أن يأخذ الحق له، فهذه هند تظلمت عند الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يقل لها لا تقولي رجل شحيح، أقرها على ذلك لأنها تطلب حقها، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: ( خذي ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف ) فأذن لها أن تأخذ من ماله بغير علمه ما يكفيها ويكفي ولدها ولكن بالمعروف، يعني لا تزيد على ذلك فدل هذا على مسائل، أولًا: جواز غيبة الإنسان للتظلم منه، لكن بشرط أن يكون ذلك عند من يمكن أخذ الحق لصاحبه، وأما إذا لم يكن كذلك فلا فائدة من التظلم، ومنها: أنه يجب على الإنسان أن ينفق على أهله على زوجته وولده بالمعروف، حتى لو كانت الزوجة غنية فإنه يجب على الزوج أن ينفق، ومن ذلك ما إذا كانت الزوجة تدرس وقد شرط على الزوج تمكينه من تدريسها فإنه لا حق له فيما تأخذه من راتب لا نصف ولا أكثر ولا أقل، الراتب لها ما دام قد شرط عليه عند العقد أنه لا يمنعها من التدريس فرضي بذلك، فليس له الحق أن يمنعها من التدريس وليس له الحق أن يأخذ من مكافأتها أي من راتبها شيئًا هو لها، أما إذا لم يشترط عليه أن يمكنها من التدريس ثم لما تزوج قال لا تدرسي فهنا لهما أن يصطلحا على ما يشاءا على ما يشاءان ،يعني مثلًا له أن يقول أمكنك من التدريس بشرط أن يكون لي نصف الراتب أو ثلثاه أو ثلاثة أرباعه أو ربعه أو ما أشبه هذا على ما يتفقان عليه، وأما إذا شرط عليه أن تدرس وقبل فليس له الحق أن يمنعها وليس له الحق أن يأخذ من راتبها شيئًا، ومن فوائد هذا الحديث أيضًا أنه يجوز لمن له النفقة على شخص وامتنع من عليه النفقة من بذل النفقة أن يأخذ من ماله بقدر النفقة، سواء علم أم لم يعلم وسواء أذن أم لم يأذن فللمرأة مثلًا أن تأخذ من جيب زوجها ما يكفيها ويكفي أولادها، وكذلك أيضًا تأخذ من شنطته من صندوقه ما يكفيها ويكفي أولادها، سواء علم أم لم يعلم، فإن قال قائل: إذا كان لي حق على إنسان وجحده وأنكر وقدرت على أخذ شيء من ماله فهل يجوز أن آخذ مقدار حقي من ماله، يعني مثلًا إنسان عنده لي مئة ريال وجحدها قال ما لك عندي شيء فهل إذا قدرت على شيء من ماله يجوز أن آخذ مقابل مئة ريال؟ الجواب: لا، لا يجوز، والفرق بين هذا وبين النفقة أن النفقة لإنقاذ النفس وسببها ظاهر كل يعرف أن هذه زوجة فلان وأن الزوجة لها نفقة بخلاف الدَّين فإنه أمر خفي لا يطلع عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ) فهذا هو القول الراجح في هذه المسألة، ويعبر عنها عند العلماء بمسألة الظفر يعني من ظفر بماله من له حق عليه هل يأخذ منه أم لا؟ والجواب: التفصيل أنه إذا كان في مقابل النفقة الواجبة فلا بأس، وأما إذا كان في مقابل دَين واجب فإنه لا يجوز لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا تخن من خانك ) والله الموفق. القارئ : نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم النميمة: " عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم ما العضه هي النميمة القالة بين الناس ) رواه مسلم ". الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم . قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب تحريم النميمة فيما نقله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ألا أنبئكم ما العضه هي النميمة القالة بين الناس ) هذا من الأساليب أساليب التعليم الجيدة، وهي أن يلقي المعلّم أن يلقي السؤال على المخاطبين للتنبيه حتى يستثير أفهامهم ويرعوا الكلام انتباههم ( ألا أنبئكم ما العضه ) والنبأ والخبر في اللغة العربية معناهما واحد، والعضه من القطع والتمزيق من القطع والتمزيق ومنه قوله تعالى: (( الذين جعلوا القرآن عضين )) يعني قطعًا وأجزاء يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه، فما هي العضه المفرّقة للأمة الممزقة لهم قال هي النميمة، أن ينقل الإنسان كلام الناس بعضهم في بعض كلام الناس بعضهم في بعض من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب، وقد كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن رجلين يعذبان في قبورهما وأخبر أن أحدهما كان يمشي بالنميمة، وذلك أن بعض الناس والعياذ بالله يفتن فيكون شغوفًا بنقل الكلام كلام الناس بعضهم في بعض يتزين بها عند الناس، يأتي لفلان يقول فلان يقول فيك كذا وكذا قد يكون صادقًا وقد يكون كاذبًا حتى وإن كان صادقًا فإنه حرام ومن كبائر الذنوب، وقد نهى الله تعالى أن يطاع مثل هذا الرجل فقال: (( ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم )) وقال بعض أهل العلم: " من نمّ إليك الحديث نمّه منك " يعني من نقل كلام الناس فيه فإنه ينقل كلامك أنت فاحذره ولا تطعه ولا تلتفت إليه، وفي هذا دليل على حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يأتي بالأساليب التي يكون فيها انتباه المخاطب ولاسيما إذا رأى من المخاطب غفلة، فإنه ينبغي أن يأتي بالأسلوب الذي ينبهه، لأن المقصود من الخطاب هو الفهم والاستيعاب والحفظ فيأتي الإنسان بالأساليب المفيدة في ذلك.