تتمة شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة، القالة بين الناس ). رواه مسلم.
وفي هذا دليل على حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يأتي بالأساليب التي يكون فيها انتباه المخاطب ولا سيما إذا رأى من المخاطب غفلة فإنه ينبغي أن يأتي بالأسلوب الذي ينبهه لأن المقصود من الخطاب هو الفهم والاستيعاب والحفظ فيأتي للإنسان بالأساليب المفيدة في ذلك
فإن قال قائل إذا كان الشخص ينقل كلام الإنسان في الإنسان نصيحة مثل أن يرى شخصا مغرورا بشخص يفضي إليه أسراره ويلازمه والشخص هذا يفضي أسرار صاحبه الذي يفضي إليه أسراره ويخدعه فهل له أن يتكلم فيه؟ فالجواب نعم له أن يتكلم فيه ويقول يا فلان احذر هذا الشخص فإنه ينقل كلامك ويقول فيك كذا وكذا لأن هذا من باب النصيحة ليس غرضه أن يفرق بين الناس ولكن غرضه أن يسدي النصيحة إلى صاحبه والله تعالى يقول (( والله يعلم المفسد من المصلح )) والله الموفق
1 - تتمة شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة، القالة بين الناس ). رواه مسلم. أستمع حفظ
باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا لم تدع إليه حاجة: قال الله تعالى: (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )).
2 - باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا لم تدع إليه حاجة: قال الله تعالى: (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )). أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ). رواه أبو داود، والترمذي.
" باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا لم تدع إليه حاجة قال الله تعالى (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ))
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ) رواه أبو داود والترمذي "
الشيخ : ...
القارئ : " باب النهي عن نقل الحديث "
الشيخ : ...
القارئ : " باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا لم تدع إليه حاجة قال الله تعالى (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ) "
الشيخ : وأنا سليم
القارئ : " ( فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ) رواه أبو داود والترمذي "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين " باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور " إذا لم تكن حاجة أو مصلحة في ذلك يعني هذا الباب أراد المؤلف به رحمه الله أن لا ينقل الناس إلى ولاة الأمور كلام الناس وأحوالهم إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك لأن نقل الكلام إلى ولاة الأمور إذا لم يكن هناك مصلحة يوجب إما العدوان على الشخص الذي نقل عنه الكلام وإما أن ولاة الأمور يتصورون أشياء لا حقيقة لها وأن الناس يكرهونهم ويسبونهم وما أشبه ذلك فلهذا ينبغي أن لا ينقل إلى ولاة الأمور الحديث حديث الناس وكلام الناس إلا إذا دعت الحاجة أو المصلحة إلى ذلك فإن دعت الحاجة أو المصلحة إلى ذلك فإنه ينقل كلام الناس إلى ولاة الأمور خوفا من المفسدة
فمثلا إذا كان أحد من الناس يتكلم في ولاة الأمور في المجالس ويقول فيهم كذا وفيهم كذا ويسبهم فإن الأولى أن لا ينقل هذا إلى ولاة الأمور لئلا تحصل المفسدة التي أشرت إليها وهي العدوان على هذا الشخص وتصور ولاة الأمور أن الناس يكرهونهم فيكرهون الناس ولا يأتون بالأمر الذي ينبغي أن يأتوا به من مصالح المسلمين أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك إلى نقل كلام الناس إلى ولاة الأمور لدفع مفسدة أو حصول مصلحة فإنه لا بد من نقله من نقله إليهم فإذا رأينا رجلا يتكلم في ولاة الأمور بما فيهم من المعاصي والفسوق وما أشبه ذلك وينشرها بين الناس فإنه لا بد أن تعلم ولاة الأمور بهذا لأن هذا من النصيحة من النصيحة لهذا الشخص أن لا يتمادى في طغيانه وهجومه على ولاة الأمور ومن النصيحة لولاة الأمور أيضا أن لا يحمل الناس في قلوبهم على ولاة الأمور وأما ترك المفسد يفسد يفسد ويتكلم بما شاء من غير ردع له ولا زجر فهذا خلاف المصلحة بل فيه مفسدة عظيمة
فالحاصل أن النووي رحمه الله ذكر في هذا الباب أنه لاينبغي أن لا ينقل إلى ولاة الأمور كلام الناس وحديثهم ما لم تقتض المصلحة ذلك فإن اقتضت المصلحة ذلك لكف الشر والفساد والطغيان فإنه يجب أن ينقل إلى ولاة الأمور بعد التثبت والتحقق من الأمر حتى تردع ولاة الأمور أهل الشر والفساد وإلا لو ترك الناس يتكلمون كما يشاؤون لحصل في هذا مفسدة كبيرة
ثم استدل المؤلف لهذا بآية وحديث أما الآية فهي قوله تعالى (( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) ومن التعاون على الإثم والعدوان أن ينقل الإنسان كلام الناس أو كلام الشخص المعين إلى ولاة الأمور بدون مصلحة تقتضي ذلك فإن هذا قد يحصل فيه كما أشرنا عدوان من ولاة الأمور على الشخص بلا سبب شرعي
أما الحديث فهو حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يبلغني أحد عن أحد شيئا فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ) وهذا من حكمة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا ينقل إليه أحد كلام الناس لئلا يقع في قلبه شيء على هذا المتكلم فيحب أن يخرج إليهم وهو سليم الصدر ولهذا كثيرا ما يكون الإنسان محبا لشخص يقدره ويرى أنه رجل كريم ورجل سليم ثم إذا نقل عنه شيء ثم إذا نقل إليه شيء عن هذا الرجل كرهه ونفر منه وصار يبغضه لكن كما قلنا أولا إذا اقتضت المصلحة أن نتكلم فلا بد أن نتكلم لئلا ينتشر الشر والفساد وتحصل الفتن والله الموفق
3 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ). رواه أبو داود، والترمذي. أستمع حفظ
باب ذم ذي الوجهين: قال الله تعالى: (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا )). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تجدون الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ). متفق عليه. وعن محمد بن زيد أن ناسا قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم قال: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
الشيخ : وتجدون
القارئ : " ( وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم كراهية له وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ) متفق عليه
وعن محمد بن زيد ( أن ناسا قالوا لجده عبدالله بن عمر رضي الله عنهما إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم قال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) رواه البخاري "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال المؤلف النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين " باب ذم ذي الوجهين " ذو الوجهين هو الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه كما يفعل المنافقون (( إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون )) وهذا يوجد في كثير من الناس والعياذ بالله وهو شعبة من النفاق تجده يأتي إليك يتملق ويثني عليك وربما يغلو في ذلك الثناء ولكنه إذا كان من ورائك عقرك وذمك وشتمك وذكر فيك ما ليس فيك فهذا والعياذ بالله كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( تجدون شر الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ) وهذا من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصف فاعله بأنه شر الناس والواجب على الإنسان أن يكون صريحا لا يقول إلا ما في قلبه فإن كان خيرا حمد عليه وإن كان سوى ذلك وجه إلى الخير أما كونه يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه سواء كان فيما يتعلق بعبادته يظهر أنه عابد مؤمن تقي وهو بالعكس أو فيما يتعلق بمعاملته مع الشخص يظهر أنه ناصح له ويثني عليه ويمدحه ثم إذا غاب عنه عقره فهذا لا يجوز
ثم ذكر المؤلف رحمه الله الآية الكريمة (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا )) هذه الآية نزلت في قوم يخفون في أنفسهم ما لا يبدونه للناس يحدثون الناس بما ليس في قلوبهم فإذا صاروا في الوحدة واجتمعوا في الليل أظهروا ما في نفوسهم والعياذ بالله الذي كانوا أخفوه عن الناس من قبل فيقول الله عز وجل (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا )) ومثل ذلك أيضا من يعمل المعصية خفاء ويجحدها ولا يعملها أمام الناس حياء منهم وخجلا وأما الله فلا يستحي منه ولا يخجل والعياذ بالله هذا يدخل في الآية الكريمة
وأما من عمل المعصية وندم وتاب فإنه لا يجوز له أن يحدث الناس بما فعل فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كل أمتي معافى إلا المجاهرون ) والمجاهر هو الذي إذا فعل المعصية حدث بها فالواجب على الإنسان أن يكون صريحا ظاهره كباطنه وهو إذا كان صريحا إن كان على خير ثبته أهل الخير عليه واستمر وإن كان على خلاف ذلك بينوه له بينوا له ما هو عليه من الشر حتى يرتدع نسأل الله تعالى أن يجعل بواطننا خيرا من ظواهرنا وأن يوفقنا وإياكم إلى ما يرضى إنه على كل شيء قدير
4 - باب ذم ذي الوجهين: قال الله تعالى: (( يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا )). عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تجدون الناس معادن: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ). متفق عليه. وعن محمد بن زيد أن ناسا قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم قال: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. أستمع حفظ
باب تحريم الكذب: قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم )) الإسراء: 36. وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )).
قال رحمه الله تعالى " باب تحريم الكذب قال الله تعالى (( ولا تقف ما ليس لك به علم )) وقال تعالى (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ))
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) متفق عليه وعن عبدالله بن "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال الإمام النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين " باب تحريم الكذب " الكذب هو أن يخبر الإنسان بخلاف الواقع فيقول حصل كذا وهو كاذب أو قال فلان كذا وهو كاذب أو ما أشبه ذلك فهو الإخبار بخلاف الواقع واعلم أن الكذب أنواع:
الأول الكذب على الله ورسوله وهذا أعظم أنواع الكذب لقول الله تعالى (( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) واللام في قوله (( ليضل الناس بغير علم )) اللام لام عاقبة وليست لام التعليل فهي كقوله تعالى في موسى صلى الله عليه وسلم (( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا )) وهم ما التقطوه لهذا ولكن الله تعالى جعل العاقبة أن كان لهم عدوا وحزنا وهكذا من افترى على الله كذبا فإنه بافترائه يضل الناس بغير علم
والافترا على الله نوعان:
النوع الأول أن يقول قال الله كذا وهو يكذب كاذب على الله ما قال الله شيئا
والثاني أن يفسر كلام الله بغير ما أراد الله لأن المقصود من الكلام معناه فإذا قال أراد الله بكذا كذا وكذا فهو كاذب على الله شاهد على الله بما لم يرده الله عز وجل لكن الثاني إذا كان عن اجتهاد عن اجتهاد سائغ وأخطأ في تفسير الآية فإن الله تعالى يعفو عنه لأن الله قال (( وما جعل عليكم في الدين من حرج )) وقال (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) أما إذا تعمد أن يفسر كلام الله بغير ما أراد الله اتباعا لهواه أو إرضاء لمصالح أو ما أشبه ذلك فإنه كاذب على الله عز وجل وهكذا من بعده الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقول قال رسول الله صلى الله كذا ولم يقله لكن كذب عليه وكذلك أيضا إذا فسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير معناه فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) المعنى أن من كذب على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا فقد تبوأ مقعده من النار وسكن في مقعده من النار والعياذ بالله فهذان النوعان من الكذب هما اشد أنواع الكذب الكذب على الله والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر الناس كذبا على رسول الله هم الرافضة الشيعة فإنه لا يوجد في طوائف أهل البدع أحد أكثر منهم كذبا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما نص على هذا علماء مصطلح الحديث رحمهم الله لما تكلموا على أن الحديث الموضوع قالوا إن أكثر من يكذب على الرسول هم الرافضة وهذا شيء مشاهد معلوم لمن تتتبع كتبهم
أما القسم الثاني من الكذب فهو الكذب على الناس والكذب على الناس نوعان أيضا:
كذب يظهر الإنسان فيه أنه من أهل الخير والصلاح والتقى والإيمان وهو ليس كذلك بل هو من أهل الكفر والطغيان والعياذ بالله فهذا هو النفاق النفاق الأكبر الذين قال الله فيهم (( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بؤمنين )) ولكنهم يقولون بألسنتهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون وشواهد ذلك في القرآن والسنة كثيرة أنهم أعني المنافقين أهل كذب يكذبون على الناس في الإيمان في دعوى الإيمان وهم كاذبون
وانظر إلى قوله تعالى في سورة المنافقين حيث صدر هذه السورة ببيان كذبهم فقال تعالى (( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله )) أكدوا هذه الجملة بكم مؤكد؟ بثلاثة مؤكدات نشهد إن اللام ثلاث مؤكدات يؤكدون أنهم يشهدون أن محمدا رسول الله فقال الله تعالى (( والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون )) في قولهم نشهد إنك لرسول الله كاذبون هذا أيضا من أنواع الكذب وهو أشد أنواع الكذب على الناس لأن فاعله والعياذ بالله منافق
والنوع الثالث: الكذب في الحديث بين الناس الحديث الجاري بين الناس يقول قلت لفلان كذا وهو لم يقله قال فلان كذا وهو لم يقله جاء فلان وهو لم يأت وهكذا هذا أيضا محرم ومن علامات النفاق كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب ) ثم ساق المؤلف رحمه الله الأدلة على تحريم الكذب منها قوله تعالى (( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )) (( لا تقف )) أي لا تتبع (( ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )) وإذا كان هذا نهيا عما لم تحط به علما فما بالك بما أحطت به علما وأخبرت بخلافه يكون هذا أشد وأعظم وبهذا نعرف أن الإنسان إذا تكلم بالكلام
فإما أن يكون قد أحاط به علما فكلامه هذا مباح في الأصل ما لم يكن رأي إلى مفسدة
الثاني أن يقفو ما يعلم أن الأمر بخلافه فهذا كذب واضح صريح
والثالث أن يقفو ما لم يحط به علما ولا يعلم أن الأمر بخلافه فهذا أيضا منهي عنه (( ولا تقف ما ليس لك به علم )) فينهي أن يتكلم الإنسان في أمرين في حالين:
الحال الأولى: أن يعلم أن الأمر بخلاف ما تكلم به
والثانية: أن يتكلم بأمر لا يعلم هذا كله منهي عنه أما إذا تكلم بما يعلم فهذا أمر لا بأس به وذكر الآية الأخرى (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) (( من قول )) نكرة في سياق أيش النفي ومؤكدة مؤكد عمومها بمن (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) أي قول تقوله عندك رقيب عتيد يعني حاضر مراقب يكتب ما تقول (( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى )) يعني نسمع سرهم ونجواهم (( ورسلنا لديهم يكتبون )) ما أعظم الأمر كل كلمة تخرج منك مكتوبة تكتب وسوف تلقى ذلك يوم القيامة كما قال تعالى (( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك )) أنت حسيب نفسك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا قال بعض السلف " والله لقد أنصفك من جعلك على حسيبا على نفسك " فالحاصل أن الله يقول (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) هذا الرقيب العتيد أي الحاضر يكتب كل شيء كل قول سواء كان لك أو عليك أو من اللغو الذي ليس لك ولا عليك
ولما قيل للإمام أحمد رحمه الله وكان مريضا يئن من مرضه قيل له إن فلانا وأظنه طاووسا يقول إن الملك يكتب حتى أنين المريض أنين المريض وهو يئن من المرض ومن شدته يكتب عليه أمسك رحمه الله أعني الإمام أحمد أمسك عن الأنين وصار يتصبر ولا يئن خوفا من ايش؟ من أن يكتب عليه هؤلاء الذين يحفظون ألسنتهم وجوارحهم ويعرفون قدر الأمور أمسك حتى عن الأنين أما نحن نسأل الله أن يعاملنا وإياكم بالعفو فإطلاق اللسان عندنا كثير وقد قال عليه الصلاة والسلام ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) نسأل الله أن يعيننا وإياكم على أنفسنا وأن يوفقنا لما نحب ويرضاه من القول والعمل
5 - باب تحريم الكذب: قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم )) الإسراء: 36. وقال تعالى: (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )). أستمع حفظ
شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ). متفق عليه.
قال رحمه الله تعالى " باب تحريم الكذب عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) متفق عليه
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منه كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) متفق عليه "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
سبق لنا الكلام على الآيتين اللتين ذكرهما المؤلف رحمه الله في صدر هذا الباب باب باب تحريم الكذب ثم ذكر الأحاديث حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي على الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ) ففي هذا الحديث حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب فقال ( إياكم والكذب ) يعني ابتعدوا عنه واجتنبوه وهذا يعم الكذب في كل شيء ولا يصح قول من قال إن الكذب إذا لم يتضمن ضررا على الغير فلا بأس به فإن هذا قول باطل لأن النصوص ليس فيها هذا القيد النصوص تحذر من الكذب مطلقا ثم بين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الكذب يهدي إلى الفجور يعني إذا كذب الرجل في حديثه فإنه لا يزال به الأمر حتى يصل به إلى الفجور والعياذ بالله وهو الخروج عن الطاعة والتمرد والعصيان والفجور يهدي إلى النار قال الله تعالى (( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما ادراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين ))
ثم حث على الصدق أي نعم ثم قال ( ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) والعياذ بالله أي من الكذابين لأن الكذب نسأل الله لنا ولكم السلامة منه ومن سائر الآثام إذا اعتاده الإنسان صار يكذب في كل شيء وصدق عليه وصف المبالغة فكتب عند الله كذابا وإذا
وأما الصدق فحث عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ( عليكم بالصدق ) إذا حدثتم فاصدقوا ( فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ) قال الله تعالى (( كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون )) فإذا صدق الإنسان وعود لسانه الصدق هداه إلى البر والبر يهدي إلى الجنة يعني يوصل إليها ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا
والصديقية منزلة عالية هي التي تلي منزلة النبوة كما قال الله تعالى (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )) واعلم أن الكذب يتضاعف جرمه بحسب ما يؤدي إليه فالكذب في المعاملات أشد من الكذب في مجرد الأخبار فإذا صار الرجل يكذب في بيعه وشرائه وأخذه وعطائه صار هذا أشد لأنه إذا كذب في البيع والشرا فإنه تمحق بركة بيعه قال النبي صلى الله عليه وسلم ( البيعان بالخيار فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ) وما ترتب على الكذب في البيع والشراء من زيادة بالثمن أو زيادة في المبيع فإنه سحت والعياذ بالله لأنه مبني على الكذب والكذب باطل وما بني على الباطل فهو باطل
كذلك الكذب في وصف السلعة يقول الإنسان مثلا هذه السلعة فيها كذا وكذا من الصفات المرغوبة وهو كاذب فهذا أيضا من أكل المال بالباطل ومن ذلك ما يفعله بائع السيارات تحت الميكروفون كما يقولون يعطي الإنسان سيارته هذا الدلال تحت الميكروفون وهو يدري أن فيها العيب الفلان ثم يقول عند عرضها للبيع كل عيب فيها ولا يبين العيب الحقيقي فهذا حرام لا يجوز إذا كان البائع يعلم العيب لكن كتمه وقال للمشتري اصبر في كل عيب هذا حرام إذا كان يعلم أن فيها عيب أما إذا كان لا يعلم لكنه يخشى أن يكون فيها عيب لا يطلع عليه فلا بأس أن يطلب البراءة من كل عيب مجهول والله الموفق
6 - شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيهن كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الاحاديث في باب تحريم الكذب " عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد فجر وإذا خاصم فجر ) متفق عليه "
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
قال النووي رحمه الله فيما نقله في باب تحريم الكذب في رياض الصالحين عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ( أربع من كان فيه كان منافقا خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ) قوله ( أربع من كن فيه ) أي من اتصف بهن ( كان منافقا خالصا ) لأنه أتى بجميع الأعمال التي يتصف بها المنافقون والعياذ بالله والمراد بالنفاق هنا النفاق العملي الذي يكون عليه أهل النفاق العقدي وليس نفاق الاعتقاد لأن نفاق الاعتقاد نفاق كفر والعياذ بالله وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر أما هؤلاء الذين يتصفون بهذه الصفات فإنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر إيمانا حقيقيا ولكنهم يستعملون هذه الصفات وفيها شيء من النفاق
أولا قال ( إذا اؤتمن خان ) إذا ائتمنه الإنسان على شيء خانه فمثلا إذا أعطي وديعة وقيل له خذ هذي احفظها دراهم أو ساعة أو قلم أو متاع أو غير ذلك يخون فيها يستمرئها لنفسه أو يتركها فلا يحفظها في مكانها أو يخبر بها من يتسلط عليها ويأخذها المهم أن لا يؤدي الأمانة فيها كذلك إذا اؤتمن على حديث سري وقيل له لا تخبر أحدا ذهب يفضي قال لي فلان قال لي فلان وبعض الناس والعياذ بالله يبتلى بحب الظهور والشهرة إذا ائتمنه أحد من ولاة الأمور أو من كبراء القوم ووجهائهم ذهب يتحدث قال لي الأمير كذا قال لي الوزير كذا قال لي الشيخ كذا يتجمل عند الناس بأنه ممن يحادثه الكبراء والشرفا وهذا من خلاف الأمانة والعياذ بالله
ومن ذلك أيضا الأمانات في الولايات يكون الإنسان وليا على يتيم على ماله وعلى حضانته وعلى تأديبه فلا يقوم بالواجب يهمل ماله وربما يستقرضه لنفسه ولا يدري هل يستطيع الوفاء فيما بعد أم لا ولا يقربه بالتي هي أحسن هذا أيضا من خيانة الأمانة
ومن ذلك أيضا أن الإنسان لا يقوم بواجب التربية في أهله وأولاده وقد ائتمنهم الله عليه فقال الله سبحانه وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة )) ولم يجعل الله لك سلطانا عليهم إلا ليسألك عنهم يوم القيامة حتى تتمنى أنك لم يكن بينك وبينهم صلة قال الله تعالى (( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ))
ومن خيانة الأمانة أن يكون الإنسان إماما للناس يصلي بهم الجمعة والجماعات فلا يقوم بالواجب تجده مرة يتقدم ومرة يتأخر ومرة يطيل بهم إطالة غير مشروعة ومرة لا يطمئن في صلاته ولا يهتم بمن وراءه هذا من خيانة الأمانة
والمهم أن خيانة الأمانة تكون في جميع الأحوال في الأمانات في المعاملات في الأخلاق في كل شيء ( إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب ) هذا الشاهد إذا حدث الناس بالحديث قال فلان أو حصل كذا وهو لم يحصل يكذب هذا من علامات النفاق
ومن الناس من يبتلى بهذا الأمر فتجده يكذب على الناس يمزح عليهم ليورطهم فإذا تورطوا قال أنا أمزح سبحان الله تكذب على الناس تمزح عليهم وتورطهم
ومن الناس من يبتلى بالكذب لأجل أن يضحك الحاضرين وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( ويل لمن حدث فكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له )
وقد سبق أن أعظم الكذب الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم الكذب على العلماء فإن العلماء إذا كذب عليهم الإنسان في الشرع بأن قال قال فلان هذا حلال أو هذا حرام أو هذا واجب وهو يكذب عليه صار هذا كاذبا على الشرع لأن العلماء هم الذين يمثلون الشرع وهم الذين يبينونه للناس فإذا كذب الإنسان عليهم وقال إن العالم الفلاني قال كذا وقال كذا وهو كاذب فإنه يشبه أو يقرب ممن كذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمهم أن من حدث فكذب فإن فيه خصلة من خصال النفاق أعاذنا الله وإياكم من ذلك
7 - شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيهن كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه. أستمع حفظ
تتمة شرح حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أربع من كن فيهن كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ). متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين والصلاة على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب تحريم الكذب
" عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر ) متفق عليه وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ ) رواه البخاري
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
سبق لنا الكلام على جملتين من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من نفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب ) الخصلة الثالثة ( وإذا عاهد غدر ) يعني إذا أعطى شخصا عهدا على أي شيء من الأشياء غدر بهم ونقض العهد وهذا يشمل المعاهدة مع الكفار والمعاهدة مع المسلم في بعض الأشياء ثم يغدر بذلك فالمعاهدة مع الكفار إذا عاهدنا الكفار على ترك الحرب بيننا وبينهم مدة معينة كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام مع قريش حين عاهدهم في صلح الحديبية على ترك القتال لمدة عشر سنوات فإذا عاهدنا هؤلاء المشركين فلنا معهم ثلاث حالات:
الحالة الأولى أن ينقضوا العهد أن ينقضوا العهد فحينئذ يبطل العهد الذي بيننا وبينهم كما قال تعالى (( فإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون )) كما فعلت قريش في العهد الذي بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديبية فإنها لم تمض ثمان سنوات إلا ونقضت قريش العهد حيث أعانوا حلفاءهم على حلفاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
الحال الثانية: أن يستقيموا على العهد فحينئذ يجب علينا أن نستقيم على العهد وأن نبقى حتى تنتهي المدة لقول الله تبارك وتعالى (( فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ))
الحال الثالثة: أن نخشى أن ينقضوا العهد يعني لم ينقضوه فعلا ولم يظهر لنا استقامة تامة فنخشى أن ينقضوا العهد فهنا ننبذ إليهم العهد ونقول لهم صراحة إنه لا عهد بيننا وبينهم دليل ذلك قول الله تعالى (( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ لهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين )) أما العهود التي بين المسلمين بأن تعاهد شخصا على أن تفعل كذا أو أن لا تفعل أو على أن