تتمة شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ). متفق عليه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ). رواه مسلم. وعنها رضي الله عنها قالت: كان خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن. رواه مسلم في جملة حديث طويل. وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فقلت: يا رسول الله، أكراهية الموت ؟ فكلنا نكره الموت ؟ قال: ( ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه. وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، وكره الله لقاءه ). رواه مسلم.
أما فيما بين العباد فأول ما يُقضى بينهم في الدماء : القتل هذا أول شيء ، ثم الأموال والأعراض ، والقتل تارة يكون بحق وتارة يكون بغير حق ، والمقصود بذلك القتل بغير حق ، فهذا هو أول ما يُقضى فيه بين الناس يوم القيامة .
وفي هذا الحديث إثبات القضاء يوم القيامة وأنه حق ، وأنه لابد أن يُعطى كل مظلوم مظلِمته .
لكن هاهنا مسألة ترد : يأتي إنسان إلى شخص يكون قد ظلمه بغيبة أو قذف أو ما أشبه ذلك ثم يطلب منه السماح بعد أن تاب إلى الله وندم ، فيقول لصاحب الحق : اسمح لي أنا مذنب وأنا الآن أستغفر الله وأتوب إليه اسمح لي ويعتذر ، ولكن صاحب الحق لا يقبل ، يقول : لا ما أسمح ، أنا أريد حقي يوم القيامة ، فهنا نقول : إذا علم الله من العبد صحة التوبة فإن الله تعالى يتحمل عنه حق هذا الآدمي الذي أبى أن يسامحه .
ومثل ذلك أيضا المال : لو أن إنساناً كان بينك وبينه مشاجرة وجحدت ماله ، وكان في ذمتك له مال لكنك جحدته ثم بعد ذلك تبت إلى الله وأقررت به وذهبت إليه وقلت : يا فلان أنا جحدتك حقك في الأول ، والآن أنا تائب إلى الله ونادم خذ دراهمك ، قال : أبداً ما آخذها يني وبينك يوم القيامة ولا أخذها ، فهنا نقول : إذا علم الله من نيتك أنك صادق في التوبة فإن الله يتحمل عنك الإثم يعني يرضي صاحبك ، لكن تصدق بهذه الدراهم عنه، حتى تبرأ ذمتك منها ، فمثلا إذا كان حقه مائة ريال ، وجئت إليه بعد أن ندمت واستغفرت وقلت : خذ هذه دراهمك مائة ريال قال : لا ، أريدها من عملك الصالح يوم القيامة وأبى ، فحينئذٍ نقول : إذا علم الله من نيتك أنك صادق فإنك لا تأثم ويزول عنك الإثم ، لكن هذه المائة تصدق بها لصاحبها تخلصا منها.
أما الحديث الثاني : فحديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن بدء الخلق ، فذكر صلى الله عليه وسلم أن الملائكة خُلقوا من النور : ولذلك كانوا كلهم خيراً لا يعصون الله ولا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ، (( يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) : فالملائكة خلقوا من نور .
أما الشياطين الجن فقال إنهم خلقوا من نار ، وفي هذا دليل على أن الجن هم ذرية الشيطان الأكبر الذي أبى أن يسجد لآدم وقال : (( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) ، فالجن كلهم مخلوقون من النار ، ولذلك فيهم الطيش والعبث والعدوان على كل من يستطيعون العدوان عليه ، لكن اقرأ آية الكرسي في ليلة : ( فلا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك الشيطان حتى تصبح ) .
( وخلق آدم مما ذكر لكم ) : يعني خلق من طين من تراب من صلصال كالفخار ، لأن التراب صار طينا ثم صار فخاراً فخلق منه آدم عليه الصلاة والسلام ، ولهذا قال الله تعالى : (( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى )) .
وحديثها الثاني رضي الله عنها قالت : ( كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ) : يعني أنه يتخلق بأخلاق القرآن ، ما أمر به القرآن قام به ، وما نهى عنه القرآن اجتنبه ، سواء كان ذلك في عبادات الله أو في معاملة عباد الله فخلق النبي عليه الصلاة والسلام القرآن .
وفي هذا إشارة مِن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : أننا إذا أردنا أن نتخلق بأخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام فعلينا أن نتخلق بالقرآن ، لأن هذا هو أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام ، نعم .
حديثها الثالث رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، فقالت عائشة رضي الله عنها أكراهية الموت يا رسول الله؟ فكلنا يكره الموت ؟ قال ليس كذلك ) : فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، وذلك أن المؤمن يؤمن بما أعد الله للمؤمنين في الجنة والثواب الجزيل والعطاء العميم الواسع فيحب ذلك وترخص عليه الدنيا ، ولا يهتم بها ، لأنه سوف ينتقل إلى خير منها ، فحينئذ يحب لقاء الله ، ولاسيما عند الموت إذا بشر بالرضوان والرحمة فإنه يحب لقاء الله عز وجل ويتشوق إليه فيحب الله لقاءه .
أما الكافر والعياذ بالله فإنه إذا بُشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله ، فكره الله لقاءه ، ولهذا جاء في حديث المحتَضر : أن نفس الكافر إذا بشرت بالغضب والسخط تفرقت في جسده وأبت أن تخرج ، ولهذا تُنزع النفس ، روح الكافر من جسده كما ينزع الشعر من السُّفود المبلول : بمعنى أنه يكره على أن تخرج روحه ، وذلك لأنه يبشر والعياذ بالله بالشر ، ولهذا قال الله تعالى : (( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم )) : فهم شحيحون فيها والعياذ بالله ، شحيحون بأنفسهم لا يريدون أن تخرج ، ولكن الملائكة تقول : أخرجوا أنفسكم ، فإذا بُشّرت تفرقت في الجسد فينتزعها الملائكة كما ينتزع السَّفود من الصوف المبلول والعياذ بالله حتى تخرج .
المهم أن المؤمن يحب لقاء الله ، لأنه يحب الله عز وجل يحب ثوابه يحب جنته يحب النعيم ، فهو يحب لقاء الله ولاسيما عند الموت فيحب الله لقاءه ، اللهم اجعلنا ممن يحب لقاءك يا رب العالمين ، وأحسن لنا الختام إنك على كل شيء قدير .
1 - تتمة شرح حديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ). متفق عليه. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ). رواه مسلم. وعنها رضي الله عنها قالت: كان خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم القرآن. رواه مسلم في جملة حديث طويل. وعنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) فقلت: يا رسول الله، أكراهية الموت ؟ فكلنا نكره الموت ؟ قال: ( ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه. وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، وكره الله لقاءه ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفا، فأتيته أزوره ليلا، فحدثته ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، فمر رجلان من الأنصار رضي الله عنهما، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا. فقال صلى الله عليه وسلم: ( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ) فقالا: سبحان الله يا رسول الله ؟ فقال: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ) - أو قال: ( شيئا ) - متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في سياق الأحاديث في باب أحاديث الدجال وأشراط الساعة وغيرها :
" عن أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته ثم قُمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، فمرَّ رجلان من الأنصار رضي الله عنهما، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أَسرعا. فقال صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله ؟ فقال: إن الشيطان يجري مِن ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًا أو قال: شيئا ) متفق عليه .
وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : ( شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والمشركون ولَّى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَل الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أَكفها إرادة أن لا تُسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيْ عباس، ناد أصحاب السَّمُرة، قال العباس: وكان رجلاً صيّتا: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السَّمرة، فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك، فاقتتلوا هم والكفار، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قَصُرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: هذا حين حمي الوطيس، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: انهزَموا وربِّ محمد، فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبراً ) رواه مسلم " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذان الحديثان ذكرهما المؤلف -رحمه الله- في آخر كتابه *رياض الصالحين* :
الأول : حديث صفية بنت حيي رضي الله عنها أم المؤمنين : كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفًا في المسجد في رمضان ، ولا اعتكاف إلا في رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتكف في غير رمضان ، إلا سنة واحدة فاتته العشر في رمضان فقضاها في شوال ، وما عدا ذلك فلم يَشرع لأمته صلى الله عليه وسلم أن يعتكفوا في غير رمضان ، وإنما كان الاعتكاف من أجل تحري ليلة القدر ، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام اعتكف العشر الأول من رمضان رجاء ليلة القدر ، ثم الأوسط ، ثم قيل له : إنها في العشر الأواخر ، فواظب على الاعتكاف في العشر الأواخر .
وأما حديث عمر : ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أنه نذر -أي: عمر- أن يعتكف ليلة أو يوماً في المسجد الحرام فقال : أوف بنذرك ) ، فهذا لا يدل على أن الاعتكاف مشروع ، وإنما يدل على وفاء النذر بالاعتكاف وأنه ليس بمعصية لو أوفى بنذره فيه ، لكن السنة إنما يكون الاعتكاف في رمضان فقط وفي العشر الأواخر منه فقط .
اعتكف عليه الصلاة والسلام في العشر الأواخر ، والاعتكاف هو : " لزوم المسجد في طاعة الله ليتفرغ الإنسان للعبادة " ، وليس ليتفرغ الإنسان للتسيار ذلك يسير الناس المعتكفون بعضهم على بعض ، يمضون أوقاتهم ليال ونهاراً في أمور لا خير فيها ، الاعتكاف أن تلزم المسجد للطاعة .
جاءته صفية ذات ليلة فتحدثت معه ساعة ، لأنها امرأته ولا بأس للإنسان أن يتحدث إليه أهله وهو معتكف ، لما في ذلك من الأِلفة والمحبة والمودة ، ثم قامت إلى بيتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس لأهله ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) : فقام معها يقلبها يشيعها إلى بيتها ، فإذا برجلين من الأنصار يمران ، فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم خجلا واستحييا فأسرعا في مشيهما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على رسلكما يعني لا تسرعا ، إنها صفية بنت حيي ) : لئلا يظنان أنها امرأة جاءت في الليل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والليل محل السكن وإيواء البيوت ، ( فقالا : سبحان الله ) : تعجبا أن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الكلام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) : فيصل إلى قلبه وإلى عروقه كما أن الدم يسير في جميع البدن ، جميع العروق ، كذلك الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، ومجرى هذا ظرف مكان أي : في مكان جريان الدم ، ( وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً أو قال شيئا ) .
ففي هذا الحديث دليل على فوائد :
منها حسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام في معاملته أهله .
ومنها جواز زيارة المرأة زوجها في الاعتكاف ، وأن ذلك لا يبطل الاعتكاف ، حتى لو فُرض أنه تلذذ بالنظر إليها وما أشبه ذلك فإنه لا يضر ، لأن الله إنما نهى عن مباشرة النساء في الاعتكاف .
ومنها أنه ينبغي للإنسان أن يشيع أهله إذا انقلبوا من عنده إذا كان ذلك ليلاً أو في وقت يخاف فيه عليهم .
ومنها أنه ينبغي للإنسان أن يزيل أسباب الوساوس في القلوب ، فمثلا إذا خشي أن أحدًا يظن به شرا ،ً فإنه يجب عليه أن يزيل ذلك عنه ويخبره بالواقع حتى لا يحدث في قلبه شيء .
ومنها أن للإنسان إذا حصل له ما يتعجب منه فليقل : سبحان الله ، كما قال ذلك الأنصاريان ، وأقرهما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ومنها شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ، ودرء الشر عنهم .
2 - شرح حديث عن أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفا، فأتيته أزوره ليلا، فحدثته ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، فمر رجلان من الأنصار رضي الله عنهما، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا. فقال صلى الله عليه وسلم: ( على رسلكما إنها صفية بنت حيي ) فقالا: سبحان الله يا رسول الله ؟ فقال: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ) - أو قال: ( شيئا ) - متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه, ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والمشركون ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أي عباس ناد أصحاب السمرة ) قال العباس وكان رجلا صيتا: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة، فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، فاقتتلوا هم والكفار، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال: ( هذا حين حمي الوطيس ) ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: ( انهزموا ورب محمد )، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا. رواه مسلم.
وحُنين هي : اسم مكان غزا به النبي صلى الله عليه وسلم ثقيفًا ، وكان الصحابة رضي الله عنهم قد فتحوا مكة في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة ومعهم عشرة آلاف من خارج مكة ، وألفان من أهل مكة ، فالجميع اثنا عشر ألفاً .
فجعل بعضهم يقول لبعض : ( لن نغلب اليوم من قلة ) : وأعجبوا بكثرتهم اثنا عشر ألف مقاتل من يقوم أمامهم ، ولكن الله تعالى أراهم أن النصر من عند الله وأن الكثرة والقوة ليست تحول بين قضاء الله وقدره .
قابلوا ثقيفًا ، وكانت ثقيف ثلاثة آلاف وخمسمائة نفر ، وهؤلاء اثنا عشر ألفًا ومعهم رسول الله عليه الصلاة والسلام ، فكمنت لهم ثقيف في الوادي ، وادي حُنين ، ومعلوم أنه إذا كمنوا لهم ثم تقدم بعضهم وتأخر الآخرون سوف يكون هزيمة .
انهزم الصحابة رضي الله عنهم وولوا ، ولم يبق مع الرسول من اثني عشر ألفا إلا نحو مائة رجل ، كلهم راحوا كما قال الله تعالى : (( ثم وليتم مدبرين )) ، ولكن محمداً صلى الله عليه وسلم الذي أعطاه الله تعالى الشجاعة العظيمة والإقدام في موضع الإقدام : ( جعل يركض بغلته نحو العدو ) : يعني يركضها برجله يريد أن تسرع في المشي ، وهو يقول عليه الصلاة والسلام : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) : يعلنها عليه الصلاة والسلام .
وأمر العباس رضي الله عنه وكان رجلا جهوري الصوت : أمره أن ينادي الصحابة ليرجعوا ، ( فجعل ينادي يا أصحاب السمرة ، يا أصحاب السمرة ، يا أصحاب السمرة أقبلوا هلموا ) : والسمرة هي الشجرة التي بايع الصحابة عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية على ألا يفروا وهم فروا الآن ، فقال : يا أصحاب السمرة ، يذكرهم بهذه المبايعة ، وهذه السمرة شجرة بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها الصحابة على ألا يفروا أبداً ، وفيها يقول الله تعالى : (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة )) : فأخبر الله تعالى أنه رضى عنهم ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ) : بشرى عظيمة أنهم لا يدخلون النار لا قليلا ولا كثيرا .
المهم أن العباس دعاهم بهذا : ( يا أصحاب السمرة قالوا : لبيك لبيك وأقبلوا أقبلوا كأنهم البقر على أولادها الصغار ) : يعني مسرعين جداً ، فقاتلوا العدو ( وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حصيات رمى بها وجوه القوم ، وقال : انهزموا ورب محمد ) ، وصار الأمر كذلك ، انهزمت ثقيف وغنم منهم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم كثيرة كثيرة جداً ما بين إبل وغنم وأموال .
فالحاصل : أن هذا الحديث من آيات الله عز وجل حيث نصر الله المؤمنين بعد أن أراهم قوته وأن الأمر أمره جل وعلا ، ليس بالكثرة ولا بالقوة ولا بالعزيمة ، ولكن النصر من عند الله عز وجل قال الله تعالى : (( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين * ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء )) .
وفي هذا الحديث من الفوائد :
قوة وشجاعة النبي عليه الصلاة والسلام حيث تقدم إلى العدو بقوله وفعله : أما فعله فإنه جعل يركض بغلته التي هو راكب عليها نحو العدو ، وأما قوله فإعلانه بصوته الرفيع : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) .
ومنها أنه يجب على الإنسان ألا يعجب بقوته ولا بكثرته ولا بعلمه ولا بماله ولا بذكائه ولا بعقله ، والغالب أن الإنسان إذا أعجب فإنه يهزم بإذن الله ، إذا أعجب بكثرته هزم ، إن أعجب بعلمه ضل ، إن أعجب بعقله تاه ، لا تعجب بنفسك ولا بأي قوة من قواتك بل استعن بالله عز وجل وفوض الأمر إليه حتى يتم لك ما تريد .
ومنها جواز ركوب البغل ، والبغل متولد من بين الحمار والفرس ، ينزو الحمار على الأنثى من الخيل فتلد البغل ، وهو نجس وحرام ، لكنه طاهر في ظاهره ، يعني كالهرة طاهرة لكن بولها وعذرتها نجسة وكذلك البغل ، فعرقه طاهر ومسه حال الرطوبة طاهر لا يؤثر ، مسه حال الرطوبة لا يؤثر شيئاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ركبه وهو يعرق وقد يكون المطر ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحترز منه ، فدل ذلك على أنه طاهر وهو القول الراجح .
وفيه أيضاً من فوائد الحديث : أنه ينبغي للإنسان أن ينادي الناس بما يشجعهم ، لأن العباس لم يقل : يا أيها المؤمنون ، يا أيها الصحابة ، يا أصحاب السمرة ، لأن هذا يشجعهم ويذكرهم بالبيعة التي بايعوا عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ومنها أن الله تعالى قد ينصر الفئة القليلة ولو على باطل على الفئة الكثيرة ولو على حق ، الفئة القليلة هنا مَن ؟ الكفار ثقيف ، ثلاثة آلاف وخمس مئة ، والفئة الكثيرة ؟
الطالب : الصحابة .
الشيخ : الصحابة رضي الله عنهم ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن يستفاد من هذا فائدة أيضاً أن العاقبة للمتقين ، حتى لو هُزم المسلمون بكثرتهم فإن العاقبة لهم ، لأن الله تعالى يقول : (( فاصبر إن العاقبة للمتقين )) ، والله الموفق .
3 - شرح حديث عن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نفارقه, ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء، فلما التقى المسلمون والمشركون ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أي عباس ناد أصحاب السمرة ) قال العباس وكان رجلا صيتا: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة، فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، فاقتتلوا هم والكفار، والدعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم فقال: ( هذا حين حمي الوطيس ) ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: ( انهزموا ورب محمد )، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا. رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر ). رواه مسلم. العائل: الفقير.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
قال -رحمه الله تعالى- : " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم : شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر ) رواه مسلم .
العائل : الفقير.
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ) رواه مسلم.
وعنه قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : ( خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم صلى الله عليه وسلم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق، في آخر ساعة من النهار، فيما بين العصر إلى الليل ) رواه مسلم.
عن أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : ( لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعةُ أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية ) رواه البخاري " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
قال المؤلف -رحمه الله تعالى- في آخر كتابه *رياض الصالحين* من الأحاديث المنثورة :
نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم ) : كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن بلاغته وبيانه أنه يذكر أحيانًا الأشياء مفصلة محددة ، حتى يسهل حفظها وفهمها ، أحياناً يقول : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ) ، وأحياناً يقول : ( اثنتان من أمتي هما بهم شرك ) ، وأحيانا يقول : ( سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ) ، وأشباه ذلك كثيرة ، لأن الشيء إذا فصل وحدد في العدد صار أضبط للإنسان وأقرب إلى الفهم ولا ينساه .
( ثلاثة ) : يعني ثلاثة أصناف وليس المراد ثلاثة أفراد ، بل ثلاثة أصناف من الناس لا يكلمهم الله يوم القيامة تكليم رضا ، وإلا فهو يكلم عز وجل تكليم غضب حتى يكلم أهل النار لما قالوا : (( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) قال لهم : (( اخسئوا فيها ولا تكلمون )) ، لكن المراد كلام الرحمة والرضا ، فهؤلاء الثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم أي : نظر رحمة وإشفاق وإكرام وعز ، بل يذلهم عز وجل ولا يبالي بهم .
( ولا يزكيهم ) : أي : لا يجعل لهم زكاءً ، بل هم في شقاء دائم والعياذ بالله . الأول : ( شيخ زان ) : يعني كبير السن ، زان ، هذا والعياذ بالله زناه أشد من زنا الشاب ، لأن دواعي الشهوة فيه قليلة ، الشاب الشهوة فيه قوية ، قد تغلبه الشهوة على ما في فطرته من كراهة الزنا وبغضه ، لكن الشايب ميت الشهوة ، ليس له شهوة ، فإذا زنا الشيخ والعياذ بالله وهو الكبير دلَّ ذلك على فساد طبيعته ، وأنه يحب الزنا لأنه زنا ، لا لقوة شهوة عنده ، هذا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه .
الثاني : ( ملك كذاب ) : الملك حاكم له السلطة إذا قال فعل ، ولهذا قال ابن المواردي في لاميته المشهورة :
" جانب السلطان واحذر بطشه *** لا تخاصم من إذا قال فعل " .
السلطان يقول وينفذ ويفعل ، ولا حاجة به إلى الكذب ، عامة الرعية ربما يحتاج الإنسان إلى الكذب لينقذ نفسه ، لكن السلطان الملك ليس له حاجة إلى الكذب ، فإذا كذب فهو من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم وله عذاب أليم ، والعياذ بالله ، ملك كذاب .
الثالث : ( عائل مُستكبر ) : عائل يعني فقير ، سبحان الله فقير ويستكبر على الناس ؟! وش عنده حتى يستكبر ؟ الغني ربما يستكبر لغناه ، كما قال عز وجل : (( كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى )) ، لكن الفقير ليس له سبب يستكبر به على الناس ، فإذا استكبر ، دل ذلك على خبثه وخبث طويته ، وأنه رجل طُبع على الكبرياء والعياذ بالله ، فلا يكلمه الله ولا ينظر إليه وله عذاب أليم .
4 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر ). رواه مسلم. العائل: الفقير. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ). رواه مسلم. وعنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: ( خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم صلى الله عليه وسلم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل ). رواه مسلم.
فقال بعض أهل العلم : " إنها من أنهار الجنة حقيقة ، لكنها لما نزلت إلى الدنيا غلب عليها طابع أنهار الدنيا وصارت من أنهار الدنيا " ، لأن أنهار الآخرة أربعة ، أنهار الجنة ، (( فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) ، وهذه الأنهار الأربعة في الجنة لا نعلم كيفيتها ولا طعمها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الجنة ، عن ربه عز وجل في الحديث القدسي : ( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر ) .
لكن سيحون وجيحون والنيل والفرات معلومة ، وأيضاً هي تأسن تتغير مع طول المدة ، فللعلماء فيها تأويلان :
الأول : أنها من أنهار الجنة حقيقة لكن لما نزلت إلى الأرض صار لها حكم أنهار الدنيا .
والثاني : أنها ليست من أنهار الجنة حقيقة لكنها هي أطيب الأنهار وأفضلها ، فذكر النبي عليه الصلاة والصلاة والسلام هذا الوصف لها من باب رفع شأنها والثناء عليها ، والله أعلم بما أراد رسوله صلى الله عليه وسلم .
أما حديثه الثالث : ( خلق الله التربة يوم السبت ) إلى آخر الحديث، فهذا الحديث وإن رواه الإمام مسلم رحمه الله فقد أنكره العلماء عليه ، فهو حديث ليس بصحيح ، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لأنه يخالف القرآن الكريم ، وكل ما خالف القرآن الكريم فهو باطل ، لأن الذين رووه نقلة بشر يخطئون ويصيبون ، والقرآن ليس فيه خطأ ، كله صواب منقول بالتواتر ، فما خالفه من أي حديث كان فإنه يحكم بأنه ليس صحيح وإن رواه من رواه ، لأن الرواة هؤلاء ليسوا يتلقون عن الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة ، لكن بواسطة الإسناد ، حدثنا فلان عن فلان إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وهؤلاء قد يخطئون ، لكن القرآن ليس فيه خطأ ، فهذا الحديث مما أنكره أهل العلم رحمهم الله على الإمام مسلم .
ولا غرابة في ذلك لأن الإنسان بشر ، مسلم وغير مسلم كلهم بشر يخطئون ويصيبون ، فعلى هذا لا حاجة أن نتكلم عليه ، ما دام ضعيفا فقد كفينا إياه ، والله الموفق.
5 - شرح حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ). رواه مسلم. وعنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: ( خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم صلى الله عليه وسلم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل ). رواه مسلم. أستمع حفظ
شرح حديث عن أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية. رواه البخاري.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين :
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* :
" عن أبي سليمان ، خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : ( لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية ) رواه البخاري .
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم واجتهد فأخطأ فله أجر ) متفق عليه .
وعن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ) متفق عليه .
وعنها رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ) متفق عليه " .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم :
هذه الأحاديث المتفرقة التي ذكرها النووي -رحمه الله- في آخر كتابه *رياض الصالحين* فمنها حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه : ( أنه انقطع في يده تسعة أسياف في غزوة مؤتة ، ولم يبق معه إلا صفيحة يمانية ) : خالد بن الوليد رضي الله عنه مِن أشجع الناس ، وكان في غزوة أحد في جيش قريش المشركين ، وهو ممن كَرُّوا على الصحابة رضي الله عنهم من خلف الجبل جبل أحد ، وقاتلوا الصحابة ، وقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم ، هو وعكرمة بن أبي جهل ، ثم منَّ الله عليهما بالإسلام ، فكانا من قواد المسلمين ، وفي قصتهما دليل على كمال قدرة الله عز وجل ، وأنه بيده أزمة الأمور ، وأنه يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، فكم من ضال هداه الله ، وكم من مهتد أضله الله والعياذ بالله .
وانظر إلى حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) : يعني الرجل يعمل حتى لا يبقى على أجله إلا ذراع ، يعني إلا مدة قريبة ، ثم يموت فيسبق عليه الكتاب .
6 - شرح حديث عن أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية. رواه البخاري. أستمع حفظ
شرح حديث عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم واجتهد فأخطأ فله أجر ). متفق عليه.
فدلَّ ذلك على أن الإنسان إذا اجتهد وتحرى الحق وبذل وسعه في ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يثيبه على هذا ، إن أصاب فله أجران :
الأجر الأول على إصابة الحق ، والثاني على اجتهاده ، وإن أخطأ فله أجر واحد وهو الاجتهاد وبذل الوسع والطاقة في طلب الحق .
7 - شرح حديث عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم واجتهد فأخطأ فله أجر ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ). متفق عليه.
وكذلك لو كان عليه كفارة ومات قبل أن يؤديها مع تمكنه منها ، فإنه يصوم عنه وليه .
وكذلك لو نذر أن يصوم ثلاثة أيام وتمكن مِن صيامها ومات قبل أن يصوم ، فإنه يصوم عنه وليه ، فإن لم يفعل ، فإنه يطعم عن كل يوم مسكين .
8 - شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من مات وعليه صوم صام عنه وليه ). متفق عليه. أستمع حفظ
شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ). متفق عليه.
9 - شرح حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ). متفق عليه. أستمع حفظ
قراءة من رياض الصالحين.
نقل المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتابه *رياض الصالحين* : " عن عوف بن مالك بن الطفيل : ( أن عائشة رضي الله عنها حُدثت أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة رضي الله تعالى عنها : والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها ، قالت أهو قال هذا ؟ قالوا : نعم ، قالت : هو لله عليَّ نذرٌ أن لا أكلم ابن الزبير أبداً ، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة ، فقالت : لا والله لا أُشفَع فيه أبدًا ، ولا أتحنث إلى نذري فلما طال ذلك على ابن الزبير كلم المسور بن محزمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ، وقال لهما : أنشدكما الله ، لَما أدخلتماني على عائشة رضي الله عنها ، فإنها لا يحل لها أن تنذر قطيعتي ، فأقبل به المسور وعبد الرحمن حتى استأذنا على عائشة فقالا : السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل ؟ قالت عائشة : ادخلوا ، قالوا :كلنا ؟ قالت : نعم ادخلوا كلكم ، ولا تعلم أن معهما ابن الزبير ، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب ، فاعتنق عائشة رضي الله عنها ، وطفق يناشدها ويبكي ، وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدانها إلا كلمته وقبلت منه ، ويقولان : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عما قد علمت من الهجرة ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقت تذكرهما وتبكي وتقول : إني نذرت والنذر شديد ) " .