تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات ... " .
علم أن طريقتهم : " إثبات ما أثبته الله من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل " التكييف ذكر كيفية الصفة ، هذا التكييف ، مثل أن يقول القائل كيفية استواء الله على العرش كذا وكذا ، هذا لا يجوز لأنك لا تحيط بذلك علماً ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم )) أرجو الانتباه ، التكييف ما معناه .؟ ذكر كيفية الصفة ، نعم وهو حرام لا يجوز ، لأنك لا تحيط بذلك علما ، لا يمكن أن تحيط بذلك علما ، وإذا كنت لا تحيط به علما فقد قال الله عز وجل : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم )) .
" ولا تمثيل " التمثيل ذكر كيفية الصفة ، لكن مقيدة بمماثل ، مثل أن تقول كيفية يد الله مثل يد كذا وكذا ، فإذا التمثيل ذكر كيفية ، ولكنها إيش .؟ مقيدة بمماثل ، كأن تقول يد الله مثل يد كذا وكذا ، مثل يد إنسان ، مثل يد الأسد ، مثل يد كذا ، المهم هذا التمثيل ، وهو حرام أيضاً لأن الله نفاه بقوله : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) [ الشورى:11 ] وقوله : (( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) [مريم: 65] ، أي مشابهاً . إذا التمثيل حرام والتكييف حرام ، دليل تحريم التكييف : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم )) والتمثيل أنه تكذيب لقوله تعالى : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ))،
أيهما أخف التمثيل أو التكييف .؟ يعني بمعنى هل نقول كل مكيف ممثل .؟
كل مكيف ممثل ، لا ، لا يقلد بعضكم بعضا ، كل مكيف ممثل يصح أو ما يصح .؟
الطالب : ما يصلح .
الشيخ : ليش ما يصلح .؟
لأنك قيدت ، لأن المكيف يذكر كيفية ولو ما لها مثيل ، المكيف معناه أن يقول كيفية استواء الله على العرش مثلا كذا وكذا ، لو ما قال أنه مثل استواء الإنسان على السرير ، طيب كل ممثل مكيف ، لأن الممثل يقول إن يد الله مثل كذا ، ومعنى ذلك أنه ذكر لها كيفية مثل من شبه به .
فعلى هذا يكون التمثيل أخص ، لأن ما جاز أن يخبر به فهو أعم ، الخبر يكون دائماً أعم من المبتدأ ، فتقول كل ممثل مكيف ، صح أو لا .؟ ولا تقول كل مكيف ممثل ، عرفتم .
والقاعدة أن ما صح أن يخبر به فهو أعم ، وما امتنع أن يخبر به فهو أخص ، تقول مثلاً الإنسان ذو روح ، صح أو لا .؟ كل إنسان فهو ذو روح ، كل ذي روح فهو إنسان .؟
الطالب : ما يصلح .
الشيخ : ما يصلح ، إذا أيهما أخص .؟
الطالب : الأول .
الشيخ : الإنسان أو الروح .؟
الطالب : الإنسان .
الشيخ : الإنسان أخص ، لأنك تخبر بذي الروح عن الإنسان ، ولا تخبر بالإنسان عن ذي الروح ، فإذا امتنع أن تخبر بشيء عن شيء دل على أنه أخص ، الحاصل أن نقول كل ممثل كمّلوا .؟
الطالب : مكيف .
الشيخ : وليس كل مكيف .؟
الطالب : ممثل .
الشيخ : إذا فالتمثيل أخص ، لأنه يصح بأن يخبر بالتكييف عنه ، ولا عكس ، طيب ... وفهمتم وجه امتناعهما ، فنثبت الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ، هل يصح أن نقول من غير كيف ، فنثبت لله الصفات من غير كيف .؟ وش تقولون ، يصح أن نثبت لله الصفات من غير كيف .؟
الطالب : غير صحيح .
الشيخ : طيب وش السبب .؟ من الذي يقول .؟
الطالب : ... .
الشيخ : أي صح ، هذا السبب ، لأن صفات الله لها كيفية ، الله سبحانه وتعالى استوى على عرشه على كيفية لكن مجهولة .
ولهذا قال الإمام مالك في جوابه على المبتدع : " الكيف مجهول " ما قال لا كيفية لها . فالصفات لها كيفية لكن مجهولة لنا ، ما نستطيع أن نعلمها ولا نحيط بها علماً .
إذا كلام المؤلف : " من غير تكييف " مضبوط أو لا .؟ " من غير تكييف " يعني ما نكيف نحن ، وإن كنا نؤمن بأن لها كيفية .
قال : " ومن غير تحريف ولا تعطيل " التحريف يتعلق بالنصوص ، والتعطيل يتعلق بالصفات ، التحريف إذا تغير النصوص من الكتاب والسنة ، هذا معنة التحريف تغيير الكتاب والسنة يسمى تحريفا ، وتعلمون أن التحريف
يكون باللفظ تارة وبالمعنى تارة ، فالذي قرأ من المبتدعة : (( وكلم اللهَ موسى تكليما )) ، ألم يحرف لفظا أو لا .؟
الطالب : بلى .
الشيخ : وش صواب الآية .؟
الطالب : (( وكلم اللهُ موسى )).
الشيخ : (( وكلم اللهُ موسى )) لكن يقول أن الله لم يتكلم ، ويقرأ : (( وكلم اللهَ موسى )) لأجل أن يكون المتكلم موسى ، نقول هذا تحريف لفظي ، وتبعه تحريف المعنى .
وفيه تحريف معنوي وهو إبقاء اللفظ بحاله وصرف معناه عن المراد به مثل أن يقرأ قول الله تعالى : (( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) [الفرقان: 59] ويقول معنى استوى استولى ، هذا لم يحرف لفظا لكنه حرف المعنى .
فأهل السنة والجماعة اعتقادهم منزه عن التحريف باللفظ أو بالمعنى .
طيب كذلك أيضا التعطيل قلت أن هذا يتعلق بالصفات ، التعطيل معناه التخلية ، ومنه قوله تعالى : (( وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ )) [ الحج: 45 ] . يعني مخلاة متروكة ، والمراد بالتعطيل تعطيل ما يجب لله تعالى من الأسماء والصفات ، تعطيلها يعني معناه يخلى الله منها ولا يوصف بها ، فلا يوصف مثلاً بالاستواء ولا بالنزول ولا بالوجه ولا باليد ، وما أشبه ذلك .
فإذا التعطيل وش معناه .؟ لغة التخلية ، وشرعاً : تخلية الله سبحانه وتعالى من أسمائه وصفاته ، أهل السنة والجماعة اعتقادهم منزه عن التعطيل .
" وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه " كل ما نفاه الله عن نفسه ينفونه عنه ما يثبتونه ، فإذا نفى عن نفسه الظلم لا يمكن أن يقولوا إلى الله ظالم ، وإذا نفى عن نفسه الغفلة لا يمكن أن يقولوا إن الله غافل . ينفون ما نفى الله عن نفسه ، إذا نفى عن نفسه أنه ليس كمثله شيء لا يمكن أن يقولوا له مثل .
" مع إثبات ما أثبته من الصفات " هذا أنا قلت لكم أن شيخ الإسلام رحمه الله في المسائل المهمة يكرر لتثبيت المعنى ، وإلا قوله : " مع إثبات ما أثبته " هو مثل ما سبق ، إثبات ما أثبته من الصفات .
من الذي يسأل .؟
الطالب : ... .
الشيخ : أي نعم ... من الأسماء والصفات ، يعني قصدك الأسماء .؟
الطالب : أي .
الشيخ : أي ما يخالف ، لأن الأسماء من الصفات ، كل اسم فهو متضمن للصفات من أسماء الله ، أسماء الله دائماً تتضمن الصفات ، يعني ما تظنون أن الصفات هي مجرد الصفات الخبرية ، حتى ما يتضمنه الأسماء .
1 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات ... " . أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته ".
ويقول المؤلف إن الإلحاد يكون في أمرين : في الأسماء وفي الآيات ، أرجو الانتباه . الإلحاد في الأسماء الميل بها عما يجب ، هذا هو الإلحاد في الأسماء ، وقسموه إلى أقسام ، ولكن لا حاجة بنا إلى ذكر الأقسام لأن هذا شيء قد درستموه من قبل ، ولكننا نعطي الآن القاعدة العامة ، ومن أراد أن يقف على هذا فليراجع بدائع الفوائد لابن القيم في أنواع الإلحاد في الأسماء فإنه بسط القول فيه ، وذكر أنه أربعة أنواع ، ولكن كما قلت لكم الكتاب طويل ، ونخشى أن تأتينا مباحث أهم من هذا الموضوع ، على كل حال الإلحاد الميل بأسماء الله عن .؟ الميل عما يجب .
طيب والذي يجب في أسماء الله تعالى إثبات الاسم ، وإثبات الصفة التي دل عليها ، وإثبات الأثر ، وأن لا يسمي الله بغير ما سمى به نفسه ، كل هذا يجب في أسماء الله عز وجل ، نعم الإلحاد في آيات الله أولا نقسم الآيات ، لأن الآيات جمع آية ، وهي لغة العلامة ، وشرعاً كل ما يدل على ذات الله وصفاته فهو آية .
الأخ قل لي الآية لغة .؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، على ذات الله وأسمائه وصفاته ، طيب استرح ، الآيات إذا هذا تعريفها ، أما هي فنوعان آيات شرعية وآيات كونية ، فالآيات الشرعية ما جاءت به الرسل ، والآيات الكونية هي المخلوقات ، كل المخلوقات آيات كونية تدل على وجود الخالق وعلمه وحكمته إلى آخره (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ )) وش بعده .؟ (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا )) [الطلاق: 12] . يعني إذا رأيتم هذه السموات والأرضين وتنزل الأمر بينهن علمتم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .
(( وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ )) [فصلت: 37]. فالحاصل أن الآيات تنقسم إلى قسمين : آيات شرعية وآيات كونية ، فالآيات الشرعية ما جاءت بها الرسل ، والآيات الكونية هذه المخلوقات، نعم طيب الإلحاد في الآيات الشرعية أخ ، ما هي الآيات الشرعية .؟
أرجو أن تنتبهوا قبل أن نبدأ ، يعني المدرس في الفصل بمنزلة الحاكم في البلد ، وهذا خبر لا أقصده عليكم ، والحاكم في البلد يجوز أن يعزر من لم يقم بالواجب بما يراه رادعا ، هذه قضيتين ، المدرس في الفصل كالحاكم في البلد ، الحاكم في البلد يجوز أن يعزر من أهمل الواجب ... بما يقوّمه ، التعزير يختلف ، تعزير الصبيان يجب ... تمام التعزير الذي ينبغي في أمثالكم .؟ نعم كيف .؟
الطالب : ... .
الشيخ : عدم إيش السؤال ، الأخ الآن أقمته بلحظة ما تكلمت بالكلام ولم يجب ، ومع ذلك ... معنى ذلك أنه حاضر بالجسم ولم يحضر بالقلب، ونحن نفيدكم يا جماعة أن العلم إذا ما أشغل الإنسان فكره وعقله وبدنه فيه ما يحصل منه شيء ، وأنتم الآن في المرحلة الجامعية ما أنتم في المرحلة الثانوية ولا المتوسطة ولا الابتدائية ، المرحلة الجامعية مهمة ، وأنا ما أريد منكم إذا تخرجتم بكرة من هذا القسم التوحيد الواحد منكم ما يعرف يجاوب ، استرح يا أخي وراجع ، خليك مع المذاكرة .
طيب نقول الآيات شرعية وكونية ، الشرعية ما جاءت به الرسل والكونية هي .؟ مخلوقات الله ، مخلوقات الله كلها تدل على الله ، وش معنى تدل عليه .؟ معناه أنها تعجز البشر ، هذا معنى دلالتها على الله ، ما يقدروا أن يأتوا بمثلها ، لأنهم لو قدروا أن يأتوا بمثلها ما كان آية ، لأن الآية العلامة الفارقة ، أو لا .؟ والعلامة الفارقة تختص بمن هي علامة عليه .؟ أليس كذلك .؟
الطالب : بلى .
الشيخ : إذا ما معنى آيات الله .؟ أنها تعجز البشر كل المخلوقات الآن تعجز البشر : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ )) الله يقول لنا استمعوا له : (( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا )) وش بعده .؟ (( وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ )) هذا في الآيات الكونية، ما يستطيعون أن يخلقوا أدنى شيء (( لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ )) [الحج: 73]،
في الآيات الشرعية : (( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ )) [الإسراء: 88] مفهوم .؟
إذا تبيّن لك وجه الآية أنها علامة فارقة بين من يخلق ومن لا يخلق ، واضح إذا الآيات الكونية هي المخلوقات لأنها علامة على الخالق ، ولا حاجة إلى التفصيل لأن الذين يقرؤون التشريح في الأجسام الحية يمكن عندهم من العلم بهذا أكثر عندنا ، وكذلك الذين يقرؤون في الفلك وفي الأرض وغيرها يمكن يعرفون من هذه الآيات أكثر مما نعرف .
في الآيات الشرعية ما أحد يستطيع أن يأتي بمثل آيات الله الشرعية ، كلامه من جهة النظم ومن جهة الأسلوب ، ومن جهة التأثير ، ومن جهة التشريع والتنظيم للخلق الذي تقوم به المصالح ما أحد يستطيع أن يأتي بمثله أبداً ، فعلى هذا نقول الآيات الكونية والشرعية فهمناها زين أو لا .؟ كيف الإلحاد فيها ؟؟
الإلحاد في الآيات الشرعية هو أولا يكون إما بالتكذيب ، مثل ما فعل المشركون حيث كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإما بالتحريف ، يؤمن بها لكن يحرفها ، لأن التحريف ميل ، فهو إلحاد كما فعل قوم موسى ، وكما فعل المبتدعة من هذه الأمة من الجهمية وغيرهم ، وإما بالمخالفة والعصيان ، وعلى هذا فكل عاص ملحد ، خلافا لما نفهم في لغتنا الآن أو في عرفنا أن الملحد هو الكافر المطلق، لكن حقيقة الأمر أن الإلحاد حتى يكون بالمعاصي (( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )) [ الحج : 25 ] .
إذاً الإلحاد في الآيات الشرعية يكون بأمور ثلاثة ، وهي :
الطالب : ... .
الشيخ : نعم ، ثانيا ، وثالثا المخالفة . المخالفة إما بترك المأمور أو بفعل المحظور .
وعلى هذا فالفاسق ملحدون لأنهم مائلون عن ما يجب عليهم في هذه الآيات الشرعية ، أفهمتم الآن أو لا .؟ الإلحاد في الآيات الشرعية يكون بواحد من أمور ثلاثة : إما تكذيبها أو مخالفتها أو تحريفها ، هذا هو الإلحاد في الآيات الشرعية .
الإلحاد في الآيات الكونية يكون بأمور أيضا :
أولا : إنكار أن الله هو الخالق مثل ما يوجد من بعض الملاحدة يقولون إن الطبيعة هي التي تتفاعل وتكون هذه الأشياء ، وليس لها خالق .
2. أو بإضافتها إلى غير الله . فهمتم أو لا .؟ بإنكار خلق الله لها أو إضافتها إلى غيره ، بإنكار خالق لها مطلقا أو إضافتها إلى غير الله .
3. أو اعتقاد أن لله تعالى فيها شريكاً أو معيناً ، هذا هو الإلحاد في الآيات الكونية ، يكون أيضا بكم وجه .؟
الطالب : ثلاثة .؟
الشيخ : بإنكار أن الله هو الذي خلقها وأوجدها ، باعتقاد أن لله تعالى فيها شريكاً أو معيناً . بثلاثة أشياء أيضا الإلحاد في الآيات الكونية .
2 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )) ".
الحسنى وش معنى الحسنى .؟ البالغة في الحسن غايته ، لأن الحسنى مؤنث أحسن ، وأحسن اسم تفضيل ، وهنا اسم التفضيل مطلق ، ما قيل أحسن من كذا ، فيكون معناه أنها بالغة في الحسن غايته ، وإنما بلغت في الحسن غايته لأنها تدل على أشرف المسميات وهو الله. وتدل على أكمل المعاني ، وهو ما تضمنته من الصفات ، ولذلك كانت حسنى .
أرجو الانتباه يا جماعة ، عندما نقول الرحمن ، هذه الكلمة دلت على ذات الله المسمى بها ، ودلت على صفة الرحمة الواسعة العظمية أو لا .؟ وعلى أنها رحمة يرحم بها لأنه إذا كان له رحمة بدون أن يرحم ما فيه فائدة .
فلهذا صارت أسماء الله حسنى ، لماذا يا جماعة كانت حسنى .؟ لأنها تضمنت الدلالة على أشرف مسمى وأعظمه ، وش بعد .؟ ولأنها تضمنت من الصفات أعلاها وأكملها ، فهي دالة على الذات وعلى الصفات .
لكن أسماء غيره ... يمكن أسمي واحدا عبد الله وهو من أكبر الناس استكبارا ، ليس عبدا لله ولا يعرف الله ومع ذلك اسمه عبد الله ، يمكن أسمي واحدا محمدا ، محمد معناه أنه الناس يحمدونه حمدا كثيراً، مُفَعّل ، وهو ليس عنده من الصفات التي يحمد عليها شيء ، لكن في أسماء الله ممتنع هذا ، أسماء الله متضمنة للصفات التي دلت عليها ولابد .
الحاصل أنها سميت حسنى ، جماعة لماذا .؟ لأنها بلغت في الحسن غايته ، ووجه ذلك أنها دالة على أشرف مسمى ، وعلى أكمل صفة بذلك كانت حسنى .
قال مفرعا على هذا الخبر : (( وَلِلَّهِ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى )) قال مفرعا عليه، والفاء هنا للتفريع : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) دعاء مسألة أو ودعاء عبادة .؟
الطالب : جميعا .
الشيخ : جميعا ، طيب اذكر لي يا عقيل صفة دعاء المسألة فيه .؟ السؤال قلنا أنه دعاء مسألة ودعاء عبادة .
الطالب : نعم .
الشيخ : وشلون دعاء المسألة فيها .؟
الطالب : يا رحمان يا رحيم اغفر لي .
الشيخ : يا رحمان ارحمني مثلا، يا غفور اغفر لي ، بمعنى أن تتوسل بهذه الأسماء إلى مطلوبك ، هذا معنى الدعاء بها ، تتوسل بها إلى مطلوبك ، فعندما تسأل من الله الرزق ، وش تجيب .؟ أي اسم يناسبه .؟
الطالب : الرزاق .
الشيخ : يا رزاق ، عندما تسأله المغفرة .؟ الغفور ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء الذي علمه أبا بكر قال فيه : ( فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) . واحد يقول: اللهم يا شديد العقاب اغفر لي ، واش رأيكم بهذا .؟ يجوز أو لا .؟
الطالب : يجوز .
الشيخ : ما يجوز ، لأنه هنا يا شديد العقاب ما تناسب المغفرة ، نعم إنما الذي يناسبه يا غفور ، ولهذا قال : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) .
لكن لما قال : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) صار معنى ذلك أننا نختار من أسمائه ما يناسب المدعو به ، ما نجيب شيء ما يتناسب .
كذلك دعاء عبادة : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) قلتم أنه يتضمن دعاء المسألة ودعاء العبادة . كيف دعاء العبادة .؟ قلتم إنه : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) يتضمن دعاء المسألة بأن تجعلها وسيلة في دعائك ، ودعاء العبادة . وشلون دعاء العبادة .؟
دعاء العبادة بسيط ، عندما تعلم أن من أسماء الله الرحمن ، تتعرض لرحمتك أو لا .؟
الطالب : نعم .
الشيخ : يعني تفعل ما يكون سبباً للرحمة كالقيام بما أوجبه عليك ، أليس كذلك .؟ عندما تعرف أن الله رحيم _ أرجو الانتباه _ تتعرض لرحمته ، وش من أسباب الرحمة .؟ طاعة الله من أسباب رحمته : (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويؤتون الزكاة )) الآية [الأعراف]
فدعاء العبادة معناه أنك تتعبد الله بما تقتضيه هذه الأسماء ، فإذا كنت تمؤمن بأن لله رحمان فمعنى ذلك أنك تتعرض لرحمته بفعل طاعته ، عندما تعلم أنه شديد العقاب ، كيف تعبده بها .؟ تتجنب ما يكون سببا لعقابه لأنك تعلم أنه شديد العقاب ، عندما تعرف أنه غفور تتعرض لأسباب المغفرة بالاستغفار وفعل الطاعات المكفرة للسيئات وما أشبه ذلك.
إذا : (( فَادْعُوهُ بِهَا )) ؟ ترى هذه معان مهمة جدا ، وسنناقش فيها في الدرس المقبل ، لا تقولوا ما علمتنا ، أقول دعاء الله بأسمائه الحسنى يتضمن دعاء المسألة ودعاء العبادة ، دعاء المسألة معناه أن تجعلها وسيلة لما تدعوه به أو وسيلة لما تسأله ، عندما تسأله المغفرة نقول يا غفور اغفرلي ، عندما تسأله الرزق يا رزاق ارزقني وهكذا .
دعاء العبادة أن تتعبد لله بما تقتضيه هذه الأسماء ، فالغفور يقتضي المغفرة ، إذا تفعل أسباب المغفرة ، من أسباب المغفرة مثلاً الحج المبرور ، من أسباب المغفرة أن الإنسان إذا تطهر يصلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ، من أسباب المغفرة أن يقول دبر كل صلاة مكتوبة سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة ويختمها بلا إله إلا الله ... إلخ ، فالحاصل هذا معنى : (( فادعوه بها )).
قال تعالى : (( وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) هذه ترى تضمنت أمراً وحكماً :
الأمر : (( وذروا الذين يلحدون في أسمائه ))
والحكم : (( سيجزون ما كانوا يعملون )) وهذا تهديد بالغ ، ولاحظ أنه قال : (( سيجزون )) والسين ذكر أهل المعاني أنها تفيد معنيين :
التحقيق والتقريب ، إذا قال قائل : سأفعل كذا ، معناه أنه أكدّ هذا الفعل وقربه بالسين .
(( سيجزون )) إذا عقوبتهم قريبة أو لا .؟
الطالب : نعم قريبة .
الشيخ : قريبة وإن لم تحصل إلا بعد الموت ، حتى ولو تأخرت إلى ما بعد الموت فهي قريبة ، (( إنما توعدون لآت )) بعد ما قال إلا قريب.
الحاصل نقول : (( سيجزون )) هذا الحكم ، وهو مفيد للتهديد البالغ، والسين تفيد أي شيء .؟ التحقيق والتقريب .
نعم طيب : (( سيجزون ما كانوا يعملون )) نسأل الله أن يعيننا وإياكم في ذلك .
طيب الآن انتهى الدرس ، الذي يريد أن يخرج يخرج ما في مانع ، والذي يريد أن يجلس أن أجلس لأن الأخ عنده سؤال .
الطالب : فيه حديث ...
الشيخ : والله ما أعرف هذا الحديث .
3 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )) ". أستمع حفظ
قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
مناقشة على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته , فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )) " .
الطالب : بدائع الفوائد .
الشيخ : بدائع الفوائد ، ومعنى الإلحاد يا خالد أن ... لأن الكتاب مطبوع فلا بد أن تراجعوه .
أما الإلحاد في الآيات فذكرنا أن الآيات تنقسم إلى قسمين : آيات كونية وهي المخلوقات ، وآيات شرعية وهي ما جاءت به الرسل من شريعة الله ، الإلحاد في الأول .؟
الطالب : ... .
الشيخ : ... أو يعتقد بأن الله له شريك فيها ، طيب زين استرح . الإلحاد في الآيات الشرعية يكون .؟
الطالب : ... .
الشيخ : يكون في ثلاثة مواطن .؟
الطالب : ... .
الشيخ : استرح ، يكون بالتحريف والتكذيب ... هذا في الآيات الشرعية ، فمن يكذب بما أخبر به الله ورسوله هذا ملحد ، والذي يحرف ملحد ، والذي يعصي ويخالف ملحد . طيب تقدم أن لله الأسماء الحسنى وأن الله أمرنا بأن ندعوه بها ، وقلنا الدعاء بها وش معناه .؟
الطالب : ... .
الشيخ : أن يجعلها وسيلة لحصول المقصود ، فيقول مثلا : اللهم يا عفور اغفر لي ، ويا رحيم ارحمني ، أحسنت . ودعاء العبادة أن يتعبد لله بما تقتضيه هذه الأسماء ، فإذا علم أن الله شديد العقاب مثلا ، وش يقتضي .؟ أن يتجنب معصيته ، وإذا علم أنه رحيم فعل ما يحبه الله لأجل أن ينال رحمته ، وهكذا .
5 - مناقشة على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... من غير إلحاد لا في أسمائه ولا في آياته , فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته كما قال تعالى : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون )) " . أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقال تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم )) الآية . فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )). ففي قوله (( ليس كمثله شيء )) رد للتشبيه والتمثيل وقوله : (( وهو السميع البصير )). رد للإلحاد والتعطيل . والله سبحانه : بعث رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل , فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى (( فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا )) قال أهل اللغة : (( هل تعلم له سميا )) أي نظيرا يستحق مثل اسمه . ويقال : مساميا يساميه وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس (( هل تعلم له سميا )) مثيلا أو شبيها , وقال تعالى (( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) " .
" قال تعالى : (( اعْمَلُوا مَا شِئْتُم )) " ، يعني بعد هذا البيان اعملوا ما شئتم ، وهذا الأمر للتهديد وليس للإباحة ، لأن الإنسان ليس مباحاً له أن يعمل ما يشاء ، ولكنه بعد أن بيّن قال اعمل ما شئت، مثل ما تقول للطفل أنت إذا فعلت كذا عاقبتك بكذا ، وإذا فعلت كذا من الأمور المحبوبة أعطيتك كذا ، ثم تقول له بعد ذلك اعمل الذي تريد ، كأنك تتوعده إذا خالف أمرك .
قال : " فطريقهم " أي طريقة .؟ طريقة سلف الأمة ، لأن المؤلف يقول : " وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها " " فطريقهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات " وهذا واضح ... " إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل ".
إثبات بلا تشبيه مثلا يثبتون لله وجها ، لكنه لا يشبه أوجه المخلوقين .
وتنزيها بلا تعطيل ، يعني ينزهون الله سبحانه وتعالى عما لا يليق به لكنهم لا يعطلون ما وصف به نفسه ، خلافاً للذين يثبتون مع التشبيه وهم المشبهة ، والذين ينزهون مع التعطيل وهم المعطلة .
مثلا المعطلة ينفون عن الله اليد ، ولا وجه ، ولا ينزل ولا استواء على العرش ،ليش .؟ قال : لأننا ننزه الله عن هذه الأشياء ، أهل السنة والجماعة يقولون لا ، نحن ننزه الله عن النقائص والعيوب ، لكننا لا نعطل أسماء الله وصفاته .
" كما قال الله تعالى : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) [ الشورى]. ففي قوله (( ليس كمثله شيء )) رد للتشبيه والتمثيل ، وقوله (( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) رد للإحاد والتعطيل ".
واضح يا جماعة .؟ إذا الآية تضمنت الرد على طائفتين من المبتدعة إحداهما المشبهة في قوله : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) . والثاني المعطلة في قوله : (( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) .
ثم قال المؤلف رحمه الله مبيناً قاعدة مهمة جدا : " والله سبحانه بعث رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل ".
" بعث رسله " يعني أرسلهم " بإثبات مفصل " التفصيل ضد الإجمال يعني مبيّن ، ومتعدد الصفات " وبنفي مجمل " وش معنى مجمل .؟ يعني غير مفصل .
(( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) هذا مجمل أو مفصل .؟
الطالب : مجمل .
الشيخ : متأكدين أنه مجمل .؟ نعم مجمل ، ما قال ليس كمثله شيء في العمى والصمم والعجز والضعف في كذا وكذا ، أجمل . ليس كمثله شيء في كل شيء ، واضح .؟
(( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) مفصل أو مجمل .؟
الطالب : مفصل .
الشيخ : نعم ، لأنه لو كان مجملاً لقال : وهو الكامل ، لو قال وهو الكامل صار هذا مجملاً ، لكنه لما قال : (( وهو السميع البصير )) صار مفصلاً ، لأنه سمع محدد ، بصير أيضاً له معنى محدد ما يتعدى غيره .
أيضاً لاحظ ما أكثر ما في القرآن من أسماء الله وصفاته ، أو لا المثبتة المفصلة ، لكن عند النفي ما تجده ينفي شيئا معينا إلا ما وصف به من أعداءه فينفيه لإخبارهم ، خليكم معنا ، فاهمين يا جماعة .؟
أقول مرة ثانية : في الإثبات يصف الله تعالى نفسه بإثبات مفصل ، نعم
اقرأ آخر سورة الحشر : (( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون * هو الله الخالق البارئ المصور ... )) أو لا هذا مفصل أو مجمل .؟
الطالب : مفصل .
الشيخ : مفصل ، لكن تجد النفي (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) (( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )) (( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) [مريم]. مجمل غير مفصل إلا شيئاً وصف به من العيوب فإن الله تعالى يذكره بعينه ، مثل (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ )) هذا مجمل أو مفصل .؟
الطالب : مفصل .
الشيخ : (( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ )) نفى عيبا معينا ، لماذا .؟ لأنه وصف به من المشركين ، فأراد الله تعالى إبطاله .
أما ما يتمدح به نفسه فإنه لا يأتي مفصلاً وإنما يأتي مجملاً .
كذلك أيضا يأتي التفصيل إذا كان المقصود به إثبات كمال صفة مدح مثل : (( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا )) . يعني ما يخاف من الله ظلماً ولا هضما ، لأن هذا في مقابل الجزاء ، فاحتاج أن ينفي الظلم لكمال العدل .
طيب يقول : " بعث رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل "
كيف نستطيع أن نمثل للإثبات المفصل ؟ يمكن أن نمثل لذلك بأي شيء.؟ بآخر سورة الحشر ، لأنها هي أكثر ما جمعت من الأسماء ، هي أسماء كثيرة مفصلة ، ونفي مجمل ممكن أن نمثل لذلك بأي شيء؟ (( ليس كمثله شيء )) .
قال : " فأثبتوا لله الصفات " من الذين أثبتوا .؟ يحتمل أن يكون المراد من ذلك سلف الأمة وأئمتها أو يعود على الرسل لأنه قال : بعث رسله .
يعني أثبت الرسل لله الصفات " على وجه التفصيل ، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى : (( فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا )) [مريم]. قال أهل اللغة : (( هل تعلم له سميا )) أي نظيراً يستحق مثل اسمه " هذا تفسير ، وقال : " ويقال مسامياً يساميه " ومعنى مسامياً يساميه أي مشابها يشابهه .
" وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : (( هل تعلم له سميا )) مثيلاً أو شبيهاً ".
وهذا مجمل أو مفصل .؟ (( هل تعلم له سميا )) .؟
الطالب : مجمل .
الشيخ : مجمل ، ما قيده ما قال : هل تعلم له سميا في كذا أو كذا بل أجمل .
" وقال تعالى : (( لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد )) " .
هذا فيه مجمل ومفصل ، وين المجمل .؟ (( ولم يكن له كفوا أحد )) هذا مجمل ، (( لم يلد ولم يولد )) مفصل ، لأنه نفى عنه صفة واحدة محددة معينة ، لماذا عين هنا ؟ لأنه وصف بأن له ولدا ، من الذي وصف بأن له ولدا .؟ النصارى مثلا ، قالوا المسيح ابن الله ، اليهود قالوا عزير ابن الله ، والمشركون قالوا الملائكة بنات الله ، أو لا.؟ فوصفه من عباده من تعدوا حدوده بأن له ولدا ، فقال : (( لم يلد )) (( ولم يولد )) أتى بها لتمام المقابلة ، لأنه قد يقول لم يلد لكن هل ولد هو ؟ فلتمام المقابلة قال : (( ولم يولد )) .
وقد يكون هذا أيضا رداً على الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا محمد أنسب لنا ربك ، من أين .؟ فقال : (( ولم يولد )) يعني ليس له قبيلة ينتسب إليها سبحانه وتعالى لأنه الخالق .
طيب : (( ولم يكن له كفواً أحد )) مجمل أو مفصل .؟
الطالب : مجمل .
الشيخ : مجمل . نعم : (( ولم يكن له كفواً أحد )) .
6 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقال تعالى : (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم )) الآية . فطريقتهم تتضمن إثبات الأسماء والصفات مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل كما قال تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )). ففي قوله (( ليس كمثله شيء )) رد للتشبيه والتمثيل وقوله : (( وهو السميع البصير )). رد للإلحاد والتعطيل . والله سبحانه : بعث رسله بإثبات مفصل ونفي مجمل , فأثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل كما قال تعالى (( فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا )) قال أهل اللغة : (( هل تعلم له سميا )) أي نظيرا يستحق مثل اسمه . ويقال : مساميا يساميه وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس (( هل تعلم له سميا )) مثيلا أو شبيها , وقال تعالى (( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد )) " . أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : "وقال تعالى : (( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ))وقال تعالى : (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله )) وقال تعالى : (( وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون * بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم )) وقال تعالى : (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا * الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك )) ".
" وقال تعالى : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه )) " من الناس من يتخذ ، من الناس من هذه يسمونها للتبعيض ، (( مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ )) شف والعياذ بالله أنداد في المحبة ، ومن أحب شيئاً أطاعه ، أليس كذلك .؟
الطالب : بلى .
الشيخ : نعم ، إذاً هم يحبون هذه الأنداد ويطيعونها لأنهم يعبدونها ، لكن يقول الله تعالى : " (( والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه )) " أشد حباً لله من هؤلاء لله ، أو من هؤلاء لأندادهم .؟
الطالب : لأندادهم .
الشيخ : من هؤلاء لله ، أشد حبا لله من هؤلاء لله ، يعني هؤلاء يحبون الله لكن يحبون الأصنام أيضاً كحب الله ، إذاً فمحبة الله عندهم مشروكة ، (( والَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه )) لأن محبتهم لله .؟
الطالب : خالصة .
الشيخ : ليست مشروكة خالصة ، وقيل ما معناه : والذين آمنوا أشد حباً لله من هؤلاء الأنداد ، لأنهم يحبون الله عن رهبة ورغبة ، وأولئك لا يحبون أندادهم عن رغبة ورهبة .
على كل حال هنا ذكر الله تعالى أن من الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ، على سبيل المدح أو على سبيل الذم .؟
(( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله )) هل تحدث عن هؤلاء مادحا لهم أو ذاما لهم .؟
الطالب : ذاما لهم .
الشيخ : طبعا ذاما لهم .
" وقال تعالى : (( وجعلوا لله شركاء )) " من هؤلاء الشركاء .؟
" (( الجن )) " ولهذا الجن تعتبر عطف بيان لشركاء ، يعني بينت هؤلاء الشركاء " (( شركاء الجن وخلقهم )) " الجملة هذه جملة حالية على تقدير قد ، يعني وقد خلقهم ، خلق من .؟ الجن ، فإذا كان الجن مخلوقين فكيف يصح أن يكونوا شركاء للخالق ، (( وجعلوا لله شركاء الجن )) ، وش قلنا (( وخلقهم )) .؟ جملة حالية على تقدير قد ، يعني وقد خلقهم ، أي خلق الجن ، والمخلوق لا يصح أن يكون شريكا للخالق . " (( وخرقوا له بنين وبنات بغير علم )) " خرقوا معطوف على جعلوا ، يعني وكذلك أيضاً خرقوا لله بنين وبنات بغير علم ، وخرقوا مثل خلقوا ، بل هي أشد ، المعنى اختلقوا وقالوا كذباً ، أيهم أشد خلق أو خرق .؟
الطاالب : خرق .
الشيخ : الأخيرة أشد حتى على اللسان أشد ، اللام خفيفة مثل الريشة ، لكن خرقوا الراء شديدة ، تخلي اللسان يتكرر .
إذا هي أعظم لأن هذا الاختلاق والعياذ بالله من أعظم الاختلاقات ولهذا قال : (( وخرقوا له )) يعني اختلقوا له بنين وبنات ، الذين اختلقوا البنين من هم .؟
الطالب : المشركون .
الشيخ : لا ، اليهود والنصارى ... (( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّه )) . والذين اختلقوا بنات .؟ المشركون ، قالوا الملائكة بنات الله .
" (( بغير علم )) " ما عندهم علم بهذا ، بل العلم على خلاف ما اختلقوا " (( سبحانه وتعالى عما يصفون )) " سبحانه مرت علينا من قبل أو لا .؟
الطالب : مرت .
الشيخ : وقلنا أن سبحان اسم مصدر ، وهي منصوبة على أنها مفعول مطلق ، وهي ملازمة لإيش .؟ للنصب والإضافة ... ومعنى سبحانه تنزيه الله تعالى عما يصفونه به ، من الشريك ، ومن اتخاذ الولد .
ثم أبطل الله تبارك وتعالى هذه الدعاوى الكاذبة قال : " (( بديع السموات والأرض )) " ومعنى بديع .؟ مبدع ، ومعنى مبدع الخالق على غير مثال سبق ، لأن الأرض البديعة هي التي ليس لها شيء سابق ، فمعنى بديع السموات والأرض خلقها على غير مثال سبق ، كما قال المفسرون ، (( بديع السموات والأرض )) يعني خالقهما على غير مثال سبق ، يعني ما سبق لهما نظير .
" (( أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة )) " يمكن هذا أو لا يمكن.؟ يعني كيف يصير له ولد وهو ما له صاحبة ، والصاحبة من هي .؟ الزوجة ، لأن الولد لا يتكون إلا بين زوجين أو من أنثى فقط ، نعم مثل ما حصل من ابن مريم ، مع أنه من ابن مريم ما حصل منه إلا بعد نفخ الروح فيها .
وقوله : " (( وخلق كل شيء )) " هذا دليل آخر أيضاً على امتناع أن يكون له ولد أنه خالق كل شيء ، ومن جملة ما خلق من زعموهم أبناء وبنات لله ، فكيف يكون المخلوق ابناً للخالق .
ثم قال : " (( وهو بكل شيء عليم )) " وعلمه بكل شيء مع نفيه أن يكون له ولد يدل على امنتاع الولد ، وإلا لوقع الخبر على خلاف المعلوم وهذا شيء مستحيل .
المهم الشاهد من هذا أن الله تعالى ذكر هذه الأشياء وأبطلها ، فليس له شريك لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في حقوقه ، نعم وليس له ابن لأنه ليس له ... .
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، يعني العلم بصفة معينة ، لكن متعلقها عام ، متعلق العلم عام ، وإلا العلم فهو معين .
الطالب : ... .
الشيخ : إذا كانت المحبة صادقة لابد أن يطيعه ، ليش .؟ لأن المحب يريد الوصول إلى حبيبه ، فإذا أمره وخالفه فهذا مما يبعده عنه ، فإذا كان محبا صادقا فلا بد أن يطيع ، ولهذا فنحن نقول ، من أحب الله محبة صادقة فلا بد أن يكون ممتثلا لأمره .
يقول : " وقال تعالى : (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا * الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك )) ".
(( تبارك الذي نزل ))، المراد بالفرقان القرآن ، ووصف بذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل ، (( على عبده )) من .؟ محمد صلى الله عليه وسلم (( ليكون )) الضمير يعود على الرسول أو القرآن .؟
الطالب : الاثنين .
الشيخ : للجميع ، والظاهر أنه عائد على الرسول لأنه أقرب ، وقد قيل إن الضمير يعود على أقرب مذكور ، وقوله : (( نذيراً )) أي منذرا .
وقوله : (( الذي له ملك السماوات والأرض )) صفة للذي نزل الفرقان (( له ملك السماوات والأرض ))، كل هذا إثبات ، (( ولم يتخذ ولدا )) هذا نفي مفصل ، لماذا .؟ لأنه لإبطال من وصفه به . طيب .
(( ولم يكن له شريك في الملك )) هذا عام ، أي لا أحد يشركه في الملك ، لا في العبادة ولا في الخلق ولا في الرزق ولا في الإحياء ولا في الإماتة .
الطالب : ... .
الشيخ : الأخير أي نعم نفي عام .
7 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : "وقال تعالى : (( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ))وقال تعالى : (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله )) وقال تعالى : (( وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون * بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم )) وقال تعالى : (( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا * الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك )) ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقال تعالى : (( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون *أصطفى البنات على البنين *ما لكم كيف تحكمون * أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين* فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون * إلا عباد الله المخلصين )) إلى قوله : (( سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين )). فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك وحمد نفسه ; إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع المخلوقات ".
الطالب : لا .
الشيخ : لا !!
" (( أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ )) " ولد فعل ماضي والله فاعل ، أي اتخذ ولداً " (( وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ )) " : أصطفى أصله أأصطفى ، فالهمزة هنا للاستفهام ، وهمزة الفعل سقطت لالتقاء الساكنين ، لأن الصاد ساكنة ، وهمزة الوصل ساكنة فسقطت الهمزة ، فالهمزة في " قوله : (( أصطفى )) " ما نقول الهمزة هذه من الفعل ، بل نقول هذه همزة استفهام .
" (( أَصْطَفَى الْبَنَاتِ )) " يعني اختار البنات (( على البنين )) وش الجواب .؟ لا .
" (( مَا لَكُم )) " جملة مستقلة ، ولهذا ينبغي الوقوف عليها ، يعني أي شيء لكم بهذا الحكم الجائز ،" (( كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلا تَذَكَّرُونَ )) " يعني ولو تذكرتم لعلمتم أن الله سبحانه وتعالى لم يتخذ ولداً ، ولعلمتم أن من القسمة الضيزى الجائرة أن تجعلوا لله البنات ولكم البنين .
" (( أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ )) " سلطان بمعنى حجة ، ومبين بمعنى بين موضح (( فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين )) سبحان الله جمل عظيمة هذه ، (( فأتوا )) الأمر هذا وش دوره .؟
الطالب : للإعجاز .
الشيخ : نعم ، للإعجاز والتحدي ، فإن كان لكم سلطان وحجة (( فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين )) .
" (( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُون )) " ما هي الجنة .؟ الجن ، وقيل المراد بالجنة هنا الملائكة ، وأنهم سموا جناً بالمعنى الأعم في استتارهم عن العيون ، ولكن هذا القول ضعيف فإطلاقات القرآن كلها تدل على خلاف ذلك .
ولعل أحدا من العرب أو المشركين يعتقدون أن بين الجن وبين الله تعالى نسباً ، يعني قرابة ، ولكن الله أبطل ذلك بقوله : (( وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُون )) يحضرون لأي شيء .؟
الطالب : للحساب .
الشيخ : للحساب يوم القيامة .
" (( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ )) " تنزيه الله عما يصفون به من اتخاذ الولد ، والنسب الذي بينه وبين الجنة ، وغير ذلك مما وصف الله به.
" (( إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ )) " الاستثناء هنا يبدوا أنه منقطع ، يعني لكن عباد الله المخلصين لم يصفوه بما وصفه به هؤلاء .
" إلى قوله (( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) "
قال المؤلف شارحا لهذا : " فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك ، وحمد نفسه إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع الخلوقات ".
والخلاصة : المؤلف رحمه الله أتى بهذه الآيات العديدة لإثبات ما أبطله ، ما هو الذي أبطل .؟ النفي المجمل والإثبات المفصل .
أرجو الانتباه ، الصفحة التي قبل هذه فيها بيان عقيدة سلف الأمة وأئمتها ، وهم أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه ، ويثبتون ما أثبت لنفسه من الصفات إثباتاً بلا تشبيه وتنزيهاً بلا تعطيل ، هذه قاعدة .
القاعدة الثانية : الرسل عليهم الصلاة والسلام جاؤوا بأي شيء بالنسبة للأسماء والصفات .؟ بإثبات مفصل ونفي مجمل ، ما فيه تفصيل ، إلا أني قلت لكم إن النفي قد يفصل فيه متى .؟ إذا كان رداً لوصف وصف به أو قصد به المقابلة أو بيان الكمال ، كما العدل .
8 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقال تعالى : (( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون * أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون * ألا إنهم من إفكهم ليقولون * ولد الله وإنهم لكاذبون *أصطفى البنات على البنين *ما لكم كيف تحكمون * أفلا تذكرون * أم لكم سلطان مبين* فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين * وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون * سبحان الله عما يصفون * إلا عباد الله المخلصين )) إلى قوله : (( سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين )). فسبح نفسه عما يصفه المفترون المشركون وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من الإفك والشرك وحمد نفسه ; إذ هو سبحانه المستحق للحمد بما له من الأسماء والصفات وبديع المخلوقات ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما الإثبات المفصل فإنه ذكر من أسمائه وصفاته ما أنزله في محكم آياته كقوله : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) الآية بكمالها وقوله : (( قل هو الله أحد * الله الصمد )) السورة وقوله : (( وهو العليم الحكيم )) (( وهو العليم القدير )) (( وهو السميع البصير )) (( وهو العزيز الحكيم )) (( وهو الغفور الرحيم )) (( وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد* فعال لما يريد )) (( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم * هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) " .
طيب (( الحي القيوم )) المؤلف يقول الآية ، معنى ذلك يريد منا أن نتلو الآية : (( الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )) هذا مفصل أو مجمل .؟
الطالب : مفصل .
الشيخ : (( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )) مفصل ، لكنّي ذكرت لكم أنه قد جاء بالنفي المفصل لبيان كمال الإثبات ، هنا : (( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )) إيش الغرض من هذا .؟ إثبات كمال حياته وقيوميته ، لكمال حياته لا ينام ، ولكمال قيوميته على عباده لا ينام ، لأنه سبحانه لو نام لكان معنى ذلك أنه محتاج للنوم ، ولو نام من يتصرف في الخلق وهو نائم .؟ إذا فنفي السنة والنوم يا أخ .؟ على شان يروح عنك النوم ، نفي السنة والنوم عن الله لماذا .؟ لأي شيء .؟ (( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )) آية الكرسي ليش .؟
قلنا يا جماعة ، السؤال للجميع ، لكمال حياته وقيوميته ، فهو كامل الحياة لا يحتاج إلى نوم ، وهو القيوم على عباده لا يمكن أن ينام ، استرح .
طيب : (( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْض )) هذا إثبات الملك المختص به (( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ )) لأن تقديم الخبر ، وش يدل عليه .؟ الحصر (( لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْض )) هذا عموم الملك .
(( مَنْ ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِه )) هذه الصفة وش فيها .؟ كمال السلطان ، يعني حتى الذين يشفعون ما يمكن أن يشفعون عند الله إلا بعد إذنه ، أرجو الانتباه .
وكلما نضرب مثلاً في ملوك الدنيا ولله المثل الأعلى ، كلما كان الملك أشد احتراما وعظمة عند الناس ما تجد أحد يتكلم عنده بشيء أبداً. يعني إذا جئت للعظماء تجد لو كان المجلس مملوءا بالناس ما يتكلمون إلا بعد الاستئذان ، أستأذن أتكلم فيقول تكلم ، لكن الذين ليس عندهم قوة شخصية وقوة سلطان ، هل يستأذنهم الناس أن يتكلموا أو يصرخون بآذانهم ولا يبالون .؟ هو هذا ، ما يبالون به ، ولا يستأذن منهم ولا شيء ، فكلما عظم السلطان عظمت الهيبة ، وكلما عظمت الهيبة امتنع التصرف إلا بعد الإذن ، فالله تبارك وتعالى لكمال سلطان ما أحد يشفع ، حتى الشفاعة للغير ما يشفع إلا بإذنه .
ملوك الدنيا مهما عظمت منزلتهم ، أقاربهم وأصدقاؤهم يستطيعون أن يشفعوا عندهم وإن لم يأذنوا ، ولهذا مثلا يأتي صديق السلطان فيقول له نريد أن نشفع لفلان مثلاً فعل كذا وفعل كذا ولو لم يستأذن ، والله تعالى لكمال سلطانه لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه .
(( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ )) فيها إثبات العلم (( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ )) فيها أيضاً إثبات العظمة بحيث ما يستطيع أحد أن يحيط بشيء من علم الله إلا بما شاء .
(( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ )) هذا أيضا فيه عظيم صنعته تبارك وتعالى ، وعظيم الصنعة يدل على عظم الصانع .
(( وَلا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا )) يعني ما يثقل الله حفظ السموات والأرض ليش .؟ لكمال علمه وقدرته ، فهو عالم قادر ، ولهذا يحفظ السموات والأرض بدون مشقة .
(( وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم )) إثبات العلو والعظمة .
المهم هذه الآية تضمنت على إثبات مفصل وعلى نفي مجمل أو مفصل حسب ما يقتضيه المقام .
طيب : " وقال تعالى : (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ )) السورة " أحد الصمد هذا إثبات أو لا .؟
الطالب : إثبات .
الشيخ : إثبات ، (( لم يلد ولم يولد )) نفي وقد تقدم .
" وقوله : (( وهو العليم الحكيم )) " فيه إثبات العلم وإثبات الحكمة، وما هي الحكمة .؟ الحكمة يجب أن نعرف أن الحكيم مشتقة من حكم وأحكم ، فالحكم غير الإحكام ، الإحكام إتقان الشيء ، ووضعه في محله وهي الحكمة ، وأما الحكم فهو التصرف ، والله تبارك وتعالى له الحكم المطلق في السموات وفي الأرض ، الحكم الكوني والشرعي ، وله الحكمة البالغة ، وأظنكم قد درستم أقسام الحكمة في العقيدة الواسطية .
" وقوله تعالى : (( وهو العليم القدير )) " إثبات العلم والقدرة .
" (( وهو السميع البصير )) " إثبات السمع والبصر " (( وهو العزيز الحكيم )) " إثبات العزة والحكمة " (( وهو الغفور الرحيم )) ، (( وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد )) " المجيد بالرفع أو بالجر .؟
الطالب : بالجر .
الشيخ : لا بالرفع : (( ذو العرش المجيدُ )) .
الطالب : مكسورة .
الشيخ : مكسورة ... لكن هي في القرآن بالرفع ، وفيها قراءة بالجر إذا قلنا : (( ذو العرش المجيدُ )) فهي صفة لمن .؟ لله .
وإذا قلنا : (( المجيدِ )) فهي صفة للعرش ، وفيها قراءتان . طيب : " (( فعّال لما يريد )) " . " وقوله : (( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم )) " فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ).
" (( وهو بكل شيء عليم * هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم )) " .
يعلم ما يلج في الأرض ، وش مثال الذي يلج في الأرض .؟ يلج يعني يدخل في الأرض ، السؤال خاص .؟
الطالب : ... .
الشيخ : يلج في الأرض ... مثل الأموات وبذور النبات ، والمياه التي تنزل في الأرض ، كل هذا يلج في الأرض ، وكذلك الوحوش تلج في أترابها ، أليس كذلك .؟ وفي جحورها أيضا ، هذا مما يدخل في الأرض ، استرح .
(( وما يخرج منها )) ما يخرج من الأرض الأخ .؟
الطالب : مثل النبات وغيرها .
الشيخ : وبنو آدم .؟ بنو آدم من الأرض .؟ نعم ، طيب استرح .
(( وما ينزل من السماء وما يعرج فيها )) ما يعرج فيها أو ما يعرج إليها .؟
الطالب : الاثنين .
الشيخ : طيب هنا (( وما ينزل من السماء )) من المطر والوحي والأمر (( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض )) (( وما يعرج فيها )) المعروف أن عرج يعرج (( تعرج الملائكة والروح )) وش الذي بعده .؟ (( إليه )) المعروف أن عرج تتعدى بإلى ، يقال عرجت إلى كذا ، وهنا قال : (( وما يعرج فيها )) فما هو المخرج من هذا ؟ أقول لعلماء النحو في ذلك رأيان :
إذا عدّي الفعل بحرف لا يعدّي به ، هذا الضابط ، إذا عدّي الفعل بحرف لا يعدّي به فقال بعض النحويين تجعل الفعل مضمناً لمعنى يتناسب مع الحرف ، وبعضهم يقول بالعكس ، ضمن الحرف حرفاً يناسب الفعل ، هنا (( وما يعرج فيها )) على الرأي الأول يضمن يعرج معنى يدخل ، وما يدخل فيها، لكن لما كانت السماء عالية قيل يعرج ، وعلى الرأي الثاني تجعل في بمعنى إلى ، تحول الحرف إلى حرف يناسب الفعل .
مثال آخر : (( عينا يشرب بها عباد الله )) يشرب بها ، العين هي يشرب أو يشرب الماء .؟ يشرب منها ، بعض العلماء يقول الباء هنا بمعنى من ، يشرب بها أي منها ، وبعضهم يقول لا ، الباء على معناها الحقيقي ، لكن يشرب بمعنى يروي ، فيحول معنى الفعل إلى ما يناسب معنى الحرف .
9 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما الإثبات المفصل فإنه ذكر من أسمائه وصفاته ما أنزله في محكم آياته كقوله : (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) الآية بكمالها وقوله : (( قل هو الله أحد * الله الصمد )) السورة وقوله : (( وهو العليم الحكيم )) (( وهو العليم القدير )) (( وهو السميع البصير )) (( وهو العزيز الحكيم )) (( وهو الغفور الرحيم )) (( وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد* فعال لما يريد )) (( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم * هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) " . أستمع حفظ
قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
خلاصة الكلام على بعث الرسل بإثبات مفصل ونفي مجمل .
الطالب : بلى .
الشيخ : لأن الإنسان يدرك من صفات الله تبارك وتعالى بالتفصيل ما لا يدركه بالإجمال . أما في باب النفي فإن طريقة الرسل ما هي.؟ الإجمال في النفي (( ليس كمثله شيء )) وما أشبه ذلك (( هل تعلم له سميا )) (( لم يكن له كفوا أحدا )) ولا للتفصيل في النفي إلا في نفي ما ادّعي على الله من صفة عيب ، هذه واحد ، أو لبيان كمال صفة ثبوتية ، نعم فمثلا : (( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب )) وش معنى لغوب .؟
تعب ، قوله : (( وما مسنا من لغوب )) هذا تفصيل أو إجمال .؟
الطالب : تفصيل .
الشيخ : تفصيل ، ولكنه لبيان كمال الصفة الثبوتية وهي قوله : (( ولقد خلقنا )) يعني خلقناها بقوة ولم يمسّنا تعب ، فهو لبيان إيش.؟ كما الصفة الثبوتية ، كذلك قد يكون التفصيل لنفي ما ادّعي على الله من صفة عيب ، مثل قول تعالى : (( لم يلد ولم يولد )) هذه الصفة تفصيل أو إجمال .؟
الطالب : تفصيل .
الشيخ : تفصيل ، لكن لنفي ما ادّعي على الله عزّ وجل من صفات النقص ، وإلا الإجمال أكمل ، لأننا لو ضربنا مثلا ولله المثل الأعلى، إنسان وقف أمام ملك ، وقال أيها الملك الجليل الذي لست بزبال ولا كناس تراب ولا كساح ولا حجام ولا شحات بالأبواب ، نعم وقام يجيب من صفات العيب المفصلة وينفي عنه ، ما رأيكم في شعور الملك بهذا الرحل .؟ يمدح أو يستهزئ .؟
الطالب : يستهزئ .
الشيخ يستهزئ ، ... أن يعاقبه ، فصفات النقص الإتيان بها على سبيل التفصيل غير لائق في مقام التعظيم وإلا ما جاءت في طريقة الرسل إلا على سبيل الإجمال إلا في الحالين الذين أشرنا إليهما ، وهو أن يكون هذا الوصف المنفي قد ادّعي لله عز وجل ، أو هذا الوصف المنفي لبيان صفة كمال قرن بها .
تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) " .
الطالب : نفي وإثبات .
الشيخ : نفي وإثبات ، ثم ذكر أيضا صفات كثيرة متعددة في الإثبات ، مثل العليم والحكيم والعزيز والغفور والرحيم ، والأول والآخر والظاهر والباطن ، (( وهو بكل شيء عليم )) وهذا أظن آخر ما قرأنا .؟
الطالب : ... .
الشيخ : طيب زين نعم .
الطالب : ... المقابلة .؟
الشيخ : أما المقابلة فنعم صحيح ، المقابلة هذه تأتي أيضا ، لكن المقابلة مثل ما قلنا أنها تأتي أحيانا ابيان صفة الكمال .
أقول : " (( ... وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ والله بما تعملون بصير )) " (( وَهُوَ مَعَكُمْ )) هذه صفة ثبوتيه أو نفي .؟ إثبات المعية صفة ثبوتية ، هذه المعية يجب أن نعرف أنها لا تقتضي ولا تستلزم أن يكون معنا في المكان ، نعم ، لأن بعض المبتدعة كحلولية الجهمية يقولون إن معنى قوله : (( وَهُوَ مَعَكُمْ )) أنه معنا في المكان ، يعني إذا كنت في الغرفة صار الله في الغرفة ، وإذا كنت في المسجد صار الله في المسجد ، إذا كنت في السوق صار الله في السوق ، لو كنت في محل قذر - والعياذ بالله - على رأيهم صار الله في هذا المحل .
لأنهم يرون أن المعية هي حلول الله عزّ وجل في المكان الذي أنت فيه، فهمتم هذا .؟ طيب هل هذا لائق بالله عز وجل ؟!
الطالب : لا .
الشيخ : أبدا ممتنع ، لأن الله لا يحيط به شيء من مخلوقاته ، وكيف يكون الله مثلا عندنا في هذه الغرفة وعند الذين بجنبنا في غرفتهم ، كم يصير الله من واحد ؟! نعم .
متعدد بتعدد الأمكنة ، وهذا شيء مستحيل ، هو معنا وهو فوقنا ، لأن من كان محيطاً بك علماً ورؤيةً وسمعاً وتدبيراً وسلطاناً فهو معك وإن كان فوقك .
مثلا نحن هنا والله تبارك وتعالى لا يخفى عليه أمرنا ، يرى ما نفعل ويسمع ما نقول ويدبر أمرنا ، إذا هو في الحقيقة معنا وإن كان في السماء هو معنا وإن كان في السماء .
فإذا قال قائل: هل يعقل أن يقال للشيء إنه معك وهو في السماء.؟
قلنا : نعم يعقل هذا وهو مستعمل لغة ، فالعرب يقولون : ما زلنا نسير وسهيل معنا أو والقمر معنا أو والقطب معنا ، وأين محلها .؟ في السماء ، وهذا شيء مستعمل ، بل إن الإنسان يأتيه ولده يبكي يقول : يا أبي الأولاد ضربوني في السوق ، والآن أنا خارج ألعب ، ما ألعب في السوق لأن الأولاد يضربونني ، فيقول الأب له : اخرج أنا معك اخرج أنا معك فيخرج ، الابن وأبوه في البيت ، وهو يشعر أن والده معه لأنه يسمع ما يقال له ، ويرى ما يفعل به ، مفهوم فهكذا إذاً معية الله عزّ وجل .
المؤمن بفطرته لا يتصور عندما يقرأ قول الله تعالى : (( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ )) ما يمكن أن يتصور أن الله معه في مكانه أبدا ، بفطرته لا يتصور هذا ، نعم فأمر لا تقتضيه الفطرة ولا تقتضيه اللغة ولا يمكن في حق الله ، كيف نقول إن هذا هو ما دل عليه كلام الله، وهل كلام الله يدل على شيء محال ؟ لا ، إذاً هو معنا لكنه في السماء على عرشه ، لكن معنا بالإحاطة علماً وقدرة وسلطانا وتدبيراً ورؤية وبصيرا إلى آخره .
نعم وقوله تعالى : (( أَيْنَ مَا كُنْتُمْ )) هذه للتعميم للمكان ، يعني في أي مكان كنتم (( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) كل هذه صفات ثبوتيه.