قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
تعليق الشيخ على القاعدة التي هي : هل ظاهر النصوص في صفات الله مراد أو غير مراد .؟
أظنكم في القاعدة التي هي : هل ظاهر النصوص في صفات الله مراد أو غير مراد .؟ والجواب على هذا أن نقول : إن كان القائل يريد بظاهر النصوص ظاهرا يليق بالله عز وجل، فهذا مراد ، ومن قال إنه غير مراد فقد أخطأ ، وإذا كان يعتقد أن ظاهر النصوص إثبات صفات تماثل صفات المخلوقين ، فإن هذا الظاهر غير مراد بلا شك ، ليس ظاهر النصوص أن تكون صفات الله كصفات المخلوقين ، لماذا .؟ لأن هذا الظاهر كفر وضلال ، كل من زعم أن الله مماثل للمخلوقين فإنه كافر وضال ، وكل من زعم أن دلالة النصوص على هذا فهو أيضا ضال وغير عالم بدلالات النصوص ، فإذا نقول له : إذا كنت تريد بالظاهر ـ من الأول نبدأ بالتفصيل ـ إذا كنت تريد بالظاهر إيش .؟ معنى يليق بالله فهذا مراد ، ولا يمكن لأحد أن يقول إنه غير مراد ، ولو قاله لرددنا عليه ، وإذا كان يريد بالظاهر معنى يشبه ما للمخلوق من ذلك ، قلنا له إن هذا الظاهر غير مراد بلا شك ، ولكننا ننقله من هذا الفهم إلى الفهم الصحيح ، فنقول له : ليس هذا هو ظاهر النصوص .
أرجو الانتباه لأن هذه نقطة مهمة ، هو كان يعتقد أن ظاهر النصوص إثبات صفات تشبه صفات المخلوقين ، نقول له إذا كنت تعتقد أن هذا هو الظاهر ، فهذا الظاهر غير مراد ، لكن يجب أن نعدل مفهومه ، فنقول ليس هذا هو ظاهر النصوص ، إذا ما هو ظاهر النصوص .؟ إثبات معنى يليق بالله ، هذا ظاهر النصوص عز وجل ، فكونك تفهم من النصوص معنى يشابه صفات المخلوقين، وتقول إن هذا هو ظاهر النصوص ، وأنه غير مراد ، هذا لا شك أنه ظن خطأ ، وأن ظاهر النصوص هو المعنى اللائق بالله عز وجل ، هذا هو ظاهر النصوص .
المؤلف ذكر لهذا أمثلة ، كم .؟ ثلاثة ، المثال الأول .؟ ( عبدي جعت فلم تطعمني ... ) والثاني : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ... ) والثالث : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ... ).
وأظن سبق الجواب عن هذه الأمثلة ، سبق الجواب عن هذه الأمثلة ، لأنه هو وش فهم .؟ فهم من الأول الذي هو ( جعت فلم تطعمني ) فهم من النص هذا أن الله يجوع ، وأنه يحتاج إلى طعام ، فقال ظاهر النص غير مراد ، صحيح كلامه هذا أو لا .؟ ترى كلامه لا فهمه ، صحيح أن الظاهر هذا غير مراد ، هو فعلا ( جعت فلم تطعمني ) أن الله يجوع ويحتاج إلى طعام ، فقال ظاهر هذا غير مراد ، هذا إذا قال إن هذا غير مراد ، نقول صحيح الله لا يجوع ولا يحتاج إلى طعام ، لكن كونك تقول إن ظاهر هذا النص أن الله يجوع ويحتاج إلى طعام ، هذا غير صحيح ، لأن النص مفسر مبين من كلام الله ، وش معناه .؟ فسره الله بقوله : ( أما علمت أن عبدي فلانا جاع فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي ) واضح .؟
طيب المثال الثاني : يقول : ( الحجر الأسود يمين الله في الأرض )، وقلنا الجواب على هذا أولا : من حيث صحته وثبوته ،فهو لم يثبت عن الرسول عليه السلام الصلاة والسلام ، وإنما هو يروى عن ابن عباس ، ثم في صحته عن ابن عباس نظرا ، وعلى فرض وتقدير أنه صحيح ، يقول هو : إن ظاهر الحديث أن الحجر الأسود هو يمين الله نفسه ، يعني يد الله ، وهذا الظاهر غير مراد .
طيب الكلام الآن من جملتين : الحجر الأسود هو يمين الله حقيقة ، ظاهره غير مراد ، الجملة الأخيرة صحيحة أو لا .؟ الجملة الأخيرة صحيحة ، بناء على اعتقاده الأول أن الحجر يمين الله بالفعل ، فقوله إن ظاهره غير مراد و يكون الآن صحيحا ، لكننا نحن نقول له ، الجملة الأولى وهو قولك أنه يقتضي أن يمين الله هو نفس الحجر ، فهذا ليس بصحيح .
يا جماعة أرجو الانتباه ، لا تلخبطوا لي ، لأنكم ثقوا إن كان جوابكم في الامتحان النهائي على حسب جوابكم في هذا ، فالظاهر أنه لا ينجح منكم سوى خمسة في المئة ، لأنكم تسكتون ما تستبينون الأمر ، ويجب أنكم تستبينون الأمر ، ليس أن تسكتون وبس ، تقولون هذه إن شاء الله نراجعها ونفهم بعدين ، لازم ما تتعدون شيئا إلا وأنتم فاهموه .
( الحجر الأسود يمين الله في الأرض ) يقول هذا القائل : ظاهر الحديث أن الحجر هو نفس يد الله ، فظاهره غير مراد ، فاهمين هذا أو لا .؟
طيب نقول الآن : إذا كنت تفهم أن الحديث يدل على أن الحجر الأسود هو يمين الله التي هي يده ، فنحن نوافقك بأن ظاهره غير مراد ، ولكننا نقول لك قبل أن نجيبك على ذلك ، نقول إن فهمك أن الحديث يدل على أن الحجر هو يمين الله هذا فهم خطأ ، بل الحديث ما يدل على هذا ، الحديث يدل على أن الحجر ليس يمين الله ، فيكون ظاهره الآن مرادا أو غير مراد ، على فهمنا نحن .؟
الطالب : مراد .
الشيخ : أرجو الانتباه يا جماعة ، نقول الحديث يدل على أن الحجر ليس يمين الله ، ما يدل على أنه يمين الله ، إذا كان الحديث يدل على أن الحجر ليس يمين الله ، هل نقول ظاهره غير مراد أو مراد .؟ مراد ، لأنه لا شك أن الحجر ليس هو يمين الله ، فإذا ظاهره مراد ، فنقول هذا الحديث باق على ظاهره ، وظاهره أن الحجر الأسود ليس يمين الله ، لأنه قيد ( يمين الله في الأرض ) ويمين الله التي هي يده في السماء ، ولأنه قال : ( فمن صافحه أو قبله فكأنما صافح الله أو قبله ) فكأنما صافح ، والتشبيه مكون من مشبه ومشبه به وأداة تشبيه ووجه شبه ، فالمشبه به غير المشبه بلا شك ، وهنا فكأنما صافح الله ، يدل على أن اليد هذه ليست يد الله ، الحجر ليس يد الله ، لو كانت يدل الله لكان : فمن صافحه فقد صافح الله ، وليس كمن صافح الله .
فالحاصل الآن أن نقول أن هذا الحديث إذا ثبت فهو على ظاهره ، وليس ظاهره ما فهمه هذا الذي نفى أن يكون على ظاهره .
المثال الثالث : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ) يقول هذا الرجل : هذا الحديث ظاهره أن القلب بين أصبعين يمسانه ، أن الأصبع بين أصبعين يمسانه ، الآن عندما أقول هذا القلم بين أصبعين ، وش صار .؟ يمسانه أو لا .؟ يمسانه ، هو يقول : ( قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن ) هذا ليس على ظاهره ، لأننا نعلم أن أصبعي الرحمن لا يلمسان القلب ، ولا يمكن أن أصابع الرحمن يدخلن في صدر الواحد ويمسكن قلبه ، لا يمكن هذا صحيح هذا أو لا .؟ صحيح ، لكننا نقول له : ليس هذا ظاهر النص ، هو فهم هذا الفهم وراح يقول ليس على ظاهره ، نقول له ليس هذا هو ظاهر النص ، ليش .؟ لأن هذا الظاهر كفر وضلال ، كفر أن يكون صدرك الضيق واسعا لأصابع الرحمن التي يجعل الله الأرض بكاملها على أصبع ، وين أصابع الذي يدخل بجوفك ، هذا مستحيل أن يكون هذا ، مستحيل عقلا ، إذا كان مستحيلا ومن اعتقده فهو كافر ، هل يمكن أن يكون هو ظاهر النصوص .؟ لا ، لأن ظاهر النصوص حق لا باطل ، إذن إذا كان لم يكن هذا ظاهره فما ظاهره .؟ نقول البينية لا تقتضي المماسة .
طيب تقول مثلا : الطالب بين يدي المدرس ، ما أظن ولا رأسه حاطه بين يديه ، فكيف بجميع الطالب ، هل اقتضت المماسة عندما أقول الطالب بين يدي المدرس .؟ ما تضمنت ، أبلغ من ذلك وأبين قال الله تعالى : (( والسحاب المسخر بين السماء والأرض )) اقتضى أن تكون الأرض والسماء ملاصقة للسحاب .؟
الطالب : لا ،
الشيخ : وش بينهم .؟ بين السحاب والسماء ما لا نعلمه ، وبين الأرض والسحاب مسافات بعيدة ، تختلف بحسب ارتفاع السحاب وانخفاضه ، فتبين من هذا أن البينية لا تقتضي المماسة ، إذا فالحديث على ظاهره ، ونقول هذه البينية الله تبارك وتعالى أعلم بكيفيتها ، لأن جميع صفات الله لا نحيط بكيفيتها ، والله تعالى أعلم كيف تكون قلوبنا بين أصبعين من أصابعه ، إنما نحن نعلم أنه ل يمكن أن تكون أصابع الرحمن قابضة على نفس القلب ، هذا لا يمكن .
طيب بهذا تبين يا جماعة أن هذه القاعدة مهمة جدا ، والسؤال هل ظاهر نصوص الصفات مراد أو غير مراد .؟ ما هو الجواب .؟ الجواب بالتفصيل : إن أراد بالظاهر المعنى اللائق بالله فهو مراد ، وإن أراد بالظاهر المعنى الذي لا يليق بالله ، فهذا غير مراد ، لكننا يجب أن نصحح فهمه أولا ، فنقول إن فهمك أن النصوص تقتضي ما لا يليق بالله ، هذا خطأ ، وإلا فلا شك أنه غير مراد لكنه ليس ظاهر النصوص ، فظاهر النصوص المعنى الأول ، وهو المعنى اللائق بالله وهو حق .
تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومما يشبه هذا القول أن يجعل اللفظ نظيرا لما ليس مثله كما قيل في قوله : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) ؟ فقيل هو مثل قوله : (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما )) ؟ فهذا ليس مثل هذا ; لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي ; فصار شبيها بقوله : (( فبما كسبت أيديكم )) وهنا أضاف الفعل إليه فقال : (( لما خلقت )) ثم قال : (( بيدي )) , وأيضا : فإنه هنا ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد وفي اليدين ذكر لفظ التثنية كما في قوله : (( بل يداه مبسوطتان ))وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع فصار كقوله : (( تجري بأعيننا )) . ".
وفرق بين (( مما عملت أيدينا )) و: (( لما خلقت بيدي )) ذكرنا فيما سبق الفرق من كم وجه .؟ من ثلاثة أوجه ، ولا بد أن تلاحظوها ، وأظن أننا انتهينا من هذا البحث .
3 - تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومما يشبه هذا القول أن يجعل اللفظ نظيرا لما ليس مثله كما قيل في قوله : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) ؟ فقيل هو مثل قوله : (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما )) ؟ فهذا ليس مثل هذا ; لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي ; فصار شبيها بقوله : (( فبما كسبت أيديكم )) وهنا أضاف الفعل إليه فقال : (( لما خلقت )) ثم قال : (( بيدي )) , وأيضا : فإنه هنا ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد وفي اليدين ذكر لفظ التثنية كما في قوله : (( بل يداه مبسوطتان ))وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع فصار كقوله : (( تجري بأعيننا )) . ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها - والظاهر هو المراد في الجميع - فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم , وأنه على كل شيء قدير , واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره وأن ظاهر ذلك مراد , كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا وقدرته كقدرتنا , وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة عالم حقيقة قادر حقيقة ; لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير ; فكذلك إذا قالوا في قوله تعالى : (( يحبهم ويحبونه )) (( رضي الله عنهم ورضوا عنه )) وقوله : (( ثم استوى على العرش )) أنه على ظاهره لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره استواء كاستواء المخلوق ولا حبا كحبه ولا رضا كرضاه , فإن كان المستمع يظن أن ظاهر الصفات تماثل صفات المخلوقين لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مرادا , وإن كان يعتقد أن ظاهرها ما يليق بالخالق ويختص به لم يكن له نفي هذا الظاهر , ونفي أن يكون مرادا إلا بدليل يدل على النفي ; وليس في العقل ولا السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفي به سائر الصفات , فيكون الكلام في الجميع واحدا . ".
أي نعم ، إذا كان المتكلم القائل الذي يقول الظاهر مراد أو غير مراد ، إذا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ ظَاهِرَ النُّصُوصِ الْمُتَنَازَعِ فِي مَعْنَاهَا مِنْ جِنْسِ ظَاهِرِ النُّصُوصِ الْمُتَّفَقِ عَلَى مَعْنَاهَا فَالظَّاهِرُ هُوَ الْمُرَادُ فِي الْجَمِيعِ. مثال ذلك يا جماعة ، نحن نتكلم مع الأشعري الذي يثبت للنصوص معنى حسب الظاهر ، الأشعري يثبت أن لله قدرة أو لا .؟
الطالب : نعم .
الشيخ : من جنس قدرة المخلوقين أو من غير جنسها .؟ من غير جنسها ، نقول له : إذا كنت تعتقد أن النصوص التي تنازعنا فيها ، مثل إيش .؟ كالرحمة مثلا والرضا والغضب وغير ذلك ، أليس ينازعنا في ذلك .؟ طيب يقول : المراد بالرحمة غير المفهوم عندنا ، والمراد بالمحبة غير المفهوم عندنا نحن ، المراد بالرحمة الإحسان ، نقول له الآن : فسرت الرحمة بغير ظاهرها ، فالظاهر عنك غير مراد . مثلاً : (( يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ )) يقول المراد بالرحمة الإحسان ، مثل العذاب الذي هو العقوبة .
نقول له الآن : إن كنت تعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناه ، فالظاهر هو المراد في الجميع ، يعني كأنك تريد أن تعتقد أن ظاهر الرحمة رحمة تليق بالله ، فظاهرها مراد أو غير مراد .؟ مراد ، مثل ما أنك تقول القدرة قدرة تليق بالله ، فظاهرها مراد ، فنقول إن كنت تعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها كالرحمن مثلا إنها من جنس النصوص المتفق على معناها فإننا نقول لك : إن الظاهر مراد في الجميع .
ثم فرّع المؤلف على هذا فقال : " فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَأَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ مُرَادٌ " أو لا .؟ هذا صحيح أو غير صحيح .؟ أَخْبَرَ الله أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وأَهْلُ السُّنَّةِ اتفقوا على أن ظاهر النص مراد أو غير مراد .؟ مراد " وَأَنَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ مُرَادٌ ، كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِهَذَا الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُ كَعِلْمِنَا وَقُدْرَتُهُ كَقُدْرَتِنَا ، وَكَذَلِكَ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ حَقِيقَةً عَالِمٌ حَقِيقَةً قَادِرٌ حَقِيقَةً ، لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُمْ " ترى هذه الصفات الثلاثة الأخيرة يوافقنا الأشعري عليها أو لا .؟
الطالب : يوافقنا .
الشيخ : والصفتين السابقتين العلم والقدرة .؟ يوافقون عليها .
" لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مِثْلُ الْمَخْلُوقِ الَّذِي هُوَ حَيٌّ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ، فَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى : (( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )) (( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) وَقَوْلِهِ : (( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) " يقولون أيضا " إَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ اسْتِوَاءً كَاسْتِوَاءِ الْمَخْلُوقِ وَلَا حُبًّا كَحُبِّهِ وَلَا رِضًا كَرِضَاهُ " .
الطالب : ... .
الشيخ : اللفظ هذا من عندي أنا ليس من الكتاب ، لكنه أقرب للفهم من عبارة الكتاب ... .
طيب الصفات التي ذكرها الأخيرة الثلاث يوافقنا عليها الأشاعرة أو لا .؟ لا ، (( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )) ما يوافقونا . (( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) ما يوافقونا . (( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) لا يوافقون .
الطالب : حي عليم قدير .
الشيخ : لا هذه وين .؟ " فَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى : (( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )) (( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ )) (( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) " إذا قالوا : " أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ اسْتِوَاءً كَاسْتِوَاءِ الْمَخْلُوقِ وَلَا حُبًّا كَحُبِّهِ وَلَا رِضًا كَرِضَاهُ ". نقول للأشاعرة الذين يثبتون العلم والقدرة وما سبق ، نقول : أنتم تعتقدون أن هذا العلم حقيقة وأن النص على ظاهره أو لا .؟ ويعتقدون أيضا أنه ليس مثل علم المخلوق ولا قدرته ، نقول نحن أيضاً نقول في المحبة والرضى أنه حق على ظاهره ولا يشبه محبة المخلوقين ورضاهم واستوائهم .
الأمر واضح ، فصار الآن ظاهر النصوص كلها مراد ، ولكن ظاهرها أي شيء .؟ المعنى اللائق بالله ، ليس ظاهرها التشبه الذي هو الكفر .
طيب : " فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَمِعُ يَظُنُّ أَنَّ ظَاهِرَ الصِّفَاتِ تُمَاثِلُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ لَزِمَهُ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ظَاهِرِ ذَلِكَ مُرَادًا ".
صحيح إذ كان يظن أن ظاهر النصوص إثبات التمثيل ، وش يلزمه .؟ أن جميع الصفات ليس مرادا ظاهرها ، لأنه يعتقد أن الظاهر هو التمثيل ، والتمثيل بلا شك غير مراد لله سبحانه وتعالى من صفاته . " وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا مَا يَلِيقُ بِالْخَالِقِ وَيَخْتَصُّ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُ هَذَا الظَّاهِرِ وَنَفْيُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا " صحيح ، يعني إذا كان يعتقد المستمع أن ظاهر النصوص هو اللائق بالله هل يجوز أن ينفي هذا ؟
الطالب : لا .
الشيخ : ولهذا قال : " لم يكن له نفي هَذَا الظَّاهِرِ " يعني ما يجوز أن يقول ظاهرها غير مراد " وَنَفْيُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا " بل الواجب عليه إثبات هذا الظاهر وإثبات أن هذا هو مراد الله سبحانه وتعالى " إلَّا بِدَلِيلِ يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ ، وَلَيْسَ فِي الْعَقْلِ وَلَا السَّمْعِ مَا يَنْفِي هَذَا إلَّا مِنْ جِنْسِ مَا يَنْفِي بِهِ سَائِرَ الصِّفَاتِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدًا " .
بهذا تقررت هذه القاعدة العظيمة وهي أن يقال : هل ظاهر نصوص صفات الله تعالى مراد أو غير مراد .؟
والخلاصة ، خلاصة الجواب أن نقول : إن أريد بالظاهر ، أو إن كان القائل يفهم أن ظاهرها معنى يليق بالله ، فالظاهر مراد ، وإن كان يفهم أن ظاهرها معناً لا يليق بالله ، فالظاهر غير مراد ، لكن ليس هو ظاهرها .
الأخ الذي في الآخر لو سمحت تجيب لنا عن هذا السؤال ، قف ، لو قال لك قائل : هل ظاهر نصوص الصفات مراد أو غير مراد .؟
الطالب : ... .
الشيخ : أي نعم ، إذا كان يريد بالظاهر معنى يليق بالله فهو مراد ، أحسنت ، وإذا كان يريد معنى لا يليق بالله .؟ فهو غير مراد ، ولكن يجب .؟ وش يجي عليه .؟ طيب جب لنا مثال حتى يتضح المثال .؟ مثال عن نص من نصوص الصفات تقول أن ظاهره مراد أو غير مراد .؟
الطالب : مثل الاستواء .
الشيخ : طيب إذا قال لك : (( ثم استوى على العرش )) ظاهره غير مراد ، وش تقول له .؟
الطالب : ... .
الشيخ : إن أردت استواء يختص بالله ويليق به ولا يشبه استواء المخلوقين ، فهو مراد ، أحسنت .
طيب إذا قال : لا أنا أقول : (( ثم استوى على العرش )) أنا أنفي أن يكون استواء يماثل صفات المخلوقين ، فأقول أن الآية ظاهرها غير مراد لهذا السبب .؟ نقول صحيح أنه غير مراد .؟
شف يا أخي نقول : استوى على العرش ليس على ظاهرها ، المراد به عنده ، عند هذا الرجل ، المراد بها استولى ، يفسرون استوى باستولى ،لماذا لا تثبت استوى بمعنى علا على العرش .؟ قال : لأن هذا يشبه صفات المخلوقين ، لو أنني أثبت الاستواء لكان معنى ذلك أن الله يشبه المخلوقين ، فأنا أقو هذا الظاهر غير مراد .؟
الطالب : ... .
الشيخ : نقول الآية ما دلت على أن الاستواء استواء يشبه استواء المخلوقين ، أنا أقول : هل الآية دلت على أن المراد بالاستواء استواء يشبه استواء المخلوق .؟ أسألك الآن هل الآية تدل على أن الله استوى على العرش استواء كاستواء المخلوق .؟
الطالب : لا .
الشيخ : لا تدل عليه ، بل الذي نجزم به أنها تدل على استواء يليق به ، إذا فكون هذا الرجل يعتقد أن قوله : (( ثم استوى على العرش )) تدل على أنه استواء يشبه استواء المخلوقين هذا باطل ليس بصحيح ، فيجب أن نصحح مفهومه ، ويعرف أن المراد بكل الصفات ، وش المراد به .؟ ما يليق بالله ، طيب انتبه يا أخي .
4 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها - والظاهر هو المراد في الجميع - فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم , وأنه على كل شيء قدير , واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره وأن ظاهر ذلك مراد , كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا وقدرته كقدرتنا , وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة عالم حقيقة قادر حقيقة ; لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير ; فكذلك إذا قالوا في قوله تعالى : (( يحبهم ويحبونه )) (( رضي الله عنهم ورضوا عنه )) وقوله : (( ثم استوى على العرش )) أنه على ظاهره لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره استواء كاستواء المخلوق ولا حبا كحبه ولا رضا كرضاه , فإن كان المستمع يظن أن ظاهر الصفات تماثل صفات المخلوقين لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مرادا , وإن كان يعتقد أن ظاهرها ما يليق بالخالق ويختص به لم يكن له نفي هذا الظاهر , ونفي أن يكون مرادا إلا بدليل يدل على النفي ; وليس في العقل ولا السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفي به سائر الصفات , فيكون الكلام في الجميع واحدا . ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وبيان هذا أن صفاتنا منها ما هي أعيان وأجسام منها ما هي أعيان وأجسام وهي أبعاض لنا كالوجه واليد : ومنها ما هو معان وأعراض وهي قائمة بنا : كالسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة . ثم إن من المعلوم أن الرب لما وصف نفسه بأنه حي عليم قدير : لم يقل المسلمون إن ظاهر هذا غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا ; فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه كمفهومه في حقنا بل صفة الموصوف تناسبه . فإذا كانت نفسه المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين فصفاته كذاته ليست كصفات المخلوقين ونسبة صفة المخلوق إليه كنسبة صفة الخالق إليه وليس المنسوب كالمنسوب ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه ; كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر ) فشبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي .".
الطالب : السمع والبصر .؟
الشيخ : السمع والبصر معنى وليس عينا . البصر معنى فالعين هذه وسيلة ، يعني إناء والبصر فيها ، يعني هي في الحقيقة وسيلة إلى الرؤية ، وليس البصر هو العين .
طيب فهمتم هذا الآن أو لا .؟
" ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّبَّ لَمَّا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ ، لَمْ يَقُلْ الْمُسْلِمُونَ إنَّ ظَاهِرَ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ مَفْهُومَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مِثْلُ مَفْهُومِهِ فِي حَقِّنَا فَكَذَلِكَ " شف الآن المؤلف رحمه الله يريد أن يقيس الصفات التي هي غير معاني إلى الصفات التي هي معاني ، فالآن صفاتنا معاني وأجسام ، صفات الله تعالى معاني وشيء يشترك في الاسم مع ما هو أبعاض لنا ، ولا نستطيع أن نقول إنه بعض لله ، لكن نقول يشارك في الاسم ما هو من أبعاضنا مثل اليد .
يقول : " ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّبَّ لَمَّا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ حَيٌّ عَلِيمٌ ، لَمْ يَقُلْ الْمُسْلِمُونَ إنَّ ظَاهِرَ هَذَا غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ مَفْهُومَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ مِثْلُ مَفْهُومِهِ فِي حَقِّنَا ، فَكَذَلِكَ لَمَّا وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ غَيْرَ مُرَادٍ ، لِأَنَّ مَفْهُومَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ كَمَفْهُومِهِ فِي حَقِّنَا ، بَلْ صِفَةُ الْمَوْصُوفِ تُنَاسِبُهُ . فَإِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ الْمُقَدَّسَةُ لَيْسَتْ مِثْلَ ذَوَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ، فَصِفَاتُهُ كَذَاتِهِ لَيْسَتْ كَصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَنِسْبَةُ صِفَةِ الْمَخْلُوقِ إلَيْهِ كَنِسْبَةِ صِفَةِ الْخَالِقِ إلَيْهِ " قصده أن صفة الخالق تليق به وصفة المخلوق تليق به .
" وَلَيْسَ الْمَنْسُوبُ كَالْمَنْسُوبِ وَلَا الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ كَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) فَشَبَّهَ الرُّؤْيَةَ بِالرُّؤْيَةِ وَلَمْ يُشَبِّهْ الْمَرْئِيَّ بِالْمَرْئِيِّ . وهذا يتبين بالقاعدة الرابعة ".
الطالب : ... .
الشيخ : المهم واضح الآن ، المؤلف رحمه الله تعالى جاب في الحقيقة صفات معان متفق عليها ـ انتبهوا يا جماعة انتبهوا للخلاصة ـ صفات معان متفق عليها ، وصفات معان مختلف فيها ، وصفات معنوية وصفات عينية أرجوا الانتباه ، الصفات المعاني المتفق عليها مثل : العلم والقدرة والسمع والبصر ، هذه كلنا متفقون على أن ظاهر النصوص فيها مراد . الصفات المعنوية متنازع فيها مثل المحبة والاستواء والرضا ، أهل السنة والجماعة يقولون أن ظاهرها مراد، ولكنه المعنى الذي يليق بالله ، ومن ينازعهم في ذلك يقولون إن ظاهرهما غير مراد ، لأنهم يعتقدون أن ظاهرها التشبيه ، فلذلك قالوا غير مراد .
نرجع إلى الصفات المعنوية والصفات العينية ، من صفاتنا ما هو معنى كالعلم ، ومن صفاتنا ما هو عين وبعض مثل اليد . فنحن نقول كما أن الصفات المعنوية المثبتة لله كالعلم لا يشبه صفاتنا المعنوية كعلمنا ، فكذلك الصفات الأخرى التي تشارك ما هو عين لنا لا تشبه ما هو عين لنا ، فيد الله لا تشبه أيدينا ، كما أن علمه لا يشبه علمنا ، واضح يا جماعة .؟ وأرجو الانتباه ، أنا في الحقيقة جوابكم ما هو طيب ، أبدا ، يعني منكم من أخذ واحدة ومنكم من أخذ نصف واحدة ، هذا ما هو شيء ، مع أني متساهل إلى أبعد الحدود ، حتى إذا جاب بعضهم كلام ... نقول خليه مقبول . في الحقيقة جوابكم رديء ، أنا أخبركم لأجل تحطوا بالكم ولا تتهاونون بالموضوع ، تدرون بالجامعة في الرياض مخليين المقرر هذا أحسن في السنة الرابعة ، ما خلوه في السنة الأولى ، لأنهم عارفين أنهم لا يفهمونه ، وقالوا خليه يصير في الثاني ، فلذلك المسألة ما هي هينة ، هذا كتاب عظيم ، يعني من أحسن ما كتب شيخ الإسلام في هذا الموضوع ، فيجب أننا نهتم به كثيرا ، ولا نخيله على الهامش ، ونقول : والله فهمنا الدرس أو بعدين نرجع للمسجلات أو إلى المكتوب ، هذا خطأ ، أنا أحذركم من ذلك ، وممكن هذه المرة أتفاهم معكم وعقب المرة ما أتساهل ، وأنا ما يهمني أن كل الفصل لا قدر الله يبقون ... لأنه مادام أديت الواجب عليّ ما أنا مهتم بغيري ، لكن أنتم يجب عليكم تهتمون بأنفسكم ، وتلاحظون هذا الدرس ، وهو درس إذا حط الإنسان باله له ، هو درس لذيذ وليس بصعب ، أما واحد يقول والله أنتم قدمتم لي تمر وزبدة ... .
5 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وبيان هذا أن صفاتنا منها ما هي أعيان وأجسام منها ما هي أعيان وأجسام وهي أبعاض لنا كالوجه واليد : ومنها ما هو معان وأعراض وهي قائمة بنا : كالسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة . ثم إن من المعلوم أن الرب لما وصف نفسه بأنه حي عليم قدير : لم يقل المسلمون إن ظاهر هذا غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا ; فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه كمفهومه في حقنا بل صفة الموصوف تناسبه . فإذا كانت نفسه المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين فصفاته كذاته ليست كصفات المخلوقين ونسبة صفة المخلوق إليه كنسبة صفة الخالق إليه وليس المنسوب كالمنسوب ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه ; كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر ) فشبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي .". أستمع حفظ
قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
- أحدها كونه مثل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل .
- الثاني أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله . فيبقى مع جنايته على النصوص ; وظنه السيئ الذي ظنه بالله ورسوله - حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل - قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى .
- الثالث أنه ينفي تلك الصفات عن الله - عزّ وجل - بغير علم ; فيكون معطلا لما يستحقه الرب .
- الرابع : أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات فيكون قد عطل به صفات الكمال التي يستحقها الرب ومثله بالمنقوصات والمعدومات وعطل النصوص عما دلت عليه من الصفات وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات .
فيجمع في كلام الله وفي الله بين التعطيل والتمثيل فيكون ملحدا في أسماء الله وآياته .".
مراجعة القاعدة الثالثة : هل ظاهر النصوص مراد أو غير مراد .؟
وتحاشا المؤلف رحمه الله تعالى أن يعبر بمثل ذلك بالنسبة لصفات الله ، بمثل إيش .؟ بمثل البعض والجزء بالنسبة لصفات الله ، وهذا حق ، لأنه ليس لنا أن نقول إن يد الله بعض منه أو جزء منه ، كلا ، لأن هذا غير وارد في الشرع ، ولكن نقول من صفات الله ما يشارك في الاسم ما هو أبعاض لنا ، وما يشارك في الاسم ما هو معان لنا ، أفهمتم الآن أو لا .؟
ولهذا نقول بالنسبة لصفات الله ، تنقسم إلى معنوية وغير معنوية ، فالمعنوية مثل العلم والقدرة وغير المعنوية مثل الوجه واليد إلى آخره بالنسبة لصفات الله .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وهذا يتبين بالقاعدة الرابعة وهو أن كثيرا من الناس يتوهم في بعض الصفات أو كثير منها ; أو أكثرها أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقع في أربعة أنواع من المحاذير : - أحدها كونه مثل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل . - الثاني أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله . فيبقى مع جنايته على النصوص ; وظنه السيئ الذي ظنه بالله ورسوله - حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل - قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى . - الثالث أنه ينفي تلك الصفات عن الله - عز وجل - بغير علم ; فيكون معطلا لما يستحقه الرب .".
الآن فهمنا من هذه القاعدة أن بعض الناس ، أو نقول كما قال المؤلف كثير من الناس ، وكثير من الناس هو بمعنى بعض الناس ، بعض الناس يتوهم في صفات الله كلها أو بعضها ، وش يتوهم أنها .؟ تماثل صفات المخلوقين ، إذا توهم هذا ماذا يريد .؟ يريد أن ينفي ذلك عن الله ، وش ينفي .؟ ينفي التمثيل ، ولا طريق له إلى نفي التمثيل إلا بنفي هذه الصفات ، لأنه يعتقد أن الصفات تماثل صفات المخلوقين ، ويقول ـ وقوله حق ـ : إن الله لا مثل له ، هذا صحيح أن الله لا مثل له .؟
إذا كان الله لا مثل له وهذه الصفة تقتضي التمثيل ، وش الواجب نحو هذه الصفة .؟ الواجب نحو هذه الصفة أن ننفيها عن الله ما دامت تقتضي التمثيل ، والله سبحانه وتعالى ليس كمثل شيء ، إذا لاحظوا الفهم الآن ، هذا الرجل فهم ، يفهم من الصفات أنها .؟ أنها تماثل صفات المخلوقين ، إذا كان يعتقد هذا الاعتقاد ، وش الواجب عليه .؟ نفي هذه الصفات ، ولهذا فهو يريد أن ينفي هذه الصفات عن الله ، لأنها على زعمه تماثل صفات المخلوقين ، وممثالة المخلوقين يجب نفيها عن الله سبحانه وتعالى ، أفهمتم الآن .؟ استفتاء الآن هل هذا الفهم صحيح أو لا .؟
الطالب : لا.
الشيخ : فهمه أنها تماثل المخلوقات صحيح أو لا .؟ غير صحيح من أصله كما مر في القاعدة السابقة ، ولهذا قال : " وهذا يتبن بالقاعدة الرابعة ".
طيب يقول المؤلف : " فيقع فِي أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْمَحَاذِيرِ " أي هذا الذي فهم أن الصفات تماثل المخلوقين ، فيريد أن ينفي المماثلة عن الله يقع : " في أربعة أنواع من المحاذير "
أولا : " أَحَدُهَا كَوْنُهُ مِثْلَ مَا فَهِمَهُ مِنْ النُّصُوصِ بِصِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَظَنَّ أَنَّ مَدْلُولَ النُّصُوصِ هُوَ التَّمْثِيلُ " ... .
" الثَّانِي : أَنَّهُ إذَا جَعَلَ ذَلِكَ هُوَ مَفْهُومَهَا وَعَطَّلَهُ بَقِيَتْ النُّصُوصُ مُعَطَّلَةً عَمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ اللَّائِقَةِ بِاَللَّهِ " إذا ظن هذا يرتقي إلى مرحلة ثانية ، لأن رقم واحد .؟ المحذور الأول فهمه التمثيل ، وأن هذا مدلول النصوص ، المحذور الثاني أنه إذا جعل هذا هو مدلول النصوص .؟ فإنه سيعطل النصوص عن معناها ، وسيقول : (( ويبقى وجه ربك )) لا تدل على وجه الله ، فإذن يكون عطل معناها عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله .
" فَيَبْقَى مَعَ جِنَايَتِهِ عَلَى النُّصُوصِ ، وَظَنِّهِ السَّيِّئِ الَّذِي ظَنَّهُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ - حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمَا هُوَ التَّمْثِيلُ الْبَاطِلُ -" وش بقي .؟ " قَدْ عَطَّلَ مَا أَوْدَعَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي كَلَامِهِمَا مِنْ إثْبَاتِ الصِّفَاتِ لِلَّهِ وَالْمَعَانِي الْإِلَهِيَّةِ اللَّائِقَةِ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى "
إذا هذين المحذورين جمهما المؤلف ، هذه يسمونها فبلكه ، جمعهما بالآخر ، نقول إنه جنى على النصوص ، بأي شيء جنايته عليها .؟ بأمرين :
بظنه أنها تقتضي التمثيل .
ثم بتعطيله ما دلت عليه من المعاني اللائقه بالله .
يعني هذا الأخير فذلكه للمحذورين السابقين ، ظنه السيء بالله ورسوله حيث ظن أن الذي يفهم من كلام الرسول من صفات الله .؟ التمثيل . ثم بعد ذلك عطل هذه النصوص عما تدل عليه من المعاني اللائقة بالله تبارك وتعالى ، مفهوم الآن يا جماعة .؟ هذان محذوران بينان .
طيب : " الثَّالِثُ أَنَّهُ يَنْفِي تِلْكَ الصِّفَاتِ عَنْ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَيَكُونُ مُعَطِّلًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّبُّ " هذا أيضاً محذور ثالث ، حيث تكلم بغير علم ، كيف تكلم بغير علم ؟ بل بالحقيقة تكلم بجهل مركب ، لأن مبنى نفيه على أي أساس بنى نفيه .؟ على ظنه أنها تماثل صفات المخلوقين ، وهذا علم أو جهل .؟ جهل مركب في الواقع ، لأنه غيرهما عما تدل عليه .
إذا نفى هذه الصفات عن الله فقد تكلم في الله بغير علم ، وقد قال تعالى : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) هذا قال على الله ما لا يعلم حيث زعم أن كلامه يدل على تمثيل الله بخلقه ، فيكون قال على الله ما لا يعلم . وهذا واضح المحذور الثالث أو لا .؟ المحذور الثالث أنه قال على الله تعالى بغير علم ، كيف قال على الله بغير علم .؟ لأنه قال أن هذه الصفة تقتضي المماثلة ، وهل قال الله تعالى أنه مماثل للمخلوقين .؟ ما قال ، بل نفى ذلك (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فتبين بهذا المحذور الثالث ، أنه قال على الله بغير علم ، والقائل على الله بغير علم واقع فيما حرم الله عليه ، بدليل آيتين من القرآن : (( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )) وهذا قفى ما ليس له به علم . ثانيا : (( قل إنما حرم ربي الفواحش )) إلى قوله : (( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) وهذا قال على الله ما لا يعلم لأنه قال إن هذه الصفات تقتضي المماثلة ، وهي لا تقتضي المماثلة .
فاهمين الموضوع .؟ ... أنت فاهم أو ... ماذا فهمت .؟
الطالب : ... .
الشيخ : يكون نفاها بغير علم ، وإذا تكلم بها بغير علم هذا محذور .؟
الطالب : نعم .
الشيخ : وش الدليل على محضوريته .؟
الطالب : ... (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )).
الشيخ : (( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )). تمام الآن يا جماعة ، نمشي .؟
8 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وهذا يتبين بالقاعدة الرابعة وهو أن كثيرا من الناس يتوهم في بعض الصفات أو كثير منها ; أو أكثرها أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقع في أربعة أنواع من المحاذير : - أحدها كونه مثل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل . - الثاني أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله . فيبقى مع جنايته على النصوص ; وظنه السيئ الذي ظنه بالله ورسوله - حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل - قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى . - الثالث أنه ينفي تلك الصفات عن الله - عز وجل - بغير علم ; فيكون معطلا لما يستحقه الرب .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " - الرابع : أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات فيكون قد عطل به صفات الكمال التي يستحقها الرب ومثله بالمنقوصات والمعدومات وعطل النصوص عما دلت عليه من الصفات وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات . فيجمع في كلام الله تعالى بين التعطيل والتمثيل فيكون ملحدا في أسماء الله وآياته .".
فمثلاً إذا قال إن الله تعالى ليس عاليا بذاته ، وش يلزم .؟ يلزم أن يكون سفلاً ، إذا انتفى العلو وش نقيضه .؟
الطالب : السفل .
الشيخ : لأنه ما من شيء إلا عال أو سافل ، فإذا نفى العلو عن الله بذاته لزم أن يكون سافلا ، لكن هل هو يقول بأن الله في السفل .؟ لا ، إلا أنه يلزم على قوله .
إذا نفى عن الله سبحانه وتعالى الرحمة ، وش لزم .؟ لزم ضد الرحمة أن يكون قاسياً ظالما أو لا .؟ طيب هو ما قال : إن الله قاسي أو ظالم ، لكن إذا انتفت الرحمة لازم القسوة والظلم ، فإذا هو إذا نفى ما وصف الرب به نفسه من الكمال ، وش لزم .؟ ثبوت ضد هذه الأشياء من النقائص .
ولهذا يقول : " الرَّابِعُ : أَنَّهُ يَصِفُ الرَّبَّ بِنَقِيضِ تِلْكَ الصِّفَاتِ مِنْ صِفَاتِ الْأَمْوَاتِ وَالْجَمَادَاتِ " إذا قال : إن الله ما يفعل ، ما يمكن أن ينزل إلى السماء الدنيا ، ما يمكن يأتي للقضاء بين عباده ، لا يمكن أن يستوي على العرش ، لأن هذا يستلزم الحركة والحركة ممتنعة على الله ، وش يصير إذا .؟ يصير جمادا أو ميتا ، لأن هذا هو الذي لا يتحرك ، إذا كلامه بنفي صفات الكمال يستلزم إثبات نقيضها ، وترى نقيضها غير ضدها ، نحن عرفناكم فيما سبق الفرق بين النقيض والضد .
" أو صفات المعدومات " ونزيد نحن بعد ثالث ، ولعله موجود لكن يمكن سقط من النساخ وما أشبه ذلك ، صفات الممتنعات .
إذا قال : إن الله ليس حياً ولا ميتاً ...
أقول أنه إذا نفى ما وصف الله به نفسه من صفات الكمالات لزم أن يصفه بفرض النقائص ، فمثلا يقول : إن الله ليس بحي ولا ميت ، وليس بعالم ولا جاهل ، ولا بفاعل ولا بساكن ، وش معنى هذا .؟ وصفه بالأشياء الممتنعة التي لا يمكن في بداهة العقول أن توجد .
" فَيَكُونُ قَدْ عَطَّلَ بِهِ " أي بفعله هذا أي النفي " صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الرَّبُّ ، وَمَثَّلَهُ بِالْمَنْقُوصَاتِ وَالْمَعْدُومَاتِ ، وَعَطَّلَ النُّصُوصَ عَمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الصِّفَاتِ ، وَجَعَلَ مَدْلُولَهَا هُوَ التَّمْثِيلَ بِالْمَخْلُوقَاتِ . فَيُجْمَعُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تعالى بَيْنَ التعطيل والتمثيل ، فيكون ملحداً في أسماء الله وآياته ".
التعطيل والتمثيل كلاهما إلحاد ، لأن المعطل نقص وفرط ، والممثل زاد وأفرط . المعطل الذي يقول لا يوصف الله بالصفات الفلانية والصفة الفلانية ، هذا عطل نقص وفرط في دلالة النصوص . والذي يقول يوصف بهذا مع التمثيل يكون قد زاد وأفرط . كلاهما متطرف ، ولذلك الوسط أن يوصف الله بما وصف الله به نفسه بدون تمثيل .
وقوله : " ملحدا في أسماء الله وآياته " نعم ملحدا في أسماء الله لأنه عطل الأسماء عن معانيها ، فالرحمن عطله من الرحمة ، لأنه سبق أن قلنا إن بعض المعطلة يسلب معان أسماء الله تعالى عنه ، يقول معنى الرحمن إما أنه اسم علم جامد فقط ، وإلا إن الرحمن هو السميع وهو العليم إلى آخره لأنها كلها مجردة عن المعاني ، طيب أما إلحاده في آيات الله ، فقد وضح جدا لأنه عطلها عن معانيها ، وهذا إلحاد وميل بها .
9 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " - الرابع : أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات فيكون قد عطل به صفات الكمال التي يستحقها الرب ومثله بالمنقوصات والمعدومات وعطل النصوص عما دلت عليه من الصفات وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات . فيجمع في كلام الله تعالى بين التعطيل والتمثيل فيكون ملحدا في أسماء الله وآياته .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " مثال ذلك أن النصوص كلها دلت على وصف الإله بالعلو والفوقية على المخلوقات واستوائه على العرش , فأما علوه ومباينته للمخلوقات فيعلم بالعقل الموافق للسمع ; وأما الاستواء على العرش فطريق العلم به هو السمع . وليس في الكتاب والسنة وصف له بأنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينه ولا مداخله . فيظن المتوهم أنه إذا وصف بالاستواء على العرش : كان استواؤه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام ; كقوله : (( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره )), فيتخيل له أنه إذا كان مستويا على العرش كان محتاجا إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام فلو غرقت السفينة لسقط المستوي عليها ولو عثرت الدابة لخر المستوي عليها . فقياس هذا أنه لو عدم العرش لسقط الرب سبحانه وتعالى ثم يريد بزعمه أن ينفي هذا فيقول : ليس استواؤه بقعود ولا استقرار ولا يعلم أن مسمى القعود والاستقرار يقال فيه ما يقال في مسمى الاستواء . ".
الطالب : صفة كمال .
الشيخ : صفة كمال ، طيب هل الرب يجب له صفات الكمال أو يجوز عليه صفات نقص ؟! يجب له صفات الكمال ويمتنع عنه صفات النقص ، إذن يلزم ثبوت العلو لله تعالى بذاته ، أليس كذلك .؟ طيب فبهذا تبين دلالة العقل على علو الله . ووجه الدلالة ما أشرت إليه الآن بأن أقول : هل العلو صفة كمال أو صفة نقص ، الجواب بلا شك عند جميع الناس أن يقول إنه صفة كمال ، إذا كان صفة كمال فهل الرب المستحق للعبادة متصف بالكمال أو يجوز عليه النقص .؟ متصف بالكمال ، النتيجة .؟ فيلزم إيش .؟ يلزم ثبوت العلو له .
أعد علينا الدليل .؟
الطالب : ... متصف بالكمال .
الشيخ : واش وجه دلالة العقل على العلو... نعم متصف بالكمال لا شك ، فقط هذا الذي يدل على أنه متصف بالعلو .؟ شفت ما أنت بعندنا ، الله يهدنا وإياك ، نعم .؟
الطالب : نقول هل هو صفة كمال أو نقص .؟ إذا كان صفة كمال فالله مستحق له لأنه مستحق للعبادة ، فيثبت له العو .
الشيخ : تمام أحسنت ، نقول : ما دام أن عندنا قاعدة مقررة ، أن الله متصف بصفات الكمال ، هل العلو صفة كمال أو صفة نقص .؟ كل سيجيب بأنه صفة كمال ، إذا يجب ثبوت العلو لله عز وجل ما دام صفة كمال ، واضح .؟ زين استرح .
دلالة السمع على علو الله كثيرة جدا و وبصفة متنوعة : (( أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء )) (( وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )) (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى )) (( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ )).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم للجارية : ( أين الله ؟! ) فقالت : في السماء .
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفة ، أشار إلى السماء يشهد الله تعالى على الخلق لما قال : ( هل بلغت ) قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد ، اللهم اشهد .
إذا فالعلو قد ثبت بالسنة القولية والفعلية والإقرارية ، وثبت بالقرآن من وجوه متنوعة ، هل هناك أدلة زائدة على العقل والسمع .؟ نقول نعم لدينا أدلة وهي :
الفطرة ، فإن كل إنسان مفطور على علو الله ، ولذلك لو سأل إنسان الله من غير أن يدرس أو يتعلم ، لو سأل الله حاجة أين ينصرف قلبه .؟ إلى العلو . ما تجد أي أحد يقول : يا رب ويحط يديه على الأرض ، أبدا كل إنسان يقول يا رب ويحط يديه إلى السماء ، ولهذا قال أبو المعالي الجويني رحمه الله ، وكان من الأشاعرة الذين ينكرون علو الله ، كان يقرر هذا المذهب ويقول : " إن الله كان ولم يكن شيء قبله " صح أو لا .؟ ثم قال : " وهو الآن على ما كان عليه " أو قال: " كان الله ولم يكن شيء معه وهو الآن على ما كان عليه ". صحيح كان الله ولم يكن شيء معه .؟ هذا صحيح ، ثم قال : " وهو الآن على ما كان عليه " إذا كان هو الآن على ما كان عليه ، معناه أنه الآن ليس عالياً على الخلق ، لأنه ليس معه شيء .
فقال له الهمذاني : " يا أيها الشيخ دعنا من ذكر العرش ـ لأنه تكلم بعدها على العرش ـ وأخبرنا عن هذه الضرورة التي يجدها كل إنسان ، ما قال عارف قط يا الله إلا وجد من قلبه ضرورة في طلب العلو " صحيح هذا أو لا .؟ أي إنسان يقول : يا الله يجد من قلبه ضرورة بطلب العلو .
فجعل أبو المعالي الجويني يلطم على رأسه ويقول : حيرني الهمذاني ، حيرني الهمذاني ، يكرر ، لأنه عجز أن يجيب عن هذه الفطرة والضرورة القلبية التي تكون للإنسان بدون أن يتعلم .
إذا دلالة الفطرة نضيفها إلى دلالة السمع .
الطالب : ورجع الإمام الجويني .؟
الشيخ : هذا رجوع ، هذا رجوع أمام الناس لأنه تحير ، يمكن عاد والعياذ بالله يبدو له فيما بعد يصمم على رأيه أو لا .؟ ما ندري .
الآن نقول هذه ثلاثة أدلة ، ما فيها أيضا دليل رابع .؟ بلى ، وهو إجماع السلف على أن الله تعالى في العلو ، فتكون إذا أدلة العلو أربعة ، السمع ويشمل الكتاب والسنة ، والعقل والفطرة والإجماع ، واضح .؟
قال المؤلف : " وَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ فَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِهِ هُوَ السَّمْعُ " صحيح الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ طَرِيقُ الْعِلْمِ بِهِ هُوَ السَّمْعُ ، العقل يهتدي إليه أو ما يهتدي .؟
الطالب : لا يهتدي .
الشيخ : العقل ما يهتدي أن الله استواء على العرش ؟! لولا أن الله أخبرنا استواء على العرش ما علمنا بذلك ، لم نعلم به . فعلى هذا يكون ، تحذف دلالة العقل من على الاستواء على العرش ، العقل ما يدل على أن الله استوى على العرش ، لولا أن الله أخبرنا بذلك هل نعلم .؟
الطالب : لا .
الشيخ : لكن العلو يدل عليه العقل أو ما يدل .؟ يدل عليه كما قررنا من قبل .
الطالب : ... السمع والعقل وإجماع السلف .؟
الشيخ : والفطرة .
قال المؤلف رحمه الله تعالى : " وَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ عَلَى الْعَرْشِ فَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِهِ هُوَ السَّمْعُ ، وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَصْفٌ لَهُ بِأَنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَلَا مُبَايِنَهُ وَلَا مُدَاخِلَهُ ، فَيَظُنُّ الْمُتَوَهِّمُ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ بِالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ : كَانَ اسْتِوَاؤُهُ كَاسْتِوَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى ظُهُورِ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ ، كَقَوْلِهِ تعالى : (( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ )) فَيَتَخَيَّلُ لَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَوِيًا عَلَى الْعَرْشِ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَحَاجَةِ الْمُسْتَوِي عَلَى الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ ، فَلَوْ غَرِقَتْ السَّفِينَةُ لَسَقَطَ الْمُسْتَوِي عَلَيْهَا ، وَلَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ لَخَرَّ الْمُسْتَوِي عَلَيْهَا . فَقِيَاسُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ عَدِمَ الْعَرْشُ لَسَقَطَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . ثُمَّ يُرِيدُ بِزَعْمِهِ أَنْ يَنْفِيَ هَذَا فَيَقُولَ : لَيْسَ اسْتِوَاؤُهُ بِقُعُودِ وَلَا اسْتِقْرَارٍ ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ مُسَمَّى الْقُعُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ يُقَالُ فِيهِ مَا يُقَالُ فِي مُسَمَّى الِاسْتِوَاءِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ دَاخِلَةً فِي ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِوَاءِ وَالْقُعُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ ، وَلَيْسَ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوِيًا وَلَا مُسْتَقِرًّا وَلَا قَاعِدًا ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مُسَمَّى ذَلِكَ إلَّا مَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الِاسْتِوَاءِ ، فَإِثْبَاتُ أَحَدِهِمَا وَنَفْيُ الْآخَرِ تَحَكُّمٌ " . هذا واضح أو يحتاج إلى شرح .؟
الطالب : يحتاج .
الشيخ : آه طيب هذا المؤلف أولا أتى بالاستواء على العرش ، الاستواء على العرش دليله سمعي وليس له دليل عقلي ، فهو سمعي محض .
ينكر هذا المتوهم استواء الله على العرش بناء على ظنه أن استواء الله على العرش كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام ، مثل قوله : (( وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ )) فَيَتَخَيَّلُ لَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْتَوِيًا عَلَى الْعَرْشِ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَحَاجَةِ الْمُسْتَوِي عَلَى الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ ، يتخيل هذا ، لأنه يعتقد أن الاستواء على العرش مثل استواء الإنسان على الفلك والأنعام ، ومعلوم أن السفينة لو غرقت لغرق الذي عليها ، لأنه محتاج إليها ، ولو عثرت الدابة لسقط الذي عليها ، فهل إذا عدم العرش يسقط الرب .؟ على زعمه يكون كذلك ، لما رأى أن هذا ممتنع على الله ماذا صنع .؟ أنكر الاستواء ، لما علم أن هذا مستحيل على الله عز وجل ، قال : إذا أنكر الاستواء وأقول إن الله تعالى لم يستو على العرش ، فهمتم يا جماعة الآن .؟ ليش .؟ لأنه فهم من استواء الله على عرشه أنه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام ، ومن المعلوم أن استواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام أن المستوي محتاج إلى ذلك بلا شك ، فيلزم أن يكون الله محتاج إلى العرش ، بحيث لو ذهب العرش لسقط الرب و وهذا شيء مستحيل ، وهو الذي أوجب له أن ينكر استواء الله على العرش .
طيب يقول المؤلف " ثُمَّ يُرِيدُ بِزَعْمِهِ أَنْ يَنْفِيَ هَذَا فَيَقُولَ : لَيْسَ اسْتِوَاؤُهُ بِقُعُودِ وَلَا اسْتِقْرَارٍ " إذا ما هو استواءه على رأيه .؟ معروف عندهم أن استوى بمعنى استولى ، ليس بمعنى استقر على عرشه ، أو قعد عليه ، وكلمة قعد وإن كانت وردت في أثر ضعيف بلفظ جلس على العرش ، لكن هي أيضا تنفر منها النفس ، لأنها ليست مشهورا ، والمشهور أن الاستواء بمعنى العلو والاستقرار ، لكن مع ذلك المؤلف رحمه الله تعالى أراد أن يحكي كلام غيره ، فيقول : " لَيْسَ اسْتِوَاؤُهُ بِقُعُودِ وَلَا اسْتِقْرَارٍ ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ مُسَمَّى الْقُعُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ يُقَالُ فِيهِ مَا يُقَالُ فِي مُسَمَّى الِاسْتِوَاءِ " المعنى أنك إذا قلت : ليس بقعود ولا استقرار ، فإن الْقُعُودِ وَالِاسْتِقْرَارِ يلزم في مسماه ما يلزم في مسمى الاستواء ، بمعنى أن من قعد على شيء كان مضطرا إليه كما استوى عليه ... .
10 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " مثال ذلك أن النصوص كلها دلت على وصف الإله بالعلو والفوقية على المخلوقات واستوائه على العرش , فأما علوه ومباينته للمخلوقات فيعلم بالعقل الموافق للسمع ; وأما الاستواء على العرش فطريق العلم به هو السمع . وليس في الكتاب والسنة وصف له بأنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينه ولا مداخله . فيظن المتوهم أنه إذا وصف بالاستواء على العرش : كان استواؤه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام ; كقوله : (( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره )), فيتخيل له أنه إذا كان مستويا على العرش كان محتاجا إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام فلو غرقت السفينة لسقط المستوي عليها ولو عثرت الدابة لخر المستوي عليها . فقياس هذا أنه لو عدم العرش لسقط الرب سبحانه وتعالى ثم يريد بزعمه أن ينفي هذا فيقول : ليس استواؤه بقعود ولا استقرار ولا يعلم أن مسمى القعود والاستقرار يقال فيه ما يقال في مسمى الاستواء . ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فلما قال سبحانه وتعالى : (( والسماء بنيناها بأيد )) فهل يتوهم متوهم أن بناءه مثل بناء الآدمي المحتاج الذي يحتاج إلى زنبيل ومجارف وضرب لبن وجبل طين وأعوان ؟ ثم قد علم أن الله تعالى خلق العالم بعضه فوق بعض ولم يجعل عاليه مفتقرا إلى سافله فالهواء فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله الأرض والسحاب أيضا فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله والسموات فوق الأرض وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها ; فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه : كيف يجب أن يكون محتاجا إلى خلقه أو عرشه ؟ أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات ؟ وقد علم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه وتعالى أحق به وأولى .".
هل يكون الله تعالى محتاجا إلى العرش بحيث لو أزيل العرش لسقط الله .؟ كلا ، لكن الإنسان إذا استوى على الفلك فهو محتاج إليه ، لو غرق الفلك لغرق الإنسان ، لو عثرت البهيمة لسقط الإنسان ، فبينهما فرق .
ثم قال المؤلف : " ثم قد عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْعَالَمَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَالِيَهُ مُفْتَقِرًا إلَى سَافِلِهِ " هذا مسلم أو غير مسلم.؟
الطالب : مسلم .
الشيخ : نعم : " فَالْهَوَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُفْتَقِرًا إلَى أَنْ تَحْمِلَهُ الْأَرْضُ ، وَالسَّحَابُ أَيْضًا فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُفْتَقِرًا إلَى أَنْ تَحْمِلَهُ ، وَالسَّمَوَاتُ فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَتْ مُفْتَقِرَةً إلَى حَمْلِ الْأَرْضِ لَهَا ، فَالْعَلِيُّ الْأَعْلَى رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ إذَا كَانَ فَوْقَ جَمِيعِ خَلْقِهِ فكَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى خَلْقِهِ أَوْ عَرْشِهِ ؟ أَوْ كَيْفَ يَسْتَلْزِمُ عُلُوُّهُ عَلَى خَلْقِهِ هَذَا الِافْتِقَارَ وَهُوَ لَيْسَ بِمُسْتَلْزَمِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ ؟ "
إذا المؤلف أتى بدليل عقلي وهو أن الشيء الأعلى لا يفتقر إلى الأسفل ، وإذا كان الهواء لا يفتقر إلى الأرض وهو فوقه ، والسحاب لا يفتقر إلى الأرض وهو فوقها ، والسموات لا تفتقر إلى الأرض وهي فوقها ، فكذلك الله سبحانه وتعالى فوق العرش ولا يفتقر إلى العرش .
" وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا ثَبَتَ لِمَخْلُوقِ مِنْ الْغِنَى عَنْ غَيْرِهِ فَالْخَالِقُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَقُّ بِهِ وَأَوْلَى " كل ما ثبت من غنى المخلوق عن غيره فالخالق به أولى ، أنت مثلا غني عن فلان وفلان ، لست بحاجة إلى أن يساعدك في مال أو جاه أو بدن ، إذن فالله تعالى أولى بالغنى من غيره ، فإذا كان الإنسان قد يكون غنيا عن غيره لا يحتاج إليه في أي شيء ، فالخالق من باب أولى .
11 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فلما قال سبحانه وتعالى : (( والسماء بنيناها بأيد )) فهل يتوهم متوهم أن بناءه مثل بناء الآدمي المحتاج الذي يحتاج إلى زنبيل ومجارف وضرب لبن وجبل طين وأعوان ؟ ثم قد علم أن الله تعالى خلق العالم بعضه فوق بعض ولم يجعل عاليه مفتقرا إلى سافله فالهواء فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله الأرض والسحاب أيضا فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله والسموات فوق الأرض وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها ; فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه : كيف يجب أن يكون محتاجا إلى خلقه أو عرشه ؟ أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات ؟ وقد علم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه وتعالى أحق به وأولى .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك قوله : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور )) من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات فهو جاهل ضال بالاتفاق , وإن كنا إذا قلنا : إن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك فإن حرف ( في ) متعلق بما قبله وبما بعده - فهو بحسب المضاف إليه ولهذا يفرق بين كون الشيء في المكان وكون الجسم في الحيز وكون العرض في الجسم وكون الوجه في المرآة وكون الكلام في الورق فإن لكل نوع من هذه الأنواع خاصة يتميز بها عن غيره وإن كان حرف ( في ) مستعملا في ذلك فلو قال قائل : العرش في السماء أو في الأرض ؟ لقيل في السماء ولو قيل : الجنة في السماء أم في الأرض ؟ لقيل الجنة في السماء ; ولا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات بل ولا الجنة فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن } فهذه الجنة سقفها الذي هو العرش فوق الأفلاك . مع أن الجنة في السماء يراد به العلو سواء كانت فوق الأفلاك أو تحتها قال تعالى : (( فليمدد بسبب إلى السماء )) وقال تعالى : (( وأنزلنا من السماء ماء طهورا )) ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى ; وأنه فوق كل شيء كان المفهوم من قوله : إنه في السماء أنه في العلو وأنه فوق كل شيء . وكذلك الجارية لما قال لها : ( أين الله ؟ ) قالت : في السماء . إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها وإذا قيل : العلو فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها فما فوقها كلها هو في السماء ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط به إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله كما لو قيل : العرش في السماء فإنه لا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك : كان المراد إنه عليها كما قال : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل ))وكما قال : (( فسيروا في الأرض )) وكما قال : (( فسيحوا في الأرض )) ويقال : فلان في الجبل وفي السطح وإن كان على أعلى شيء فيه .".
شف : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) أرجو الانتباه ( في ) تأتي في اللغة العربية للظرفية ، ومعلوم أن المظروف داخل الظروف ، مثلاً الماء في الإناء ، الإناء محيط بالماء ، والماء داخل الإناء .
الإنسان في البيت ، البيت محيط به ، وهو داخل البيت .
الدراهم في الجيب ، الجيب محيط بالدراهم ، وهي بداخل الجيب .
(( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) قد يتوهم إنسان أن السماء محيطة بالله ، وأن الله في داخلها ، لأنه يعرف من معاني ( في ) الظرفية ، والظرفية لابد أن يكون الظرف محيطاً بالمظروف ، والمظروف داخل في الظرف ، يقول المؤلف : من توهم أن هذا معنى الآية : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )) فهو جاهل ضال بالاتفاق .
" وإن كنا إذَا قُلْنَا : إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي السَّمَاءِ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَإِنَّ حَرْفَ " فِي " مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ وَبِمَا بَعْدَهُ ، فَهُوَ بِحَسَبِ الْمُضَافِ إلَيْهِ ، وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي الْمَكَانِ وَكَوْنِ الْجِسْمِ فِي الْحَيِّزِ وَكَوْنِ الْعَرَضِ فِي الْجِسْمِ ، وَكَوْنِ الْوَجْهِ فِي الْمِرْآةِ ، وَكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْوَرَقِ ، فَإِنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ خَاصَّةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ حَرْفُ " فِي " مُسْتَعْمَلًا فِي كل ذَلِكَ " .
المؤلف رحمه الله تعالى يقول : حرف " فِي "متعلق بما قبله وبما بعده ، يعني من حيث المعنى لا من حيث العمل ، هذا ليس معنى قول النحاة " فِي " جار ومجرور متعلق بكذا ، لا ، قصدهم متعلق بما قبله وبما بعده بحسب المعنى ، بحسب المعنى متعلق بما قبله وبما بعده ، فينظر لما قبله وينظر لما بعده ، ويفسر في كل مكان بحسبه ، فانظر في الأمثلة التي ذكرها المؤلف :
إذ قال إنسان : الشمس في السماء " فِي " هنا للظرفية فالسماء محيطة بالشمس ، وهي داخل السماء ، والمراد بالسماء العلو كما هو معروف .
طيب وإذا قيل : الشيء في المكان والجسم في الحيز ، بينهما فرق ، الشيء في المكان نحن الآن في الغرفة ، جدران الغرفة محيطة بنا ملاصقة لنا .؟ لا ، لو كانت ملاصقة لما استطعنا أن نتحرك ، غير ملاصقة لكنها محيطة ، الجسم في الحيز ، هذا الحيز محيط بالجسم أو لا .؟ محيط به ، لأن الجسم لا يشغل إلا الحيز الذي هو فيه ، فعلى هذا يكون محيطاً به ملاصقا به .
كذلك العرض في الجسم ، يعني تقول مثلاً الطول في البدن ، الحمرة في الوجه ، هي في معنى قولنا الشيء في المكان أو لا .؟ لا ، لأن الظرفية هنا غير الظرفية هناك ، لأن هذا عرض قائم بغيره ، وأما الجسم في المكان فهو عين حالة في غيرها . فبينهما فرق .
الطالب : العرض .؟
الشيخ :العرض الصفة . الوجه في المرآة ، هل هذا مثل قولك الوجه في جانب الرأس .؟ لا ، مع أن كل بفي ، لكن الوجه في المرآة لو أن الأمر مثل قولك الوجه في جانب الرأس لكان الإنسان إذا ... المرآة وفيها وجه الإنسان لكان .؟ يتألم به ، يتألم وجهه فيها ... .
الطالب : ... .
الشيخ : على كل حال تجدون أن كلمة ( في ) مختلفة بحسب ما تضاف إليه .
فيقول المؤلف رحمه الله تعالى : " وكون الكلام في الورق " واحد كتب كلمة في ورق ، تقول : هذا الكلام في الورق ، هل هو كقولك هذا الجسم في المكان .؟ لا ، لأن الكلام الواقع عبارة عن نقوش وحروف كان في الورق ، أما الكلام نفسه فإنه إنما يخرج من الفم .
" فَإِنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ خَاصَّةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ حَرْفُ ( فِي ) مُسْتَعْمَلًا فِي كل ذَلِكَ .
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ : الْعَرْشُ فِي السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ ؟ لَقِيلَ فِي السَّمَاءِ ، وَلَوْ قِيلَ : الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ ؟ لَقِيلَ الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ دَاخِلَ السَّمَوَاتِ ، بَلْ وَلَا الْجَنَّةُ ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ الْجَنَّةَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَسَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ ) ، فَهَذِهِ الْجَنَّةُ سَقْفُهَا الَّذِي هُوَ الْعَرْشُ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ . مَعَ أَنَّ كون الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ يُرَادُ بِهِ الْعُلُوُّ سَوَاءٌ كَانَتْ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ أَوْ تَحْتَهَا " الذي عندي أصح : مَعَ أَنَّ كون .
" مَعَ أَنَّ كون الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ يُرَادُ بِهِ الْعُلُوُّ سَوَاءٌ كَانَتْ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ أَوْ تَحْتَهَا ، قَالَ تَعَالَى : (( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلَى السَّمَاءِ )) وَقَالَ تَعَالَى : (( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا )) ".
الآن إذا قيل العرش في السماء أو في الأرض .؟ هل يلزم من كون العرش في السماء أن تكون السماء محيطة به . وهو داخل السماء؟! لا ، لأن السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقت في فلاة من الأرض ، والكرسي فضل العرش عليه كفضل الفلاة على تلك الحلقة ، فهل يمكن أن يكون ما هذا سعته داخل في السماء أو ما يمكن ؟! ما يمكن ، هذا مثل لو قال قائل إن السموات يمكن أن تكون داخل بيضة ، يمكن أو ما يمكن .؟ ما يمكن أن تكون السموات داخل بيضة ، كذلك ما يمكن أن يكون العرش داخل السموات ، لأنه أكبر من السموات بكثير وكثير .
فعلى هذا نقول السماء يراد به العلو ، وانظر إلى المثالين أتى بهما المؤلف ، (( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلَى السَّمَاءِ )) يعني إلى العلو . ليس إلى السماء التي هي السماء ، بل إلى العلو .
كذلك قوله : (( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا )) هل المراد السماء التي هي السماء .؟
الطالب : لا .
الشيخ : وش المراد به .؟ المراد به العلو ، ولهذا قال الله تعالى : (( والسحاب المسخر بين السماء والأرض )) ، هذا صحيح السماء والأرض هو المراد به السماء ، لكن هنا : (( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا )) المراد به العلو .
قال : " وَلَمَّا كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى ، وَأَنَّهُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ : إنَّهُ فِي السَّمَاءِ ، أَنَّهُ فِي الْعُلُوِّ وَأَنَّهُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ.
وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ لَمَّا قَالَ لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أَيْنَ اللَّهُ ؟ ) قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ . إنَّمَا أَرَادَتْ الْعُلُوَّ ، مَعَ عَدَمِ تَخْصِيصِهِ بِالْأَجْسَامِ الْمَخْلُوقَةِ وَحُلُولِهِ فِيهَا ، وَإِذَا قِيلَ : الْعُلُوُّ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا فَوْقَ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا ، فَمَا فَوْقَهَا كلِّهَا هُوَ فِي السَّمَاءِ ، وَلَا يَقْتَضِي هَذَا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ظَرْفٌ وُجُودِيٌّ يُحِيطُ بِهِ ، إذْ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ شَيْءٌ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ ، كَمَا لَوْ قِيلَ : الْعَرْشُ فِوق السَّمَاءِ "
الطالب : في السماء .
الشيخ : لا ، أنا عندي فوق . خل نشوف أيهما أصح .؟
" كَمَا لَوْ قِيلَ : الْعَرْشُ فِوق السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ فِي شَيْءٍ آخَرَ مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ ، وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ السَّمَاءَ الْمُرَادُ بِهَا الْأَفْلَاكُ كَانَ الْمُرَادُ إنَّهُ عَلَيْهَا ". يمكن " في " أحسن الظاهر .
" وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ السَّمَاءَ الْمُرَادُ بِهَا الْأَفْلَاكُ كَانَ الْمُرَادُ أنَّهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ تعالى : (( وَلَأُصَلِّبَنَّكُم فِي جُذُوعِ النَّخْلِ )) وَكَمَا قَالَ : (( فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ )) وَكَمَا قَالَ : (( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ )) وَيُقَالُ : فُلَانٌ فِي الْجَبَلِ وَفِي السَّطْحِ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَعْلَى شَيْءٍ فِيهِ ." .
المعنى يقول المؤلف رحمه الله تعالى الآن : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ُ )) لنا فيها ثلاثة تصورات :
تصور باطل وتصوران صحيحان :
التصور الباطل : أن نظن أن معنى كونه في السماء ، أن السماء تحيط به وأنه داخلها ، فهذا تصور باطل يبطله العقل والشرع ، وأتى المؤلف بأمثلة تدل على أن " في " تكون للظرفية ، ولكن بحسب ما تضاف إليه ، بحسب ما قبلها وما بعدها .
التصور الثاني : أن تقول أن المراد بالسماء هنا العلو ، وتكون في السماء أي في العلو ، لا في الأجرام المعينة ، ولا شك أن الله تعالى في العلو وليس في السفل واضح أو لا .؟
طيب يطالبنا إنسان فيقول : هاتوا لنا دليلا على أن السماء يراد بها العلو ، فماذا نقول .؟ مثل : (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) يعني من العلو ، مثل: (( فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء )) أي إلى العلو ، واضح .؟ طيب .
وكما يقال : الجنة في السماء ، يعني في العلو ، ليس المعنى أن السماء محيطة بها ، لأن الجنة فوق السماء . طيب هذا واحد .
التصور الثالث : أن نجعل " في " بمعنى على ، يكون معنى (( من في السماء )) أي من على السماء ، وإذا كان عليهما لا يمكن أن تكون محيطة به ، إذ الشيء العالي على الشيء ما يلزم أن يكون هذا الشيء محيطا به .
طيب هل إذا قلنا " في " بمعنى " على " نحتاج إلى الإتيان بشاهد يدل على أن " في " بمعنى على .؟ الجواب : نعم نحتاج إلى هذا ، نأتي بشاهد مثل : (( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ )) هل المعنى أصلبكم في جوف الجذوع .؟ لا ، ما يصلب الإنسان في جوف الجذع ، بمعنى يفرق الجذع ويجعل في وسطه ، لا ، ولكن معنى : (( في جذوع النخل )) على جذوع النخل .
كذلك : (( فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ )) احفروا خنادق وادخلوا فيها .؟ لا ، (( فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ )) يعني على الأرض ، فتبين بهذا أن " في " تأتي بمعنى على .
والحاصل أن قوله تعالى : (( أأمنتم من في السماء )) لهذا ثلاث تصورات :
تصور باطل لا يليق بالله ، ولا يجوز أن يتوهم متوهم من ذلك ، ومن توهمه فهو ضال خاطئ ، وهو .؟ التصور هذا ما هو .؟ أن نجعل " في " للظرفية ، وأن السماء محيطة بالله ، وهو داخلها ، هذا شيء ممتنع ولا يجوز ، ولا يريد الله تعالى بقوله تعالى : (( أأمنتم من في السماء )) هذا المعنى ، ما أراده أبدا .
التصور الثاني : أن نجعل السماء بمعنى العلو ، وتكون " في " للظرفية على ما هي عليه ، و (( في السماء )) أي في جهة العلو ، وهذا المعنى صحيح وله شواهد تدل على أن السماء يراد بها العلو ، منها قوله تعالى : (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) وقد علم أن هذا الماء الطهور لا ينزل من السماء نفسها ، وإنما ينزل من السحاب المسخر بين السماء والأرض ... .
12 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك قوله : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور )) من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات فهو جاهل ضال بالاتفاق , وإن كنا إذا قلنا : إن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك فإن حرف ( في ) متعلق بما قبله وبما بعده - فهو بحسب المضاف إليه ولهذا يفرق بين كون الشيء في المكان وكون الجسم في الحيز وكون العرض في الجسم وكون الوجه في المرآة وكون الكلام في الورق فإن لكل نوع من هذه الأنواع خاصة يتميز بها عن غيره وإن كان حرف ( في ) مستعملا في ذلك فلو قال قائل : العرش في السماء أو في الأرض ؟ لقيل في السماء ولو قيل : الجنة في السماء أم في الأرض ؟ لقيل الجنة في السماء ; ولا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات بل ولا الجنة فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن } فهذه الجنة سقفها الذي هو العرش فوق الأفلاك . مع أن الجنة في السماء يراد به العلو سواء كانت فوق الأفلاك أو تحتها قال تعالى : (( فليمدد بسبب إلى السماء )) وقال تعالى : (( وأنزلنا من السماء ماء طهورا )) ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى ; وأنه فوق كل شيء كان المفهوم من قوله : إنه في السماء أنه في العلو وأنه فوق كل شيء . وكذلك الجارية لما قال لها : ( أين الله ؟ ) قالت : في السماء . إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها وإذا قيل : العلو فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها فما فوقها كلها هو في السماء ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط به إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله كما لو قيل : العرش في السماء فإنه لا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك : كان المراد إنه عليها كما قال : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل ))وكما قال : (( فسيروا في الأرض )) وكما قال : (( فسيحوا في الأرض )) ويقال : فلان في الجبل وفي السطح وإن كان على أعلى شيء فيه .". أستمع حفظ