العقيدة التدمرية-11
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
العقيدة التدمرية
الحجم ( 5.82 ميغابايت )
التنزيل ( 2069 )
الإستماع ( 414 )


3 - تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومما يشبه هذا القول أن يجعل اللفظ نظيرا لما ليس مثله كما قيل في قوله : (( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )) ؟ فقيل هو مثل قوله : (( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما )) ؟ فهذا ليس مثل هذا ; لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدي ; فصار شبيها بقوله : (( فبما كسبت أيديكم )) وهنا أضاف الفعل إليه فقال : (( لما خلقت )) ثم قال : (( بيدي )) , وأيضا : فإنه هنا ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد وفي اليدين ذكر لفظ التثنية كما في قوله : (( بل يداه مبسوطتان ))وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع فصار كقوله : (( تجري بأعيننا )) . ". أستمع حفظ

4 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها - والظاهر هو المراد في الجميع - فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم , وأنه على كل شيء قدير , واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره وأن ظاهر ذلك مراد , كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا وقدرته كقدرتنا , وكذلك لما اتفقوا على أنه حي حقيقة عالم حقيقة قادر حقيقة ; لم يكن مرادهم أنه مثل المخلوق الذي هو حي عليم قدير ; فكذلك إذا قالوا في قوله تعالى : (( يحبهم ويحبونه )) (( رضي الله عنهم ورضوا عنه )) وقوله : (( ثم استوى على العرش )) أنه على ظاهره لم يقتض ذلك أن يكون ظاهره استواء كاستواء المخلوق ولا حبا كحبه ولا رضا كرضاه , فإن كان المستمع يظن أن ظاهر الصفات تماثل صفات المخلوقين لزمه أن لا يكون شيء من ظاهر ذلك مرادا , وإن كان يعتقد أن ظاهرها ما يليق بالخالق ويختص به لم يكن له نفي هذا الظاهر , ونفي أن يكون مرادا إلا بدليل يدل على النفي ; وليس في العقل ولا السمع ما ينفي هذا إلا من جنس ما ينفي به سائر الصفات , فيكون الكلام في الجميع واحدا . ". أستمع حفظ

5 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وبيان هذا أن صفاتنا منها ما هي أعيان وأجسام منها ما هي أعيان وأجسام وهي أبعاض لنا كالوجه واليد : ومنها ما هو معان وأعراض وهي قائمة بنا : كالسمع والبصر والكلام والعلم والقدرة . ثم إن من المعلوم أن الرب لما وصف نفسه بأنه حي عليم قدير : لم يقل المسلمون إن ظاهر هذا غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا ; فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد لأن مفهوم ذلك في حقه كمفهومه في حقنا بل صفة الموصوف تناسبه . فإذا كانت نفسه المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين فصفاته كذاته ليست كصفات المخلوقين ونسبة صفة المخلوق إليه كنسبة صفة الخالق إليه وليس المنسوب كالمنسوب ولا المنسوب إليه كالمنسوب إليه ; كما قال صلى الله عليه وسلم : ( ترون ربكم كما ترون الشمس والقمر ) فشبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي .". أستمع حفظ

8 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وهذا يتبين بالقاعدة الرابعة وهو أن كثيرا من الناس يتوهم في بعض الصفات أو كثير منها ; أو أكثرها أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه فيقع في أربعة أنواع من المحاذير : - أحدها كونه مثل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل . - الثاني أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطله بقيت النصوص معطلة عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله . فيبقى مع جنايته على النصوص ; وظنه السيئ الذي ظنه بالله ورسوله - حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل - قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى . - الثالث أنه ينفي تلك الصفات عن الله - عز وجل - بغير علم ; فيكون معطلا لما يستحقه الرب .". أستمع حفظ

10 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " مثال ذلك أن النصوص كلها دلت على وصف الإله بالعلو والفوقية على المخلوقات واستوائه على العرش , فأما علوه ومباينته للمخلوقات فيعلم بالعقل الموافق للسمع ; وأما الاستواء على العرش فطريق العلم به هو السمع . وليس في الكتاب والسنة وصف له بأنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا مباينه ولا مداخله . فيظن المتوهم أنه إذا وصف بالاستواء على العرش : كان استواؤه كاستواء الإنسان على ظهور الفلك والأنعام ; كقوله : (( وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره )), فيتخيل له أنه إذا كان مستويا على العرش كان محتاجا إليه كحاجة المستوي على الفلك والأنعام فلو غرقت السفينة لسقط المستوي عليها ولو عثرت الدابة لخر المستوي عليها . فقياس هذا أنه لو عدم العرش لسقط الرب سبحانه وتعالى ثم يريد بزعمه أن ينفي هذا فيقول : ليس استواؤه بقعود ولا استقرار ولا يعلم أن مسمى القعود والاستقرار يقال فيه ما يقال في مسمى الاستواء . ". أستمع حفظ

11 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فلما قال سبحانه وتعالى : (( والسماء بنيناها بأيد )) فهل يتوهم متوهم أن بناءه مثل بناء الآدمي المحتاج الذي يحتاج إلى زنبيل ومجارف وضرب لبن وجبل طين وأعوان ؟ ثم قد علم أن الله تعالى خلق العالم بعضه فوق بعض ولم يجعل عاليه مفتقرا إلى سافله فالهواء فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله الأرض والسحاب أيضا فوق الأرض وليس مفتقرا إلى أن تحمله والسموات فوق الأرض وليست مفتقرة إلى حمل الأرض لها ; فالعلي الأعلى رب كل شيء ومليكه إذا كان فوق جميع خلقه : كيف يجب أن يكون محتاجا إلى خلقه أو عرشه ؟ أو كيف يستلزم علوه على خلقه هذا الافتقار وهو ليس بمستلزم في المخلوقات ؟ وقد علم أن ما ثبت لمخلوق من الغنى عن غيره فالخالق سبحانه وتعالى أحق به وأولى .". أستمع حفظ

12 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك قوله : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور )) من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات فهو جاهل ضال بالاتفاق , وإن كنا إذا قلنا : إن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك فإن حرف ( في ) متعلق بما قبله وبما بعده - فهو بحسب المضاف إليه ولهذا يفرق بين كون الشيء في المكان وكون الجسم في الحيز وكون العرض في الجسم وكون الوجه في المرآة وكون الكلام في الورق فإن لكل نوع من هذه الأنواع خاصة يتميز بها عن غيره وإن كان حرف ( في ) مستعملا في ذلك فلو قال قائل : العرش في السماء أو في الأرض ؟ لقيل في السماء ولو قيل : الجنة في السماء أم في الأرض ؟ لقيل الجنة في السماء ; ولا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات بل ولا الجنة فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن } فهذه الجنة سقفها الذي هو العرش فوق الأفلاك . مع أن الجنة في السماء يراد به العلو سواء كانت فوق الأفلاك أو تحتها قال تعالى : (( فليمدد بسبب إلى السماء )) وقال تعالى : (( وأنزلنا من السماء ماء طهورا )) ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى ; وأنه فوق كل شيء كان المفهوم من قوله : إنه في السماء أنه في العلو وأنه فوق كل شيء . وكذلك الجارية لما قال لها : ( أين الله ؟ ) قالت : في السماء . إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها وإذا قيل : العلو فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها فما فوقها كلها هو في السماء ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط به إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله كما لو قيل : العرش في السماء فإنه لا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك : كان المراد إنه عليها كما قال : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل ))وكما قال : (( فسيروا في الأرض )) وكما قال : (( فسيحوا في الأرض )) ويقال : فلان في الجبل وفي السطح وإن كان على أعلى شيء فيه .". أستمع حفظ