تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك قوله : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور )) من توهم أن مقتضى هذه الآية أن يكون الله في داخل السموات فهو جاهل ضال بالاتفاق , وإن كنا إذا قلنا : إن الشمس والقمر في السماء يقتضي ذلك فإن حرف ( في ) متعلق بما قبله وبما بعده - فهو بحسب المضاف إليه ولهذا يفرق بين كون الشيء في المكان وكون الجسم في الحيز وكون العرض في الجسم وكون الوجه في المرآة وكون الكلام في الورق فإن لكل نوع من هذه الأنواع خاصة يتميز بها عن غيره وإن كان حرف ( في ) مستعملا في ذلك فلو قال قائل : العرش في السماء أو في الأرض ؟ لقيل في السماء ولو قيل : الجنة في السماء أم في الأرض ؟ لقيل الجنة في السماء ; ولا يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السموات بل ولا الجنة فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن } فهذه الجنة سقفها الذي هو العرش فوق الأفلاك . مع أن الجنة في السماء يراد به العلو سواء كانت فوق الأفلاك أو تحتها قال تعالى : (( فليمدد بسبب إلى السماء )) وقال تعالى : (( وأنزلنا من السماء ماء طهورا )) ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى ; وأنه فوق كل شيء كان المفهوم من قوله : إنه في السماء أنه في العلو وأنه فوق كل شيء . وكذلك الجارية لما قال لها : ( أين الله ؟ ) قالت : في السماء . إنما أرادت العلو مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها وإذا قيل : العلو فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها فما فوقها كلها هو في السماء ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط به إذ ليس فوق العالم شيء موجود إلا الله كما لو قيل : العرش في السماء فإنه لا يقتضي أن يكون العرش في شيء آخر موجود مخلوق وإن قدر أن السماء المراد بها الأفلاك : كان المراد إنه عليها كما قال : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل ))وكما قال : (( فسيروا في الأرض )) وكما قال : (( فسيحوا في الأرض )) ويقال : فلان في الجبل وفي السطح وإن كان على أعلى شيء فيه .".
الشيخ : والحاصل أن قوله تعالى : (( أأمنتم من في السماء )) لهذا ثلاث تصورات : تصور باطل لا يليق بالله ، ولا يجوز أن يتوهم متوهم من ذلك ، ومن توهمه فهو ضال خاطئ ، وهو .؟ التصور هذا ما هو .؟ أن نجعل : " في " للظرفية ، وأن السماء محيطة بالله ، وهو داخلها ، هذا شيء ممتنع ولا يجوز ، ولا يريد الله تعالى بقوله تعالى : (( أأمنتم من في السماء )) هذا المعنى ، ما أراده أبدا . التصور الثاني : أن نجعل السماء بمعنى العلو ، وتكون " في " للظرفية على ما هي عليه ، و (( في السماء )) أي في جهة العلو ، وهذا المعنى صحيح ، وله شواهد تدل على أن السماء يراد بها العلو : منها قوله تعالى : (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) وقد علم أن هذا الماء الطهور لا ينزل من السماء نفسها ، وإنما ينزل من السّحاب المسخر بين السماء والأرض ... نقول السماء يراد بها العلو مثل قوله تعالى : (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) أي من العلو . التصور الثالث : أن نجعل في بمعنى على ، ونقول : (( من في السماء )) يعني من على السماء ، والله تبارك وتعالى على السماء ولا يلزم أن تكون محيطة به ، ولكننا نحتاج إلى مثال استعملت فيه : " في " بمعنى على .؟ والجواب : فيه مثال ، مثل إذا قلت : فلان في السطح يعني عليه ، فلان في الجبل يعني عليه ، ومن القرآن أحسن : (( سيروا في الأرض ))(( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) يعني على الأرض ، (( سيروا في الأرض )) في بمعنى على . نأخذ القاعدة الخامسة الآن : ... .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القاعدة الخامسة أنا نعلم لما أخبرنا به من وجه دون وجه . فإن الله قال : (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) وقال : (( أفلم يدبروا القول )) وقال : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )) وقال : (( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )). فأمر بتدبر الكتاب كله ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، قال رحمه الله تعالى : " القاعدة الخامسة : أنا نعلم لما أخبرنا به من وجه دون وجه ... " إلى آخره ، هذه القاعدة مهمة ، وذلك لأننا لما أخبرنا الله به عن صفاته نعلمه من وجه دون وجه ، ونحن نضرب مثلاً لذلك : (( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ )) خلق السموات والأرض ، نحن نعلم معنى خلق ، وأن الخلق هو الإيجاد والإبداع والاختراع وما أشبه ذلك ، لكن هل نعلم كيف خلق هذه .؟ لا ، (( مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )). (( ثم استوى على العرش .)) استوى على العرش ، نحن نعلم معنى استوى وأنه علا واستقر ، لكن لا نعلم كيف استوى .؟ إذن نحن نعلم ما أخبرنا به من وجه دون وجه . فمن وجه المعنى نعلمه ومن وجه الحقيقة والكيفية لا نعلمه ، وبهذا يزول الإشكال الذي يرد ، هل آيات الصفات من المتشابه أو من المحكم .؟ الجواب على هذا السؤال أن نقول : إن أردت المعنى فهي من المحكم ، وإن أردت الكيفية والحقيقة فهي من المتشابه ، فمن حيث المعنى معروف ، كما قال مالك رحمه الله : " الاستواء معلوم " ومن حيث الكيفية مجهولة . إذا كل صفات الله عز وجل إذا قال : هل هي من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله ، فإنك تجيبه بقولك : إن أردت بذلك معناها فهي من المحكم الواضح ، وإن أردت بذلك الكيفية والحقيقة فإنها من المتشابه لأننا لا نعلم ذلك . المؤلف يقول : " أنا نعلم لما أخبرنا به من وجه دون وجه " ما هو الوجه الذي نعلمها به المعنى ، دون وجه الحقيقة والكيفية . واضح .؟ ثم المؤلف فرّع وأطال على هذه القاعدة بما سنقرأه إن شاء الله. الطالب : ... . الشيخ : لا ، كل المغيبات ، الأسماء والصفات والجنة أيضا ، وما فيها من النعيم والنار وما فيها من الجحيم ، كلها أيضا نعلمه من وجه دون وجه ، كل الأمور التي ما شاهدناها فإننا نعلمها من وجه دون وجه . طيب وجه أننا نعلمه وأن علمنا يمكن أن يبلغه .؟ الدليل : " فإن الله تعالى قال : (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ )) " . هذا الدليل ، والاستفهام هنا للتوبيخ، لتوبيخ من لم يتدبر القرآن ، وكون من لم يتدبر القرآن موبخاً يدل على أن القرآن يمكن الوصول إلى معناه ، إذا لو لم يمكن الوصول إلى معناه ما كان التوبيخ على ترك التدبر حالاً محمله ، يعني ليس واقعا في محله ، يعني كيف يوبخ الإنسان على عدم تدبر ما لا يمكنه فهمه .؟ هل يمكن أن يوبخ الإنسان على عدم تدبر ما لا يمكنه فهمه.؟ الجواب : لا يمكن ، إذاً فالقرآن يمكن الوصول إلى معرفة معناه ، ولذلك وبّخ الله من لم يتدبرون القرآن ، أرجوا الانتباه يا جماعة . إذا ما هو الدليل على أننا نعلم ما أخبر به من وجه دون وجه ، الدليل .؟ (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ )) وجه الدلالة .؟ توبيخ الله هؤلاء الذين لا يتدبرون القرآن ، هذا وجه الدلالة ، وهذا يدل على أنه يمكن الوصول إلى معناه ، وإلا لما كان لتوبيخهم محل . " (( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً )) وقال تعالى : (( أَفَلم يَدَبَّرُونَ الْقول )) " المراد القول إيش .؟ ما قيل لهم وهو القرآن . " وقال تعالى : (( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )) " ليدبروا آياته هذا الشاهد ، وبعد التدبر ومعرفة المعنى يتذكر أولوا الألباب (( وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ )) . طيب لو كنا لا نعرف معنى القرآن هل يمكن أن نتذكر .؟ أبداً ، لو يأتي أفصح الناس في اللغة الأعجمية ويقف أمامنا ويخطب خطاباً فصيحاً ، ونحن لا نعرف لغته ، هل يؤثر فينا .؟ ما يؤثر ، إذاً القرآن لولا أنه يمكن الوصول إلى معناه ، ما قال : (( ليدبروا آياته وليتذكر )) إذ لا تذكر إلا بعد معرفة المعنى . واضح .؟ طيب . " وقال تعالى : (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )) فأمر بتدبر القرآن كله " وين الأمر .؟ فأمر بتدبر القرآن ، ما فيه الأمر الذي هو صيغة الأمر ، الآيات التي معنا ما فيها الأمر الذي هو بصيغة الأمر ، لكن فيها ما يدل على الأمر ، وهو التوبيخ والإنكار على من لم يتدبر ، فمن لازم ذلك أنه يؤمر الإنسان بتدبره . طيب : " بتدبر الكتاب كله " أو إلا آيات الصفات .؟ كل القرآن .؟ (( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ )) ما قال إلا آيات الصفات (( أَفَلَا يَدَبَّرُوا الْقول )) ما قال إلا آيات الصفات . فإذا هو شامل للقرآن كله ومنها آيات الصفات ، وحينئذ نعرف أنه يمكن الوصول إلى معاني آيات الصفات .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد قال تعالى : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب وقد روي عن مجاهد وطائفة : أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله وقد قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها ولا منافاة بين القولين عند التحقيق . فإن لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملا في ثلاثة معان : - أحدها - وهو اصطلاح كثير من المتأخرين من المتكلمين في الفقه وأصوله - أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ; لدليل يقترن به وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها ; وهل ذلك محمود أو مذموم أو حق أو باطل ؟ .".
الشيخ : قال المؤلف بعد ذلك : " وقد قال تعالى : (( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) ". هذه الآية تدل على أننا نعلم ما في القرآن من وجه دون وجه ، لكن بينت أن القرآن ينقسم إلى قسمين : محكم ومتشابه . فالمحكم : ما علمنا معناه وحقيقته ، مثل : (( وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ )) هذا محكم لأننا نعرف معنى إقامة الصلاة ونعرف الصلاة ونقيمها . (( َآتُواْ الزَّكَاةَ )) محكم أو لا .؟ محكم . لكن صفات الله سبحانه وتعالى هذا محكم أو متشابه ؟ من حيث المعنى محكم ، لأنه واضح ، ومن حيث الحقيقة متشابه . ولهذا يقول الله عز وجل : (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ )) . (( إِلاَّ اللّهُ )) قف ، وتعرب الله فاعل و (( تَأْوِيلَهُ )) مفعول ، وتعرب (( والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ )) الرَّاسِخُونَ : مبتدأ و (( يقولون )) الجملة خبر المبتدأ . (( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كل من عند ربنا )) . الطالب : ... . الشيخ : ... الواو للاستئناف ، والراسخون مبتدأ ، وجملة يقولون خبره . وقوله تعالى : (( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ )) يعني ما يتعظ إلا أصحاب العقول . " وجمهور وسلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله : (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ )) ". هذا الوقف لازم أو جائز ؟ لازم ، لأنه لو وصلت لاختلف المعنى المقصود ، فيجب الوقف لزوماً على قوله : (( إِلاَّ اللّهُ )) على رأي سلف الأمة وخلفها . " وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم . وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها . وتفسير لا يعذر أحد بجهالته . وتفسير تعلمه العلماء . وتفسير لا يعلمه إلا الله . من ادّعى علمه فهو كاذب " . نعم قسمه على أربعة أوجه : تفسير تعرفه العرب من كلامها ، مثل أي شيء .؟ الطالب : ... . الشيخ : هذا معناه في اللغة ، تعرفه العرب من كلامها مثل معرفة الكأس والنمارق والسرر والأكواب وما أشبه ذلك ، كل هذا نرجع فيه إلى اللغة العربية . وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، يعني ما يعرف لكن لابد أن يعلم ، وذلك مثل الأمور التي تلزم العبد مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وما أشبه ذلك ، هذا ما كل واحد يعرفه ولكن لا يعذر أحد بجهله ويجب أن يتعلمه الإنسان . وتفسير تعلمه العلماء ، مثل الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والآيات التي ظاهرها التعارض تحتاج إلى جمع وما أشبه ذلك ، هذا ما كل واحد يعلمه ولكن يعلمه العلماء . وتفسير لا يعلمه إلا الله ، مثل حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الأخر ، هذا ما يعلمه إلا الله ، ما أحد يقدر يقول أنا أعرف حقيقة يد الله وأعرف حقيقة الجنة أو أعرف حقيقة النار ما أحد يعرف ، ولو ادعى العلم فهو كاذب . " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَائِفَةٍ : أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ : عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ فَاتِحَتِهِ إلَى خَاتِمَتِهِ أُوقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْ تَفْسِيرِهَا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ " فيه رأي آخر : يرون أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله ، وهؤلاء هم الأقل ، لأن ما دام يقول جمهور سلفها الأمة وخلفها على الوقف على : (( إلا الله )) وش يصير الراسخين في العلم يعلمون تأويله أو لا .؟ لا يعلمون ، إذا قلنا قف على : (( إلا الله )) فمعنى ذلك أن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله . لكن روي عن مجاهد وطائفة من أهل العلم حتى عن ابن عباس نفسه أنه قال : أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله . وما روي عن مجاهد بأنه عرض المصحف من فاتحته إلى خاتمته على ابن عباس يقفه عند كل آية ويسأله يدل على أن الراسخين في العلم أيضا يعلمون التأويل ، وعلى هذا يدل الرأي لا يلزم الوقف على : (( إِلاَّ اللّهُ )) بها تصل وتقول : (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ )) ونعربها الآن على هذا الوجه فنقول : الواو حرف عطف ، والراسخون معطوفة على الله فتكون فاعلاً فالراسخون إذا يعلمون تأويله (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ )) ويكون جملة يقولون حالاً من الراسخين في العلم ، يعني أنهم يعلمون بقلوبهم هذا المعنى ، ويقولون بألسنتهم (( آمنا به كل من عند ربنا )) وبسبب إيمانهم أمكنهم الوصول إلى معرفة هذا المتشابه ، لأن الذي لا يؤمن إذا عرضت عليه الآيات المتشابهات يزداد نفوراً ، والمؤمن الذي يعرف أنه من عند الله وأنه لا يمكن أن يتناقض ، يتنعم فيتدبر فيزداد إيماناً ، ولهذا قال : (( آمنا به كل من عند ربنا )). هل بين القولين خلاف وتعارض ؟ قول من يقول إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله ، وقول من يقول إن المتشابه يعلم تأويله الله والراسخون في العلم ، هل بينهما تعارض ؟ يقول المؤلف لا تعارض بينهما : " وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ التَّحْقِيقِ " القولين : الذي يقول إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله ، وهو الذي عليه سلف الأمة ، جمهور سلف الأمة وخلفها ، والقول الثاني الذي يقول إن الراسخين في العلم يعلمون التأويل أيضا ، يعني ليس الله فقط الذي يعلم ، الله والراسخون في العلم ، أو ما فهمتم الآن .؟ الآن المؤلف تكلم عن الآية : (( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به )) في قوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )) فيها رأيان : الرأي الأول يقول : قف على قوله : (( إلا الله )) فلا يكون الراسخون في العلم عالمين بتأويله ، ما يعلم تأويله إلا الله فقط ، ووظيفة الراسخين في العلم أنهم يقولون آمنا به كل من عند ربنا. الرأي الثاني : يقول لا تقف على : (( إلا الله )) بل صل الكلام وقل : (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )) يعلمون كذلك تأويله . فهمت الفرق الآن أو لا .؟ رأي يقول المتشابه ما يعلم تأويله إلا الله ، ورأي يقول المتشابه ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، واضح الفرق بين القولين الآن .؟ المؤلف يقول لا منافاة بينهما عند التحقيق . الطالب : ... . الشيخ : يعني إذا وقفت : (( إلا الله )) صارت الراسخون مبتدأ والواو للاستئناف وجملة يقولون خبر ، وإذا وصلت صارت الواو حرف عطف والراسخون معطوفة على الله ، والمعطوف على المرفوع مرفوع فهي فاعل وجملة يقولون في محل نصب على الحال . طيب أرجو الانتباه يا جماعة ، ما تقولوا ما فهمنا ، فصار عندنا في الآية رأيان . لا منافاة بينهما ، فإن وجه الجمع بين الرأيين : " فَإِنَّ لَفْظَ ( التَّأْوِيلِ ) قَدْ صَارَ بِتَعَدُّدِ الِاصْطِلَاحَاتِ مُسْتَعْمَلًا فِي ثَلَاثَةِ مَعَانٍ : - أَحَدُهَا : وَهُوَ اصْطِلَاحُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ أَنَّ ( التَّأْوِيلَ ) هُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ الِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ ، لِدَلِيلِ يَقْتَرِنُ بِهِ " صَرْفُ اللَّفْظِ من المعنى الرَّاجِحِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ ، لِدَلِيلِ يَقْتَرِنُ بِهِ . يعني معناه أنك تأوّل الكلام إلى كلام . (( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ )) وش ظاهر اللفظ .؟ إذا قرأت أي فرغت مع أن المراد إذا ابتدأت ، صرف : (( فإذا قرأت )) إلى معنى : إذا ابتدأت ، يعتبر تأويلاً ، ليش .؟ لأننا صرفنا الكلام عن ظاهره عن الاحتمال الراجح للاحتمال المرجوح . بدليل يقترن به وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يستعذ إذا انتهى من القراءة ، ولكنه يستعذ إذا ابتدأ القراءة . واش نسمي هذا التفسير على هذا الاصطلاح ، نسميه تأويلاً . طيب : (( استوى على العرش )) استولى على العرش ، هذا تأويل لأنه صُرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، لكن هل هناك دليل .؟ كلمة بدليل ليست من تمام التعريف ، ولكنها من تمام صحة التأويل ، أي يكون التأويل صحيحاً إذ كان له دليل ، ولا يكون صحيحاً إذا لم يذكر له دليل . فمثلا الذي يقول استوى بمعنى استولى هم يزعمون أن لهم دليلا على ذلك ، وهو أن العقل يحيل أن يكون الله تعالى مستوياً أي مرتفعاً وعالياً على العرش ، إذا هذا الدليل العقلي ، ونحن نرى أن هذا غير دليل ، ولهذا قلنا أن هذا التأويل فاسد ، المهم يا جماعة الآن المعنى الأول للتأويل هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، وهل نحتاج إلى كلمة : بدليل يقترن به .؟ لا ، ما نحتاج ، إنما نحتاج إليها إذا كنا نريد التأويل الصحيح ، أما مجرد صرف اللفظ سواء دليل أو بغير دليل يسمى تأويلا ، لكن إن كان بدليل فهو تأويل صحيح إذا كان هذا الدليل صحيحا ، وإن لم يكن بدليل يصير ليس صحيحا و يصير تأويل غير مقبول . المهم تعريف التأويل : صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ، هذا التعريف ، ثم إن كان بدليل فهو صحيح ، وإن لم يكن بدليل فهو فاسد . " وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَنَاهُ أَكْثَرُ مَنْ تَكَلَّمَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَأْوِيلِ نُصُوصِ الصِّفَاتِ وَتَرْكِ تَأْوِيلِهَا " يعني أنهم يريدون في تأويل آيات الصفات وصرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح " وَهَلْ ذَلِكَ مَحْمُودٌ أَوْ مَذْمُومٌ أَوْ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ ؟ " نقول أما إذا دل عليه الدليل فهو محمود وهو حق ، وإذا لم يدل عليه الدليل فليس محمودا وليس بحق وهو باطل ، والله أعلم .
مناقشة الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القاعدة الخامسة أنا نعلم لما أخبرنا به من وجه دون وجه . فإن الله قال : (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) وقال : (( أفلم يدبروا القول )) وقال : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )) وقال : (( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )). فأمر بتدبر الكتاب كله . قد قال تعالى : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب وقد روي عن مجاهد وطائفة : أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله وقد قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها ولا منافاة بين القولين عند التحقيق . فإن لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملا في ثلاثة معان : - أحدها - وهو اصطلاح كثير من المتأخرين من المتكلمين في الفقه وأصوله - أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ; لدليل يقترن به وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها ; وهل ذلك محمود أو مذموم أو حق أو باطل ؟ .".
الشيخ : قال المؤلف " إننا نعلم ما أخبرنا الله عن نفسه من وجه دون وجه " ، فما هو الوجه الذي نعلمه .؟ الطالب : ... . الشيخ : هو المعنى ، طيب والوجه الذي لا نعلمه .؟ الطالب : ... . الشيخ : الحقيقة والكيفية ، مثل بمثال .؟ الطالب : (( الرحمن على العرش استوى )) ... . الشيخ : العلو والاستقرار ، ما نعلم حقيقته وكيفيته ، لأن الله أخبرنا به ولم يخبرنا بكيفيتها ، فنحن نعلمه من وجه دون وجه ، طيب استرح . اختلف السلف في الوقوف في سورة آل عمران على : (( إلا الله )) أو الوقف .؟ الأخ .؟ الطالب : ... . الشيخ : أحسنت ، طيب اجلس ، إعرابها على الوصل .؟ إعراب الآية : (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به )) .؟ الطالب : ... . الشيخ : تأويله مفعول ، والله فاعل . الطالب : ... . الشيخ : الواو للاستئناف ، وين خبره .؟ الطالب : يقولون . الشيخ : هذا على قراءة الوصل ، الواو للاستئناف والراسخون مبتدأ وخبرها (( يقولون آمنا به )) . اعرابها على قراءة الوصل .؟ الطالب : ... . الشيخ : الله فاعل والراسخون معطوف عليها ، والمعطوف على الفاعل فاعل طيب ، وجملة يقولون وش محلها من الإعراب .؟ (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به )) الطالب : حال . الشيخ : الجملة حالية ، يعني : وما يعلمه إلا الله ويعلمه الراسخون في العلم حال كونهم يقولون آمنا به طيب استرح . هل بين القولين منافاة أو لا .؟ الطالب : ... . الشيخ : عند التحقيق ليس بينهما منافاة ، طيب كيف ذلك .؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب استرح ، يقول المؤلف إنه لا منافاة بين القولين ، يعني بين طريقة أكثر أهل السلف والخلف ، أنهم يقفون على : (( إلا الله )) وطريقة من يصلون ، فيقولون : (( إلا الله والراسخون في العلم )) لا منافاة بينهما وذلك بالرجوع إلى معنى التأويل . التأويل له ثلاثة اصطلاحات ، أولا اصطلاح كثير من المتأخرين كما قال المؤلف ، وهو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، مثال ذلك : (( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم )) المعنى الراجح (( إذا قرأت )) أتممت ، أي أتممت القراءة ، لأنه لا يصدق على الإنسان أنه قرأ إلا إذا قرأ ، والمعنى المرجوح : إذا أردت أن تقرأ ، فهنا هل الآية تحمل على المعنى الراجح ، ويقال : إذا قرأت أي إذا أتممت القراءة فاستعذ ، أو على المعنى المرجوح ، إذا قرأت أي إذا أردت أن تقرأ ، تحمل على المعنى المرجوح ، فإذا قلنا إذا قرأت القرآن أي إذا أردت قراءته ، سمينا هذا إيش .؟ سمينا هذا تأويلا ، لأننا أخرجنا الآية عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ولكن هذا التأويل صحيح ، لأنه دلت عليه السنة وهو عمل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يستعيذ إذا أراد أن يقرأ . طيب : (( الرحمن على العرش استوى )) هذا مثال آخر ، على العرس استوى المعنى الراجح ما هو .؟ علا واستقر ، والمعنى المرجوح استوى أي استولى ، الخلف من الأشاعرة وغيرهم يقولون استوى بمعنى استولى ويسمي هذا التفسير تأويلا ، لأنهم أخرجوه عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، مفهوم .؟ طيب وش دليلكم .؟ يقولون : دليلنا ما يمكن أن الله تعالى يستوي على العرش ، ما يمكن لأن هذا يقتضي أن يكون جسما إلى آخر ما يقولون ، فهم الآن تفسيرهم استوى بمعنى استولى يسمونه تأويلا ، لكن أهل السنة والجماعة يقولون نحمل اللفظ على المعنى الراجح و وهو أنه بمعنى علا واستقر ، لأن التأويل الذي ذكرتم ليس عليه دليل ، وحمله على المعنى الراجح لا يمنع منه مانع ، فيجب أن يحمل على المعنى الراجح . أرجو الانتباه ، الآن عندكم مثالين كلاهما تأويل لكن فيه تأويل صحيح وفيه تأويل ليس بصحيح ، أرجو تضبطوا المثالين هذين ، ما هو المثال الأول .؟ (( فإذا قرأت القرآن )) نأوله إلى إذا أردت أن تقرأ القرآن ، عندنا دليل من السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ إذا أراد أن يقرأ لا إذا قرأ . طيب : (( الرحمن على العرش استوى )) استوى لها معنيان : معنى راجح وهو علا واستقر ، ومعنى مرجوح استولى على العرش ، كذا أو لا .؟ أهل التأويل سلكوا التأويل في هذا وقالوا معنى استوى استولى ، فصرفوا اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل عندهم هم يعتقدونه صحيحا ، ولكننا نحن لا نعتقده صحيحا ، ولذلك نقول إن هذا التأويل باطل لأنه لا دليل يدل على فساد المعنى الراجح ، المعنى الراجح استوى على العرش علا عليه ، ما فيه شيء يمنع ، وأنتم تقولون استوى بمعنى استولى ما عندكم دليل و فلهذا نقول هذا تأويل فاسد ، إذا تفسير استوى بمعنى استولى تأويل . تفسير إذا قرأت القرآن بمعنى إذا أردت قراءته فهو تأويل أيضا ، لكن الأول استوى أي استولى فاسد لأنه لا دليل عليه ، والثاني صحيح لأن عليه دليلا ، فاهمين يا جماعة الآن .؟ طيب هذا الاصطلاح الذي يقول المؤلف : " وهو اصطلاح كثير من المتأخرين من المتكلمين في الفقه وأصوله أن التأويل ... ". الطالب : إيش معنى استولى .؟ الشيخ : استولى عليه ، من الاستيلاء ، مثل الاستيلاء على مال . طيب يقول المؤلف رحمه الله تعالى : " وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات " ... إيش لعندك . الطالب : ... . الشيخ : نعم زين ... " وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها ; وهل ذلك محمود أو مذموم أو حق أو باطل " ؟ نقول هذا محمود وحق متى إذا دل عليه دليل صححي مثل (( إذا قرأت )) أي إذا أدرت أن تقرأ وهو مذموم وباطل إذا لم يدل عليه دليل صحيح مثل استوى بمعنى استولى .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " الثاني : أن التأويل بمعنى التفسير وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله - من المصنفين في التفسير - واختلف علماء التأويل ومجاهد إمام المفسرين ; قال الثوري : " إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به " وعلى تفسيره يعتمد الشافعي وأحمد والبخاري وغيرهما فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره .الثالث من معاني التأويل : هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال الله تعالى : (( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )). فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون : من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحو ذلك كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته قال : (( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل )) فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا الثاني : هو تفسير الكلام وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج ومنه قول عائشة . { كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي } يتأول القرآن يعني قوله : (( فسبح بحمد ربك واستغفره )) وقول سفيان بن عيينة : السنة هي تأويل الأمر والنهي فإن نفس الفعل المأمور به هو تأويل الأمر به ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وأمر . ".
الشيخ :" الثَّانِي " من معاني التأويل " أَنَّ التَّأْوِيلَ بِمَعْنَى التَّفْسِيرِ" فيقال تأويل قوله تعالى كذا أي تفسيرها " وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُفَسِّرِينَ لِلْقُرْآنِ كَمَا يَقُولُ ابْنُ جَرِيرٍ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي التَّفْسِيرِ : واختلف علماء التأويل . ". يعني الآن نقول : المعنى الثاني للتأويل أي التفسير ، تأويل كذا أي تفسيره ، يقول المؤلف أن هذا هو اصطلاح المفسرين للقرآن ، ولاسيما الذين يفسرونه بالأثر مثل ابن جرير وأمثاله ، دعونا من الذين يفسرونه بالنظر ، مثل الزمخشري ونحوه ، هؤلاء قد يعنون بالتأويل المعنى الأول ، لكن مثل ابن جرير الذين تفسيرهم تفسير أثري ، هؤلاء إذا قالوا التأويل أو تأويل قوله تعالى يريدون بذلك التفسير ، فإذن هذا معنى آخر للتأويل . ويقول المؤلف : " وَمُجَاهِدٌ إمَامُ الْمُفَسِّرِينَ " قصده إمام المفسرين في زمنه وإلا فقبله من هو أعلم منه كابن عباس مثلاً ، لكن إمام المفسرين من التابعين " قَالَ الثَّوْرِيُّ : إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ . " يعني معناه أنه يكفيك عن غيره ، وهذا ثناء بالغ . ولهذا قال المؤلف : " وَعَلَى تَفْسِيرِهِ يَعْتَمِدُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَ ، فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْلَمُ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ تَفْسِيرِهِ". الطالب : ... وغيرهما . الشيخ :" يعتمد الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَ " عندك أنت غيرهما .؟ لا ، ما لها معنى . طيب إذا قلنا التأويل أي التفسير ، أرجو الانتباه يا جماعة . فهنا يكون الصواب في الآية الفصل أو الوصل .؟ الوصل ، لماذا .؟ لأن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه ، فإذا قلنا بهذا المعنى الثاني أن التأويل بمعنى التفسير ، فلا شك أن قراءة الوصل أصح ، لأن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المتشابه ، ولهذا روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : " أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله " أي تفسيره . وهو الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل ) علمه التأويل أي التفسير . فصار الآية إذا حملنا التأويل في قوله : (( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ )) إذا حملناه على التفسير كان الوصل أولى من الفصل ، لأن الراسخين في العلم يعلمون التفسير . يقول : " الثَّالِثُ مِنْ مَعَانِي التَّأْوِيلِ : هُوَ الْحَقِيقَةُ الَّتِي يُؤَوَّلُ إلَيْهَا الْكَلَامُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (( هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ )) " أي : ما ينظرون ، أي : ينتظرون " ((إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ )) . فَتَأْوِيلُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَخْبَارِ الْمُعَادِ هُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهِ مِمَّا يَكُونُ مِنْ الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ لَمَّا سَجَدَ له أَبَوَاهُ وَإِخْوَتُهُ قَالَ : (( يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ )) فَجَعَلَ عَيْنَ مَا وَجَدَ فِي الْخَارِجِ هُوَ تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا. الثَّانِي : هُوَ تَفْسِيرُ الْكَلَامِ وَهُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يُفَسَّرُ بِهِ اللَّفْظُ حَتَّى يُفْهَمَ مَعْنَاهُ أَوْ تُعْرَفَ عِلَّتُهُ أَوْ دَلِيلُهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ هُوَ عَيْنُ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : ( سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ) يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ ، تعْنِي قَوْلَهُ : (( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إنه كان توابا )) وَقَوْلُ سُفْيَانَ بْنِ عيينة : السُّنَّةُ هِيَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَإِنَّ نَفْسَ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ هُوَ تَأْوِيلُ الْأَمْرِ بِهِ ، وَنَفْسَ الْمَوْجُودِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ هُوَ تَأْوِيلُ الْخَبَرِ وَالْكَلَامُ خَبَرٌ وَأَمْرٌ " . هذا المعنى الثالث للتأويل أنه الحقيقة التي يؤول إليها الكلام ، أرجوا الانتباه يا جماعة طيب إذا كان الكلام خبراً عن شيء ، فتأويله هو وقوع المخبر به ، وإذا كان الكلام أمر فتأويله هو فعل المأمور به ، يوسف عليه الصلاة والسلام رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، هذه الرؤيا خبر في الواقع ، لأن الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزاء من النبوة ، فكأنه لما رأى هؤلاء يسجدون له كأنه أوحي بأن هؤلاء يسجدون له ، بعد مدة ودخولهم مصر خروا له سجد ، وش قال .؟ قال : (( هذا تأويل رؤياي من قبل )) وش معنى تأويلها ؟ أي وقوع ما أخبر به . وكذلك يقول الله عز وجل في المكذبين بيوم القيامة : (( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تأويله )) أي : وقوع ما أخبر به (( يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )) هذا التأويل الذي بمعنى الحقيقة ، نقول التأويل الذي بمعنى الحقيقة إن كان خبراً فتأويله وقوع المخبر به ، وإن كان أمراً فتأويله فعل المأمور به . ولهذا قالت عائشة رضي الله في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم حينما كان يقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمد اللهم اغفر لي ) قالت: إنه يتأول القرآن . إيش معنى يتأوله أي يفعل ما أمر به ، لأن مآل الكلام إذا كان أمراً أن يفعل هذا الأمر ، ومآل الكلام إذ كان خبرا أن يقع المخبر به على هذا المعنى ، أي على معنى أن التأويل بمعنى العاقبة والحقيقة، حقيقة المخبر به وحقيقة المأمور به ، على هذا المعنى يكون الوقف على قوله : (( إلا الله )) أرجح من الوصل ، لأن حقيقة ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر ، من يعلمها .؟ الطالب : الله . الشيخ : وهل يعلمها الراسخون في العلم .؟ لا ، فتبين الآن أن التأويل بأقسامه الثلاثة ، ما هو الذي يتناسب والآية .؟ يتناسب والآية المعنيان الأخيران ، الثاني والثالث ، أما المعنى الأول فلا يتناسب مع الآية ، ولم يرد الله تعالى بقوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) لم يرد المعنى المرجوح ، وإنما أراد سبحانه وتعالى إما حقيقة الأمر الذي أخبر به ، وإما تفسير هذا المعنى ، تفسير الخبر ، وعليه فإذا أريد بالتأويل التفسير فإن الراسخين في العلم يعلمونه ويكون الوصل أولى ، وإذا أريد بالتأويل الحقيقة التي يؤول إليها الكلام وهو وقوع ما أخبر الله به وامتثال ما أمر به ، فإن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر لا يعلمه إلا الله .
مناقشة الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد قال تعالى : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب وقد روي عن مجاهد وطائفة : أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله وقد قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها ولا منافاة بين القولين عند التحقيق . فإن لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملا في ثلاثة معان : - أحدها - وهو اصطلاح كثير من المتأخرين من المتكلمين في الفقه وأصوله - أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ; لدليل يقترن به وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها ; وهل ذلك محمود أو مذموم أو حق أو باطل ؟ الثاني : أن التأويل بمعنى التفسير وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن كما يقول ابن جرير وأمثاله - من المصنفين في التفسير - واختلف علماء التأويل ومجاهد إمام المفسرين ; قال الثوري : " إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به " وعلى تفسيره يعتمد الشافعي وأحمد والبخاري وغيرهما فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به معرفة تفسيره .الثالث من معاني التأويل : هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال الله تعالى : (( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق )). فتأويل ما في القرآن من أخبار المعاد هو ما أخبر الله به فيه مما يكون : من القيامة والحساب والجزاء والجنة والنار ونحو ذلك كما قال الله تعالى في قصة يوسف لما سجد أبواه وإخوته قال : (( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل )) فجعل عين ما وجد في الخارج هو تأويل الرؤيا الثاني : هو تفسير الكلام وهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج ومنه قول عائشة . { كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي } يتأول القرآن يعني قوله : (( فسبح بحمد ربك واستغفره )) وقول سفيان بن عيينة : السنة هي تأويل الأمر والنهي فإن نفس الفعل المأمور به هو تأويل الأمر به ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر والكلام خبر وأمر . ".
الشيخ : علي يالله وش وجه أنه لا منافاة بين القولين .؟ الطالب : لا منافاة بين القولين لأنه إذا أريد بمعنى التأويل التفسير لا يكون الوقف واجبا ، وإذا أريد به حقيقة الشيء فهذا ... . الشيخ : فهذا فيما أخبر الله به عن نفس عن اليوم الآخر ، لا يعلمه إلا الله، فيكون الوقف .؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب المؤلف يقول: لا منافاة بين القولين ، لماذا لم يكن بينهما منافاة .؟ لأن كل واحد محمول على جهة أخرى ، والتنافي إنما يكون فيما إذا اتفق المتنافيان في جهة واحدة ، أما إذا كان لكل واحد جهة فلا منافاة ولا تصادم بينهما ، وعلى هذا أرجو أن تكونوا فهمتم الآن ، أنه لا منافاة بين الوصل والوقف ، لماذا لا منافاة .؟ لأن للوصل معنى وللوقف معنى آخر ، ما هو معنى الوصل .؟ أن التأويل بمعنى التفسير ، فإننا إذا قلنا وما يعلم تفسيره إلا الله ، فإننا نعلم أن الراسخين في العلم يعلمون تفسيره ، ولهذا فسر القرآن من أوله إلى آخره مثل ما قال مجاهد : يسأل ابن عباس آية آية ، وإذا قلنا إن التأويل هو الحقيقة والعاقبة التي يؤول إليها الخبر أو الأمر فإن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر لا يعلمه إلا الله. طيب : استوى بمعنى استولى ، كيفية استواء الله على عرشه كذا وكذا ... استوى بمعنى علا واستقر ، استوى بمعنى على كيفية كذا وكذا ، أيهم الذي التأويل بمعنى التفسير ، وأيهم الذي التأويل بمعنى الحقيقة .؟ إذا قلت استوى بمعنى علا واستقر فهذا تفسير ، ويعلمه العلماء أو ما يعلمه .؟ يعلمونه . إذا قلت استوى على كيفية كذا وكذا فهذا من التأويل بمعنى الحقيقة ، ولا يعلمه إلا الله . فتبين الآن أن للتأويل معنيين : إما التفسير وإما حقيقة المؤول ، فعلى الأول يكون الوصل .؟ الطالب : أولى . الشيخ : لأن الراسخين في العلم يعلمون ، وعلى الثاني يكون القصر ، لأن ذلك لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى ، لا يكن لديكم إشكال يا جماعة ، لا تقولون ما عرفنا أو ما بين لنا ، لأني أنا أقول وأكرر ، أن مستواكم في التوحيد ضعيف إلى أبعد الحدود ، وأنه إن بقيتم على هذا فستحملون المادة أكثركم . فالحاصل أني أرجو أن تنتبهوا ، ليس المقصود حمل المادة أو عدم حملها ، المقصود الفهم ، إني ما أسمح لأي أحد يسكت وهو لم يفهم ، لازم تفهمون المعنى لأن المقصود التعليم ، وعدم النجاح يعني ثانوية ، ليس هاما لدينا ، المهم لدينا العلم . فصار التأويل يطلق على ثلاثة اصطلاحات : الأول .؟ الطالب : ... . الشيخ : عن المعنى الراجح إلى المعني المرجوح ، وهل يمكن أن تتنزل الآية : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) على هذا الاصطلاح .؟ لا، لأن هذا اصطلاح المتأخرين ، ما يعرف هذا في كلام الله ورسوله أبدا ، المعنى الثاني : التأويل بمعنى التفسير ، والمعنى الثالث : التأويل بمعنى الحقيقة التي عليها المؤول ، وهذان المعنيان هما اللذان يمكن أن تتنزل عليهم الآية ، أو لا فإن فسرت التأويل في الآية بمعنى التفسير ، فتقف أو تصل .؟ الطالب : تقف . الشيخ : وإن فسرت التأويل بمعنى الحقيقة التي عليها الكلام فإن الوقف أولى ، ويكون هذا مما لا يعلمه إلا الله . الطالب : ... . الشيخ : نعم أولى أو يجب ، لكننا نقول الأولى لأنه قد يصل الإنسان قراءة ، وهو يريد المعنى التفسير . الطالب : ... . الشيخ : الأول المؤلف ما يريده ، ولهذا ما عرّج عليه ، قال : هذا اصطلاح كثير من المتأخرين ، ثم قال الثاني والثالث ، لأنه ما أراد التعويل على الأول . الطالب : ... . الشيخ : لا ، الثاني يعني المعنى الثاني للتأويل ، والثالث يعني المعنى الثالث للتأويل ، وترك المعنى الأول لأنه لا يوافق الآية ، ترك المعنى الأول الذي هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح للمعنى المرجوح لأنه ما ينافي الآية . الطالب : ... . الشيخ : الثاني الذي سبق ، ليس الثاني في ضمن الثالث ، أفهمتم الآن أو لا .؟ الطالب : نعم . الشيخ : زين ، أرجو إن شاء الله أن تكون أوراقكم جيدة .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولهذا يقول أبو عبيد وغيره : الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصماء ; لأن الفقهاء يعلمون تفسير ما أمر به ونهى عنه ; لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعلم أتباع بقراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهما ما لا يعلم بمجرد اللغة ; ولكن تأويل الأمر والنهي لا بد من معرفته بخلاف تأويل الخبر . إذا عرف ذلك : فتأويل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الأسماء والصفات هو حقيقة لنفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الصفات وتأويل ما أخبر الله به تعالى من الوعد والوعيد هو نفس ما يكون من الوعد والوعيد . ولهذا ما يجيء في الحديث نعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه لأن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر فيه ألفاظ متشابهة يشبه معانيها ما نعلمه في الدنيا كما أخبر أن في الجنة لحما ولبنا وعسلا وخمرا ونحو ذلك وهذا يشبه ما في الدنيا لفظا ومعنى ; ولكن ليس هو مثله ولا حقيقته فأسماء الله تعالى وصفاته أولى وإن كان بينها وبين أسماء العباد وصفاتهم تشابه , لا يكون لأجلها الخالق مثل المخلوق , ولا حقيقته كحقيقته والإخبار عن الغائب لا يفهم إن لم يعبر عنه بالأسماء المعلومة معانيها في الشاهد ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد ; مع العلم بالفارق المميز .".
الشيخ :" ولهذا يقول أبو عبيد وغيره : الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصماء ; لأن الفقهاء يعلمون تفسير ما أمر به ونهى عنه ; لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعلم أتباع بقراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهما ما لا يعلم بمجرد اللغة ". المؤلف يقول إن التأويل بمعنى التفسير ، والتأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها ، نأتي مثلا إلى تفسير كلام الرسول عليه الصلاة والسلام في الأمور الشرعيات إذا تعارض عندنا التفسير اللغوي والشرعي فأيهم أعلم .؟ الفقهاء الذين يتكلمون على المقاصد الشرعية أو أهل اللغة الذين يتكلمون على المعاني اللغوية .؟ نقول الفقهاء مثل ما قال أبو عبيد ، الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة ، لأن الفقهاء هم أهل الشرع الذين تمرنوا على الفقه ومعرفته ، فيعرفون مراده بكلامه لأنهم تعودوا عليه ، مثل ما إن الأطباء والنحويين ، الأطباء يعرفون من كلام بقراط ما لا يعرفه أهل اللغة ، يعني عندهم اصطلاحات طبية ما يعرفها أهل اللغة ، سيبويه يعرف أتباعه من كلامه ما لا يعرفه غيرهم ، لماذا .؟ لأنهم تمرنوا على كلامه ، وأنتم الآن الإنسان إذا قرأ كتاب عالم من العلماء وتردد فيها ، يمكن لو يقرأ عبارة ما نسبت إليه ، عرف أنها.؟ الطالب : ... . الشيخ : لا ، ما نسبت إليه وهي من كلامه ، يعرفها أنها من كلامه ، يعني لو تدرس كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، ثم ترى لك ورقة في ... وتقرأ ، وإذا عبارتها مثل عبارة الرجل ، تقول هذا من كلام ابن تيمية ، لأنك عرفت منهجه وأسلوبه ، وكذلك كل إنسان يتكرر قراءتك لكلامك لا شك أنك ستعرف من كلامه ما لا يعرفه غيره . الآن إذا جاءنا إنسان وقرأ بالفقه وتمرن فيه ، وإنسان تو مبتدأ فيه ، أيهم أعرف بكلام الفقهاء .؟ الأول أعرف ، لأنه متمرن ، وهذا شيء معلوم ... ثم قال المؤلف : " ولكن تأويل الأمر والنهي لا بد من معرفته بخلاف تأويل الخبر ." تأويل الأمر والنهي ، وش قلنا تأويل الأمر.؟ فعله ، فعل المأمور به ، فلا بد أن تعرفه ، لأنك لا بد أن تطبق الأمر ، والنهي كذلك لا بد أن تتجنبه ، لكن الخبر هل نحن ملزمون بمعرفة الحقيقة .؟ ليس بمعرفة المعنى بمعرفة الحقيقة .؟ لا ، ولا يمكننا ذلك أيضا في الأمور المستقبلة ، لأننا ... . الطالب : ... . الشيخ : إذا أمر الله : (( أقيموا الصلاة )) تأويل أقيموا الصلاة يعني .؟ أو تفهم معنى أقيم ، وهذا التأويل بمعنى التفسير ، ثم تقيم الصلاة وهذا التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الكلام ، فلا بد أنك تعرف معنى أقيموا الصلاة ، ولا بد أنك تطبق وتقيم الصلاة ، هذا الأمر . الزنا (( لا تقربوا الزنا )) لا بد أن تعرف ما هو الزنا ، ولا بد أن تبتعد عن الزنا ، واضح .؟ لكن (( يد الله فوق أيديهم ))(( لما خلقت بيدي )) هل يلزم عليك أن تعرف حقيقة يد الله .؟ تعرف معناها وكفى ، ولا يمكنك أن تصل إلى معرفة الحقيقة فيها . قال : " إذَا عُرِفَ ذَلِكَ : فَتَأْوِيلُ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَنْ نَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُتَّصِفَةِ بِمَا لَهَا مِنْ حَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ هُوَ حَقِيقَةٌ لِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُتَّصِفَةِ بِمَا لَهَا مِنْ حَقَائِقِ الصِّفَاتِ ، وَتَأْوِيلِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ تَعَالَى مِنْ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ هُوَ نَفْسُ مَا يَكُونُ مِنْ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ" أظن هذا واضح.؟ هذا مكرر ذا . " وَلِهَذَا مَا يَجِيءُ فِي الْحَدِيثِ نَعْمَلُ بِمُحْكَمِهِ وَنُؤْمِنُ بِمُتَشَابِهِهِ لِأَنَّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْيَوْمِ الْآخِرِ فِيهِ أَلْفَاظٌ مُتَشَابِهَةٌ يُشْبِهُ مَعَانِيهَا مَا نَعْلَمُهُ فِي الدُّنْيَا كَمَا أَخْبَرَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ لَحْمًا وَلَبَنًا وَعَسَلًا وَخَمْرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَهَذَا يُشْبِهُ مَا فِي الدُّنْيَا لَفْظًا وَمَعْنًى ، وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ مِثْلَهُ وَلَا حَقِيقَتَهُ ، فَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا" بينها الظاهر .؟ عندكم بينها .؟ الطالب : ... . الشيخ : لا ، أحسن بينها . " وإن كان بينها وَبَيْنَ أَسْمَاءِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ تَشَابُهٌ ، أَنْ لا " إيه أن زائدة ، ما عندك أن .؟ طيب أقرأها سليمة العبارة الآن : " فَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ بَيْنَها " أي بين أسماء الله وصفاته " وَبَيْنَ أَسْمَاءِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ تَشَابُهٌ ، لَا يَكُونَ لِأَجْلِهَا الْخَالِقُ مِثْلَ الْمَخْلُوقِ ، وَلَا حَقِيقَتُهُ كَحَقِيقَتِهِ " أن امسحوها . " وَالْإِخْبَارُ عَنْ الْغَائِبِ لَا يُفْهَمُ إنْ لَمْ يُعَبَّرْ عَنْهُ بِالْأَسْمَاءِ الْمَعْلُومَةِ مَعَانِيهَا فِي الشَّاهِدِ وَيُعْلَمُ بِهَا مَا فِي الْغَائِبِ بِوَاسِطَةِ الْعِلْمِ بِمَا فِي الشَّاهِدِ ، مَعَ الْعِلْمِ بِالْفَارِقِ الْمُمَيِّزِ " . المؤلف يقول : لا بد أن يخبر الله تعالى عما في الجنة من النعيم ، ولكن بماذا يخبر ؟ يخبر بألفاظ تكون مماثلة لما نشاهده في الدنيا، الآن مثلا في الجنة فاكهة ونخل ورمان ، الحقيقة مختلفة ، لكن هي غائبة عنا أو نشاهدها .؟ غائبة ، هل يمكن أن نعلم هذا إلا بأن يعبر بها عما نعلمه ؟ لا يمكن ، إلا إذا عبر بها بعبارة نعلمها ، إذا لم يعبر بعبارة نعلمها ما نعرف ما في الغائب ، هذا معنى كلام المؤلف، وكأنه يقول : أن ما أخبر الله به عن نفسه ، وما أخبر به عما في الجنة من النعيم ، وما في النار من العذاب ، لا بد أن يعبر به بألفاظ معلومة لنا نعرف معانيها ، لأنه لو لم يعبر بها كذلك ما عرفنا عنها شيئا . إذ الغائب لا يمكن معرفته إلا بالتعبير عنه بما للشاهد . الطالب : هل في الحديث ... . الشيخ : في الحديث أشياء متشابهة مثل القرآن ، كل الأحاديث التي في الصفات مثل القرآن الذي في الصفات .
مناقشة الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القاعدة الخامسة أنا نعلم لما أخبرنا به من وجه دون وجه . فإن الله قال : (( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )) وقال : (( أفلم يدبروا القول )) وقال : (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )) وقال : (( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )). فأمر بتدبر الكتاب كله . قد قال تعالى : (( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف على قوله : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) وهذا هو المأثور عن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم وروي عن ابن عباس أنه قال : التفسير على أربعة أوجه تفسير تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله من ادعى علمه فهو كاذب وقد روي عن مجاهد وطائفة : أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله وقد قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها ولا منافاة بين القولين عند التحقيق . فإن لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملا في ثلاثة معان : - أحدها - وهو اصطلاح كثير من المتأخرين من المتكلمين في الفقه وأصوله - أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ; لدليل يقترن به وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها ; وهل ذلك محمود أو مذموم أو حق أو باطل ؟ .".
الشيخ : ... والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، وبعد : فقد تقدم لنا القاعدة الخامسة ، فما هي .؟ الطالب : ... . الشيخ : نعلم أن ما أخبرنا به أو بما أخبرنا به من وجه دون وجه ، تمام ، استرح . ما هو الوجه الذي نعلمه .؟ الطالب : ... . الشيخ : طيب استرح . في قوله تعالى : (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )) وجهان للسلف .؟ الطالب : وجه الوقف على : (( إلا الله )) ووجه الوصل . الشيخ : الوقف على : (( إلا الله )) وش يكون معنى التأويل .؟ الطالب : يكون بمعنى الحقيقة والكيفية . الشيخ : نعم أحسمت اجلس ، وعلى الوصل .؟ ماذا يكون التأويل على قراءة الوصل .؟ الطالب : يكون التأويل بمعنى التفسير . الشيخ : بمعنى التفسير ، ويكون الراسخون في العلم .؟ الطالب : يعلمون التفسير . الشيخ : زين اجلس ، على هذا يمكن الجمع بين الوجهين.؟ الطالب : نعم . الشيخ : وذلك بأن نحمل .؟ الطالب : نحمل التأويل على التفسير والحقيقة ... حقائق ما أخبر الله به . الشيخ : يعني نحمل الوقف على أن معنى التأويل الحقيقة وما يؤول إليها ، ونحمل الوصل على أن التأويل بمعنى التفسير . ما هو تأويل الخبر إذا قلنا إن التأويل هو الحقيقة التي يكون عليها الكلام .؟ وش يصير معنى الخبر .؟ الطالب : ... . الشيخ : تأويل الخبر إذا قلنا إن الخبر هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام ، يصير تأويل الخبر هو وقوع المخبر به ، مثاله من القرآن.؟ نريد آية فيها معنى تأويل وقوع المخبر به .؟ الطالب : قوله تعالى : (( هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل )) . الشيخ :(( قد جاءت رسل ربنا بالحق )) طيب أحسنت ، تأويله يعني وقوع ما أخبر به . وماذا يكون تأويل الأمر أخ .؟ إذا كان التأويل بمعنى الحقيقة وش يكون تأويل الأمر .؟ الطالب : ... . الشيخ : ما عندك علم ، ما حضرت .؟ الطالب : تأويل الأمر هو فعل المأمور . الشيخ : فعل المأمور به ، طيب استرح . إذا قلت : (( أقيموا الصلاة )) أي : افعلوها مستقيمة ، ما معنى هذا التأويل يا أخ .؟ الآن أنا أولت الآية وش معنى أولتها .؟ الطالب : ... . الشيخ : خطأ يا عبد المجيد ... قلت (( أقيموا الصلاة )) أي : افعلوها مستقيمة ، ما معنى هذا التأويل .؟ الطالب : هو التفسير . الشيخ : يعني التفسير ، الآن فسرت معنى : (( أقيموا الصلاة )). اجلس قلت : (( أقيموا الصلاة )) فذهبت فتوضأت وصليت ، ما معنى هذا التأويل .؟ هذا الذي بمعنى الحقيقة أو الذي بمعنى التفسير .؟ الطالب : بمعنى الحقيقة . الشيخ : بمعنى الحقيقة ، ليش .؟ لأنني فعلت حقيقة المأمور به . أعتقد بأن هذا المثل واضح ، أخذنا الآن معنيين من معاني التأويل ، طيب فيها المعنى الثالث .؟ من الذي ما أخذ السؤال ، المعنى الثالث للتأويل .؟ الطالب : هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح. الشيخ : صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، هذا الاصطلاح هل هو اصطلاح القرآن والسنة أو أي شيء .؟ الطالب : لا ... . الشيخ : اصطلاح كثير ... من الذي يعرفه . الطالب : كثير من المتكلمين الشيخ : كثير من المتكلمين في الفقه وأصوله من المتأخرين ، طيب استرح ... هل يمكن أن يخرج التأويل الذي في الآية على هذا المعنى أو ما يمكن .؟ الطالب : ... . الشيخ : يمكن .؟ يصير الآية تحتمل معني التأويل الثلاثة : التفسير والحقيقة وصرف اللفظ عن المعن الراجح ، كذا .؟ وش تقولون أنتم يا جماعة .؟ الطالب : لا يمكن . الشيخ : لا يمكن ، حط بالك ، الحقيقة والتفسير فقط ، أما صرف اللفظ عن المعنى الراجح فلا يمكن ، لأنه اصطلاح كثير من المتأخرين ، هذا ما حدث هذا المعنى إلا على كلام المتأخرين ، ولا يمكن أن يحمل كلام الله سبحانه وتعالى على شيء ما بعد فهم الناس معناه . الطالب : ... . الشيخ :(( فإذا قرأ القرآن )) يكون تفسيرا ، لأنه مادام فيه دليل صحيح يكون تفسيرا هذا ، الآن نحن نفسر الآية لأن معنا دليلا صحيحا على التأويل ، فتفسير الآية قد يكون موافقا لظاهرها وهو المعنى الراجح ، وقد يكون مخالفا لظاهرها ، المهم أن هذا هو المعنى الذي دلت عليه الآية ، فلا فرق بين أن يكون موافقا للظاهر أو مخالفا للظاهر . لو قلتم إن التأويل بدل عن صرف المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر ، يصح أو لا .؟ يصح ، لأن هذا من أجل إذا أردتم أن تتحكموا في الألفاظ فلا حرج ، يعني أن تقولوا بدل صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح ، أن تقولوا صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف الظاهر ، لأن ظاهر اللفظ هو المعنى الراجح في الواقع ، ولهذا كثير من الناس يفسر هذا التأويل بقوله صرف اللفظ عن ظاهره إلى المعنى الذي يخالف الظاهر ، وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى هذا الكلام ، فأنتم لكم الحرية في أن تقولوا صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى يخالف ظاهره ، أو أن تقولوا صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح . طيب نقرأ الآن الدرس إن شاء الله .
تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ... إذا عرف ذلك : فتأويل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الأسماء والصفات هو حقيقة لنفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الصفات وتأويل ما أخبر الله به تعالى من الوعد والوعيد هو نفس ما يكون من الوعد والوعيد . ولهذا ما يجيء في الحديث نعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه لأن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر فيه ألفاظ متشابهة يشبه معانيها ما نعلمه في الدنيا كما أخبر أن في الجنة لحما ولبنا وعسلا وخمرا ونحو ذلك وهذا يشبه ما في الدنيا لفظا ومعنى ; ولكن ليس هو مثله ولا حقيقته فأسماء الله تعالى وصفاته أولى وإن كان بينها وبين أسماء العباد وصفاتهم تشابه , لا يكون لأجلها الخالق مثل المخلوق , ولا حقيقته كحقيقته والإخبار عن الغائب لا يفهم إن لم يعبر عنه بالأسماء المعلومة معانيها في الشاهد ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد ; مع العلم بالفارق المميز . وأن ما أخبر الله به من الغيب أعظم مما يعلم في الشاهد وفي الغائب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , فنحن إذا أخبرنا الله بالغيب الذي اختص به من الجنة والنار علمنا معنى ذلك وفهمنا ما أريد منا فهمه بذلك الخطاب وفسرنا ذلك . ".
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وش آخر ما قرأنا .؟ " إذا عرف ذلك : فتأويل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الأسماء والصفات هو حقيقة لنفسه المقدسة المتصفة بما لها من حقائق الصفات " صحيح ، تأويل ما أخبر الله تعالى به عن نفسه بمعنى الحقيقة هو نفس ذات الله سبحانه وتعالى وما لها من الأسماء والصفات . " وتأويل ما أخبر الله به تعالى من الوعد والوعيد هو نفس ما يكون من الوعد والوعيد " هذا المعنى أي المعاني .؟ على معنى أن التأويل هو الحقيقة . " ولهذا ما يجيء في الحديث نعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه لأن ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر فيه ألفاظ متشابهة يشبه معانيها ما نعلمه في الدنيا كما أخبر أن في الجنة لحما ولبنا وعسلا وخمرا ونحو ذلك ، وهذا يشبه ما في الدنيا لفظا ومعنى ; ولكن ليس هو مثله " يعني في الحقيقة " ولا حقيقته " ولا هو حقيقته أيضا ، الرمان الذي في الدنيا ليس الذي في الآخرة مثلا ، واللحم الذي في الدنيا ليس اللحم الذي في الآخرة ، ولا هو أيضا مثله ، لكن يوافقه في الاسم والمعنى ، أما في الحقيقة فلا ... معك كتاب أخ .؟ وين كتابك .؟ اطلع من الفصل أو رح جيب كتاب. الطالب : أجابوا على أي شيء .؟ الشيخ : أجابوا على أن هذا الذي يذكر عن صفات الله وأسمائه في الحديث نعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه ، فمحكمه نعمل به والمتشابه نكل علمه إلى الله . طيب يقول : " وهذا يشبه ما في الدنيا لفظا ومعنى ; ولكن ليس هو مثله ولا حقيقته ، فأسماء الله تعالى وصفاته أولى وإن كان بينها وبين أسماء العباد وصفاتهم تشابه ، لا يكون لأجلها الخالق مثل المخلوق ، ولا حقيقته كحقيقته ، والإخبار عن الغائب لا يفهم إن لم يعبر عنه بالأسماء المعلومة معانيها في الشاهد ويعلم بها ما في الغائب بواسطة العلم بما في الشاهد ; مع العلم بالفارق المميز . وأن ما أخبر الله به من الغيب أعظم مما يعلم في الشاهد وفي الغائب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فنحن إذا أخبرنا الله بالغيب الذي اختص به من الجنة والنار علمنا معنى ذلك وفهمنا ما أريد منا فهمه بذلك الخطاب وفسرنا ذلك " . الطالب : عندي ما أريد من فهمه . ما عندنا : منا . الشيخ : لا ، منا . الصواب : منا .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما نفس الحقيقة المخبر عنها مثل التي لم تكن بعد ; وإنما تكون يوم القيامة فذلك من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله ولهذا لما سئل مالك وغيره من السلف عن قوله تعالى : (( الرحمن على العرش استوى )) قالوا : الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة , وكذلك قال ربيعة شيخ مالك قبله : الاستواء معلوم والكيف مجهول ومن الله البيان وعلى الرسول البلاغ وعلينا الإيمان فبين أن الاستواء معلوم وأن كيفية ذلك مجهول , ومثل هذا يوجد كثيرا في كلام السلف , والأئمة ينفون علم العباد بكيفية صفات الله وأنه لا يعلم كيف الله إلا الله فلا يعلم ما هو إلا هو , وقد قال النبي : ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) وهذا في صحيح مسلم وغيره وقال في الحديث الآخر : ( اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) وهذا الحديث في المسند , وصحيح أبي حاتم وقد أخبر فيه أن لله من الأسماء ما استأثر به في علم الغيب عنده فمعاني هذه الأسماء التي استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها غيره .".
الشيخ :" وَأَمَّا نَفْسُ الْحَقِيقَةِ الْمُخْبَرِ عَنْهَا مِثْلَ الَّتِي لَمْ تَكُنْ بَعْدُ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَذَلِكَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ " أظن كل هذا يا جماعة اعلموا أنه مكرر ، وأن المعنى قج فهمناه و حقيقة هذه المغيبات غير معلومة لنا ، ومعناها معلوم . " وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ عَنْ قَوْله تَعَالَى : ((الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) قَالُوا : الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ " وهذا مر علينا أظن . الطالب : ... وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ .؟ الشيخ : معروف لأنه قيل : كيف استوى .؟ هو سئل عن الكيفية كيف استوى .؟ فقال : الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ ، فـ " عنه " يعني السؤال عنه ، فهذا السؤال الذي ورد من هذا السائل ، وهو أن ما سأل عنه عن الكيفية ، وأما السؤال عن معناه جائز أو لا .؟ السؤال عن معنى الاستواء ، جائز ، أما عن الكيفية فلا يجوز وهو بدعة . طيب نشوف الكلمات هذه ، الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وش معناه .؟ العلو والاستقرار ، الْكَيْفُ مَجْهُولٌ ما ندري كيف استوى الله على العرش، والإيمان به واجب ، به أي بالاستواء واجب ، والتعليل .؟ لأن الله تعالى أخبر به عن نفسه فيجب علينا تصديقه ، والسؤال عنه عن الكيفية بدعة ، لأنه لم يسأل عنه الصحابة والسلف ، أو أن المعنى أن السؤال عنه من شأن أهل البدع ، وأن الذين يسألون عن هذه الأشياء هم أهل البدع لأجل أن يتوصلوا للتوقف عن الكيفية إلى نفيها . يعني يريدون أن يحرجوا أهل السنة فيسألونهم عن الكيفيات، فيحتمل أن المعنى ، والسؤال عنه بدعة لأنه لم يسأل عنه في عهد الصحابة ، أو أن المعنى السؤال عنه بدعة أنه من شأن أهل البدعة ، وأنهم هم الذين يتساءلون لإحراج أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات . طيب يقول : " وَكَذَلِكَ قَالَ رَبِيعَةُ شَيْخُ مَالِكٍ قَبْلَهُ " يعني قبل مالك . " الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَمِنْ اللَّهِ الْبَيَانُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْإِيمَانُ " . الكلام الذي يتعلق بالصفة اتفق عليه مالك وشيخه وهو : الاستواء معلوم والكيف مجهول . من الله البيان ، واضح أن الله بين (( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى )) أوجب الله على نفسه أن يبين للناس (( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى )) وقال تعالى : (( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ )) وعلى الرسول البلاغ (( فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ))(( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ )) . وش علينا الإيمان .؟ وظيفتنا الإيمان لأنه لا عذر لنا بعد ذلك . " فبين أن الاستواء معلوم وأن كيفية ذلك مجهول " كذا مجهول أو مجهولة ، أنا إذا سألت أوجه سؤالي للذي معه النسخة الأخرى ، لأنكم أنتم مثلي النسخ ما يحتاج . الطالب : " وأن كيفية ذلك مجهولة " . الشيخ :" وأن كيفية ذلك مجهولة " أي نعم الصواب مجهولة ، لأن المبتدأ إذا كان مؤنثا يكون الخبر مؤنثا . " وَمِثْلُ هَذَا يُوجَدُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةُ ، يَنْفُونَ عِلْمَ الْعِبَادِ بِكَيْفِيَّةِ صِفَاتِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ اللَّهُ إلَّا اللَّهُ ، فَلَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إلَّا هُوَ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ : ( لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك ) وَهَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَك سَمَّيْت بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْته فِي كِتَابِك أَوْ عَلَّمْته أَحَدًا مَنْ خَلْقِك أَوْ اسْتَأْثَرْت بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَك ) " ومعنى ( اسْتَأْثَرْت بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَك ) أنك لم تخبر به أحدا . طيب : " وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ، وَصَحِيحِ أَبِي حَاتِمٍ وَقَدْ أَخْبَرَ فِيهِ أَنَّ لِلَّهِ مِنْ الْأَسْمَاءِ مَا اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ " فمعاني هذه الأسماء التي اسْتَأْثَرَ بِها فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ " لَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ " . شف الأسماء التي استأثر الله بها ليست معلومة لنا لا بألفاظها ولا بمعانيها ، والأسماء التي بينها الله لنا معلومة لنا بألفاظها ومعانيها دون حقائقها .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " والله سبحانه أخبرنا أنه عليم قدير سميع بصير غفور رحيم ; إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته . فنحن نفهم معنى ذلك ونميز بين العلم والقدرة وبين الرحمة والسمع والبصر , ونعلم أن الأسماء كلها اتفقت في دلالتها على ذات الله مع تنوع معانيها فهي متفقة متواطئة من حيث الذات متباينة من جهة الصفات وكذلك أسماء النبي صلى الله عليه وسلم مثل محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب . وكذلك أسماء القرآن مثل القرآن والفرقان والهدى والنور والتنزيل والشفاء وغير ذلك ومثل هذه الأسماء تنازع الناس فيها هل هي من قبيل المترادفة - لاتحاد الذات - أو من قبيل المتباينة لتعدد الصفات ؟ كما إذا قيل : السيف والصارم والمهند وقصد بالصارم معنى الصرم وفي المهند النسبة إلى الهند ; والتحقيق أنها مترادفة في الذات متباينة في الصفات . ".
الشيخ :" وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ . فَنَحْنُ نَفْهَمُ مَعْنَى ذَلِكَ وَنُمَيِّزُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَبَيْنَ الرَّحْمَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، وَنَعْلَمُ أَنَّ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا اتَّفَقَتْ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى ذَاتِ اللَّهِ مَعَ تَنَوُّعِ مَعَانِيهَا ، فَهِيَ مُتَّفِقَةٌ مُتَوَاطِئَةٌ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ مُتَبَايِنَةٌ مِنْ جِهَةِ الصِّفَاتِ " هذه نقطة مهمة، ولا مرت علينا من قبل ، أسماء الله سبحانه وتعالى اتفقت واختلفت ، اتفقت في دلالتها على شيء واحد هو .؟ اتفقت في دلالتها على شيء واحد واختلفت .؟ ... اتفقت في الدلالة على ذات الله ، فالغفور هو الله ، والرحيم والسميع والبصير والعليم والقدير هو الله ، إذا فهي في الدلالة على المسمى بها متفقة ، في الدلالة على معانيها وأن لكل واحد منها معنى يختص به مختلفة ، فالغفور غير الرحيم والسميع غير البصير والعزيز غير الحكيم . إذا يقول المؤلف : فهي متفقة متواطئة من حيث الذات . ذات الله ، أي أنها تدل على ذات واحدة ، لكن يقول : متباينة من جهة الصفات، فالصفة المفهومة من العزيز غير الصفة المفهومة من الحكيم مثلاً . فإذا قال لك قائل : هل أسماء الله مترادفة أو متباينة ؟ وترى مترادفة ومتواطئة ومتفقة معناها واحد . إذا قال لك قائل : هل أسماء الله مترادفة أو متباينة ، وش الجواب .؟ أما من حيث دلالتها على الذات فهي مترادفة ، كلها تدل على ذات واحدة ، وأما من حيث دلالتها على المعنى فهي متباينة ، لأن لكل اسم منها معنى يختص به . طيب : " وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَالْمَاحِي وَالْحَاشِرِ وَالْعَاقِبِ " النبي صلى الله عليه وسلم له أسماء متعددة ، هذه الأسماء في دلالتها على ذات واحدة متفقة مترادفة ، وباعتبار دلالة كل واحد منها على معنى تكون متباينة . مفهوم يا جماعة الآن .؟ زين . الطالب : معانيها .؟ الشيخ : ... مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ وَالْمَاحِي وَالْعَاقِبِ ، نعم محمد اسم مفعول ، محمد من التحميد ، يعني أنه يحمد لكثرة خصاله الحميدة ، أحمد اسم تفضيل من أين .؟ من حمد ، فهو أحمد يعني أكثر الناس حمدا لله ، أحمد الناس لربه ، ويجوز أن يكون أحمد من باب إضافة الصفة على أنها اسم مفعول ، يعني أكثر من يحمد من الناس ، الماحي الذي محى الله به الكفر والشرك ، الحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ، والعاقب الذي يعقب الأنبياء قبله ، لأنه خاتمهم . " وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ الْقُرْآنِ مِثْلُ الْقُرْآنِ وَالْفُرْقَانِ وَالْهُدَى وَالنُّورِ وَالتَّنْزِيلِ وَالشِّفَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ " كل هذه أسماء للقرآن الْقُرْآنِ وَالْفُرْقَانِ وَالْهُدَى ، في دلالتها على القرآن مترادفة ، وباعتبار أن الفرقان له معنى والقرآن له معنى والهدى له معنى والنور له معنى ، تكون متباينة . وكذلك أيضا غير أسماء الله تعالى ورسوله وكتابه ، الآن عندنا السيف كم له من اسم .؟ كثيرة ، الصارم والمهند والسّيف والبتار وما أشبه ذلك ، هذه الأسماء باعتبار دلالتها على السيف .؟ مترادفة، متفقة ، وباعتبار أن لكل واحد منها معنى متباينة . " وَمِثْلُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا هَلْ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَرَادِفَةِ - لِاتِّحَادِ الذَّاتِ - أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُتَبَايِنَةِ لِتَعَدُّدِ الصِّفَاتِ ؟ كَمَا إذَا قِيلَ : السَّيْفُ وَالصَّارِمُ وَالْمُهَنَّدُ وَقُصِدَ بِالصَّارِمِ مَعْنَى الصَّرْمِ وَفِي الْمُهَنَّدِ النِّسْبَةُ إلَى الْهِنْدِ ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مُتَرَادِفَةٌ فِي الذَّاتِ مُتَبَايِنَةٌ فِي الصِّفَاتِ " العلماء اختلفوا هل هذه الأسماء من المترادفة أم من المتباينة .؟ منهم من يقول أنها مترادفة ، نظر إلى اتحادها في الذات، ومنهم من قال متباينة نظراً إلى اختلافها في الصفات ، ولكن كل منهما نظر إلى وجه وأغفل الوجه الآخر ، فإذا نظرنا إلى الوجهين قلنا مترادفة باعتبار دلالتها على الذات ومتباينة باعتبار دلالتها على الصفات ، وهذا كما قال المؤلف ، هذا هو التحقيق .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومما يوضح هذا أن الله وصف القرآن كله بأنه محكم وبأنه متشابه وفي موضع آخر جعل منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه , فينبغي أن يعرف الإحكام والتشابه الذي يعمه ; والإحكام والتشابه الذي يخص بعضه قال الله تعالى : (( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت ))فأخبر أنه أحكم آياته كلها , وقال تعالى : (( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ))فأخبر أنه كله متشابه . والحكم هو الفصل بين الشيئين فالحاكم يفصل بين الخصمين , والحكم فصل بين المتشابهات علما وعملا إذا ميز بين الحق والباطل والصدق والكذب والنافع والضار وذلك يتضمن فعل النافع وترك الضار فيقال : حكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يديه وحكمت الدابة وأحكمتها إذا جعلت لها حكمة وهو ما أحاط بالحنك من اللجام وإحكام الشيء إتقانه . ".
الشيخ : قال : " وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ تعالى وَصَفَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ بِأَنَّهُ مُحْكَمٌ وَبِأَنَّهُ مُتَشَابِهٌ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَعَلَ مِنْهُ مَا هُوَ مُحْكَمٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَشَابِهٌ " يعني القرآن وصف بثلاثة أوصاف ، نأخذها من هذا ، وهذا بحث جديد ما قرأناه من قبل : القرآن وصف بأنه محكم ، ووصف بأنه متشابه ، ووصف بأنه محكم ومتشابه . نشوف الآيات التي دلت عليه : (( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ))(( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ )) هذا وصفه بالإحكام المطلق . بالتشابه : (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ )) والمراد به القرآن ، فوصفه كله بأنه متشابه . وصف بعضه بالتشابه وبعضه بالأحكام مثل قوله تعالى : (( مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ )) . طيب نشوف الآن ، يقول : " فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ الْإِحْكَامُ وَالتَّشَابُهُ الَّذِي يَعُمُّهُ ، وَالْإِحْكَامُ وَالتَّشَابُهُ الَّذِي يَخُصُّ بَعْضَهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ )) فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَحْكَمَ آيَاتِهِ كُلَّهَا ، وَقَالَ تَعَالَى : (( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ )) فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كُلَّهُ مُتَشَابِهٌ " الطالب : " فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كتاب مُتَشَابِهٌ ". الشيخ : ما يخالف زين ، طيب : " وَالْحُكْمُ هُوَ الْفَصْلُ " نحن نقرأ كلام المؤلف الآن أو نبيّن لكم الفرق ونقرأ كلام المؤلف .؟ أيهم أحسن لكم .؟ الطالب : ... . الشيخ : نقرأ أولا . مع أن المؤلف رحمه الله تعالى يعني يكتب ولا يراجع ، نشوف الإحكام ، يقول المؤلف : " وَالْحُكْمُ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ ، فَالْحَاكِمُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ ، وَالْحُكْمُ فَصْلٌ بَيْنَ الْمُتَشَابِهَاتِ عِلْمًا وَعَمَلًا إذَا مَيَّزَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالنَّافِعِ وَالضَّارِّ ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ النَّافِعِ وَتَرْكَ الضَّارِّ فَيُقَالُ : حَكَمْت السَّفِيهَ وَأَحْكَمْته إذَا أَخَذْت عَلَى يَدَيْهِ ، وَحَكَمْت الدَّابَّةَ وَأَحْكَمْتهَا إذَا جَعَلْت لَهَا حَكَمَةً وَهُوَ مَا أَحَاطَ بِالْحَنَكِ مِنْ اللِّجَامِ ، وَإِحْكَامُ الشَّيْءِ إتْقَانُهُ ". المؤلف الآن أراد أن يبين أن الحكم هو الفصل بين الشيئين ، والإحكام هو الإتقان ، أنتم الآن يقول الواحد منكم : أحكمت الشيء يعني أتقنته ، والحكم هو الفصل بين الشيئين ، يذهب رجلان إلى القاضي في خصومة فيحكم القاضي الحق لهذا على هذا ، الآن فصل ، حكم فصل بين الشيئين بين الحق والباطل وبين هذين الرجلين أيضا . القرآن بهذا المعنى كله محكم يعني متقن ، والقرآن كله حكم يعني فصل بين الحق والباطل والصدق والكذب والنافع والضار وغير ذلك ، فلهذا صح أن نقول أن القرآن كله محكم بهذا الاعتبار ، والله أعلم .