تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومعلوم أن إثبات التشبيه بهذا التفسير مما لا يقوله عاقل يتصور ما يقول ; فإنه يعلم بضرورة العقل امتناعه ولا يلزم من نفي هذا نفي التشابه من بعض الوجوه كما في الأسماء والصفات المتواطئة ولكن من الناس من يجعل التشبيه مفسرا بمعنى من المعاني ثم أن كل من أثبت ذلك المعنى قالوا : إنه مشبه , ومنازعهم يقول : ذلك المعنى ليس هو من التشبيه .".
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : هل يجوز أن يقول يأكل بدون تشبيه ليس كأكل المخلوقين ، لا ، ينام ليس كنوم المخلوقين ، لا ، ما يمكن ، فتبين أن الاعتماد على مجرد نفي التشبيه لا يجوز لا إثباتا ولا سلبا ، واضح .؟
الطالب : ... كون التشبيه يوافق في بعض الوجوه هذا ليس حق .
الشيخ : كيف ليس حق .؟
الطالب : مثل الحياة في أصل المعنى فيه تشبيه ... .
الشيخ : بلى هذا حق ، لكن ما يسمى تشبيها في الحقيقة ، لأنك إذا لم تثبت أصل معنى الحياة في جانب الخالق ، وش معنى ذاك .؟ أنك نفيتها أو أثبتها .؟ أسألك الآن : لو لم تثبت أصل معنى الحياة في الخالق نفيت ، فلا بد من معنى مشترك ، كل موجودين لابد فيهما من معنى مشترك ، وهو الوجود . فأنت إذا نفيت هذا المعنى المشترك نفيت كل شيء ، واضح .؟
إذا المهم الآن من هذه الصفحة : أن الاعتماد في إثبات الصفات على مجرد نفي التشبيه لا يصح ، أو لا .؟ لا يصح لسببين :
أولا : إن أريد بالتشبيه المطلق فهذا غير ممكن ولا أحد يقوله .
وإن أريد به التشبيه من بعض الوجوه فهذا منازع فيه لأنك قد تقول هذا تشبيه ويقول غيرك ليس بتشبيه ، وعلى هذا فلا يصح هذا الاعتماد ، والمؤلف الآن إذا نفى هذا يقرر لك الكلام الصحيح.
1 - تتمة تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ومعلوم أن إثبات التشبيه بهذا التفسير مما لا يقوله عاقل يتصور ما يقول ; فإنه يعلم بضرورة العقل امتناعه ولا يلزم من نفي هذا نفي التشابه من بعض الوجوه كما في الأسماء والصفات المتواطئة ولكن من الناس من يجعل التشبيه مفسرا بمعنى من المعاني ثم أن كل من أثبت ذلك المعنى قالوا : إنه مشبه , ومنازعهم يقول : ذلك المعنى ليس هو من التشبيه .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد يفرق بين لفظ التشبيه والتمثيل وذلك أن المعتزلة ونحوهم من نفاة الصفات يقولون : كل من أثبت لله صفة قديمة فهو مشبه ممثل فمن قال إن لله علما قديما أو قدرة قديمة كان عندهم مشبها ممثلا لأن القديم عند جمهورهم هو أخص وصف الإله فمن أثبت له صفة قديمة فقد أثبت لله مثلا قديما ويسمونه ممثلا بهذا الاعتبار ومثبتة الصفات لا يوافقونهم على هذا بل يقولون : أخص وصفه ما لا يتصف به غيره مثل كونه رب العالمين وأنه بكل شيء عليم وأنه على كل شيء قدير وأنه إله واحد ونحو ذلك ; والصفة لا توصف بشيء من ذلك ".
يقولون : إن من قال أن لله علماً قديماً فهو ممثل ، والقديم عندهم ما ليس له أول ، ليس القديم عندهم ما يعرف في اللغة العربية أنه السابق لغيره ، لا ، ما ليس له ابتداء هو القديم عند الفلاسفة .
فإذا قلت : إن لله علماً قديماً ، وأنتم يجب أن تفهموا معنى القديم عند الفلاسفة ، وش معناه .؟ ما ليس له ابتداء ، ليس معنى القديم هو السابق على غيره ، تقول مثلا أنت علمي بهذا قديم ، وش معناه في اللغة العربية .؟ يعني سابق ، علمت قبل هذا ، وليس معناه أنه لا ابتداء له وأنه أزلي ، لكن القديم عند الفلاسفة خاصة ، حطوا بالكم ، هو ما لا ابتداء له ، يعني أنه أزلي .
فيقولون : إذا قلت إن لله علماً قديماً فقد شبهت ، كيف ؟
لأن أخص وصف الإله عندهم هو القدم ، وش معنى أخص وصف.؟ يعني الذي يختص به الله ولا يمكن أن يوصف به غيره هو القدم ، فإذا قلت : لله علم قديم ، فقد أثبت قديمين ، أحدهما الله والثاني العلم ، وحينئذ تكون مشبهاً ، ولذلك يمنعون جميع الصفات القديمة الذاتية ، لأنه عندهم هم الوصف الذي لا يصح إلا لله هو القدم ، فلا يمكن أن يشابه الله غيره في ذلك .
لو قلت لله علم قديم قالوا أنت مشبه ، لو قلت لله قدرة قديمة قالوا أنت مشبه ، لو قلت لله حياة قديمة قالوا أنت مشبه ، وهكذا ، شف كيف الآن إلى هذا الحد فهموا التشبيه على غير معناه ، ومثل ما قلت لكم أنا قبل قليل : أنك إذا أردت بالتشبيه الذي نفيته من وجه دون وجه فقد ينازعك فيه غيرك من الناس .
طيب يقول : " لأن القديم عند جمهورهم هو أخص وصف الإله " وش معنى أخص وصف الإله .؟ الذي لا يمكن أن يشركه فيه أحد ، " فَمَنْ أَثْبَتَ لَهُ صِفَةً قَدِيمَةً فَقَدْ أَثْبَتَ لِلَّهِ مثلًا قَدِيمًا وَيُسَمُّونَهُ مُمَثَّلًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ، وَمُثْبِتَةُ الصِّفَاتِ لَا يُوَافِقُونَهُمْ عَلَى هَذَا " طبعا " بَلْ يَقُولُونَ : أَخَصُّ وَصْفِهِ " يعني الله ، ما هو .؟ " مَا لَا يَتَّصِفُ بِهِ غَيْرُهُ مِثْلُ كَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ " هذا ما يمكن أن يوصف به غير الله، هل يمكن تقول لأي مخلوق أنت رب العالمين .؟ لا " وَأَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " هذا من أخص أوصاف الله ، لماذا .؟ ما يمكن يوصف به غيره " وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " كذلك من أخص وصف الله لأنه ما يوصف به غيره " وَأَنَّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ " كذلك أيضا ، لأن غيره لا يصح أن يكون إلها ، ولا يمكن أن يكون واحدا ، كل قوم لهم إله .
" وَالصِّفَةُ لَا تُوصَفُ بِشَيْءِ مِنْ ذَلِكَ " أي أنك لا تقول إن قدرة الله رب العالمين ، ولهذا يحرم عليك أن تقول : يا قدرة الله هيئي لي كذا وكذا ، ومن هنا يعرف أن تعبير بعض الناس بقولهم : شاءت المشيئة أو قضت مشيئة الله أن فيها نظراً ، لأن المشيئة وصف لا موصوف ، فالذي يقضى ويشاء هو الله ، ولكنهم يعبرون بهذا إما تسامحا وإما جهلا ، بعضهم أيضا يقول : اقتضته حكمة الله ، هذا أهون من الأول من قول شاءت مشيئة الله ، لأن معنى اقتضته حكمة الله ، أن الحكمة من حيث هي حكمة تستلزم كذا وكذا ، فالاقتضاء بمعنى الاستلزام ، المهم أن الصفة ليست موصوفة ، أو لا يقول المؤلف لا توصف بشيء من ذلك ، فلا تقل عن صفة الله أنها رب ولا أنها بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ولا أنها عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ولا أنها إلَهٌ وَاحِدٌ ، فإذا لم تتصف الصفة بشيء من خصائص الله ، فإذا أثبت لله العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر لم تكن ممثلا إلا عند من .؟
عند المعتزلة الذين يقولون : كل من وصف الله بصفة قديمة فهو ممثل ، لأن أخص وصف لله عندهم هو القدم ... .
2 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد يفرق بين لفظ التشبيه والتمثيل وذلك أن المعتزلة ونحوهم من نفاة الصفات يقولون : كل من أثبت لله صفة قديمة فهو مشبه ممثل فمن قال إن لله علما قديما أو قدرة قديمة كان عندهم مشبها ممثلا لأن القديم عند جمهورهم هو أخص وصف الإله فمن أثبت له صفة قديمة فقد أثبت لله مثلا قديما ويسمونه ممثلا بهذا الاعتبار ومثبتة الصفات لا يوافقونهم على هذا بل يقولون : أخص وصفه ما لا يتصف به غيره مثل كونه رب العالمين وأنه بكل شيء عليم وأنه على كل شيء قدير وأنه إله واحد ونحو ذلك ; والصفة لا توصف بشيء من ذلك ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ثم من هؤلاء الصفاتية من لا يقول في الصفات إنها قديمة بل يقول : الرب بصفاته قديم ومنهم من يقول : هو قديم وصفته قديمة ولا يقول : هو وصفاته قديمان . ومنهم من يقول : هو وصفاته قديمان ; ولكن يقول : ذلك لا يقتضي مشاركة الصفة له في شيء من خصائصه فإن القدم ليس من خصائص الذات المجردة بل من خصائص الذات الموصوفة بصفات وإلا فالذات المجردة لا وجود لها عندهم فضلا عن أن تختص بالقدم وقد يقولون : الذات متصفة بالقدم والصفات متصفة بالقدم وليست الصفات إلها ولا ربا كما أن النبي محدث وصفاته محدثة وليست صفاته نبيا .".
الآن قسم المؤلف الصفاتية إلى الأقسام هذه ، هل يقول كذا أو لا ، الصفاتية الآن يعني الذين يثبتون الصفات كلها أو بعضها منهم من لا يقول في الصفات أنها قديمة ، يعني يمتنع أن يقول حياة الله قديمة وسمعه قديم وبصره قديم ، ولكن يقول الرب بصفاته قديم، إذا ما من ذات إلا ولها صفات ، ولا يمكن أن يوجد ذات مجردة عن صفة إطلاقاً ... هذا واحد .
ومنهم من يقول هو قديم وصفته قديمة ولا يقول هو وصفاته قديمان، يعني إن أخبرت بالقدم عن الله وحده وعن الصفة وحدها فهو جائز ، وإن جمعتهما في خبر واحد فهو لا يجوز ، يعني غريب ، يجوز تقول الله قديم وصفته قديمة ، ولا يجوز أن تقول الله وصفته قديمان، فتجمعهما في خبر واحد .
يقولون لأنك إذا أخبرت كل أحد عن الآخر فقد ميزت بينهما ، وإذا قرنتهما في خبر واحد فقد أشركت بينهما ، مثل ما أنك لو تقول : لولا الله وزيد أنقذني من الغرق لهلكت ، أو أنقذاني من الغرق لهلكت ، يجوز أو لا .؟
الطالب : لا يجوز .
الشيخ : لكن لو تقول : لولا زيد أنقذني من الغرق يجوز ، لولا الله أنقذني من الغرق يجوز ، هم يقولون إن قلت الله قديم وصفته قديمة ما فيه بأس ، إن قلت الله وصفته قديمان فهو لا يجوز عندهم .
شف الرأي الثالث يقول " هو وصفاته قديمان لكن يقول ذلك لا يقتضي مشاركة الصفة له في شيء من خصائصه ، فإن القدم ليس من خصائص الذات المجردة بَلْ مِنْ خَصَائِصِ الذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَاتِ ، وَإِلَّا فَالذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ لَا وُجُودَ لَهَا عِنْدَهُمْ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَخْتَصَّ بِالْقِدَمِ " ، هذا في الحقيقة أقرب الأقوال أن نقول هو وصفاته قديمان ، لكن ذلك لا يقتضي أن تكون الصفة مشاركة له في شيء من خصائصه ، نقول هو وصفاته قديمان لكن لا يقتضي أن تكون الصفة منفصلة عنه ، مشاركة له في شيء من خصائصه ، ما يمكن، لماذا .؟
لأن الذات المجردة عن الصفات غير ثابتة ، ما من ذات إلا ولها صفات ، فيقولون هو وصفاته قديمان لكن لا نقدر أن الصفة مستقلة عن الذات ، لأن استقلال الصفة عن الذات أمر غير ممكن .
وقد يقولون الذات متصفة بالقدم والصفات متصفة بالقدم ، وليست الصفات إلهاً ولا رباً ، يعني معناه يفصلون هذا عن هذا ، ويقولون إنه ليست الصفات إله ولا رباً مثل ما أن النبي محدث وصفاته محدثه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم محدث ، صفاته من الطول أو القصر أو البياض أو السواد أو ما أشبه ذلك محدث ، تقول مثلاً النبي محمد صلى الله عليه وسلم رسول ، صح ، تقول كونه ربعة من الرجال رسول ، كونه ربعة من الرجال ليس بالقصير ولا بالطويل البائن ، يعني هذه الصفة فيه رسول أو لا .؟
الطالب : لا .
الشيخ : نعم تقول مثلا : بياض وجهه ونوره رسول .؟
الطالب : لا .
الشيخ : ما تقول ، إذا نقول الله تعالى قديم ولكنه ليست صفته التي هي قديمة ليست إله ، كما أن الرسول محدث وليست صفته المحدثة رسولاً . واضح .؟
والتعبيرات هذه في الحقيقة دقيقة عليكم لأنكم ما قرأتم كلام هؤلاء ومجادلاتهم ، والواقع أننا نقول أحد أمرين :
إما أن تقول إن الله بصفاته قديم ، وأنه لا يمكن أن توجد ذات بدون صفة .
أو تقول : الله وصفته قديمان لكن ليس معنى ذلك أن الصفة متميزة عن الخالق الموصوف بحيث تكون رباً أو إلهاً .
وأما أن يفرق بين إن قلت : الله القديم وصفته قديمة فهو جائز ، وإن قلت : الله وصفته قديمان فهو ممنوع ، فهذا لا وجه له ، لأنه ليس الأمر يدور على التعبير ولكن يدور على المعنى ...
اضبطوا هذه المسألة واعرفوها بالمثال ، وأنا أعطيتكم مثال بالإرادة والرحمة ، وإن شئتم تبدلوا الإرادة بالسمع أوضح ، فإثبات السمع عند المعتزلة تشبيه ، وعند الأشاعرة ليس بتشبيه ، وإثبات الرحمة عند الأشاعرة تشبيه وعند أهل السنة ليس بتشبيه .
والحاصل أن التشبيه المنفي إن أريد به المماثلة التي هي أن يجوز كل واحد منها ما يجوز على الآخر ، ويمتنع عليه ما يمتنع ، ويجب عليه ما يجب ، إن أريد بها ذلك فهو باطل ، وش معنى باطل .؟ يعني ما يمكن احد يقوله أبدا .
وإن أريد بالمشابهة المشابهة من وجه دون آخر أو المشاركة في الاسم فهذا جائز ، ولكن لا يمكن القول به ، لأن كل من يدعي أن هذا تشبيه ينكره أو ينازعه في ذلك خصمه ، ويقول ليس بتشبيه . فتبين أن الاعتماد في إثبات الصفات على مجرد نفي التشبيه ، حكمه لا يجوز .
وترى هذه قاعدة مهمة يا جماعة ، هذه ليست مثل الكلام الذي مر علينا أمس ، الكلام الذي مر علينا أمس حاشية على قاعدة ، وفرق بين الكلام الأصيل الذي من أجله ألف الكتاب ، وبين الكلام الذي يأتي استطرادا وتتميما لها ، ولكن هذه قاعدة مهمة ويجب الفهم لها ، يجب أن نفهمها تماما ، وكون أنه نقول ما فهمنا ونريد نعيد الدرس هذا شيء غير معقول ، لأنه لو نبقى على هذا أنتم والحمد لله طلبة جامعة ، من الممكن يعني نقول لكم ... .
3 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ثم من هؤلاء الصفاتية من لا يقول في الصفات إنها قديمة بل يقول : الرب بصفاته قديم ومنهم من يقول : هو قديم وصفته قديمة ولا يقول : هو وصفاته قديمان . ومنهم من يقول : هو وصفاته قديمان ; ولكن يقول : ذلك لا يقتضي مشاركة الصفة له في شيء من خصائصه فإن القدم ليس من خصائص الذات المجردة بل من خصائص الذات الموصوفة بصفات وإلا فالذات المجردة لا وجود لها عندهم فضلا عن أن تختص بالقدم وقد يقولون : الذات متصفة بالقدم والصفات متصفة بالقدم وليست الصفات إلها ولا ربا كما أن النبي محدث وصفاته محدثة وليست صفاته نبيا .". أستمع حفظ
قراءة الطالب للعقيدة التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وكذلك أيضا يقولون : إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيز والأجسام متماثلة فلو قامت به الصفات للزم أن يكون مماثلا لسائر الأجسام وهذا هو التشبيه ، وكذلك يقول : هذا كثير من الصفاتية الذين يثبتون الصفات وينفون علوه على العرش وقيام الأفعال الاختيارية به ونحو ذلك ، ويقولون : الصفات قد تقوم بما ليس بجسم ، وأما العلو على العالم فلا يصح إلا إذا كان جسما ، فلو أثبتنا علوه للزم أن يكون جسما ، وحينئذ فالأجسام متماثلة فيلزم التشبيه ، فلهذا تجد هؤلاء يسمون من أثبت العلو ونحوه مشبها ، ولا يسمون من أثبت السمع والبصر والكلام ونحوه مشبها كما يقول صاحب الإرشاد وأمثاله و، كذلك يوافقهم على القول بتماثل الأجسام القاضي أبو يعلى ... ".
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية اسم التشبيه والتمثيل : كان هذا بحسب اعتقادهم الذي ينازعهم فيه أولئك ثم تقول لهم أولئك : هب أن هذا المعنى قد يسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيها فهذا المعنى لم ينفه عقل ولا سمع وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية والقرآن قد نفى مسمى المثل والكفء والند ونحو ذلك ولكن يقولون الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف ولا كفؤه ولا نده فلا يدخل في النص وأما العقل : فلم ينف مسمى التشبيه في اصطلاح المعتزلة .".
أرجو الانتباه يا جماعة ، هذه القاعدة ... كل ما يأتي من كلام المؤلف فرع وكلام مع المنازعين ، إنما القاعدة : أنه لا يصح في إثبات الصفات لله أن نعتمد على مجرد نفي التشبيه ، أو على مجرد الإثبات بلا تشبيه .
أما الأول : فلأنك إذا قلت هذا : نعتمد على النفي المطلق ، الذي هو نفي التشبيه ، فقد يقول قائل : إن إثبات السمع والبصر تشبيه ، وقد يقول آخر : إثبات العلو تشبيه ، وقد يقول آخر : إثبات الحياة تشبيه وإثبات العلم تشبيه ، وإثبات القدرة تشبيه ، كذلك إذا اعتمدت على إثبات بلا تشبيه ما يصح ، لأنه قد يقول قائل : نثبت أن لله تعالى أنفا لا يشبه آناف المخلوقين ، أن له بطنا لا يشبه بطون المخلوقين ، هل يجوز هذا أو ما يجوز .؟ لا يجوز ، فإذا القاعدة التي عندنا والتي يجب أن نعرفها : أنه لا يجوز أن نعتمد في إثبات الصفات أو نفيها على :
واحد : إثبات بلا تشبيه .
اثنان : مجرد نفي التشبيه ، لأن هذا لا يصح لا في الاثبات ولا في النفي .
ثم استطرد المؤلف رحمه الله تعالى وبيّن هل إثبات الصفات يقتضي تشبيها ، وهل الله تعالى بصفاته قديم .؟ أو نقول الله قديم والصفة قديمة ، أو نقول الله وصفته قديمان .؟ على خلاف في الحقيقة ما يثيره إلا مجرد الجدل ، وإلا فلسنا بحاجة إليها ، السلف الصالح أحسن منا عقيدة وأحرص منا على تحقيق العقيدة ، هل صاروا يبحثون في هذا أو لا .؟ ما يبحثون ، لكن مع هذا إذا اضطرنا إلى أن ننزل في الميدان فلا بد أن ننزل .
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، هو يريد أن يبين أن الإثبات مبني على السمع . وكذلك النفي أيضا مبني على السمع .
قال : " فَهَؤُلَاءِ إذَا أَطْلَقُوا عَلَى الصفاتية اسْمَ التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ كَانَ هَذَا بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ الَّذِي يُنَازِعُهُمْ فِيهِ أُولَئِكَ " فهؤلاء من يقصد .؟ الذين ينكرون الصفات ، فَهَؤُلَاءِ الذين أَطْلَقُوا عَلَى الصفاتية ، من هم الصفاتية .؟ الذين يثبتون الصفات ، سواء أثبتوا الجميع أو أثبتوا البعض ، هؤلاء يطلقون عَلَى الصفاتية اسْمَ التَّشْبِيهِ ، الأشاعرة يقولون لأهل السنة أنتم مشبهة لأنكم تثبتون لله تعالى الرحمة والمحبة وما أشبه ذلك .
والمعتزلة يقولون للأشاعرة أنتم مشبهة لأنكم تثبتون الإرادة والكلام والسمع والبصر .
والغلاة الذين يقولون الله لا موجود ولا معدوم ، يقولون لمن أثبت وجود الله أنت مشبه .
فلو هناك قائل يستدل على نفي التشبيه المجرد ، ولهذا يقول : " كَانَ هَذَا بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ الَّذِي يُنَازِعُهُمْ فِيهِ أُولَئِكَ ، ثُمَّ تَقُولُ لَهُمْ أُولَئِكَ : هَبْ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ يُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ بَعْضِ النَّاسِ تَشْبِيهًا فَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَنْفِهِ عَقْلٌ وَلَا سَمْعٌ ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ نَفْيُ مَا نَفَتْهُ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْعَقْلِيَّةُ " مثلا أقول : أنا أثبت السمع لله سبحانه وتعالى وأهل التعطيل يقولون : إثبات السمع تشبيه ، نقول لهم : هب أن إثبات السمع يسمى في اصطلاحك تشبيهاً ، هب بمعنى قدر ، قدر أنه يسمى تشبيها ، فهل إذا سميته أنت تشبيهاً يجب عليه نفيه مع أن الأدلة أثبتته ؟ لا .
ولهذا يقول : " فهذا المعنى لم ينفه عقل ولا سمع " فإذا لم ينفه العقل ولا السمع بل أثبتته الأدلة العقلية والسمعية فالواجب إثباته . سمع أنت تشبيها أو لا تسمه .
مع أننا نحن لا نثبته على سبيل التشبيه ، إذا أننا نقول إن لله سمعاً لا يشبه أسماع المخلوقين ، وبصراً لا يشبه أبصار المخلوقين ، ونحن إذا رأينا في الشاهد أن السامعات تختلف أسماعها ، والباصرات تختلف أبصارها ، الطير في جو السماء ينظر إلى حبة في الأرض، وأنت لو ترقى فوق السطح تنظر إلى الحبة في الأرض .؟ ما تنظر إلى الحبة في الأرض واضح .
" وَالْقُرْآنُ قَدْ نَفَى مُسَمَّى الْمِثْلِ وَالْكُفْءِ وَالنِّدِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ " هذا الذي فيه المحذور أن تكون المشابهة مطلقة بحيث يكون هذا كفء لهذا ، وهذا مثلا لهذا ، وهذا ندا لهذا .
" وَلَكِنْ يَقُولُونَ الصِّفَةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَيْسَتْ مِثْلَ الْمَوْصُوفِ وَلَا كُفُؤَهُ وَلَا نِدَّهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّصِّ " وش النص .؟ (( ليس كمثله شيء )) هذا نفي للمثل ، فهل الصفة مثل الموصوف .؟ نعم لا ، ليست الصفة مثل الموصوف ، إذ أن الصفة معنى في الموصوف وليست هي الموصوف، البصر هل هو العين .؟ أو لا ، لا ، ولكنه قوة في العين . والسمع ليس هو الأذن ، لكنه قوة في الأذن الظاهرة والباطنة . النطق ليس هو اللسان ولكنه قوة في اللسان والشفتين والحلق ، وهكذا فقس .
" وَأَمَّا الْعَقْلُ : فَلَمْ يَنْفِ مُسَمَّى التَّشْبِيهِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُعْتَزِلَةِ " المعتزلة يرون أن كل من أثبت صفة فهو مشبه ، فكل إثبات صفة عندهم تشبيه ، هل العقل ينفي ذلك .؟ لا .
5 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية اسم التشبيه والتمثيل : كان هذا بحسب اعتقادهم الذي ينازعهم فيه أولئك ثم تقول لهم أولئك : هب أن هذا المعنى قد يسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيها فهذا المعنى لم ينفه عقل ولا سمع وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية والقرآن قد نفى مسمى المثل والكفء والند ونحو ذلك ولكن يقولون الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف ولا كفؤه ولا نده فلا يدخل في النص وأما العقل : فلم ينف مسمى التشبيه في اصطلاح المعتزلة .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك أيضا يقولون : إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيز والأجسام متماثلة فلو قامت به الصفات للزم أن يكون مماثلا لسائر الأجسام وهذا هو التشبيه وكذلك يقول : هذا كثير من الصفاتية الذين يثبتون الصفات وينفون علوه على العرش وقيام الأفعال الاختيارية به ونحو ذلك . ويقولون : الصفات قد تقوم بما ليس بجسم وأما العلو على العالم فلا يصح إلا إذا كان جسما فلو أثبتنا علوه للزم أن يكون جسما وحينئذ فالأجسام متماثلة فيلزم التشبيه . فلهذا تجد هؤلاء يسمون من أثبت العلو ونحوه مشبها ولا يسمون من أثبت السمع والبصر والكلام ونحوه مشبها كما يقول صاحب الإرشاد وأمثاله .".
يقول المعتزلة إن الصفات لا تقوم إلا بجسم ، ما يمكن أن يكون سميعا إلا وهو جسم يسمع ، بصير إلا وهو جسم يبصر ، وهكذا . والأجسام متماثلة ، كل جسم فإنه يماثل الجسم الآخر ، وش النتيجة.؟ واحد زائد اثنين وش النتيجة .؟ ثلاثة . طيب الصفات لا تقوم إلا بجسم ، والأجسام متماثلة ، إذا إثبات الصفات يستلزم التشبيه ، هذه النتيجة ، هذه النتيجة مثل لو قلت واحد زائد اثنان يكون ثلاثة ، مثل نتيجة الجمع بالضبط .
وهنا نقول " فلو قامت به الصفات للزم أن يكون مماثلاً لسائر الأجسام " : هذه حجة المعطلة الذين منهم المعتزلة ، على أهل الإثبات الذين نسميهم هنا الصفاتية ، سواء أثبتوا الجميع أو البعض.
" وَكَذَلِكَ يَقُولُ هَذَا " ترى هذا مقول لقول " كَثِيرٌ مِنْ الصفاتية الَّذِينَ يُثْبِتُونَ الصِّفَاتِ وَيَنْفُونَ عُلُوَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَقِيَامَ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ : الصِّفَاتُ قَدْ تَقُومُ بِمَا لَيْسَ بِجِسْمِ ، وَأَمَّا الْعُلُوُّ عَلَى الْعَالَمِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ جِسْمًا ، فَلَوْ أَثْبَتْنَا عُلُوَّهُ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا وَحِينَئِذٍ فَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ فَيَلْزَمُ التَّشْبِيهُ ".
فيه أناس يثبتون الصفات ليس كلها أيضا ، وينفون علوه على العرش وقيام الأفعال الاختيارية به ، مثل الأشاعرة الآن يثبتون بعض الصفات وينكرون علوه على العرش ، يقولون : الله ما علا على العرش ، يعني ما استوى عليه ، ينكرون قيام الأفعال الاختيارية به ، كنزوله إلى السماء الدنيا مثلا ، نزوله إلى السماء الدنيا هذه فعل اختياري ، مجيئه للفصل بين العباد هذا فعل اختياري، هم يقولون : ما يمكن أن ينزل إلى السماء الدنيا ، ولا يمك ان تقوم به الأفعال الاختيارية ، لماذا .؟
قالوا : لأن هذه الصفات ما تقوم إلا بجسم والأجسام متماثلة .
أما السمع والبصر فإنه قد يقوم بما ليس بجسم ، وفي الحقيقة أن قولهم : إن الصفات لا تقوم إلا بجسم وتقوم بغير جسم ، هذا صحيح، ولهذا الآن أنا أريد أن أرد عليهم وعلى الأولين .
فنقول : قول الأولين إن الصفات لا تقوم إلا بجسم مردود بقول الآخرين إن الصفات قد تقوم بما ليس بجسم صح أو لا ، كيف تقوم بما ليس بجسم .؟
أنت الآن تقول : اليوم طويل ، بدأ يطول الليل ، بدأ يطول النهار ، وتقول ليل طويل ونهار قصير ، فتصف النهار بالقصر وتصف الليل بالطول ، الطول والقصر صفة ، والنهار والليل جسم أو غير جسم.؟ الطالب : غير جسم .
الشيخ : الليل والنهار جسم .؟ أجل معناه إذا جاء النهار نشوف شيء يمشي ، الليل والنهار ليس بجسم ، ومع ذلك نقول طويل ونقول قصير ، فنصفه بالطول والقصر مع أنه ليس بجسم ، فصار قولهم قول الأولين : إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيز صحيح أو لا .؟ غير صحيح لأنه يرده الواقع .
ويصير قول الآخرين الذين بعدهم : إن الصفات قد تقوم بما ليس بجسم صحيحا أو لا .؟ نعم هذا صحيح ، أما قولهم الأجسام متماثلة، كلهم يقول الأجسام متماثلة ، الأولين قالوا الأجسام متماثلة وهؤلاء أيضا يقولون : " وأما العلو على العالم فلا يصح إلا إذا كان جسما فلو أثبتنا علوه للزم أن يكون جسما وحينئذ فالأجسام متماثلة " صحيح هذه المقدمة أو غير صحيحة .؟ صحيح أن الأجسام متماثلة .؟ الأجسام غير متماثلة ، كيف .؟ أي الأجسام غير متماثلة بلا شك . لا في الكبر ولا الصغر ، ولا في الحجم ولا في الوزن ، بعضها خفيف وبعضها ثقيل ، ولا في اللمس ولا في اللون ولا في الشكل .
المهم ليست متماثلة في أي شيء من الأشياء ، عندك حجر صلب غليظ وعندك زبدة ، متماثلات .؟ لا ، عندك مثلا شوك وعندك بساط لين ، واحد .؟ لا ، إذا القول بأن الأجسام متماثلة هذا من أبطل الأقوال ، ولا يمكن أن تتماثل الأجسام ، والذي يقول الأجسام متماثلة في الحقيقة يحسن أننا نعطيه أردافا على الرأس ، لأنه حقيقة الأمر أنها غير متماثلة ، وأنا أتعجب من هؤلاء الذين يدعون أنهم عقلاء ، كيف يقولون إن الأجسام متماثلة . إذا قالوا الأجسام متماثلة ، نقول بأي شيء تتماثل .؟ في الوجود صحيح ، ولابد لكل موجود أن يشارك غير في أصل الوجود ، إن أرادوا بالتسمية كل واحد منها جسم صحيح ، لكن إن أرادوا بالحقيقة ، هل يمكن أن تتماثل .؟ لا يمكن . طيب إذاً نمنع أي المقدمتين .؟
الطالب : كلاهما .
الشيخ : نعم نمنع المقدمة الأولى والثانية ، وإذا منعنا المقدمتين انتفت النتيجة ، لأن النتيجة مبنية على ثبوت المقدمتين . فإذا انتفت المقدمتان انتفت النتيجة .
إذا قلنا لهم : قولكم إن الصفات لا تقوم إلا بجسم هذا ممنوع ، عندنا برهان على منعه .؟
الطالب : نعم .
الشيخ : مثل .؟ الليل والنهار يوصفان بالطول والقصر ، ويوصفان بالشدة والرخاء (( وقال هذا يوم عسر )) طيب و (( على الكافرين غير يسير )) فعلى هذا الصفات تقوم بما ليس بجسم .
إذا قالوا الأجسام متماثلة صحيح المقدمة أو غير صحيح .؟
الطالب : غير صحيح .
الشيخ : وعندنا برهان .؟ عندنا برهان ، نقول لأي واحد منهم رح المس الجدار والمس الزر ، المس القطن والمس الحجر ، بينهما فرق .؟ بينهما فرق ، انظر مثلا إلى الشيء الأحمر والشيء الأصفر ، انظر إلى الطويل والقصير ، هل هي متماثلة .؟ لا ، غير متماثلة ، إذا امتنعت المقدمتان المبني عليهما التشبيه ، وش ينتفي .؟ تنتفي النتيجة وهي التشبيه ، تمام .
يقول المؤلف : " فَلِهَذَا تَجِدُ هَؤُلَاءِ يُسَمُّونَ مَنْ أَثْبَتَ الْعُلُوَّ وَنَحْوَهُ مُشَبِّهًا وَلَا يُسَمُّونَ مَنْ أَثْبَتَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْكَلَامَ وَنَحْوَهُ مُشَبِّهًا كَمَا يَقُولُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَأَمْثَالُهُ "
يعني أن عندهم أن هذا يقتضي التشبيه وهذا ما يقتضي التشبيه ، الذي يثبت العلو يثبت أن له جسم ، والذي يثبت السمع والبصر لم يثبت أنه جسم ، هذا تحكم بالحقيقة وليس هناك فرق .
6 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك أيضا يقولون : إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيز والأجسام متماثلة فلو قامت به الصفات للزم أن يكون مماثلا لسائر الأجسام وهذا هو التشبيه وكذلك يقول : هذا كثير من الصفاتية الذين يثبتون الصفات وينفون علوه على العرش وقيام الأفعال الاختيارية به ونحو ذلك . ويقولون : الصفات قد تقوم بما ليس بجسم وأما العلو على العالم فلا يصح إلا إذا كان جسما فلو أثبتنا علوه للزم أن يكون جسما وحينئذ فالأجسام متماثلة فيلزم التشبيه . فلهذا تجد هؤلاء يسمون من أثبت العلو ونحوه مشبها ولا يسمون من أثبت السمع والبصر والكلام ونحوه مشبها كما يقول صاحب الإرشاد وأمثاله .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك يوافقهم على القول بتماثل الأجسام القاضي أبو يعلى وأمثاله من مثبتة الصفات والعلو ; لكن هؤلاء يجعلون العلو صفة خبرية كما هو أول قولي القاضي أبي يعلى فيكون الكلام فيه كالكلام في الوجه .".
يُوَافِقُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَمْثَالُهُ مِنْ مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ ، شف يقولون : نحن نثبت الأجسام ونرى أن الأجسام متماثلة ، لكنهم يمنعون أن تكون الصفات لا تقوم إلا بجسم كما مر ، ويجعلون العلو صفة خبرية ، كَمَا هُوَ أَوَّلُ قَوْلَيْ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فَيَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الْوَجْهِ ، عندهم العلماء يقسمون الكلام في الصفات أو يقسمون الصفات إلى قسمين :
صفات خبرية : بمعنى أن إثباتها جاء عن طريق الخبر المحض ، ما للعقل فيها مدخل ، مثل إثبات الوجه واليد والعين ، لولا أن الله أثبتها لنفسه لا نثبتها نحن ، ولا تدل عليها الفظرة ولا العقل .
فلو قال قائل : أتثبتون أن لله رأساً ؟ نقول : لا يقول ، لماذا لا تثبتون.؟ لأن السمع لم يرد به ، طيب تثبتون أن الله يتكلم .؟ نعم ، لأن الشرع والعقل يدل عليه ، تثبتون أن له لساناً .؟ لا ، لأن السمع لم يأت به .
فالمهم أن الصفات الخبرية هي ما طريقة إثباته الخبر الذي هو السمع ، بخلاف العظمة والعزة والخلق ، هذه صفات خبرية عقلية ، دل عليها العقل .
الطالب : ... .
الشيخ : ... لا نثبت ولا ننفي ما ورد به السمع لا بنفي ولا بإثبات فنقف نعم .
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، الصفات تنقسم إلى قسمين : خبرية مدارها على السمع، وعقلية تثبت بالعقل وبالسمع .
الطالب : ... .
الشيخ : " وكذلك يقول هذا كثير " كثير هي الفاعل ، يعني الطبعة غلط ، حاطين هذا كثير مقول القول وهي لا ، مقول القول بس هذا ، وكثير فاعل ... .
7 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وكذلك يوافقهم على القول بتماثل الأجسام القاضي أبو يعلى وأمثاله من مثبتة الصفات والعلو ; لكن هؤلاء يجعلون العلو صفة خبرية كما هو أول قولي القاضي أبي يعلى فيكون الكلام فيه كالكلام في الوجه .". أستمع حفظ
ما صحة من يقول : جاء على لسان الله .؟
الشيخ : لا ، إذا قال على لسان الله ، نقول ما تقدر تقول على لسان الله ، لأن هذا ما ثبت لله سبحانه وتعالى ، لكنه هو لا يريد اللسان الذي هو الجارحة ، يريد باللسان القول والكلام ، ومع ذلك نقول لا تفعل ، لأنه لا يمكن إطلاق اللسان على القول إلا في قول من له لسان ، فلا تقل لسان الله .
الطالب : ربما يحتجون : كيف يتكلم إذا ما كان له لسان .؟
الشيخ : كيف تتكلم الأرض ؟ تحدث أخبارها .؟ أسألك الآن ، ما هي الأرض تحدث أخبارها ، وجلدك يشهد .؟ يعني في رأسك لسان وفي جلدك لسان أو لا .؟
الطالب : الجلد ليس له لسان ... .
الشيخ : طيب أليس الجلد يشهد يوم القيامة وينطق ، يقول : (( أنطقنا الذي أنطق كل شيء )) أليس الحصى يسبح بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ويسمع . ولسانه .؟ لسان الحصى .؟ ... ما يلزم من الكلام أن يكون لسان .
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد يقولون : أن ما يثبتونه لا ينافي الجسم كما يقولونه في سائر الصفات والعاقل إذا تأمل وجد الأمر فيما نفوه كالأمر فيما أثبتوه لا فرق . وأصل كلام هؤلاء كلهم على أن إثبات الصفات مستلزم للتجسيم والأجسام متماثلة . والمثبتون يجيبون عن هذا تارة بمنع المقدمة الأولى وتارة بمنع المقدمة الثانية وتارة بمنع كل من المقدمتين وتارة بالاستفصال . ".
فهمنا أن هذه المسائل الآن والمنازعات مع هؤلاء ، كلها في الحقيقة مبناه على ما سبق من القاعدة ، لكن بس يختلفون ، أحدهم يقول اليد فليس مشبه ، والذي يقول اليد ... وما أشبه ذلك ، فالحاصل أنكم لا تهتمون بالمسائل التي فيها مجادلات فقط لأن المهم هو القاعدة ، هذا المهم .
طيب : " وَقَدْ يَقُولُونَ : غنَّ مَا يُثْبِتُونَهُ لَا يُنَافِي الْجِسْمَ كَمَا يَقُولُونَهُ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ " يعني أبو يعلى ومن وافقه يقولون أن ما أثبتناه لا ينافي الجسم ، يعني وإن قدر أن الله جسم حيث إنه اتصف بهذه الصفات فلا مانع من ذلك ونقول إن الأجسام ليست متماثلة .
قال : " وَالْعَاقِلُ إذَا تَأَمَّلَ وَجَدَ الْأَمْرَ فِيمَا نَفَوْهُ كَالْأَمْرِ فِيمَا أَثْبَتُوهُ لَا فَرْقَ ، وَأَصْلُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ عَلَى أَنَّ إثْبَاتَ الصِّفَاتِ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّجْسِيمِ وَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ ".
هذا الأصل ، كل الكلام الذي يدور هنا من أخذ ورد يعود على هاتين النقطتين التي هي : إثبات الصفات مستلزم للتجسيم ، والأجسام متماثلة ، ونحن نجيبهم بأي شيء .؟ بمنع المقدمتين جميعا.
فنقول : قولكم إثبات الصفات يستلزم التجسيم ليس بصحيح ، إذ قد تقوم الصفة بما ليس بجسم .
وقولكم : الأجسام متماثلة ليس بصحيح لأنها متباينة كما هو معلوم ، وعلى هذا يمتنع وجود النتيجة ، وش هي النتيجة .؟ التشبيه .
أرجو الانتباه ، كل الكلام الذي سبق مبني على حجة وهي : إثبات الصفات مستلزم التجسيم ، لأن الصفات عندهم لا تقوم إلا بجسم ، والأجسام متماثلة .
نقول لهم : نحن نمنع المقدمتين ، فإن إثبات الصفات لا يستلزم التجسيم ، لأن الصفات تقوم بما ليس بجسم ، كذلك قولكم الأجسام متماثلة ليس بصحيح لأن الأجسام متباينة ، وتباينها أمر ظاهر فلا يشكل ، وعلى هذا فلا يلزم من إثبات الصفات التشبيه ، لأن لزوم التشبيه مبني عندكم على هاتين المقدمتين وقد تبين فسادهما .
" وَالْمُثْبِتُونَ " للصفات " يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا تَارَةً بِمَنْعِ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى وَتَارَةً بِمَنْعِ الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ وَتَارَةً بِمَنْعِ كُلٍّ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ وَتَارَةً بالاستفصال " شفت الإجابات الآن بينها المؤلف " تَارَةً بِمَنْعِ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى " وش هي الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى .؟ إثبات الصفات مستلزم للتجسيم ، كيف منعها .؟ إثبات الصفات لا يستلزم التجسيم ، لأن الصفات قد تقوم بما ليس بجسم ، هذا منع المقدمة الأولى .
" وَتَارَةً بِمَنْعِ الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ " وش الثانية .؟ الأجسام متماثلة ، فيقولون مثلا كقول القاضي أبي يعلى وشبهه : هب أن أنها تستلزم التشبيه ، لكن الأجسام غير متماثلة ، هب أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه ، وأن الصفات لا تقوم إلا بجسم ، ولكننا نقول : نمنع المقدمة الثانية ، وش هي .؟ الأجسام متماثلة ، واضح يا جماعة .؟ طيب : " وَتَارَةً بِمَنْعِ كُلٍّ مِنْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ " جميعا وهذا الأخير هو الصحيح ، يعني نمنع المقدمتين جميعا للدليل والبرهان ، وش المقدمتين .؟ إثبات الصفات يستلزم التجسيم ، والأجسام متماثلة .
" وَتَارَةً بالاستفصال " بالاستفصال فنقول : ماذا تعني بالتماثل ؟ إن أردت بالتماثيل التماثل في الحقيقة فهذا ممنوع ، وإن أردت بالتماثل التماثل في أصل الشيء كأصل الوجود مثلاً وأصل السمع وأصل البصر وأصل الكلام وما أشبه ذلك ، فهذا جائز وليس فيه نقص .
الطالب : ... .
الشيخ : الاستفصال التفصيل ، يعني نستفصل منه ، نقول إن أردت كذا فهو صحيح ، وإن أردت كذا فهو ليس بصحيح ، فنقول لهذا الرجل مثلا : ماذا تعني بقولك الأجسام متماثلة ، هل تقصد متماثلة في الجسمية بمعنى أن كل منها جسم قائم بنفسه ، فهذا صحيح أو لا.؟ أرجو الانتباه يا جماعة ، إن أردت بكون الأجسام متماثلة أنها كلها متماثلة في مسمى الجسم ، بمعنى أنها كلها جسم قائم بنفسه ، صحيح أو لا .؟
الطالب : صحيح .
الشيخ : أي نعم ، لأنك عندما تقول مثلا : هذا كتاب جسم ، وهذا مسجل جسم وهذه المنصة جسم ، وهذا الإنسان جسم ، كلها متماثلة في الجسمية ، في كونها جسما ، لكن هل هي متماثلة في الحقيقة .؟ لا ، فنستفصل منه ، إن أردت كذا فحق ولا يلزم منه أي نقص ، فإذا أراد أن الله تعالى ذات قائمة بنفسها ، هل في هذا مانع .؟ إذا قال إن الله ذات قائمة بنفسها متصفة بالصفات اللائقة بها ، فيه مانع هذا .؟ ما فيه مانع ، لكن لو قال إن لله ذات تشبه ذوات المخلوقين ، قلنا قف الآن هذا ممتنع .
الطالب : يقول : " وَالْعَاقِلُ إذَا تَأَمَّلَ وَجَدَ الْأَمْرَ فِيمَا نَفَوْهُ كَالْأَمْرِ فِيمَا أَثْبَتُوهُ لَا فَرْقَ " ... ؟
الشيخ : نعم صحيح ، الذي هو التشبيه ، أليس هم يثبتون مثلا بعض الصفات كالسمع والبصر وينفون العلو بحجة أنه يقتضي التشبيه ، نقول أنك إذا تأملت وجدت أن ما أثبتوه مثل ما نفوه تماما .
9 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد يقولون : أن ما يثبتونه لا ينافي الجسم كما يقولونه في سائر الصفات والعاقل إذا تأمل وجد الأمر فيما نفوه كالأمر فيما أثبتوه لا فرق . وأصل كلام هؤلاء كلهم على أن إثبات الصفات مستلزم للتجسيم والأجسام متماثلة . والمثبتون يجيبون عن هذا تارة بمنع المقدمة الأولى وتارة بمنع المقدمة الثانية وتارة بمنع كل من المقدمتين وتارة بالاستفصال . ". أستمع حفظ
ما معنى قول المؤلف : " يجعلون العلو صفة خبرية ... فيكون الكلام فيه كالكلام في الوجه .".؟
الشيخ : يعني معناه إثباته ونفيه ، فإذا كانوا ينفون الصفات الخبرية نفوا هذا ، أو ما فهمت .؟ قلنا لكم الصفات الخبرية هي ما طريق العلم بها الخبر ، لا مجال للعقل فيها ، مثل الوجه واليدين والضحك والاستواء على العرش وما أشبه ذلك .
الطالب : ... .
الشيخ : إي نعم . إلا إذا قالوا العلو على العرش الذي هو الاستواء ، إذا قالوا العلو على العرش فمعناه الاستواء ، فيكون الصفة خبرية .
10 - ما معنى قول المؤلف : " يجعلون العلو صفة خبرية ... فيكون الكلام فيه كالكلام في الوجه .".؟ أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل سواء فسروا الجسم بما يشار إليه أو بالقائم بنفسه أو بالموجود أو بالمركب من الهيولى والصورة ونحو ذلك . فأما إذا فسروه بالمركب من الجواهر المفردة وعلى أنها متماثلة فهذا يبنى على صحة ذلك ; وعلى إثبات الجوهر الفرد وعلى أنه متماثل وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك . والمقصود هنا أنهم يطلقون التشبيه على ما يعتقدونه تجسيما بناء على تماثل الأجسام والمثبتون ينازعونهم في اعتقادهم ; كإطلاق الرافضة النصب على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ; بناء على أن من أحبهما فقد أبغض عليا رضي الله عنه ; ومن أبغضه فهو ناصبي . وأهل السنة ينازعونهم في المقدمة الأولى ; ولهذا يقول هؤلاء : إن الشيئين لا يشتبهان من وجه ويختلفان من وجه وأكثر العقلاء على خلاف ذلك وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع وبينا فيه حجج من يقول بتماثل الأجسام وحجج من نفى ذلك , وبينا فساد قول من يقول بتماثلها , وأيضا فالاعتماد بهذا الطريق على نفي التشبيه اعتماد باطل وذلك أنه إذا أثبت تماثل الأجسام فهم لا ينفون ذلك إلا بالحجة التي ينفون بها الجسم . ".
قال : " وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَوْلَهُمْ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ قَوْلٌ بَاطِلٌ " وسبق بيان بطلانه " سَوَاءٌ فَسَّرُوا الْجِسْمَ بِمَا يُشَارُ إلَيْهِ أَوْ بِالْقَائِمِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِالْمَوْجُودِ أَوْ بِالْمُرَكَّبِ مِنْ الْهَيُولَى وَالصُّورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " .
يعني أنهم مختلفون في تفسير الجسم ما هو .؟ فمنهم من يقول إن الجسم ما يشار إليه ، كل ما يمكن أن يشار إليه فهو جسم .
ومنهم من يقول إن الجسم هو القائم بنفسه ، فأما الذي يكون صفة في غيره فليس بجسم ، كالطول والقصر والقيام والقعود والبياض والسواد والحمرة ، جسم أو لا .؟
الطالب : ليس جسم .
الشيخ : لأنها لا تكون قائمة بنفسها إنما قائمة بغيرها .
" أو بالموجود " وهذا ما عرفت أن أحدا يقول إن الجسم هو الموجود ، كل موجود فهو جسم ما أدري عنه . لكن على كل حال الذي يفهم من كلام شيخ الإسلام الآن أن من الناس من فسر الجسم بالموجود ، وهذا في الحقيقة ما أنا بمتصوره ، لأن من الموجودات، إذا قلنا كل موجود فهو جسم ، ما بقي شيء ، إلا كل شيء يسمى جسم حتى الصفات تسمى جسما ، لأنها قد تكون موجودة وقد تكون معدومة .
ثم قال : " أو بالمركب من الهيولى والصورة " الهيولى : اسم للشيء ، للحقيقة التي عليها الشيء ، مثلا الإنسان هيولى وصورة ، يعني جسم غير مصور وصورة أيضاً ، فالهيولى اسم للشيء، والصورة اسم لصفة ، فيقولون ما تركب من شيء وصفة فهو جسم، وما ليس كذلك فليس بجسم . مهما فسر الجسم بهذه التفاسير التي ذكرها المؤلف الأربعة : ما يشار إليه ، القائم بنفسه ، الموجود ، المركب من الهيولى والصورة ، هذه التفاسير مهما قيل إنها هي جسم فإنه لا يمكن أن تكون متماثلة .
قال : " فَأَمَّا إذَا فَسَّرُوهُ بِالْمُرَكَّبِ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ وَعَلَى أَنَّهَا مُتَمَاثِلَةٌ فَهَذَا يُبْنَى عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ ، وَعَلَى إثْبَاتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَعَلَى أَنَّهُ مُتَمَاثِلٌ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ "
يقول المؤلف إذا فسر الجسم بأنه المركب من الجواهر المفردة ، وأن هذه الجواهر متماثلة ، فهذا ينبني على أي شيء :
يقول ينبني على صحة ذلك ، وعلى إثبات هذه الجواهر ، وعلى أنه متماثلة . صحة ذلك ماذا يعني به .؟ صحة تفسير الجسم بالمركب من الجواهر المفردة ، لأنه عندنا ثلاثة أمور الآن :
تفسير الجسم بالمركب من الجواهر المركبة ، والثاني : إثبات هذه الجواهر ، والثالث : أنها متماثلة .
يقول : " وَعَلَى إثْبَاتِ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ وَعَلَى أَنَّهُ مُتَمَاثِلٌ وَجُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي ذَلِكَ " لأن الجوهر الفرد عندهم ما لا يمكن أن يتجزأ ، كل شيء لا يمكن أن يتجزأ يسمونه جوهرا فردا ، ولهذا يسمونه بالفرد ، جوهر ضد العرض ، والعرض هو الصفة ، فرد يعني ما يتجزأ ما يكون له أجزاء .
والجوهر الفرد يقولون أنه يمكن وجوده ، وجمهور العقلاء كما قال شيخ الإسلام ينكرون وجوده ، لأن الذين يقولون بوجوده يقولون أن رأس الإبرة جوهر فرد ، لأنه ما يمكن أن يتجزأ ، ولكن جمهور العقلاء يقولون كما قال شيخ الإسلام : ما من شيء له جسم إلا ويمكن أن يتجزأ ، إلى أن ينتهى إلى أن لا يكون شيئا .
والآن في عالم الذرة تبين أنه ما من شيء له حجم مهما كان صغيراً إلا ويمكن أن يتجزأ . وعلى هذا فالجواب الفردة غير موجودة .
والخلاصة أن هذا الكلام المقصود به شيء واحد : وهو بطلان كون الأجسام متماثلة ، أياً فسرت الجسم فإنه لا يمكن أن تكون الأجسام متماثلة . وهذه التفسيرات التي ذكرها المؤلف يقول بعضه لا يمكن أن يوافقوا عليه ، مثل أن يفسروا الجسم بأنه مركب من الجواهر المفردة ، فيقال أنه لا حقيقة للجوهر الفرد ولا يمكن وجوده .
" وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ التَّشْبِيهَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ تَجْسِيمًا بِنَاءً عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ ، وَالْمُثْبِتُونَ يُنَازِعُونَهُمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ ، كَإِطْلَاقِ الرَّافِضَةِ النَّصْبَ عَلَى مَنْ تَوَلَّى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُ فَهُوَ ناصبي " وهذه طبعا دعوة ، المؤلف الآن يقول :
" أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ التَّشْبِيهَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُونَهُ تَجْسِيمًا بِنَاءً " على أي شيء .؟ " عَلَى تَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ " وقد مر علينا قبل أن هذا ليس بصحيح ، وأن إثبات الصفات ليس تجسيما ، وأنه على فرض أنه دال على جسم فإن الأجسام غير متماثلة .
شبه المؤلف هؤلاء بالرافضة الذين يقولون : كل من أحب أبا بكر وعمر فإنه ناصبي ، والناصبي من نصب العداوة لعلي بن أبي طالب ، لماذا .؟ يقول لا يمكن أن تحب أبو بكر وعمر وتحب علي أبدا ، كل من أحب أبا بكر وعمر فقد أبغض عليا فهو ناصبي ، ولذلك يقول يبغضون أبا بكر وعمر الرافضة ، وربما يلعنونهما ، ويسمونهما جبتي قريش ، أو أن واحدا منهم الطاغوت والثاني الجبت والعياذ بالله ، يقول : اللهم العن طاغوتي قريش وجبتيهما وصنميها ، كل هذا دليل على قبح الرافضة ، وأنهم من أجهل الناس في الأمور .
قال : " وَأَهْلُ السُّنَّةِ يُنَازِعُونَهُمْ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى " أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه " وَلِهَذَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ : إنَّ الشَّيْئَيْنِ لَا يَشْتَبِهَانِ مِنْ وَجْهٍ وَيَخْتَلِفَانِ مِنْ وَجْهٍ ، وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ " يقول هؤلاء يعني بهم النفاة ، الذي يقولون إنهم إذا اشتبه في شيء فلابد أن يكون التشابه مطلقا .
" وَأَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَبَيَّنَّا فِيهِ حُجَجَ مَنْ يَقُولُ بِتَمَاثُلِ الْأَجْسَامِ وَحُجَجَ مَنْ نَفَى ذَلِكَ ، وَبَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِتَمَاثُلِهَا ، وَأَيْضًا فَالِاعْتِمَادُ بِهَذَا الطَّرِيقِ عَلَى نَفْيِ التَّشْبِيهِ اعْتِمَادٌ بَاطِلٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ تَمَاثُلَ الْأَجْسَامِ " .
الطالب : عندي : ثبت .
الشيخ : ما يخالف عندنا إذا أثبت ، الظاهر أن المعنى واحد ، لأنه إذا ثبت بناء على إثباته وإلا هو ما يثبت في الواقع .
طيب : " فَهُمْ لَا يَنْفُونَ ذَلِكَ إلَّا بِالْحُجَّةِ الَّتِي يَنْفُونَ بِهَا الْجِسْمَ ".وهل عندهم حجة ينفون بها الجسم .؟ لا ، لأننا لو قلنا بأن إثبات الصفات يستلزم التجسيم ، فإنه قد سبق أن نقول للذي يقول : إن الله جسم أو ليس بجسم نقول له ماذا تعني بكلمة الجسم ؟ إن أردت بها معنى صحيحا يليق بالله فهذا حق ، وأن أردت معنى باطلاً فهذا باطل .
لو قال : أردت بالجسم ما يقوم بنفسه ويتصف بالصفات اللائقة به، قلنا : هذا هو الله ، وإذا قال : أردت بالجسم ما يكون مكونا ومركباً من دم وعظم ولحم إلى آخره ، قلنا : هذا باطل .
11 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل سواء فسروا الجسم بما يشار إليه أو بالقائم بنفسه أو بالموجود أو بالمركب من الهيولى والصورة ونحو ذلك . فأما إذا فسروه بالمركب من الجواهر المفردة وعلى أنها متماثلة فهذا يبنى على صحة ذلك ; وعلى إثبات الجوهر الفرد وعلى أنه متماثل وجمهور العقلاء يخالفونهم في ذلك . والمقصود هنا أنهم يطلقون التشبيه على ما يعتقدونه تجسيما بناء على تماثل الأجسام والمثبتون ينازعونهم في اعتقادهم ; كإطلاق الرافضة النصب على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ; بناء على أن من أحبهما فقد أبغض عليا رضي الله عنه ; ومن أبغضه فهو ناصبي . وأهل السنة ينازعونهم في المقدمة الأولى ; ولهذا يقول هؤلاء : إن الشيئين لا يشتبهان من وجه ويختلفان من وجه وأكثر العقلاء على خلاف ذلك وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع وبينا فيه حجج من يقول بتماثل الأجسام وحجج من نفى ذلك , وبينا فساد قول من يقول بتماثلها , وأيضا فالاعتماد بهذا الطريق على نفي التشبيه اعتماد باطل وذلك أنه إذا أثبت تماثل الأجسام فهم لا ينفون ذلك إلا بالحجة التي ينفون بها الجسم . ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإذا ثبت أن هذا يستلزم الجسم وثبت امتناع الجسم كان هذا وحده كافيا في نفي ذلك لا يحتاج نفي ذلك إلى نفي مسمى التشبيه لكن نفي التجسيم يكون مبنيا على نفي هذا التشبيه بأن يقال : لو ثبت له كذا وكذا لكان جسما ; ثم يقال : والأجسام متماثلة فيجب اشتراكها فيما يجب ويجوز ويمتنع وهذا ممتنع عليه . لكن حينئذ يكون من سلك هذا المسلك معتمدا في نفي التشبيه على نفي التجسيم ; فيكون أصل نفيه نفي الجسم وهذا مسلك آخر سنتكلم عليه إن شاء الله .".
" لَا يَحْتَاجُ نَفْيُ ذَلِكَ إلَى نَفْيِ مُسَمَّى التَّشْبِيهِ لَكِنَّ نَفْيَ التَّجْسِيمِ يَكُونُ مَبْنِيًّا عَلَى نَفْيِ هَذَا التَّشْبِيهِ بِأَنْ يُقَالَ : لَوْ ثَبَتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا لَكَانَ جِسْمًا، ثُمَّ يُقَالُ : وَالْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ فَيَجِبُ اشْتِرَاكُهَا فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ ."
كلام المؤلف في الحقيقة هذا فيه صعوبة من حيث التصور لكن من حيث المعنى العام واضح .
نقول مثلا إنه يقول : لو ثبت كذا وكذا ، لنفرض أن الكلام في الاستواء على العرش ، لو ثبت أن الله مستو على العرش لكان جسماً والأجسام متماثلة .
يقول هذا المنكر للصفة : لو ثبت أن الله مستو على العرش لزم أن يكون جسماً ، هذا واحد ، وبعد ذلك يقول : الأجسام متماثلة ، وإذا كانت متماثلة وجب اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع ، إذا ثبت أنها متماثلة وجب أن يشترك الخالق والمخلوق فيما يجب ويجوز ويمتنع ...
طيب نرجع إلى المؤلف نقول ، أرجو الانتباه يا جماعة : لو ثبت كذا وكذا ، هذا المبهم ماذا فسرناه به .؟ بالاستواء على العرش ،... لو ثبت أن الله مستو على العرش لكان جسما والأجسام متماثلة ، فيجب اشتراكها يعني اشتراك الأجسام فيما يجب ويجوز ويمتنع ، وعلى هذا ما يجب للإنسان يجب لله ، وما يجوز على الإنسان يجوز على الله ، وما يمتنع على الإنسان يمتنع على الله ، هل هذا ممكن .؟ ولهذا قال : وهذا ممتنع عليه ، ممتنع على من .؟ على الله ، إذا كان ممتنعا على الله لزم أن يكون الاستواء ممتنعا لأنه يؤدي إلى ممتنع ، وما أدى إلى ممتنع فهو ممتنع .
وكل الكلام الحقيقة هذا فيه تكرار كثير ، لكن بعبارات مختلفة ، وقد سبق أننا نرجع إلى أصل القاعدة وشيخ الإسلام ابن تيمية ليس مثل الناس الموجودين الآن الذي ينمق الكلام ، ويتردد عليه مرات ، مرتين أو أكثر ، يكتب وينتهي منه ، وهو بحر يتلاطم ، تجد المعني تسبق الكتابة ، فيأتي بأشياء يعني لو نقحت لكان نصف هذا الكتاب يكفي ، فكل الكلام الذي مر علينا ، كله فيه شيء من التكرار بلا شك ، ولكن القاعدة المهمة أن نرجع إلى الأصل ، وهو أن مطلق الاعتماد على نفي التشبيه ليس بصحيح ، أو على إثبات بلا تشبيه ليس بصحيح ، لأن ما يقتضي التشبيه اختلف الناس فيه ، فصار بعضهم يقول هذا يقتضي التشبيه فيجب إنكاره ، وبعضهم يقول هذا لا يقتضي التشبيه فلا يقتضي إنكارا .
الطالب : ... .
الشيخ : عندك موجود بالقاعدة ، ما يحتاج تكتبها ، موجود في أول القاعدة ، أنه لا يصح الاعتماد على الإثبات المطلق بدون تشبيه ، ولا على الاعتماد على نفي التشبيه المجرد فقط ، فهمت .؟
لأنه لو قلت يجب أن ننفي عن الله كل ما فيه تشبيه نفيت عنه جميع الصفات عند بعض الناس أو بعض الصفات عند بعض الناس ، أو ما لا يليق به عند بعض الناس ، ولو قلت : أعتمد على الإثبات وأقول بلا تشبيه ، لزم من هذا أن تثبت لله ما لا يليق وتقول بدون تشبيه ، لزم تقول أن الله يأكل أكلا لا يشبه أكل المخلوقين ، وأن لله أذنا لا تشبه أذن المخلوقين ، ما يمكن هذا ، ولو اعتمدنا في النفي على مجرد التشبيه لكنا نقول كل صفة يشترك الناس في اقتضاء التشبيه يجب أن ننفيها ، وأيضا هذا ليس بحق ، وإن شاء الله بعد ما ننتهي من الكلام هذا نرجع ونلخص الموضوع تلخيص بين لأجل يتضح لكم .
يقول : " لَكِنْ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ عَلَى نَفْيِ التَّجْسِيمِ ، فَيَكُونُ أَصْلُ نَفْيِهِ نَفْيُ الْجِسْمِ وَهَذَا مَسْلَكٌ آخَرُ سَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ " ننتظر حتى يأتي كلامه .
الطالب : ... .
الشيخ : الذي لو ثبت كذا لكان جسما والأجسام متماثلة ، هذا المسلك، معتمدا في نفي التشبيه على نفي التجسيم ، وهو يقول الآن : كلما أدى إلى ثبوت الجسمية فإنه مؤد إلى التشبيه ، وحينئذ أنكر كلما أرى أنه يقتضي التجسيم .
12 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإذا ثبت أن هذا يستلزم الجسم وثبت امتناع الجسم كان هذا وحده كافيا في نفي ذلك لا يحتاج نفي ذلك إلى نفي مسمى التشبيه لكن نفي التجسيم يكون مبنيا على نفي هذا التشبيه بأن يقال : لو ثبت له كذا وكذا لكان جسما ; ثم يقال : والأجسام متماثلة فيجب اشتراكها فيما يجب ويجوز ويمتنع وهذا ممتنع عليه . لكن حينئذ يكون من سلك هذا المسلك معتمدا في نفي التشبيه على نفي التجسيم ; فيكون أصل نفيه نفي الجسم وهذا مسلك آخر سنتكلم عليه إن شاء الله .". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإنما المقصود هنا : أن مجرد الاعتماد في نفي ما ينفى على مجرد نفي التشبيه لا يفيد إذ ما من شيئين إلا يشتبهان من وجه ويفترقان من وجه بخلاف الاعتماد على نفي النقص والعيب ونحو ذلك مما هو سبحانه مقدس عنه فإن هذه طريقة صحيحة وكذلك إذا أثبت له صفات الكمال ونفى مماثلة غيره له فيها فإن هذا نفي المماثلة فيما هو مستحق له وهذا حقيقة التوحيد : وهو أن لا يشركه شيء من الأشياء فيما هو من خصائصه وكل صفة من صفات الكمال فهو متصف بها على وجه لا يماثله فيه أحد ; ولهذا كان مذهب سلف الأمة وأئمتها إثبات ما وصف به نفسه من الصفات ونفي مماثلته بشيء من المخلوقات . فإن قيل إن الشيء إذا شابه غيره من وجه جاز عليه ما يجوز عليه من ذلك الوجه ووجب له ما وجب له وامتنع عليه ما امتنع عليه . قيل : هب أن الأمر كذلك ولكن إذا كان ذلك القدر المشترك لا يستلزم إثبات ما يمتنع على الرب سبحانه ولا نفي ما يستحقه لم يكن ممتنعا كما إذا قيل : إنه موجود حي عليم سميع بصير وقد سمي بعض المخلوقات حيا سمعيا عليما بصيرا فإذا قيل : يلزم أنه يجوز عليه ما يجوز على ذلك من جهة كونه موجودا حيا عليما سميعا بصيرا قيل : لازم هذا القدر المشترك ليس ممتنعا على الرب تعالى فإن ذلك لا يقتضي حدوثا ولا إمكانا ولا نقصا ولا شيئا مما ينافي صفات الربوبية . ".
يقول : " مُجَرَّدَ الِاعْتِمَادِ فِي نَفْيِ مَا يُنْفَى عَلَى مُجَرَّدِ نَفْيِ التَّشْبِيهِ لَا يُفِيدُ " معناه لو قلت : أنا أنفي عن الله كل ما يقتضي التشبيه ، فإن هذا الاعتماد لا يكفي ، لأنه يقول المؤلف : " ما من شيئين إلا ويشتبهان من وجه ويفترقان من وجه " مثل ما سبق ، أننا مثلا نجد أن الخالق سميع وبصير والإنسان سميع وبصير ، ونجد أن الله حي والإنسان حي ، وهل يلزم الاشتباه في الاسم الاشتباه في المسمى .؟
الطالب : لا يلزم .
الشيخ : لا يلزم وهذه أيضا سبقت لنا في أول الكتاب و لكن على أي شيء نعتمد .؟
نعتمد على المشابهة التي تقتضي النقص والعيب . أما المشابهة التي لا تقتضيه مثل أن يقال : إن الله حي لكن حياة لا تشبه حياة المخلوقين ، سميع لكن لا تشبه سمع المخلوقين ، وهكذا فلا بأس بذلك .
" وَكَذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ لَهُ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَنَفَى مُمَاثَلَةَ غَيْرِهِ لَهُ فِيهَا فَإِنَّ هَذَا نَفْيُ الْمُمَاثَلَةِ فِيمَا هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ وَهَذَا حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ : وَهُوَ أَنْ لَا يَشْرَكُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ " .
الطالب : عندنا : يشاركه .
الشيخ : عندنا : يشركه ، والمعنى واحد ، طيب إذا أثبت له صفات الكمال ونفى مماثلة غيره له فيها ، يصح أو ما يصح .؟ يصح ، بل هذا حقيقة التوحيد " فَإِنَّ هَذَا نَفى الْمُمَاثَلَةِ فِيمَا هُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ وَهَذَا حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ : وَهُوَ أَنْ لَا يَشْرَكُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَكُلُّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ فَهُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمَاثِلُهُ فِيهِ أَحَدٌ ، وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا إثْبَاتُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَنَفْيُ مُمَاثَلَتِهِ بِشَيْءِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ "
بل سبق لنا أن من الصفات ما يكون كمالا في حق المخلوق ونقصاً في حق الخالق ، وما يكون نقصاً في حق المخلوق وكمالاً في حق الخالق ، وذلك لأن الخالق لا يشبه المخلوق ، فالنوم والأكل والشرب والنكاح بالنسبة للمخلوق كمال ، لأن الذي لا ينام مريض فيه عيب ، وكذلك الذي لا يأكل ولا يشرب ولا يتزوج كذلك فيه عيب ، وبالنسبة للخالق نقص كذا .
و التكبر والعظمة بالنسبة للخالق صفة الكمال ، وبالنسبة للمخلوق صفة نقص أي نعم .
ومنه ما يكون كمالا في المخلوق والخالق ، لكن للخالق ما هو أكمل، مثل السمع والبصر والقدرة والقوة ، وما أشبه ذلك .
ونقصا في الخالق والمخلوق ، ولكن الخالق أشد تنزهاً عنه مثل العجز والصمم والبكم والمرض ، وما أشبه ذلك ، هذا عيب في الخالق والمخلوق ، لكن تنزه الخالق عنه أعظم ، لأنه واجب أن يتنزه عنه بخلاف المخلوق .
قال : " فَإِنْ قِيلَ : إنَّ الشَّيْءَ إذَا شَابَهَ غَيْرَهُ مِنْ وَجْهٍ جَازَ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ وَوَجَبَ لَهُ مَا وَجَبَ لَهُ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ مَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ " .
الطالب : عندي " فَإِنْ قِيلَ : إنَّ الشَّيْءَ إذَا شَابَهَ غَيْرَهُ مِنْ وَجْهٍ جَازَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ مَا جاز عَلَيْهِ ".
الشيخ : يعني تقديم وتأخير عندك ، الذي عندك أحسن والذي عندنا لا بأس به ... الآن الشيء هذا شابه غيره من كل وجه ، فإنه يجوز على هذا المشابه ما يجوز على المشابه ، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه ، ويجب له ما يجب له .
هذا إذا شابهه من كل وجه ، وهذا بالنسبة للخالق والمخلوق ممتنع ، طيب إذا شابه غيره من وجه دون وجه ، وهذا بالنسبة للخالق والمخلوق ممكن يشابهه في أصل وجود الحياة ، ولكن لا يشابهه في حقيقتها .
يشابهه في أصل وجود القدرة ولكن لا يشابهه في حقيقتها ، وهكذا ، أفلا يجوز أن نقول : إذا كان يشبهه من هذا الوجه أفلا نقول إنه يجوز عليه من هذا الوجه ما يجوز على الخالق ويمتنع عليه ما يمتنع على الخالق ويجب له ما يجب للخالق ، هذا السؤال الذي أورده المؤلف وسيجيب عنه . أنت فاهمين يا جماعة الآن فاهمين السؤال .؟
يقول المؤلف : " قِيلَ هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَلَا نَفْيُ مَا يَسْتَحِقُّهُ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا ". قوله : " قِيلَ هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ " يعني قدر أن الأمر كذلك ، وكيف الأمر كذلك .؟
يعني أنه إذا شابهه من وجه وجب له في ذلك الوجه ما يجب للآخر، وامتنع عليه ما يمتنع على الآخر ، وجاز له ما يجوز على الآخر ، يقول : قدّر إذا شابه المخلوق الخالق من هذا الوجه جاز للخالق ما يجوز للمخلوق ، وامتنع عليه ما يمتنع على المخلوق ، ووجب له ما يجب للمخلوق .
" هب أن الأمر كذلك " كلمة " هب أن الأمر كذلك " ، واش يدل عليه على أنه مسلم أو غير مسلم على أنه غير مسلم ، لكن على سبيل التقدير ، ولكنه في الواقع غير مسلم ، اشترك الخالق والمخلوق في أصل السمع والبصر ، واختلف في حقيقتهما ، هل نقول إن هذا الأصل لما تشاركا فيه يجب للمخلوق ما يجب للخالق.؟ لا ، لأن المخلوق يجوز أن يعدم هذا الأصل ، يجوز أن يكون غير بصير وغير سميع ، والخالق يمتنع عليه ذلك ، أليس هكذا ، الخالق يجب أن يكون سميعاً بصيراً ، والمخلوق لا يجب أن يكون سميعاً بصيراً . إنما سمعه وبصره من باب الجواز الذي يمكن وجوده ويمكن عدمه.
فتبين الآن أننا إذا قلنا أنه يشبه هذا من وجه لا يلزم أن يتفقا في هذا الوجه في الوجوب والجواز والامتناع ، لا يلزم ، وبينا لكم الآن وجه عدم اللزوم ، لكن إذا قدّرنا هب أنه يلزم .؟ فما هو الجواب .؟
يقول : " وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَلَا نَفْيُ مَا يَسْتَحِقُّهُ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا ". يقول هب أنه يجب ويجوز ويمتنع ، لكن إذا كان هذا القدر المشترك لا يستلزم إثبات ما يمتنع على الرب ، سمع لله سمع للإنسان اشتركا في أصل السمع ، إذا قلت إن هذا الاشتراك يلزم منه إثبات ما يمتنع على الرب ، وهو إمكان عدم السّمع مثلا ، هل هو ممكن بالنسبة للخالق.؟ لا ، فإذا قلت إنهما اشتركا في أصل السمع لكن لا يجوز في حق الله أن يفقد هذا السمع و قلنا ما المضرة .؟ هل في هذا مضرة إذا اشتركا في هذا القدر .؟ لا .
" كَمَا إذَا قِيلَ : إنَّهُ مَوْجُودٌ حَيٌّ عَلِيمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَقَدْ سمي بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ حَيًّا سَمْعِيًّا عَلِيمًا بَصِيرًا ، فَإِذَا قِيلَ : يَلْزَمُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَوْجُودًا حَيًّا عَلِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا ، قِيلَ : لَازِمُ هَذَا الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ مُمْتَنِعًا عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي حُدُوثًا وَلَا إمْكَانًا وَلَا نَقْصًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا يُنَافِي صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ " .
الطالب : عندنا " وَقَدْ سمي بَعْضُ الْمَخْلُوقَاتِ حَيًّا سَمْعِيًّا عَلِيمًا بَصِيرًا ، قِيلَ : لَازِمُ هَذَا الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ مُمْتَنِعًا عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى ".
الشيخ : الظاهر أن الذي عندك أحسن من الذي عندنا : قيل يلزم منه، ليست واضحة ، ولهذا حطوا عليها قوسين " وَقَدْ سمى بَعْض الْمَخْلُوقَاتِ حَيًّا سَمْعِيًّا عَلِيمًا بَصِيرًا " حط قوس مفتوح " فَإِذَا قِيلَ: يَلْزَمُ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَوْجُودًا حَيًّا عَلِيمًا سَمِيعًا بَصِيرًا " اقفل القول " قِيلَ : لَازِمُ هَذَا الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ مُمْتَنِعًا عَلَى الرَّبِّ تبارك وتعالى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي حُدُوثًا وَلَا إمْكَانًا وَلَا نَقْصًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا يُنَافِي صِفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ " صح .
الله يعيننا وإيكم ، الآن أنا أظن أن التوحيد لازم تعطونه ثلاثة أرباع طاقتكم .
13 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وإنما المقصود هنا : أن مجرد الاعتماد في نفي ما ينفى على مجرد نفي التشبيه لا يفيد إذ ما من شيئين إلا يشتبهان من وجه ويفترقان من وجه بخلاف الاعتماد على نفي النقص والعيب ونحو ذلك مما هو سبحانه مقدس عنه فإن هذه طريقة صحيحة وكذلك إذا أثبت له صفات الكمال ونفى مماثلة غيره له فيها فإن هذا نفي المماثلة فيما هو مستحق له وهذا حقيقة التوحيد : وهو أن لا يشركه شيء من الأشياء فيما هو من خصائصه وكل صفة من صفات الكمال فهو متصف بها على وجه لا يماثله فيه أحد ; ولهذا كان مذهب سلف الأمة وأئمتها إثبات ما وصف به نفسه من الصفات ونفي مماثلته بشيء من المخلوقات . فإن قيل إن الشيء إذا شابه غيره من وجه جاز عليه ما يجوز عليه من ذلك الوجه ووجب له ما وجب له وامتنع عليه ما امتنع عليه . قيل : هب أن الأمر كذلك ولكن إذا كان ذلك القدر المشترك لا يستلزم إثبات ما يمتنع على الرب سبحانه ولا نفي ما يستحقه لم يكن ممتنعا كما إذا قيل : إنه موجود حي عليم سميع بصير وقد سمي بعض المخلوقات حيا سمعيا عليما بصيرا فإذا قيل : يلزم أنه يجوز عليه ما يجوز على ذلك من جهة كونه موجودا حيا عليما سميعا بصيرا قيل : لازم هذا القدر المشترك ليس ممتنعا على الرب تعالى فإن ذلك لا يقتضي حدوثا ولا إمكانا ولا نقصا ولا شيئا مما ينافي صفات الربوبية . ". أستمع حفظ
تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وذلك أن القدر المشترك هو مسمى الوجود أو الموجود أو الحياة أو الحي أو العلم أو العليم أو السمع أو البصر أو السميع أو البصير أو القدرة أو القدير والقدر المشترك مطلق كلي لا يختص بأحدهما دون الآخر ; فلم يقع بينهما اشتراك لا فيما يختص بالممكن المحدث ولا فيما يختص بالواجب القديم فإن ما يختص به أحدهما يمتنع اشتراكهما فيه فإذا كان القدر المشترك الذي اشتركا فيه صفة كمال كالوجود والحياة والعلم والقدرة ولم يكن في ذلك شيء مما يدل على خصائص المخلوقين كما لا يدل على شيء من خصائص الخالق لم يكن في إثبات هذا محذور أصلا ; بل إثبات هذا من لوازم الوجود , فكل موجودين لا بد بينهما من مثل هذا ومن نفي هذا لزمه تعطيل وجود كل موجود . ولهذا لما اطلع الأئمة على أن هذا حقيقة قول الجهمية سموهم معطلة وكان جهم ينكر أن يسمى الله شيئا وربما قالت الجهمية هو شيء لا كالأشياء فإذا نفى القدر المشترك مطلقا لزم التعطيل العام . والمعاني التي يوصف بها الرب تعالى كالحياة والعلم والقدرة بل الوجود والثبوت والحقيقة ونحو ذلك : تجب لوازمها فإن ثبوت الملزوم يقتضي ثبوت اللازم , وخصائص المخلوق التي يجب تنزيه الرب عنها ليست من لوازم ذلك أصلا . ".
" وَذَلِكَ أَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ مُسَمَّى الْوُجُودِ أَوْ الْمَوْجُودُ " الوجود بالنسبة للصفة ، والموجود بالنسبة للموصوف ، فمثلا وجود الخالق والمخلوق يشتركان في أصل المعنى و هل هذا ممتنع إذا اشتركا في أصل المعنى ، وقلنا أن وجود الخالق يختص به ووجود المخلوق يختص به .؟ لا يمنع .
كذلك أيضا الموجود ، يشترك الموجود بين الخالق والمخلوق ، واشتراكهما في هذا غير ممتنع ، وإن تشابها في هذا الأصل بأن هذا موجود وهذا موجود ، لكنه وجود هذا يخصه ووجود هذا يخصه . ومشى المؤلف يقول : " أَوْ الْحَيَاةُ أَوْ الْحَيُّ أَوْ الْعِلْمُ أَوْ الْعَلِيمُ أَوْ السَّمْعُ أَوْ السَّمِيعُ أَوْ الْبَصَرُ أَوْ الْبَصِيرُ أَوْ الْقُدْرَةُ أو الْقَدِيرُ " يعني المؤلف ذكر الصفة والموصوف .
" وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ مُطْلَقٌ كُلِّيٌّ لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، فَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ لَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمُمْكِنِ الْمُحْدَثِ وَلَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْوَاجِبِ الْقَدِيمِ " الْمُمْكِنِ الْمُحْدَثِ يعني به المخلوق ، والْوَاجِبِ الْقَدِيمِ يعني به الله سبحانه وتعالى .
" فَإِنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا يَمْتَنِعُ اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ " قلنا مثلاً الاشتراك من وجه دون وجه ، هل يلزم من الاشتراك من وجه دون وجه أن يكون الخالق مشابها للمخلوق في الوجه الذي يشتركان فيه، المؤلف يقول لا يلزم . ومثال ذلك : كلمة الحياة والسمع والبصر والعلم والقدرة فإن هذه الصفات صفات للخالق وصفات للمخلوق ، تشترك هذه في القدر المشترك . القدر المشترك لا يختص به لا الخالق ولا المخلوق وإنما هو مشترك ، لأن أصل الحياة إذا لم نفهم أنها الحياة الذي وجد أصلها بين هذا وهذا ما فهمنا معنى الحياة ، لكن هل يلزم من اشتراكهما في هذا الأصل أن يتشابها .؟ لا ، لأن حياة هذا تخصه وحياة هذا تخصه ، ولا يجوز لحياة المخلوق ما يجوز لحياة الله أو يجب أو يمتنع .
" فَإِذَا كَانَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ صِفَةَ كَمَالٍ كَالْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ كَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ الْخَالِقِ لَمْ يَكُنْ فِي إثْبَاتِ هَذَا مَحْذُورٌ أَصْلًا ، بَلْ إثْبَاتُ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ ، فَكُلُّ مَوْجُودَيْنِ لَا بُدَّ بَيْنَهُمَا مَنْ مِثْلِ هَذَا ، وَمَنْ نَفْيِ هَذَا لَزِمَهُ تَعْطِيلُ وُجُودِ كُلِّ مَوْجُودٍ ". أظنه واضح .؟
إِذَا كَانَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ صِفَةَ كَمَالٍ مثل الحياة وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ والسمع والبصر والكلام وغير ذلك ، كل هذه صفات كمال ، اشتراك الخالق والمخلوق فيها في القدر المشترك الذي هو أصل الصفة ، هل هذا تشبيه .؟
الطالب : لا .
الشيخ : لماذا ليس بتشبيه .؟ لأن لكل واحد منها ما يخصه من هذه الصفة ، ولأننا لو لم نقل بوجود أصل الاشتراك في هذه الصفة لزم أن نعطل وجودها .
إذا قلنا مثلا : ليس لله حياة ، لأنه لو لله حياة والإنسان حياة معناه شابهه، فإذا نفيت الحياة هنا وقعت في التعطيل ، إذا لابد من إثبات الحياة ، وكون المخلوق له حياة والخالق له حياة لا يلزم من ذلك التشبيه ، مثل ما إذا قلنا : للإنسان جسم وللجبل جسم ، لا يلزم من ذلك تشبيها .
الطالب : ... .
الشيخ : ما يمكن ، ومن ثم ذكر المؤلف فيما سبق القاعدة هذه نفسها ، أنه ما يمكن أن تعتمد على كلمة : إثبات بلا تشبيه في صفات الله . يعني معناه أنك لو قلت : طريقنا أن نثبت لله إثباتا بلا تشبيه ، ما يستقيم هذا ، لأنك قد تقول الله يأكل لا كأكل المخلوقين ، وينام لا كنوم المخلوقين ، لا ما يصلح هذا ، لأن مجرد الاعتماد على الإثبات بدون تشبيه لا يصح ، إذ المراد إثبات صفة .؟ الكمال بدون تشبيه . لنا درسان نقرر هذا .
الطالب : ... .
الشيخ : يعني إثبات القدر المشترك بين حياة المخلوق وحياة الخالق، وبين سمع الخالق وسمع المخلوق إلى آخره ، هذا من لوازم الوجود ، إذ لو نفيته نفيت وجود الصفة ، لو نفيت الحي ، قلت ما يمكن أقول إن الله هو الحي لأن المخلوق يسمى الحي ، وش معنى ذلك .؟ نفيت وجود الموصوف بالحياة .
الطالب : ... .
الشيخ : لا هذا بيان للواقع .
قال : " وَلِهَذَا لَمَّا اطَّلَعَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ الجهمية سَمُّوهُمْ مُعَطِّلَةً " لأنهم إذا أنكروا أصل المعنى فليس وراء ذلك إلا التعطيل " وَكَانَ جَهْمٌ يُنْكِرُ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ شَيْئًا ، وَرُبَّمَا قَالَتْ الجهمية هُوَ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ فَإِذَا نَفَى الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ مُطْلَقًا لَزِمَ التَّعْطِيلُ الْعَامُّ . وَالْمَعَانِي الَّتِي يُوصَفُ بِهَا الرَّبُّ تَعَالَى كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ بَلْ الْوُجُودُ وَالثُّبُوتُ وَالْحَقِيقَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ تَجِبُ لَوَازِمُهَا ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ اللَّازِمِ ، وَخَصَائِصُ الْمَخْلُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ أَصْلًا " أظن هذا أيضا يقرر ما سبق لكن باختلاف عبارة .
المعاني التي يوصف بها الرب كالحياة ، وش تستلزم .؟ تستلزم وجود هذه الأشياء ، وإلا لكان تعطيلا محضا . إنما خَصَائِصُ الْمَخْلُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ أَصْلًا .
فإذا قيل مثلا حياة المخلوق مسبوقة بعدم وملحوقة بموت ، هل هذه الخصائص لحياة المخلوق تلحق حياة الخالق .؟ لا ، لأن حياة الخالق تخصه وحياة المخلوق تخصه نعم .
14 - تعليق الشيخ على قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " وذلك أن القدر المشترك هو مسمى الوجود أو الموجود أو الحياة أو الحي أو العلم أو العليم أو السمع أو البصر أو السميع أو البصير أو القدرة أو القدير والقدر المشترك مطلق كلي لا يختص بأحدهما دون الآخر ; فلم يقع بينهما اشتراك لا فيما يختص بالممكن المحدث ولا فيما يختص بالواجب القديم فإن ما يختص به أحدهما يمتنع اشتراكهما فيه فإذا كان القدر المشترك الذي اشتركا فيه صفة كمال كالوجود والحياة والعلم والقدرة ولم يكن في ذلك شيء مما يدل على خصائص المخلوقين كما لا يدل على شيء من خصائص الخالق لم يكن في إثبات هذا محذور أصلا ; بل إثبات هذا من لوازم الوجود , فكل موجودين لا بد بينهما من مثل هذا ومن نفي هذا لزمه تعطيل وجود كل موجود . ولهذا لما اطلع الأئمة على أن هذا حقيقة قول الجهمية سموهم معطلة وكان جهم ينكر أن يسمى الله شيئا وربما قالت الجهمية هو شيء لا كالأشياء فإذا نفى القدر المشترك مطلقا لزم التعطيل العام . والمعاني التي يوصف بها الرب تعالى كالحياة والعلم والقدرة بل الوجود والثبوت والحقيقة ونحو ذلك : تجب لوازمها فإن ثبوت الملزوم يقتضي ثبوت اللازم , وخصائص المخلوق التي يجب تنزيه الرب عنها ليست من لوازم ذلك أصلا . ". أستمع حفظ
هل يوصف الله بشيء .؟
الشيخ : ذكر شيء ، أي نعم (( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله )) فسمّى الله نفسه شيئا ... (( قل أي شيء )) فأي شيء هذه استفهام عن الأشياء ، أي شيء أكبر .؟ الله ، إذا فهو شيء ، وإلا ما صح أن يخبر عن قوله : (( أي شيء )) بقوله : (( الله ))
الطالب : ... .
الشيخ : لا ، (( قل الله أكبر شهادة )) ثم قال : (( شهيد بيني وبينكم )) يعني هو شهيد بيني وبينكم . لأنه لو قال : قل الله شهيد ، ما صح أن يكون جوابا لقوله : (( قل أي شيء أكبر شهادة )) .