سلسلة الهدى والنور-1035
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور-جديد
الكلام على تقسيم الدين إلى أصول وفروع وما يترتب على ذلك.
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) .
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما )) أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وبعد فمن المعلوم اليوم أن المسلمين اختلفوا اختلافا كثيرا قديما وحديثا أما الإختلاف القديم فهو ينقسم إلى قسمين، اختلاف فيما يسمونه في الأصول، واختلاف فيما يسمونه في الفروع والمقصود بالإختلاف في الأصول إنما هو الاختلاف يما يتعلق بالعلميات، هكذا تعبير بعض أهل العلم " العلميات " أي الغيبيات أي الأخبار القرآنية والأحاديث النبوية ما كان منها متعلّقا بأمور الغيب وهي ما يسمى بالعقيدة، اختلفوا في هذا القسم الذي يسمّونه بالأصول أي بالعقائد، أما اختلافهم في الفروع فإنما يعنون بذلك الأحكام الشرعية وهذا الإصطلاح وإن كان الأمر كما يقول العلماء " لكل قوم أن يصطلحوا على ما شاؤوا " فلا بأس من مثل هذا الإصطلاح بشرط واحد ألا وهو أن لا يؤدي التفريق بين الأصول والفروع إلى الإهتمام بالقسم الأول دون الثاني ذلك لأن الأمر الثاني الذي يتعلق بما يسمونه بالفروع أو الأحكام دون ما يسمونه بالأصول وهي العقائد في هذه الفروع ما يجب على كل مسلم أن يدين الله به وأن يتبناه حكما شرعيّا حتّى لو أنه جحد شيئا من ذلك كان حكمه كحكم من أنكر شيئا من القسم الأول ألا وهو الأصول، ذلك مثلا من المعلوم أن أركان الإيمان هي ما يتعلق بالأمور الغيبية، الإيمان بالله وملائكته وكتبه إلى آخره وأن الأحكام تتعلّق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج إلى بيت الله الحرام هذه الأركان الخمسة الإسلامية هي أركان عملية ومع ذلك لو أنكر مسلم شيئا منها أو شيئا مما يتفرع من اعتقادها والإيمان بها لكان إنكاره كفرا يلحق بما لو أنكر شيئا من القسم الأول ألا وهي العقائد، وعلى ذلك فمثل هذا التقسيم كما قلنا آنفا لا بأس فيه إذا لم يؤدي إلى الإهتمام بأحدهما دون الآخر، فكل من الأمرين دينا والإسلام ويجب الإيمان به والتصديق به إما تصديقا عقليا فقط غير مقرون بالعمل، وإما تصديقا مقرونا بالعمل وهذه النقطة الأخيرة وهي تصديق مقرون بالعمل أمر يجب الإهتمام به حتى لا يطغى أحد القسمين على الآخر من حيث أنّ القسم الأول هو الأهم والقسم الآخر دونه في الأهمية ليس كذلك، لنضرب على هذا مثلا فنقول الصلوات الخمس هي معلومة ولكن في يوم من أيام الأسبوع إنما يجب صلاة هي غير صلاة الظهر لها مواصفاتها ولها شروطها ألا وهي صلاة الجمعة فمن أنكر شرعية صلاة الجمعة فإنما يكون كافرا مع أن هذا ليس له علاقة بالغيبيات أو بالعلميات أو بالإعتقاديات، أسماء تقريبا كلها مترادفة تدل على مسمّى واحدا لذلك إذا كان الإختلاف وقع في الفروع فالذي أريده من هذه التقدمة هو ألا يغتر المسلم بما يسمع أحيانا أن الإختلاف إنما هو في الفروع وليس في الأصول لأن الإختلاف مع أنه في الفروع باتفاقهم فهو اختلاف جوهري أيضا وليس أمرا سهلا على أن حصر الإختلاف في حدود الإصطلاح السابق ذكره على أن حصر الاختلاف في الفروع دون الأصول هذا أيضا يخالف الواقع.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) .
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ))
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما )) أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وبعد فمن المعلوم اليوم أن المسلمين اختلفوا اختلافا كثيرا قديما وحديثا أما الإختلاف القديم فهو ينقسم إلى قسمين، اختلاف فيما يسمونه في الأصول، واختلاف فيما يسمونه في الفروع والمقصود بالإختلاف في الأصول إنما هو الاختلاف يما يتعلق بالعلميات، هكذا تعبير بعض أهل العلم " العلميات " أي الغيبيات أي الأخبار القرآنية والأحاديث النبوية ما كان منها متعلّقا بأمور الغيب وهي ما يسمى بالعقيدة، اختلفوا في هذا القسم الذي يسمّونه بالأصول أي بالعقائد، أما اختلافهم في الفروع فإنما يعنون بذلك الأحكام الشرعية وهذا الإصطلاح وإن كان الأمر كما يقول العلماء " لكل قوم أن يصطلحوا على ما شاؤوا " فلا بأس من مثل هذا الإصطلاح بشرط واحد ألا وهو أن لا يؤدي التفريق بين الأصول والفروع إلى الإهتمام بالقسم الأول دون الثاني ذلك لأن الأمر الثاني الذي يتعلق بما يسمونه بالفروع أو الأحكام دون ما يسمونه بالأصول وهي العقائد في هذه الفروع ما يجب على كل مسلم أن يدين الله به وأن يتبناه حكما شرعيّا حتّى لو أنه جحد شيئا من ذلك كان حكمه كحكم من أنكر شيئا من القسم الأول ألا وهو الأصول، ذلك مثلا من المعلوم أن أركان الإيمان هي ما يتعلق بالأمور الغيبية، الإيمان بالله وملائكته وكتبه إلى آخره وأن الأحكام تتعلّق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج إلى بيت الله الحرام هذه الأركان الخمسة الإسلامية هي أركان عملية ومع ذلك لو أنكر مسلم شيئا منها أو شيئا مما يتفرع من اعتقادها والإيمان بها لكان إنكاره كفرا يلحق بما لو أنكر شيئا من القسم الأول ألا وهي العقائد، وعلى ذلك فمثل هذا التقسيم كما قلنا آنفا لا بأس فيه إذا لم يؤدي إلى الإهتمام بأحدهما دون الآخر، فكل من الأمرين دينا والإسلام ويجب الإيمان به والتصديق به إما تصديقا عقليا فقط غير مقرون بالعمل، وإما تصديقا مقرونا بالعمل وهذه النقطة الأخيرة وهي تصديق مقرون بالعمل أمر يجب الإهتمام به حتى لا يطغى أحد القسمين على الآخر من حيث أنّ القسم الأول هو الأهم والقسم الآخر دونه في الأهمية ليس كذلك، لنضرب على هذا مثلا فنقول الصلوات الخمس هي معلومة ولكن في يوم من أيام الأسبوع إنما يجب صلاة هي غير صلاة الظهر لها مواصفاتها ولها شروطها ألا وهي صلاة الجمعة فمن أنكر شرعية صلاة الجمعة فإنما يكون كافرا مع أن هذا ليس له علاقة بالغيبيات أو بالعلميات أو بالإعتقاديات، أسماء تقريبا كلها مترادفة تدل على مسمّى واحدا لذلك إذا كان الإختلاف وقع في الفروع فالذي أريده من هذه التقدمة هو ألا يغتر المسلم بما يسمع أحيانا أن الإختلاف إنما هو في الفروع وليس في الأصول لأن الإختلاف مع أنه في الفروع باتفاقهم فهو اختلاف جوهري أيضا وليس أمرا سهلا على أن حصر الإختلاف في حدود الإصطلاح السابق ذكره على أن حصر الاختلاف في الفروع دون الأصول هذا أيضا يخالف الواقع.
بيان خطأ من يقول أن الخلاف الحاصل بين العلماء هو في الفروع دون الأصول, واختلافهم في مسمى الإيمان أكبر دليل على ذلك.
الشيخ : ذلك أن من الأصول بل أصل الأصول هو الإيمان عز وجل آمنت بالله وملائكته إلى آخره، فماذا يقول المسلم إذا ما تذكر معنا أن العلماء قديما وحديثا أيضا كما قال تعالى (( ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك )) هم لا يزالون مختلفين في مسمى الإيمان ... هم لا يزالون مختلفين في أصل الإيمان الإيمان ما هو؟ قولان عند العلماء قديما وحديثا أحدهما يقول الإيمان إقرار باللسان وتصديق بالجنان لا شيء ثالث هناك، والقول الآخر يقول كما قال القول الأول ويزيد والعمل بالأركان.
2 - بيان خطأ من يقول أن الخلاف الحاصل بين العلماء هو في الفروع دون الأصول, واختلافهم في مسمى الإيمان أكبر دليل على ذلك. أستمع حفظ
بيان أن الإيمان قول واعتقاد وعمل يزيد وينقص.
الشيخ : هذا الإيمان هو القول الصحيح من القولين المذكورين آنفا لأن الأحاديث فضلا عن الآيات تؤكذ أن الإيمان إذا أطلق في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة إنما تعني زيادة على الاعتقاد والإقرار باللسان هو العمل أيضا بالأعمال الصالحة هذا معروف مذهب علماء الحنفية قديما وحديثا يتبنون القول الأول والجمهور على طرف المقابل لهم يتبنون القول الآخر أما الآيات والأحاديث فهي معلومة والحمد لله التي تصرح بأن الإيمان مقرون دائما معه العمل الصالح أقرب نص يستحضره عامة المسلمين هو سورة العصر (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) فربنا عز وجل كلما ذكر الإيمان قرنه معه العمل الصالح كذلك الأحاديث متتابعة متواترة على أن الإيمان ليس فقط قولا واعتقادا وإنما هو أيضا عمل وحسبنا من ذلك حديث واحد وهو الحديث المتفق على صحته بين البخاري ومسلم ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( الإيمان ستة وستون شعبة أعلاها كلمة لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ) ثم حديث آخر ( والحياء شعبة من الإيمان ) فالشاهد أن الآيات والأحاديث كثيرة وكثيرة جدا تؤيد مذهب العلماء الذين قالوا بأن من الإيمان العمل الصالح الغرض من هذا ليس هو تأكيد أن هذا القول هو الصحيح وإنما الدندنة حول أن الخلاف ليس في الفروع فقط وإنما هو أيضا في الأصول وأن هذا الخلاف في الأصول يؤدي أيضا إلى خلاف في الفروع هي من الأصول.
بيان مسألة أنه يجوز قول " أنا مؤمن إن شاء الله "
الشيخ : ذلك أنه نشأ من وراء هذا الاختلاف في مسمى الإيمان نشأ اختلاف آخر وهو هل الإيمان قابل للزيادة والنقص أم ليس قابلا للزيادة والنقص الجواب الأحاديث وقد ذكرنا بعضها آنفا صريحة بأن الإيمان قابل للزيادة والنقص يكفي الحديث الصحيح ( بضع وستون ) في رواية أخرى ولكن الراجح ( ستة وستون ) ومنها إماطة الأذى عن الطريق ومنها الحياء من الإيمان والإيمان إذا كان يقبل الزيادة فهو يقبل النقص ومعلوم من تلك الآيات والأحاديث أن الزيادة منشؤها العمل الصالح فالزيادة في الإيمان سببها ومنشؤها العمل الصالح وعلى العكس من ذلك يكون سببا لنقصان الإيمان العمل الطالح ترتب من وراء هذه الحقيقة الشرعية أي أن الإيمان يزيد وينقص ترتب من وراء ذلك خلاف آخر وهو هل يجوز للمسلم أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله أم لا يجوز؟ أيضا في المسألة قولان وهذان القولان يتفرعان على القولين السابقين بيانهما من يقول بأنه لا يجوز للمؤمن أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله سببه أنه يعتقد أن العمل الصالح ليس له علاقة بالإيمان فهو إقرار باللسان واعتقاد بالجنان إذا هنا لا مجال لربط هذا الإيمان إذا ما تحدث عنه بمشيئة الله عز وجل لأن تعليق الأمر بالمشيئة يشعر بأنه في شك مما يقول هذا توجيه قول من يقول لا يجوز الإستثناء في الإيمان لا يجوز للمسلم أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله، أما توجيه قول من يقول بجواز ذلك فوجهه واضح جدا أنه لما كان يعتقد أن من تمام الإيمان العمل الصالح، لا شك أن المسلم مهما كان صالحا ومهما كان عمله الصالح واسعا فهو في نقص ولا شك ولا بد لأن الكمال لله عز وجل، فلا غرابة أن يصحّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال ( إني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة ) وفي رواية ( مئة مرة ) هذا سببه هو شعور الرسول عليه السلام وهو سيد الأنام بأنه مقصّر في التقرّب إلى الله تبارك وتعالى فإذا كان هذا موقف أفضل البشر على الإطلاق فماذا يكون موقف البشر الآخرين؟ فلماذا لا يجوز لهم أن يقولوا أو أن يقول كل منهم أنا مؤمن إن شاء الله؟ وانظروا إلى مثل قوله تعالى حينما يثني على المؤمنين بقوله (( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللّغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون )) إلى آخره فحينما يقول المسلم أنا مؤمن إن شاء الله فمعنى ذلك أنه يشهد مثلا على نفسه بأنه قد صدقت وانطبقت عليه هذه الأوصاف المذكورة في هذه الآيات وفي غيرها من الآيات وفي غيرها من أحاديث صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قال عليه السلام في الحديث الصحيح ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قالوا من هو يا رسول الله؟ قال من بات وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم ) إذًا هذا ليس مؤمنا أي ليس مؤمنا كاملا والأحاديث كثيرة وكثيرة جدا كمثل قوله عليه السلام ( لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له ) والأحاديث في هذا المجال كثيرة وكثيرة جدا جدا إذًا المؤمن الصادق مع الله تبارك وتعالى لا ينبغي أن يقول أنا مؤمن لأنه يشهد بنفسه أنه مؤمن كامل ولا كمال هناك لأنه ليس من السهل أن يحيط بل ليس من الممكن أن يحيط المسلم بالأعمال الصالحة كلها، فإذًا لا يزال المؤمن في عمله ناقصا على هذا جاء قول جمهور العلماء بأنّ المؤمن إذا سئل هل أنت مؤمن؟ يقول أنا مؤمن إن شاء الله، يقول أنا مؤمن خائفا أن يكون مقصّرا أولا تقصيرا يؤاخذ عليه يوم القيامة أي يستحقّ العذاب عليه وآخرا هذا أولا وآخرا وهذا لا بد أن يقع فيه أكمل النّاس وهو ما أشرنا إليه آنفا أن يكون مقصّرا في عبادة الله عز وجل بعد القيام بما فرض الله تبارك وتعالى عليه، إذًا هذا هو الإختلاف الثاني الذي ترتب من الإختلاف الأول هل يقول مسلم أنا مسلم إن شاء الله أم لا يقول قولان كما سمعتم هل وقف الخلاف عند هذين الأمرين أم دخل الخلاف فيما يسمونه بالفروع؟
الإختلاف في الأصول ترتب عليه اختلاف في الفروع كمثل منع تزويج الحنفي بالشافعية لأنها عندهم تشك في إيمانها.
الشيخ : دخل الخلاف هذا المتعلق بالعقيدة أي في الأصول دخل في الفروع، ذلك أنه جاء في بعض كتب الحنفية أن أحد كبارهم سئل هل يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية؟ أي بالمرأة الشافعية أجاب بالنفي قال " لا يجوز " لماذا؟ قال " لأن الشافعية يشكون في إيمانهم ومن شك في إيمانه فقد كفر " هذا الكلام مذكور في غير ما كتاب من كتب الحنفية ويحضرني منها الآن " البحر الرائق شرح كنز الدقائق " لابن نجيم المصري فقد ذكر في باب الكراهية من المكفرات أن يقول المسلم أنا مؤمن إن شاء الله، وفرعوا على هذا ما سمعتم من القول بأن الحنفي لا يجوز له أن يتزوج بامرأة مسلمة لأنها تقول أنا مؤمنة إن شاء الله ومن الملاحظ هنا التجاهل لعقيدة الآخرين والتحامل عليهم بغير حق وذلك من آثار العصبية المذهبية ذلك لأن الحنفية حينما يطلقون هذا الحكم بأن من قال أنا مؤمن إن شاء الله فهو كافر يعلمون أن هذا القائل لا يثق في إيمانه الذي في قلبه وإنما يشك في عمله الذي يقع من جوارحه فالشك عند الشافعية لا ينصب في الإيمان الذي يعرّفه الحنفية الذي هو قول وتصديق لا، هم لا يشكون في هذا وإنما يشكون في آثار الإيمان التي تترتب على الإيمان القوي أو الضعيف فإذا قال أحدهم أنا مؤمن إن شاء الله هو لا يعني هل تشك فيما في قلبك من الإيمان بالله ورسله وكل ما جاء من عند الله؟ الجواب لا، وإنما أشك في عملي الصالح اني مقصر أني كذا إلى آخره فإذا هنا شيئان اثنان أحدهما أمر من الآخر كلاهما مرّ، الأول القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص خلافا لنصوص الكتاب والسنة الآخر تجاهل هذه العقيدة التي يعتقد بها الطرف الآخر من المسلمين وترتيب حكم التكفير عليهم بأنهم خالفوهم في مذهبهم لكن أيضا أريد أن أتساءل هل وقف الأمر إلى هذا الحد من القول بأنه لا يجوز للمسلم أو للحنفي أن يتزوج بالشافعية لأن الشافعيّة يشكون في إيمانهم؟ سمعتم أن هناك فتوى صدرت بأنه لا يجوز وأن من يقول أنا مؤمن إن شاء الله فهو كافر صدرت فتوى فيما بعد من عالم مشهور من علماء الحنفية يلتقي مع القول بتكفير من يقول أنا مؤمن إن شاء الله لكنه يختلف مع تلك الفتوى التي لم تجز للحنفي أن يتزوج بالشافعية ذلك العالم هو المعروف بأبي السّعود مفتي الثّقلين الذي له كتاب التفسير المعروف " بتفسير أبي السعود " هذا العالم الحنفي المفسر سئل نفس السؤال هل يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية؟ فأجاب بقوله " يجوز " إذًا هو تساهل كان جوابه أقرب إلى الصواب من قول من منع ذاك قال لا يجوز أما هذا قال بأنه يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية، لكن لو نظرتم إلى تعليله لقوله بالجواز لعرفتم أن المشكلة خطيرة جدا ذلك لأنه بذاك التعليل يؤكد كفر من يقول أنا مؤمن إن شاء الله لأنه حينما أفتى بالجواز قال " يجوز للحنفي أن يتزوج بالشافعية تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب " أي كما يجوز للمسلم أن يتزوج باليهودية أو النصرانية فيجوز له أي هذا الحنفي أن يتزوج بالشافعية لأنها أهل كتاب هي تؤمن بالقرآن وبحديث الرسول عليه السلام، الشاهد من هذا الموضوع المتسلسل عقيدة وفقها وواقعا أن الإختلاف في الأصول ... الشاهد أن الإختلاف في الأصول يؤدي إلى الإختلاف في الفروع وأن الإختلاف في الفروع هو كالإختلاف في الأصول من حيث أنه يؤدي إلى أن يكفر المسلمون بعضهم بعضا، لذلك الشاهد من هذا كله هو أن لا يتساهل المسلم فيقول لا بأس من الإختلاف لأن الإختلاف إنما هو في الفروع دون الأصول لأن هذا القول يخالف الواقع بشطريه أي أن الإختلاف واقع في الفروع كما هو واقع في الأصول أيضا وأن من الفروع ما يعتبر فيه كالخلاف في الأصول أي إنه يؤدي إلى التكفير، ثم هناك فرق آخر يجب أن نعرفه ألا وهو الذين يقولون ويقسمون الإختلاف إلى قسمين قسم في الفروع فهذا يجوز الإختلاف فيه ويعذر المخطئ فيه، والقسم الآخر اختلاف في الأصول لا يعذر المخطئ فيه فيكون كافرا كل من وقع في مخالفة الشرع في هذا القسم ألا وهو الأصول أي وهو العقيدة هل هذا التفريق أيضا صحيح ومطابق للقرآن وللسنة؟ أي أنه لا بأس من الخلاف في الفروع فهذا ليس كذلك وأنه البأس كل البأس في الخلاف في الأصول وأنه لا يمكن أن يعذر المسلم فيما إذا وقع في خطأ خالف فيه الأصول؟ الجواب هذا ليس بصحيح كذلك الأول ليس بصحيح، أي كما أنه لا يجوز للمسلم أن يتعمد خلاف الكتاب والسنة في الفروع كذلك لا يجوز للمسلم أن يتعمد الخلاف في العقيدة، في الإيمان، في العلميات للكتاب وللسنة هذا مقابل هذا تماما لا فرق بين من يتعمد مخالفة النص في الكتاب والسنة في الفروع كذلك لا فرق بين من يتعمد للقرآن والسنة في الأصول بل هذا مؤاخذ عند الجميع من باب أولى، لكن العكس أيضا هو الصواب أي كما أنه لا يؤاخذ من خالف الحق في الفروع مما جاء في الكتاب والسنة لعذر مهما كان هذا العذر كذلك لا يؤاخذ من خالف الشرع أو النص من كتاب أو سنة في الأصول لا فرق، المهم أو مناط الحكم هو تعمد المخالفة أو عدم تعمد المخالفة فمن تعمد المخالفة في الكتاب للكتاب والسنة في الفروع فهو كالذي يتعمد المخالفة في الأصول، ومن لم يتعمد مخالفة الكتاب والسنة في الأصول فهو كالذي لم يتعمد المخالفة في الفروع هذا التفريق أيضا ليس له نصيب من الصواب.
5 - الإختلاف في الأصول ترتب عليه اختلاف في الفروع كمثل منع تزويج الحنفي بالشافعية لأنها عندهم تشك في إيمانها. أستمع حفظ
الكلام على أهل الفترة.
الشيخ : انظروا الآن الأمر المتفق عليه بين المسلمين كافة ولا نحتاج أن نأتي بأدلة كثيرة لكني سآتي بحديث واحد فقط بعد التذكير بما عليه علماء المسلمين كافة من عدم مؤاخذة من كان من أهل الفترة، من هم أهل الفترة؟ هم قوم أو رجل لم تبلغه دعوة الإسلام فمات وهو لا يعرف الإسلام فهل يؤاخذ - يرحمك الله - فهل يؤاخذ هذا الإنسان على كفره يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟ الجواب أهل الفترة لا يؤاخذون إذاً هؤلاء خالفوا في ماذا في الفروع خالفوا في الأصول، خالفوا الإسلام جذريا فهو لم يؤمن بالإسلام فلماذا لا يؤاخذ؟ لأنه لم تبلغه دعوة الإسلام ربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) وهنا لا بد لي من وقفة يسيرة أرجو أن لا تطول لأن كثيرا من الناس يغفلون وربما بعضهم يتغافلون عن المقصود الحق من هذه الآية (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) يجب تفسيرها بوجهين اثنين ما كنا معذبين قوما أو ناسا حتى نبعث رسولا إليهم مباشرة أو حتى تصل إليهم دعوة الرسول مباشرة أي ليس من الضروري أن يصل إلى الذين يعذبون وتقام عليهم الحجة شخص نبي بذاته ويبلغهم رسالة ربه من فمه إلى آذانهم هذا ليس شرطا هذا يقع لكن إذا كان هناك ناس لم يأتهم رسول مباشرة لكن جاءتهم دعوة الرسول بواسطة الأصحاب والأتباع وهكذا هؤلاء هل يعذبهم رب العالمين ولم يأتهم رسول مباشرة؟ الجواب نعم لأنه ليس المقصود من وصول شخص الرسول إليهم هو شخصه وإنما هي دعوته فإذا وصلت دعوة رسول ما إلى قوم ما فقد أقيمت الحجة عليهم ولهذا أردت أن أقول أنه ينبغي أن لا يشكل على بعض الناس بعض الأحاديث التي ترد في الصحيحين في البخاري ومسلم فيها التصريح بمؤاخذة بعض المشركين والكفار الذين كانوا موجودين قبل بعثة الرسول عليه السلام وماتوا قبل هذه البعثة هناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدا تؤكد أن هناك ناس أفراد من المشركين ماتوا ولم يدركوا زمن بعثة الرسول عليه السلام ومع ذلك فهم معذّبون في النّار أحاديث كثيرة لنذكر مثلا ما يحضرنا من ذلك جاء في الصحيح أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لما خسفت الشمس قام يصلي صلاة الكسوف صلاة طويلة جدا فرؤي عليه الصلاة والسلام وهو يصلّي يتقدّم عن مكان مصلاّه كأنّه يريد أن يقبض شيئا ثم بعد قليل رُئي عليه الصلاة والسلام وهو يتأخر خلفه حتى تضعضعت الصفوف من خلفه تداخلت بعضها في بعض ثم أتم عليه السلام صلاته حينما سلم سئل عليه الصلاة والسلام عن مده يده وعن تقهقره خلفه فأجاب بأنه عليه السلام قال ( لقد مثلت الجنة والنار لي في حائطكم هذا ) مثلت له الجنة والنار فرأى الجنة ورأى فيها من عنبها فأراد أن يقتطف عنقودا منها لكنه لم يفعل لأن طعام الجنة محرم عليهم حتى يدخلوها ثم تمثلت له النار في هذا الجدار الذي كان الرسول يصلي إليه حتى شعر بلهيبها ولفح نارها فتقهقر حتى تداخلت الصفوف.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال عليه الصلاة والسلام ( فرأيت في النار صاحب المحجن ورأيت في النار المرأة العجوز التي ربطت الهرة ) أما صاحب المحجن، المحجن هي العصاة التي لها عكفة هذه يستعملها بعض مشايخ الصوفية وكان يستعملها الأعراب في أسفارهم حينما يضعونها على أكتافهم ويعلقون عليها زادهم ويمشون هذا صاحب المحجن يحدثنا الرسول عليه السلام أنه رآه يعذب في النار لماذا؟ لأنه كان يتعمّد الخروج مع محجنه واضعا له على كتفه في موسم الحج فيمر بالناس وهم راكبون على جمالهم وعليها زادهم فيحاول أن يعلّق المحجن بشيء من الثياب المعلّقة بالرّحال الموضوعة على الجمال فإن تعلق شيء من الثّياب ولم يحسّ الراكب أخذه وسار وإن أحسّ قال محجني أنا ما تعمدت ذلك محجني فرآه عليه الصلاة والسلام يعذب في النار كذلك رأى تلك المرأة كيف رآها تعذب تركض تهرب والهر يهجم عليها ويعضها وهكذا هي تدور في النار وكلما هربت عضتها الهر لماذا؟ قال عليه الصلاة والسلام ( لأنها ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) كذلك جاء في الحديث الصّحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى عمرو بن لحي وأقتابه أمعاءه مسارينه مندلقة في جهنم يعذب فيها لماذا؟ لأنه كان أول من جاء بالأصنام إلى الجزيرة العربية رآه يعذب كذلك مثلا هذه أحاديث كلها صحيحة لا غبار عليها كذلك جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راكبا يوما على بغلته فمر بقبرين ... به فسأل ( ما هذان؟ ) قالوا " ماتا في الجاهلية " فقال عليه الصلاة والسلام ( لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر ) هذا يعني أن البغلة حينما مرت بالقبرين سمعت العذاب بالقبرين فشمست به عليه السلام فقال عليه السلام ( لولا أن تدافنوا ) أي لولا أني أخشى أنني إذا أسمعتكم عذاب القبر لا يبقى منكم أحد حيا بحيث لا يبقى من يدفن الميت تموتون جميعا فلذلك لا أسمعكم عذاب القبر وهذا كناية عن هول العذاب الذي يلقاه الكفار في قبورهم ومن هؤلاء الكفار هذان صاحبا القبرين الذين ماتا في الجاهلية، وإذا عرفتم هذه الحقيقة فلا بد أن نختم هذه الأحاديث بالحديث المشهور الذي يرده وينكره كثير من أهل البدعة وأهل الرأي الذين أولا لا يمشون مع السنة والكتاب، وثانيا يتّبعون أهواءهم وعواطفهم أعني بذلك ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أين أبي؟ قال ( في النار ) فرجع السائل حزينا فقال عليه السلام ( هاتوا الرجل، فقال له إن أبي وأباك في النار ) كأنه يقول له لا يعظم عليك أمر أبيك أن يكون في النار لأنه مات مشركا فأبي وأنا سيد البشر وصاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة أبي مع أبيك في النار إذًا إذا كان والد الرسول عليه السلام مات والرسول بعد في بطن أمه لم يبعث فأولى وأولى أن يعذّب من ليس بهذه النسبة مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بسبب كفره في الجاهلية يضاف إلى هذا الحديث ما يتعلق بأمه عليه السلام وهو في " صحيح مسلم " حيث جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبر أمه في طريقه إلى مكة في بعض عمره حاد عن الطريق فوقف عند القبر يبكي فسأله بعض أصحابه وفي بعض الروايات أنه عمر قال يا رسول الله مالك تبكي؟ قال ( إني استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي وإني استأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي ) فنفهم من التفسير السابق للآية ومن هذه الأحاديث أن أهل الفترة ليسوا هم الذين لم يأتهم شخص الرسول وإنما هم الذين لم تأتهم دعوة الرسول والعرب لما كان قد جاءهم إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت كما في القرآن ولذلك هم توارثوا الحج إلى بيت الله الحرام بسبب الدعوة التي جاءتهم عن أبينا إبراهيم وابنهم إسماعيل عليهما السلام لذلك فالعرب في الجاهلية قبل بعثة الرسول عليه السلام لا يجوز أن نطلق عليهم أنهم من أهل الفترة ذلك لسببين يفهم من هذا خلاصة ما سبق، السبب الأول: أنهم جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل السبب الثاني تلك الأحاديث الكثيرة التي صرحت في خصوص أشخاص ماتوا في الجاهلية ومع ذلك فهم يعذبون إذًا عذاب وأهل فترة لا يجتمعان فإذا كان هناك شخص أو أشخاص يعذّبون فذلك دليل على أن هؤلاء ليسوا من أهل الفترة لأنهم جاءتهم دعوة الرسول وعلى ذلك إذا تبينت لنا هذه الحقيقة الآن نحن معشر المسلمين في أول القرن الخامس عشر من الهجرة هل نحن من أهل الفترة؟ الجواب لا، لكننا إذا وقفنا عند الآية عند ظاهرها (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي بشخص الرسول فمعناه نحن ما جاءنا الرسول لأن الرسول يقول ( ألا إن النبوة والرسالة قد انقطعت من بعدي فلا رسول ولا نبي بعدي ) إذا نحن ما جاءنا رسول لكن جاءتنا دعوة رسول على هذا يجب أن نفسر الآية السابقة (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) حينئذ لا يجوز رد حديث الأبوين بآية (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) لأنهم قد جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام أظنك الآن عرفت الدليل ولو أنك استعجلت بالسؤال عنه فقد كان يأتيك نعم.
السائل : كان قصدي من سؤالي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للعالمين ولكن الأنبياء قبله يبعثون للشعوب للأقوام فإذا القوم الذين لم يبعث لهم النبي هم من أهل الفترة، والعرب ليسوا منهم فإذا هو صحيح شعب إذا كان يجاوره شعب أرسل له النبي فالمسؤول شعب الذي أرسل له النبي وليس المسؤول الشعب المجاور له هذا كان قصدي من السؤال.
الشيخ : مش واضح، اسمح لي إن كنت فهمت فأعيد عليك ما فهمت كأنك تريد أن تقول أن أي شخص جاءته دعوة الرسول هو ليس من قومه فكفر بهذه الدعوة فهو معذور.
السائل : هذا قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : أنا عارف قبل محمد أتريد ان تقول هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب ما هو الدليل على هذا الكلام؟
السائل : المفهوم الأول من الآية.
الشيخ : وهو؟
السائل : وهو أن القوم لا يعذب حتى يبعث لهم رسول.
الشيخ : إذا تعود تقول أن معنى الآية شخص الرسول.
السائل : إلى القوم وليس إلى الشخص.
الشيخ : لا الرسول، الآية نحن فصلنا آنفا ان الآية تعني وصول شخص الرسول بدعوته وهو وصول الدعوة بدون شخصه فهل أنت الآن تعود لتقول أن الآية تعني وصول شخص الرسول مع الدعوة وأنه إذا وصلت الدعوة بدون شخص الرسول فلا تكون الدعوة قائمة بارك الله فيك يا أستاذ أنا أعرف هناك رسول ومرسل ماشي فالآن المرسل هو قوم أو شخص مش مهم المرسل إليه، نحن الآن بحثنا في الرسول هل تفهم الآية على حسب ما شرحت أن المقصود من الآية أمران اثنان تارة شخص الرسول بدعوته وتارة دعوته دون شخصه هل أنت معي في هذا وفي كلامك وسؤالك الأخير أم أنت تريد أن تقول أي شخص جاءته دعوة رسول ليس مقرونا هذه الدعوة بشخص الرسول فيكون غير مؤاخذ هل هذا تعنيه؟
السائل : قصدي كان من قبل محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان ... لبني اسرائيل فهناك في نفس الوقت شاب آخر يعيش مع بني اسرائيل.
الشيخ : أنا عارف بارك الله فيك أنا عارف ماذا تريد لكن أجبني عن سؤالي حتى أتصل معك فيما تريد أنا أستعجل ما دام أنت تقول تؤكد سؤالك وأنا فاهمه جدا لكني ما ني فاهم إيش رأيك في الشرح الذي سبق بيانه هل أنت معنا في أن الدعوة تصل بطريق من طريقين تارة بشخص الرسول وتارة بشخص غير شخص الرسول؟ على كل حال إن كنت لا ترى نفسك متهيئا للجواب فأنا أجيبك عن سؤالك، وأنا فهمت سؤالك وقلت لك ما الدليل؟ أنت تقول مثلا رجل عربي جاءته دعوة نبي إسرائيلي ثم كفر بها فهو من أهل الفترة أنت تريد أن تقول هذا أنا فاهم عليك لكن الجواب عن هذا السؤال يتفرع من الشرح السابق فأنت أبيت أن تجيبني لا بأس أنا سألتك آنفا ما هو الدليل أن كل شخص جاءته دعوة الحق من نبي هو ليس من قبيلته ليس من قومه لأنه ليس من قومه هذا النبي أو هذه الدعوة التي جاء بها ذاك النبي فهو لا يؤاخذ مع أنه جاءته الدعوة.
السائل : هو دليل احتمال مفهوم الآية هناك احتمالين لمفهوم الآية.
الشيخ : وأنا سألتك لماذا ما سألتك عبثا ولذلك لا بد لك أن تجيب حتى نتناقش إما أن تقصد الرسول بشخصه ودعوته وإما أن تقصد الدعوة نفسها ولو بشخص غير شخص الرسول ثم أزيدك على هذا فأقول الآية تنفي عدم المؤاخذة بعدم بلوغ الدعوة صح؟ هل هنا تفصيل وكان النبي يرسل إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة هل في الآية هذا التفصيل؟
السائل : لا.
الشيخ : إذا نحن نقول (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) إما الرسول بشخصه وإما دعوته فأنا افترضت جوابا عن سؤالك أنه جاءته دعوة الرسول لكن هذا الرسول ليس من قومه لكننا نقول لما جاءته هذه الدعوة أقيمت عليه الحجة وأنت تعلم بالمناسبة أقول أن بعض العلماء يقولون لا مش ضروري أن يكون هناك رسالة تصل إلى قوم أو إلى شخص أو أشخاص (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي العقل.
السائل : السلام عليكم.
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال عليه الصلاة والسلام ( فرأيت في النار صاحب المحجن ورأيت في النار المرأة العجوز التي ربطت الهرة ) أما صاحب المحجن، المحجن هي العصاة التي لها عكفة هذه يستعملها بعض مشايخ الصوفية وكان يستعملها الأعراب في أسفارهم حينما يضعونها على أكتافهم ويعلقون عليها زادهم ويمشون هذا صاحب المحجن يحدثنا الرسول عليه السلام أنه رآه يعذب في النار لماذا؟ لأنه كان يتعمّد الخروج مع محجنه واضعا له على كتفه في موسم الحج فيمر بالناس وهم راكبون على جمالهم وعليها زادهم فيحاول أن يعلّق المحجن بشيء من الثياب المعلّقة بالرّحال الموضوعة على الجمال فإن تعلق شيء من الثّياب ولم يحسّ الراكب أخذه وسار وإن أحسّ قال محجني أنا ما تعمدت ذلك محجني فرآه عليه الصلاة والسلام يعذب في النار كذلك رأى تلك المرأة كيف رآها تعذب تركض تهرب والهر يهجم عليها ويعضها وهكذا هي تدور في النار وكلما هربت عضتها الهر لماذا؟ قال عليه الصلاة والسلام ( لأنها ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) كذلك جاء في الحديث الصّحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى عمرو بن لحي وأقتابه أمعاءه مسارينه مندلقة في جهنم يعذب فيها لماذا؟ لأنه كان أول من جاء بالأصنام إلى الجزيرة العربية رآه يعذب كذلك مثلا هذه أحاديث كلها صحيحة لا غبار عليها كذلك جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راكبا يوما على بغلته فمر بقبرين ... به فسأل ( ما هذان؟ ) قالوا " ماتا في الجاهلية " فقال عليه الصلاة والسلام ( لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر ) هذا يعني أن البغلة حينما مرت بالقبرين سمعت العذاب بالقبرين فشمست به عليه السلام فقال عليه السلام ( لولا أن تدافنوا ) أي لولا أني أخشى أنني إذا أسمعتكم عذاب القبر لا يبقى منكم أحد حيا بحيث لا يبقى من يدفن الميت تموتون جميعا فلذلك لا أسمعكم عذاب القبر وهذا كناية عن هول العذاب الذي يلقاه الكفار في قبورهم ومن هؤلاء الكفار هذان صاحبا القبرين الذين ماتا في الجاهلية، وإذا عرفتم هذه الحقيقة فلا بد أن نختم هذه الأحاديث بالحديث المشهور الذي يرده وينكره كثير من أهل البدعة وأهل الرأي الذين أولا لا يمشون مع السنة والكتاب، وثانيا يتّبعون أهواءهم وعواطفهم أعني بذلك ما رواه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله أين أبي؟ قال ( في النار ) فرجع السائل حزينا فقال عليه السلام ( هاتوا الرجل، فقال له إن أبي وأباك في النار ) كأنه يقول له لا يعظم عليك أمر أبيك أن يكون في النار لأنه مات مشركا فأبي وأنا سيد البشر وصاحب الشفاعة الكبرى يوم القيامة أبي مع أبيك في النار إذًا إذا كان والد الرسول عليه السلام مات والرسول بعد في بطن أمه لم يبعث فأولى وأولى أن يعذّب من ليس بهذه النسبة مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بسبب كفره في الجاهلية يضاف إلى هذا الحديث ما يتعلق بأمه عليه السلام وهو في " صحيح مسلم " حيث جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبر أمه في طريقه إلى مكة في بعض عمره حاد عن الطريق فوقف عند القبر يبكي فسأله بعض أصحابه وفي بعض الروايات أنه عمر قال يا رسول الله مالك تبكي؟ قال ( إني استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي وإني استأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي ) فنفهم من التفسير السابق للآية ومن هذه الأحاديث أن أهل الفترة ليسوا هم الذين لم يأتهم شخص الرسول وإنما هم الذين لم تأتهم دعوة الرسول والعرب لما كان قد جاءهم إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل وهما يرفعان القواعد من البيت كما في القرآن ولذلك هم توارثوا الحج إلى بيت الله الحرام بسبب الدعوة التي جاءتهم عن أبينا إبراهيم وابنهم إسماعيل عليهما السلام لذلك فالعرب في الجاهلية قبل بعثة الرسول عليه السلام لا يجوز أن نطلق عليهم أنهم من أهل الفترة ذلك لسببين يفهم من هذا خلاصة ما سبق، السبب الأول: أنهم جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل السبب الثاني تلك الأحاديث الكثيرة التي صرحت في خصوص أشخاص ماتوا في الجاهلية ومع ذلك فهم يعذبون إذًا عذاب وأهل فترة لا يجتمعان فإذا كان هناك شخص أو أشخاص يعذّبون فذلك دليل على أن هؤلاء ليسوا من أهل الفترة لأنهم جاءتهم دعوة الرسول وعلى ذلك إذا تبينت لنا هذه الحقيقة الآن نحن معشر المسلمين في أول القرن الخامس عشر من الهجرة هل نحن من أهل الفترة؟ الجواب لا، لكننا إذا وقفنا عند الآية عند ظاهرها (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي بشخص الرسول فمعناه نحن ما جاءنا الرسول لأن الرسول يقول ( ألا إن النبوة والرسالة قد انقطعت من بعدي فلا رسول ولا نبي بعدي ) إذا نحن ما جاءنا رسول لكن جاءتنا دعوة رسول على هذا يجب أن نفسر الآية السابقة (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) حينئذ لا يجوز رد حديث الأبوين بآية (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) لأنهم قد جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام أظنك الآن عرفت الدليل ولو أنك استعجلت بالسؤال عنه فقد كان يأتيك نعم.
السائل : كان قصدي من سؤالي أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث للعالمين ولكن الأنبياء قبله يبعثون للشعوب للأقوام فإذا القوم الذين لم يبعث لهم النبي هم من أهل الفترة، والعرب ليسوا منهم فإذا هو صحيح شعب إذا كان يجاوره شعب أرسل له النبي فالمسؤول شعب الذي أرسل له النبي وليس المسؤول الشعب المجاور له هذا كان قصدي من السؤال.
الشيخ : مش واضح، اسمح لي إن كنت فهمت فأعيد عليك ما فهمت كأنك تريد أن تقول أن أي شخص جاءته دعوة الرسول هو ليس من قومه فكفر بهذه الدعوة فهو معذور.
السائل : هذا قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : أنا عارف قبل محمد أتريد ان تقول هذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب ما هو الدليل على هذا الكلام؟
السائل : المفهوم الأول من الآية.
الشيخ : وهو؟
السائل : وهو أن القوم لا يعذب حتى يبعث لهم رسول.
الشيخ : إذا تعود تقول أن معنى الآية شخص الرسول.
السائل : إلى القوم وليس إلى الشخص.
الشيخ : لا الرسول، الآية نحن فصلنا آنفا ان الآية تعني وصول شخص الرسول بدعوته وهو وصول الدعوة بدون شخصه فهل أنت الآن تعود لتقول أن الآية تعني وصول شخص الرسول مع الدعوة وأنه إذا وصلت الدعوة بدون شخص الرسول فلا تكون الدعوة قائمة بارك الله فيك يا أستاذ أنا أعرف هناك رسول ومرسل ماشي فالآن المرسل هو قوم أو شخص مش مهم المرسل إليه، نحن الآن بحثنا في الرسول هل تفهم الآية على حسب ما شرحت أن المقصود من الآية أمران اثنان تارة شخص الرسول بدعوته وتارة دعوته دون شخصه هل أنت معي في هذا وفي كلامك وسؤالك الأخير أم أنت تريد أن تقول أي شخص جاءته دعوة رسول ليس مقرونا هذه الدعوة بشخص الرسول فيكون غير مؤاخذ هل هذا تعنيه؟
السائل : قصدي كان من قبل محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان ... لبني اسرائيل فهناك في نفس الوقت شاب آخر يعيش مع بني اسرائيل.
الشيخ : أنا عارف بارك الله فيك أنا عارف ماذا تريد لكن أجبني عن سؤالي حتى أتصل معك فيما تريد أنا أستعجل ما دام أنت تقول تؤكد سؤالك وأنا فاهمه جدا لكني ما ني فاهم إيش رأيك في الشرح الذي سبق بيانه هل أنت معنا في أن الدعوة تصل بطريق من طريقين تارة بشخص الرسول وتارة بشخص غير شخص الرسول؟ على كل حال إن كنت لا ترى نفسك متهيئا للجواب فأنا أجيبك عن سؤالك، وأنا فهمت سؤالك وقلت لك ما الدليل؟ أنت تقول مثلا رجل عربي جاءته دعوة نبي إسرائيلي ثم كفر بها فهو من أهل الفترة أنت تريد أن تقول هذا أنا فاهم عليك لكن الجواب عن هذا السؤال يتفرع من الشرح السابق فأنت أبيت أن تجيبني لا بأس أنا سألتك آنفا ما هو الدليل أن كل شخص جاءته دعوة الحق من نبي هو ليس من قبيلته ليس من قومه لأنه ليس من قومه هذا النبي أو هذه الدعوة التي جاء بها ذاك النبي فهو لا يؤاخذ مع أنه جاءته الدعوة.
السائل : هو دليل احتمال مفهوم الآية هناك احتمالين لمفهوم الآية.
الشيخ : وأنا سألتك لماذا ما سألتك عبثا ولذلك لا بد لك أن تجيب حتى نتناقش إما أن تقصد الرسول بشخصه ودعوته وإما أن تقصد الدعوة نفسها ولو بشخص غير شخص الرسول ثم أزيدك على هذا فأقول الآية تنفي عدم المؤاخذة بعدم بلوغ الدعوة صح؟ هل هنا تفصيل وكان النبي يرسل إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة هل في الآية هذا التفصيل؟
السائل : لا.
الشيخ : إذا نحن نقول (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) إما الرسول بشخصه وإما دعوته فأنا افترضت جوابا عن سؤالك أنه جاءته دعوة الرسول لكن هذا الرسول ليس من قومه لكننا نقول لما جاءته هذه الدعوة أقيمت عليه الحجة وأنت تعلم بالمناسبة أقول أن بعض العلماء يقولون لا مش ضروري أن يكون هناك رسالة تصل إلى قوم أو إلى شخص أو أشخاص (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )) أي العقل.
اضيفت في - 2016-07-01
الحجم ( 7.40 ميغابايت )
التنزيل ( 925 )
الإستماع ( 155 )