كتاب الزهد والرقائق-339
الشيخ عبد المحسن العباد
صحيح مسلم
الحجم ( 7.39 ميغابايت )
التنزيل ( 581 )
الإستماع ( 63 )


2 - قال جابر : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : ( انقادي علي بإذن الله ) فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال : ( انقادي علي بإذن الله ) فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال : ( التئما علي بإذن الله ) فالتأمتا . قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد - وقال محمد بن عباد - فيتبعد فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا - وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا - ثم أقبل، فلما انتهى إلي قال : ( يا جابر هل رأيت مقامي؟ ) قلت: نعم، يا رسول الله قال : ( فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك )، قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته، فقلت: قد فعلت، يا رسول الله فعم ذاك؟ قال : ( إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت، بشفاعتي، أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين ) . أستمع حفظ

9 - حدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب، يقول : جاء أبو بكر الصديق إلى أبي في منزله، فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث معي ابنك يحمله معي إلى منزلي، فقال لي أبي: احمله، فحملته، وخرج أبي معه ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، أسرينا ليلتنا كلها، حتى قام قائم الظهيرة، وخلا الطريق فلا يمر فيه أحد، حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل، لم تأت عليه الشمس بعد، فنزلنا عندها، فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا، ينام فيه النبي صلى الله عليه وسلم في ظلها، ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت: نم، يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك، فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براعي غنم مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها الذي أردنا، فلقيته فقلت: لمن أنت؟ يا غلام فقال: لرجل من أهل المدينة، قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم، قلت: أفتحلب لي؟ قال: نعم، فأخذ شاة، فقلت له: انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى - قال: فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض - فحلب لي، في قعب معه، كثبة من لبن، قال: ومعي إداوة أرتوي فيها للنبي صلى الله عليه وسلم، ليشرب منها ويتوضأ، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكرهت أن أوقظه من نومه، فوافقته استيقظ، فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله، فقلت: يا رسول الله اشرب من هذا اللبن، قال: فشرب حتى رضيت، ثم قال : ( ألم يأن للرحيل؟ ) قلت: بلى، قال : فارتحلنا بعدما زالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك، قال: ونحن في جلد من الأرض، فقلت: يا رسول الله أتينا، فقال : ( لا تحزن إن الله معنا ) فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتطمت فرسه إلى بطنها، أرى فقال: إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب فدعا الله، فنجا، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتكم ما هاهنا، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: ووفى لنا . أستمع حفظ

11 - وحدثنيه زهير بن حرب، حدثنا عثمان بن عمر، ح وحدثناه إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا النضر بن شميل، كلاهما عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال : اشترى أبو بكر من أبي رحلا بثلاثة عشر درهما، وساق الحديث، بمعنى حديث زهير، عن أبي إسحاق وقال في حديثه , من رواية عثمان بن عمر: فلما دنا دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساخ فرسه في الأرض إلى بطنه، ووثب عنه، وقال: يا محمد قد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن يخلصني مما أنا فيه، ولك علي لأعمين على من ورائي، وهذه كنانتي، فخذ سهما منها، فإنك ستمر على إبلي وغلماني بمكان كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، قال : ( لا حاجة لي في إبلك ) فقدمنا المدينة ليلا، فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : ( أنزل على بني النجار، أخوال عبد المطلب، أكرمهم بذلك ) فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان والخدم في الطرق، ينادون: يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله . أستمع حفظ