فتاوى عبر الهاتف والسيارة-014
الشيخ محمد ناصر الالباني
فتاوى عبر الهاتف والسيارة
مناقشة الشيخ لأحد الأزاهرة في إثبات صفة العلو لله تبارك وتعالى
الشيخ : قيل حينما أنكروا أن يكون الله استوى على العرش هذا مثال آخر وله علاقة بحياتنا الفكرية والعقائدية القائمة اليوم حينما أنكروا أن الله على العرش كما قال تعالى صراحة (( الرحمن على العرش استوى )) لماذا أنكروه ؟ قالوا لأنه إذا قلنا استوى بمعنى استعلى معناه حطيناه في مكان والله منزه عن المكان
هذا أيضا جاء من ضيق عقلهم وتفكيرهم والحقيقة كما يقول أيضا ابن القيم تبعا لابن تيمية أن المعتزلة أمثالهم حينما يتأولون النصوص يتقدم تأويلهم أنهم فهموا من النصوص التشبيه فهموا أن الرحمن استوى مثلما بيستوي الشيخ على كرسيه أو السلطان على عرشه وهو عز وجل لا ينبغي أن يكون كذلك ليه ؟ إذا استوى ليس معناه استعلى معنى التأويل أنه سبق إلى ذهنه التشبيه وإلا لو لم يفهموا التشبيه ما كان بهم الحاجة إلى تأويل وأنا أفصل لكم هذا لضرورة المسألة هم فهموا أن الخالق كالمخلوق من جملة أن المخلوق لو أزيل عنه الكرسي لوقع على أم رأسه الله عز وجل قال : (( ليس كمثله شيء )) فإذن الله حينما استوى أي استعلى على العرش ليس كالإنسان ولذلك جاء في كلام بعض العلماء في هذه النقطة بالذات شعر فقهاء فيه علم قال :
" ورب العرش فوق العرش *** لكن بلا وقت التمكن واتصال "
يعني قال تعالى : (( فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) فهو غني عن العرش أن يجلس عليه فإنما له تبارك وتعالى صفة العلو وكما قلت مرارا وتكرارا إلى آخره في موسم مضى في الحج التقينا أو جاءنا رجل من علماء الأزهر وجرى حديث طويل بيني وبينه في هذه القضية من جملتها قلنا له أليس الله كان ولا شيء معه قال نعم قلنا هذه نقطة تلاقي بيننا لا خلاف بيننا الحمد لله قلنا له أين كان الله ولا شيء معه هل كان في مكان ؟ قال لا قلت وهذا هو ... فالله عز وجل لما خلق الخلق بعد أن كان عدما هل دخل فيه ... أم بقي مستغنيا عن خلقه ؟ قال : بقي مستغنيا عن خلقه قلنا إذ بقي مستغنيا عن خلقه هل هو لا يزال ليس في مكان كما اتفقنا آنفا قال : نعم ليس في مكان إذن الله ليس في مكان قبل الخلق وبعد الخلق قلت له : المكان شيء وجودي أم عدمي يعني يتخيله في الذهن أم له وجود حقيقي ؟ قال : له وجود حقيقي مكان ... إلى آخره هذه كانت الخطوة الأولى للتلاقي معه ... قلت ولما خلق الله الخلق هل ظل كما كان مستغني عن الخلق وليس في مكان؟ ؟ قال : نعم قلنا لما الله خلق الخلق العقل الآن يحكم .. بشوف ... والشرع طبعا هو المرجح العقل يقول إما أن يكون الله عز وجل حينما خلق الخلق هو فوق الخلق ... وإما أن يكون خلق خلقه فوق ذاته ... هل تنكر هذا ؟ لم يبق إلا الأمر الأول أن يكون الله عز وجل فوق المخلوقات هذه الفوقية التي يحكم بها العقل ضرورة هي التي أخبر الله ... (( الرحمن على العرش استوى )) أي : استعلى ومنها آية نقرؤها ونمر عليها مرور الكرام ولا نتنبه أن الله عز وجل ... أنهم يؤمنون بهذه الصفة فيقول تبارك وتعالى : (( يخافون ربهم من فوقهم )) يعني نؤمن حينما يخشى الله إما دائما وأبدا وهذا من صفة الأنبياء والرسل وإما أحيانا ... أنه يخاف ربه على العرش استوى فإذن هذه الآية من جملة الآيات التي تثبت فوقية الله على عرشه وعلى خلقه جميعا قلت للشيخ ما رأيك هل أنت تؤمن معي بهذا الكلام ؟ قال نعم قلت فأين المكان الذي تدعيه المكان هو طبيعة المخلوق الله عز وجل ... حيث لا مكان ولا زمان لأن الله الآن ... كان الله ولا شيء معه ... قال : لا فلما تسلسلنا معه في البحث وصلنا إلى نقاط تلاقينا فيها لكن لا هو شعر أنا أثبتنا لله مكانا ... مكانا؟ قلت له إذا لماذا تتهمون السلفيين الذين يثبتون ما وصف الله به نفسه منها صفة الفوقية وصفة العلو أنهم حصروه في مكان لكن الحقيقة ... الذين أنكروا صفة الله هذه بأنه فوق مخلوقاته كلها هم الذين حصروه في مكان والدليل على هذا الذي أقول ... ما بين عالم وجاهل لا فرق في ذلك بينهم هم الذين يقولون الله موجود في كل مكان ... إنكار ما جاء في كتاب الله في حديث رسول الله أن الله ليس فوق المخلوقات لأنه فوق المخلوقات مكان ما فيه كما شرحنا لكم لأنه عدم كان الله ولا شيء معه إطلاقا فلما خلق المخلوقات بخلق المخلوقات وجد الزمان ووجد المكان فهو ما حل بهذا المكان ولا حل بهذا الزمان فإذن الله مستغني عن المخلوقات بما فيه الزمان وبما فيه المكان فالله ليس في مكان هذه عقيدة أهل السنة أو السلفيين بالعبارة الصريحة أما جماهير الناس اليوم فهم يقولون عبارتين كلتاهما تؤديان إلى ضلال واحد يقولون الله موجود في كل مكان أو الله موجود في كل الوجود الله موجود في كل مكان هذا مكانه وهو ... فالله في كل هذه الأمكنة؟ هذا معنى كلام الناس الله موجود في كل مكان في ... في المراحيض في ... إلى آخره المكان اسم جنس يشمل مكان طاهر ومكان قذر فلما بيقول القائل الله موجود في كل مكان يعني هو في كل الأمكنة هذه الطاهرة والقذرة مع أنه لا يجوز للمسلم أن يقول إن الله موجود في الأمكنة الطاهرة ما يجوز أن يقول هذا لأننا إذا قلنا الله موجود في الأمكنة الطاهرة فقد حصرناه وهو مستغن عن خلقه جميعا وهو فوق السموات كلها .
هذا أيضا جاء من ضيق عقلهم وتفكيرهم والحقيقة كما يقول أيضا ابن القيم تبعا لابن تيمية أن المعتزلة أمثالهم حينما يتأولون النصوص يتقدم تأويلهم أنهم فهموا من النصوص التشبيه فهموا أن الرحمن استوى مثلما بيستوي الشيخ على كرسيه أو السلطان على عرشه وهو عز وجل لا ينبغي أن يكون كذلك ليه ؟ إذا استوى ليس معناه استعلى معنى التأويل أنه سبق إلى ذهنه التشبيه وإلا لو لم يفهموا التشبيه ما كان بهم الحاجة إلى تأويل وأنا أفصل لكم هذا لضرورة المسألة هم فهموا أن الخالق كالمخلوق من جملة أن المخلوق لو أزيل عنه الكرسي لوقع على أم رأسه الله عز وجل قال : (( ليس كمثله شيء )) فإذن الله حينما استوى أي استعلى على العرش ليس كالإنسان ولذلك جاء في كلام بعض العلماء في هذه النقطة بالذات شعر فقهاء فيه علم قال :
" ورب العرش فوق العرش *** لكن بلا وقت التمكن واتصال "
يعني قال تعالى : (( فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )) فهو غني عن العرش أن يجلس عليه فإنما له تبارك وتعالى صفة العلو وكما قلت مرارا وتكرارا إلى آخره في موسم مضى في الحج التقينا أو جاءنا رجل من علماء الأزهر وجرى حديث طويل بيني وبينه في هذه القضية من جملتها قلنا له أليس الله كان ولا شيء معه قال نعم قلنا هذه نقطة تلاقي بيننا لا خلاف بيننا الحمد لله قلنا له أين كان الله ولا شيء معه هل كان في مكان ؟ قال لا قلت وهذا هو ... فالله عز وجل لما خلق الخلق بعد أن كان عدما هل دخل فيه ... أم بقي مستغنيا عن خلقه ؟ قال : بقي مستغنيا عن خلقه قلنا إذ بقي مستغنيا عن خلقه هل هو لا يزال ليس في مكان كما اتفقنا آنفا قال : نعم ليس في مكان إذن الله ليس في مكان قبل الخلق وبعد الخلق قلت له : المكان شيء وجودي أم عدمي يعني يتخيله في الذهن أم له وجود حقيقي ؟ قال : له وجود حقيقي مكان ... إلى آخره هذه كانت الخطوة الأولى للتلاقي معه ... قلت ولما خلق الله الخلق هل ظل كما كان مستغني عن الخلق وليس في مكان؟ ؟ قال : نعم قلنا لما الله خلق الخلق العقل الآن يحكم .. بشوف ... والشرع طبعا هو المرجح العقل يقول إما أن يكون الله عز وجل حينما خلق الخلق هو فوق الخلق ... وإما أن يكون خلق خلقه فوق ذاته ... هل تنكر هذا ؟ لم يبق إلا الأمر الأول أن يكون الله عز وجل فوق المخلوقات هذه الفوقية التي يحكم بها العقل ضرورة هي التي أخبر الله ... (( الرحمن على العرش استوى )) أي : استعلى ومنها آية نقرؤها ونمر عليها مرور الكرام ولا نتنبه أن الله عز وجل ... أنهم يؤمنون بهذه الصفة فيقول تبارك وتعالى : (( يخافون ربهم من فوقهم )) يعني نؤمن حينما يخشى الله إما دائما وأبدا وهذا من صفة الأنبياء والرسل وإما أحيانا ... أنه يخاف ربه على العرش استوى فإذن هذه الآية من جملة الآيات التي تثبت فوقية الله على عرشه وعلى خلقه جميعا قلت للشيخ ما رأيك هل أنت تؤمن معي بهذا الكلام ؟ قال نعم قلت فأين المكان الذي تدعيه المكان هو طبيعة المخلوق الله عز وجل ... حيث لا مكان ولا زمان لأن الله الآن ... كان الله ولا شيء معه ... قال : لا فلما تسلسلنا معه في البحث وصلنا إلى نقاط تلاقينا فيها لكن لا هو شعر أنا أثبتنا لله مكانا ... مكانا؟ قلت له إذا لماذا تتهمون السلفيين الذين يثبتون ما وصف الله به نفسه منها صفة الفوقية وصفة العلو أنهم حصروه في مكان لكن الحقيقة ... الذين أنكروا صفة الله هذه بأنه فوق مخلوقاته كلها هم الذين حصروه في مكان والدليل على هذا الذي أقول ... ما بين عالم وجاهل لا فرق في ذلك بينهم هم الذين يقولون الله موجود في كل مكان ... إنكار ما جاء في كتاب الله في حديث رسول الله أن الله ليس فوق المخلوقات لأنه فوق المخلوقات مكان ما فيه كما شرحنا لكم لأنه عدم كان الله ولا شيء معه إطلاقا فلما خلق المخلوقات بخلق المخلوقات وجد الزمان ووجد المكان فهو ما حل بهذا المكان ولا حل بهذا الزمان فإذن الله مستغني عن المخلوقات بما فيه الزمان وبما فيه المكان فالله ليس في مكان هذه عقيدة أهل السنة أو السلفيين بالعبارة الصريحة أما جماهير الناس اليوم فهم يقولون عبارتين كلتاهما تؤديان إلى ضلال واحد يقولون الله موجود في كل مكان أو الله موجود في كل الوجود الله موجود في كل مكان هذا مكانه وهو ... فالله في كل هذه الأمكنة؟ هذا معنى كلام الناس الله موجود في كل مكان في ... في المراحيض في ... إلى آخره المكان اسم جنس يشمل مكان طاهر ومكان قذر فلما بيقول القائل الله موجود في كل مكان يعني هو في كل الأمكنة هذه الطاهرة والقذرة مع أنه لا يجوز للمسلم أن يقول إن الله موجود في الأمكنة الطاهرة ما يجوز أن يقول هذا لأننا إذا قلنا الله موجود في الأمكنة الطاهرة فقد حصرناه وهو مستغن عن خلقه جميعا وهو فوق السموات كلها .
كلام الشيخ رحمه الله على حديث الجارية المثبت لصفة العلو
الشيخ : وأخيرا نروي الحديث الآتي تأكيدا لهذه العقيدة عقيدة استواء الرب على عرشه واستعلائه على جميع خلقه من جهة وكدليل لإبطال التأويل الذي مصيره إنكار الحقائق الإلهية
يروي الإمام مسلم في * صحيحه * عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه ( صلى يوما وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعطس رجل بجانبه فقال له : يرحمك الله ) معاوية بن الحكم السلمي يقول للذي عطس بجانيه يرحمك الله كأنه خارج الصلاة لا يعلم أن هذا كلام ولا يجوز للمصلي أن يتكلم ( فنظر إليه من كان عن جنبيه نظرة إسكات فما كان منه إلا أن انزعج أكثر من قبل وقال : واثكلى أمياه ما لكم تنظرون إليه ) المسكين لبعده عن العلم ما عرف خطأه وأنه يتكلم في الصلاة وأن الكلام مبطل ولو كان بكلمة يرحمك الله أيها العاطس ( فما كان من الصحابة إلا أن أخذوا ضربا على أفخاذهم تسكيتا له يقول معاوية : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة أقبل إلي ) تصوروا نفسية هذا الإنسان الذي شعر بعد ... بعد زمن أنه مخطئ والرسول جاء إلى عنده شو بيتصور بيساوي معه بدو يؤنبه بدو يجهله يا جاهل مثل ما يفعل مشايخنا إلا قليلا منهم يعني إذا واحد أخطأ خطيئة فاحشة يعني يكاد الإنسان من شدة ما بؤنبه أنه يتمنى أن الأرض تبلعه يمكن تصور هذا معاوية أن الرسول عليه السلام اللي جاي إلو بدو بقى يخطئه يؤنبه قال معاوية : ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ فوالله ما ضربني ولا كهرني ولا شتمني وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتكبير وتحميد ) لما رأى معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق اللطيف الناعم كأنه عاد إلى نفسه يحاسبها إنه جاهل فلا بد أن يتعلم لذلك أخذ يلقي على النبي صلى الله عليه وسلم السؤال بعد السؤال فقال : ( يا رسول الله إنا منا أقوام يأتون الكهان ) يعني المنجمين العرافين قال : ( فلا تأتوهم قال يا رسول الله إنا منا أقواما يتطيرون ) يتشاءموا قال : ( فلا يصدنكم ) يعني إذا تشاءم أحدكم لا يتجاوب معها ... في سبيله طبعا هذه كلمات سريعة وتحتاج إلى شرح ربما في وقت مناسبة أخرى إن شاء الله نشرحها ( قال يا رسول الله إنا منا أقواما يخطون ) ضرب في الرمل يعني قال عليه الصلاة والسلام : ( قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطُّه خطَّه فذاك قال : يا رسول الله ) هذه كمان جملة تحتاج إلى شرح فيما بعد قال يا رسول الله وهنا الشاهد ( إن عندي جارية ترعى لي غنما في أحد فسطا الذئب يوما على غنمي فلما أخبرتني وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة ) يعني هو ندمان على ما فعل فيقول : ( وعلي عتق رقبة ) كأنه يسأل الرسول يجزيني أن أعتق هذه الجارية كفارة ظلمي إلها بسبب ... عليها وضربي إياها تلك اللطمة قال عليه السلام : ( ائت بها فلما جاءت سألها الرسول عليه السلام : أين الله ؟ قالت : في السماء قال لها : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله قال لسيدها : اعتقها فإنها مؤمنة ) هذا الحديث في صحيح مسلم فاعتبروا يا أولي الأبصار مع كونه في صحيح مسلم كثير من المشايخ اليوم ينكرون صحة هذا الحديث من حيث الإسناد إسناده من أصح الأسانيد بعضهم ما بيصح أنه ينكره لأن السند صحيح شو بيقول ؟ بيقول الرسول رأى ثقافة الجارية جارية هذه بدوية سايرها في مفاهيمها هي كان ... الله في السماء يعني إنو مو هي الأصنام الموجودة في الأرض هي التي خلقت المخلوقات إنما هو اللي ... الله يعني بيقولوا أن الرسول عليه السلام لما قالت هي في السماء ما تعني يعني فوق وإنما تعني مجرد إثبات أن لهذا الكون خالقا وليست هي الأصنام التي تعبدها أهل الجاهلية
نقول لهم أولا : رسول الله لا يقر على باطل ولو كانت جارية لو كانت بدوية وهل الرسول عليه السلام يعلم المتعلم وإلا يعلم الجاهل فإذا فرضتم أن هذه الجارية جاهلة وتتكلم بالباطل في ظنكم أنتم اللي ما يقول الله في السماء فلما يشوفوا الجواب من الجارية تقولوا هذه الجارية مخطئة في هذا طيب كيف مخطئة والرسول أقرها؟ اقرها لأن هي عنيت معنى مطلقا مجردا عن إثبات أن الله له صفة العلو فنقول لهم : الجارية في الحقيقة يبدو لي من وراء هذه القرون الطويلة أنها أفقه من هؤلاء العلماء لسبب لسببين اثنين :
أنها أولا أثبتت ما أثبت الله في كتابه حيث قال : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا )) فإذن الجارية معناه مثقفة بثقافة القرآن فهي أثبتت وشهدت بما شهد به القرآن فكيف تقولوا هي كانت مخطئة في قولها الله في السماء هذا أولا
ثانيا : هل تعتقدون أن الرسول عليه السلام يقر الباطل قولوا لا فكيف أقر هذه الجارية على هذا القول الذي تنكرونه الجارية تقول إن الله في السماء وأنتم تقولون أن الله ليس في السماء فكيف وقف الرسول عليه السلام تجاه هذه الجارية موقف المقر الباطل الذي أنتم تعتقدون أنه باطل هذا هو إيمانكم برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
هذا الحديث في صحيح مسلم الناس اليوم الذي ينكرون علو الله فوق خلقه ما بين منكر له مع صحته وبين مقر بأن الجارية مخطئة والرسول سايرها في كلامها لأنها قصدت فقط إثبات أن الله هو الخالق هذا من شؤم التأويل الحقيقة اللي يدرس موضوع التأويل يجد له أخطار لا تكاد تنتهي من إنكار آيات ومن إنكار أحاديث صحيحة إما إن كان النص آية فبالتأويل وإن كان النص حديثا إما بطريق الإنكار كما هو الشأن في هذا الحديث أو بطريق التأويل كما يفعل البعض .
يروي الإمام مسلم في * صحيحه * عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه ( صلى يوما وراء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فعطس رجل بجانبه فقال له : يرحمك الله ) معاوية بن الحكم السلمي يقول للذي عطس بجانيه يرحمك الله كأنه خارج الصلاة لا يعلم أن هذا كلام ولا يجوز للمصلي أن يتكلم ( فنظر إليه من كان عن جنبيه نظرة إسكات فما كان منه إلا أن انزعج أكثر من قبل وقال : واثكلى أمياه ما لكم تنظرون إليه ) المسكين لبعده عن العلم ما عرف خطأه وأنه يتكلم في الصلاة وأن الكلام مبطل ولو كان بكلمة يرحمك الله أيها العاطس ( فما كان من الصحابة إلا أن أخذوا ضربا على أفخاذهم تسكيتا له يقول معاوية : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة أقبل إلي ) تصوروا نفسية هذا الإنسان الذي شعر بعد ... بعد زمن أنه مخطئ والرسول جاء إلى عنده شو بيتصور بيساوي معه بدو يؤنبه بدو يجهله يا جاهل مثل ما يفعل مشايخنا إلا قليلا منهم يعني إذا واحد أخطأ خطيئة فاحشة يعني يكاد الإنسان من شدة ما بؤنبه أنه يتمنى أن الأرض تبلعه يمكن تصور هذا معاوية أن الرسول عليه السلام اللي جاي إلو بدو بقى يخطئه يؤنبه قال معاوية : ( فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليّ فوالله ما ضربني ولا كهرني ولا شتمني وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتكبير وتحميد ) لما رأى معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق اللطيف الناعم كأنه عاد إلى نفسه يحاسبها إنه جاهل فلا بد أن يتعلم لذلك أخذ يلقي على النبي صلى الله عليه وسلم السؤال بعد السؤال فقال : ( يا رسول الله إنا منا أقوام يأتون الكهان ) يعني المنجمين العرافين قال : ( فلا تأتوهم قال يا رسول الله إنا منا أقواما يتطيرون ) يتشاءموا قال : ( فلا يصدنكم ) يعني إذا تشاءم أحدكم لا يتجاوب معها ... في سبيله طبعا هذه كلمات سريعة وتحتاج إلى شرح ربما في وقت مناسبة أخرى إن شاء الله نشرحها ( قال يا رسول الله إنا منا أقواما يخطون ) ضرب في الرمل يعني قال عليه الصلاة والسلام : ( قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطُّه خطَّه فذاك قال : يا رسول الله ) هذه كمان جملة تحتاج إلى شرح فيما بعد قال يا رسول الله وهنا الشاهد ( إن عندي جارية ترعى لي غنما في أحد فسطا الذئب يوما على غنمي فلما أخبرتني وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة ) يعني هو ندمان على ما فعل فيقول : ( وعلي عتق رقبة ) كأنه يسأل الرسول يجزيني أن أعتق هذه الجارية كفارة ظلمي إلها بسبب ... عليها وضربي إياها تلك اللطمة قال عليه السلام : ( ائت بها فلما جاءت سألها الرسول عليه السلام : أين الله ؟ قالت : في السماء قال لها : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله قال لسيدها : اعتقها فإنها مؤمنة ) هذا الحديث في صحيح مسلم فاعتبروا يا أولي الأبصار مع كونه في صحيح مسلم كثير من المشايخ اليوم ينكرون صحة هذا الحديث من حيث الإسناد إسناده من أصح الأسانيد بعضهم ما بيصح أنه ينكره لأن السند صحيح شو بيقول ؟ بيقول الرسول رأى ثقافة الجارية جارية هذه بدوية سايرها في مفاهيمها هي كان ... الله في السماء يعني إنو مو هي الأصنام الموجودة في الأرض هي التي خلقت المخلوقات إنما هو اللي ... الله يعني بيقولوا أن الرسول عليه السلام لما قالت هي في السماء ما تعني يعني فوق وإنما تعني مجرد إثبات أن لهذا الكون خالقا وليست هي الأصنام التي تعبدها أهل الجاهلية
نقول لهم أولا : رسول الله لا يقر على باطل ولو كانت جارية لو كانت بدوية وهل الرسول عليه السلام يعلم المتعلم وإلا يعلم الجاهل فإذا فرضتم أن هذه الجارية جاهلة وتتكلم بالباطل في ظنكم أنتم اللي ما يقول الله في السماء فلما يشوفوا الجواب من الجارية تقولوا هذه الجارية مخطئة في هذا طيب كيف مخطئة والرسول أقرها؟ اقرها لأن هي عنيت معنى مطلقا مجردا عن إثبات أن الله له صفة العلو فنقول لهم : الجارية في الحقيقة يبدو لي من وراء هذه القرون الطويلة أنها أفقه من هؤلاء العلماء لسبب لسببين اثنين :
أنها أولا أثبتت ما أثبت الله في كتابه حيث قال : (( أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ *أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا )) فإذن الجارية معناه مثقفة بثقافة القرآن فهي أثبتت وشهدت بما شهد به القرآن فكيف تقولوا هي كانت مخطئة في قولها الله في السماء هذا أولا
ثانيا : هل تعتقدون أن الرسول عليه السلام يقر الباطل قولوا لا فكيف أقر هذه الجارية على هذا القول الذي تنكرونه الجارية تقول إن الله في السماء وأنتم تقولون أن الله ليس في السماء فكيف وقف الرسول عليه السلام تجاه هذه الجارية موقف المقر الباطل الذي أنتم تعتقدون أنه باطل هذا هو إيمانكم برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
هذا الحديث في صحيح مسلم الناس اليوم الذي ينكرون علو الله فوق خلقه ما بين منكر له مع صحته وبين مقر بأن الجارية مخطئة والرسول سايرها في كلامها لأنها قصدت فقط إثبات أن الله هو الخالق هذا من شؤم التأويل الحقيقة اللي يدرس موضوع التأويل يجد له أخطار لا تكاد تنتهي من إنكار آيات ومن إنكار أحاديث صحيحة إما إن كان النص آية فبالتأويل وإن كان النص حديثا إما بطريق الإنكار كما هو الشأن في هذا الحديث أو بطريق التأويل كما يفعل البعض .
ما معنى ( قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه خطه فذاك ) ؟
السائل : ما معنى ( قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه خطه فذاك ) ؟
الشيخ : هذا ألمحت إلى معناه آنفا يقول الرسول عليه السلام في الحديث السابق نبي من الأنبياء كان الله عز وجل قد أنعم عليه بنعمة الضرب بالرمل يتخذ ذلك وسيلة للاطلاع على بعض المغيبات والاطلاع على المغيبات هو من خصوص الأنبياء والرسل لكن الله عز وجل ذاك النبي الذي علمه الضرب بالخط كان ينبئه عن بعض المغيبات بواسطة الرمل بينما الأنبياء الآخرين ينبئهم فورا بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام بمعنى أن الخط على الرمل علم اختص الله به بعض أنبيائه معجزة له يقول الرسول عليه السلام من باب التعليق بالمحال : من وافق خطه اليوم خط ذلك النبي فهو مصيب ومن لا فليس بمصيب وإنما يتعاطى الدجل لأن هذا العلم لم يبق إليه سبيل وطريق لأنه خاص بذاك النبي
هذا بيسموه العلماء تعليق بالمحال وهذا بيكون فيه الجواب بهذا الأسلوب فيه نكتة فهو بدل أن يقول ضرب الرمل باطل يعطيك فائدة أن الضرب بالرمل كان علم لنبي من الأنبياء السابقين ... أن يطابق علمك علم ذلك النبي فأنت الموفق ماذا سيكون الجواب فيه إمكان أن يطابق ضرب رمل إنسان غير موحى إليه ضرب ذلك النبي الموحى إليه هذا اسمه تعليق بالمحال فإذن المقصود فيه تعجيز فيمكنك أن تعيد الأيام التي فاتك الصلاة فيها فاقض طبعا هو بيعرف ... أن ... لاقضاء كذلك هنا إن كان باستطاعته أن يوافق خطه خط ذلك النبي فهو مصيب وموفق وهو يعلم أن ذاك النبي مضى وانقضى وراح بمعجزته ككل الأنبياء الذين ذهبوا بمعجزاتهم فإذن خلاصة معنى فمن وافق خطه خطه فذاك هذا تعليق بالمستحيل فلا يمكن موافقة الخط اليوم ... المنجمين خط ذلك النبي إذن فالضرب بالرمل أمر غير مشروع لأنه تعليق بالمحال كتعليق قضاء الصلاة بإعادة الأيام وأخيرا أسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يلهمنا أن نسلك منهج السلف الصالح في فهم الشريعة ويحفظنا ويصونا عن أن ننحرف يمينا أو يسارا كما وقع في ذلك كثير من الطوائف المنتمية إلى الإسلام .
الشيخ : هذا ألمحت إلى معناه آنفا يقول الرسول عليه السلام في الحديث السابق نبي من الأنبياء كان الله عز وجل قد أنعم عليه بنعمة الضرب بالرمل يتخذ ذلك وسيلة للاطلاع على بعض المغيبات والاطلاع على المغيبات هو من خصوص الأنبياء والرسل لكن الله عز وجل ذاك النبي الذي علمه الضرب بالخط كان ينبئه عن بعض المغيبات بواسطة الرمل بينما الأنبياء الآخرين ينبئهم فورا بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام بمعنى أن الخط على الرمل علم اختص الله به بعض أنبيائه معجزة له يقول الرسول عليه السلام من باب التعليق بالمحال : من وافق خطه اليوم خط ذلك النبي فهو مصيب ومن لا فليس بمصيب وإنما يتعاطى الدجل لأن هذا العلم لم يبق إليه سبيل وطريق لأنه خاص بذاك النبي
هذا بيسموه العلماء تعليق بالمحال وهذا بيكون فيه الجواب بهذا الأسلوب فيه نكتة فهو بدل أن يقول ضرب الرمل باطل يعطيك فائدة أن الضرب بالرمل كان علم لنبي من الأنبياء السابقين ... أن يطابق علمك علم ذلك النبي فأنت الموفق ماذا سيكون الجواب فيه إمكان أن يطابق ضرب رمل إنسان غير موحى إليه ضرب ذلك النبي الموحى إليه هذا اسمه تعليق بالمحال فإذن المقصود فيه تعجيز فيمكنك أن تعيد الأيام التي فاتك الصلاة فيها فاقض طبعا هو بيعرف ... أن ... لاقضاء كذلك هنا إن كان باستطاعته أن يوافق خطه خط ذلك النبي فهو مصيب وموفق وهو يعلم أن ذاك النبي مضى وانقضى وراح بمعجزته ككل الأنبياء الذين ذهبوا بمعجزاتهم فإذن خلاصة معنى فمن وافق خطه خطه فذاك هذا تعليق بالمستحيل فلا يمكن موافقة الخط اليوم ... المنجمين خط ذلك النبي إذن فالضرب بالرمل أمر غير مشروع لأنه تعليق بالمحال كتعليق قضاء الصلاة بإعادة الأيام وأخيرا أسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا في ديننا وأن يلهمنا أن نسلك منهج السلف الصالح في فهم الشريعة ويحفظنا ويصونا عن أن ننحرف يمينا أو يسارا كما وقع في ذلك كثير من الطوائف المنتمية إلى الإسلام .
كلام موسع للشيخ رحمه الله عن التأويل .
الشيخ : نرجو أن تتفضلوا لنا بشرح واف لكل ما يتعلق بموضوع التأويل وجزاكم الله خيرا؟ .
التأويل له مفهومان : مفهوم لغوي ومفهوم اصطلاحي المفهوم اللغوي هو يرادف معنى التفسير التأويل هو التفسير تماما كما جاء في كثير من الآيات (( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )) تأويل أي تفسير إي نعم (( هذا تأويل رؤياي من قبل )) أي تفسير وهكذا هذا التأويل بهذا المعنى هو لغوي هناك تأويل بمعنى اصطلاحي وهذا الذي يجري كثيرا في أقوال العلماء فمعنى التأويل اصطلاحا هو : إخراج معنى النص من قرآن أو حديث عن ظاهره إلى معنى آخر يدل عليه الأسلوب العربي كمثل مثلا تفسير آية ما بالمجاز دون الحقيقة فتفسير الآية بالحقيقة هو تفسير في الاصطلاح وتفسير الآية بالتأويل بمعنى إخراج النص عن ظاهره هو التأويل المصطلح عليه وهو فيما يبدو لي المراد بالسؤال مثلا الآية التي اختلف السلف والخلف في تفسيرها (( الرحمن على العرش استوى )) فما معنى استوى ؟ معنى استوى بدون تأويل استعلى وهذا هو تفسير السلف ومنهم أبو العالية كما رواه البخاري في صحيحه
أما الخلف فيؤولون الآية أي يخرجون معناها عن ظاهرها إلى معنى آخر يبدو لهم فيقولون مثلا : استوى أي استولى فهذا المعنى الذي فيه إخراجه عن ظاهر الآية هو التأويل والأمثلة على هذا تكثر فمثل قوله تبارك وتعالى : (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) فتفسير هذه الآية وجاء ربك كما قال بعض السلف تفسيرها قراءتها يعني الأمر ظاهر جاء ربك والملك أما تأويلها بمعنى إخراج النص عن ظاهره جاء ربك أي بعض آيات ربك أو بعض ملائكة ربك هذا هو التأويل فإذن التأويل في الاصطلاح هو الإتيان بمعنى للنص سواء كان قرآنا أو سنة لا يدل عليه ظاهر النص وإنما يصار إليه بطريق المجاز أو الكناية أو نحو ذلك
ومثل هذا التأويل لا يشرع عند علماء السلف ولا يجوز المصير إليه إلا حينما تتعذر الحقيقة أي يتعذر ولا يمكن تفسير النص بدون تأويل حينئذ يذهبون إلى التأويل ومن هنا جاء الخلاف بين السلف والخلف الخلف يتوسعون كثيرا في تأويل الآيات ويخرجونها عن دلالاتها الظاهرة بمجرد استبعادهم المعنى الظاهر من الآية وكثيرا ما يكون الاستبعاد الذي قام في أذهانهم سببه في الحقيقة قياسهم الغائب على الشاهد وإذا كانت الآية التي يتأولونها تتعلق بالله عز وجل وبصفاته فهذا أبعد ما يكون عن الصواب حينما تؤول الآية تأويلا يصرف نص الآية عن ظاهر دلالتها فهؤلاء مثلا (( وجاء ربك )) ما تركوا الآية على ظاهرها كما هو واضح وإنما قالوا جاء بعض آيات ربك لماذا ؟ قالوا لأن الله لا يوصف بأنه يجيء واستلزموا من المجيء الحركة فقالوا الله لا يوصف بأنه يتحرك هذا الكلام معناه أن هؤلاء المتأولين نظروا إلى رب العالمين نظرتهم إلى خلقه فكما أن الإنسان يوصف بالحركة قالوا أنه من الضروري ألا نصف الله بما يوصف به الإنسان الحركة للإنسان هذه صفته فلا يجوز أن نصف الله ببعض الصفات التي هي من صفات البشر فهذا الذي اضطرهم إلى التأويل جاء ربك كمثال ولا شك عند العاقل أنه إذا نظر إلى هذا السبب الذي حملهم إلى التأويل لتبين له بأنه سبب من أضعف الأسباب بل هو سبب باطل
ذلك لأن لازم هذا السبب واقتصاره ما دام أن البشر يتحرك فلا يجوز أن نصف الله بأنه يتحرك وما دام أن البشر يجيء فلا يجوز أن نصف الله بأنه يجيء طرد هذا وهو باطل بلا شك بالعقل ما دام أن البشر يبصر ويرى فلا يجوز أن نصف الله بأنه يبصر ويرى ما دام أن البشر يسمع فلا يجوز أن نصف الله بأنه يسمع بينما نصوص الكتاب والسنة متضافرة متتابعة متوافرة على وصف الله عز وجل بأنه يسمع ويرى فقال تعالى لموسى وهارون : (( إني معكما أسمع وأرى )) كذلك قالها ربنا تبارك وتعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فهل هناك ضرورة لتأويل هذه النصوص التي تثبت لله عز وجل صفة السمع والبصر بمجرد اشتراك الإنسان مع الله اشتراكا لفظيا في السمع والبصر لو أنهم فعلوا ذلك لوقعوا في مثل ما وقع المعتزلة من قبلهم فإن المعتزلة ... بالتأويل فأنكروا السمع والبصر أيضا بينما الأشاعرة مثلا الذين تأولوا المجيء فنسبوا المجيء إلى غير الله والله عز وجل يقول : (( وجاء ربك )) فهؤلاء الذين تأولوا من الأشاعرة هذه الآية لم يتأولوا (( إني معكما أسمع وأرى )) فما أنكروا السمع والبصر لكن المعتزلة غلوا فأنكروا السمع والبصر طيب هل أنكروا الآيات المثبتة لهاتين الصفتين صفة السمع والبصر ؟
الجواب : لا ولكنهم أنكروا حقائق معانيها فقالوا سميع بصير يساوي عليم عليه شيء وسميع شيء وبصير شيء آخر هذا الذي يسميه علماء السلف بالتعطيل يعني عطلوا دلالة الآية على أن الله سميع وبصير بطريق التأويل فقالوا وصف الله عز وجل لذاته بأنه سميع بصير كناية عن أنه عليم فما هي الضرورة التي اضطرت هؤلاء إلى تأويل هذا النص تأويلا يؤدي إلى إنكار هاتين الصفتين قالوا لأنا إذا قلنا إن الله سميع حقيقة معناه شبهناه بالبشر الذي يوصف بأنه سميع وبصير (( فجعلناه سميعا بصيرا )) الله وصف آدم هذه هي الشبهة التي إليها استند المؤولة الذين يؤولون الآيات ويخرجونها عن دلالتها هذه الشبهة تتلخص بأنهم ينظرون إلى أن الله عز وجل إذا وصفناه بما وصف به نفسه فقد شبهناه بخلقه ونحن لا يجوز لنا أن نشبهه بخلقه
هذه الشبهة الرد عليها باختصار وبسهولة بالغة أن يقال : إن الله عز وجل لما أثبت لنفسه السمع والبصر قدم بين يدي ذلك قوله : (( ليس كمثله شيء )) فالله عز وجل في مطلع هذه الآية نزه نفسه أن يشابه أحدا من خلقه في شيء من صفاته (( ليس كمثله شيء )) فبعد أن نزه ونفى أن أحدا من خلقه يشبهه تبارك وتعالى في شيء من صفاته أثبت لنفسه تبارك وتعالى صفة السمع والبصر فقال : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فطريقة الرد على هؤلاء المؤولة أن يقال لهم إذا قلنا إن الله سميع نقول ليس كمثل سمعه شيء وإذا قلنا إن الله بصير ليس كمثل بصره شيء كذلك حينما نقرأ وجاء ربك نقول مجيئه لا يشبه مجيء البشر ليس كمثله شيء وإلا إذا اطرد هؤلاء المؤولة في تأويل آيات الصفات أدى التأويل بهم إلى إنكار وجود ذات الله وترى في هذا لئلا لأننا نقول ... لهؤلاء المؤولة الله موجود لا وجود حقيقي أم هو عدم ؟ لا شك يقول هو موجود فيقال لهم : الخلق الذين خلقه الله بشر وحيوان وشجر وحجر موجود أم عدم ؟ فنضطر أن نقول موجود إذن هنا وجودان وجود خالق المخلوقات كلها ووجود المخلوقات نفسها فهل إذا قلنا إن المخلوقات موجودة والله موجود معنى ذلك أننا شبهنا الله بمخلوقاته أو شبهنا مخلوقات الله به نفسه ؟ الجواب لا لأننا سنقول الله موجود منذ الأزل أول بلا بداية وآخر بلا نهاية والإنسان ليس كذلك إذا لما أثبتنا لله وجودا أثبتنا له وجودا ينافي وجود البشر كذلك لما أثبتنا لله سمعا وبصرا ومجيئا واستواء ونزولا ويدا إلى آخر ما هنالك من صفات كثيرة منصوص عليها في الكتاب والسنة فإننا نثبت له صفات لا تشبه صفات المخلوقات باختصار لله صفة الوجود وللمخلوق صفة الوجود فهذا الإثبات للوجودين ليس معناه إثباتا وجود مشابه لوجود فوجود الله يليق بأزليته وبخالقيته ووجود الإنسان يليق بضعفه وعجزه وكونه كان عدما فأوجده الله تبارك وتعالى فإثبات إذن كون هناك مباين في الصفة الإلهية عن صفة المخلوقات فهذه المباينة هي التي تنفي المشابهة وهي التي تجعلنا نؤمن بالصفات كما جاءت في الكتاب والسنة دون تشبيه بالمخلوقات لأن الله يقول : (( ليس كمثله شيء )) ودون تعطيل أي إنكار للصفات لأن الله أثبت لنفسه الصفات منها (( وهو السميع البصير )) خلاصة ما يقول ابن القيم رحمه الله في هذه المناسبة :
" المعطل يعبد عدما والمجسم يعبد صنما " المعطل يعبد عدما لماذا ؟ لأنه يقول : الله يقول : (( جاء ربك )) يقول لك ما جاء ينزل إلى السماء الدنيا آخر كل ليلة فيقول ألا هل من داع يقول ما ينزل استوى على العرش ما استوى على العرش له يد ليس له يد هذا هو الإنكار لماذا تقول ما استوى ما يجيء فيه مشابهة لمن يجيء من مخلوقاته طيب سميع بصير فيه مشابهة إذن ليس سميعا ليس بصيرا إذن هو موجود إن قال موجود ... موجود فيه مشابهة قال الخلاص من هذا وجوده ليس كوجودنا وبصره ليس كبصرنا ووكل الصفات ليست كصفات المخلوقات فالمؤولة وفي مقدمتهم المعتزلة ثم يليهم من بعدهم الأشاعرة يصل بهم الأمر أنهم إذا قالوا نحن نعبد الله فإنما يعبدون عدما لأنه ما صفات هذا الإله ؟ لا نعرف الله إلا بما وصف به نفسه فإذا جئنا إلى الصفات التي وصف بها نفسه فأولناها أو أخرجناها عن معانيها الواضحة بحجة أننا إذا قلنا جاء الإنسان يجيء إذا قلنا سميع الإنسان سميع قال علماء السلف : " هذا هو التعطيل " الله أيضا له ذات ولكل منا له ذات إذن نقول لا ذات لله عز وجل رجع إيمانهم بالله إلى العدم لذلك قال ابن القيم : " المعطل يعبد عدما " لأنه لا يثبت لله صفة حتى صفة العلم صفة السمع والبصر تأولها إلى صفة العلم لكن هو سيضطر إلى تأويل العلم أيضا لأننا نقول الله عالم طيب وفلان عالم الله قال في القرآن الكريم : (( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم منكم درجات )) إذن الله عالم والإنسان عالم فما بنقول إنه الله ليس بعالم ليه ؟ لأنه صار اشتراك في زعمهم بين الإنسان العالم وبين الرب العالم على طريقتهم ليس له جواب إطلاقا أما على طريقة السلف نقول الله عالم علما ليس كعلم البشر ومن الواضح أن علم الله ذاتي أما علم الإنسان اكتسابي يعني كان جاهلا الإنسان فتعلم أما الله عز وجل فإن صح التعبير بطبيعة ذاته تبارك وتعالى هو عالم فلم يكتسب العلم بعد أن كان جاهلا كما هو الإنسان فإذن الاشتراك في الاسم لا يضر أو إذا قلنا إن الله سميع وقلنا الإنسان سميع فهذا ليس تشبيها لأنه مجرد اشتراك في الاسم ونقول مثلا الإنسان موجود والحيوان موجود نحن نقول إذا قلنا الإنسان موجود والحيوان موجود أننا إما رفعنا الحيوان إلى صف الإنسان أو نزلنا بالإنسان من مرتبته التي وضعه الله فيها إلى مرتبة الحيوان مجرد الاشتراك في الوجود ليس كذلك وإنما نقول وجود الإنسان تتناسب مع إنسانيته ووجود الحيوان تتناسب مع حيوانيته كذلك يقال الجماد موجود فعلا فهل وجود الجماد كوجود الحيوان الصامت أو الناقص ؟ الجواب لا إذا هذا يسميه العلماء باشتراك لفظي وجود الحيوان الجماد ووجود الإنسان ووجود الحيوان ووجود خالق الموجودات كلها فهذا كله اشتراك لفظي أما الحقيقة فلا اشتراك فيها أبدا فوجود الجماد غير وجود الحيوان حقيقة ووجود الحيوان الأعجم الذي لا ينطق غير وجود الإنسان الناطق حقيقة ووجود هذا الإنسان غير وجود الملائكة غير وجود الجن ووجود هذه المخلوقات كلها غير وجود واجب الوجود سبحانه وتعالى كذلك يقال تماما عن كل الصفات التي تأتي أو يأتي ذكرها في الكتاب والسنة فالله يجيء قطعا لأن النص صريح (( وجاء ربك )) لكن ... نتصوره نحن أنه بيجي على رجليه أو بيجي على سيارة أو دبابة أو طيارة إلى آخره مما هو من طبيعة الإنسان هنا نقول ليس كمثله شيء
المذهب السلفي هو الجمع بين التنزيه وبين الإثبات نثبت وننزه أما مذهب المعتزلة ومن تأثر بمذهبهم من الأشاعرة وغيرهم فهو لما ضاقت عقولهم عن أن يعقلوا أن هناك وجودا لله حقيقي ينافي وجود المخلوقات فهم اضطروا أن يقولوا لا يستوي على العرش أو ما استوى على العرش ولا ينزل وليس له يد ولا يتكلم حتى قالوا بعض ... أكبر وأكبر كثيرا جدا الله عز وجل كل المسلمين يشتركون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم أنه حقيقة وليس معنى قائما في الذهن يعني هو له وجود خارج الكون وجود حقيقي وليس هو معنى يتخيله الإنسان فكل موجود له صفات ولا شك وإلا بيكون خيال فالله عز وجل وجوده حقيقي وأزلي ما هي صفات هذا الموجود الأزلي ؟ العقل قد يدرك شيئا منها ولكن لا يستطيع أن يستقصي الصفات كلها إلا بطريق النقل الذي هو عبارة عن الكتاب والسنة فإذا جئنا إلى هذه النصوص التي وردت في الكتاب والسنة تصف هذا الموجود الحقيقي وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى بصفات فكان موقفنا تجاه تلك الصفات تأويلها وتعطيل معانيها بقي وجود الله عز وجل وجود خيالي ليس حقيقي وإنما قلنا إن الوجود الحقيقي له صفاته المناسبة له فإذا جئنا إلى كل صفة فتأولناها بضد ما يدل عليه النص حينئذ فإننا آمنا بوجود خيالي لا حقيقة له فكما قلنا آنفا وأكرر وأقول الله عز وجل وصف نفسه بصفات كثيرة فهو يقول يجيء ويسمع ويرى ووو إلى آخره فإذا قلنا لا يسمع لا يرى لا لا لا معناه ما وصفنا هذا الوجود الحقيقي الغائب عنا ما وصفناه وإذ لم نصفه ما حكمنا بوجوده إلا حكما ذهنيا وضربت لكم بعض الأمثلة السابقة .
التأويل له مفهومان : مفهوم لغوي ومفهوم اصطلاحي المفهوم اللغوي هو يرادف معنى التفسير التأويل هو التفسير تماما كما جاء في كثير من الآيات (( ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا )) تأويل أي تفسير إي نعم (( هذا تأويل رؤياي من قبل )) أي تفسير وهكذا هذا التأويل بهذا المعنى هو لغوي هناك تأويل بمعنى اصطلاحي وهذا الذي يجري كثيرا في أقوال العلماء فمعنى التأويل اصطلاحا هو : إخراج معنى النص من قرآن أو حديث عن ظاهره إلى معنى آخر يدل عليه الأسلوب العربي كمثل مثلا تفسير آية ما بالمجاز دون الحقيقة فتفسير الآية بالحقيقة هو تفسير في الاصطلاح وتفسير الآية بالتأويل بمعنى إخراج النص عن ظاهره هو التأويل المصطلح عليه وهو فيما يبدو لي المراد بالسؤال مثلا الآية التي اختلف السلف والخلف في تفسيرها (( الرحمن على العرش استوى )) فما معنى استوى ؟ معنى استوى بدون تأويل استعلى وهذا هو تفسير السلف ومنهم أبو العالية كما رواه البخاري في صحيحه
أما الخلف فيؤولون الآية أي يخرجون معناها عن ظاهرها إلى معنى آخر يبدو لهم فيقولون مثلا : استوى أي استولى فهذا المعنى الذي فيه إخراجه عن ظاهر الآية هو التأويل والأمثلة على هذا تكثر فمثل قوله تبارك وتعالى : (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) فتفسير هذه الآية وجاء ربك كما قال بعض السلف تفسيرها قراءتها يعني الأمر ظاهر جاء ربك والملك أما تأويلها بمعنى إخراج النص عن ظاهره جاء ربك أي بعض آيات ربك أو بعض ملائكة ربك هذا هو التأويل فإذن التأويل في الاصطلاح هو الإتيان بمعنى للنص سواء كان قرآنا أو سنة لا يدل عليه ظاهر النص وإنما يصار إليه بطريق المجاز أو الكناية أو نحو ذلك
ومثل هذا التأويل لا يشرع عند علماء السلف ولا يجوز المصير إليه إلا حينما تتعذر الحقيقة أي يتعذر ولا يمكن تفسير النص بدون تأويل حينئذ يذهبون إلى التأويل ومن هنا جاء الخلاف بين السلف والخلف الخلف يتوسعون كثيرا في تأويل الآيات ويخرجونها عن دلالاتها الظاهرة بمجرد استبعادهم المعنى الظاهر من الآية وكثيرا ما يكون الاستبعاد الذي قام في أذهانهم سببه في الحقيقة قياسهم الغائب على الشاهد وإذا كانت الآية التي يتأولونها تتعلق بالله عز وجل وبصفاته فهذا أبعد ما يكون عن الصواب حينما تؤول الآية تأويلا يصرف نص الآية عن ظاهر دلالتها فهؤلاء مثلا (( وجاء ربك )) ما تركوا الآية على ظاهرها كما هو واضح وإنما قالوا جاء بعض آيات ربك لماذا ؟ قالوا لأن الله لا يوصف بأنه يجيء واستلزموا من المجيء الحركة فقالوا الله لا يوصف بأنه يتحرك هذا الكلام معناه أن هؤلاء المتأولين نظروا إلى رب العالمين نظرتهم إلى خلقه فكما أن الإنسان يوصف بالحركة قالوا أنه من الضروري ألا نصف الله بما يوصف به الإنسان الحركة للإنسان هذه صفته فلا يجوز أن نصف الله ببعض الصفات التي هي من صفات البشر فهذا الذي اضطرهم إلى التأويل جاء ربك كمثال ولا شك عند العاقل أنه إذا نظر إلى هذا السبب الذي حملهم إلى التأويل لتبين له بأنه سبب من أضعف الأسباب بل هو سبب باطل
ذلك لأن لازم هذا السبب واقتصاره ما دام أن البشر يتحرك فلا يجوز أن نصف الله بأنه يتحرك وما دام أن البشر يجيء فلا يجوز أن نصف الله بأنه يجيء طرد هذا وهو باطل بلا شك بالعقل ما دام أن البشر يبصر ويرى فلا يجوز أن نصف الله بأنه يبصر ويرى ما دام أن البشر يسمع فلا يجوز أن نصف الله بأنه يسمع بينما نصوص الكتاب والسنة متضافرة متتابعة متوافرة على وصف الله عز وجل بأنه يسمع ويرى فقال تعالى لموسى وهارون : (( إني معكما أسمع وأرى )) كذلك قالها ربنا تبارك وتعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فهل هناك ضرورة لتأويل هذه النصوص التي تثبت لله عز وجل صفة السمع والبصر بمجرد اشتراك الإنسان مع الله اشتراكا لفظيا في السمع والبصر لو أنهم فعلوا ذلك لوقعوا في مثل ما وقع المعتزلة من قبلهم فإن المعتزلة ... بالتأويل فأنكروا السمع والبصر أيضا بينما الأشاعرة مثلا الذين تأولوا المجيء فنسبوا المجيء إلى غير الله والله عز وجل يقول : (( وجاء ربك )) فهؤلاء الذين تأولوا من الأشاعرة هذه الآية لم يتأولوا (( إني معكما أسمع وأرى )) فما أنكروا السمع والبصر لكن المعتزلة غلوا فأنكروا السمع والبصر طيب هل أنكروا الآيات المثبتة لهاتين الصفتين صفة السمع والبصر ؟
الجواب : لا ولكنهم أنكروا حقائق معانيها فقالوا سميع بصير يساوي عليم عليه شيء وسميع شيء وبصير شيء آخر هذا الذي يسميه علماء السلف بالتعطيل يعني عطلوا دلالة الآية على أن الله سميع وبصير بطريق التأويل فقالوا وصف الله عز وجل لذاته بأنه سميع بصير كناية عن أنه عليم فما هي الضرورة التي اضطرت هؤلاء إلى تأويل هذا النص تأويلا يؤدي إلى إنكار هاتين الصفتين قالوا لأنا إذا قلنا إن الله سميع حقيقة معناه شبهناه بالبشر الذي يوصف بأنه سميع وبصير (( فجعلناه سميعا بصيرا )) الله وصف آدم هذه هي الشبهة التي إليها استند المؤولة الذين يؤولون الآيات ويخرجونها عن دلالتها هذه الشبهة تتلخص بأنهم ينظرون إلى أن الله عز وجل إذا وصفناه بما وصف به نفسه فقد شبهناه بخلقه ونحن لا يجوز لنا أن نشبهه بخلقه
هذه الشبهة الرد عليها باختصار وبسهولة بالغة أن يقال : إن الله عز وجل لما أثبت لنفسه السمع والبصر قدم بين يدي ذلك قوله : (( ليس كمثله شيء )) فالله عز وجل في مطلع هذه الآية نزه نفسه أن يشابه أحدا من خلقه في شيء من صفاته (( ليس كمثله شيء )) فبعد أن نزه ونفى أن أحدا من خلقه يشبهه تبارك وتعالى في شيء من صفاته أثبت لنفسه تبارك وتعالى صفة السمع والبصر فقال : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فطريقة الرد على هؤلاء المؤولة أن يقال لهم إذا قلنا إن الله سميع نقول ليس كمثل سمعه شيء وإذا قلنا إن الله بصير ليس كمثل بصره شيء كذلك حينما نقرأ وجاء ربك نقول مجيئه لا يشبه مجيء البشر ليس كمثله شيء وإلا إذا اطرد هؤلاء المؤولة في تأويل آيات الصفات أدى التأويل بهم إلى إنكار وجود ذات الله وترى في هذا لئلا لأننا نقول ... لهؤلاء المؤولة الله موجود لا وجود حقيقي أم هو عدم ؟ لا شك يقول هو موجود فيقال لهم : الخلق الذين خلقه الله بشر وحيوان وشجر وحجر موجود أم عدم ؟ فنضطر أن نقول موجود إذن هنا وجودان وجود خالق المخلوقات كلها ووجود المخلوقات نفسها فهل إذا قلنا إن المخلوقات موجودة والله موجود معنى ذلك أننا شبهنا الله بمخلوقاته أو شبهنا مخلوقات الله به نفسه ؟ الجواب لا لأننا سنقول الله موجود منذ الأزل أول بلا بداية وآخر بلا نهاية والإنسان ليس كذلك إذا لما أثبتنا لله وجودا أثبتنا له وجودا ينافي وجود البشر كذلك لما أثبتنا لله سمعا وبصرا ومجيئا واستواء ونزولا ويدا إلى آخر ما هنالك من صفات كثيرة منصوص عليها في الكتاب والسنة فإننا نثبت له صفات لا تشبه صفات المخلوقات باختصار لله صفة الوجود وللمخلوق صفة الوجود فهذا الإثبات للوجودين ليس معناه إثباتا وجود مشابه لوجود فوجود الله يليق بأزليته وبخالقيته ووجود الإنسان يليق بضعفه وعجزه وكونه كان عدما فأوجده الله تبارك وتعالى فإثبات إذن كون هناك مباين في الصفة الإلهية عن صفة المخلوقات فهذه المباينة هي التي تنفي المشابهة وهي التي تجعلنا نؤمن بالصفات كما جاءت في الكتاب والسنة دون تشبيه بالمخلوقات لأن الله يقول : (( ليس كمثله شيء )) ودون تعطيل أي إنكار للصفات لأن الله أثبت لنفسه الصفات منها (( وهو السميع البصير )) خلاصة ما يقول ابن القيم رحمه الله في هذه المناسبة :
" المعطل يعبد عدما والمجسم يعبد صنما " المعطل يعبد عدما لماذا ؟ لأنه يقول : الله يقول : (( جاء ربك )) يقول لك ما جاء ينزل إلى السماء الدنيا آخر كل ليلة فيقول ألا هل من داع يقول ما ينزل استوى على العرش ما استوى على العرش له يد ليس له يد هذا هو الإنكار لماذا تقول ما استوى ما يجيء فيه مشابهة لمن يجيء من مخلوقاته طيب سميع بصير فيه مشابهة إذن ليس سميعا ليس بصيرا إذن هو موجود إن قال موجود ... موجود فيه مشابهة قال الخلاص من هذا وجوده ليس كوجودنا وبصره ليس كبصرنا ووكل الصفات ليست كصفات المخلوقات فالمؤولة وفي مقدمتهم المعتزلة ثم يليهم من بعدهم الأشاعرة يصل بهم الأمر أنهم إذا قالوا نحن نعبد الله فإنما يعبدون عدما لأنه ما صفات هذا الإله ؟ لا نعرف الله إلا بما وصف به نفسه فإذا جئنا إلى الصفات التي وصف بها نفسه فأولناها أو أخرجناها عن معانيها الواضحة بحجة أننا إذا قلنا جاء الإنسان يجيء إذا قلنا سميع الإنسان سميع قال علماء السلف : " هذا هو التعطيل " الله أيضا له ذات ولكل منا له ذات إذن نقول لا ذات لله عز وجل رجع إيمانهم بالله إلى العدم لذلك قال ابن القيم : " المعطل يعبد عدما " لأنه لا يثبت لله صفة حتى صفة العلم صفة السمع والبصر تأولها إلى صفة العلم لكن هو سيضطر إلى تأويل العلم أيضا لأننا نقول الله عالم طيب وفلان عالم الله قال في القرآن الكريم : (( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم منكم درجات )) إذن الله عالم والإنسان عالم فما بنقول إنه الله ليس بعالم ليه ؟ لأنه صار اشتراك في زعمهم بين الإنسان العالم وبين الرب العالم على طريقتهم ليس له جواب إطلاقا أما على طريقة السلف نقول الله عالم علما ليس كعلم البشر ومن الواضح أن علم الله ذاتي أما علم الإنسان اكتسابي يعني كان جاهلا الإنسان فتعلم أما الله عز وجل فإن صح التعبير بطبيعة ذاته تبارك وتعالى هو عالم فلم يكتسب العلم بعد أن كان جاهلا كما هو الإنسان فإذن الاشتراك في الاسم لا يضر أو إذا قلنا إن الله سميع وقلنا الإنسان سميع فهذا ليس تشبيها لأنه مجرد اشتراك في الاسم ونقول مثلا الإنسان موجود والحيوان موجود نحن نقول إذا قلنا الإنسان موجود والحيوان موجود أننا إما رفعنا الحيوان إلى صف الإنسان أو نزلنا بالإنسان من مرتبته التي وضعه الله فيها إلى مرتبة الحيوان مجرد الاشتراك في الوجود ليس كذلك وإنما نقول وجود الإنسان تتناسب مع إنسانيته ووجود الحيوان تتناسب مع حيوانيته كذلك يقال الجماد موجود فعلا فهل وجود الجماد كوجود الحيوان الصامت أو الناقص ؟ الجواب لا إذا هذا يسميه العلماء باشتراك لفظي وجود الحيوان الجماد ووجود الإنسان ووجود الحيوان ووجود خالق الموجودات كلها فهذا كله اشتراك لفظي أما الحقيقة فلا اشتراك فيها أبدا فوجود الجماد غير وجود الحيوان حقيقة ووجود الحيوان الأعجم الذي لا ينطق غير وجود الإنسان الناطق حقيقة ووجود هذا الإنسان غير وجود الملائكة غير وجود الجن ووجود هذه المخلوقات كلها غير وجود واجب الوجود سبحانه وتعالى كذلك يقال تماما عن كل الصفات التي تأتي أو يأتي ذكرها في الكتاب والسنة فالله يجيء قطعا لأن النص صريح (( وجاء ربك )) لكن ... نتصوره نحن أنه بيجي على رجليه أو بيجي على سيارة أو دبابة أو طيارة إلى آخره مما هو من طبيعة الإنسان هنا نقول ليس كمثله شيء
المذهب السلفي هو الجمع بين التنزيه وبين الإثبات نثبت وننزه أما مذهب المعتزلة ومن تأثر بمذهبهم من الأشاعرة وغيرهم فهو لما ضاقت عقولهم عن أن يعقلوا أن هناك وجودا لله حقيقي ينافي وجود المخلوقات فهم اضطروا أن يقولوا لا يستوي على العرش أو ما استوى على العرش ولا ينزل وليس له يد ولا يتكلم حتى قالوا بعض ... أكبر وأكبر كثيرا جدا الله عز وجل كل المسلمين يشتركون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم أنه حقيقة وليس معنى قائما في الذهن يعني هو له وجود خارج الكون وجود حقيقي وليس هو معنى يتخيله الإنسان فكل موجود له صفات ولا شك وإلا بيكون خيال فالله عز وجل وجوده حقيقي وأزلي ما هي صفات هذا الموجود الأزلي ؟ العقل قد يدرك شيئا منها ولكن لا يستطيع أن يستقصي الصفات كلها إلا بطريق النقل الذي هو عبارة عن الكتاب والسنة فإذا جئنا إلى هذه النصوص التي وردت في الكتاب والسنة تصف هذا الموجود الحقيقي وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى بصفات فكان موقفنا تجاه تلك الصفات تأويلها وتعطيل معانيها بقي وجود الله عز وجل وجود خيالي ليس حقيقي وإنما قلنا إن الوجود الحقيقي له صفاته المناسبة له فإذا جئنا إلى كل صفة فتأولناها بضد ما يدل عليه النص حينئذ فإننا آمنا بوجود خيالي لا حقيقة له فكما قلنا آنفا وأكرر وأقول الله عز وجل وصف نفسه بصفات كثيرة فهو يقول يجيء ويسمع ويرى ووو إلى آخره فإذا قلنا لا يسمع لا يرى لا لا لا معناه ما وصفنا هذا الوجود الحقيقي الغائب عنا ما وصفناه وإذ لم نصفه ما حكمنا بوجوده إلا حكما ذهنيا وضربت لكم بعض الأمثلة السابقة .
رد الشيخ على المعتزلة إنكارهم صفة الكلام لله عز وجل
الشيخ : والآن أريد أن أضرب لكم مثلا آخر لخطورته أظن أن الكثيرات منكن يعلم الخلاف بين المعتزلة وبين أهل السنة بصورة عامة في القرآن الكريم المعتزلة يقولون إنه حادث وأهل السنة يقولون هو قديم أزلي هذا لأن أهل السنة يقولون القرآن كلام الله فهو صفة من صفات الله فالله أزلي بصفاته فإذا صفة الكلام ليست حادثة وإنما هي صفة أزلية لله قديمة ... المعتزلة يقولون لا كلام الله الذي هو القرآن حادث والله ما تكلم كيف هذا الله يقول : (( وكلم الله موسى تكليما )) أثبت الله لنفسه كلام في هذه الآية وفي غيرها من الآيات قال الله كذا وكذا وقال وقال تكلم كله يدل على أن لله صفة كلام كل هذه النصوص أنكرها المعتزلة هل أنكروها بمعنى قالوا ليس في القرآن (( وكلم الله موسى تكليما )) لا وإنما أنكروها بتأويلها أي بتعطيل معانيها لماذا ؟ قالت المعتزلة إذا قلنا إن الله يتكلم فالإنسان يتكلم فشابهنا الله بالإنسان وليس كمثله شيء فلا يجوز أن نقول إن الله يتكلم إذا هذا الكلام ما هو ؟ الذي بين أيدينا نقول كلام الله قال هذا الكلام هو تخيلوا أشياء هذا كلام سجله الله في اللوح المحفوظ ثم نقله جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمن تكلم به ؟ لا بد أن يتكلم به إما جبريل حينما أنزله أو أيضا جبريل خيله هذا الكلام خيله في قلب الرسول عليه السلام فرسول الله عبر عنه للصحابة فإذا معنى قول المعتزلة هذا القرآن ليس كلام الله أنه تكلم به غير الله حينئذ اشتركوا مع الذين قالوا (( إن هو إلا قول البشر )) من الذين قالوا قول البشر ؟ هم المشركون الذين كذبوا الرسول عليه السلام في قوله : ( هذا كلام الله أوحاه إلي ) فكذبوه وقالوا له هذا كلامك فيلتقي المعتزلة المؤمنون بالله ورسوله وبأنه دين الإسلام قائم على القرآن والحديث يلتقي المعتزلة بشؤم التأويل مع هؤلاء الكفار الذين نسبوا القرآن إلى أنه من قول البشر وكل إنسان يدري أن الكفر يتحقق سواء قيل هذا القرآن هو قول البشر أو قول الملائكة كله كفر لأن الحقيقة أنه كلام الله تبارك وتعالى فما الذي أودى بالمعتزلة إلى هذه الهوة السحيقة فأنكروا أن يكون القرآن الكريم كلام الله فلذلك قالوا فهو حادث هو من ... التأويل أي من شؤم التأويل أن أودى بهم إلى أن ينكروا أن يكون لله كلام أصلا وبالتالي أنكروا أن يكون هذا القرآن كلام الله تبارك وتعالى إذا ما هو ؟ هو يا قول محمد يا قول جبريل يا قول خلق من خلق الله الكثير المهم أنهم يقولون صراحة ليس هو كلام الله عز وجل السبب هو عدم انتباههم للفرق بين وجود الله وصفاته وجودا حقيقيا ينافي وجود المخلوق وصفاته منافاة حقيقية لم ينتبهوا لهذا فقالوا مجرد ما يشترك المخلوق مع الخالق في صفة من الصفات من ذلك الكلام لزم من ذلك أن نشابه الله بخلقه أو نشابه الخلق ربه تبارك وتعالى والجواب ليس كمثله شيء الله يتكلم ولكن كلامه ليس ككلامنا كما أن ذاته ليس كذاتنا وكل صفاته ليست كصفاتنا ثم إن الله تبارك وتعالى خلق في هذا العصر آية فيها رد واقعي على المعتزلة وأمثالهم ذلك لأن المعتزلة يقولون إذا قلنا إن الله يتكلم معناه له شفتان معناه له لسان معناه له أسنان معناه له لثة معناه معناه إلى آخره هذا كله من ضيق عطنهم وقصر تفكيرهم فلم يتسع عقلهم أن يكون الله عز وجل شيء حقيقي ينافي هذه الحقائق التي خلقها الله فخلق الله عز وجل في هذا العصر من جملة ما خلق آلة صماء بكماء هي الراديو فنحن نسمع الراديو يتكلم بكلام عربي مبين لا له شفة ولا له أسنان ولا له لهاة ولا لا له أي شيء هذا في الحقيقة من أكبر آيات الله في هذا العصر للرد على المؤولة أي المعطلة الذين يتخيلون الضروري في كلامه لكن هو ليس مثلنا إذا أنكرنا كلامه فخلق الله عز وجل الراديو يتكلم بدون إيش ؟ أي آلة أي لسان مما هو معروف لدينا لأن هو الأخرس مثلا لماذا لا يتكلم فيه نقص هناك طبعا أنا لست طبيبا فيه نقص في تركيبه الجسدي ... يتكلم فالله عز وجل خلق .
اضيفت في - 2019-07-12