ذم الحياء الذي يمنع صاحبه من التفقه في دين الله .
على نساء الأنصار في قولها : ( رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين ) فأولى بالرجال ألا يمنعهم الحياء أن يتفقهوا في الدين، لماذا يستحي الإنسان أن يسأل الشيخ وبخاصة أنني لم أفهم من السؤال أنه سؤال خاص وإنما هو سؤال عام لو كان السؤال سؤالاً خاصاً أولاً للشخص وفيما يتعلق بالأمور الداخلية أو النسائية ثانياً فهنا يأتي أثر السيدة عائشة المذكور آنفاً ( رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين ) أي : لم يمنعهن حياؤهن هذا الحياء الذي فُطرن عليه أو لعل الأصح والأدق أن نقول الذي كن فطرن عليه لأن اليوم اختلف الجو فمع ذلك مع هذا الحياء ما كان يمنعهن الحياء أن يسألن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عما يخصهن من الأمور الباطنة التي يخجل كما ترون الآن الرجال أن يسألوا مثل تلك الأسئلة، أما نساء الأنصار فكن يجمعن في ذات نفوسهن بين الحياء الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام : ( الحياء من الإيمان ) وفي الحديث الآخر : ( الحياء خير كله ) ومع ذلك فما كان ليمعنهن مثل هذا الحياء أن يسألوا أو أن يسألن عما يتعلق بأمور دينهن ولو كان مما لا يطيب لهن عادة أن يفصحن به وأمام الرجال فأولى وأولى ألا يخجل أي سائل أن يسأل الشيخ سؤالاً ما ولو كان من قبيل ما يستحي النساء عادة ليس الرجال أن يفصحوا بالسؤال عنه هذا أولا .
وثانياً : قد يمكن أن يخجل بعض السائلين أن يتوجهوا بشيء من أسئلتهم أمام بعض الشيوخ الذين لهم مواقف خاصة بالنسبة لتلامذتهم أو مريديهم كما يقولون وحينئذٍ نحن نعتبر مثل هذا الحياء وصمة عار لنا ، لأن هذا المشار إليه والمجهول لديكم ولدينا جميعا والحمد لله فهو يغمز من قناتنا ويريد أن يسوينا مع سائر الشيوخ ولا ينبغي هذا، طيب غيره .
السائل : جزاكم الله خيرا
ماذا يفعل المبتلى بالنظر إلى النساء ؟
الشيخ : الجواب في هذا ينبغي أن نستنبطه من بعض الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكل منهما يلتقي مع قوله عليه الصلاة والسلام : ( المجاهد من جاهد نفسه لله ) ( المجاهد من جاهد هواه ) في رواية أخرى ( لله تبارك وتعالى )
أما الحديثان اللذان يشملهما جهاد النفس أولهما : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا علي النظرة الأولى لك والثانية عليك ) والحديث الآخر وهو في الواقع أسلوب تربوي نبوي قل من يهتم به لمعالجة شهوة النفس التي تظهر بتأكيد البصر والجس واللمس ونحو ذلك مما يعتبر من مقدمات الزنا ، فقد قال عليه الصلاة والسلام والحديث في اعتقادي معروف لديكم جميعا ولكني أرجو الانتباه إلى ما سيلقى عليكم من البيان ذاك الحديث هو قوله عليه الصلاة والسلام - لو اتبعتم إخوانا هدول واستننتم بسنتهم لأن الانضمام في المجلس هو من آداب المجالس الشرعية -
السائل : عليكم السلام .
الشيخ : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته نعم نعم .
السائل : ... .
الشيخ : الطعام عندك .
السائل : ستحضره هنا أم ننتقل إلى هناك ؟
الشيخ : فنظرة إلى ميسرة
السائل : جزاكم الله خيراً ، وسعوا يا مشايخ الله يجزيك الخير . ...
الشيخ : نعم وصل بنا حديثنا السابق جواب عن سؤال السائل عن معالجة من ابتلي بالنظر إلى ما لا يحل من النساء فوصل بي حديثي إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) والشاهد من هذا الحديث الصحيح إنما هو قوله عليه الصلاة والسلام : ( فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) فإنه مما لا شك فيه أنه لا يستوي الأعزب غير المتزوج مع المتزوج من حيث أن الأول لا يجد سبيلا مشروعا ليخرج شهوته من صدره خلافاً للزوج أو الرجل المتزوج فقد جاءت الإشارة في الحديث الصحيح ومعناه ( أنه إذا وقع بصر أحدنا على امرأة أعجبته فليأت زوجته فإن الذي معها مثل الذي معها ) هذا علاج الشهوة بالنسبة للرجل المتزوج أما الأعزب الذي لا زوجة له حديثنا السابق ( فإنه له وجاء ) وهو من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يصف العلاج للشباب الذي لا يجد الباءة القدرة المالية على الزواج فإلى أن يتيسر له ذلك يأمره عليه الصلاة والسلام بالصيام ومعنى ذلك أنه من كان مبتلى بتوجيه النظر إلى النساء فعليه أن يكثر من الصوم لشهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الصادقة بأن الصوم له وجاء والوجاء في اللغة هو بالنسبة للحيوان الذي تدق خصيتاه والذي يحمل صاحبه على ذلك هو أن يسمنه فتذهب قوة شهوته إلى قوة بدنه فيكتمل بدنه باللحم والشحم ولذلك يدقون خصيتيه فلا يعود بعد ذلك ينزو على أنثاه لأنه قد دقت خصيتاه وقد شبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صيام الصائم من حيث أن هذا الصيام يقضي على شهوته كدق خصيتي الحيوان هذا هو العلاج لكبح جماح النفس بالنسبة للشباب المتحرق والذي غلبته الشبق والشهوة الجنسية علاجه إنما هو الصوم .
حكم العادة السرية " الاستمناء "
وثانيا : فيه مخالفة لهذه الوسيلة التربوية التي حض النبي صلى الله عليه وآله وسلم الشباب أن يلجؤوا إليها حينما لا يتيسر لهم الباءة وهي القدرة على الزواج وثالثاً وأخيراً : فقد ثبت طبيا أن للاستمناء أضراراً كثيرة وكثيرة جداً قد تكون أحياناً من آثارها أن الذي ابتلي بالاستمناء لا يصلح أن يكون زوجاً فيما بعد لأنه يصاب بقليل أو بكثير من الارتخاء ولذلك فعلى الشباب أن يتقوا الله عز وجل وأن يصبروا وأن يتبعوا نصيحة نبيهم صلى الله عليه وسلم ( فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) نعم .
السائل : جزاكم الله خيرا .
هل أكتفي بحفظ متن العقيدة الطحاوية أم علي أن أحفظ القرآن الكريم مع العلم بأني أحفظ أكثر من خمسة أجزاء ؟
الشيخ : الجواب على هذا السؤال ينبغي أن نقدم له بكلمة لعلها تكون موجزة العلم من حيث وجوب تحصيله ينقسم إلى قسمين واجب أو فرض عيني لا بد منه لكل مسلم والقسم الآخر فرض كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين على ضوء هذا التقسيم العلمي الصحيح يجب أن ينطلق الشاب المسلم في طلبه للعلم فلا يقدم الفرض الكفائي على الفرض العيني لأن الفرض الكفائي إذا لم يقم هو بشخصه به فليس آثما أما الفرض العيني إذا لم يقم هو به فهو آثم إذا كان الأمر كذلك ووضح لكم الجواب حينئذٍ نعود إلى الإجابة عن السؤال فنقول : قبل أن يحفظ المسلم أو أن يهتم بحفظ القرآن كله أو بعضه فضلاً عن أن أنه قبل أن يهتم بحفظ كثير من أحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فعليه فرض عين أن يصحح عقيدته وعلى ذلك فقراءته للعقيدة الطحاوية هذه الرسالة المباركة المكثفة والتي جمعت ما يجب على كل مسلم أن يعتقده فهذا فرض عين على كل مسلم لا أقول الآن فرض عين عليه أن يقرأها لأن مجرد القراءة نعلم كثيراً من الناس اليوم يقرؤون القرآن ولكنهم لا يتدبرون القرآن خلاف لقول ربنا عز وجل : (( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )) فإذن ليس المقصود من قراءة العقيدة الطحاوية مجرد القراءة وإنما قراءة مقرونة بالفهم وهذا في اعتقادي لا يتيسر لكل شاب لا يتيسر لكل شاب يستطيع أن يقرأ فقد يقرأ وقد يفهم وقد لا يفهم ولذلك فعليه أن يستعين فيما إذا أشكل عليه شيء مما يقرؤه بسؤال من حوله من أهل العلم إعمالاً منه لقوله تبارك وتعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فإذا انتهى طالب العلم من قراءة هذه العقيدة وفهمها وتبنيها إلا ما استثني منها وهنا يظهر أهمية العالم الذي لا بد أن يتوجه إليه بسؤاله في بعض ما قد يشكل عليه ، إذا انتهى من هذه العقيدة وفهمها وتبنيها فليس معنى ذلك أن هذا المسلم قد أدى الفرض العيني بكل تفاصيله ليس كذلك بل عليه كذلك أن يصحح عبادته أن يصحح طهارته أن يصحح صلاته وكذلك صيامه وهذا أمر لا بد منه لكل مسلم بالغ مكلف الصلاة والصيام فإذا كان غنيا فيجب عليه وجوبا عينيا أن يعرف أحكام الزكاة التي تتعلق بماله كذلك أن يعرف كيف يحج إلى بيت الله الحرام وهكذا فما كان من الأحكام الشرعية متعلقا بالإنسان بشخصه كالصلاة والصيام عليه أيضا أن يتقن الأحكام التي تتعلق بتصحيح طهارته وصلاته وصيامه، بعد ذلك يتوسع في العلم سواء في حفظ القرآن أو في حفظ حديث الرسول عليه الصلاة والسلام أو في حفظ الفقه سواء كان فقهاً مذهبياً أو كان فقهاً مقارناً المهم أن نفرق بين طلب العلم الذي هو فرض عين على كل مسلم وطلب العلم الذي هو فرض كفاية ومن الفرض العيني تصحيح العقيدة وتصحيح العبادة نعم .
السائل : جزاكم الله خيراً .
4 - هل أكتفي بحفظ متن العقيدة الطحاوية أم علي أن أحفظ القرآن الكريم مع العلم بأني أحفظ أكثر من خمسة أجزاء ؟ أستمع حفظ
ما حكم دخول المقابر بالنعال ؟
الشيخ : أي نعم دخول المقابر بالنعال منهي عنه شرعاً فلا يجوز للمسلم أن يدخل المقبرة في نعليه بل إذا أشرف على الدخول خلع نعليه وتركهما جانباً وهذا إذا كان مضطراً ليمشي بين القبور لأن كثيرا من المقابر ليست منظمة تنظيماً بحيث أن الماشي بينها يطمئن أنه لا يدوس بقدمه على قبر منها فقد يمشي والقبر تحته هنا المشكلة قد تنفرد وقد تزدوج إذا كان يمشي حافياً على القبور هذا المشي إهانة للقبور وهذا لا يجوز لقوله عليه الصلاة والسلام: ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) في هذا الحديث فقه متقابل فهو من جانب يأمر المسلم أن يحترم أموات المسلمين وألا يهينها ولو بالدوس بأقدامه عليها فيقول : ( لا تجلسوا على القبور ) ومن جهة أخرى يأمرنا ألا نبالغ في تعظيمها ومن ذلك أن نصلي إليها فهذا مبالغة في تعظيم المقبور فنهى عن ذلك الرسول عليه السلام كما نهى عن الجلوس على القبر ولا شك أن كلا من المنهيين ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) هو من القسم الذي يقول عنه بعض الفقهاء المتأخرين : " إنه معقول المعنى " النهي عن الجلوس على القبر والنهي عن الصلاة إليه أمر معقول المعنى أي : إذا سأل سائل لماذا نهى الشارع الحكيم عن الجلوس على القبر ؟ احتراما له الجواب : احتراما له وتقديرا له كما نهى عن شيء آخر أهم منه في قوله عليه الصلاة والسلام : ( كسر عظم المؤمن ككسره حيا ) هذا تعظيم لقدر المؤمن الميت حتى قال عليه السلام : ( كسر عظمه وهو ميت ككسره وهو حي ) فإذن لا تجلسوا على القبور هذا الحكم معقول المعنى أي : تكريما لهذا المسلم وإبعادا للمسلم الحي عن إهانة الميت لأنه لا يزال له حرمة على العكس من ذلك ( لا تصلوا إليها ) أيضا حكم معقول المعنى لماذا ؟ لأن فيه تعظيما لعبادة لا يجوز للمسلم أن يتوجه بها إلا إلى الله تبارك وتعالى فلا يجوز التوجه بهذه العبادة إلى القبر إذًا هنا نهي عن الجلوس إكراما لهذا الميت كذلك السير بين القبور إذا كنت لا تمشي على أرض ليس تحت قدميك قبر إذا كنت تمشي على أرض لا تعلم أنه ليس تحتها قبر ، فلا يجوز أن يمشي الإنسان ولو حافيا بين القبور إلا إذا كان هناك حاجة ملحة كأن يصل إلى قبر يريد أن يدفن فيه صاحبه أو قريبه فبالأولى والأحرى ألا يجوز للمسلم أن يمشي بين القبور في نعليه وهذا فيه حديث صريح فقد جاء في * مسند الإمام أحمد * وبعض السنن والصحاح كصحيح ابن حبان ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ذات يوم رجلا من أصحابه واسمه البشير بن الخصاصية رآه يمشي بين القبور في نعليه فناداه فقال له : يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك )
ولذلك فالسؤال السابق كأنه كان مقلوباً على السائل حيث قال هل يجب أو يستحب فظني أن قلمه أو فكره سبقه كان يريد أن يقول : هل يحرم أو يكره فقال مقابل ذلك : هل يجب أو هل يستحب ؟ وهنا لا بد من التذكير بشبهة في كثير ما تعرض لبعض الناس إلقاؤها حينما يسمعون هذا الحديث الأخير : ( يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك ) .
الطالب : وعليكم السلام .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله .
ذكر الشيخ وجه التوفيق بين حديث النهي عن المشي بين القبور بالنعال وما صح في البخاري من حديث أنس وفيه : ( إذا انصرف الناس من دفن الميت وإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون ) ؟
الطالب : السلام عليكم
الشيخ : - وعليكم السلام ورحمة الله - لا يجوز أن نضرب الحديث الصحيح بالأصح ونقول لا نقيم وزنا لهذا الحديث الصحيح لأنه عارض الحديث الأصح هذا خطأ يكفي أن كلاً من الحديثين المتعارضين داخلان في قسم الحديث المقبول ومن أقسام الحديث المقبول الحديث الحسن ولو لغيره وحينئذ فلا ينبغي لطالب العلم أنه إذا رأى حديثاً في * صحيح البخاري * مثلا يعارض حديثاً في * المسند * أو في سنن من السنن المعروفة يقول هذا أصح من هذا ونأخذ بالأصح ونستريح من الصحيح هذا جهل وإنما إذا كان كلاهما داخل في قسم المقبول فحينذاك يجب التوفيق بين الحديثين بوجه من وجوه التوفيق الكثيرة وكما قلت آنفاً لست الآن بصدد ذكر ولو لبعض هذه الوجوه لكن لا بد من بيان أنه لا تعارض هنا بين هذين الحديثين حديث السبتيتين وحديث ( وإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون ) أول ذلك أن حديث السبتيتين تشريع حيث قال : ( اخلع نعليك ) أمرٌ وأقل ما يفيد هذا الأمر الاستحباب أما الحديث الثاني الأصح حديث أنس ليس تشريعاً وإنما هو إخبار وليس كل ما يخبر عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعني أنه أمر جائز فضلاً عن أنه يعني أنه مستحب أو أكثر من ذلك لا مجرد خبر حينئذٍ هذا الذي أخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام يجب أن يوزن بالأدلة الشرعية الأخرى وينظر إلى هذا المخبر عنه بالخبر الصادر منه صلى الله عليه وآله وسلم بالأدلة الشرعية فإن اقتضت الأدلة الشرعية أن هذا المخبر عنه جائز قلنا بجوازه أو إنه مكروه قلنا بكراهته أو إنه محرم قلنا بتحريمه أما مجرد أنه أخبر فهذا لا يعطينا حكما لأنه خبر.
6 - ذكر الشيخ وجه التوفيق بين حديث النهي عن المشي بين القبور بالنعال وما صح في البخاري من حديث أنس وفيه : ( إذا انصرف الناس من دفن الميت وإنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرون ) ؟ أستمع حفظ
بيان ما هو الفقه في الدين الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )
الفقه في الدين هو الفقه في كتاب الله وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس الفقه هذا هو أن يتفقه رجل ما في مذهب من المذاهب لأن هذا المذهب فيه ما يوافق الكتاب والسنة وما لا يوافق كل مذهب من المذاهب المتبعة بما فيها الأربعة فضلاً عن غيرها فيه ما يجب الأخذ به وما يجوز الأخذ به وما لا يجوز والحكم في ذلك هو قوله تبارك وتعالى : (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) هذا الفقه قليل جدا جدا مع الأسف في العصر الحاضر أن يكون الكاتبون والمتكلمون فيه هم من الذين تفقهوا هذا الفقه الصحيح وإنما فقههم أشبه بعلم الكلام كيف أن علم الكلام منحرف عن الكتاب والسنة كذلك الفقه التقليدي منحرف في كثير من جزئياته عن الكتاب والسنة .
غرضي أن أقول نسمع اليوم كثيرا من الكتاب الذين تخرجوا من بعض الجامعات التي لا عهد بها أو لها أن تدرس على طلابها فقه الكتاب والسنة وإنما تدرس عليهم فقه مذهب من المذاهب وقد تعلو بعضها فتدرس على طلابها ما يسمى اليوم بالفقه المقارن، والفقه المقارن حقيقة اليوم هو مضيعة يضيع طالب العلم بين كثرة الأقوال .
السائل : السلام عليكم ورحمة الله .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام . يضيع طالب العلم بين تلك الأقوال الكثيرة والمتعارضة تعارضا شديداً جدا فيخرج وقد حصل شهادة الدكتوراه زعموا وهو حيران في كثير من تلك المسائل الفرعية التي تلقاها عن بعض شيوخه وتكون نتيجة هذه الحيرة أن يأخذ منها أن يأخذ من تلك الأقوال المتعارضة ما يناسب الهوى أخشى أن أستمر في مثل هذه الاستطرادات كثيراً فنضيع عن المقصد .
7 - بيان ما هو الفقه في الدين الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) أستمع حفظ
إتيان الشيخ بأمثلة وأدلة على أن الحديث الذي فيه تشريع لا يعارض بخبر جاء في حديث آخر .
لما جاء في الحديث الصحيح في البخاري ومسلم في قصة جبريل عليه الصلاة والسلام حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل غريب من البشر القصة معروفة وطويلة ولكن الشاهد منها أن هذا الرجل الذي تبين فيما بعد من قوله عليه السلام : ( أتدرون من السائل ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم ) فكان من أسئلة جبريل عليه السلام لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم عن الساعة تعلمون أن الجواب كان: ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ) فكان الجواب عن الأمارات والعلامات قال : ( أن تلد الأمةُ ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون بالبنيان ) هذا خبر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهل هذا يعني أنه يُستحب التطاول بالبنيان ولاسيما هذا التطاول المشاهد في هذا الزمان والذي فيه اعتداء واطلاع على عورات النساء، حتماً هذا الخبر لا يعطي شرعية التطاول بالبنيان ومن باب أولى أنه لا يعطي ما جاء قبل هذه العلامة وهو ( أن تلد الأمة ربتها ) وهذا فسروه بتفسيرين : أحدهما : أن تلد الأمة ربتها أي : الأمة هنا بمعنى أمة الله يعني المرأة المسلمة أن تلد البنت الفتاة فتربى هذه الفتاة على الدلال وعلى تربية مخالفة للآداب الإسلامية فتصبح هذه الفتاة هي ربة البيت ( أن تلد الأمة ربتها ) بسبب تجبرها وتكبرها وتسلطها على من ولدتها وهي أمها هل هذا يعني أن الرسول عليه السلام حينما أخبر هذا الخبر وجعله من علامات الساعة أن ذلك أمر جائز أو مشروع ليس الأمر كذلك فإذا عرفتم هذه الحقيقة عرفتم أن الاستدلال بخبر الرسول بأن ( الظعينة تنطلق من العراق وتسافر إلى الحجاز لا تخشى على نفسها إلا الذئب ) هذا لا يعني مخالفة الأحاديث التي فيها تشريع صريح في مثل قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا تسافر امرأة سفراً إلا ومعها محرم ) كذلك ما كنا في صدده آنفاً سماع الميت قرع النعال والناس الذين دفنوه ينصرفون عنه هذا مجرد خبر لا يعني تجويز أن يدخل الزائرون إلى القبور أو الداخلون إليها بنعالهم وإنما هو مجرد خبر أي إذا وقع هذا الشيء الميت حينذاك يسمع فلا يعارض هذا الحديث حديث السبتيتين لماذا ؟ عرفتم الجواب ( اخلع نعليك ) تشريع ( وإنه ليسمع قرع نعالهم ) ليس تشريعاً وإنما هو خبر على أن هذا الحديث الأصح يمكن حمله بصورة أخرى وهو أن يكون الدفن في مكان لا يستلزم المشي في النعال بين القبور أن يكون القبر المذكور مثلاً في حافة المقبرة فيدفن وينصرف الناس ويسمعون قرع النعال هكذا يجب التوفيق بين الأحاديث التي قد يبدو لبعض الناس بادي الرأي أنها تختلف فمن القواعد في التوفيق هو ما سبق الإشارة إليه آنفاً حديث فيه تشريع لا يعارض بحديث ليس فيه تشريعاً وإنما فيه خبر وهذا الخبر يُفسر على ضوء الأحاديث التشريعية .
السائل : الله يجزيك خير .
هل يجوزأن يدخل الإنسان إلى المقبرة بحذائه إذا كان متأكداً أنه لن يمشي فوق قبر ؟
الشيخ : الظاهر هكذا .
السائل : الظاهر .
الشيخ : أي نعم .
السائل : جزاكم الله خيرا .
الشيخ : بس وين الضمان لهذا ؟
السائل : يعني مثلا الآن مقبرة اللي يسمونها مقبرة الصحابة الإسلامية هذه مقبرة حديثة العهد ومنظمة .
الشيخ : أي نعم .
السائل : ومؤكد جدا أنه ليس هناك بين القبرين قبر .
الشيخ : الجواب ما سمعت .
السائل : جزاك الله خيرا .
الشيخ : وإياك .
ما حكم الدين في رجل يشتري له البنك بضاعة ويودعها عنده وعندما يحتاج بضاعته يشتري منها وهي موجودة عنده في المصنع علما بأن هذه البضاعة لم يشتر منها أي تاجر آخر غيره وهذا اتفاق بينه وبين البنك وإذا كان هذا العمل حراما فما حكم الدين في العمال الذين يعملون عند هذا الرجل وجزاكم الله خيرا ؟
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
السائل : ما حكم الدين في رجل يشتري له البنك بضاعة ويودعها عنده وعندما يحتاج بضاعته يشتري منها وهي موجودة عنده في المصنع علماً بأن هذه البضاعة لم يشتر منها أي تاجر آخر غيره وهذا اتفاق بينه وبين البنك وإذا كان هذا العمل حراماً فما حكم الدين في العمال الذين يعملون عند هذا الرجل وجزاكم الله خيرا ؟
الشيخ : أعتقد أن هذه من الحيل الشرعية التي تكلمنا عنها كثيراً فلا يجوز شراء أي آلة سيارة كانت أو سواها بطريق البنك لأن البنك يأكل الربا بهذه الوسيلة وبالتالي لا يجوز العمل في مثل هذه البنوك للآية التي تعتبر قاعدة إسلامية هامة ألا وهي قوله تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) وللحديث الخاص الذي ينهى عن التعاون على أكل الربا في مثل قوله عليه السلام : ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) فنحن ننصح كل مسلم يخشى الله تبارك وتعالى ويرجو أن يكون مكسبه حلالا بحيث أنه إذا دعا الله استجاب له وعلى العكس من ذلك إذا كان مكسبه حراماً فيدعو فلا يستجاب له إذا كان حريصاً على ذلك فنحن ننصحه ألا يكون موظفاً في بنك من البنوك سواء زُينت بلفظة إسلامية أو لم تزين لأن العبرة بالواقع وليس بالأسماء فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها ) هذا نبأ عظيم جدا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن أخبر ما هو واقع اليوم بخاصة فيما يتعلق ببعض الخمور حيث يسمونها بأسماء تقرب أو تزين للناس معاقرة الخمرة بمثل اسمهم المزعوم المشروبات الروحية يسمون الخمر بالمشروبات الروحية يعني تنعش الروح وهي في الحقيقة تهلكها كذلك اليوم يسمون الربا وأرجو الانتباه وعدم التورط في استعمال اللفظ المبتدع الذي حل محل اللفظ المشروع يسمون الربا بالفائدة انظر الفرق الآن بين اللفظ الشرعي الربا (( يمحق الله الربا ويربي الصدقات )) سموا الربا بماذا ؟ بالفائدة فائدة وتجد المسلمين الطيبين الصالحين وهو لا يأكل الربا ولا يقربه إطلاقا لكن لما يريد أن يسأل يقول شو حكم الفائدة ؟ نسي اسم الربا نسي الاسم الذي أطلقه الله عز وجل على هذا المال الحرام ولذلك فكما نسخ الكفار من قواميسهم لفظة الربا فيجب عليكم أنتم معشر المسلمين المتقين لرب العالمين أن تنسخوا من لغتهم لفظة الفائدة في مجال المال المكتسب بطريق الحرام وأن تسموه بالاسم الذي سماه ربكم في القرآن ألا وهو ربا لأن من آيات فساد المجتمع أن يسموا الأشياء التي حرمها الله بغير اسمها ( ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها ) قديما تورط بعضهم فسموا الخمر بالنبيذ علما بأن النبيذ لفظ عربي قديم لكن كان استعماله في معنى مشروع وجائز وهو المعروف ما أدري عندكم نقوع تقولون النقوع؟ إذا أخذنا التمر وألقيناه في الماء ماذا تسمونه ؟
السائل : نقوع .
الشيخ : نعم .
السائل : نقوع .
الشيخ : طيب نقوع هذا لغة اسمه نبيذ من باب نبذ ينبُذ أي ألقى فهذا نبيذ فعيل بمعنى مفعول يعني ملقى فيه هذا الماء ملقى فيه تمر أو زبيب أو أي شيء من طبيعته أن يتحلل وأن يحلو هذا الماء ثم إذا استمر فمن طبيعته أن يتخمر فالنبيذ في لغة الشرع لا يعني الشراب المسكر لكن سول الشيطان لبعضهم قديما بأن يسموا نوعا من الخمر نبيذا أما الآن فقد سموها بغير اسمها ويسكي مشروبات روحية ونحو ذلك واتسعت دائرة تغيير هذه الأسماء بكثرة مدهشة جدا فهم يسمون مثلا التصوير المحرم والرقص المحرم بالفنون الجميلة كل هذا حرام لا يجوز وعلى ذلك فلا تستعملوا كلمة الفائدة مقام الربا اعكس تصب فضلا عن أن تكون عميلا وموظفا في البنك الذي يتعاطى الربا ولو كنت أحقر موظف في ذلك البنك ما هو أحقر موظف ؟ هو الخادم الذي يقمّ ويكنس الغبار أو الدخان الذي هو أثر من آثار شرب أولئك الناس للدخان في داخل البنك هذا تعاون على المنكر وهذا لا يجوز في القرآن وكذلك في السنة .
السائل : جزاكم الله خيرا .
10 - ما حكم الدين في رجل يشتري له البنك بضاعة ويودعها عنده وعندما يحتاج بضاعته يشتري منها وهي موجودة عنده في المصنع علما بأن هذه البضاعة لم يشتر منها أي تاجر آخر غيره وهذا اتفاق بينه وبين البنك وإذا كان هذا العمل حراما فما حكم الدين في العمال الذين يعملون عند هذا الرجل وجزاكم الله خيرا ؟ أستمع حفظ
في كثير من التفاسير إن لم يكن كلها يتأولون قول الله تعالى : (( وهو معكم أينما كنتم )) بأنه سبحانه معنا بعلمه وسمعه وبصره ويتأولون قوله تعالى : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) بأن الملائكة هي القريبة منا فما رأي فضيلتكم إذا خرجنا من هذا التأويل وقلنا بأن الله تبارك وتعالى معنا معية تليق بجلاله سبحانه وقريب منا قربا يليق بجلاله ؟
الشيخ : هذا الذي خرج إليه السائل مقبول في الجملة لكن في خصوص قوله تعالى : (( وهو معكم أينما كنتم )) فالسلف على تأويل هذه الآية وأنا حينما أقول تأويل فإنما أعني به المعنى العربي الأصيل وهو التفسير لأن التأويل له معنيان معنى لغوي ومعنى اصطلاحي طارئ أما المعنى اللغوي فهو التفسير وحينما قال تعالى في القرآن الكريم : (( وما يعلم تأويله إلا الله )) إنما يعني هذا المعنى وهو التفسير وهو ما يؤول إليه الأمر في النهاية ولا يعني التأويل بالمعنى الاصطلاحي والذي هو إخراج معنى آية ما أو حديث ما عن ظاهره إلى معنى آخر إما لقرينة شرعية أو عقلية كما يقولون فالتأويل بمعنى تفسير النص بخلاف ما يتبادر هذا اصطلاح أما التأويل بمعنى التفسير فهو المعنى الشرعي والعربي الأصيل القديم وعلى ذلك جاء استعماله في القرآن كما سمعتم (( وما يعلمه تأويله إلا الله )) وكذلك مثلاً حينما دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعبد الله بن عباس وقال فيه : ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) لم يقصد عليه السلام بالتأويل هنا ... مثل علماء الكلام أنهم يعطلوا النصوص الشرعية بتأويلها وإخراجها عن دلالتها الصحيحة ، لا، المقصود اللهم فقهه في الدين وعلمه التفسير أي : تفسير القرآن وكذلك كان فقد استجاب الله عز وجل دعاء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فصار ابن عباس مع صغر سنه حيث مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو قد أشرف على البلوغ مات وابن عباس صغير السن مع ذلك فهو بحق ترجمان القرآن قد ثبت عن ابن عباس أنه فسر هذه الآية وعلى ذلك أقول : تأولها بما يسميه بعض الناس تأويلا بالمعنى الاصطلاحي أي : أخرج المعنى عن ظاهره ليس الأمر كذلك وحينما قال : قوله تعالى : (( وهو معكم )) بعلمه هذا ليس تأويلا بالمعنى الاصطلاحي أي : كان ينبغي أن يقول كما يبدو من كلام السائل وهو معكم بذاته أو أن يسكت وألا يفسر ما دام أن ابن عباس أولا فسر هذه الجملة من هذه الآية بمعنى وهو معكم أينما كنتم )) بعلمه فهذا تفسير من ترجمان القرآن وثانيا : ليس تأويلا بالمعنى الاصطلاحي أي : لم يخرج دلالة .
11 - في كثير من التفاسير إن لم يكن كلها يتأولون قول الله تعالى : (( وهو معكم أينما كنتم )) بأنه سبحانه معنا بعلمه وسمعه وبصره ويتأولون قوله تعالى : (( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد )) بأن الملائكة هي القريبة منا فما رأي فضيلتكم إذا خرجنا من هذا التأويل وقلنا بأن الله تبارك وتعالى معنا معية تليق بجلاله سبحانه وقريب منا قربا يليق بجلاله ؟ أستمع حفظ