متفرقات-073
حديث الشيخ عن مفهوم القضاء والقدر.
الشيخ : والواجب بما يبدو لنا هذا الأمر الثاني فالقدر هو التنظيم الإلهي لما قدره في سابق علمه ونظمه وفق علمه الأزلي وقدره تقديرا فإذا ما تحقق هذا القدر ووقع صار قضاء فالقضاء إذن هو وقوع المقدر وقبل أن يقع يكون قدرا ولا يكون قضاء
هذا ما يتعلق بمفهوم القضاء والقدر وهذا البحث في الواقع من المسائل الاعتقادية التي يجب الإيمان بها والتصديق بها لمجيء آيات كثيرة في الكتاب وأحاديث أكثر من الآيات كل ذلك يثبت أن القدر من الإيمان ولا يؤمن العبد الإيمان الصحيح إلا بأن يعتقد بأن الله عز وجل قد قدّر الأمور في سابق علمه تقديرا ونظمها تنظيما بديعا مقرونا بالحكمة وبالإرادة الصادقة التي لا يردها شيء
هذا ما يتعلق بمفهوم القضاء والقدر وهذا البحث في الواقع من المسائل الاعتقادية التي يجب الإيمان بها والتصديق بها لمجيء آيات كثيرة في الكتاب وأحاديث أكثر من الآيات كل ذلك يثبت أن القدر من الإيمان ولا يؤمن العبد الإيمان الصحيح إلا بأن يعتقد بأن الله عز وجل قد قدّر الأمور في سابق علمه تقديرا ونظمها تنظيما بديعا مقرونا بالحكمة وبالإرادة الصادقة التي لا يردها شيء
حديث الشيخ على فرقة الجبرية عن إيمانهم بالقدر.
الشيخ : ولما كان الأمر كذلك أي أن كل شيء قدره الله عز وجل فلابد من أن يقع تفرّق الناس حول هذا القدر على مذاهب ثلاثة
مذهبان التقيا بالإيمان به والتصديق به كما هو الواجب ثم افترقا في تفسير القدر من حيث تعلقه بكسب الإنسان وإرادته
فأحدهما ذهب إلى أنه لا تلازم بين الإيمان بالقدر والإيمان بأن الإنسان على ذلك فهو مجبر وهؤلاء هم الذين يسمون بالجبرية ومن هؤلاء مع الأسف طائفة الأشعرية فهم يقولون ما دام أن كل شيء بقدر وكل شيء قدرناه تقديرا وكما في حديث البخاري وغيره عن النبي صلى عليه وآله وسلم أنه قال ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ) وهذا الحديث وقع في كتاب الجامع في الأصول التاج الجامع للأصول بزيادة في متنه لا أصل لها وهي ( كل شيء بقضاء وقدر ) فلفظة بقضاء لا أصل لها في الحديث وهو عزى الحديث بهذه الزيادة إلى البخاري وغيره من أصحاب الكتب الستة ولا أصل لهذه الزيادة عند أحد منهم بل ولا عند غيرهم ممن خرج الحديث
فالشاهد فالأشاعرة تبعا للجبرية قالوا ما دام أن كل شيء قدره الله وأن ما قدره الله لابد أنه واقع فإذن فالإنسان مجبور ليس بمختار
مذهبان التقيا بالإيمان به والتصديق به كما هو الواجب ثم افترقا في تفسير القدر من حيث تعلقه بكسب الإنسان وإرادته
فأحدهما ذهب إلى أنه لا تلازم بين الإيمان بالقدر والإيمان بأن الإنسان على ذلك فهو مجبر وهؤلاء هم الذين يسمون بالجبرية ومن هؤلاء مع الأسف طائفة الأشعرية فهم يقولون ما دام أن كل شيء بقدر وكل شيء قدرناه تقديرا وكما في حديث البخاري وغيره عن النبي صلى عليه وآله وسلم أنه قال ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ) وهذا الحديث وقع في كتاب الجامع في الأصول التاج الجامع للأصول بزيادة في متنه لا أصل لها وهي ( كل شيء بقضاء وقدر ) فلفظة بقضاء لا أصل لها في الحديث وهو عزى الحديث بهذه الزيادة إلى البخاري وغيره من أصحاب الكتب الستة ولا أصل لهذه الزيادة عند أحد منهم بل ولا عند غيرهم ممن خرج الحديث
فالشاهد فالأشاعرة تبعا للجبرية قالوا ما دام أن كل شيء قدره الله وأن ما قدره الله لابد أنه واقع فإذن فالإنسان مجبور ليس بمختار
حديث الشيخ عن الماتريدية في إيمانهم بالإيمان بالقدر.
الشيخ : أما الماتريدية الذين التقوا مع الأشاعرة بالإيمان بالقدر الإلهي فإنهم يخالفون الأشاعرة فيما ذهبوا إليه من استلزام الجبر من الإيمان بالقدر فقالت الماتريدية لا جبر وإنما الإنسان مختار في كثير من أعماله وفي قسم آخر هو ليس له فيها اختيار بل هو عليها مجبور
حديث الشيخ عن المعتزلة في إيمانهم بالقدر.
الشيخ : أما الفرقة الثالثة الذين خالفوا الفرقتين المذكورتين فهم المعتزلة حيث قالوا لا قدر فنفوا القدر من أصله وكان موقفهم تجاه النصوص المثبتة للقدر من الكتاب والسنة موقفا يشبه تماما مواقفهم الأخرى تجاه النصوص تخالف هذه النصوص عقائدهم وذلك بأن تأولوا الآيات التي فيها التقدير بما أمكنهم من تأويل وردوا الأحاديث الصريحة بالقضاء والقدر
وهذا طبعا من ضلال المعتزلة حيث لزمهم رد عشرات النصوص تارة بطريق الإنكار ما وسعهم الإنكار وهذا خاص بالسنة وتارة بطريق التأويل وهو إخراج النص عن دلالته الواضحة البينة إلى معنى لا يخطر في البال إلا بكثير من التكلّف
لماذا أنكر المعتزلة الإيمان بالقدر الحقيقة لأنه أشكل عليهم الأمر كما أشكل الأمر على طائفة من الطائفتين الأوليين ألا وهم الجبرية حيث أنهم فهموا من القدر أن الإنسان مجبور ليس له اختيار لكن ما طال بهم الإشكال فقالوا ما دام أن القدر يستلزم الجبر فنحن نؤمن بأن الإنسان مجبور
أما المعتزلة فهم التقوا مع الجبرية من جهة وفارقوهم من جهة أخرى ذلك أنهم شاركوا الجبرية في فهمهم من القدر الجبر ولكنهم فارقوهم وخالفوهم وقالوا ما دام أن القدر معناه الجبر فالجبر باطل وما لزم منه باطل فهو باطل فإذن لا قدر والحق أن القدر لا يلزم منه الجبر
ذلك لأن القدر الإلهي قدّر كل شيء سيقع حسب العلم الإلهي الأزلي
وهذا طبعا من ضلال المعتزلة حيث لزمهم رد عشرات النصوص تارة بطريق الإنكار ما وسعهم الإنكار وهذا خاص بالسنة وتارة بطريق التأويل وهو إخراج النص عن دلالته الواضحة البينة إلى معنى لا يخطر في البال إلا بكثير من التكلّف
لماذا أنكر المعتزلة الإيمان بالقدر الحقيقة لأنه أشكل عليهم الأمر كما أشكل الأمر على طائفة من الطائفتين الأوليين ألا وهم الجبرية حيث أنهم فهموا من القدر أن الإنسان مجبور ليس له اختيار لكن ما طال بهم الإشكال فقالوا ما دام أن القدر يستلزم الجبر فنحن نؤمن بأن الإنسان مجبور
أما المعتزلة فهم التقوا مع الجبرية من جهة وفارقوهم من جهة أخرى ذلك أنهم شاركوا الجبرية في فهمهم من القدر الجبر ولكنهم فارقوهم وخالفوهم وقالوا ما دام أن القدر معناه الجبر فالجبر باطل وما لزم منه باطل فهو باطل فإذن لا قدر والحق أن القدر لا يلزم منه الجبر
ذلك لأن القدر الإلهي قدّر كل شيء سيقع حسب العلم الإلهي الأزلي
أقسام افعال العباد
الشيخ : ونحن إذا درسنا واقع الإنسان المكلف من الناحية النفسية المتعلقة بكل مكلف منا فسنجد أن كلما يصدر منه من أعمال لابد أن يكون على قسمين:
قسم منها هو له فيها محض الاختيار ولا يحس فيها بشيء ما من الإجبار وقسم آخر على النقيض من ذلك تماما يشعر بل يعلم ويحس أنه ليس له في ذلك شيء من الاختيار فهو الجبر لكن هذا القسم لا يتعلق بشيء من التكليف ولا ثواب ولا عقاب ولا حساب وإنما هذا كله يتعلق بالقسم الأول ألا وهو القسم الذي له فيه الاختيار
نحن مثلا نفرّق بين ما يصدر من الإنسان باختياره قاصدا إليه وبين ما يصدر منه باضطراره ليس له فيه رغبة مطلقا
فمثلا الآن أنا أتكلم أحس وأشعر وأعلم بأن هناك حركتان أو نوعان من الحركة الحركة الأولى فمي ولساني وربما شيء من بدني من يدي فهل يشك أحد بأنني مختار كل الاختيار في هذا النوع من الحركات
وعلى العكس من ذلك أجد في نفسي هنا حركة في الداخل وهي نبضات القلب وآثار هذا النبض في الوريد هنا هذا ليس لي فيه اختيار هذا النوع هو مثل مما يقال إن الإنسان مجبور عليه أما النوع الأول من كلامي ومن إشاراتي فهذا مثال واضح لكون الإنسان فيه مختار
كل منا يفرّق بين هذه الحركة التي أنا أشير بها وبين حركة المصاب بنوع من المرض وبمثل ثالث مثلا الذي تهتز يده رغما عنه أو من فرضت عليه الشيخوخة حيث بلغ صاحبها من الكبر عتيا فنجده ترتعش يده من شيخوخته هذا ليس له في هذه الحركة اختيار
فإذن التفريق بين حركة المختار وحركة المضطر تفريق ضروري يشعر به الإنسان ويحس بحواسه فلابد من القول بهذا التفريق لاسيما والشارع الحكيم قد حكم بهذا التفريق لو أن إنسانا رمى عصفورا فأصاب شخصا هذا كما هو معلوم قتل خطأ والشارع الحكيم لا يؤاخذ هذا الإنسان ولا يعتبره قاتلا مجرما
على العكس من ذلك الشخص الآخر الذي تعمد قتل إنسان فهذا يعاقب عليه والسبب واضح وهو أنه فعل ذلك باختياره هذا التفريق لا يستطيع لأن الشارع فرّق بين ... عمله ... لا ولأن الواقع والحس يشهد بأن هذا قتل عمدا وهذا قتل خطأ
إذن أعمال الإنسان من حيث تعلقها بها ليست كلها هو مختار فيها والعكس أيضا ليس كذلك بل هو مجبر عليها كلها وإنما بعضها هكذا وبعضها هكذا
إذا عرفنا هاتين الحقيقتين الشرعية والواقعية نعود إلى القدر الإلهي فالقدر الإلهي قد سجّل ما سيقع من كل مكلف على ما وقع منه فالذي مثلا قتل عمدا مسجل في اللوح المحفوظ في القدر الإلهي قبل وقوع القتل منه أنه يقتل عاملا متعمدا وذاك القتل الآخر الذي يقع خطأ مكتوب في اللوح المحفوظ أنه يقتل خطأ فالقدر الإلهي كما قلنا هو تقدير طبق العلم الإلهي سبحانه وتعالى والعلم الإلهي علم أحاط بكل شيء علما لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء
فإذن القتل العمد مسجل في القدر الإلهي قتل عمد والقتل الخطأ مسجل في اللوح أو في القدر الإلهي بأنه قتل خطأ إذا عرفنا ذلك تبطل حجة الجبرية حيث قالوا ما دام أن هناك قدر فلابد أنه مقرون بالجبر لأننا نقول إن القدر على قسمين لأنه استكشاف للواقع والواقع قسمان قسم فعل مجبورا وقسم فعل مختارا فلا يستوي هذا مع هذا وكله قدر
فما قدره الله على الإنسان باختياره فهو مؤاخذ عليه لأنه فعله باختياره ولا يحس أبدا أحدنا وهذا هو المثال الآن كما قلت في كلامي لا يحس أي إنسان سواء من وقع فيه الحركة أو من شاهدها لأن هذا الإنسان مجبور كيف يقال أنا مجبور وأنا أتكلم بمحض اختياري ثم إذا شئت سكت فورا وأنا أسكت الآن
فأين الجبر؟ فادعاء الجبر في كل حركات الإنسان هذا عين الباطل شرعا وواقعا لكن هناك قلب ينبض ويتحرك لا أملكه
هناك أمر مفروض عليّ في قامتي وفي طولي وفي لوني وفي تقاطيع جسدي ووجهي ونحو ذلك وكل واحد منكم كذلك هل له في ذلك اختيار أبدا لا
ها نحن خلقنا ذكورا وأولئك خلقهن نساء فهل لهن الاختيار في ذلك؟ لا فلابد من التفريق بين أمور خلقها الله رغما عنا فلا خيرة لنا في ذلك وبين أمور أخرى على أساسها قال (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) لأنه لنا الخيار
ما قال لنا مثلا من شاء منكم أن يكون ذكرا فليكن ذكرا ومن شاء منكم أن يكون امرأة فليكن امرأة لا فيه شيء مفروض علينا فرضا لا خيرة لنا فيه فهذا قدر مقرون بالجبر منذ التقدير الإلهي وذاك النوع الإلهي قدر مقرون بالاختيار
إذن لا حجة للجبرية في قولهم أن القدر يساوي الجبر لأن هذا تكذيب أولا للواقع وتكذيب للشريعة حيث فرّق في معاملة الشريعة للناس بين المختار وبين المضطر
فأين نذهب بهذا التفريق حينما نقول نحن القدر يساوي الجبر فسقط الادعاء لأنه يلزم من القدر الجبر وبالتالي بطل إنكار المعتزلة للقدر لأن سبب الإنكار كان بسبب مشاركتهم للجبرية في فهمهم من القدر الجبر غاية مافي الأمر أن المعتزلة انتبهوا لبطلان الجبر ولكنهم قالوا ما دام أن القدر يلزم منه الجبر فإذن لا قدر فكلتا الطائفتين من الجبرية والمعتزلة مبطلة إلا أن بطلان إحداهما أشد خطرا من الأخرى
قسم منها هو له فيها محض الاختيار ولا يحس فيها بشيء ما من الإجبار وقسم آخر على النقيض من ذلك تماما يشعر بل يعلم ويحس أنه ليس له في ذلك شيء من الاختيار فهو الجبر لكن هذا القسم لا يتعلق بشيء من التكليف ولا ثواب ولا عقاب ولا حساب وإنما هذا كله يتعلق بالقسم الأول ألا وهو القسم الذي له فيه الاختيار
نحن مثلا نفرّق بين ما يصدر من الإنسان باختياره قاصدا إليه وبين ما يصدر منه باضطراره ليس له فيه رغبة مطلقا
فمثلا الآن أنا أتكلم أحس وأشعر وأعلم بأن هناك حركتان أو نوعان من الحركة الحركة الأولى فمي ولساني وربما شيء من بدني من يدي فهل يشك أحد بأنني مختار كل الاختيار في هذا النوع من الحركات
وعلى العكس من ذلك أجد في نفسي هنا حركة في الداخل وهي نبضات القلب وآثار هذا النبض في الوريد هنا هذا ليس لي فيه اختيار هذا النوع هو مثل مما يقال إن الإنسان مجبور عليه أما النوع الأول من كلامي ومن إشاراتي فهذا مثال واضح لكون الإنسان فيه مختار
كل منا يفرّق بين هذه الحركة التي أنا أشير بها وبين حركة المصاب بنوع من المرض وبمثل ثالث مثلا الذي تهتز يده رغما عنه أو من فرضت عليه الشيخوخة حيث بلغ صاحبها من الكبر عتيا فنجده ترتعش يده من شيخوخته هذا ليس له في هذه الحركة اختيار
فإذن التفريق بين حركة المختار وحركة المضطر تفريق ضروري يشعر به الإنسان ويحس بحواسه فلابد من القول بهذا التفريق لاسيما والشارع الحكيم قد حكم بهذا التفريق لو أن إنسانا رمى عصفورا فأصاب شخصا هذا كما هو معلوم قتل خطأ والشارع الحكيم لا يؤاخذ هذا الإنسان ولا يعتبره قاتلا مجرما
على العكس من ذلك الشخص الآخر الذي تعمد قتل إنسان فهذا يعاقب عليه والسبب واضح وهو أنه فعل ذلك باختياره هذا التفريق لا يستطيع لأن الشارع فرّق بين ... عمله ... لا ولأن الواقع والحس يشهد بأن هذا قتل عمدا وهذا قتل خطأ
إذن أعمال الإنسان من حيث تعلقها بها ليست كلها هو مختار فيها والعكس أيضا ليس كذلك بل هو مجبر عليها كلها وإنما بعضها هكذا وبعضها هكذا
إذا عرفنا هاتين الحقيقتين الشرعية والواقعية نعود إلى القدر الإلهي فالقدر الإلهي قد سجّل ما سيقع من كل مكلف على ما وقع منه فالذي مثلا قتل عمدا مسجل في اللوح المحفوظ في القدر الإلهي قبل وقوع القتل منه أنه يقتل عاملا متعمدا وذاك القتل الآخر الذي يقع خطأ مكتوب في اللوح المحفوظ أنه يقتل خطأ فالقدر الإلهي كما قلنا هو تقدير طبق العلم الإلهي سبحانه وتعالى والعلم الإلهي علم أحاط بكل شيء علما لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء
فإذن القتل العمد مسجل في القدر الإلهي قتل عمد والقتل الخطأ مسجل في اللوح أو في القدر الإلهي بأنه قتل خطأ إذا عرفنا ذلك تبطل حجة الجبرية حيث قالوا ما دام أن هناك قدر فلابد أنه مقرون بالجبر لأننا نقول إن القدر على قسمين لأنه استكشاف للواقع والواقع قسمان قسم فعل مجبورا وقسم فعل مختارا فلا يستوي هذا مع هذا وكله قدر
فما قدره الله على الإنسان باختياره فهو مؤاخذ عليه لأنه فعله باختياره ولا يحس أبدا أحدنا وهذا هو المثال الآن كما قلت في كلامي لا يحس أي إنسان سواء من وقع فيه الحركة أو من شاهدها لأن هذا الإنسان مجبور كيف يقال أنا مجبور وأنا أتكلم بمحض اختياري ثم إذا شئت سكت فورا وأنا أسكت الآن
فأين الجبر؟ فادعاء الجبر في كل حركات الإنسان هذا عين الباطل شرعا وواقعا لكن هناك قلب ينبض ويتحرك لا أملكه
هناك أمر مفروض عليّ في قامتي وفي طولي وفي لوني وفي تقاطيع جسدي ووجهي ونحو ذلك وكل واحد منكم كذلك هل له في ذلك اختيار أبدا لا
ها نحن خلقنا ذكورا وأولئك خلقهن نساء فهل لهن الاختيار في ذلك؟ لا فلابد من التفريق بين أمور خلقها الله رغما عنا فلا خيرة لنا في ذلك وبين أمور أخرى على أساسها قال (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) لأنه لنا الخيار
ما قال لنا مثلا من شاء منكم أن يكون ذكرا فليكن ذكرا ومن شاء منكم أن يكون امرأة فليكن امرأة لا فيه شيء مفروض علينا فرضا لا خيرة لنا فيه فهذا قدر مقرون بالجبر منذ التقدير الإلهي وذاك النوع الإلهي قدر مقرون بالاختيار
إذن لا حجة للجبرية في قولهم أن القدر يساوي الجبر لأن هذا تكذيب أولا للواقع وتكذيب للشريعة حيث فرّق في معاملة الشريعة للناس بين المختار وبين المضطر
فأين نذهب بهذا التفريق حينما نقول نحن القدر يساوي الجبر فسقط الادعاء لأنه يلزم من القدر الجبر وبالتالي بطل إنكار المعتزلة للقدر لأن سبب الإنكار كان بسبب مشاركتهم للجبرية في فهمهم من القدر الجبر غاية مافي الأمر أن المعتزلة انتبهوا لبطلان الجبر ولكنهم قالوا ما دام أن القدر يلزم منه الجبر فإذن لا قدر فكلتا الطائفتين من الجبرية والمعتزلة مبطلة إلا أن بطلان إحداهما أشد خطرا من الأخرى
حديث الشيخ على خطر إيمان الجبرية.
الشيخ : فالجبرية حينما يؤمنون بالقدر وأنه يلزم من القدر كله أن المقدّر عليه مجبور على ما قدر عليه في ذلك إبطال للشرائع أي نسبة ما لا يليق بالله عز وجل من التشريع الذي يستلزم إنزال الكتب وإرسال الرسل وتكليف العباد بما أنزل وما أرسل
فهذا معناه نسبة الرعونة وعدم الحكمة إلى الله عز وجل إذا ما قالوا أن الإنسان مجبور
فكيف يرتقي في ذهن العقلاء الفقهاء بالشرع الإلهي كيف يلتقي في أذهان هؤلاء تكليف وجبر ؟كيف يقال للمغلل بالأغلال امشي افعل صل توضأ وهو مجبور لا يستطيع ذلك؟
لو أن إنسانا مخلوقا له عبد رقيق قيده في شجرة ثم أمره أن ينطلق لحاجة كذا ماذا يقول الناس في هذا السيد لاشك أنه ظالم لأنه يأمر عبده بأمر وقد غلله أي حال بينه وبين أن يتمكن من طاعة سيده لا شك أن العقلاء جميعا ينسبون هذا السيد إلى الظلم وهذا هو عينه ما اعتقده الجبرية بالخالق سبحانه وتعالى فقال قائلهم شعرا
" ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء "
هذا وصفهم لله وكذبوا فإن الله عز وجل لو كان كذلك لكان هو عين الظلم
والله عز وجل قد صرّح في غير ما آية بأنه لا يظلم الناس شيئا وقال في الحديث القدسي ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) أتدرون ما كان جواب الجبرية بالنسبة لهذه الأخبار الإلهية التي تنزه الله عن الظلم صراحة ماذا قالوا شأنهم دائما وأبدا شأن المعطلة المؤولة يضربون النصوص لكي تتفق مع مفاهيمهم الخاطئة قالوا لا يتصور أن يكون الله ظالما وحقيقة قولهم لا يمكن الله أن يظلم وهذه قضية فيها دقة فيها خطورة نعم
السائل : ...
الشيخ : أيوا هذا من ناحية ومن الناحية الثانية ربنا ينزه نفسه عن الظلم هذا معناه أنه لو شاء لظلم لكنه يترفع عن ذلك وهذا هو الكمال
أما أن نتصور أن الله عز وجل لا يمكن أن يظلم كيف لا يمكن في تعبير الجبرية قالوا الظلم هو تصرف الإنسان في مال الغير أما الله عز وجل فهو يتصرف في خلقه فإذن هو لا يتصرف في ملك غيره فلذلك لا يتصور أن يقع منه ظلم لا يقولون لا يتصور أن يقع منه ظلم لأنه عادل ولأنه منزه عن الظلم كما سمعتم بصورة خاصة في الحديث وإنما لأنه هذا غير ممكن هذا التأويل الباطل سببه أنهم فهموا من القدر ... إيش الحجة (( فعال لما يريد )) (( لا يسأل عما يفعل )) هذا فيه إبطال لنصوص كثيرة وكثيرة جدا من الشريعة وهي كلها تدور حول تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به كمثل قوله تبارك وتعالى (( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ))
ماذا يجيب الأشاعرة عن هذا النص الصريح بأن الله عز وجل يتنزه عن أن يعامل المتقين كالمجرمين يقولون هذا حكم الشرع أما العقل فيقول بأنه من الجائز في حق الله عز وجل أن يضع الصالح مكان الطالح والطالح مكان الصالح فقيل لهم آه فالعقل إذن مخالف للشرع والشرع مخالف للعقل
يرجعون أخيرا فيقولون يعني إن الله عز وجل قادر على تعذيب الطائع وإثابة العاصي لكنه إيش لا يفعل يعود السؤال لا يفعل عقلا أم شرعا يقولون شرعا أما عقلا فجائز ليه لأنه إن فعل لم يتصرف في غير ملكه فهو فعال لما يشاء
فكأنهم يقولون إن الله عز وجل من الجائز أن يعمل عملا في عرف الناس جميعا هو ظلم لكنه إذا وقع من الله ليس بظلم لأنه يتصرف في ملكه حينئذ ما معنى الحديث السابق من كلام الله عز وجل ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) إيش معنى حرمت الظلم على نفسي معنى ذلك أنه قادر فعلا على أن يظلم الناس ولكنه حاشاه تبارك وتعالى أن يظلم الناس مثقال ذرة
فهذا معناه نسبة الرعونة وعدم الحكمة إلى الله عز وجل إذا ما قالوا أن الإنسان مجبور
فكيف يرتقي في ذهن العقلاء الفقهاء بالشرع الإلهي كيف يلتقي في أذهان هؤلاء تكليف وجبر ؟كيف يقال للمغلل بالأغلال امشي افعل صل توضأ وهو مجبور لا يستطيع ذلك؟
لو أن إنسانا مخلوقا له عبد رقيق قيده في شجرة ثم أمره أن ينطلق لحاجة كذا ماذا يقول الناس في هذا السيد لاشك أنه ظالم لأنه يأمر عبده بأمر وقد غلله أي حال بينه وبين أن يتمكن من طاعة سيده لا شك أن العقلاء جميعا ينسبون هذا السيد إلى الظلم وهذا هو عينه ما اعتقده الجبرية بالخالق سبحانه وتعالى فقال قائلهم شعرا
" ألقاه في اليم مكتوفا ثم قال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء "
هذا وصفهم لله وكذبوا فإن الله عز وجل لو كان كذلك لكان هو عين الظلم
والله عز وجل قد صرّح في غير ما آية بأنه لا يظلم الناس شيئا وقال في الحديث القدسي ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) أتدرون ما كان جواب الجبرية بالنسبة لهذه الأخبار الإلهية التي تنزه الله عن الظلم صراحة ماذا قالوا شأنهم دائما وأبدا شأن المعطلة المؤولة يضربون النصوص لكي تتفق مع مفاهيمهم الخاطئة قالوا لا يتصور أن يكون الله ظالما وحقيقة قولهم لا يمكن الله أن يظلم وهذه قضية فيها دقة فيها خطورة نعم
السائل : ...
الشيخ : أيوا هذا من ناحية ومن الناحية الثانية ربنا ينزه نفسه عن الظلم هذا معناه أنه لو شاء لظلم لكنه يترفع عن ذلك وهذا هو الكمال
أما أن نتصور أن الله عز وجل لا يمكن أن يظلم كيف لا يمكن في تعبير الجبرية قالوا الظلم هو تصرف الإنسان في مال الغير أما الله عز وجل فهو يتصرف في خلقه فإذن هو لا يتصرف في ملك غيره فلذلك لا يتصور أن يقع منه ظلم لا يقولون لا يتصور أن يقع منه ظلم لأنه عادل ولأنه منزه عن الظلم كما سمعتم بصورة خاصة في الحديث وإنما لأنه هذا غير ممكن هذا التأويل الباطل سببه أنهم فهموا من القدر ... إيش الحجة (( فعال لما يريد )) (( لا يسأل عما يفعل )) هذا فيه إبطال لنصوص كثيرة وكثيرة جدا من الشريعة وهي كلها تدور حول تنزيه الله عز وجل عما لا يليق به كمثل قوله تبارك وتعالى (( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ))
ماذا يجيب الأشاعرة عن هذا النص الصريح بأن الله عز وجل يتنزه عن أن يعامل المتقين كالمجرمين يقولون هذا حكم الشرع أما العقل فيقول بأنه من الجائز في حق الله عز وجل أن يضع الصالح مكان الطالح والطالح مكان الصالح فقيل لهم آه فالعقل إذن مخالف للشرع والشرع مخالف للعقل
يرجعون أخيرا فيقولون يعني إن الله عز وجل قادر على تعذيب الطائع وإثابة العاصي لكنه إيش لا يفعل يعود السؤال لا يفعل عقلا أم شرعا يقولون شرعا أما عقلا فجائز ليه لأنه إن فعل لم يتصرف في غير ملكه فهو فعال لما يشاء
فكأنهم يقولون إن الله عز وجل من الجائز أن يعمل عملا في عرف الناس جميعا هو ظلم لكنه إذا وقع من الله ليس بظلم لأنه يتصرف في ملكه حينئذ ما معنى الحديث السابق من كلام الله عز وجل ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ) إيش معنى حرمت الظلم على نفسي معنى ذلك أنه قادر فعلا على أن يظلم الناس ولكنه حاشاه تبارك وتعالى أن يظلم الناس مثقال ذرة
أثر الإيمان الخاطئ لهذه الفرق.
الشيخ : كل هذه الاشتراطات في تفسير النصوص وتأويلها تأويلا باطلا أوقعهم الفهم الخطأ للقدر الإلهي حيث قالوا قدر يساوي جبر وانتهت المشكلة وهذه التكاليف كلها تصرف من الله بحكم جبروتيته فهو فعال لما يشاء جبّار فأين تنزه أو تنزيه الإله نحن بصفتنا أننا نؤمن بما وصف به نفسه من ذلك لا يظلم الناس شيئا لماذا لأنه قادر على الظلم فهو منزه عن ذلك
أما لو كان لا يتصور في حقه ظلم فما معنى تنزيه نفسه من ذلك ثم ما معنى كونه عليه السلام في الحديث القدسي ( إني حرمت الظلم على نفسي ) هذا نص صريح بأن الذي يحرم الشيء على نفسه هو قادر عليه ولا يظهر الكمال الإلهي إلا بأن نتصور أنه قادر على الظلم وإلا لم يكن كمالا إذا إنسان عاجز عن أن يأخذ حقه من ظالمه وبعدين شو قال روح سامحتك ليس له فضل في ذلك إطلاقا لأنه عاجز لكن إنما إيش العفو عند المقدرة
فالله عز وجل قادر على أن يعذب من شاء من عباده بالحق وبالباطل لكنه حاشاه أن يعذب بالباطل لأنه نزه نفسه عن ذلك ويتصور أن الله عز وجل يعذب الإنسان بغير حق هذا تصور عقلي من حيث تعلق ذلك بالقدرة الإلهية أما من حيث تعلق ذلك بالإرادة الإلهية التي لا تنفصل عن العدل وعن الحكمة فذلك أمر مستحيل لذلك يجب أن نفهم هذه المسألة نجمع فيها بين الإيمان بالقدر وبين الحكم بالبطلان على الجبر لأنه لا يجتمع تكليف وجبر لكن نشاهد الطرف الثاني أن هناك أمورا أخرى تقع من الإنسان رغما عنه وهذا موجود في الحياة في منطلق الإنسان كثيرا بعضنا يخطط لشيء يخطط لتجارة يخطط لصناعة ويعمل جهده بأن ينجح في ذلك وإذا بالقدر الإلهي يتدخل فيصرفه إلى حيث لا يريد ولا يخطر في باله هذا الإنسان طبعا مجبور في مثل ذلك
أما أن تقول جواب من يؤاخذك وينصحك يا أخي ما تصلي والله حتى الله يريد كيف حتى الله يريد الله عز وجل لا يريد لعباده إلا الخير وقال (( لا يرضى لعباده الكفر )) فأنت لا تصلي وباستطاعتك أن تصلي فلماذا لا تصلي إذا كان مقدر عليّ الصلاة فسأصلي وإلا فأنا لا أستطيع أن أصلي إذا كان مقدر عليّ عدم الصلاة
تأتي السنة الآن فتؤكد هذا المنطق الصحيح وهو أن الإنسان يعمل حسب القدر الإلهي الذي هو كما قلنا على نوعين قدر مكتوب فيه إنه الإنسان يفعل الشيء الفلاني اختيارا والشيء الفلاني يعمله اضطرارا فهذا الذي لا يصلي هل هو يحس بأنه فعلا مرغم على أن لا يصلي أبدا
لذلك قال عليه الصلاة والسلام حينما ذكر أن الإنسان قد سجل عليه بالسعادة والشقاوة فجاء السؤال التقليدي إذا كان الأمر كذلك ( قالوا يا رسول الله ففيم العمل ) ما دام السعادة والشقاوة مسجل في القدر الإلهي منذ الأزل فما فائدة العمل قال عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) إذن إن ربنا عز وجل مع التقدير الإلهي قد مكّن الإنسان من أن يكون حسب اختياره صالحا أو طالحا مكنه لذلك وجعل له علامة وهو ( كل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار )
إذن هناك علامة فارقة بين أهل السعادة وبين أهل الشقاوة ماهي هذه العلامة العمل الصالح والعمل الطالح بناء على هذا جاء في بعض الأحاديث الصحيحة في مستدرك الحاكم وفي غيره ( أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له يا رسول الله هل أستطيع ) معنى الحديث الآن ما عم أتذكر لفظه ( هل بإمكاني وباستطاعتي أن أعرف نفسي إذا كنت محسنا أو مسيئا قال سل جيرانك ) يعني الذين يعرفونك ويعاملونك ( فإذا قالوا أنت محسن فأنت محسن وإذا قالوا أنت مسيء فأنت مسيء ) فهذا الحديث ربط سعادة الإنسان بعمله وشقاوته بعمله فالتسجيل الذي يحتج به الناس إنه مكتوب عليه شقاوة فماذا يفيده العمل ومكتوب على شخص آخر السعادة فماذا يضره العمل ؟
الجواب السعادة كتبت ولوحظ فيها أنه يعمل عمل أهل السعداء والشقاوة كتبت لماذا لأنه لوحظ فيها أن صاحبها يعمل عمل سيئا لذلك قال عليه السلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) على هذا الأساس جاء أن الأعمال هي أسباب: إما لدخول الجنة وإما لدخول النار وهذا صريح القرآن الكريم في مثل قوله عز وجل في أهل الجنة (( وتلك الجنة التي أورثتموها )) بالقدر الإلهي لا (( بما كنتم تعملون )) لكن هذا العمل لا شك هو مسجل في القدر الإلهي لأنه أحيط بكل شيء كما قلنا عن الرسول عليه الصلاة والسلام ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )
وفي النص الآخر القرآني (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) وهنا يأتي عادة إشكال يتوهمه بعض الناس بين هذه الآية وتلك من جهة وبين حديث آخر جاء ... ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ولكن بفضل الله ورحمته قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وفضله )
أما لو كان لا يتصور في حقه ظلم فما معنى تنزيه نفسه من ذلك ثم ما معنى كونه عليه السلام في الحديث القدسي ( إني حرمت الظلم على نفسي ) هذا نص صريح بأن الذي يحرم الشيء على نفسه هو قادر عليه ولا يظهر الكمال الإلهي إلا بأن نتصور أنه قادر على الظلم وإلا لم يكن كمالا إذا إنسان عاجز عن أن يأخذ حقه من ظالمه وبعدين شو قال روح سامحتك ليس له فضل في ذلك إطلاقا لأنه عاجز لكن إنما إيش العفو عند المقدرة
فالله عز وجل قادر على أن يعذب من شاء من عباده بالحق وبالباطل لكنه حاشاه أن يعذب بالباطل لأنه نزه نفسه عن ذلك ويتصور أن الله عز وجل يعذب الإنسان بغير حق هذا تصور عقلي من حيث تعلق ذلك بالقدرة الإلهية أما من حيث تعلق ذلك بالإرادة الإلهية التي لا تنفصل عن العدل وعن الحكمة فذلك أمر مستحيل لذلك يجب أن نفهم هذه المسألة نجمع فيها بين الإيمان بالقدر وبين الحكم بالبطلان على الجبر لأنه لا يجتمع تكليف وجبر لكن نشاهد الطرف الثاني أن هناك أمورا أخرى تقع من الإنسان رغما عنه وهذا موجود في الحياة في منطلق الإنسان كثيرا بعضنا يخطط لشيء يخطط لتجارة يخطط لصناعة ويعمل جهده بأن ينجح في ذلك وإذا بالقدر الإلهي يتدخل فيصرفه إلى حيث لا يريد ولا يخطر في باله هذا الإنسان طبعا مجبور في مثل ذلك
أما أن تقول جواب من يؤاخذك وينصحك يا أخي ما تصلي والله حتى الله يريد كيف حتى الله يريد الله عز وجل لا يريد لعباده إلا الخير وقال (( لا يرضى لعباده الكفر )) فأنت لا تصلي وباستطاعتك أن تصلي فلماذا لا تصلي إذا كان مقدر عليّ الصلاة فسأصلي وإلا فأنا لا أستطيع أن أصلي إذا كان مقدر عليّ عدم الصلاة
تأتي السنة الآن فتؤكد هذا المنطق الصحيح وهو أن الإنسان يعمل حسب القدر الإلهي الذي هو كما قلنا على نوعين قدر مكتوب فيه إنه الإنسان يفعل الشيء الفلاني اختيارا والشيء الفلاني يعمله اضطرارا فهذا الذي لا يصلي هل هو يحس بأنه فعلا مرغم على أن لا يصلي أبدا
لذلك قال عليه الصلاة والسلام حينما ذكر أن الإنسان قد سجل عليه بالسعادة والشقاوة فجاء السؤال التقليدي إذا كان الأمر كذلك ( قالوا يا رسول الله ففيم العمل ) ما دام السعادة والشقاوة مسجل في القدر الإلهي منذ الأزل فما فائدة العمل قال عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) إذن إن ربنا عز وجل مع التقدير الإلهي قد مكّن الإنسان من أن يكون حسب اختياره صالحا أو طالحا مكنه لذلك وجعل له علامة وهو ( كل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار )
إذن هناك علامة فارقة بين أهل السعادة وبين أهل الشقاوة ماهي هذه العلامة العمل الصالح والعمل الطالح بناء على هذا جاء في بعض الأحاديث الصحيحة في مستدرك الحاكم وفي غيره ( أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له يا رسول الله هل أستطيع ) معنى الحديث الآن ما عم أتذكر لفظه ( هل بإمكاني وباستطاعتي أن أعرف نفسي إذا كنت محسنا أو مسيئا قال سل جيرانك ) يعني الذين يعرفونك ويعاملونك ( فإذا قالوا أنت محسن فأنت محسن وإذا قالوا أنت مسيء فأنت مسيء ) فهذا الحديث ربط سعادة الإنسان بعمله وشقاوته بعمله فالتسجيل الذي يحتج به الناس إنه مكتوب عليه شقاوة فماذا يفيده العمل ومكتوب على شخص آخر السعادة فماذا يضره العمل ؟
الجواب السعادة كتبت ولوحظ فيها أنه يعمل عمل أهل السعداء والشقاوة كتبت لماذا لأنه لوحظ فيها أن صاحبها يعمل عمل سيئا لذلك قال عليه السلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) على هذا الأساس جاء أن الأعمال هي أسباب: إما لدخول الجنة وإما لدخول النار وهذا صريح القرآن الكريم في مثل قوله عز وجل في أهل الجنة (( وتلك الجنة التي أورثتموها )) بالقدر الإلهي لا (( بما كنتم تعملون )) لكن هذا العمل لا شك هو مسجل في القدر الإلهي لأنه أحيط بكل شيء كما قلنا عن الرسول عليه الصلاة والسلام ( كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )
وفي النص الآخر القرآني (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) وهنا يأتي عادة إشكال يتوهمه بعض الناس بين هذه الآية وتلك من جهة وبين حديث آخر جاء ... ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ولكن بفضل الله ورحمته قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وفضله )
الجمع بين الآية (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) وبين الحديث ( لا يدخل الجنة أحدكم بعمله ).
الشيخ : كيف التوفيق بين هذا الحديث ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ) وبين الآية (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) يتوهم بعض الناس أن هناك تعارضا واضحا بين الآية والحديث
والجواب ألا تعارض إطلاقا وذلك أن الباء في الآية هي غيرها في الحديث الباء في الآية هي باء سببية وباء السببية معروفة لغة وشرعا
أما الباء في الحديث فيسميها بعض المحققين من العلماء بأنها باء الثمنية الثمنية ثمن أي إن العمل الذي ينهض به الإنسان هو ليس ثمنا للجنة لأن مافي الجنة من نعيم مقيم أبد الدهر لا يصلح ثمنا أن يقول إنسان يؤمن بالله ويعبد الله في ستين سنة في مئة سنة في ألف سنة في مليون سنة هذا لا يصلح أن يكون ثمنا للجنة
لكن لابد من المفتاح لدخول الجنة فهو العمل إذن نستطيع نخرج بالنتيجة الآتية دخول الجنة بالعمل وأوله الإيمان ولكن التمتع بالجنة ليس ثمنه هذا العمل وإنما هو من فضل الله ورحمته لاسيما إذا استحضرنا بعض الأخبار التي تصف لنا ما للإنسان من ملك واسع جدا لا يتخيله عقل وهذا الملك الواسع الذي لا يتخيله العقل هو لأدنى الناس إيمانا كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ( إني لأعرف آخر رجل يخرج من النار وآخر رجل يدخل الجنة رجل يخرج من النار يحبو حبوا ) يزحف زحفا لا يستطيع أن يمشي مشيا هلكان خرج من النار وقد صار فحما يمشي من النار يستدل طريقه إلى الجنة
( وبينما هو كذلك تبدو له شجرة من بعيد لكنها شجرة عظيمة وارفة الظلال كثيرة الثمار فيطمع هذا العبد العاجز فيما عند الله عز وجل من خير ويقول يا رب أوصلني إلى تلك الشجرة كي أستظل بظلها وآكل من ثمرها وأشرب من مائها فيقول الله عز وجل أي عبدي هل عسيت أن تسألني غيرها قال لا اسألك غيرها فيوصله الله عز وجل إلى تلك الشجرة فيستظل بظلها ويأكل من ثمرها ويشرب من مائها ثم يتابع الطريق فتبدو له شجرة ثانية هي أنضر وأجمل وأعظم من الأولى فيقول يا رب ) يعيد الطلب ويعيد الله عز وجل له تحقيق الطلب فيذهب إلى هذه الشجرة الثانية ويأكل ويشرب إلى آخره كما سبق ( ثم يتابع الطريق فتبدو له شجرة ثالثة هي أجمل من الأولى والثانية ) فيعيد الطلب فيعيد الله عز وجل استجابة الطلب ( ثم يتابع طريقه حتى يقترب من باب الجنة فيقول يا رب ) ولعله في الحديث أنه يسمع كلام أهل الجنة ونعيمهم وسماع غناء الحور العين نحن الخالدات فلا يمتن نحن الناعمات فلا نبأسن ونحو ذلك
( فيقول يا رب ادخلني الجنة ادخلني الجنة فيقول ادخل الجنة ) فلا يكاد يصدق العبد هذا الفضل الإلهي ( فيقول الله ادخل الجنة ولك فيها ) هنا الشاهد ( ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها )
هذا الذي خرج آخر واحد من النار ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها هنا ( يضحك الرسول عليه السلام فيسأله ) راوي الحديث ( عبدالله بن مسعود لم ضحكت يا رسول الله ويقول لما قال الله عز وجل لعبده هذا ادخل الجنة لم يصدق قال يا رب أتهزأ بي وأنت الرب؟ تقول لي ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها فضحك الله من عبده فضحك نبيه لضحك ربه فضحك ابن مسعود لضحك نبيه )
ثم توارث بعض المحدثين هذا الحديث مسلسلا بالضحك في أنواع الأحاديث يسمى بالأحاديث المسلسلة كل واحد يقول كما قال الذي قبله حتى يصل الأمر إلى الرسول عليه السلام
مثلا أخذ بيدني وصافحني وقال لي حدثني فلان وأخذ بيدي وصافحني يسمى بحديث المصافحة وهكذا فهنا ضحك الرسول عليه السلام لأن الله ضحك متعجبا من عبده كيف لم يصدق ربه بفضله الذي أنعم عليه فإذا كان مثل هذا الإنسان أقل الناس إيمانا يعني في قلبه مثقال ذرة من إيمان هذه الذرة أخرجته من النار وأدخلته الجنة هذا هو ثمن الجنة هذه الطويلة العريضة هذا لا يمكن
إذن ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ولكن بفضل الله ورحمته ) قالوا: ولا أنت ) أعبد الناس ( أفلا أكون عبدا شكورا ) ( ولا أنت قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وفضله )
إذن الحديث الباء فيه سماع العلماء تطبيقا بينه وبين الآية السابقة اسمها باء الثمنية أي عملكم ليس ثمنا للجنة أما الباء في الآية فهي باء معروفة في اللغة هي باء السببية فلابد من السبب لدخول الجنة وهو الإيمان والعمل الذي يقتضيه هذا الإيمان فإذا دخل الإنسان هذه الجنة وتمتع بما فيها من تمتع ومما كما جاء في الحديث ( في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) هذا كله بفضل الله ورحمته .
وأنا أقرر هذا بمثل بسيط جدا بأن رجلا كريما عنده مدينة فيها من كل أنواع الأشجار الخضراء الجميلة وفيها من مختلف الثمار الحلوة يعلن للناس بأنه من أراد أن يدخل هذا البستان ويصح لغة أن يسمى بالجنة من أراد أن يدخل هذه الجنة فعليه أن يدفع مثلا ليرة أو جنيه أو ما شابه ذلك من العملة المصطلح عليها فإذا ما دخل وإذا به يرى هناك ما لا يمكن أن يدفع ثمنه فقط لو تمتع بالنظر وبشم الإيش الجو الممتلئ بالروائح الزكية فهو إذن دخوله لابد من أن يدفع إيه ثمن الدخول لكن تمتعه بتلك الجنة هو بفضل ذلك السيد لا يستحق بهذا الثمن الذي قدمه ذلك أمر تقريبي
إن العبد حينما يتمتع بنعيم الله عز وجل في جنته ذلك بفضل الله ورحمته ولكن كسبب لابد منه أنه يقدمه الإنسان ولذلك قال (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) ولذلك حرمها على الكافرين لماذا لأنهم لم يتعاطوا السبب الذي جعله الله عز وجل سببا لدخول الجنة
إذن خلاصة القول إن القدر حق واجب الإيمان به ولكن هذا القدر دقيق في تقديره بحيث أنه سجل الحوادث التي تقع من الإنسان على وقائعها وحقائقها
العمل الذي يقع منه الإنسان باختياره مسجل عليه باختياره والعمل الذي يقع منه باضطراره مسجل عليه بالاضطرار ما كان من النوع الأول جاء فيه افعل ولا تفعل وجاء فيه الثواب والعقاب
وما كان من النوع الثاني ليس فيه أمر ولا نهي وليس فيه ثواب ولا عقاب لأنه مجبور فجبر وتكليف لا يجتمعان والاختيار هو الذي محط التكليف الإلهي تبارك وتعالى
بهذه الطريقة نجمع بين نصوص الكتاب والسنة كلها فلا نقع في مثل ما وقع المعتزلة من إنكار القدر لأنه شرط من شروط الإيمان ولا نقع في مثل ما وقع الأشاعرة حينما تأولوا كثيرا من النصوص حتى أغرقوا وقالوا تلك الضلالة الكبرى لله عز وجل تعذيب الطائع وإثابة العاصي لأنهم تصوروا أولا أن القدر معناه الجبر إذن الإنسان مجبور والله عز وجل يعذبه قالوا له أن يفعل ما يشاء وأن يتصرف في ملكه ما يشاء ولا يتصور الوقوع ظلم منه ولا يستطيعه لأنه لا يتصور هذا الظلم نحن بإيماننا
أولا بالقدر خالفنا المعتزلة الذين أنكروا القدر فآمنا بآيات الله وأحاديث رسول الله فكنا مع السلف في هذا.
ثم بإنكارنا الجبر الذي يبطل التكليف خالفنا الأشاعرة الذين فهموا أن القدر معناه الجبر ثم وقعوا في تلك الانحرافات الكثيرة التي لا حصر لها وهكذا فالفهم الصحيح يمشي دائما صاحبه على هدى وعلى نور من ربه وأس هذا الفهم الصحيح كما نقول دائما وأبدا أن نرجع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح وسلفنا الصالح لم يقل بالجبر وإنما قالوا بذلك الذين جاءوا من بعدهم كالمعتزلة لكنهم ما آمنوا بالجبر إلا أنهم أنكروا القدر وكالأشاعرة الذين فهموا من القدر الجبر ثم غرقوا فيه ولم يخرجوا حتى اليوم حتى هذا اليوم مع مضي هذه السنين الطويلة يقرر الإيمان بالقدر على أساس أنه جبر حتى يقولون أن كسب الإنسان كلونه كسواده كبياضه كسمرته هل له في ذلك إرادة كما قلنا نحن في مطلع الكلام طبعا ليس له إرادة هكذا الكسب عندهم وهذا عين الباطل والحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والجواب ألا تعارض إطلاقا وذلك أن الباء في الآية هي غيرها في الحديث الباء في الآية هي باء سببية وباء السببية معروفة لغة وشرعا
أما الباء في الحديث فيسميها بعض المحققين من العلماء بأنها باء الثمنية الثمنية ثمن أي إن العمل الذي ينهض به الإنسان هو ليس ثمنا للجنة لأن مافي الجنة من نعيم مقيم أبد الدهر لا يصلح ثمنا أن يقول إنسان يؤمن بالله ويعبد الله في ستين سنة في مئة سنة في ألف سنة في مليون سنة هذا لا يصلح أن يكون ثمنا للجنة
لكن لابد من المفتاح لدخول الجنة فهو العمل إذن نستطيع نخرج بالنتيجة الآتية دخول الجنة بالعمل وأوله الإيمان ولكن التمتع بالجنة ليس ثمنه هذا العمل وإنما هو من فضل الله ورحمته لاسيما إذا استحضرنا بعض الأخبار التي تصف لنا ما للإنسان من ملك واسع جدا لا يتخيله عقل وهذا الملك الواسع الذي لا يتخيله العقل هو لأدنى الناس إيمانا كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ( إني لأعرف آخر رجل يخرج من النار وآخر رجل يدخل الجنة رجل يخرج من النار يحبو حبوا ) يزحف زحفا لا يستطيع أن يمشي مشيا هلكان خرج من النار وقد صار فحما يمشي من النار يستدل طريقه إلى الجنة
( وبينما هو كذلك تبدو له شجرة من بعيد لكنها شجرة عظيمة وارفة الظلال كثيرة الثمار فيطمع هذا العبد العاجز فيما عند الله عز وجل من خير ويقول يا رب أوصلني إلى تلك الشجرة كي أستظل بظلها وآكل من ثمرها وأشرب من مائها فيقول الله عز وجل أي عبدي هل عسيت أن تسألني غيرها قال لا اسألك غيرها فيوصله الله عز وجل إلى تلك الشجرة فيستظل بظلها ويأكل من ثمرها ويشرب من مائها ثم يتابع الطريق فتبدو له شجرة ثانية هي أنضر وأجمل وأعظم من الأولى فيقول يا رب ) يعيد الطلب ويعيد الله عز وجل له تحقيق الطلب فيذهب إلى هذه الشجرة الثانية ويأكل ويشرب إلى آخره كما سبق ( ثم يتابع الطريق فتبدو له شجرة ثالثة هي أجمل من الأولى والثانية ) فيعيد الطلب فيعيد الله عز وجل استجابة الطلب ( ثم يتابع طريقه حتى يقترب من باب الجنة فيقول يا رب ) ولعله في الحديث أنه يسمع كلام أهل الجنة ونعيمهم وسماع غناء الحور العين نحن الخالدات فلا يمتن نحن الناعمات فلا نبأسن ونحو ذلك
( فيقول يا رب ادخلني الجنة ادخلني الجنة فيقول ادخل الجنة ) فلا يكاد يصدق العبد هذا الفضل الإلهي ( فيقول الله ادخل الجنة ولك فيها ) هنا الشاهد ( ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها )
هذا الذي خرج آخر واحد من النار ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها هنا ( يضحك الرسول عليه السلام فيسأله ) راوي الحديث ( عبدالله بن مسعود لم ضحكت يا رسول الله ويقول لما قال الله عز وجل لعبده هذا ادخل الجنة لم يصدق قال يا رب أتهزأ بي وأنت الرب؟ تقول لي ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها فضحك الله من عبده فضحك نبيه لضحك ربه فضحك ابن مسعود لضحك نبيه )
ثم توارث بعض المحدثين هذا الحديث مسلسلا بالضحك في أنواع الأحاديث يسمى بالأحاديث المسلسلة كل واحد يقول كما قال الذي قبله حتى يصل الأمر إلى الرسول عليه السلام
مثلا أخذ بيدني وصافحني وقال لي حدثني فلان وأخذ بيدي وصافحني يسمى بحديث المصافحة وهكذا فهنا ضحك الرسول عليه السلام لأن الله ضحك متعجبا من عبده كيف لم يصدق ربه بفضله الذي أنعم عليه فإذا كان مثل هذا الإنسان أقل الناس إيمانا يعني في قلبه مثقال ذرة من إيمان هذه الذرة أخرجته من النار وأدخلته الجنة هذا هو ثمن الجنة هذه الطويلة العريضة هذا لا يمكن
إذن ( لا يدخل أحدكم الجنة بعمله ولكن بفضل الله ورحمته ) قالوا: ولا أنت ) أعبد الناس ( أفلا أكون عبدا شكورا ) ( ولا أنت قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وفضله )
إذن الحديث الباء فيه سماع العلماء تطبيقا بينه وبين الآية السابقة اسمها باء الثمنية أي عملكم ليس ثمنا للجنة أما الباء في الآية فهي باء معروفة في اللغة هي باء السببية فلابد من السبب لدخول الجنة وهو الإيمان والعمل الذي يقتضيه هذا الإيمان فإذا دخل الإنسان هذه الجنة وتمتع بما فيها من تمتع ومما كما جاء في الحديث ( في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) هذا كله بفضل الله ورحمته .
وأنا أقرر هذا بمثل بسيط جدا بأن رجلا كريما عنده مدينة فيها من كل أنواع الأشجار الخضراء الجميلة وفيها من مختلف الثمار الحلوة يعلن للناس بأنه من أراد أن يدخل هذا البستان ويصح لغة أن يسمى بالجنة من أراد أن يدخل هذه الجنة فعليه أن يدفع مثلا ليرة أو جنيه أو ما شابه ذلك من العملة المصطلح عليها فإذا ما دخل وإذا به يرى هناك ما لا يمكن أن يدفع ثمنه فقط لو تمتع بالنظر وبشم الإيش الجو الممتلئ بالروائح الزكية فهو إذن دخوله لابد من أن يدفع إيه ثمن الدخول لكن تمتعه بتلك الجنة هو بفضل ذلك السيد لا يستحق بهذا الثمن الذي قدمه ذلك أمر تقريبي
إن العبد حينما يتمتع بنعيم الله عز وجل في جنته ذلك بفضل الله ورحمته ولكن كسبب لابد منه أنه يقدمه الإنسان ولذلك قال (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) ولذلك حرمها على الكافرين لماذا لأنهم لم يتعاطوا السبب الذي جعله الله عز وجل سببا لدخول الجنة
إذن خلاصة القول إن القدر حق واجب الإيمان به ولكن هذا القدر دقيق في تقديره بحيث أنه سجل الحوادث التي تقع من الإنسان على وقائعها وحقائقها
العمل الذي يقع منه الإنسان باختياره مسجل عليه باختياره والعمل الذي يقع منه باضطراره مسجل عليه بالاضطرار ما كان من النوع الأول جاء فيه افعل ولا تفعل وجاء فيه الثواب والعقاب
وما كان من النوع الثاني ليس فيه أمر ولا نهي وليس فيه ثواب ولا عقاب لأنه مجبور فجبر وتكليف لا يجتمعان والاختيار هو الذي محط التكليف الإلهي تبارك وتعالى
بهذه الطريقة نجمع بين نصوص الكتاب والسنة كلها فلا نقع في مثل ما وقع المعتزلة من إنكار القدر لأنه شرط من شروط الإيمان ولا نقع في مثل ما وقع الأشاعرة حينما تأولوا كثيرا من النصوص حتى أغرقوا وقالوا تلك الضلالة الكبرى لله عز وجل تعذيب الطائع وإثابة العاصي لأنهم تصوروا أولا أن القدر معناه الجبر إذن الإنسان مجبور والله عز وجل يعذبه قالوا له أن يفعل ما يشاء وأن يتصرف في ملكه ما يشاء ولا يتصور الوقوع ظلم منه ولا يستطيعه لأنه لا يتصور هذا الظلم نحن بإيماننا
أولا بالقدر خالفنا المعتزلة الذين أنكروا القدر فآمنا بآيات الله وأحاديث رسول الله فكنا مع السلف في هذا.
ثم بإنكارنا الجبر الذي يبطل التكليف خالفنا الأشاعرة الذين فهموا أن القدر معناه الجبر ثم وقعوا في تلك الانحرافات الكثيرة التي لا حصر لها وهكذا فالفهم الصحيح يمشي دائما صاحبه على هدى وعلى نور من ربه وأس هذا الفهم الصحيح كما نقول دائما وأبدا أن نرجع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح وسلفنا الصالح لم يقل بالجبر وإنما قالوا بذلك الذين جاءوا من بعدهم كالمعتزلة لكنهم ما آمنوا بالجبر إلا أنهم أنكروا القدر وكالأشاعرة الذين فهموا من القدر الجبر ثم غرقوا فيه ولم يخرجوا حتى اليوم حتى هذا اليوم مع مضي هذه السنين الطويلة يقرر الإيمان بالقدر على أساس أنه جبر حتى يقولون أن كسب الإنسان كلونه كسواده كبياضه كسمرته هل له في ذلك إرادة كما قلنا نحن في مطلع الكلام طبعا ليس له إرادة هكذا الكسب عندهم وهذا عين الباطل والحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
8 - الجمع بين الآية (( ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون )) وبين الحديث ( لا يدخل الجنة أحدكم بعمله ). أستمع حفظ
ما صحة الخبر الذي يقول ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) و ( إن البلاء لينزل فيتعالج مع الدعاء إلى يوم القيامة ) ؟
السائل : ما صحة الخبر الذي يقول ( لا يرد القدر إلا الدعاء وإن البلاء لينزل فيتعالج مع الدعاء إلى يوم القيامة )
الشيخ : والله ماني ذاكر الآن إذا كان بعض أخوانا هو موجود في أحد الكتابين صحيح الجامع أو ضعيف الجامع نعم
السائل : ...
الشيخ : موجود في صحيح الجامع
الطالب : إيه نعم
السائل : وكيف يكون هذا
الشيخ : الآن عرفنا صحة الحديث تفضل أعد سؤالك
السائل : قلنا ما صحة الخبر الذي يقول ( لا يرد القدر إلا الدعاء وإن البلاء لينزل فيتعالج مع الدعاء إلى يوم القيامة ) كيف يكون هذا
الشيخ : سؤالك ... الإشكال هو يتعلق بالشطر الأول من الحديث
السائل : نعم
الشيخ : ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) يقول العلماء جوابا عن مثل هذا السؤال أن القدر هو قسمان :
قسم مبرم وقسم معلق وهذا بالنسبة للملائكة الموكلين هناك في اللوح المحفوظ الذي
الشيخ : والله ماني ذاكر الآن إذا كان بعض أخوانا هو موجود في أحد الكتابين صحيح الجامع أو ضعيف الجامع نعم
السائل : ...
الشيخ : موجود في صحيح الجامع
الطالب : إيه نعم
السائل : وكيف يكون هذا
الشيخ : الآن عرفنا صحة الحديث تفضل أعد سؤالك
السائل : قلنا ما صحة الخبر الذي يقول ( لا يرد القدر إلا الدعاء وإن البلاء لينزل فيتعالج مع الدعاء إلى يوم القيامة ) كيف يكون هذا
الشيخ : سؤالك ... الإشكال هو يتعلق بالشطر الأول من الحديث
السائل : نعم
الشيخ : ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) يقول العلماء جوابا عن مثل هذا السؤال أن القدر هو قسمان :
قسم مبرم وقسم معلق وهذا بالنسبة للملائكة الموكلين هناك في اللوح المحفوظ الذي
اضيفت في - 2021-08-29