فائدة : الكلام على حكم ركعتي تحية المسجد.
فإبطالا لمثل هذا التأويل الذي هو تعطيل لدلالة الحديث قال عليه الصلاة والسلام موجّهاً خطابه للجالسين عموماً فقال: ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوّز فيهما ) هذا خطاب لكل داخل يوم الجمعة ألا يجلس ولو كان الخطيب يخطب، هذا يدلنا على شيء وهو يؤكد ما ذهب إليه ابن تيمية من تخصيص النص العام المخصص بالنص العام غير المخصص .
فيه بيان أن النيي صلى الله عليه وآله وسلم أكّد الأمر بصلاة الركعتين والخطيب يخطب بينما نهى عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخطيب يخطب كما تعلمون في الحديث الصحيح: ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغوت ) فقول القائل والإمام يخطب هو أمر بالمعروف نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك بينما أمر بالتحية فهذا يؤكد أن التحية واجبة على الراجح عندنا وهي على الأقل سنة مؤكدة ولو في وقت كراهة الصلاة هنا الشاهد من كلامي، ذلك لأنه لا يجوز لأحد إذا قام الخطيب يخطب أن يتنفل وأن يصلي ركعتين حتى ولو تحية المسجد إذا كان نجلس عامداً ثم قام يريد أن يصلي فحينئذ لا تصح هذه الصلاة لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الأمر بالعروف والنهي عن المنكر فما دونه من النوافل أولى بالنهي، فإذ أمر بتحية المسجد في هذا الوقت الذي لا يشرع فيه التنفل فمعنى ذلك أن تحية المسجد تُشرع في الأوقات المكروهة خلافاً للنوافل الأخرى.
تفصيل القول في صلاة النافلة في أوقات النهي.
الجمع بين قوله تعالى : (( وإذا قرئ القرآن ... )) وحديث: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ومناقشة القول بوجوب قراءة الفاتحة على المقتدي.
فإذن قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) مخصص حتى عند الذين يقولون بأن هذا الحديث يخصص الآية، فكان تخصيصهم للحديث بها خلافاً للقاعدة الأصولية التي أشرت إليها آنفاً، فيكون القول الراجح كما قلت في أول الكلام ما ذهب إليه إمام السنة وابن تيمية ومن وافهما على ذلك هو الأولى بالأخذ والتفقه فيه، وبذلك ننجو من مشاكل كثيرة وكثيرة جداً إذا تأملها المسلم لا يوجد له مخرجاً إلا بتبني هذا الرأي وهو السكوت وراء الإمام إذا كان يقرأ جهرا، وإذا لم يدرك قراءة الفاتحة وإنما اردك الإمام راكعا فيعتبر مدركاً للركوع، ولما كان كثير من أولئك العلماء الذين تبنّوا إيجاب قراءة الفاتحة في الجهرية كان يجدون في أنفسهم ولا شك ترددا في هذا الحكم لأنهم يصطدمون ولو مع عموم الآية : (( فاستمعوا له وأنصتوا )) فضلا عن مثل قوله عليه السلام : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا ) لما كانوا يجدون في أنفسهم شيئًا من التردد في هذا الحكم أوجدوا لهم مخرجاً بأن أوجدوا شيئًا لا نجد له أصلا في السنة وهو أنهم صلبوا من كل إمام أن يسكت سكتة طويلة بعد فراغه من القراءة للفاتحة لكي يتمكّن المقتدي بالإمام بفرضه ألا وهو قراءة الفاتحة، وذلك لأنه كما نشعر جميعا حقيقة هم شعروا فيما أعتقد وإلا ما كان ينبغي لهم أن يوجدوا لأنفسهم هذا المخرج وليس واردا في السنة .
متى يقرأ المقتدي الفاتحة ؟ إن قيل بأنه يقرأ الفاتحة مع قراءة الإمام للفاتحة ، فلم الجهر بها ؟ وما الحكمة من ذلك هذا لا وجود له في الإسلام، أن يقول الشارع الحكيم للإمام ارفع صوتك بقراءة الفاتحة في بعض الصلوات واسكت أو اقرأ سرّا في بعضها، ما الفرق حينئذ بين رفعه لصوته وبين إسراره في صوته والمقتدي على كل حال يجب أن يقرأ الفاتحة حين قراءة الإمام للفاتحة ؟
وإن قيل إنما يقرأ سورة الفاتحة بعد أن يفرغ الإمام من قراءتها ويبدأ بقراءة الآيات أو سورة حينئذ يقال: لمن يقرأ الإمام هذه الآيات جهراً ؟ أليس لهؤلاء المقتدين به ؟ لكن هم مشغولون عنه لا يستطيعون أن يجمعوا بين أن يقرؤوا الفاتحة بأنفسهم وبين أن يتدبروا القرآن الذي يتلى عليهم من قبل إمامهم، لما وجدوا هذه المشاكل لم يجدوا جواباً تطمئن النفس المؤمنة عليه فأوجدوا لهم هذا المخرج واسكت أيها الإمام حتى يتمكن المقتدون من قراءة الفاتحة، ثم ماذا كان الأمر بعد ذلك؟ سكتوا وما سكتوا لأنك لن تجد إماما يسكت بحيث يستطيع المقتدي أن يقرأ الفاتحة لا يوجد مثل هذا في الإسلام السمح السهل الميسر لكل الناس، لذلك كان أعدل المذاهب كما قال ابن تيمية رحمه الله والأقرب إلى السنة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ما ذهب إليه إمام السنة أحمد: ننصت في الجهرية ونقرأ في السرية إن شاء الله تعالى، وهذا هو الصواب إن شاء الله تبارك وتعالى.
3 - الجمع بين قوله تعالى : (( وإذا قرئ القرآن ... )) وحديث: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ومناقشة القول بوجوب قراءة الفاتحة على المقتدي. أستمع حفظ
الكلام على إسناد ومتن .حديث عبادة بن الصامت: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ).
الكلام على إسناد حديث أبي هريرة : ( مالي أقول إني أنازع القرآن ).
وأنا حين أذكر هذا لا يغيب عن بالي بأن هذه الزيادة قد تكلّم فيها كثيراً، ولكني حينما خرّجتها وجدت أن جماعة أتبعوه بتمام الحديث وبعضهم نسبه إلى الإمام الزهري، ولو فرضنا أن هذا هو الراجح أي أن الحديث بهذه الزيادة مرسل لأن الزهري تابعي صغير، فإذا قال الزهري : فانتهى الناس أي انتهى الصحابة عن القراءة وراء الرسول صلى الله عليه وسلم فيما كان يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا أسوء أحواله أن يكون حديثًا مرسلا، والحديث المرسل إذا جاء له شواهد وبخاصة الآية الكريمة والحديث الثاني الذي ذكرته آنفاً : ( وإذا قرأ الإمام فأنصتوا ) لا شك أن هذا المرسل إن سلّم بإرساله يكون حجّة في هذا المكان، هذا ما نعتقده وندين الله به والله سبحانه وتعالى أعلم.
منشأ الخلاف بين المذاهب إنما هو ممتد من اختلاف الصحابة .
الشيخ : ماذا أقول هذا حديث مرفوع أم موقوف ؟
السائل : في *صحيح مسلم* .
الشبخ : ما سألتك من رواه أسألك موقوف أو مرفوع ، هو موقوف ليس بمرفوع أكذلك ؟
السائل : نعم
الشيخ : تأمل ! هو حديث موقوف والصحابة في هذه المسألة مختلفون أيضًا، وما كان الاختلاف الأئمة إلا أثرا من ذاك الاختلاف، وحينئذ إذا اختلف الصحابة فلا ينبغي أن يختلف المسلمون ويتعصب كل جماعة منهم لبعض أولئك الصحابة لأن للفريق المخالف أن يقول هذا ابن مسعود يقول مثلًا لا قراءة وراء الإمام وأمثاله كثير ، إنما ينبغي أن نتجرد الآن عن الخلاف الذي كان قائما بين الصحابة ثم توارثه من بعدهم، لكن نحن قد نختلف عن الأولين لأننا استطعنا أن نعرف أدلة المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي وربما المذاهب الأخرى، لأن السنة وصل الله تعالى لها من الأئمة ما جمعوا الحديث وسهلوا الوصول إليه بأعمارهم المباركة وبالجهود الكثيرة والكثيفة حيث طافوا في البلاد شرقا وغرباً وقدموها لنا لقمة سائغة، فينبغي أن نعرض أي اختلاف سواء كان قديما أو حديثاً على هذه السنة كما هو صريح القرآن في قوله تعالى : (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) فالصحابة لا يستطيع أحد أن يقول بأنهم اتفقوا على وجوب القراءة في الصلاة الجهرية وهذا مذهب الشافعية أو أنهم اتفقوا على وجوب السكوت في الصلاة الجهرية كما هو مذهب أحمد بن حنبل ومن تبعه كابن تيمية وغيره، أو اتفقوا على أنه يجب السكوت وراء الإمام مطلقاً في الجهرية وفي السرية كما يقول الحنفية، لا أحد يستطيع أن يدعي أن الصحابة كلهم جميعهم كانوا على مذهب من هذه المذاهب الثلاثة، كلنا نستطيع أن نقطع به أنهم كانوا من قائل بوجوب القراءة بالفاتحة وراء الإمام أو بوجوب السكوت وراء الإمام في الصلاة الجهرية، فحينئذ ما دام أن المسألة اختلفوا وتنازعوا فالآية المذكورة آنفاً ترد علينا، وعلى ضوء ذلك ينبغي أن ندرس الأحاديث بمجموعها ما نحط في بالنا أن أبا هريرة قال كذا بخلاف ما إذا روى فالرواية شيء والرأي شيء آخر .
هل العبرة بما روى الراوي لا بما رأى ؟
الرواية، لكن الحنفية قالوا: لا، العبرة برأيه لا بروايته ، فهذه القاعدة أيضًا يجب أن نضعها أمامنا حينما نريد أن نعالج مسألة خلافية بين الصحابة فضلاً عن أنها خلافية فيمن جاء بعدهم.
فائدة : في الحديث الموقوف الذي رواه مسلم عن أبي هريرة أنه قال لأبي السائب حينما غمز ذراعه : اقرأ بها في نفسك يا فارسي.
8 - فائدة : في الحديث الموقوف الذي رواه مسلم عن أبي هريرة أنه قال لأبي السائب حينما غمز ذراعه : اقرأ بها في نفسك يا فارسي. أستمع حفظ
قراءة حديث عبادة بن الصامت: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) مع تعليق الشيخ عليه .
الشيخ : ما كان معنا الرجل ؟ أنت ما كنت معنا ؟
السائل : في البداية ما كنت معكم.
الشيخ : سبق الكلام على هذا الحديث فتسمعه مسجلا إن شاء الله الجواب حتى لا نكرر الكلام الماضي على الحاضرين.
السائل : طيب فعل عبادة بن الصامت رضي الله عنه حينما تأخر عن الصلاة وسمع المؤذن ثم جاء أحد الصحابة بجانبه فسمعه يقرأ مع قراءة الإمام للفاتحة وهذا الحديث في *سنن أبي داود*.
الشيخ : طيب ماذا فيه ؟
السائل : " أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة فصلى أبو نعيم بالناس وأقبل عبادة وأنا معه حتى صففنا خلف أبى نعيم وأبو نعيم يجهر بالقراءة فجعل عبادة يقرأ بأم القرآن فلما انصرف قلت لعبادة سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر ، قال أجل صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التى يجهر فيها بالقراءة قال فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا بوجهه وقال : ( هل تقرءون إذا جهرت بالقراءة ؟ فقال بعضنا إنا نصنع ذلك، قال: فلا وأنا أقول ما لى ينازعنى القرآن فلا تقرءوا بشىء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن ) ".
وذكر الحافظ البيهقي في كتابه أيضًا.
الشيخ : قبل هذا قبل أن تتم كأنني أشعر أننا لا بد من أن نعيد كلامنا السابق، وهل أنت تقرأ من كتاب أو رسالة وأنت تقول أن هذا الحديث في *سنن أبي داود* من الذي يرويه عن عبادة ؟
السائل : مكحول عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري.
الشيخ : طيب هذا تكلمنا عنه ولو شئت سمعت التسجيل قلنا أن مكحول مدلّس وهو تارة يروي عن عبادة مباشرة وتارة عن محمود هذا، ومحمود مجهول ولذلك فالحديث معلل تارة بالعنعنة وتارة بالجهالة فلا يثبت الحديث لو كان فيه حجة .
ثم الحديث يذكرني ما قرأته آنفاً بأن فيه بعض الاضطراب ، الآن أنت قرأت وأسمعتنا انه لُبّس عليه ماذا يعني ؟
السائل : يعني اختلطت عليه القراءة .
الشيخ : ليش ؟ لماذا ؟
السائل : لأنه سمع من يقرأ مع قراءته فالتبست عليه وثقلت عليه القراءة .
الشيخ : لماذا؟ لأنه قرأ مع النبي صلى الله عليه وسلم معليش اصبر علي قليلاً. نحن نلاحظ بالتجربة أن ضبط قراءة الناس وراء الإمام لا بنضبط بحيث يقرأ في نفسه كما جاء في أثر عن أبي هريرة الذي في *صحيح مسلم* أليس كذلك؟ فبعضهم قد يجهر بالقراءة فيقع التلبيس هذا شيء ويمكن أن يقال هنا أنه لو صح الحديث فالمعنى كما قلنا قبل أن تأتي أن هذا فيه الإشارة إلى جواز قراءة الفاتحة وراء الإمام وهو كالتمهيد لرفع هذا التجويز لما قد يترتيب من القراءة وراء الإمام من التشويش، الآن أقول متى يكون قرأ هذا الذي رفع صوته بالقراءة وراء الرسول عليه السلام أساعة كان الرسول يقرأ الفاتحة أم كان ساعة يقرأ ما وراء الفاتحة ماذا تظنون ؟
السائل : مع قراءته للفاتحة .
الشيخ : يعني الفاتحة لبّست على الرسول ؟
السائل : هذا الظاهر.
الشيخ : لكن هذا أبعد ما يكون لأن قراءة الفاتحة أسهل ما يكون على عامة المسلمين فيبعد جدّا أن يلبّس الأمر على الرسول عليه السلام قراءة الفاتحة وهب أن الأمر كذلك فمتى يقرأ المقتدي إذن الفاتحة وراء الإمام ؟ حينما يقرأ الإمام أليس كذلك ؟
السائل : يقرأ مع قراءته ولكن لا يجهر بالقراءة.
الشيخ : هذا ليس موضع خلاف نحن الآن نقول متى يقرأ المقتدي وراء الإمام في الصلاة الجهرية الفاتحة أليس حين يقرأ الإمام الفاتحة؟
السائل : الحافظ ابن حجر ذكر أنه بدون قيد .
الشيخ : لا يا أخي بارك الله فيك أنت الآن خليك معي يعني لا تحشرنا في مكان وتنقلنا إلى مكان آخر، الآن نحن نتفاهم مع بعض هذا الحديث
يدل على ماذا ؟ أن القارئ الذي شوش على النبي قرأ بعد فراغ الرسول عليه السلام من قراءة الفاتحة أم في أثناء قراءته للفاتحة؟
السائل : بعد .
الشيخ : هو يقول في أثناء الفاتحة أليس كذلك؟ أنا أستبعد ذلك.
على كل حال سواء قلت هذا أو قلت الآخر الذي نحن نراه فقراءة المقتدي وراء الإمام لسورة الفاتحة توحي بأن شرعية قراءة الإمام للفاتحة جهراً لا معنى لها وهذا مما يترفع عنه الشارع الحكيم، لأنه إنما شرع القراءة الجهرية إنما شرعها ليسمع المأموم، فأين هؤلاء السامعون وهم مشغولون بقراءة الفاتحة في أنفسهم ؟ لا يوجد مثل هذا الحكم في الشرع.
وإن قيل كما نرى نحن أن هذا قرأ بعد أن فرغ الرسول عليه السلام من قراءة الفاتحة لأننا نستصعب جدا أن نتصور لو كان الحديث صحيحا أن الرسول لم يحسن قراءة الفاتحة بسبب أن بعض المقتدين خلفه رفع أصواتهم بقراءتها والرسول يقرأ الفاتحة هذا نستبعده، والأقرب أنه شوش عليه قراءته بعد الفاتحة ، وعلى كل حال سواء كان ذلك أو ذاك فنحن نقول: إن هذا الحديث معلل بالعنعنة أو بالجهالة كما ذكرنا آنفا، ثم ليس فيه إيجاب قراءة الفاتحة وراء الإمام لأن النهي عن الشيء بصورة عامة ثم الأمر به أو ببعضه بصورة خاصة لا يعني وجوب هذا المأمور به، وإنما يعني جوازه كقوله تعالى : (( فإذا حللتم فاصطادوا )) فالأمر هنا بالصيد لا يفيد الوجوب، والأمر هنا بقراءة الفاتحة لا يفيد الوجوب لأنه جاء بعد النهي: ( فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ).
وهذا على كل حال تكرار لما مضى من أجل خاطرك أنت الذي جئت متأخرا.
السائل : جزاك الله خيرا.
الشيخ : وإياك.
9 - قراءة حديث عبادة بن الصامت: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) مع تعليق الشيخ عليه . أستمع حفظ
بعض المشايخ الأفاضل ينكرون على بعض الناس حينما يريدون أن يطمئنوا ويعتمدوا على رأي من الآراء التي اختلف الفقهاء فيها قديماً فيريد أن يتبنّى رياً من هذه الاراء يقرأ في الكتب ويسأل العلماء وحينما يسأل العلماء يقولون أنت لست في هذه المستوى أن تفهم وأن ترجّح قول على قول ، فما رأيكم ؟
السائل : بالنسبة لمثل هذه المسائل الخلافية المفترض أن يتفقه في ديننا تعرض له أثناء التفقه في دين الله عز وجل مسألة كهذه المسألة يذهب المسلم خصوصا من عامة المسلمين الذين لا يكون تخصصه متفرغا للشريعة ينظر إلى الكتب إلى كتب شروح الحديث يبدأ ينظر في الأدلة فعندما يسأل بعض أهل العلم ويريد أن يستفسر منهم يرد عليه بأنه تفيهق أو تطارء أو دخل مجالا ليس له تلك الأدوات أو العدة التي يحتاجها، من أنت عندما تنظر في أدلة قول العلماء ثم بعد ذلك تريد أن تخرج برأي، عندما تخرج برأي معنى ذلك أنك بنفسك رجحت شيئا، وأنت لا تملك تلك العدة يرد عليهم نحن نريد أن نعبد الله على بصيرة، يا أخي اسأل عندك العلماء الشيخ فلان والشيخ فلان، طيب اختلفوا ؟ لا، اسأل واحدا منهم فقط، هذه المسألة يعني كمنهج أو نريد أن نفهم هل نحن بهذه الطريقة نقوم بدور الاتباع أو نحن تمادينا أكثر خصوصا الإنسان يريد فقط في مجال نفسه كي يعبد الله على بصيرة، هذه نقطة والنقطة الأخرى.
الشيخ : لا خليك بالنقطة الأولى خشية أن ننساها لأن أنا أسالك ماذا تعني بالضبط وبايجاز بقولك هذه الطريقة ماذا تعني بهذه الطريقة حتى استطيع أجيبك ؟
السائل : مثلا هذه المسألة.
الشيخ : لا، ما تعيد كلامك أوجز.
السائل : السؤال: الإنسان تعرض له عدة أشياء مسائل معينة مثلا القراءة خلف الإمام، يريد يعرف هل يقرأ أم لا يقرأ ينظر في أدلة العلماء.
الشيخ : هذه إعادة.
السائل : طيب باختصار إن شاء الله، فهم يردون عليه لا تفعل هذا الشيء، أنت الآن تدخل، وهو إنسان طبعا في مجالات أخرى، ليس في الشريعة إنسان عامل مهندس طبيب ولكن عنده قراءة، فينتقد في التفقه هذا أنت كيف تخوض في هذه المجالات وكيف تريد أن تطلع برأي في مثل هذه المسائل وغيرك من العلماء قديما وحديثا ما زالوا إلى الآن ..
الشيخ : شوف أنت بتقول تريد أن تطلع برأي وهذا يخالف كلامك السابق، أريد أن أعرف كيف أجيبك.
السائل : ما هو يطلع برأي يتبع أحد آراء العلماء
الشيخ : طيب
السائل : نعم آسف في التعبير يتبع أحد آراء العلماء، كأنك تقول رأي هؤلاء ليس بتحليل هذا الرأي أقوى إذا كان عندك الدراية أو القدرة على أنك ترجح هذا الرأي، صراحة الواحد يقف أمام هذا الرد، ولكن يريد أن يتبع يريد أن يعبد الله ليس مجرد فتوى، فنريد يعني تعليقكم على مثل هذه المسألة .. ؟
الشيخ : طيب أنا ألخّص لا يمكن لا أقول ما يمكن أن أكون قد فهمته فإن أصبت بفهمي فأيدني وإلا فردّني .
أنا لخّص ما فهمت منك أن بعض العلماء أو بعض المشايخ الأفاضل ينكرون على بعض الناس حينما يريدون أن يطمئنوا ويعتمدوا على رأي من الآراء التي اختلف فيها الفقهاء قديماً فيريد أن يتبنّى رأياً من هذه الآراء يقرأ في الكتب ويسأل العلماء وحينما يسأل العلماء هؤلاء العلماء يقولون أنت لست في هذه المستوى أن تفهم وأن ترجّح قول على قول هذا الذي تريده ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب أنا أقول لا يُنكر على هؤلاء الذين بما عندهم من ثقافة إسلامية حينما درسوا مسألة من المسائل الخلافية وفي الكتب الفقهية فوجدوا هناك اضطرابا كثيراً وأقوالاً عديدة كهذه المسألة التي نحن ذكرنا فيها ثلاثة مذاهب، يريد أن يتبصّر في دين الله ولا يستطيع أحد أبداً أن ينكر على أي مسلم سواء كان - هذا جوابي الآن - لا يستطيع أحد هو على بصيرة من دينه أن ينكر على أحد حبه التبصر في الدين حتى ولو كان من عامة المسلمين وليس عنده شيء من الثقافة التي أشرت إليها في سؤالك حينما قلت إنه قرأ في الكتب وتضاربت عليه الأقوال إلخ لا يستطيع - أعود فأقول - لا يستطيع أحد أن ينكر على أحد من المسلمين يريد أن يكون على بصيرة من دينه ولو كان من عامة المسلمين ليس عنده ثقافة شرعية، لكن عنده عقل سيحاسبه الله عليه فهو يستطيع أن يفهم ما يقول هذا وما يقول هذا من العلماء ولو اختلفوا قليلاً أو كثيراً .
لذلك لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه الكريم مخاطباً شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويريد بذلك أمته : (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين )) فأين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قرباه من الله تبارك وتعالى وحسبه أنه سيد ولد آدم وأين أدنى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الفارق بين المنزلتين شتان ما بينهما، مع ذلك فقد شمل النبي صلى الله عليه وسلم نفسه مع أدنى مسلم أن يكون على بصيرة في دينه : (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )) .
فإذن يجب على كل مسلم أن يكون على بضيرة من دينه ولا تكون البصيرة بمجرد السؤال، حرام هذا ولا حلال ؟ حرام ! خلاص انتهى الأمر يأتي إلى شيخ آخر يقول حلال .
نضرب لذلك مثلاً الآن شرب الدخان الذي ابتلي به كثير من الناس في هذه البلاد وفي غيرها ، منهم من يقول حرام وأنا معهم ، منهم من يقول حلال ولست معه لا من قريب ولا من بعيد، ومنهم من يقول تجري عليه الأحكام الخمسة ، ماذا يفعل هذا العامي ؟ لا بد له أن يقول للأول والثاني والثالث: ايش الدليل ؟ إذا سأل المحرّم سيقول له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) ويضيف إلى ذلك أشياء أخرى لسنا الآن في صددها ، يأتي إلى الذي يقول مثلًا بالإباحة: الأصل في الأشياء الإباحة هذا سمعه هذا الطالب العلم سمع هذه القاعدة وطالما يذكرها العلماء في كثير من المناسبات، ولكن حينما يقال الأصل الإباحة فإنما يعني إذا لم يأتي ما يخالف هذا الأصل، وقد جاء الحديث الذي سمعه من العالم الأول حينما استفاه فقال : لا حرام لأن الرسول يقول : ( لا ضرر ولا ضرار ) والدخان يضر بصاحبه ويضر بالجالسين حوله وبمن يخالطونه بالرائحة الكريهة ونحو ذلك، يأتي إلى الآخر الذي يقول تجري عليه الأحكام الخمسة هنا سيضيع هذا المسكين أيش الأحكام الخمسة هذه وأيش معنى أنه ؟ ...
هذا من جوامع كلم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
فأنا أعتقد ـن المنصف من العلماء والذين يكونون أيضًا على بصيرة لا يحرّمون على أفراد المسلمين أن يكونوا على بضيرة من دينهم، في اعتقادي هذا هو جواب سؤالك .
10 - بعض المشايخ الأفاضل ينكرون على بعض الناس حينما يريدون أن يطمئنوا ويعتمدوا على رأي من الآراء التي اختلف الفقهاء فيها قديماً فيريد أن يتبنّى رياً من هذه الاراء يقرأ في الكتب ويسأل العلماء وحينما يسأل العلماء يقولون أنت لست في هذه المستوى أن تفهم وأن ترجّح قول على قول ، فما رأيكم ؟ أستمع حفظ
خطورة التعالي والغرور على المستفتي.
هل يجوز للمسلم أن يفتي بما يراه مترجّحا عنده من مذاهب الفقهاء أو يسكت ؟
الشيخ : هذا سؤال مهم هو إن كان ينظر لنفسه أنه من أهل العلم فواجب عليه أن ينصح السائل عن العلم، أما إن كان يرى حقيقة نفسه أنه ليس من أهل العلم فحسبه أن يرجّح ما تطمئن له نفسه وينشرح له صدره، فإذا سئل عن مسألة فيقول أنا لست عالما والله يقول: (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) هذا هو موقف العدل الوسط الذي أنا أشرت إليه آنفاً .
له أن يتبصّر ولكن ليس له أن يقدّم علمه إلى غيره لأنه هو لا ينظر إلى نفسه أنه من أهل العلم وإلا لَحُق فيه قوله عليه السلام : ( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) فله أن يرجّح لخاصة نفسه وليس له أن يفتي العامة بل يحيله إلى أهل العلم، هذا الجواب عن السؤال.
السائل : ولا أن ينقل تلك الفتوى ؟
الشيخ : هو هذا معنى أنه لا ينقل.
ما فائدة ذكر التعليل والدليل على حكم ما في الوقت الذي لا يمكن للسائل أن يتوعب هذا الكلام غالباً ؟
السائل : هناك في فن الترجيح أنه اختار لا ضرر ولا ضرار، فما هي الأداة التي جعلته رجّح لا ضرر ولا ضرار مع أنه إذا دخل هناك إلى العالم الآخر الذي يقول له أن الدخان تجري عليه الأحكام الخمسة فرأى في نفسه أنه لا يستطيع عقله لا يستطيع أن يستوعب هذا مع أن من الإمكان أن يكون الصحيح مع هذا العالم، فكيف يختار لا ضرر ولا ضرار مع أنه لا يستوعب هذا الحكم الآخر ويكون هذا فن الترجيح ؟
الشيخ : افترض نفسك في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وسمعت هذا الحديث منه ولا علم عندك بشيء آخر وعرض عليك نبات وعرفت أنه مضر ومخدّر ووو إلخ ماذا تفعل ؟ وهذا الذي فعله هذا الرجل العاجز فلنسمه عاجزاً تلخيصًا لكلامك .
السائل : فلماذا يسأل عن الدليل ؟
الشيخ : سبحان الله ! ليكون على بصيرة ، اسمع شوي نحن عندنا رجلان رجل يسأل العالم عن الدخان فيقول له حرام وآخر يسأله نفس السؤال ويقول حرام أيضًا لأن الشخص المسؤول واحد ، لكن السائل الثاني يقول ممكن أن تذكر لي الحجة التي استندت إليها في تحريمك للدخان هل هذا مخطئ أم الأول هو المخطئ ؟
السائل : على حسب العقل هل يستطيع النحمل ؟
الشيخ : ما أجبتني خير الكلام ما قل ودل .
هنا رجلان كلاهما يسأل العالم سؤالاً واحداً أحدهما يجيب بأنه حرام واكتفى والآخر ما اكتفى بهذا وإنما زاد أن سأل العالم كما قلت آنفاً هل تسطيع أن تدلني أو أن تفهمني الحجة التي أنت اعتمدت عليها فقال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ) .
السائل : وهو من طلبة العلم ؟
الشيخ : هو من عامة المسلمين من أجل خاطرك أنت من عامة المسلمين لكنه يفهم أيش معنى : ( لا ضرر ولا ضرار ) ولو كان أعجميًا لا يفهم اللغة العربية وذاك العالم العجمي المفروض فيه أنه يفهم اللغة العربية قال له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ظرر ولا ظرار لكن هو يشرح له أيش معنى هذا الكلام برضانته الأعجمية ، طيب ألآن كنا مع العرب وانتقلنا مع الأعاجم أي الأعجميين أهدى سبيلًا وأقوم ثلا آلثاني أم الأول ؟
السائل : الذي يسأل عن الدليل .
الشيخ : فإذن بارك الله فيك المسألة ما تحتاج إلى كل هذه المناقشة.
السائل : لكن فيها حد حد أنه يستطيع أن يستوعب ما يقوله الشيخ يعني مثلاً نفرض أنه من عامة المسلمين مثلاً أعزكم الله وأعز الجميع الناس لا يفهموا شيئاً فيأتي ويسأل عن الدخان أو يسأل عن هل نقرأ الفاتحة وراء الإمام أم لا؟ يقول له اقرأ أو لا تقرأ، فإذا قال له العام المخصص أو العام الذي لم يخصص فإذا جاء هذا على هذا جمعنا وسلط العام المطلق على العام المخصص فيضعفه فيأتي النتيجة التي قلتموها فماذا يفهم هذا .
الشيخ : لا يفهم هذا لكن اسمح لي يا شيخ الله يهدينا وإياك هذا لا يفهم هل كل الناس لا يفهم ؟
السائل : يبقى في حد في المسألة.
الشيخ : الحد من يحدده أنت ؟!
السائل : لا .
الشيخ : إذن من ؟ من الذي يحدده .
السائل : العالم .
الشيخ : لا العالم ليس في باطن السائل، السائل هو نفسه يا أخي وهذا المثال الأول هو من النوع الذي أنت تذكر، يعني الذي قال له حرام ولا حلال قال له : حرام وانتطلق لا يجمع شيء لماذا؟ لأنه لا يملك الخلفية العلمية أنه يطلب الدليل ويطلب الحجة ووإلخ، لكن ذاك ليس كهذا الأول ولذلك هو يطمع بالمزيد من العلم فلماذا نهتم أن هذا لماذا يسأل عن الدليل يا أخي هناك رجلان أحدهما يريد أن يتبصّر فإما أن يستطيع أن يصل إلى البصيرة أو يعجز عن ذلك، أما ذلك ربما يستطيع ولا يهتم بهذه الاستطاعة ولا يتمسك بها، لا شك أن من كان على بصيرة من دينه في حدود ما أعطاه الله من عقل وفهم وفكر أو علم إن كان عنده علم وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها .
13 - ما فائدة ذكر التعليل والدليل على حكم ما في الوقت الذي لا يمكن للسائل أن يتوعب هذا الكلام غالباً ؟ أستمع حفظ
هل يمكن للمسلم أن يأخذ الأحوط في المسائل الخلافية مثل المسألة التي فيها قراءة الفاتحة أو عدم قراءتها وراء الإمام ؟
الشيخ : لا حسبك بمثال واحد لأنه رجل هناك أراد أن يقول شيئين فقلت قف عندك شوف هو ضاع المثال الثاني وأنا أولى بالضياع ولذلك طيب سنرى حظنا معك .
السائل : أو مثلا مثل الاعتداد بالركوع من يدرك الركوع هل يعتد بالركعة أم لا ؟
الشيخ : لكن الأحوط يا أخي لا يمكن في كل المسائل العلمية ، والمثالين الذين ذكرتهما أنت آنفاً ما هو الأحوط يا ترى أن يقرأ في الجهرية أم لا يقرأ ؟ قل لي قولين لأبين لك أنه لا مجال للاحتياط ما هو الأحوط ؟
السائل : ما فهمت السؤال.
الشيخ : الأحوط أن يقرأ وراء الإمام في الجهرية أم لا يقرأ ؟
السائل : أنا أقول يقرأ.
الشيخ : معليش الذي يقرأ في وجهة نظر العالم الذي يحتاج ألا يقرأ خالف نص القرآن فإذن ، حتى مسألة الركوع ما هو الأحوط ؟ أن يأتي بالركعة ، الذي يقول أن مدرك الركوع مدرك للركعة يحكم ببطلان صلاتك، لأنك زدت ركعة على الصلاة الثلاثية أو الرباعية أو الثنائية مش كل المسائل فيها احتياط إذا قيل مثلًا هذه اللحوم التي تأتينا من الغرب لا ندري أهي قتيلة أم هي ذبيحة والله الأحوط ما نأكل ما خالفت شيئا الأحوط هنا اسمع نعم ؟
السائل : ما هو الضابط في القاعدة هذه ؟
الشيخ : القاعدة أن تخالف شيئا آخر لا يكون الاحتياط هو الاحتياط، أما هنا لو تركت أكل اللحم أحد يقول : تركت الواجب ؟ هاه
السائل : لا
الشيخ : لكن هناك يقول لك إما أنك تركت الواجب من الإنصات من تلاوة الإمام أو زدت ركعة أبطلت صلاتك هذا ليس احتياطاً، ولذلك هذه القاعدة لها مواطن لكن ما يمكن طردها أبداً عند أهل العلم الذين يعرفون مواقع النزاع والخلاف بين العلماء.
14 - هل يمكن للمسلم أن يأخذ الأحوط في المسائل الخلافية مثل المسألة التي فيها قراءة الفاتحة أو عدم قراءتها وراء الإمام ؟ أستمع حفظ
هل يجوز التحذير من الجماعات والأحزب التي تدعي أنها على الكتاب والسنة وهي ليست على منهج السلف خصوصاً حزب الإخوان المسلمين ؟
السائل : سماحة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هذا سؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فإننا نحبكم ونحن نشهد الله على محبتكم .
سماحة الشيخ كثرت في أيامنا هذه الملل والنحل والفرق والجماعات والتي يدعي بعض المتزعمين لها والمروجين لها أنهم على نهج المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بينما في الحقيقة أنهم على غير نهج المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حبذا لو تكرمتم بتوضيح وتفصيل نوايا هذه الفرق والجماعات وخطرها على المسلمين خاصة الشباب منهم لأنهم منخدعون بمن يروجون لهذه الأفكار المنحرفة والضالة، والبعض من هذه الفئات يندرج تحت اسم الإخوان المسلمين ويستعملون التقية وهذا لا يخفى على سماحتكم، سماحة الشيخ أيضًا من هذه الفرق والجماعات في أيامنا هذه من يروج للموالد ويقول: لا تقولوا المولد بدعة ، والبعض منهم من الدعاة ويقولون للشباب الذين يقدمون المحاضرات حتى ولو كان سماحتكم أو سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز إذا ورد سؤالا يتضمن الفرق أو الجماعات أو النوادي فأغفلوه ألا يرى سماحتكم التحذير والاغترار بهؤلاء أثابكم الله وأعانكم ؟
الشيخ : أولا أشكر كل من كان يحبنا في الله تباك وتعالى، وأسأل الله عز وجل أن يجعل حبنا في الله حباً صادقاً من شروطه التناصح في الله وألا يماري بعضنا بعضا، ولا أن يسامح بعضنا بعضا، وأن يغض النظر عن بعض أهوائه أو أخطائه، وإنما يذكر بعضنا بعضا من باب قوله عليه الصلاة والسلام : ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم ) وإذ الأمر كذلك فلا يجوز لأي جماعة أو لأي طائفة من المسلمين أن ينكروا على بعضهم أن يقوموا بواجب تقديم النصيحة فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الأسس التي قام عليها الإسلام، وهذا أمر معروف من ضروريات الدين أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الواجبات التي يجب أن يقوم بها كل من علم شيئا من أمور الدين وكان في ذلك على بصيرة من دينه.
ولا شك أن مجرّد ادعاء شخص ما أو طائفة ما أنه على الكتاب والسنّة فذلك لا يكفي بداهة لأننا نطالب كل مدع سواء كان فرداً أو جماعة أن يبين لنا الدليل العملي على ما يؤكد دعواه وإلا فالأمر كما قيل : والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء .
وربنا عز وجل علمنا كيف نجادل المخالفين سواء كانوا من المشركين أو كانوا من المنحرفين عن كتاب الله وعن سنة رسولا لله صلى الله عليه وسلم أن نقول لهم تارة بلسان حالنا وتارة بلسان قالنا : هاتوا برهانكم إن كانتم صادقين ، ونحن نرى أن كثيرًا من الجماعات التي أصبحت اليوم تدعي أنها على الكتاب والسنة حينما وجدت هذه الجماعات أن العالم الإسلامي جله إن لم نقل كله قد فاء واستيقظ لهذه الحقيقة أن الإسلام ليس قول الرئيس الفلاني أو الإمام الفلاني أو الأمير الفلاني وإنما هو كما قال ابن قيم الحوزية رحمه الله :
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول ورأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذراً من التعطيل والتشويه "
فالذي يقول إنه على الكتاب والسنّة لا نكتفي بقوله هذا بل نريد أن يقرن معنى العمل بالقول وإلا جاء قوله تعالى : (( يأيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) ، فإذا كان الأمر كذلك فنبينا صلوات الله وسلامه عليه قد بلّغ الرسالة ونصح الأمة وبالغ في النصيحة حتى أنه عليه الصلاة والسلام تحدّث وهذا ليس اجتهاداً من نفسه وإنما هو وحي من ربه حين قال عليه السلاة والسلام : ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : هي ما أنا عليه وأصحابي -وفي رواية : هي الجماعة- ) أي جماعة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين فارقهم عليه الصلاة والسلام وهم على سنّته.
إحدى الروايتين تفسّر الأخرى ( ما أنا عليه وأصحابي ) هو التفسير للرواية الأخرى وهي: ( الجماعة ) وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه العرباض بن سارية في حديثه المشهور في السنن وغيرها قال: ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ، فقلنا : أوصنا يا رسول الله فقال: أوصيكم بالسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اخلافاً كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) وفي حديث جابر في *صحيح مسلم* وغيره وزيادة للنسائي: ( وكل ضلالة في النار ) هذا الحديث أيضًا بين أن الاختلاف سيقع بين المسلمين فما يأتي من الزمن قريباً أو بعيداً، والنجاة من ذلك إنما يكون بالتمسك لا أقول فقط كما يقول كل الدعاة اليوم وهذا هو الفصل بيننا وبينهم، لأن الرجوع للكتاب والسنة هذه الكلمة يقولها كل طائفة على وجه الأرض لا تزال تنتمي إلى الإسلام حتى الشيعة وحتى الرافضة لا يتبرؤون من الكتاب والسنة، ولكنهم يتبرؤون من السلف الصالح وكذلك كل الطوائف والجماعات الأخرى الذين لما شعروا لما أشرت إليه آنفاً من أن موضة العصر الحاضر الرجوع للكتاب والنسّة بفهم أو بغير فهم بعمل أو بغير عمل، المهم الرجوع للكتاب والسنة وإلى الإسلام، أما هذا الإسلام فيلوّن بألوان كثيرة وكثيرة جداً .
15 - هل يجوز التحذير من الجماعات والأحزب التي تدعي أنها على الكتاب والسنة وهي ليست على منهج السلف خصوصاً حزب الإخوان المسلمين ؟ أستمع حفظ
التنبيه على ما يسمى بالأناشيد الإسلامية.
ليس كل من انتسب إلى الكتاب والسنة يكون صادقا .
هذه القرون الثلاثة ما كانوا عليه هو سبيل المؤمنين فلا يجوز لمن كان صادقاً في ادعائه أنه على الكتاب والسنة ومخلصاً في ذلك إلا أن يفهم الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح .
تنبيه : الواجب على الجماعات التي تدعي أنها على الكتاب والسنة أن تبين وتظهر انتمائها إليه.
لم يجر هؤلاء الناس على هذه الحقيقة العلمية إلا في بعض الأمور الشكلية فتراهم يصلون فكل فرد منهم لا يبني على صلاة الرسول عليه السلام ولا يهتم بها، وقد يسمي بعضهم الاهتمام بتصحيح عبادات الناس سواء كان ذلك طهارة أو صلاة أو حجاً أو صياما هذا من توافه الأمور ومن القشور، ونحن نريد الاهتمام باللباب هكذا يقول بعضهم ولا نعمم، لكننا سمعنا هذا من كثير من أفرادهم وذلك يدلنا دلالة واضحة على أنهم لا يريدون أن يتبنوا الإسلام كلّا لا نفرق بين الله ورسوله لا نفرق بين رسوله وبين أصحابه كما هو مقتضى تلك الأدلة، وإنما هم يهتمون بالجانب السياسي للإسلام وإذا عنو بهذا الجانب فقط فقد خالفوا النهج الذي كانوا يدندنون قديماً حوله نريد إسلامًا يمشي على وجه الأرض، يعجبني في هذه المناسبة قول بعض كبارهم حين قال كلمة أرجو أن يطبقها كل مسلم وأولهم هؤلاء الذين ينتمون إلى من قال هذه الكلمة ، قال: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم . هذه في الحقيقة في اعتقادي حكمة بالغة لأن المسلمين إذا لم يصححوا عقائدهم التي محلّها قلوبهم ثم لم يصححوا عباداتهم التي هي سبب تقوية الإيمان في قلوبهم كما أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المعروف من حديث النعمان بن بشير الذي أوله : ( إن الحلال بين والحرام بين ) إلى أن قال عليه الصلاة والسلام : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فكلما اهتم المسلم بإصلاح ظاهره وهذا لا يكون إلا بإصلاح عباداته وفق الكتاب والسنة وبإصلاح سلوكه ومنطلقه في حياته فلا يمكن أبداً أن يقيموا دولة الإسلام في قلوبهم إلا بهذا الطريق الذي شرعه الرسول عليه السلام حين قال في حديث النعمان : ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ).
18 - تنبيه : الواجب على الجماعات التي تدعي أنها على الكتاب والسنة أن تبين وتظهر انتمائها إليه. أستمع حفظ
بيان وجوب اتباع سبيل المؤمنين وصراط الله المستقيم على كل أحد في حدود استطاعتهم .
عليهم أولاً أن يطبقوه على منهج السلف الصالح .
وثانياً : أن يطبقوه في أنفسهم وفي ذويهم في حدود استطاعتهم، ولا يفكروا في إقامة الدولة المسلمة التي تحتاج إلى شروط كثيرة وكثيرة جداً أولها اجتماع القلوب قلوب المسلمين على منهج مستقيم وليس ذلك إلا كما قال رب العالمين : (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله )) فالسبيل الذي أشار الله عز وجل في هذه الآية الكريمة هو ما كان عليه النبي عليه السلام وأصحابه، وقد جاء في *مستدرك* الحاكم وغيره من حديث ابن مسعود: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خط ذات يوم خطّاً مستقيما على الأرض ثم خط حوله خطوطًا قصيرة، ثم قرأ عليه الصلاة والسلام تلك الآية (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله )) ثم زاد عليه الصلاة والسلام تبياناً لهذه الآية كما هو مأمور به في القرآن : (( ونزّلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُّزل إليهم )) قال عليه الصلاة والسلام مشيراً إلى الخط المستقيم : (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه )) ثم أشار إلى الخطوط القصيرة التي حول الخط المستقيم فقال: ( هذه طرق وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه ) هذه الطرق القصيرة هي في الواقع تمثّل تمثيلًا دقيقاً جداً وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الرسم الحلال كان يُنبّئ المسلمين بما سيقع من الاختلاف والاقتصار على سلوك الطرق القصيرة.
الرد على ما يدّعيه أصحاب المناهج المنحرفة من أن منهج السلف هو الصواب والحق ولكنه يحتاج إلى زمن طويل فمتى نصل ؟
أنا لست بالشاعر ولا أحفظ الشعر إلا نادراً جداً ولكن غعجابي بهذا النوع من الشعر ربما تساعدني ذاكرتي أن أسوقه لكم ألا وهو قول امرئ القيس :
" بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه *** وأيقن أنا لاحقين بقيصرا
فقلت له لا تبك عينك إنما *** نحاول ملكاً أو نموت فنُعذرا "
إنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا كافر مشرك يعبد الأصنام يعزي صاحبه لا علينا نحن علينا أن نحاول والاعتماد على الله، نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا.
الإسلامييون الآن بعضهم يريدون ان يتسلقوا السلم قفزة واحدة ويريدون أن يقيموها دولة مسلمة وهم إلى الآن ما أقاموا دولة الإسلام في قلوبهم كما أمرهم رئيسهم الأول رحمه الله .
20 - الرد على ما يدّعيه أصحاب المناهج المنحرفة من أن منهج السلف هو الصواب والحق ولكنه يحتاج إلى زمن طويل فمتى نصل ؟ أستمع حفظ