توضيح أن الالتزام بدعاء أو ذكر له أصل في الشريعة عام لا يجوز إذا لم يلتزمه النبي صلى الله عليه وسلم ويكون من البدع مثل خطبة بدل خطبة الحاجة أو قول: زمزم للمتوضئ دائماً.
أما إذا التزم افتتاحية اخترها من عنده فهذا كختم الخطبة بتلك الآية أو بغيرها، المهم موضوع الالتزام بشيء بغض النظر عن مكانه هو في وسط الخطبة في آخرها في أولها هذا الالتزام وفي أي باب من أبواب الشريعة لا يجوز ولو كان له أصل في السنة، فإذا كان له أصل في السنة أو في الشريعة فيُعمل به على ما تقتضيه الشريعة، أما أن يُلتزم ونحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يلتزمه فهذا داخل في عموم قوله عليه السلام: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ).
فنحن مثلًا حينما نُنكر ما نراه في بعض البلاد الإسلامية من اعتياد عادتهم أن المسلم إذا مرَّ بأخيه المسلم وقد رآه توضأَ قال له مثلًا: زمزم، أو صلى قال له: تقبل الله، لا شك أن هذا داخل في عموم الدعاء للأخ المسلم، فمن هذه الحيثية الدعاء جائز، ولكن من الحيثية الأخرى وهي التزام ما لم يكن مُلتزمًا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي عهد السلف الصالح يدخل حينذاك في العموم المشار إليه: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ).
فإذا فعل المسلم أحيانًا وقال لأخيه: تقبل الله، أو قال له: زمزم، أو كوثر، أو نحو ذلك من الأدعية لا مانع من ذلك، لكن هذا الالتزام هو المشكل، لأنه إحداث في دين الله، والعادات والتقاليد تختلف من بلاد إلى أخرى، فيجب على المسلم أن يكون حذرًا من أن يدخل في عموم ذاك الحديث وغيره كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ).
1 - توضيح أن الالتزام بدعاء أو ذكر له أصل في الشريعة عام لا يجوز إذا لم يلتزمه النبي صلى الله عليه وسلم ويكون من البدع مثل خطبة بدل خطبة الحاجة أو قول: زمزم للمتوضئ دائماً. أستمع حفظ
توضيح الشيخ لأقسام البدعة التي ذكرها الإمام الشاطبي في كتاب الاعتصام، مع ذكر بعض أمثلتها.
فالقسم الأول: البدعة الحقيقية، والقسم الآخر: البدعة الإضافية.
البدعة الحقيقية في اصطلاحه هي التي لا أصل لها مطلقًا في السنة أو في القرآن الكريم، كالعقائد المنحرفة عن الكتاب والسنة، كالاعتزال والجبر ونحو ذلك.
أما القسم الثاني، وهي البدعة الإضافية: فهي التي إذا نُظر إليها من جانب وجدتها مشروعة، وإذا نُظر إليها من جانب آخر وجدتها غير مشروعة، ويضرب على ذلك بعض الأمثلة الموضحة لهذه المسألة الهامة، لأننا نعلم في الواقع أنّ أكثر البدع المنتشرة اليوم وقبل اليوم في العالم الإسلامي هي من هذا القسم، ولذلك يغتر بها ضُعفاء العلم وهي البدعة الإضافية.
من الأمثلة على ذلك قوله -رحمه الله-: " الاستغفار دبر الصوات بصوت واحد ": هذا إذا نُظر إلى أصله وجدته سُنة، لأنه قد ثبت في *صحيح مسلم* ( أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا سلَّم قال: -أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله- ) قيل لراويه سفيان الثوري لمـّا روى هذا الحديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم استغفر ثلاثًا )، هكذا جاء الحديث، قيل لسفيان: كيف الاستغفار؟ فذكر ما ذكرتُه آنفًا، " أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله ".
من البدع الإضافية الآن أن نقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو إلى آخره، هذا بهذا الكمال لم يرد في هذا المكان، وإنما جاء مختصرًا كما ذكرنا آنفًا، فيقول الشاطبي -رحمه الله-: " فالاجتماع بصوتٍ واحد من المصلين دبر الصلاة هو من باب البدعة الإضافية "، لأنه أُضيف إلى هذا الاستغفار المشروع إضافات لم تكن، منها: أنهم طوّلوا الاستغفار وهو مختصر، ومنها: أنهم اجتمعوا عليه بصوت واحد، وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر في نفسه وكذلك الصحابة حين صلَّوا من خلفه.
ويضرب مثلاً آخر يسمى في بعض البلاد بـ " دعاء ختم الصلاة "، ونعلم جميعًا أن من السنة بعد السلام: الاستغفار، واللهم أنت السلام، والمعوذتين، والتسبيح والتحميد والتكبير إلى آخره، كل هذه الأشياء إنما يفعلها المصلون كل منهم على انفراد، والدعاء بعد الصلاة لم يأتِ مُطولًا، وإنما جاء بأدعية مختصرة، كمثل ما سبق ذكره: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، وكمثل وصية الرسول عليه السلام لمعاذ: ( لا تدعنَّ أن تقول دبر كل صلاة اللهم أَعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) فإنما هي كلمات يسيرات قليلات، أما هذا الدعاء الطويل بعد الأذكار التي أشرنا إليها، ثم دعاء الإمام للمصلين وتأمين هؤلاء على دعائه يقول الشاطبي: " هذه الهيئة محدثة لم تكن في عهد الرسول عليه السلام مع أن أصلها ثابت "، الأذكار، الدعاء مطلقًا فهذا يُشرع، لكن لما انضم إلى هذا المشروع ما لم يكن مشروعًا دخل الأمر فيما يُسميه هو بـ: " البدع الإضافية ".
والحقيقة أن البدع التي لا يمكن إحصاؤها جلها من هذا القبيل أي: البدع الإضافية، وبعض الناس لا ينتبهون لهذه الدقة فيرون أنه لا بأس من اعتياد بعض الأدعية أو بعض الأذكار وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يفعل ذلك.
2 - توضيح الشيخ لأقسام البدعة التي ذكرها الإمام الشاطبي في كتاب الاعتصام، مع ذكر بعض أمثلتها. أستمع حفظ
توضيح الشيخ بأن إلقاء السلام على كل شخص في المجلس عند مصافحته من البدع الإضافية المحدثة.
3 - توضيح الشيخ بأن إلقاء السلام على كل شخص في المجلس عند مصافحته من البدع الإضافية المحدثة. أستمع حفظ
هل التزام بعض الخطباء في الخطبة الثانية بذكر آية الصلاة على النبي وكذلك الصلاة عليه من البدع ؟
الشيخ : أي نعم، وهذا أيضًا من ذاك الباب، أي: من البدع الإضافية، لا يجوز التزامها ويجوز فعلها أحيانًا، خاصة بأن هذه الآية تحمِل الناس على أن يضجوا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن عجبٍ أنك ترى الجماهير من المصلين إذا ذُكر الله تبارك وتعالى لم يُتبعوا ذلك بتعظيمه وإجلاله، أما إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضجّ المسجد بالصلاة عليه ويوم الجمعة حيث لا يجوز فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا شكّ أن تلاوة تلك الآية أيضًا والتزامها دائمًا وجعلها من شروط الخطبة الثانية، فهذا من محدثات الأمور، نعم.
4 - هل التزام بعض الخطباء في الخطبة الثانية بذكر آية الصلاة على النبي وكذلك الصلاة عليه من البدع ؟ أستمع حفظ
ما حكم التزام خطيب الجمعة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية بدون ذكر الآية ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : الالتزام بالصلاة على النبي في الخطبة الثانية ؟
الشيخ : كذلك كله من باب واحد.
السائل : من دون ذكر الآية ؟
الشيخ : بدونها أنا فهمتك، هنا شيئان:
التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بدون ذكر الآية، وذكر الآية كما جاء في السؤال السابق، لا ينبغي التزامُ ما لم يكن معروفًا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الخطبة كما ألمحَ اللهُ تبارك وتعالى في قوله عز وجل: (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ )) فخطبة الجمعة المقصود بها ذكر الله، وقد يكون فيها بعض التعليم والتذكير بما قد يخفى على الناس، أما جعل الخطبة الثانية هي للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء ونحو ذلك فهذا مما لا نعلمه من السنة.
5 - ما حكم التزام خطيب الجمعة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية بدون ذكر الآية ؟ أستمع حفظ
هل يدخل في البدع الإضافية ما اعتاده كثير من الأئمة في بعض البلاد من قراءة للأحاديث بعد صلاة العصر كل يوم ؟
الشيخ : إي نعم.
السائل : ولدرجة أنهم قسموا الأحاديث في شهر رمضان على ستة وعشرين مجلس بحيث الجُمَع ما فيها عدد.
الشيخ : عفوًا قسموا الأحاديث إلى ؟
السائل : في بعض الكتب التي تتكلم عن مدار شهر رمضان أو أحاديث شهر رمضان أو المواعظ الشهرية هذه جعلوها أربعة وعشرين موعظة، بحيث إن الجمع تخرج عن هذا المبحث، فما أدري هل يكون هذا داخلًا ؟
الشيخ : هذه تدخل نعم إذا كانت توهم الشرعية من حيث الالتزام، أما إذا كانت لا توهم فهي من الأمور العادية والتي قد يقتضيها تنظيم وجمع الناس، يعني مثلًا الآن توجد مدارس على اختلاف أنواعها، فهي تضع مناهج دراسية وساعات معينة في كل يوم، وتستثني من ذلك مثلًا يوم الجمعة، فمثل هذا التنظيم أنا ما يدور في ذهني أبدًا أنه يمكن أنَّ أحدًا يفهم أن هذا له علاقة بالعبادة، وإنما مصلحة الناس الزمنية تقتضي ذلك، ولهذا يُعدل فيها حسب التوقيت مثلًا في بعض البلاد، التوقيت الصيفي أو الشتوي، فمراعاة هذا التنظيم إذا لم يكن مَدعاة لتوهم أنه عبادة بخصوصها -كما هو الشأن فيما سبق من الأمثلة- فلا مانع من ذلك، وإلا يجب التغيير وعدم الالتزام.
6 - هل يدخل في البدع الإضافية ما اعتاده كثير من الأئمة في بعض البلاد من قراءة للأحاديث بعد صلاة العصر كل يوم ؟ أستمع حفظ
فائدة ذكرها السيوطي تتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية يوم الجمعة.
قال: " هو أول من أحدث هذا ثم سار عليه الخطباء إلى يومنا هذا "، يقوله السيوطي، فهذه أحدثها الخليفة المهدي ولم تكن موجودة من قبل.
الشيخ : جزاك الله خيرًا، في أي كتاب ؟
الطالب : في * تاريخ الخلفاء *.
الشيخ : * تاريخ الخلفاء *.
7 - فائدة ذكرها السيوطي تتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية يوم الجمعة. أستمع حفظ
توضيح الشيخ لخطورة مذهب الأشاعرة المنحرف في صفة كلام الله عزوجل عند قول كثير منهم: ( ولم يزل قائلاً عليماً ).
هذه فيها دسيسة أشعرية، الذين يبطلون أو ينفون على الأقل حقيقة الكلام الإلهي ويفسرونه بالكلام النفسي، وهم من هذه الحيثية معطلة، وهذا من عجائبهم، لأنهم من جهة يجادلون المعتزلة الذين يصرحون بأن كلام الله تبارك وتعالى مخلوقٌ، فالأشاعرة يزعمون ويتلفظون بما يوافقون أهل السنة وأهل الحديث ويقولون: لا، كلام الله صفة من صفاته، ولكنهم إذا سُبر غورهم وتُحدث معهم عن حقيقة هذا الكلام الذي ظاهره حق، قالوا: إنما نعني بالكلام الكلام النفسي، ولا يعنون به الكلام اللفظي المسموع والمصرح به في بعض النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، كقوله تعالى مخاطبًا موسى عليه الصلاة والسلام: (( فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى )) هذا النص صريح جدًّا في أن كلام الله مسموعٌ ملفوظٌ وهذا ما ينكره الأشاعرة ويقولون: لا، هذا فيه تشبيه لكلام الله الأزلي بكلام البشر، وإنما المقصود بالكلام الإلهي إنما هو الكلام النفسي، وهو في الحقيقة يعود إلى التعطيل، لأن الكلام النفسي هو أشبه شيء بالعلم الإلهي، فهم يُشيرون إلى هذه العقيدة: " ولم يزل قائلًا عليمًا "، ولأن الأمر كما يقول ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على الأشاعرة حينما يشرح بأنهم ينكرون الكلام الإلهي الحقيقي يقولون: إنما هو الكلام النفسي، فالله عز وجل حينما قال لموسى عليه الصلاة والسلام: (( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى )) يقولون: إلى الأزل هذا هو كلام الله، لأنهم يعنون ما يساوي العلم الإلهي، فهو قال: ولم يزل قائلًا عليمًا، بينما قال هذا حقيقة قال: فالله عز وجل كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-: " يتكلم حينما يشاء وبما يشاء "، أما الأشاعرة عندهم الكلام الإلهي هو العلم الإلهي تمامًا، فأشاروا إلى هذا الانحراف: " ولم يزل قائلًا عليمًا "، فإذا كانوا يقولون: (( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى )) لم يزل قائلًا عليمًا يشيرون بهذا إلى الكلام النفسي، فهذه بدعة تفرد بها الأشاعرة دون الفرق الأخرى، فمنها من كان على منهج السنة يؤمنون بكلام الله عز وجل أنه كلامٌ مسموعٌ، وكما قال عليه السلام في الحديث الصحيح: ( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات ) وهم ينفون الحروف وينزهون -زعمًا- رب العالمين مِن أن يتكلم بهذا القرآن الذي نحن نعتقد جميعًا أنه كلام الله، لكن هم في الحقيقة لا يدينون الله بأن القرآن الكريم هو كلام الله حقيقة، ثم يختلفون من هو الذي تكلم به ؟
فمِن قائل: إنه جبريل، ومن قائل: إنه أخذه من اللوح المحفوظ وأن الله عز وجل لم يتكلم به.
ومِن عجبٍ أن أحد علماء الأزهر رد في حاشيةٍ له على كتاب *الجوهرة* في العقيدة، عقيدة الأشاعرة، رأيت له بحثًا في حاشيته على هذا الكتاب يُناقش المعتزلة يقول لهم: لماذا لا تؤمنون بالكلام الإلهي والله عز وجل يقول: (( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ))؟ يوجه السؤال التالي -وهنا العبرة-: " أليس الله تبارك وتعالى بقادر على أن يُفهم -هكذا يقول- موسى عليه السلام كلامه النفسي ؟ "، لا يقول كما هو مقتضى الآية السابقة، أليس الله تبارك وتعالى بقادر على أن يسمع موسى كلامه ؟ وإنما يقول: أليس بقادر على أن يفهمه ؟ ، لأن هذا يلتقي مع قولهم: الكلام النفسي، أي: العلم، كأنه يقول: أليس الله بقادر على أن يُعلم موسى ما يريد أن يوحي به إليه ؟ وليس باللفظ وإنما بالإفهام، هذا من شوؤم الابتداع في الدين، حيث يدس في بعض العبارات ما يحمل في طواياها عقيدة منحرفة عن عقيدة أهل السنة وأهل الحديث.
8 - توضيح الشيخ لخطورة مذهب الأشاعرة المنحرف في صفة كلام الله عزوجل عند قول كثير منهم: ( ولم يزل قائلاً عليماً ). أستمع حفظ
كيفية تسليم الإمام المسافر إذا صلى بالمقيمين وماذا يقول لهم ؟
يكون على صواب أنّ الإمام يُسلم سلامًا يُسمع نفسه، وبذلك يخرج من الصلاة حسب نص الحديث السابق، ويَرفع صوته بما ثبت عن عمر بن الخطاب، ورُوِي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر ) فهذه العبارة بعد السلام بالخفض تنبيهٌ لأولئك الناس ألا يشاركوا الإمام ويخرجوا من الصلاة بالتسليم معه لأنهم مقيمون، هذا الذي أنا أراه، أما أنه يقول: أتموا صلاتكم ويجعل ذلك مكان: السلام عليكم، فهذا ما أعتقد أن أحدًا يقع في مثل هذا الخطأ الفاحش، لا بد من السلام، لكن بين أن يكون السلام جهرًا كما هو الأصل بالنسبة للإمام، وبين أن يكون سرًّا كما أرى في مثل هذا المقام.
لعله وضح لك الأمر ؟
السائل : هذا وارد عن عمر بن الخطاب ؟
الشيخ : وهو ؟
السائل : التوجيه الذي ذكرتم.
الشيخ : أتموا؟
السائل : لا، خفض الصوت بالتسليم ؟
الشيخ : لا لا، أقول: الراوي لما ذكر عن عمر لم يذكر أنه قال: السلام عليكم ورحمة الله أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر، وإنما ذكر الجملة هذه فقط، فأنا أفهم من هذا أنه يكون سلَّم سرًّا، ولا بد من السلام لما ذكرته آنفًا.
السائل : عفا الله عنك، ما يورد عليه أنه إمام لهم، وكيف ينفرد عنهم بهذا السلام ؟
الشيخ : ما انفرد عنهم بارك الله فيك.
السائل : سلَّم لنفسه كما فهمت سرًّا، ثم سلَّم لهم ؟
الشيخ : هذا معناه انفرد لنفسه إذا قال السلام عليكم، انفرد لنفسه ؟!
كل ما في الأمر -بارك الله فيكم- أنه لم يسمعهم، وإنما لم يسمعهم دفعًا للمفسدة التي فعلًا نحن نلمسها، أنا وقعت لي حوادث عجيبة جدًّا في هذه القضية لجهل الناس وغفلتهم، منها: أنني قلت لهم جهرًا في أول الأمر: السلام عليكم ورحمة الله فسلَّم معي كثيرون.
وأكثر من ذلك: في بعض أسفاري إلى المملكة إلى الحج والعمرة نزلت في تبوك، وصليت بهم صلاة العشاء بعد أن قدَّموني واعتذرتُ، خشيت أنني سأُسلم على رأس الركعتين، وهذا مما لم يعتده الجمهور، فقال لي: المرشِّح للإمامة: طيب لا بأس، اعمل لهم كلمة وذكرهم بها، ففعلت فعلًا ووجدت نفسي أُلقي محاضرة، وأذكر السنة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا سافر صلى قصرًا، ولم يصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه أتمَّ خلافًا لحديث الدارقطني المروي عن عائشة إلى آخره، ولذلك يا إخواننا فانتبهوا: أنا اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم سأُصلي بكم ركعتين فقط، وسوف لا أُسمعكم سلامي خشية أن تخرجوا من الصلاة معي، وإنما أنا أُسلم بالخفض، وأُسمعكم قولي: أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْر، وبعد هذا كلُّه صليت ركعتين والناس سلموا معي فعلًا، خرجوا من الصلاة وبدأت الشوشرة والاضطراب، وقام كثير منهم يعترضون على الذي رشَّحني: يا شيخ ليش أنت قدمت هذا الرجل يشوش علينا صلاتنا وو إلى آخره، فبعد هذا التنبيه كله ما أفاد.
ولذلك أنا أرى أنه ينبغي على الإمام أن يراعي أوضاع الناس، وألا يكون سبب إفساد لصلاتهم، فإذا صحت الصلاة الآن ما أظن أن عالماً في الصلاة العادية لو أن الإمام قال: السلام عليكم ورحمة الله والناس سلموا، ألم تصح صلاتهم؟
بلا شك صلاتهم صحيحة، ولكنه خالف السنة، لأنه إمام والسنة أن يُسمع سلامه، نعم ؟
السائل : ويلتف.
الشيخ : نعم ؟
السائل : ويلتفت.
الشيخ : وإيش ؟
السائل : يلتفت.
الشيخ : يلتفت لابد، لكن هنا في هذه القضية الجزئية الخاصة ينبغي أن يراعي أوضاع هؤلاء الناس المساكين الذين لا يحضرون العلم، وإن حضروا ربما لا يفهمون وما شابه ذلك من الأمور المؤسفة، فإذا قال الإمام سرًّا : السلام عليكم ورحمة الله، أتموا صلاتكم فإنا قومٌ سَفْر، مصلحة الوقت الواقع تقضي ذلك مع ملاحظة شيء قلته آنفًا:
لم نجد في السنة ولا في الأثر عن عمر -أنا أقول في السنة لأنه الحديث الوارد في ذلك ليس صحيحًا يحتج به، لأن فيه الرجل المعروف بسوء حفظه علي بن زيد بن جدعان، وهذا في صلاة الرسول عليه السلام في تبوك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ) فالسند ضعيف-، لكن عمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك ثابت عنه بالسند الصحيح، وفي مكة، وفي حضور جمع غفير من الصحابة يؤكد أن هذا له أصل في السنة، وفي مثل هذا نقول: هذا الحديث الضعيف يتقوى بهذا الأثر الصحيح، فلم نجد لا في الحديث ولا في الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم أو عمر رفع صوته كالعادة: السلام عليكم ورحمة الله، فأنا عَللت ذلك بما شهدته عمليًّا حتى الناس ما يستعجلوا ويسلموا معه وهم مقيمون، فهذا الذي نراه والله أعلم.
السائل : بالنسبة.
مناقشة بعض الطلبة حول مسألة تسليم الإمام المسافر بعد الركعتين سراً.
السائل : الحجة سلمك الله أن هناك عموم النصوص ما نزال نسير في فلكها إلا إذا ورد نص يخرجنا عن هذا العموم، فعموم النصوص أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلَّم يسلم تسليمًا يُسمعه الصحابة، والإمام الذي يؤم أناسًا فيهم المسافر وفيهم المقيم أيضًا هو خلفه أُناس مسافرون، فهؤلاء المسافرون لابد أن يُسمعهم الإمام، وإلا كيف يعرفون أنه سلَّم !؟
الشيخ : الآن قولك: كيف يعرفون مبني على مقدمة، أليس كذلك؟
السائل : إي نعم.
الشيخ : فإذا صَحّت المقدمة صح تساؤلك وإلا فلا، أكذلك ؟
السائل : تفضل.
الشيخ : ولا شُغلتَ عني ؟!
سبق ذكرها، في اعتقادي هي داخلة في المصالح المرسلة، فلو سلَّمنا بالعموم الذي ذكرته وهو غير مُسلَّم حقيقة، لأنه لا يوجد لدينا نص عام يقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجهر بالسلام في كل الصلوات، وإنما هذا نحن هذا العموم نثبته بالتقاط مجموعة من النصوص، هذه المجموعة قد تُعطينا هذه النتيجة، ولكن هذه النتيجة بهذا العموم والشمول ليس مُسلَّمًا، وعلى افتراض التسليم به فالمسألة تدخل في باب المصالح المرسلة.
ذكر اختلاف العلماء في المصالح المرسلة، وبيان أن تسليم الإمام المسافر إن قصر يكون سراً يدخل تحت هذا الباب.
ابن تيمية -رحمه الله- رأيت له كلامًا في هذا المجال حريٌّ بأن يعرفه كل طالب علم لكي لا يقع في إفراط وتفريط، مَن لا يعرف هذه القاعدة على التفسير والتوضيح الذي ذكره ابن تيمية -رحمه الله- وقع في الغلو في إنكار كل شيء حدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتمادًا منه على عموم الأدلة الذامّة لكل بدعة.
11 - ذكر اختلاف العلماء في المصالح المرسلة، وبيان أن تسليم الإمام المسافر إن قصر يكون سراً يدخل تحت هذا الباب. أستمع حفظ
توضيح الشيخ لضابط كون المحدثات من البدع، ونقل كلام شيخ الإسلام في ذلك، وضرب بعض الأمثلة كصلاة التراويح.
12 - توضيح الشيخ لضابط كون المحدثات من البدع، ونقل كلام شيخ الإسلام في ذلك، وضرب بعض الأمثلة كصلاة التراويح. أستمع حفظ
من أمثلة ما أُحدث في الإسلام وليس ببدعة إخراج عمر لليهود من خيبر.
فإن كان الجواب العقل أُلحقوا بالمعتزلة الذين يقولون بالتحسين والتقبيح العقليين، وإن قالوا الشرع إذن نرجع إلى الشرع، فما حسنه الشارع فهو الحسن وما قبحه فهو القبيح، هذه البدعة التي جاؤوا بها وملؤوا الدنيا بها وصرفوا الناس عن.
التي ذكرتها آنفًا أخذنا دليل ولم نتأثر بكلمة: إنَّ هذا مُحدث، لأنه ليس كل محدث بالمعنى اللغوي هو محدث بالمعنى الشرعي، وهذا هو المثال بين أيدينا: صلاة القيام، إخراج اليهود من جزيرة العرب، هذا ليس بدعة في الدين، لكنه حدث بعد أن لم يكن، لكن هذا الإحداث كان بدليل شرعي.
تفصيل الشيخ لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية عن المصالح المرسلة.
الجواب: ليس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسن للناس إلا ما يُوحى به إليه، فإن لم يوحَ فليس له أن يُشرع لأن الله عز وجل وحده هو الذي يجوز له التشريع كما قال تعالى: (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ))، فإن كان المقتضي لتشريع الأذان أو الصلاةَ جامعة موجودًا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم هو لم يأخذ بلازم هذا المقتضي فإيجادنا للازمه وهو وسيلة الإعلام هو من الإحداث في الدين ومجاوزة سنة سيد المرسلين، هذا قوله إذا كان المقتضي موجودًا وقائمًا في عهده عليه السلام.
لكن قد يكون المقتضي حدث بعد أن لم يكن، وهذا من تمام الدقة في كلامه -رحمه الله- قال: " حينذاك ننظر، إن كان المقتضي سببه تقصير المسلمين في تطبيق أحكام دينهم فلا يجوز أيضًا الأخذ بهذا المقتضي لأنه ناتجٌ من تقصيرهم في تطبيق شريعة ربهم "، لعله ذكر هو أو الشاطبيي -لا أذكر الآن- الشاطبي ذكر هذا يقينًا في كتابه *الاعتصام*، لأنه بحث أيضًا مسألة المصالح المرسلة هناك بحثًا وافيًا ومفيدًا، لكن هذا التفصيل الذي أنقله لكم هو استفدناه من ابن تيمية -رحمه الله-.
ذكر الشيخ لكلام الشاطبي رحمه الله في المصالح المرسلة.
يقول ابن تيمية والشاطبي: " هذه الضرائب إن كانت لسبب عارض " كالمثال السابق فيما إذا هاجم العدو بلاد المسلمين فهذا لا بأس به، أما أن تُتخذ سنة ونظامًا لبيت مال المسلمين مع انصراف هؤلاء الحكام عن جلب أموال الزكوات حسب ما هو مشروح في كتب الحديث والسنة، فالفقر الذي يصيب بيت مال المسلمين نتج بإهمالهم لأحكام الدين، وفي هذه الحالة لا يجوز إيجاد وسيلة جديدة لأن المقتضي للأخذ بهذه الوسيلة إنما حدث بسبب تقصيرهم بالقيام ببعض أحكام الدين، منها: أن تقوم الدولة بجمع أموال الزكوات على التفصيل الذي أشرت إليه آنفًا.
لهذا يمكن للإنسان أن يفهم أن باب المصالح المرسلة بابٌ مهمٌ جدًّا، لأنه يحقق مصالح للمسلمين توجبها ظروفهم الخاصة، فإذا أتقنا فهم هذه المسألة في هذه الحدود المبينة في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، سهل علينا حينذاك أن نفهم أمورًا وقعت فيما مضى ويمكن أن تقع اليوم وفيما يأتي، وأن نميز فيما إذا كانت مِن المصالح المرسلة أو من البدعة الضالة.
ضرب بعض الأمثلة على المصالح المرسلة من فعل بعض الصحابة كالأذان الثاني عن عثمان، ووقوع طلاق الثلاث عن عمر.
أنا أُدخل في هذا الباب تمامًا ما ثبت عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مِن جعله الطلاق بلفظ الثلاث ثلاثًا وهو يعلم يقينًا أنه كان طلقة واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي عهد أبي بكر كله وفي شطر من خلافته هو نفسه -رضي الله عنه-، لكنه لما رأى الناس يتتايعون ويتتابعون على جمع الطلاق بلفظ الثلاث خلافًا لقوله تبارك تعالى: (( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريحٌ بإحسان )) تساءَل في نفسه أو مع من كان حوله: لو جعلناه ثلاثًا تأديبًا لهم، فبدا له ذلك فنفذه، هذا لا نستطيع أن نقول: إنه إحداث في الدين، وإنما هذا التصرف زمني، رأى الناس يخالفون السنة، ولا شكّ أنه بين لهم أن هذا خلاف السنة كما نفعل في هذا الزمان تمامًا، فتجد الناس يتسارعون ويُطلِّقون ثلاثًا بلفظ واحد وفي مجلس واحد أو في مجالس متعددة بعدة واحدة، فرأى عمر -رضي الله عنه- أن ينفذها عليهم ثلاثًا، هذا اجتهاد منه ليس تعبدًا، وإنما لمعالجة مشكلة وقعت في زمانه، أصاب أم أخطأ هذا موضوع داخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد )، ما يهمنا الآن أن ندقق هذا التدقيق لأنه ليس عمليًّا الآن، وقد ألهم الله كثيرًا من علماء المسلمين أن يعودوا إلى السنة الأصيلة وهي أنَّ الطلاق بلفظ ثلاث إنما هي طلقة واحدة، لكن المهم ألّا نتسرع ونقول: إن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أحدث في الدين، هذا ليس من هذا القبيل أبدًا، وإنما هو اجتهاد اقتضاه الزمن، هي هذه المصلحة، اقتضاه الزمن، هذا المقتضي لم يكن في عهد الرسول عليه السلام، ولم يكن في عهد عمر، لأن الناس كانوا لا يزالون على السنة، فلما كَثُر الناس في مخالفة السنة في موضوع التطليق بلفظ الثلاث اجتهد عمر بن الخطاب، وأنا يترجح عندي أنه كان مُصيبًا في هذا الحكم ومأجورًا على ذلك أجرين تمامًا، لكن لا يجوز أن نتخذ ذلك سُنة ونقضي بها على السنة الأصيلة وهي سُنة الرسول عليه السلام والتي جرى عليها أبو بكر وعمر أيضًا في أول خلافته، هذا من المصالح المرسلة فإذا ذهب المقتضي لها ذهب الحكم معها، وإذا تبين لنا هذا بوضوح تام نعود بعد ذلك إلى موضوع سلام الإمام المسافر والذي هو أمَّ مقيمين.
16 - ضرب بعض الأمثلة على المصالح المرسلة من فعل بعض الصحابة كالأذان الثاني عن عثمان، ووقوع طلاق الثلاث عن عمر. أستمع حفظ
هل الأخذ بالمصالح المرسلة في باب العبادات يفتح على الناس باب الابتداع ؟
الشيخ : نعم تفضل.
السائل : القول أو الأخذ بالمصالح المرسلة طبعًا في مجال المعاملات هناك شيء من النظر في مجال تنظيم أمور الناس.
الشيخ : نعم.
السائل : لكن أما ترى أن الأخذ به في مجال العبادات يفتح على الناس باب الابتداع ؟
الشيخ : هو كذلك، ولذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله وضع هذين القيدين:
إذا كان المقتضي موجودًا في عهد الرسول، فلا يجوز الأخذ بالمصلحة المرسلة، لأنه لو كانت مصلحة حقيقية لكان الرسول عليه السلام أخذ بها.
ثم إذا وجد المقتضي حتى في المعاملات، أنتم الآن تُشيرون إلى أنه يمكن الأخذ بالمصلحة المرسلة في المعاملات، ابن تيمية أيضًا يقول: حتى في المعاملات لا يجوز الأخذ بها إذا كان المقتضي للأخذ بها هو تقصير المسلمين في القيام بأحكام شريعتهم، فهذه معاملات، لكن أنتم ترون الآن أن المصلحة المرسلة لا تتعلق أبدًا بالعبادة وإنما تتعلق بصورة من صورها، وأنا الآن دخلت للاستشهاد بما مضى من الكلام الذي نقلته عن ابن تيمية -رحمه الله- إلى هذه الجزئية، فنحن ما شرعنا سَلامًا زدناه تعبدًا وتقربًا إلى الله تبارك وتعالى، لكننا رأينا أننا إذا رفعنا صوتنا بـ السلام عليكم -كما هو الأصل- فعرضنا الناس إلى أن يُفسدوا صلاتهم، وأنا أقول لكم الآن.
السائل : أنا ما أقصد الجزئية التي استشهدت بها.
الشيخ : لكن أنا أقصدها بارك الله فيك، لأن السؤال وُجه على هذه الجزئية، وهذا صاحب السؤال موجود هنا.
هل ثبت شيء في دعاء ختم القرآن ؟
الشيخ : لا، ما ورد.
السائل : ولا من آثار عن الصحابة ؟
الشيخ : أبدًا ما ورد .
أين السائل : إذا كنت تعني الدعاء المعروف اليوم ؟
السائل : إي نعم يا شيخ.
الشيخ : فالجواب ما سمعت، أما إذا كنت تعني مُطلق الدعاء فهو وارد عن أنس بن مالك وغيره.
السائل : لكن يا شيخ تقييده مثلا بهذا الدعاء ؟
الشيخ : خلاص أجبتك، هذا لا أصل له.
السائل : جزاك الله خيرًا.
الكلام حول رواية أبي الزبير عن جابر، والذي سمعه منه مما لم يسمعه.
الشيخ : نعم.
السائل : ألا وهو أنّ شعبة استحلفه بين الركن والمقام، روى عن الليث: " أنه استحلفه بين الركن والمقام ".
الشيخ : نعم.
السائل : " هذه الأحاديث التي ترويها عن جابر أسمعتها منه؟ فقال: إي والله سمعتها منه "، فنقول لعل مسلمًا اعتمد على هذه الرواية فأخرج رواية أبي الزبير عن جابر، ما رأيك يا شيخ ؟
الشيخ : رأيي والله أنا لا أستحظر هذه الرواية، لكن لعلك تعرف معي رواية الليث بن سعد، تعرفها ؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب هي تقضي على تلك، لأن رواية الليث صريحة أنه سأله: " أكل أحاديث جابر سمعتها منه ؟ قال: لا، بعضها سمعتُ وبعضها مما لم أسمع، قال له: فعلملي على الأحاديث التي سمعتها منه، فعلمه "، فالليث حديثه عن أبي الزبير محمول على الصحة، أما أنه سمع كل أحاديث أبي الزبير في هذه الرواية التي أنت ذكرتها آنفًا أنا لا أعرفها، لكن أقول: إن صحت فهي مفسَّرة برواية الليث عن جابر.
السائل : لكن هي يا شيخ في * التهذيب *.
الشيخ : كيف ؟
السائل : أقول في اللقاء ذكرونا إذا وصلنا على أساس نريك إياها في التهذيب .
الشيخ : أيوه جميل ، المكتبة قريبة.
السائل : إي نعم.
كلام الشيخ عن واقع الدعوة والدعاة، وما ينبغي أن يكونوا عليه.
فهو كذلك يتوهم بعض الناس الذين يسمون أنفسهم بالدعاة فضلًا عن اللاتي يسمين أنفسهن بالداعيات، إنه صحيح في مركز يستحقون هذا الاسم فيتورطون ويتورطن أيضًا ويتكلمون في الإسلام بغير علم.
ومن هذا القبيل ترك بعض الأحكام الشرعية بسم مصلحة الدعوة، أنا لا أستطيع أن أنكر بأن لهذا الكلام أصلًا، لكن من الذي يستطيع أن يطبقه، أهؤلاء الدعاة الذين يصح أن يقال: إنهم اسم غير مسمى، أم العالم المتمكن أولًا: بعلمه، وثانيًا: في دينه الذي يربطه بتقوى ربه، فلا يُرائي ولا يداهن، وإنما فعلًا هو يريد أن يحقق مصلحة الدعوة؟!
فهذه المصلحة إذا قُدّرت حق قدرها ووضعت في مكانها المناسب فأهل الحديث هم أولى الناس بها، ولا أقول أهل الفقه بل أهل الحديث، لأنهم هم في الحقيقة أهل الفقه، فأنا لا أستطيع أن أتصور فقيهًا غير محدث، وإن كنت أستطيع أن أتصور محدثًا غير فقيه، أما فقيه غير محدث فهذا يكاد يكون معدومًا، فأهل الحديث هم أدرى بهذه القاعدة ولكن يجب أن توضع في موضعها، وذلك مما لا يستطيعه إلا أهل العلم.
من أبواب الإمام البخاري في * صحيحه * باب -معناه إن لم يكن لفظه- قوله: " بابٌ ما كُل حديث تُحدث به العامة " ثم روى تحت هذا الباب حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الذي فيه: ( أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا معاذ؟ قال: لبيك يا رسول الله، ثلاث مرات، ثم قال عليه السلام: أتدري ما حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟ حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أنَّ من مات منهم يشهد ألّا إله إلا الله مخلصًا من قلبه حرم الله بدنه على النار )، قال راوي الحديث عن معاذ: " فما حدث معاذ بهذا الحديث إلا عند الوفاة تأثمًا "، فهذا هو مراعاة مصلحة الدعوة، لكن أين مثل معاذ في العلم والفهم والصلاح والتقوى؟!
وجرى على هذا السَّنن غير معاذ أيضًا، فهناك في * صحيح مسلم * عن أبي ذر رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة قال: ( لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم، ثم تلا قوله تعالى: (( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى )) -إلى آخر الآية- سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من مات وهو يشهد ألا إله إلا الله دخل الجنة ).
كذلك روى مسلم نحو هذا الحديث وهذا المعنى الموقوف عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.
فمن هنا ينبغي على الداعية حقًّا أن يراعي موقف الناس، وأن يلاحظ أن ما هو كل حكم وكل حديث يُروى لهم، فقد يقعون في مشكلة لم يدندن الحديث حولها وإنما أراد إثبات عقيدة صحيحة، فإذا أساء الناس فهمها فحينئذ إما أن يُحدث الناس بهذا الحديث مع البيان والتفصيل، وإما أن يصرف النظر عن التحديث به.
هذا ما يعنُّ في البال جوابًا عن ذلك السؤال.
السائل : كذلك في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لولا أن قومك حديثوا عهد بإسلام ).
الشيخ : نعم هذا صحيح، هذا الحديث يؤخذ منه أنه إذا تعارضت المصلحة مع المفسدة، وكانت المفسدة تغلب المصلحة، فتؤجل المصلحة اتقاء المفسدة، لا شك هذا من قواعد الإسلام، لكن كما قلنا ينبغي ألّا يتورط بها من لا علم له بالإسلام، فأكثر الدعاة اليوم يعني أولًا: أصبحت وظيفة، وأكثرهم لم يدرسوا الإسلام دراسة واسعة، فلو أنهم تكلموا في حدود ما تعلموا لوقفوا عند حدودهم وما كان في ذلك إلا الخير، لكن نحن نرى أن هذه الدعوة التي سألت عنها تصدر من أُناس لا علم عندهم، أعني بلا علم عندهم يعني ما في عندهم علم فقهي ناضج مبني على السنة، فالمثال في بلدكم بذكر فتوى الصاع وهو الغزالي.
ما حكم التعاون مع بعض الأحزاب الصوفية في أفغانستان في حرب الإلحاد والشيوعية ؟
الشيخ : أنا لا أرى في هذا مانعًا بشرطين اثنين:
أحدها معلوم وهو الذي أشرتَ إليه، وهو إخراج الكافر الملحد من بلاد الأفغان.
والشيء الثاني: أن يكون هؤلاء الصوفية هم القلة، بحيث إنه لا يتصور أن تكون لهم فيما بعد الصولة والدولة، فهذا من باب كما ذكرنا أو ألمحنا إليه آنفًا الذي يسميه بعض الفقهاء: " أن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما شرًّا "، فهذا من هذا الباب والله أعلم.
هل يلزم المسبوق اتخاذ سترة، وإذا مرَّ أحد بين يديه هل يلزمه دفعه ؟
الشيخ : يمكن أنا ما سمعت جيدًا، ذكرت كلمة السوق ؟
السائل : السترة يا شيخ السترة، المسبوق في الصلاة.
الشيخ : المسبوق، أنا أشكل عليّ، أعد علي.
السائل : يا شيخ -حفظك الله- المسبوق بالصلاة حينما يقوم يأتي بما فاته من الصلاة هل يلزمه اتخاذ سترة، هذا الشطر الأول، الشطر الثاني يا شيخ: هل يلزمه دفع من يمر بين يديه؟
الشيخ : لا يلزمه وقد يلزمه، لا يلزمه باعتبار أنه لا يزال في حكم المقتدي بالإمام الذي كان سُبق ببعض صلاته، ويلزمه اتخاذ السترة إذا كانت قريباً منه لا تتطلب منه عملًا كبيرًا، نفترض مثلًا أنه يصلي إلى القبلة وهناك سارية، عمود لو أخذ يمينًا أو يسارًا خطوة أو خطوتين لصار متسترًا بالسترة، هكذا ممكن الإنسان يتصور صورًا كثيرة، فإذا كان اتخاذه للسترة في حالة إتمامه لصلاته لا يستلزم منه عملًا غير مطلوب شرعًا فله أن يفعل ذلك لما قد يتعرض هو شخصه لمرور أحد بين يديه، وبخاصة إذا كان المارُّ بين يديه مما يقطع الصلاة، كما جاء في الحديث الصحيح وهو معلوم.
السائل : أنا كنت أظن ...
إذا أتى الإنسان للصلاة مسبوقاً ولم يستطع اتخاذ سترة لبعدها عنه ومر بين يديه ما يقطع صلاته فما حكم صلاته ؟
لكن ليس عندي علم جازم بما أن هذا المسبوق لو لم يصل إلى سترة جديدة، ومرَّ عليه مارٌّ من الأنواع الثلاثة: المرأة والحمار والكلب الأسود، هل تبطل صلاته أم لا ؟!
ليس عندي جواب أنا أقتنع به وفاقد الشيء لا يعطيه، لكن أقول:
الأحوط أن يتخذ السترة خروجًا مِن الخلاف، واتخاذ السترة ولو في هذه الحالة لا أحد يقول بأن صلاته تعرض للفساد والبطلان، بينما على الحديث الصحيح الذي أشرتُ إليه آنفًا وكان سترة الإمام السابقة التي هو الآن حالياً لا سترة أمامه لا الإمام حيث انصرف، ولا سترة تقوم مقام سترة الإمام، فاحتياطًا على الأقل نقول: ينبغي أن يتعاطى بعض الأعمال التي لا تعرض صلاته للفساد مِن أجل أن يحفظها من فسادٍ قد يعرض له.
ونحن نعلم أنه قد ثبت في السنة: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كان يصلي يومًا حينما جاءت شاةٌ تسعى، فسعاها الرسول عليه السلام حتى ألصق بطنه بالجدار وجعلها تمر خلفه )، فهذه بلا شك فيها بعض الحركات وبعض الخطوات في سبيل منع هذه الشاة أن تمر بين يديه مع أنها ليست من الأنواع الثلاثة التي تبطل الصلاة، فإذا كان في مكان ما يخشى أن يمر شيء من هذه الأشياء الثلاثة فأولى أن يسعى الإنسان لاتخاذ السترة بالشرط السابق، هذا ما عندي، والله أعلم.
السائل : فإن لم يتوقع مرور شيء يبطل الصلاة ؟
الشيخ : يبقى هنا مسألة أخرى كنا أشرنا إليها في الحديث السابق، عندنا نوعين من المرور، مرور يبطل الصلاة وهو ما سبق ذكره، ومرور يبطل جزءً من قدر الصلاة ومن قيمتها، على هذا النوع الثاني قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة )، وفي حديث آخر: ( فليدن مِن سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته )، هنا لفظة: ( الشيطان ) المتبادر من الإطلاق كما لا يخفى عليكم هو شيطان الجن، وإن كان قد يدخل فيه شيطان الإنس، ولكن المعنى الأول الحقيقة بتجربتي الخاصة الناسُ عنه غافلون، إما لأنهم ما عرفوا هذا الحديث، أو سمعوا به ثم دخل من أذن وخرج من الأذن الأخرى، فهم لا يستحضرون أنّ أحدهم إذا قام يصلي أنه يمكن أن يمر بين يديه ما وصفه الله عز وجل بقوله: (( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ))، فلذلك يجب اتخاذ السترة ولو كان في مصلى بقدر حجم الصلاة، لأن هناك شيطان له من السلطة والقوة مِن الدخول والخروج لا يستطيع منعه الإنسان، وبخاصة أنه قد جاء في * صحيح مسلم *: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قائمًا يصلي بأصحابه يومًا فرأوا كأنه يقبض على شيء، فسألوه بعد فراغه من الصلاة، قال: ذاك شيطان همَّ أن يرميني بشرر من نار ).
فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يمكن أن يتفلت عليه الشيطان، وأن يمر بين يدي صلاته، فما بالنا نحن عامة الناس، فأولى أن نتخذ مثل هذه الوسيلة الشرعية، هذه الوسيلة قلت إنها وسيلة شرعية لدفع قول بعض الناس إنه ما في أحد يمر، فإذن هناك عالم من عوالم الغيب لا نراهم، والرسول أمرنا أن نصلي إلى سترة دون أن يقول مثلاً إن كنت في غرفة أو كنت في مسجد أو كنت في العراء، كل ذلك يدخل في عموم هذا الحديث، أنا أعلم أنني كنت قرأت في أول نشأتي العلمية وعلى مذاهب الحنفية أنهم قالوا: " إذا كان المسجد أربعين ذراعًا في أربعين ذراعًا فلا حاجة فيه إلى السترة "، لكنني فيما بعد علمت أن الأحاديث الآمرة بالسترة والمؤكدة لهذا الأمر والتي رتبت في بعضها بطلان الصلاة بمرور تلك الأنواع المشار إليها كلها مطلقات لم يقيدها الرسول عليه السلام المكان الذي يصلي فيه المصلي بمسجد أو بغيره، ثم هو لم يقيد المسجد بمسافة محدودة أو بغيرها، فينبغي إذن إعمال الأحاديث على شمولها وعلى إطلاقها، هذا الذي عندي.
23 - إذا أتى الإنسان للصلاة مسبوقاً ولم يستطع اتخاذ سترة لبعدها عنه ومر بين يديه ما يقطع صلاته فما حكم صلاته ؟ أستمع حفظ
هل الأفضل أن تصلى النافلة القبلية في البيت النافلة ثم يأتي المسجد بينما الصف الأول قد امتلأ، أو أنه يذهب باكرًا إلى المسجد ويدرك فضيلة الصف الأول ؟
الشيخ : الله أعلم، لأنه هنا مفاضلة بين فضيلتين لا نجد نصًّا يفضل فضيلة على أخرى، فنقول: الله أعلم، فإن استطاع الإنسان أن يجمع بين الفضيلتين، مثلاً صلى السنة في أول الوقت ثم ينطلق إلى المسجد فيُدرك مكانًا في الصف الأول يكون هذا هو المخرج، أما إذا تعارضت فضيلة مع أخرى فالله أعلم بأفضلهما.
السائل : وإذا كان يعمل كدا وكدا أحيانًا، مثلا يصلي في البيت النافلة أحيانًا ويلحق الصف الثاني ؟
الشيخ : هو يعمل كدا أو كدا رغم أنفه.
السائل : يصلي القبلية في المسجد والبعدية في البيت.
سائل آخر : أقول يا شيخ نحن رتبنا ترتيب كل إنسان يسأل سؤال.
الشيخ : جزاك الله خير ذلك هو العدل.
24 - هل الأفضل أن تصلى النافلة القبلية في البيت النافلة ثم يأتي المسجد بينما الصف الأول قد امتلأ، أو أنه يذهب باكرًا إلى المسجد ويدرك فضيلة الصف الأول ؟ أستمع حفظ
ما تخريج هذا الحديث وما هو معناه: ( الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه عالمًا أو متعلمًا ) ؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، عالمـاً أو متعلمًا ) .
أولاً: نريد إخراج الحديث، ثم ملعونة هذه، معروف أن المؤمن ليس باللعان، ما الجواب؟
الشيخ : الحديث ثابت بدون زيادة ( عالماً أو متعلمًا ) فهي زيادة ضعيفة.
أما الإشكال أن المؤمن ليس لعانًا لا يرد هاهنا إطلاقًا، ذلك لأن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( المؤمن ليس باللَّعان ولا بالطَّعان ) فلا يعني أن المؤمن لا يلعن من يستحق اللعنة، ومن باب أولى لا يعني أن الرسول عليه السلام الذي إذا لعن وضع اللعنة في محلها أنه لا يلعن، ولذلك نحن نجد في غير ما حديث صحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقرَّ اللعن بل ونطق به في غير مناسبة من المناسبات، من أشهر هذه الأحاديث مثلًا فيما يخطر في بالي الآن ما أخرجه البخاري في * صحيحه * مِن حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات مِن النساء بالرجال ): فهذا لعن منه عليه السلام.
وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( صنفان من الناس لم أرهما بعد، رجال بأيديهم سِياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسياتٌ عاريات، مائلاتٌ مميلات، رؤوسهن كأسنمةِ البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد مِن مسيرة كذا وكذا ) هذا حديث * مسلم *، وفي حديث * الطبراني * من وجه آخر: ( كاسياتٌ عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإنَّ ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ).
كذلك قوله عليه السلام في حديث من الأحاديث: ( ملعون من أتى امرأة في دبرها ).
حديث آخر: ( ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من غيَّر تخوم الأرض ). وأخيرًا القصة وهي: ( أنَّ رجلًا شكا جارًا له إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمره -عليه الصلاة والسلام- بأن يخرج متاع داره ويجعله في قارعة الطريق، ففعل الرجل، فكان الناسُ إذا مرُّوا به ورأوا هذا المنظر الغريب الذي لم يعتادوا عليه، قالوا له: ما بالك؟ قال: فلان جاري ظلمني، فما يكون منهم إلا أن يقولوا: قاتله الله، لعنه الله، قاتله الله، لعنه الله، فكان هذا وحده كافيًا لردع هذا الظالم عن ظلمه، ولذلك بادرَ فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلًا: يا رسول الله مُرْ جاري بأن يعيد متاعه إلى داره فقد لعنني الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: لقد لعنك مَن في السماء قبل أن يلعنك من في الأرض ).
فإذن اللعن المنهي عنه ليس هو مطلق اللعن، وإنما اللعن لغير من لا يستحق اللعن أولًا.
وثانيًا وهذا أدب: أن المسلم إذا تعثَّر فلا يقول: لعن الله الشيطان، وإنما يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن هذا أنكى لإبليس، بينما إذا قال: لعنه الله برفع رأسه ويقول: أنا فعلت وفعلت، فهذا أدب خارج عن موضوعنا السابق.
أما اللعن لمن يستحق اللعن فهذا أمر جائز في الشرع، وما دُعاء الرسول عليه السلام في قنوت النازلة: ( اللهم العن رِعلًا وذكوان ) وقبائل أخرى ذكرها إلا هو من هذا القبيل الذي هو ينحط على من يستحق اللعن من الكافرين أو الظالمين، وحسبنا قوله تعالى: (( ألا لعنة الله على الكافرين )) هذا ما عندي جوابًا عن ذاك السؤال.
25 - ما تخريج هذا الحديث وما هو معناه: ( الدنيا ملعونة وملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه عالمًا أو متعلمًا ) ؟ أستمع حفظ
إذا كان الإمام لا يجلس جلسة الاستراحة وجلسها من خلفه فهل هذا يخالف قول النبي عليه السلام: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) ؟
السائل : ما هو الجمع بين الأحاديث مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ( صلاة الليل مثنى مثنى )، وحديث عائشة، وكذلك الإمام: ( ما جعل الإمام ليؤتم به ).
الشيخ : حديث عائشة ما الذي تعني به ؟
السائل : حديث عائشة: ( ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة )، وحديث ابن عمر: ( صلاة الليل مثنى مثنى ) كيف يكون الجمع بين الأحاديث هذه ؟
ومثل حديث ( ما جُعل الإمام إلا ليؤتم به ) وإذا كان الإمام ما يفعل مثلاً جلسة الاستراحة، فهل يفعلها وتكون مخالفة ؟
الشيخ : أظن قلنا سؤال واحد.
السائل : الجمع بين الأحاديث هذه.
الشيخ : معليش يمكن نؤلف كتاب للجمع بين الأحاديث فأنت تعتدي بأ على غيرك، حسبك سؤال من السؤالين.
السائل : حديث ( ما جعل الإمام إلا ليؤتم به ) وإذا كان الإمام ما يفعل جلسة الاستراحة، فهل يفعلها الإنسان أو؟
الشيخ : ما يفعل ماذا ؟
السائل : جلسة الاستراحة.
الشيخ : جلسة الاستراحة نعم.
السائل : إذا كان الإمام ما يفعلها وفعلها هل تكون مخالفة للإمام أو ما تكون مخالفة ؟
الشيخ : طبعًا يكون مخالفة للإمام، لأن الحديث الذي أنت تشير إليه له لفظان.