هل يُحسَّن حديث الراوي الذي قال فيه الحافظ ابن حجر: صدوق يهم أو له أوهام ؟
الشيخ : لا.
السائل : كيف ؟
الشيخ : هذا إذا وقفنا عند قول الحافظ فإنما يعني أن حديثه دون الحسن، ولكنه ليس شديد الضعف بل هو مما يُستشهد به، مَن قال فيه: صدوق فقط فهو الذي يكون حديثه حسنًا، أما إذا قال فيه: صدوق سيء الحفظ، أو صدوق ربما وهم، أو صدوق له أوهام، فهذا حديثه ينزل عن مرتبة الحسن لكنه يُرشَّح أن يكون حسنًا بمجيئه من طريق أخرى مثل الطريق هذه، أقول: إذا وقفنا عند قول الحافظ هذا، لأن قول الحافظ في كتابه * التقريب * مثل هذا القول أو غيره هو اجتهادٌ في الغالب يكون على صواب، لكن أحيانًا يجانبه الصواب، لأنه كما نقول دائمًا: إنسان يخطئ ويصيب، فمن وقف عند قول الحافظ في راوٍ ما إنه صدوق يهم فلا ينبغي أن يحسن حديثه فضلًا عن أن يصححه.
ولكن أحيانًا يختلف وجهة نظر الباحثين عن قول ابن حجر العسقلاني في راو ما بأنه صدوق يهم أو أنه مثلًا مستور أو مجهول أو ما شابه ذلك، يختلف الرأي، فقد يكون أحيانًا صدوق يهم كلمة: يهم الأرجح أن تُحذف، حينئذ يكون حديثه حسنًا، وقد يكون قوله أحيانًا في راوٍ ما إنه مستور، قد يكون الصواب أن يقال فيه صدوق وهكذا، إنما القصد أنَّ الحافظ ابن حجر إذا قال في راوٍ ما: " صدوق يهم " وكان هذا مطابقًا للقول الراجح عند الأئمة الآخرين فيكون حديثه دون الحسن ولكنه يقبل التقوية بمثله وقد يرتقي حديثه بمثله إلى مرتبة الحسن، وقد يرتقي إذا كثُرت أمثاله من الأسانيد إلى مرتبة الحديث الصحيح، وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.
ما حكم لبس ما يجسم الأليتين عند النساء بعضن مع بعض ؟
السائل : لا، عند عند النساء ؟
الشيخ : حدد، حدد السؤال، عند النساء ؟
السائل : نعم.
الشيخ : الذي أعرفه بأنها تخصّر وتجسم الأليتين، أكذلك ؟
السائل : نعم.
الشيخ : فلا يجوز.
ما حكم الصلاة في البنطلون الذي عليه بلوزة طويلة تغطي أليتيه ؟
الشيخ : مين اللابس إمرأة أو رجل ؟
السائل : رجل، كالجيش الآن والعمال يلبسون بنطلون لكنهم يلبسون عليه بلوزة تتعدى أو تصل إلى الركبة، ويصلون فيها.
الشيخ : إذا سجد تحجم شيء من عورته أو لا ؟
فإن كان الجواب: نعم، فلا فرق البلوزة هذه لازم تكون طويلة كجبة المشايخ بحيث تستر تمامًا، أما إذا كانت قصيرة فذاك يُذكرنا بما جاء في السنة الصحيحة في * سنن أبي داود * وغيره: " أن رجلًا من الصحابة سافر مع وفدٍ من أهل المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة لم يهاجر بعد، وكان لهذا الرجل ولد كيِّس حافظ، كان كلما جاء رجل من طرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة سأل عمَّا نزل من القرآن مِن شيء جديد فيلتقطه ويحفظه كما يلتقط المغناطيس الحديد، فلما رجع والدُه مع الوفد جاءوا بحكم جديد، وهو صلاة الجماعة، كانوا يصلون من قبل فرادى، فسنَّ لهم الرسول عليه السلام سنة جديدة لأن الأحكام تأتي ليست طفرة وإنما على تسلسل، وكان من هذه الأحكام قوله عليه الصلاة والسلام: ( يؤمُّ القوم أقرأهم لكتاب الله، قال هذا الغلام: فنظروا في المدينة فلم يجدوا أحفظ مني للقرآن ) وكان عمره كما يقول الراوي ما بين سبع أو تسع سنين، فقدموه يصلي بالرجال إمامًا، والنساء خلفهم، فلما سلَّم هذا الغلام من الصلاة صاحت امرأة من خلف صفوف النساء: ألا تسترون عنا إست إمامكم "، كان هذا الغلام لبس إزارًا ومن هذا القماش الثقيل -لا أدري ماذا تسمونه أنتم- ؟
السائل : ثوب.
الشيخ : لا، ما فيه الليونة هذه بحيث يكون جامد، فهو حينما يسجد ينكشف من وراء هكذا بسبب قساوة الثوب، يعني ما فيه ليونة.
السائل : دوت.
الشيخ : دوت ؟
السائل : اسمه هكذا، والله أعلم.
الشيخ : المهم، الظاهر أنه لما سجد الغلام بطبيعة الحال يتأخر النساء عن السجود فوقع الظاهر بصر إحداهن وقد انكشف الثوب عن استه، عن دبره، فصاحت: ألا تسترون عنا إست إمامكم، فهذا الإمام لما يكون لابس البلوزة التي سميتها يفكرني بقصة هذا الغلام، وتمام الحديث من أجل الفائدة قال: ( فاشتروا لي ثوبًا ) هو صغير لكنه حافظ سبحان الله، قال: ( فما فرحت بشيء فرحي بذاك الثوب ) لأنه طفل صغير .
بيان حكم استعمال كلمة ألو ألو عند الرد في الجوال وأن الواجب مخالفة الكفار واستبدالها بكلمة ألا ألا.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلامُ الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكُلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عطفًا على بحثنا في الأمس القريب حول نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التشبه بالكفار من جهة، وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بمخالفة المشركين اليهود والنصارى، عطفًا على ذلك أريد أن أُنبه على شيءٍ قد لا يهتم به بعض الناس، ولكن إذا ربطناه بذلك النهي وذلك الأمر لوجدنا أنفسنا أننا كنا غافلين عن أنَّ هذا الأمر ينبغي أن يعدل ويوافق فيه نهيَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن التشبه، وأمرَه عليه الصلاة والسلام بمخالفة المشركين، ألا وهو قولهم بمناسبة ما سمعتم آنفًا في تجربة المذياع: ألو ألو، ألو ألو كلمة أجنبية وهي مما يقوم مقامها كلمة عربية أخرى ترادفها تمامًا ولكنها بديل ألو ألو: ألا ألا، فألا أداة استفتاح في اللغة العربية، فلذلك فيجب الإعراض عن هذه الكلمة الشائعة، أولًا: لأنها ليست كلمة عربية، وثانيًا: بقصد مخالفة الكفار حتى في هذه الجزئية، لأمره عليه السلام الذي ذكرناه أمس: ( إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم )، هذا الشعر كما قررنا أمسِ شيبٌ فرضه الله عزوجل على الكافر وعلى المسلم فليس في يد المسلم ولا في يد الكافر ألا يشيب، مع ذلك قال عليه الصلاة والسلام: ( خالفوهم ) أي: خالفوهم في شيء ليس مِن صنعهم، وإنما هو من خلق ربهم ، فكيف لا نخالفهم في شيء هو مِن لغتهم ومِن عادتهم وتقاليدهم التي عمموها في كل بلاد الدنيا، فإذا أراد أن يهتف أحدٌ ما إلى صاحبه فبديل أن يقول: ألا هل أنت حاضر؟ إي نعم السلام عليكم، يقول ماذا ؟
ألو ألو، فينبغي الإعراض عن هذه الكلمة وأن نقيم مقامها هذه اللفظة العربية، ألا، في الشعر العربي القديم الذي شهد الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم بأنه أصدق كَلِمة قالها الشاعر:
" ألا كلُّ شيء ما خلا اللهَ باطلُ ":
هذا أداة تنبيه أن تستعمل بديل كلمة: ألو، هذه الذكرى الأولى.
4 - بيان حكم استعمال كلمة ألو ألو عند الرد في الجوال وأن الواجب مخالفة الكفار واستبدالها بكلمة ألا ألا. أستمع حفظ
بيان حكم اتخاذ المراحيض في البيوت مستقبلة القبلة ومستدبرتها، وما رآه الشيخ في بيوت بعض سكان البلاد من ذلك ومخالفته للسنة.
الأصل في هذا الموضوع ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إذا أتيتُم الغائطَ فلا تستقبلوا القبلة ببولٍ أو غائط ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا )، ولا يخفاكم أن قوله عليه السلام: ( شرقوا أو غربوا ) إنما هو بالنسبة للمدينة، وإلا في بعض البلاد كبلادكم هذه تنعكس القضية تمامًا، والمهم أنّ مِن أدب الخلاء أن المسلم لا يستقبل القبلة حيث كان من بلاد الله الواسعة ببول أو غائط.
5 - بيان حكم اتخاذ المراحيض في البيوت مستقبلة القبلة ومستدبرتها، وما رآه الشيخ في بيوت بعض سكان البلاد من ذلك ومخالفته للسنة. أستمع حفظ
بيان الشيخ للصواب في مسألة اتخاذ الكنف في البيوت وذكر ما فهمه راوي الحديث وهو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه في هذه المسألة، مع ذكر القواعد الأصولية الدالة على ذلك.
والشاهد من تمام هذا الحديث ومن قول أبي أيوب هذا:
أنّ راوي الحديث هو نفسه فهم مِن الحديث العموم، لا استثناء ولا فرق عند راوي الحديث بين أن يكون الاستقبال في البينان أو أن يكون في الصحراء، وكلاهما حكمهما واحد.
حينما نذكر هذا دليلًا للقائلين بعدم التفريق بين الصحراء والبنيان لا يخفى علينا أنَّ هناك بعض الأحاديث التي تُصرح أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رُؤي مستقبل القبلة أو مستدبرها حين كان يقضي حاجته، وحينئذ فالواجب يقتضينا أن نذكّر إخواننا بقاعدة أصولية هامة من أصول الفقه، هذه القواعد التي تساعد طالب العلم على الفقه الصحيح، وعلى ترجيح قول على قول بالجمع بين هذه الأدلة المختلفة ضمن قاعدة من قواعد الشريعة، هذه القاعدة هي التي تقول: " إذا كان هناك حديثان متعارضان أَحدهما من فعله عليه الصلاة والسلام، والآخر مِن قوله، فإذا لم يمكن التوفيق بين هذين الحديثين من فعله وقوله، كان الواجب والحالة هذه الرجوع إلى القول وليس إلى الفعل، ذلك لأن القول تشريع عام وخطاب للمسلمين، أما فعله عليه الصلاة والسلام فقد يعتوره ويحيط به في هذه الحالة عدة احتمالات ":
الاحتمال الأول: أن يكون ما فعله عليه الصلاة والسلام قبل ما قاله تشريعًا للناس.
ويحتمل أن يكون ذلك الفعل إنما صدر منه عليه الصلاة والسلام لعذر كضيق المكان وما شابه ذلك، كما سمعتم آنفًا عن أبي أيوب الأنصاري أنهم وجدوا الكُنف في الشام فلم يسعهم أن يغيروها فاستقبلوا القبلة واستغفروا الله.
والاحتمال الثالث والأخير: أنه مِن الممكن أن يكون الفعل الذي خالف قوله عليه الصلاة والسلام خصوصيةً له لا يشاركه فيها غيره، ما الدليل ؟
خطابه للأمة فيكون الفعل الذي فعله على خلاف مخاطبته لأمته خاصًّا به عليه الصلاة والسلام، هذه هي القاعدة الأولى، وهي: " إذا خالف فعلُه قولَه صلى الله عليه وآله وسلم ولم يمكن التوفيق بينهما بوجه من وجوه التوفيق الكثيرة المعروفة عند العلماء لابد حينذاك من تبني القول وترك الفعل لاحتمال من تلك الاحتمالات الثلاثة ".
ثم هناك قاعدة أخرى وهي التي تقول: " إذا تعارض حاظرٌ ومبيح -حاظر ما يحظِّر ويحرم، ومبيح: نص يحرم ونص يبيح- ولم يمكن التوفيق بينهما فحينذاك لابد من تبني النص الحاظر وترجيحه على النص المبيح "، وذلك لأن الأصل في الأشياء الإباحة كما تعلمون، ولأن الشريعة لم تأتِ أحكامها جملة وطفرة واحدة، وإنما جاءت أنجمًا وحسب الحوادث، وكلُّكم يعلم قصة تسلسل التشريع في الخمر وأنها لم تحرم البتة، وإنما حُرِّمت على مراتب ومنازل ودرجات إلى أن جاء النص الأخير: (( فهل أنتم منتهون )) فقال عمر كما هو معلوم: " انتهينا يا ربي "، فالخمر إذن التي هي أمُّ الخبائث كانت حتى العهد المدني كانت مباحة، فبالأولى والأحرى أن يكون ما هو دون ذلك من الأشياء التي قد تكون حُرمت من بعد أن تكون كانت مباحة على الأصل وفُعلت ثم جاء النهي عن ذلك، فحينئذ صحت القاعدة التي ذكرناها ثانية وهي: " إذا تعارض الحاظر والمبيح قُدم الحاظر على المبيح ".
وإذا تأملنا في الأحاديث الناهية عن استقبال القبلة ببول أو غائط، والأحاديث المبيحة لوجدنا القاعدتين تنطبقان على ترجيح القول على الفعل، لأن القول مُقدَّم على الفعل، والحاظر مقدَّم على المبيح، ففعله صلى الله عليه وآله وسلم يدل على الإباحة وهو فعل، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم يدل على الحظر وهو قول، فاجتمع القول والحظر في هذه المسألة فكان الترجيح يُلزمنا بأن نأخذ بقول العلماء الذين قالوا بأن الحديث على عمومه، وأنه لا فرق بين الصحراء والبنيان.
والنظر الصحيح والسليم في بعض النصوص الأخرى من جهة، وفي تقدير تلك النصوص كلها من جهة الكعبة، يقتضينا أن نرجح أيضًا من هذه الزاوية قول العلماء الذين قالوا بعدم التفريق بين الصحراء والبينان.
6 - بيان الشيخ للصواب في مسألة اتخاذ الكنف في البيوت وذكر ما فهمه راوي الحديث وهو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه في هذه المسألة، مع ذكر القواعد الأصولية الدالة على ذلك. أستمع حفظ
الكلام على نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التنخع والبصق تجاه القبلة مطلقاً ومثله البول والغائط.
كذلك إذا دخل أحدُنا الخلاء دخل برجله اليسرى وخرج برجله اليمنى، وقال عند الدخول: ( اللهم إني أعوذ بك من شر الخبْث والخبائث ) وعند الخروج قال: ( غفرانك ) هذا المسلم الذي يراقِب هذه الأحكام سواءٌ ما كان منها فعلًا أو قولًا فهو بلا شك ذاكرٌ لله ذكرًا كثيرًا.
فإذا علمتم أنّ المسلم في كل أوضاعه سواء كان في بنيانه أو صحرائه لا ينبغي أن يبصق تجاه القبلة علمتم أخيرًا بأنَّ القول الذي يقول بعموم النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط لا فرق بين البنيان والصحراء هو القول الذي ينبغي الاعتماد عليه والإفتاء به احترامًا لهذه القبلة التي يستقبلها المسلمون في كل بلاد الدنيا، هذا من حيث النصوص الواردة في هذه المسألة.
ثم من حيث النظر إنَّ جهة موقرة شرعًا دينًا يستقبلها المسلم في الصحراء والبينان لا يحول البنيان بينه وبين القبلة فسواءٌ صلَّى في الصحراء فهو مستقبلها وسواء صلى في البنيان فهو مستقبلها، فكما أنَّ هذا الجدار وذاك أو هذا البنيان وتلك الأبنية لا تعتبر فاصلًا بين هذا المصلي وبين الكعبة فعلى العكس كذلك لا تعتبر هذه الأبنية فاصلة ورافعة لحكم النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط، نحن مأمورون باستقبال القبلة في الصلاة منهيون عن استقبالها ببول أو غائط، فالتفريق بين الصحراء والبينان في هذه المسألة الأخرى هو كما لو قيل ولم يقل أحدٌ والحمد لله أن الصلاة إذا صلى الإنسان فينبغي أن يصلي في الصحراء لأن الجدر تحول بينه وبين استقبال القبلة، لا يقول هذا قائل إطلاقًا، فإذن النظر السليم بالإضافة إلى ما سبق من النصوص فيما يتعلق بالبول والغائط مباشرة، وفيما يتعلق بالبصق ثانية كل هذا وهذا يجب على المسلمين أن يتأدبوا بهذا الأدب الكريم ألا يستقبلوا القبلة ببول أو غائط ولو كان ذلك في البنيان.
وشيء آخر وهو من قبل إمعان النظر وإعمال الفكر:
لماذا نقول: جدار ما يحول بيننا وبين القبلة ويرفع الحظر في البول أو الغائط تجاه القبلة بسبب جدار ما، فلماذا لا نقول: أن هناك جبل أو ربوة أو صخرة في الصحراء، لماذا لا تكون هذه الفواصل كلها رافعةً أيضًا لحكم النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط؟!
أقول: إنَّ من تأمل في هذه الأمور كلها لا يسعه إلا أن يقطع بأن ما أشار إليه أبو أيوب الأنصاري في آخر حديثه هو الفهم الصحيح لهذه المسألة: ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط ولكن شرقوا أو غربوا ).
وأخيرًا: ألا ينبغي أن يكون مِن شعار دور المسلمين وبيوتهم أن تختلف عن بيوت الكفار الذين لا يأمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسولُه، فتكون بيوت المسلمين كما أن مساجدهم تستقبل القبلة فكُنُفهم لا تستقبل القبلة لأن هنا صار تنافر، فالجهة التي تستقبلها في الصلاة ينبغي ألا تستقبلها ببول أو غائط، هذا ما أردت أن أذكركم به والذكرى تنفع المؤمنين كما قال رب العالمين، نعم ؟
7 - الكلام على نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التنخع والبصق تجاه القبلة مطلقاً ومثله البول والغائط. أستمع حفظ
ما دليل الذين يفرقون بين الاستقبال والاستدبار في الغائط داخل البنيان ؟
السائل : الذين يفرقون بين الاستقبال والاستدبار.
الشيخ : أنا تكلمت في ماذا بارك الله فيك، ما كنت هنا؟
السائل : بلى.
الشيخ : فإذن إيش السؤال ؟
السائل : ...
الشيخ : أنا ما أسمعه، يا أخي هذا السؤال خارج عن الذي تكلمتُ به ؟
السائل : لا.
الشيخ : فإذن إيش معنى السؤال مرة أخرى ؟
السائل : يعني الاستقبال والاستدبار منهي عنه ؟
الشيخ : هو كذلك، هو يقول ماذا ؟
السائل : هو يقول: ما دليلهم إن كان صح شيئاً عندهم أو ما هي وجهة نظرهم ؟
الشيخ : أنا ذكرت الآن أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رؤي مستقبل القبلة أو مستدبرها هذا حجة من ذهب إلى التفريق بين استقبال القبلة ببول أو غائط في البنيان فيجوز عند هؤلاء، والآخرون أخذوا بعموم الأحاديث التي وردت عن النهي وهذا كل المحاضرة كانت في بيان وجهة نظر الأولين بإيجاز لأنه لا دليل لهم سوى ما رؤي الرسول عليه السلام في بيته، في داره يستقبل القبلة ببول أو غائط، فقلت إن هذا يحتمل ثلاثة أشياء، واحدة من ثلاثة أشياء: إما أن يكون قبل النهي، وإما أن يكون لحاجة لضيق المكان، وإما أن يكون لخصوصية تتعلق بالرسول عليه الصلاة والسلام، أما سمعت هذا الكلام يا أخي ؟
السائل : بلى.
الشيخ : فإذن سؤالك ليس فيه شيء جديد.
تقريب تحرير مسألة استقبال القبلة واستدبارها بغائط أو بول وضرب مثال بحكم كشف الفخذ وما ورد فيه من نصوص وكيفية الجمع بينها.
تعلمون أيضًا أنَّ العلماء اختلفوا في تحديد عورة الرجل، فالجمهور على أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة، والإمام مالك كما يُروى عنه في رواية أن العورة هي السوأتان فقط وأن الفخذين ليسا من العورة، ودليل هذا القول ما جاء في * صحيح مسلم * وغيره من كتب السنة: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى حديقةً أو نخيلًا فيه بئر فدلى رجليه في هذا البئر، وكشف عن ساقيه وعن شيء من فخذيه، فاستأذن أبو بكر بالدخول عليه فأذن له وجلس عن يمين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم استأذن عمر فدخل فجلس عن يسار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على حاله لم يغير شيئًا مما كان عليه من كشف شيء مِن فخذيه، ثم استأذن عثمان -رضي الله عنه- فقال: ائذنوا له وبشروه بالجنة على بلوى تصيبه، فدخل -رضي الله عنه- وستر النبي فخذه، وكانت السيدة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تراقب هذه الحادثة فلما انصرفوا قالت: يا رسول الله دخل أبو بكر -تعني أباها- فجلس ولم تغير شيئًا من ثيابك، ثم دخل عمر وأنت كذلك، ثم عثمان لما دخل ألقيت عليك ثوبك قال عليه الصلاة والسلام: أفلا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ) هذا الحديث صحيح ومروي في كتاب السنن، لكن من باب التدقيق في الرواية: الحديث جاء في * صحيح مسلم *: ( كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه )، لكن في بعض الكتب الأخرى التي أشرت إليها آنفًا ومنها كتاب * شرح معاني الآثار * لأبي جعفر الطحاوي وغيره جاء بلفظ: ( كاشفًا عن فخذه ) حينئذ يصح الاستدلال به على أن الفخذ -على الأقل في ذلك الوقت- لم يكن عورة.
فالآن هذه القصة تشبه قصة ما صحَّ أن النبي عليه السلام استقبل القبلة ببول أو غائط، لكن كما عارض هذا الذي صح عن النبي عليه السلام ما تقدم ذكرنا إياه ولا داعي للتكرار كذلك قد عارض قصة عثمان بن عفان مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه القصة، قوله عليه الصلاة والسلام: ( الفخذ عورة )، ويشبه قصة عثمان ما جاء في * صحيح البخاري * عن أنس بن مالك ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل خيبر على فرسه حسر الإزار عن فخذه ) هذا كذاك الحديث فيه أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كشف الثوب عن فخذه، إلا أن هذا من الناحية الحديثية يرِد عليه أنَّ مسلمًا -رحمه الله- رواه بلفظ: ( انحسر الإزار ) لفظ البخاري: ( حسر الإزار ) لفظ مسلم: ( انحسر الإزار ) وحينئذ يدخل الشك في الاستدلال في رواية البخاري التي ظاهرها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقصد الكشف عن فخذه لو كانت الرواية هكذا بالاتفاق بين الشيخين لأمكن أن يقال: إن في الحديث دلالةً على أن الفخذ ليس بعورة، لكن لما جاءت رواية مسلم بلفظ: ( انحسر ) حينئذٍ هذا اللفظ لا يعني أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقصّد كشف الثوب عن فخذه، فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث على أنه عليه السلام عمدًا كشف عن فخذه، والذي يُرجح رواية مسلم أنَّ سياق القصة: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ركض بفرسه مطالبًا اليهود محاربًا ) والمحارب في هذه الحالة لا ينتبه أنه انحسر الثوب أو انكشف الفخذ لأنه في أمر أهم من ذلك فلا يؤاخذ أي إنسان فيما وقع منه بغير قصد، فلو فُرض أن في هذا الحديث قصد الرسول عليه السلام الكشف عن فخذه، فالجواب عن هذا الحديث وعن حديث عثمان مع النبي صلى الله عليه وسلم هو القاعدتان المذكورتان في البحث السابق: " إذا تعارض القول والفعل قدم القول على الفعل "، كشفه عليه السلام عن فخذه يتعارض مع قوله: ( الفخذ عورة ).
القاعدة الثانية: " إذا تعارض الحاظر والمبيح قدم الحاظر على المبيح "، قوله عليه السلام: ( الفخذ عورة ) حاظر، وكشفه في القصة الأولى وكشفه في القصة الأخرى إن صح أنه تعمد ذلك فهو فعل خالف القول، فالقول مقدم على الفعل، والقول حاظر فالحاظر مقدم على المبيح الذي هو الفعل.
هكذا ينبغي أن تعالج الأحاديث التي قد يبدو شيءٌ من التعارض بينها فإذا سُلط عليها طرق التوفيق بينها زال الإشكال في كثير من الأحيان.
فإذا وجدتم شيئًا من الأحاديث فعل وقول تعارضا فالقول مقدم على الفعل وبخاصة إذا كان القول حاظرًا والفعل مبيحًا.
9 - تقريب تحرير مسألة استقبال القبلة واستدبارها بغائط أو بول وضرب مثال بحكم كشف الفخذ وما ورد فيه من نصوص وكيفية الجمع بينها. أستمع حفظ
فضيلة الشيخ أثابك الله تعالى أرجو من فضيلتكم إيضاح المنهج الصحيح المعتبر لدخول علم الحديث وطلبه، ونرجو أيضًا إيضاح طريقتك في ذلك مع توجيه نصيحة لمن أراد سلك ذلك الطريق والتوجه إليه ؟
أما بعد:
فسوف يستمر الدرس بمشيئة الله إلى الساعة الثامنة:
السؤال الأول: فضيلة الشيخ أثابك الله تعالى أرجو من فضيلتكم إيضاح المنهج الصحيح المعتبر لدخول علم الحديث وطلبه، ونرجو أيضًا إيضاح طريقتك في ذلك مع توجيه نصيحة لمن أراد سلك ذلك الطريق والتوجه إليه ؟
الشيخ : هذا موضوع لا يمكن شرحه بمثل هذا الوقت، وإنما نذكر رؤوس أقلام -كما يقولون- لمن أراد أن يلج هذا العلم العظيم الذي ينبني عليه الفقه الصحيح، ذلك لأنه من المتفق عليه بين علماء المسلمين أنَّ الأحكام الشرعية إنما تقوم على الكتاب والسنة فقط، وما يتفرع على ذلك من بعد الأصول كالإجماع مثلًا والقياس والمصالح المرسلة وباب سد الذرائع ونحو ذلك، كل هذا وذاك مستقىً من الكتاب والسنة، فالقرآن والسنة هما المرجع الوحيد لكل عالم وفقيه بحق، أما من لم يرجع إليهما معًا واعتمد على علم دون الآخر فهو كالرجل الكَسير الذي يمشي على رِجل واحدة فلا شكَّ أنه لا يستطيع السير سويًّا على صراط مستقيم، من أجل ذلك تجدون الآيات والأحاديث كلها تتجاوب بعضها مع بعض وتؤكد أن النجاة إنما هو بالتمسك بالكتاب والسنة ولستم الآن بحاجة إلى التذكير بشيء من تلك النصوص، ولكني أقول: إن القرآن محفوظ بين دفتي المصحف كما هو معلوم يقينًا، أما السنة فهي ما وُزِّع في بطون الكتب وهي بالألوف المألفة، ثم هذه السنة قد دخل فيها من الغرائب والعجائب والأحاديث المنكرات والموضوعات ما تبلغ مجلدات، ولذلك كان لزامًا على كل من يريد أن يتفقه في دين الله وأن يفسر كتاب الله أن يكون تفسيرُه قائمًا على السنة والسنة الصحيحة، لأن الله عز وجل يقول لنبيه: (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ))، (( وأنزلنا إليك الذكر )): أي: القرآن (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )).
(( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم )) بيانه صلى الله عليه وآله وسلم للقرآن إنما هو سنته عليه الصلاة والسلام ما كان منها قولًا أو فعلًا أو تقريرًا، وإذِ الأمر كذلك وكان قد دخل في السنة ما ليس منها، فلا يستقيم فقه فقيه مطلقًا لا يعرف الحديث الصحيح من الضعيف، ومن خاض في الاستدلال بالأحاديث أو في تفسير القرآن بالأحاديث مطلقًا دون تميز صحيحها من ضعيفها فهو سيقع لا شك ولا ريب في الخطأ أولًا، ثم في التقول والكذب على رسول صلى الله عليه وآله وسلم ثانياً شاء ذلك أم لم يشأ، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( مَن قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار )، لا يتوهمن أحد أن المقصود من هذا الحديث ومن الحديث المتواتر بلفظ: ( من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار ) أن هذه العقوبة إنما تختص بمن تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يشمل من روى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا ينبغي أن يقع أحد في مثل هذا الوهم، وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كفى المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) حكمة بالغة: ( كفى المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ): هذا الحديث أصل مِن أصول وضابط من ضوابط الروايات، سواء كانت هذه الروايات أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو كانت أقوالًا تُنسب إلى الناس بعامة، فإن الإنسان إذا كان ديدنه أن يقول: قال رسول الله قال رسول الله بما يقرأ في أي كتاب فلا مناص ولا بد مِن أنه سيقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاء أم أبى، لأنه قال: ( كفى المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) وهذا يشمل أيضًا كما قلت آنفاً التحدث عن بعض الناس لأن الأمر كما قيل:
" وما آفة الأخبار إلا رواتها " .
فكثيرًا ما نسمع أقوالًا مكذوبة، قيل: أن فلان قال كذا وقيل إن فلان قال كذا فحينما يُكثر الإنسان الرواية عن أي شخص كان دون تثبت وتروي فلا شك أنه سيقع في الكذب، وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما كان فيه الخير والبركة، وكان يعد الألوف المألفة وكان منتشراً في الكتب على اختلاف أنواعها وأساليبها في الرواية فبعضها تروي الأحاديث بالأسانيد، وبعضها تروى الأحاديث معلقة دون أسانيد، وكل من هذين القسمين بعضها يروي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعضها يروى ما هب ودب، فمن روى من هذه الكتب فهو سيقع ولا شك في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما سمعتم قوله منبهًا على ذلك: ( كفى المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع )، وهذا معناه أيها الإخوان:
خذوا حِذركم لا ترووا ولا تحدثوا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى تتثبتوا من صحته، إما أن تنقلوه من كتاب يلتزم مؤلفه الصحة أو تسمعوه من عالم بالحديث يميز بين الصحيح وبين الضعيف، وإلا لم يجز لكم أن تقولوا في كل حديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلا وقعتم بالكذب عليه شئتم أم أبيتم.
10 - فضيلة الشيخ أثابك الله تعالى أرجو من فضيلتكم إيضاح المنهج الصحيح المعتبر لدخول علم الحديث وطلبه، ونرجو أيضًا إيضاح طريقتك في ذلك مع توجيه نصيحة لمن أراد سلك ذلك الطريق والتوجه إليه ؟ أستمع حفظ
بيان المنهج الصحيح لدراسة علم الحديث، وتوضيح الشيخ لأهم ما يَدرسه المبتدئون من كتب علوم المصطلح..
أحدهما: ما يعرف بعلم مصطلح الحديث، والآخر: ما يُعرف بعلم الجرح والتعديل، ولكلٍ مِن هذين العلمين مراجع ومصادر كثيرة وكثيرة جدًا وهي تختلف من حيث التطويل والتقصير، والبسط والاختصار، ولهذا فنحن ننصح لمن أراد ووجد في نفسه استعدادًا وثقافة شرعية عامّة، عنده استعداد لدراسة هذا العلم بقسميه ننصح أن يدرس أول ما يدرس مما يتعلق بعلم المصطلح كتاب الحافظ ابن كثير الدِّمشقي المعروف بــــــ * اختصار علوم الحديث *، * علوم الحديث * كتاب لابن الصلاح وهو المعروف بـــ * مقدمة ابن الصلاح * مجلد مبسط في هذا العلم، علم المصطلح، جاء الحافظ ابن كثير مِن بعده فلخَّصه واختصره في جزء صغير سماه * اختصار علوم الحديث *، ثم جاء في العصر الحاضر أحد علماء الحديث المتقنين لهذا العلم نظراً وعملاً ألا وهو الشيخ أحمد شاكر القاضي المصري -رحمه الله- فشرح كتاب ابن كثير وسماه: * الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث * هذا الكتاب ينبغى على المبتدي في هذا العلم أن يفتتح دراسته في هذا العلم بهذا الكتاب، وأنصح أنه إذا لم يتيسر لهذا الطالب شيخٌ متمكنٌ في هذا العلم أن يستعين ببعض إخوانه الذين يشاركونه، أعني لا ينفرد بدراسة هذا العلم لأن فيه صعوبة واضحة، والأصل أن يدرس هذا على أحد العلماء المتمكنين فيه، ولكن إذا لم يتيسر له ذلك أن يستعن ببعض إخوانه ويتدارسون هذا العلم متعاونين عليه.
ثم أنصح بهذه المناسبة أن لا يهتم بدراسة هذا الكتاب مِن أوله إلى آخره وإنما يدرس نصفه الأول، لأن النصف الثاني غالبه يتعلق برواية الأحاديث بالأسانيد معرفة مثلًا: العلو والنازل وأسماء الآباء والأجداد ونحو ذلك فهذا يدعه بعد أن يتقن القسم الأول منه، وطالب هذا العلم إذا نظر في فهرس الكتاب المذكور فسيجد نفسه أنه ينبغي أن يختار بعض المواضيع أو أكثرها اختيارًا ولا يدرس كل فصل هناك لأن بعضها تتعلق بطريقة رواية الأحاديث بالأسانيد، وهذه الطريقة أصبحت اليوم مع الأسف نسياً منسياً، لأننا نحن نأخذ الروايات ليس عن شيخ عن شيخ حتى نعرف الأسماء بالتفاصيل، وإنما نأخذها من كتب السنة المعروفة اليوم كالستة ونحوها.
فإذا انتهى من دراسة هذا القسم من هذا الكتاب انتقل بعد ذلك إلى دراسة كتاب للحافظ ابن حجر العسقلاني فهو مختصر ومكثّف وهو المعروف بــــ * شرح النخبة * وشرح النخبة للحافظ ابن حجر هو مِن خير ما أُلف في علم المصطلح، لأن مؤلفه مِن نوادر علماء الحديث الذين عَرفوا هذا العلم اصطلاحًا وتطبيقًا، ثم لا يزال يرتقي طالب هذا العلمِ مِن كتاب إلى كتاب حتى ينتهي بعد ذلك إلى الرجوع إلى الكتب الأولى التي هي الأصل كمثل كتاب * مقدمة علوم الحديث * للحافظ العراقي، مثل كتاب * الكافية * مثلاً للخطيب البغدادي الذي كان طبع في الهند قديماً، وكتاب * علوم الحديث * أيضاً لأبي عبد الله الحاكم النيسابوري، وكذلك كتاب للرامهرمزي، وهكذا هي أمهات التي منها استقى المتأخرون علوم هذا العلم: المصطلح.
11 - بيان المنهج الصحيح لدراسة علم الحديث، وتوضيح الشيخ لأهم ما يَدرسه المبتدئون من كتب علوم المصطلح.. أستمع حفظ
توضيح الشيخ للطريقة الصحيحة وذكره لأهم الكتب التي يجب الرجوع إليها في علم الجرح والتعديل.
أما الحافظ في * اللسان * فقد أجرى بعض التعديلات، كما أدخل عليه تلك الزيادات التي أشرتُ إليها.
أما التعديل فهو أنه لم يذكر في لسانه ما كان مترجمًا في الميزان من رجال الكتب الستة، من كان مترجمًا في الميزان وله رواية في الكتب الستة هؤلاء لا يذكرهم الحافظ العسقلاني في كتابه *اللسان*، ذلك لأنه نصَّ في المقدمة أنه استغنى بكتابه * تهذيب التهذيب * عن إيراد الترجمات التي أوردها الذهبي في الميزان مما هو مُترجم في التهذيب خشية التَّكرار، لكن الحقيقة أن الإنسان يجد -وهذا خاص بالباحث المتعمّق- يجد أن كتاب التهذيب لا يغني عن التراجم التي جاء ذكرها في * الميزان * من كل ناحية، لا يُغني من كل ناحية، وذلك واضح جدًّا في الصورة الآتية:
الذهبي في * الميزان * حينما يترجم لكل مُتَرجَم فيه فهو في الغالب يسوق نماذج من أحاديث المترجَم وبخاصة إذا كان هذا المترجَم متكلم فيه بالضعف أو متهمًا بالكذب والوضع فهو حينما يترجم لمثل هؤلاء يذكر نماذج مِن أحاديثهم تدل الدارس على أن هذا المترجَم فعلاً يستحق أن يُطعن فيه لما في هذه الأحاديث مِن نكارة ومن آفات ودِلالات باطلة، هذا المترجَم الذي ذكر له الحافظ الذهبي بعض الأمثلة مِن رواياته وأحاديثه، لما الحافظ العسقلاني حذف هذه الترجمة المفروض أنَّ هذه الأحاديث التي ذكرها الذهبي أن تكون أيضًا في التهذيب كأمثلة لبيان أو تأكيد حال هذا الراوي بالضعف أو بالوضع، هذا ما لا يذكره الحافظ ابن حجر في كتابه * التهذيب *، فحينئذ لا يكتفينَّ طالبُ هذا العلم بالرجوع إلى * اللسان * لابن حجر مستغنياً بذلك بلسان ابن حجر وتهذيبه، لا، لابد له أيضًا أن يراجع الميزان لأنه سيجد فيه فوائد لا يجدها لا في * اللسان * ولا في * التهذيب *.
ثم أيضًا لابد للمبتدئ في هذا العلم أن يستعين بكتاب آخر يقابل الميزان واللسان ألا وهو كتاب * تقريب التهذيب * للحافظ المذكور آنفًا وهو العسقلاني، كتاب * تقريب في التهذيب * يمكنني أن أقول: إنه أصح أو أهم كتاب ينبغي أن يرجع إليه طالب هذا العلم لأنه يلخص الترجمة التي قد تكون أحيانًا في أصل التقريب ألَا وهو *التهذيب * قد تكون ترجمة مترجَم عدة صفحات، فالحافظ ابن حجر بما أوتي مِن علم وإتقان فيه يلخص تلك الترجمة بسطرين اثنين لا يزيد على ذلك إلا نادراً جداً جداً، يذكر في هذين السطرين ولادة المترجم بعد نسبه وموتَه، تاريخ وفاته، ومنزلته في الرواية، كأن يقول مثلاً: ثقة ثبت، أو ثقة ثقة، أو ثقة، أو لا بأس به، أو صدوق، أو صدوق يهم أو ضعيف أو مستور أو مجهول أو كذاب أو وضَّاع كل هذا يلخصه لك بكلمات موجزات وذلك تلخيص لتلك التراجم المطولات في أصل الكتاب الذي هو * تهذيب التهذيب *.
وإذا تدرب طالب العلم على هذا الكتاب فيبغي أن يذكر حقيقةً وهي:
أن كتاب * التقريب * إنما يمثل اجتهاد الحافظ ابن حجر في تلخيص تلك التراجم المطولة، والذي يُرى أحياناً أن الحافظ ابن حجر له بعض اجتهادات تكون هذه الاجتهادات مرجوحة عند غيره كالحافظ الذهبي مثلًا، فقد يقول الذهبي في راوٍ مترجم في * التهذيب * يقول فيه الذهبي في كتاب آخر له اسمه: * الكاشف *، يجد اختلافًا بين قول الذهبي في الكاشف يقول فيه، في المترجَم: صدوق ويقول الحافظ فيه: مستور، هذا يجده الطالب لهذا العلم فليستحضر حقيقةً تتعلق بالإنسان من حيث هو إنسان أنه معرضٌ للخطأ والنسيان حتى أكمل الإنسان وهو الرسول -عليه الصلاة السلام- قد قال في نفسه: ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ) إذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُصرِّح بلسان عربي مبين: ( أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ) فمَن ذا الذي لا ينسى بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
لا أحد، فإذا وجدنا اختلافاً بين قول الذهبي في راوٍ موحّد وبين قول ابن حجر فيه، هنا الأمر يحتاج إلى ثقافة واسعة في علم الجرح والتعديل الذي تحدثنا آنفًا عن بعض كتبه، وفي علم المصطلح الذي نحن الآن في صدد تتمة الموضوع.
12 - توضيح الشيخ للطريقة الصحيحة وذكره لأهم الكتب التي يجب الرجوع إليها في علم الجرح والتعديل. أستمع حفظ
كلام الشيخ عن علم الجرح والتعديل وأنه يجب على المتمكن فيه أنيرجح بين أقوال الأئمة إن اختلفوا كاختلاف الحافظين الذهبي وابن حجر في الحكم على راوٍ ما.
* تهذيب الكمال * للحافظ المزي هو يطبع الآن في عمان، وصدر منه فوق العشر مجلدات، إنَّ الإنسان ليعجب من قدرة أولئك العلماء وهمتهم التي لا تشبه همم رجال آخر الزمان!!
الحافظ المزي في كتابه * تهذيب الكمال * له أُسلوب ليت الحافظ ابن حجر في تلخيصه إياه في كتابه الذي سماه * تهذيب التهذيب * -وهو يعني: تهذيب تهذيب الكمال- لم يلتزم ابن حجر في * تهذيب التهذيب * أُسلوب الحافظ المزي وذلك لصعوبته ولأنه يحتاج إلى زمن طويل وطويل جدًّا.
الحافظ المزي مِن دقته في تأليفه لهذا الكتاب يذكُر المتَرجَم ثم يذكر شيوخه، ثم الرواة عنه، وحينما يذكر هؤلاء وهؤلاء يرتبهم على حروف المعجم، يذكر شيوخ المترجَم هؤلاء الشيوخ يرتبهم على حروف المعجم كأصل التراجم كلها مراتب كتاب * التهذيب * و* التقريب * كلها مرتبة على حروف أ ب تيسيراً للمراجعة، فإذا مر في إسنادٍ ما مع الباحث أو الطالب رجل روى عن فلان، يريد أن يستكشف مَن هذا فلان؟ لو فرضنا عروة، الشيخ عروة لكن لم يُنسب، ترجع إلى ترجمه أحمد بن مسعود مثلاً، تطلب ترجمة أحمد بن مسعود في كتاب * تهذيب الكمال *، أنت تريد أن تعرف عروة من هو، أحمد بن مسعود له خمسين شيخ، فالحافظ المزي يسرد أسماء هؤلاء الخمسين مرتبة على الحروف، فإذا كنت متنبهًا لهذا الاصطلاح لست بحاجة أن تقرأ أسماء كل هؤلاء الشيوخ، إنما رأسًا تقفز إلى حرف العين والراء، تنظر عروة بن الزبير هذا هو، إذن لأقل وقت وفر لك هذا الإمام الحافظ بجهده القوي الجبّار حيث رتب ليس أسماء المترجمين بل وأسماء شيوخ المترجَمين بل وأسماء الرواة عنهم، هذا الترتيب الدقيق يوفر على الباحث أوقات كثيرة وكثيرة جدًّا، إذا رجعت إلى * تهذيب التهذيب * أخلَّ الحافظ ابن حجر بهذا التنظيم الدقيق ولذلك يحتاج الباحث أن يراجع أحيانًا كل أسماء الشيوخ أو كل أسماء الرواه ليعرف هذا الرجل الذي لم يُنسب من يكون، هذا * تهذيب الكمال * للحافظ المزي.
* الكمال * هو الكتاب المؤلَّف من الشيخ عبد الغني المقدسي، لا شك أن هذه ثمرة جيدة وهو مختار من كُتب المتقدمين كـ *الكامل* لابن عدي، و* الضغفاء * للعقيلي، و* تاريخ بغداد * للخطيب البغدادي وهكذا، لكن * الكمال * تخصَّص في الكتب الستة، وعلى ذلك جرى * تهذيب الكمال * و* تهذيب التهذيب * وكل من جاء بعده مثل: * خلاصة تهذيب الكمال * ويكفي هذا القدر بالنسبة لهذه المسألة.
13 - كلام الشيخ عن علم الجرح والتعديل وأنه يجب على المتمكن فيه أنيرجح بين أقوال الأئمة إن اختلفوا كاختلاف الحافظين الذهبي وابن حجر في الحكم على راوٍ ما. أستمع حفظ
فضيلة الشيخ قلت في كتابك صفة صلاة الرسول: " أن وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى بعد الرفع من الركوع بدعة "، والبعض من العلماء يقول إنه سنة، أرجو توضيح ذلك ؟
الشيخ : الجواب: (( ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات ))، وهذا البحث في الحقيقة يحتاج إلى تطويل وإلى تذكير بقاعدة وهي: " أنَّ كلَّ نصٍّ عام يشمل أكثر من جزء واحد ثم لم يأت العمل بجزء من هذا الجزء العام، فذلك مما لا يسوِّغ ... "، أنَّ حديث وائل بن حجر الذي يستدل بعض الأفاضل به على شرعية الوضع بعد رفع الرأس من الركوع هو من هذا القبيل، حيث كان نصه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى ) فقوله: ( إذا قام في الصلاة ) يشمل كل قيام سواء كان القيام الأول أو القيام الثاني الذي بعد الركوع، ولكن هل ثبت عمليًّا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى بعد رفع رأسه من الركوع بنص خاص لا بنص عام، كما ثبت وضعه الأول بنص خاص ؟!
الجواب: لا وجود لهذا النص إطلاقًا، فالاستدلال بالعموم حينذاك فيه نظر واضح عندي.
أنا أضرب لكم مثالًا كيف لا يصح الاستدلال بالنص العام على جزء لم يجر العمل به:
إذا دخل جماعة المسجد بوقت الظهر مثلاً وأراد كل منهم أن يصلي سنة الوقت السنة القبلية، ومعلوم حتى اليوم أنَّ السنن تُصلى فرادًا، فبدا لأحدهم أن يجمع هؤلاء المتفرقين لما دخلوا المسجد وكل واحد انتحى ناحية يريد أن يصلي سنة الظهر القبلية، فقال: يا إخواننا تعالوا فلنصل جماعة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( يد الله مع الجماعة ) نصٌّ عام، بل قال عليه الصلاة والسلام: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الثلاثة أزكى من صلاة الرجلين )، وهكذا إلى آخر الحديث، هل يكون استدلاله صحيحًا ؟
أنا أدري أنْ لا أحد يقول أن استدلاله صحيح، بل هذا استدلال خطأ إن لم أقل: خاطئ، ما دليل الخطأ ؟
الدليل أنّ هذا الاستدلال هو من باب الاستدلال بالنص العام على جزءٍ لم يجر عمل المسلمين عليه، لا أعني المسلمين المتأخرين لأنهم يعملون ببدع كثيرة وكثيرة جدًّا ومستندهم في هذه البدع يُشبه هذا الاستدلال تمامًا، فأنتم تعلمون مثلاً في بعض البلاد العربية حتى اليوم يُزاد في الأذان في أوله وفي آخره، ما يسمونه بالتذكير بين يدي الأذان وبخاصة يوم الجمعة، وبالزيادة بعد الأذان الصلاة على الرسول عليه السلام.
السائل : جهرًا تقصد ؟
الشيخ : مش مهم جهرًا أو سرًّا المهم أنها زيادة، -والجهر مفهوم وهو يؤذن، لأن هذا يفتح لنا بابًا آخر لا أريد الولوج فيه وبخاصة جاء التنبيه أنك تشرح وتطيل النفس والكلام والإخوان عندهم أسئلة كثيرة-.
لكن أنا أقول: أنتم تسألون أسئلة ما تتحمل الإيجاز، لأن هذا السؤال أنا أقول: قلت هذا في الكتاب فارجعوا إليه وانتهى الأمر، تحتاجون إلى تفصيل، وهذا الأخ يقول: إنه في جواب على هذا لكن هل هذا يُقنع الحاضرين ؟
فالشاهد أن هذا المثال يحب أن تتفقهوا فيه فعلاً، لأنه هام جدًّا:
( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاة الرجل وحده )، لماذا لا نصلي السنن جماعة ؟
لأن الرسول لم يفعل ذلك، إذن إذا أردنا أن نثبت شرعية جزء معين كهذا المثال صلاة السنن جماعة ما دام أنه لم يجر العمل ولم يأت نص يبين شرعية هذا العمل بخصوصه فالاستدلال بالعموم لا يصح والحالة هذه، لأننا نقول: لو كان هذا الاستدلال صحيحًا لفُعل، فكيف جرى عمل المسلمين في القرون الأولى -ونحن نحتج بالقرون الأولى فقط- كيف جرى عمل المسلمين دون تطبيق لازم هذا الاستدلال، لازم هذا الاستدلال أن نصلي السنن الراتبة القبلية والبعدية جماعة لأن الرسول قال: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته ) إلى آخر الحديث، إذن ليس الاستدلال بالنص العام في موضوع خاص بالذي يسوغ هذا الموضوع الخاص إذا لم يكن عندنا عليه دليل خاص، وهذا بحث يطول، أرجع الآن لأقول:
حديث وائل بن حجر: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قام للصلاة ):
أولًا: نلاحظ أن هذا العموم ليس قد صدر من الرسول، خلاف قوله عليه السلام السابق: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته ) فهومن قوله، أما هذا الحديث حديث وائل بن حجر هو من قول وائل وليس من قول الرسول عليه السلام، وما الذي أعنيه بهذا التفصيل ؟
أعني أنّ من دون الرسول ليس دقيقًا في تعبيره عن حادثة ما أو عن حكم ما ليس هو في دقة إخبار الرسول وتعبير الرسول عليه السلام، فالآن قد يرد سؤال:
لما قال وائل ابن حجر: ( كان رسول الله إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى ) تُرى هل كان في ذهنه أن هناك وضع ثانٍ هو بعد الركوع ؟
هذه مسألة تحتاج إلى إعمال الفكر، فإذا رجعنا إلى بعض روايات وائل بن حُجر هذا انكشف لنا الجواب بوضوح، وذلك في * صحيح مسلم * حيث وصفَ صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وائلٌ هذا نفسه قال: ( إنه لما صلى الرسول عليه السلام رفع يديه وكبر ووضع اليمنى على اليسرى -هذا ملخص الحديث- ووضع اليمنى على اليسرى، ثم لما ركع رفع يديه وقال الله أكبر، ثم رفع رأسه من الركوع فرفع يديه كما فعل من قبل، وقال: الله أكبر، ثم رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم سجد، وقال: الله أكبر ) وهكذا وصف صلاة الرسول عليه السلام، في هذا التفصيل لصلاته صلى الله عليه وآله وسلم نجده يُكرِّر قوله: بأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر ورفع يديه مثلما فعل من قبل، لكن لما ذكر الوضع الأول وذكر أنه لما رفع رأسه من الركوع وقال: سمع الله لمن حمده لم يذكر هذا الوضع الثاني، وعلى ذلك جاءت الأحاديث كلها، لا يوجد ولا حديث واحد عن صحابي يُنبئنا بأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع يده اليمنى على اليسرى في رفع الرأس من الركوع، ليس هناك إلا استدلالات بالعمومات، وإذا عرفنا القاعدة السابقة أن الاستدلال بالعام في موضع في جزء معين ليس عندنا أنه جرى العمل عليه فعلًا، هذا استدلال يفتح علينا كثيرًا من البدع التي لا قِبَل لنا بردها إلا بهذا الطريق الذي ذكرته آنفًا، " جزء من أجزاء النص العام لم يجر العمل عليه هو خلاف السنة "، هذا ما يمكن أن يقال الآن.