ما صحة زيادة: إنك لا تخلف الميعاد ؟
الشيخ : لا تصح، رواية البخاري المعروفة هي دونها، لكن في بعض النسخ جاءت، لكن لا يقال: في بعض روايات البخاري لأنه يوهم أن للبخاري روايتان على الأقل، في رواية جاءت هذه الزيادة وفي الأخرى لم تأت، ليس الأمر كذلك، إن كنت تريد هذا فليس الأمر كذلك.
السائل : هذا الذي أريده.
الشيخ : لا، ليس الأمر كذلك، إنما الذي يمكن أن يقال: جاءت هذه الزيادة في بعض نسخ البخاري، ليس في بعض روايات البخاري، لأن الحديث له طريق واحدة، فالبخاري يرويه عن شيخه علي بن عياش، وأحمد أيضًا يرويه عن علي بن عياش، وأبو بكر البيهقي يرويه أيضًا من طريق هذا الشيخ، كلهم يلتقون مع هذا الشيخ بعضهم مباشرة كالبخاري وأحمد وبعضهم بالواسطة، رواية البخاري في النسخ المتداولَة اليوم وعليها شرَّاح الحديث ليس فيها هذه الزيادة، وإنما جاءت في بعض النسخ التي كانت قديمًا ولا تعرف الآن مطبوعةً .
أما الرواية فهي فقط من هذه الطريق: علي بن عياش.
في * مسند أحمد * ليس فيها هذه الزيادة، في النسخ المعروفة من *صحيح البخاري * قديمًا والمطبوعة حديثًا ليس فيها هذه الزيادة، جاءت هذه الزيادة فقط صريحة في نسخة * سنن البيهقي الكبرى * المطبوعة في الهند فتعتبر من هذه الحيثية شاذَّة لأن الطرق كلها دارت على علي بن عياش، وأبو بكر البيهقي لم يرويهِ عن علي بن عياش مباشرة وإنما بالواسطة، لو كان البيهقي نفسه قد روى هذا الحديث عن هذا الشيخ مباشرة لكانت زيادته شاذة لمخالفته لرواية إمام السنة الجبل في الحفظ والإتقان، ثم مخالفًا لما في * صحيح البخاري * في هذه النسخ المتداولة اليوم، لذلك لا أرى العمل بهذه الزيادة.
السائل : أقول يا شيخ: هي ما تضمنت حكمًا زائدًا، وإنما زيادة لفظة لا تعارض ذاك الحديث، هو محمد بن نوح الطائي ولا محمد بن عوف الطائي الذي تفرد بها ؟
الشيخ : يعني ثقة ؟
السائل : نعم، وليس فيها منافاة أقول على تعريف الشذوذ هو أن يروي الثقة ما يخالف الثقات.
الشيخ : إيش معنى مخالفة الثقات في المعنى ولا في الزيادة؟
السائل : قد يكون في هذا وهذا.
الشيخ : دعك من القدقدة، لا.
توضيح الشيخ للفرق بين الزيادة المقبولة وبين الشاذة، وشرح كلام الإمام الشافعي في ذلك، مع ضرب بعض الأمثلة.
في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( يدخلُ الجنة مِن أُمتي سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر -ثم قال في قصة أختصرها الآن- هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون )، جاء هذا الحديث في رواية لمسلم: ( هم الذين لا يَرقون ولا يسترقون ): فالآن حسب فهمك السابق هذه الزيادة تخالف رواية الشيخين ؟
لا تخالف حسب ما فهمتُ منك، كزيادة إنك لا تخلف الميعاد.
السائل : هنا تضمنت زيادة حكم.
الشيخ : ( وإنك لا تخلف الميعاد ) لا تتضمن زيادة لو لم يأت بها الحديث لم يجز أن تزاد ؟
السائل : بلى.
الشيخ : خلص انتهى الأمر.
2 - توضيح الشيخ للفرق بين الزيادة المقبولة وبين الشاذة، وشرح كلام الإمام الشافعي في ذلك، مع ضرب بعض الأمثلة. أستمع حفظ
توضيح الشيخ لعدم جواز الزيادة الغير ثابتة في الأذكار الشرعية ومن ذلك زيادة: إنك لا تُخلف الميعاد.
فإذا كان الأمر كذلك وهو كذلك دون شك أو ريب، فلا يجوز لنا إذا دعونا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته ) أن نزيد من عندنا: ( إنك لا تخلف الميعاد )، وإن كانت هي آية في القرآن الكريم، لكن ما دام أنها لم تصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم تجز الزيادة على هذا الحديث، وقولنا: أنها لا تنافي من حيث المعنى إذا أدركنا ما يقال في بعض البلاد وهذا القول صحيح: " أن الزائد أخو الناقص "، فكما لا يجوز النقص من ورد ما كذلك لا يجوز الزيادة فيه إلا بنص صحيح، وهذا كان البحث بأن هذه الزيادة إنما جاءت في * سنن البيهقي * ومن طريق ثقةٍ لكن خالف فيه الثقات الذين ذكرناهم آنفًا، أو على الأقل استحضرناهم آنفًا وهو الإمام أحمد والإمام البخاري، فرويا الحديث دون هذه الزيادة، فلا يقال هنا: إنها زيادة ثقة لا تخالف رواية الثقات لأن المخالفة ولو بزيادة لفظ لا يغير الحكم، لكن يغير الحكم لأن الزيادة لا تجوز.
السائل : هم عشرة من الرواة رووه بهذا اللفظ بدون الزيادة، ومحمد بن عوف الطائي أو نوح هو الذي زادها فقط، أقول هذا إن شاء الله؟
الشيخ : ما فهمت عليك ؟
السائل : أقول تأييدًا لكلامك.
الشيخ : هو هذا لا شك فيه، لأنه يكون شاذًّا بصورة أقوى وأقوى.
3 - توضيح الشيخ لعدم جواز الزيادة الغير ثابتة في الأذكار الشرعية ومن ذلك زيادة: إنك لا تُخلف الميعاد. أستمع حفظ
ما حكم إزالة المرأة المتزوجة لشعر الوجه ؟
الشيخ : سامحك الله، سامحك الله، هذا السؤال كما يقول اللغويون: لا محل له من الإعراب، إيش هذا الكلام ؟
السائل : هذا واقع يا شيخ.
الشيخ : واقع لكن ما سمعت المحاضرة ؟
السائل : بلى سمعتها.
الشيخ : طيب هل يطاع الزوج ويعصى الله؟ إيش هذا السؤال؟
السائل : هم قالوا الشعر ثلاثة أقسام: قسم أُمر بإزالته، وقسم نهي عن إزالته، وقسم سُكت عنه، فهذا من القسم الذي سكت عنه.
الشيخ : إذن المحاضرة ذهبت هباءً.
السائل : حاشا وكلا يا شيخ، استفدنا منك أحسن الله إليك.
الشيخ : جزاك الله خيرًا، لكن الآن تقول أنت: قالوا هكذا، أنا قلت: كل تغيير لخلق الله دون إذن من الشارع فهو داخل في النص: ( المغيرات لخق الله للحُسن ) وإطاعة للشيطان ومعصية للرحمن، سمعت هذا ؟
السائل : بلى سمعت.
الشيخ : ما فائدة قولك أنه ثلاثة أقوال، منها مسكوت عنه، ما في مسكوت عنه، إما مأمور بإزالته كنتف الإبط مثلًا ونحو ذلك من التغيير قص الأظافر إلى آخره، وإما داخل في عموم المغيرات لخلق الله وعموم الآية هناك: (( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله )) ما في شيء مسكوت عنه، إلا إذا تغافلنا عن ذاك النص القرآني وعن هذا الحديث النبوي، وأنا أعرف أنَّ كثيرًا من الناس يتغافلون هو جهلًا هو عمدًا لتسويغ هذا الأمر المنكر الفاشي اليوم بين الناس، أو لأنهم لا يعلمون، فهذا أمرهم إلى الله تبارك وتعالى.
ما حكم استعمال المرأة للحناء في شعرها ويديها ؟
الشيخ : هو من باب المستثنى، إذا كان في النساء فهو مما يجوز لأنه مستثني، كخضب الرجل لحيته، وقد قلنا أكثر من مرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) فالصبغ تغيير لخلق الله، لكن هذا الذي كنت أُشير إليه إلا بإذن من الشارع الحكيم، وصبغ المرأة ليديها مثلًا ولشعرها هذه من خصائص النساء، وإذا صَبغ الرجل رجليه من باب التداوي فلا بأس به، فإذن في هناك مستثنيات معروفة في الشرع وهي من الفطرة غالبها فيجوز، أما ما ليس هناك ما يُستثنى فهو داخل في عموم التغيير.
مناقشة أحد المشايخ للشيخ الألباني حول مسألة كشف وجه المرأة، وهل هو عورة أو لا.
السائل : في الحقيقة نسمع عن مسألة أن وجه المرأة ليس بعورة، ونحب أن نستفيد أفادك الله.
الشيخ : أفادنا الله بكم.
السائل : جزاك الله خيرًا.
الشيخ : وإياك.
السائل : الأدلة طال عمرك على إباحة كشف المرأة لوجهها، علمًا أنه يجمع المحاسن، ونرى أن المسلمين أيضًا لكنهم الذين ليسوا على درجة عالية والفسقة أيضاً ينظرون إلى النساء نظرات ليست بالبسيطة، فإذا أقبلت المرأة فيركز على وجهها، وإذا جلسوا في مجالسهم تجدهم يتذاكرون في بياضِها في جمالها في عينها في أنفها في فمها، وقد أثرى الشعراء مِن قديم على هذه الأشياء، وعلى أيضًا الخدود وما فيها من نعومة وكذا إلى آخره، فنحب الله يحفظك ويبارك فيك ويجزيك عن المسلمين خيرًا، وينشر العلوم التي أنت مُجتهد على نشرها ما كان موافقًا للكتاب والسنة نسأل الله أن ينشرها إلى آخر الزمان، وأن ينفعك بأجرها.
الشيخ : اللهم آمين.
السائل : نحب أن نرى ما هو الإسلام جاء بسد الذرائع كما لا يخفاك نحب أن نعرف أدلتها علمًا أنه ثبت ثبوتًا حقيقيًّا قاطعًا عن كثير من أئمة الإسلام المشهورين المعتبرين الذين أنتَ تحبهم حبًّا شديدًا وتثني عليهم في الله، تحبهم في الله وتثني عليهم، بل ونقتدي جميعًا بهم فهم من الذين أمر الله سبحانه وتعالى أن نأخذ العلم منهم كالإمام أحمد بن حنبل والشيخ أحمد بن عبد السلام بن تيمية -رحمهم الله- وابن القيم، وغيرهم كثير، ومن الأئمة الأربعة أيضًا غير الإمام أحمد، نحبهم لذلك الله يحسن إليك، كذلك فتوى ابن مسعود -رحمه الله- الذي عاصر عهد النبوة وتنزل الوحي وبين ما كان عليه نساء السلف الصالح حينما قال: " تُغطي وجهها وتظهر عينًا واحدة " وفيما يروى كما ذكر ابن تيمية عن ابن عباس أنه في آخر القولين قال بتغطية وجهها، أحسن الله إليك ؟
الشيخ : بارك الله فيك، في بعض ما ذكرت من العزو لابن عباس وابن مسعود نظر، وعلى كل حال التفصيل الآن في هذا البعض كأنه يبدو أنه سابق لأوانه، وطلبك الدليل على أن وجه المرأة ليس بعورة هو حق، ولكن باعتقادي أنك تعلم أن الأصل في الأشياء كلها الإباحة، وأنَّ مَن ادَّعي تحريم شيء فهو الذي ينبغي أن يأتي بالدليل المحرِّم لهذا الشيء وإلا فالبقاء على الأصل الذي هو الإباحة هو القاعدة العِلمية التي أعتقد أنها لا تخفى عليك -إن شاء الله تعالى-، وعلى كل حال كما ذكرتَ من أن بعض الأئمة الذين نقدرهم ونقتدي بهم فهو كما ذكرتَ، ولكن ما الذي يحمل بعض علمائِنا الأفاضل على التَّمسك ببعض الأئمة دون الأئمة الآخرين، فمثلًا أنا كنتُ ذكرتُ في كتابي *حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة*: أن مذهب جمهور العلماء أن وجه المرأة ليس بعورة، فإذا كان وهو كذلك الإمام أحمد يرى أن وجه المرأة عورة، فالإمام مالك والإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي يرونَ أن وجه المرأة ليس بعورة، فإذا ما أردنا أن نبدأ الموضوع وننطلق فيه من عند أقوال العلماء فالمسألة ولا شك مختلف فيها بين العلماء قديمًا وحديثًا، وما جاء في كلامك مما نسبته إلى ابن مسعود فهو صحيح.
هل ما نُسب إلى ابن عباس من أنه رجع للقول بتغطية المرأة لوجهها صحيح ؟
العلة الأولى: الانقطاع بين على بن أبي طلحة وابن عباس.
والعلة الأخرى: أن فيه أبا صالح كاتب الليث، وهو متكلم فيه بسبب سوء حفظه، ولذلك ففي اعتقادي لا يحسُن الانطلاق أو الخوض في هذه المسألة بالنظر إلى أقوال العلماء لأنها بلا شك مسألة مختلف فيها.
وحينئذ وجب الرجوع إلى قوله تعالى: (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا )) وقد فعلتُ هذا حينما ألفت ذاك الكتاب * حجاب المرأة المسلمة * الذي ذكرته آنفًا، فانتهيت إلى قول ابن عباس وقول ابن عمر: " أن وجه المرأة ليس بعورة "، ولا يوجد عند الذين يصرِّحون بأن وجه المرأة عورة لا يوجد لديهم دليل مطلقًا، لا من كتاب الله ولا من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإذ الأمر كذلك فوجب البقاء على الأصل الذي هو الإباحة، ومن ادَّعى التحريم فهو الذي عليه أن يأتي بالدليل، فإن وُفق لذلك وجب الخضوع لدليله وإلا فنحن باقون على الأصل المتفق عليه ألا وهو: إباحة أي شيء لم يأت في الكتاب أو السنة الصحيحة ما يدل على تحريمه، هذا ما عندي ابتداء جوابًا على ذاك السؤال.
الكلام على ما نسب إلى ابن مسعود رضي الله عنه من أنه أمر بتغطية المرأة لعين واحدة.
السائل : بارك الله فيك، بالنسبة جزاك الله خيرًا لما قلتَ أن هذا أصله كان مباحًا نعم، وأنا أنقلُ بعضًا من قول شيخ الإسلام ابن تيمية: " بأن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة، وأنزل الله سبحانه وتعالى -هكذا كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- سورة الأعراف وأنزل فيها: (( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ))، وقوله تعالى: (( قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا )) في مجتمع مكة، ثم لما ذهبوا إلى المدينة نزل أول الأمرين بتغطية كل شيء ما عدا الوجه والكفين، ثم بعد ذلك كان آخر الأمرين على حسب ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية هو تغطية الوجه "، وهو أيضًا أعني: شيخ الإسلام ابن تيمية أورد قول ابن عباس هذا واستدل به، وأنا إنما قلت: وإنما روي عن ابن عباس، لكن ابن مسعود لا يظهر لي أنه يصف الحالة التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: " تغطي وجهها وتظهر عينًا واحدة " وأيضًا ما روي في * صحيح البخاري *.
الشيخ : هذا بارك الله فيك ليس عن ابن مسعود، هذا لا يروى عن ابن مسعود في أي كتاب، هذا مروي عن ابن عباس فقط، وعن عَبيدة السلماني، أما ابن مسعود لا يُروى عنه هذه الرواية، هذه الرواية عن ابن عباس فقط.
السائل : في رواية.
الشيخ : في أي كتاب؟
السائل : في * تفسير ابن كثير * ذكرها ابن كثير عن ابن مسعود رضي الله عنه.
الشيخ : بهذه الرواية لا يوجد عن ابن مسعود، فما أدري شوفلنا هنا في * تفسير ابن كثير *.
السائل : في سورة النور أو الأحزاب.
الشيخ : فأنا أرجو حتى ما يطول البحث، أنت الدليل كما تعلم من قول العلماء وبخاصة قول ابن القيم:
" العلمُ قال الله قال رسولُه *** قال الصحابة ليس بالتمويـــــــــــــــــــــــــــــــهِ
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها *** حذراً من التعطيل والتشبيـــــــهِ "
فأنا أرجو أن أحظى بالجواب على سؤالي الأخير، أن أنت واضح كلامك جدًّا أن الأصل في الأشياء الإباحة، فبدأت تنقل كلام ابن تيمية وكلام ابن مسعود وكلام ابن عباس، على الرأس والعين ولكن المسألة مختلف فيها بين الصحابة، فينبغي أن نرجع حين التنازع كما ذكرتُ الآية آنفًا إلى قول الله وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنت بارك الله فيك عليك أن تختصر لنا الطريق، لأنه نحن معنا نحو أقل من ساعة من الزمن، فنريد أن نسمع منك ما هو الدليل على التحريم الذي تصرون عليهِ والمسألة خلافية بين الصحابة وبين العلماء، وجمهور العلماء كما ذكرتُ آنفًا على أنَّ المرأة وجهها ليس بعورة، وهذا لا يعني أنه لا يجوز الستر، فالستر هو الأفضل، لكن البحث ما هو الدليل المحرم على المرأة أن تكشف عن وجهها، هذا هو المطلوب وهذا هو الطريق الذي يقرب إلينا الوصول إلى معرفة الحق إن شاء الله تعالى.
ثم شيء آخر: إذا ذكرنا رواية ما فيجب أن نكون على علم من ثبوتها، ولا نُشغل أنفسنا ببيان ضعفها، لأن ما صحّ يغنيننا عما ما لم يصح، فأنت ذكرت عن ابن مسعود رواية أنه أباح كشف العين الواحدة، هذه الرواية فيما أحفظ إنما هي عن ابن عباس والسند إليه فيه العلتان:
الانقطاع بين علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وفيه أيضًا أبو صالح كاتب الليث وهو ضعيف.
أما عن ابن مسعود فلا يوجد هذه الرواية، إنما هناك رواية يُفهم منها عن ابن مسعود: " أن وجه المرأة يجب أن تستره " هذا ممكن ، أما أنه تروى عنه رواية أنه أباح للمرأة أن تكشف عن عين واحدة فأظن أنه اختلط عليك رواية بأخرى، هذه الرواية معروفة عن ابن عباس، أما عن ابن مسعود فلا يوجد مثلها إطلاقًا، وإنما المروي عنه أن المرأة تغطي وجهها، تغطي كل بدنها، حتى هو لم يذكر الوجه فيما أعتقد بنص صراحة، وإنما تغطي جميع جسمها، هذا معروف عن ابن مسعود ولا يخفى علينا والحمد لله.
أما أن يُنسب إليه أنه قال كما رُوي عن ابن عباس فهذا لا أحفظه، ولذلك طالبتك بالمرجع، ها هو الآن تفسير ابن كثير، أعطه للشيخ خليه يشوف.
السائل : الله يحسن إليك جزاك الله خير.
الشيخ : الله يبارك فيك.
السائل : أما بالنسبة للدليل فهو دليل حديث الخثعمية الذي ثبت في *الصحيحين*: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتته امرأة وضيئة وسألته عن الاستنابة في الحج وأجابها صلى الله عليه وسلم على ذلك، وكان الفضل ابن عباس رضي الله عنهما ينظر إليها وتنظر إليه، ثم بعد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على وجه الفضل، ثم بعد ذلك أدار وجهه إلى الجانب الآخر )، ثم بعد ذلك.
الشيخ : من الذي أدار وجهه؟
السائل : النبي صلى الله عليه وسلم أداروجه الفضل وكان الفضل رديفًا له.
الشيخ : مفهوم لكن بتقول: ثم.
السائل : إي.
الشيخ : يعني لما رأى الرسول الفضل ينظر للمرأة، أدار وجه الفضل إلى الشق الآخر، ثم بتقول إيش: ثم؟
السائل : نكتفي بهذا.
الشيخ : طيب.
السائل : فلما أدار وجهه للشق الآخر فهذا دليل أن وجه المرأة عورة، ولو لم يكن عورة لما منعه من النظر إليها.
الشيخ : هذا خطأ، أنت ذكرت ما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالفضل بن عباس، لماذا صرف وجه الفضل إلى الشق الآخر؟ كان ينظر إلى المرأة.
السائل : نعم.
الشيخ : وكيف كان حال المرأة؟
السائل : كانت وضيئة.
الشيخ : يعني جميلة؟
السائل : نعم.
الشيخ : جميل، كانت مستورة الوجه أم كاشفة الوجه؟
السائل : كاشفة الوجه.
تتمة المناقشة حول حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما والاستدلال به حول حكم تغطية المرأة وجهها.
السائل : منع الفضل.
الشيخ : أنا أسألك ما كان موقف الرسول منها مش من الفضل؟
السائل : كيف يعني أوضح لي ؟
الشيخ : بارك الله فيك، هناك امرأة وأنا أنظر إليها وهي وضيئة كما تفضلت وجميلة.
السائل : وهي تنظر إليه.
الشيخ : الآن إذا سمحت الكلام لي:
هناك امرأة جميلة وضيئة وأنا أنظر إليها، وأنت رجل صالح وطيب تعمل لي هكذا، تلك ماذا موقفك منها وهي كاشفة عن وجهها؟
السائل : موقفي منها ؟
الشيخ : أيوا.
السائل : في حالات.
الشيخ : في هذه الحالة ما نريد أن نفترض إلا ما وقع.
السائل : إذا كانت مثلًا في زمن الرِّسالة وهي بعيدة عن العلم والمدينة خثعمية، ودائمًا أهل الأطراف يكون فيهم نوعًا من الجهل ببعض الأحكام، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يترك بعض الأشياء خَشيةً من بعض الأمور سدًّا لبعض الذرائع، مثل تركه صلى الله عليه وسلم لتأسيس البيت على قواعد إبراهيم خشية على قريش، لأنهم حدثاء عهد بإسلام، فحينما صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل، لأن الفضل أقدم منها في الإسلام.
الشيخ : أبعدتَ النجعة يا شيخ، وأنا أرجوك أن تختصر علينا الطريق، أنا أتكلم عنك وعني وعن المرأة التي رأيتُها ونظرتُ إليها ورأيتني أنظر إليها، فعملت الواجب عليك فصرفت وجهي إلى الشق الآخر، ماذا يكون موقفك من تلك المرأة ؟
السائل : أنا أخبرتك يا شيخ موقفي معها، إذا كانت مثلاً الآن والقرآن نزل منذ ما يقرُب من 1400 سنة هناك من يسفرن أيضاً بأكثر من وجوههن فتستطيع أن تنصح إحداهن! تنصح الرجل بكذا ولا تستطيع أن تنصحها بكذا، على حسب قد تكلمها في التوحيد.
الشيخ : بارك الله فيك هذا معروف، ولكن إذا رأيتها وضيئة وجميلة يعني من المنكر أن تقول لها: يا ابنتي اصرفي وجهك أو استري وجهك؟ هذا منكر ولا هذا أمر بالمعروف؟
السائل : أمر بالمعروف.
الشيخ : فلماذا لا تأمرها بالمعروف؟
السائل : يجب أن آمرها بالمعروف.
الشيخ : لكن ما أمرتها ؟
السائل : إن ما أمرتها قصرتُ.
الشيخ : فهل الرسول يقصر ؟
السائل : ما قصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما أنا قلت.
الشيخ : أنا فهمت بارك الله فيك، أرجوك ألا تعيد عليَّ أولًا:
أنت عندك علم يقيني أن المرأة هذه كانت جاءت من البادية وأنها لا تعرف من الإسلام شيئًا، وأن الرسول عليه السلام لو قال لها استُري عنا وجهك اسدلي على وجهك اصرفي وجهك يصير منكر؟ عندك علم ؟
السائل : لا، الذي عندي أنها خثعمية.
الشيخ : معليش يا أستاذ خثعمية ثقفية مش مهم بالموضوع، المهم هل عندك علم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي تعرف أنه رسول الله وتستفتيه عن أبيها العاجز إلى آخره كما تعلم في الحديث، فهل عندك علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو قال لها: يا ابنتي هذا ابن عمي كاد أن يفتتن بك، فاصرفي عنا وجهك بارك الله فيكي أو اسدلي الخمار الذي على رأسك، هل عندك علم أن الرسول لو قال هذا لها كان يصير فتنة بالنسبة إليها ؟
السائل : في الحقيقة يا شيخ أنا أقول لك: أني لا أريد أن أشق عليك ولا أكرر عليك قولي.
الشيخ : جزاك الله خيرًا.
السائل : في الحقيقة أننا حينما نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم صرف وجه الفضل لأن النظر محرم لقوله تعالى: (( وقل للمؤمنين يغضوا )).
الشيخ : هذه حيدة بارك الله فيك.
السائل : هذه اقبلها ولن أقول شيئًا، أنا ما عندي غيرها.
الشيخ : بارك الله فيك أنا أقول الوقت ضيق، لأن موضوع النظر -لو سمحت أنت الآن تحيد عن الموضوع- موضوع النظر أمر متفق عليه، الآن انظر وجه الفضل بالنسبة للمرأة عورة ؟
السائل : لا.
الشيخ : وجه الفضل بالنسبة للمرأة عورة ؟
السائل : لا.
الشيخ : اسمع اسمع، مع ذلك لم يجز للمرأة أن تنظر إلى وجه الفضل، صح؟
السائل : لكن أنا أريد أن تترك لي فرصة.
الشيخ : أسألك بارك الله فيك، أعطيتك الفرصة.
السائل : ما أعطيتني قاطعتني يا شيخ.
الشيخ : قاطعتك لأنك تكرر وتقول ما عندي إلا هذا، أنت قلت هذا الكلام ولا أنا ؟
السائل : أنا أقول يا شيخ أحسن الله إليك أعطني فرصة بسيطة وأكون قد انتهيت.
الشيخ : خذ ما شئت بس أجب عن السؤال، أنا أسألك سؤالًا وتكلم ما شئت، وجه الفضل بالنسبة للمرأة ليس عورة ومع ذلك نحن متفقون أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه الرجل ووجهه ليس بعورة، ماذا تريد مني الآن أن أقول لك، يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة؟! لا، ما أقول هذا، إذا كنا نقول جميعًا: أن المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ووجه الرجل ليس بعورة، فإذن لا تلازم هناك -بارك الله فيك- بين تحريم النظر إلى الوجه أن يكون هذا الوجه محرمًا، فالمرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ليس لأنه عورة وإنما لأنه لا ينبغي تعمد النظر إلى وجه الرجل، فعلى العكس من ذلك إذا كان الرجل نظر إلى المرأة فهو حرام ولا يجوز، لكن ذلك لا يستلزم أن يكون الوجه المنظور إليه عورة، فالقضية كما تعلم ربُنا أمر الرجال أن يغضوا من أبصارهم، وأمر النساء أن يغضضن من أبصارهن، ذلك لا يعني أن الوجه من كل من المرأة والرجل عورة، مع ذلك فلا يجوز النظر، فموضوع النظر شيء وموضوع كشف عن وجهه شيء آخر، فيجوز للرجل أن يكشف وجهه بإجماع المسلمين، لكن لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى هذا الوجه مع أنه ليس بعورة، فإذن لا يجوز لكم أن تستلزموا لمجرد تحريم الشراع الحكيم نظر الرجل إلى وجه المرأة أن تقولوا بأن وجه المرأة عورة، فأنا سألتك في الصورة السابقة:
هل الرسول عليه الصلاة والسلام لو قال لتلك المرأة: يا بنتي كدتي أن تفتني ابن عمي هذا فاستري عنا وجهك، واسدلي على وجهك! بيصير فتنة، وأتيت بقصة: ( لولا أن قومكم حديثوا عهد ) إلى آخره أين هذا من هذا ؟!
الرسول صلى الله عليه وسلم هو أحكم من نصح ومن أمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فكيف تتصورون أن الرسول عليه السلام سكت عن هذا المنكر، وهو كشف الخثعمية عن وجهها؟!! تقولون وتبعدون النجعة يمكن تكون هذه جاءت من البادية وحديثة عهد بالإسلام، إذا كانت حديثة عهد بالإسلام لا يعرف الرسول أن ينصحها بحيث أن ما يصدر من هذه النصيحة فتنة لها، وإنما تأديب وتعليم كما فعل في قصة معاوية بن الحكم السلمي، ولعلك على ذكر منها، تذكر القصة ؟
السائل : إيتنا بطرفها.
الشيخ : جزاك الله خير.
9 - تتمة المناقشة حول حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما والاستدلال به حول حكم تغطية المرأة وجهها. أستمع حفظ
تنبيه الشيخ أن الوجه لو كان عورة لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في تبيين الحكم
السائل : أعرفه.
الشيخ : عرفته، في الأخير الرجل تنبه لأنه أخطأ في الصلاة قال: ( لما قضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إليَّ فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي: إنَّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة قرآن ) إلى آخر الحديث، فهذا أيضًا مثال لما قد تدندن حوله: أنه رجل حديث عهد بالإسلام وإلا كيف يتكلم في الصلاة، وكيف يصيح في الصلاة واثكل أمياه لم تنظرون إلي؟ فالرسول عليه السلام بحكمته ولطفه كما هو موصوف في القرآن الكريم: (( ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) أدبه وأحسن تأديبه، وشعر بهذا الأدب وهذا اللطف حينما حدثنا بقوله: ( والله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني ) فأيُّ مفسدة لو كان وجه المرأة عورة أن يقول الرسول عليه السلام لهذه المرأة الوضيئة الجميلة: استري وجهك، اسدلي على وجهك كما كانت السيدة عائشة ورفيقاتها يفعلن في الحج إذا مرَّ بهن الركب قالت: " أسدلنا على وجوهنا "، لماذا لم يأمرها الرسول عليه السلام أن تسدل على وجهها أو على الأقل كما فعل بالفضل اصرفي عنا وجهك، تبعدون النجعة وتقولون: يمكن تكون هذه جاي من البادية وحديثة عهد بالإسلام فسكت الرسول عن منكرها، الرسول لا يسكت عن منكر، وعدم تغيير الكعبة خشية الفتنة على القوم مش خشية فتنة على شخص واحد يقول له: الأمر كذا وكذا، فبارك الله فيك ما ينبغي أن نعطل دِلالات الأحاديث لتأييد رأي إمام من أئمة المسلمين ونصرف الثقة بآراء العلماء الآخرين .
تعقيب الشيخ على مداخلة أحد طلاب العلم واستدلاله بحديث الخثعمية على تغطية الوجه.
ما هو الدليل الشرعي الملزم لكل مسلم بالخضوع له من كتاب الله أو من حديث رسول الله أن وجه المرأة عورة ؟
حديث الخثعمية هو لنا وليس علينا على ما وضحت لك.
السائل : أحسن الله إليك.
الشيخ : وإليك إن شاء الله.
السائل : أنا أريد الله يحسن إليك عشر دقائق قد لا أصل إليها.
الشيخ : كم الساعة الآن ؟
السائل : الآن إلا سبع دقائق.
الشيخ : إلا سبعة، خذ سبعة وخمسة.
السائل : أحسن الله إليك، بارك الله فيك.
الشيخ : وفيك بارك.
السائل : وأرجوك أن تتحملني قد لا أكون أستطيع، مثلاً أعجز أو كذا فأنت خذ ما عندي ثم بعد ذلك.
الشيخ : تفضل بس تسمح لي: راح نعطيك 12 الدقيقة ربما أحد شيئين:
إما أن أضطر أن أستأذنك ونقف عند نقطة حينئذ تقول لي: قطعت علي كلامي، أو أضطر أسجل كل نقطة لي ملاحظة عليها لأعود وأبحث معك فيها فأي السبيلين تختار ؟
السائل : اختار الذي تختار، أنا لا أريد أكثر من عشر دقائق.
الشيخ : ما أجبتني ؟
السائل : أنا ما ودي تقاطعني لكي أعبر عما عندي.
الشيخ : معليش بس أنا أخيرك، إما أن أضطر لمقاطعتك إذا مثلًا ذكرت حديثًا، وبدك تتكلم عشر دقائق ..
السائل : حول الحديث ..
الشيخ : اسمع بارك الله فيك ، مثال مثال ! (( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )) (( لعلهم يعقلون )) ، لو فرضنا أن في هذه العشر دقائق وزيادة أتيت بحديث وهذا الحديث أنا في وجهة نظري ضعيف لا تقوم به حجة.
السائل : يُسجل.
الشيخ : ها هذا هو الجواب شايف أنا خيرتك، فإذن أعطونا ورقة، تفضل هذه الساعة سبعة إلا خمسة، خذ معك سبعة وسبعة، تفضل.
السائل : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم بك نستعين وعليك نتوكل، اللهم صل على محمد:
بالنسبة لحديث الخثعمية -أحسن الله إليك- أنت قلت لي: لماذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بتغطية وجهها، وكلنا متفقون على أنَّ النظر محرم بنص الكتاب وبنص السنة، لقول الله تعالى: (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم )) وأيضًا قال في المقابل: (( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ))، فلما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع الفضل من النظر اليها لأنه منهي عن النظر إليها، وهو أيضًا كان رجلًا وضيئًا أيضًا بموجب ما نطقت السنة، وهي محرم عليها أن تنظر إليه فلماذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها أيضًا أن تغض بصرها وهي مأمورة بموجب الكتاب بغض بصرها عن الرجال، وكما صرح الحديث قال: ( وكان ينظر إليها وتنظر إليه )، استمروا في ذلك، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم صرف وجهه عنها ولم يأمرها أيضاً ولا بغض بصرها حتى ليس بتغطية وجهها ولا بغض بصرها فهذا الذي هو يرجِّح -والله أعلم- ما قلناه من أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك موضوع تغطية وجهها، هذه مسألة.
أما المسألة الأخرى فهي الآية قوله تعالى: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )): ننظر إلى تفسير ابن مسعود إن كان وجده الإخوة، وفي الحقيقة أقول: أنا لا أحب أن أُكثر مما قلت، وأسال الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا جميعًا بما في كتابه الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن أردت أن أقول كلمة أخيرة فإنني أقول:
إن أعداء الله في هذا الزمن وفتنة الغرب الموجودة الآن إنما حاربوا الحجاب أول ما حاربوه وهو ستر المرأة لوجهها حينما دعا إلى ذلك كرومر الحاكم الإنجليزي، ثم عارضوه في ذلك المسلمون، عارضه المسلمون في مصر وفي غيرها، ومن ضمنهم ذاك الذي أصدر كتاب: *المرأة الحديثة* أظن الذي يقال له: قاسم أمين، ولما أنه على حسب ما ذكر لنا أن حفيدة أحد الزعماء إما أرهبته وإما رغّبته، فتغير وانتكس ودعا إلى ما دعا إليه كرومر، ثم بعد ذلك أظن أحد الحكام يقال له: سعد زغلول رئيس الوزراء في عهد الإنجليز عمد إلى امرأة ونزع حجابها، وهذا ما يدلنا على أن أعداء الله مجمعون على محاربة تغطية الوجه، وحينما ينزع الحجاب من الوجه تأتي البقية، لكن هذا ندعه على الهامش، حتى إن أحببت ألا أناقش هذا فما في داعي، لكن قولي هو ما قلته أولًا:
أن النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لما غطَّى وجه الفضل ولم يأمرها بتغطية وجهها أيضًا وفي نفس الوقت كان محرمًا أن تنظر إلى الرجل، لم يأمرها صلى الله عليه وسلم بغض بصرها عنه، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنا جميعاً ويتجاوز عنا إنه على كل شيء قدير ويلهمنا الصواب وجزاك الله خيرًا.
الشيخ : اللهم آمين يا رب العالمين.
الشيخ : أنا يبدو لي يا حضرة الشيخ أنك لم تقرأ كتابي * حجاب المرأة المسلمة * هل قرأته ؟
السائل : والله قرأته.
الشيخ : غريب، فلماذا لا تجيبني عن أسئلتي، سبحان الله! قلت لك: ما هو ...
تقول: ما دام أن الرسول منع الفضل أن ينظر إلى وجه المرأة دل ذلك على أن وجه المرأة عورة يجب عليها أن تستر، فلما نقول لك: لماذا لم يأمرها بأن تستر؟ تقول: لعلها تكون حديثة عهد بالإسلام.
السائل : انتهينا من هذه.
الشيخ : لكن ما أجبتني.
السائل : قلت: أخيرًا أيضًا وهو صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بغض بصرها.
الشيخ : أنا سمحت لك بدل خمس دقائق سبع دقائق واثنا عشر دقيقة، فأنت الحمد لله انتهيت قبل مضي الوقت، لكن ما كدتُ أنا أبدأ لألفت نظرك إذا بك أيضًا تقطع الكلام، إيش رأيك نأخذ منك، كم تسمح لي بأن أتكلم؟
السائل : أسمح لك بما تشاء، بس هذه يا شيخ.
الشيخ : لكن أراك عجلًا.
السائل : لا، أنا أبين لك أنني.
الشيخ : معليش بين لي فيما بعد، لا تقطع علي الكلام.
السائل : أبشر.
الشيخ : أنا الآن أُلخص الحديث الذى جرى بيني وبينك، قلت لك أخيرًا أرجو أن تأتي بالدليل من الكتاب والسنة الذي يُلزم كل واحد منا بالخضوع له، في الأول قلت لك: الأصل في الأشياء الإباحة وأنت وافقت على هذا، وأنه لا يجوز الخروج عن هذا الأصل إلا بدليل ينقلنا من الإباحة إلى التحريم، فقلت لك: ما هو الدليل على تحريم كشف المرأة عن وجهها، ما قلت لك: ما هو الدليل على تحريم نظر الرجل إلى وجه المرأة، لأن هذا أمر متفق عليه بيننا، فطالبتك بهذا ولم تفعل شيئًا، لكنك مررتَ مرًّا سريعًا بقوله تعالى: (( يدنين عليهن مِن جلابيبهن )) ثم سردت أو شردت إلى الكلام عن دعاة السفور وقاسم أمين ووإلى آخره، هذا ليس له علاقة ببحثنا، لأن هذا الكلام لا يحرم ولا يحلل، لأنه عمل بعض الناس المترفين المسرفين إلى آخره، فالآن أنا أعود وأطالبك بالدليل من الكتاب والسنة على أن وجه المرأة عورة لا يجوز لها أن تكشفه أمام الأجانب فهل عندك دليل؟
السائل : عندي -أحسن الله إليك- قوله تعالى: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) وما فسرها به علماء الإسلام ابن مسعود وبقية الأئمة الذين ذكرناهم، وأيضًا حديث الخثعمية حينما غطى النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل ولوى عنقه صلى الله عليه وسلم ليمنعه من النظر إليها، قلنا بهذا لأن وجهها عورة، ولو لم يكن عورة، أما كونه لماذا لم يأمرها بتغطية وجهها، فأيضًا كذلك لماذا لم يأمرها بأن تغض بصرها والغض واجب، هذا كل ما عندي إن كان يكفي فما عندي شيء.
الشيخ : هذا إعادة للكلام بارك الله فيك.
السائل : ما عندي غير هذا.
الشيخ : ماذا نفعل لك إذن ؟
السائل : ذكر الآية يا شيخ.
الشيخ : لا يشرحها، يذكر الآية ولا يبينها وإنما يقول الأئمة.
مناقشة الشيخ للسائل حول حكم كشف الوجه : هل المسألة خلافية أم مجمع عليها بأحد الأقوال التي قيلت فيها ؟
أي: هل أجمع علماء المسلمين من مفسرين ومحدثين وفقهاء الأئمة الأربعة وأتباعهم على أن وجه المرأة عورة ؟ هل أجمعوا على ذلك أم المسألة خلافية ؟
السائل : هي خلافية، لكن في نفس الوقت هناك يعني كبار مِن الأئمة.
الشيخ : أنا أسألك هل هي خلافية أم إجماعية ؟
السائل : خلافية.
الشيخ : أريد أن أبني على هذا.
السائل : خلافية.
الشيخ : طيب خلافية، هل قال بخلاف ما تذهب إليه أئمة محترمين أم لم يقولوا ؟
السائل : والله هذا يرجع إلى السندات.
الشيخ : ما أجبتني أيضًا.
السائل : السند فيه أقوال.
الشيخ : بارك الله فيك أعطني خلاصة هذه السندات، أعطني الخلاصة هل هناك أئمة من السلف الصالح من الصحابة من المفسرين من الفقهاء قالوا بأن وجه المرأة ليس بعورة، وقالوا في الوقت نفسه يحرم النظر إلى وجه المرأة، تعرف هذا أم لا ؟
السائل : هذا القرآن.
الشيخ : ما أجبتني، ما أجبتني ، -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - أرجوك أن تجيبني عن سؤالي ولا تخسِّر عليَّ وقتي صارت الساعة سبعة وزيادة، أنا سؤالي بالله الله فيك محدد .
أولًا: سألتك: هل المسألة عليها إجماع أم مختلفة ؟ أجبت بالإنصاف: مختلف فيها.
هل هناك علماء من السلف والأئمة قالوا بأن وجه المرأة ليس بعورة ولا يجوز النظر مع ذلك إلى هذا الوجه ؟ ما أجبتني، قلتَ: ينظر في الأسانيد أنا أريد الخلاصة هل هناك أكرر للمرة الثالثة: هل هناك علماء من الصحابة والأئمة المجتهدين قالوا بأن وجه المرأة ليس بعورة مع قولهم أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى وجه المرأة يوجد هذا أم لا يوجد ؟
السائل : أحسن الله إليك من ناحية الإنصاف فأنا إن شاء الله تعالى ما أقصد إلا وجه الله ولست أتعصب لأي إمام ولا غيره.
الشيخ : هذا أيضًا خروج عن الجواب، كلنا ذاك الرجل فيما نرجو.
السائل : لكن مسألة أحسن الله إليك النظر موجودة في القرآن تسأل هل مختلف فيها فهي آية في القرآن نص ؟ (( وقل للمؤمنين ... )) ..
الشيخ : ليس البحث في هذا بارك الله فيك سبحان ربي !!
السائل : أنت سألت ..
الشيخ : سبحان ربي !! قلتُ: ألا تعلم أن هناك علماء من الصحابة والأئمة يقولون بالأمرين وهما: وجه المرأة ليس بعورة، ومع ذلك لا يجوز للرجل أن ينظر إلى هذا الوجه، هل تعلم هذا أم لا ؟ وأنت تقول الآية وما الآية ليس البحث الآن في الاستدلال ؟
السائل : الذي أعلمه حقيقة وأعرفه على حسب ما قرأت في التفاسير قرأت بأنَّ ابن مسعود يُثبت أنه عورة وأن ابن عباس نفسه، تمهل علي يا شيخ.
الشيخ : حيدة يا سيدي.
السائل : وأن ابن عباس -رحمه الله- قالوا أنه يرى أن وجهها ليس بعورة ثم قالوا وذلك في أول الأمرين.
الشيخ : من الذي قال.
السائل : قال الأئمة.
الشيخ : لا، نحن نريد الرواية أين الرواية عن ابن عباس أنه في أول الأمر قال: أن وجه المرأة ليس بعورة، ثم رجع فنسخ قوله هذا فقال بأن وجه المرأة ليس بعورة هذا لا أصل له إطلاقًا.
السائل : هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.
الشيخ : هذا هو الكتاب الذي طلبته ، هذا هو الكتاب .
السائل : " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ".
سائل آخر : هذا انتهينا منه، نريد كلام ابن مسعود.
السائل : " وقال محمد بن سيرين سألتُ عَبيدة السلماني عن قول الله عز وجل: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى وقال عكرمة: تغطي ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الطهراني فيما كتب إلي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن خيثم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة قالت: ( لما نزلت هذه الآية: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها ) ".
الشيخ : هذا ما فيه فائدة، نريد أن يأتي لنا بالنص الذي يدعيه.
السائل : ابن مسعود.
سائل آخر : هنا يقول: " ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء، والجلباب هو الرداء فوق الخمار، قاله ابن مسعود وعبيدة وقتادة والحسن البصري وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وعطاء الخراساني وغير واحد وهو بمنزلة الإزار اليوم، قال الجوهري: الجلباب الملحفة ".
12 - مناقشة الشيخ للسائل حول حكم كشف الوجه : هل المسألة خلافية أم مجمع عليها بأحد الأقوال التي قيلت فيها ؟ أستمع حفظ
الكلام على الأدلة الواردة في مسألة كشف وجه المرأة ، وأنه لا يعنى أن وجه المرأة ليس بعورة أنه يجوز للرجل أن ينظر له .
السائل : أبو علي.
الشيخ : يا أبا علي أنا أقول لك لا تُتعب نفسك: لأن هذه المسألة أنا هضمتها هضمًا جيدًا، ولا يوجد هناك رواية فيما قلت مطلقًا، وإنما هو قول يقوله بعض العلماء في سبيل التوفيق بين بعض الآثار المختلفة، فما دُمت أنت مطمئن إلى أن المسألة لا إجماع فيها وأن العلماء اختلفوا فيها، أنت معي ولا لست معي ؟
السائل : نعم.
الشيخ : وأنت تعلم قوله تعالى: (( ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه )) فأقول: ما دمت أنك تعتقد معنا أن المسألة خلافية وأن هناك من قال بأن وجه المرأة ليس بعورة، وأدندن حتى ما تعود إلى موضوع النظر، الذين يقولون بأن وجه المراة ليس بعورة لا يعنون أنه يجوز للرجل أن ينظر إليها، بل هم يجمعون بين السلب والإيجاب، يقولون: ليس وجه المرأة عورة هذا هو السلب، والإيجاب يجب على الرجل ألا ينظر إلى المرأة لأن هذه النظرة محرمة بنص القرآن كما ذكرنا آنفًا .
ولفتُّ نظرك أن قوله تعالى: (( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن )): لا يعني أن وجه الرجل بالنسبة للمرأة عورة، لكن تعني هذه الآية أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه الرجل وهذا الوجه ليس بعورة، كذلك إذا قال تعالى: (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )) لا يعني أنَّ وجه المرأة عورة وإنما يعني أنه لا يجوز النظر إلى هذا الوجه، بهذا قال بعض بل جمهور العلماء كما نقلت ذلك بالأرقام والصفحات والمجلدات في * حجاب المرأة المسلمة * .
فجمهور العلماء يقولون: وجه المرأة ليس بعورة، وفي الوقت نفسه يقولون: لا يجوز النظر إلى هذا الوجه.
أما أنت يا أبا علي فتستلزم من تحريم النظر إلى الشيء أنه عورة، وهذا لا يقول به مسلم، قال العلماء في تفاصيلهم: أنه إذا كان هناك شاب أمرد جميل الوجه فهذا لا يجوز النظر إليه لأنه مظنة فتنة، لكن لا يعني أن وجهه عورة، أنت تستلتزم من كون الشيء فتنة أنه عورة، لا تلازم بين الأمرين .
لذلك رجوتك مرارًا وتَكرارًا ما هو الدليل المـُلزم للمسلم الذي يخضع لقول الله ولحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن وجه المرأة عورة، بغض النظر أنه لا يجوز النظر هذا أمر متفق عليه، فأتيت بالآية: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) ثم مررت سريعًا عنها، ما وجه الاستدلال بهذه الآية، والآية تقول: (( يدنين عليهن من جلابيبهن ))، ما معني يدنين بارك الله فيك ؟
السائل : يغطين.
الشيخ : يغطين، طيب غطي وجهك الآن أنت بهذا الخمار غطي، تستطيع أن تمشي ؟
السائل : بعين واحدة أستطيع نعم.
الشيخ : لا ما تستطيع، شوف الآن يا أبا علي، أنت ولا تؤاخذني عندك شيء من العجلة .
أولًا: تقول تستطيع والتجربة ستثبت لك أن المرأة إذا غطت وجهها بالجلباب، هذا ليس جلبابًا ؟
السائل : نعم.
الشيخ : آه ، كيف تقول تستطيع وسِراعًا هربت من قولك هذا: قلت تكشف عن عين واحدة، من أين جئت بالعين الواحدة ؟
السائل : هذا قول السلف.
الشيخ : أي سلف ؟
السائل : ابن مسعود وغيره.
الشيخ : لا ما في ابن مسعود.
السائل : أُخرجه إن شاء الله.
الشيخ : طيب إذا انتهى الوقت.
السائل : لا، غير هذا الوقت.
الشيخ : معذرة أنا أقول انتهى الوقت نحن على سفر، لكن أنا أقول لك بارك الله فيك: بالنسبة للعين الواحدة أو العينين عن ابن مسعود لا تجد شيئًا، احفظ هذا عني ثم ابحث .
السائل : إن شاء الله
الشيخ : تجد عن ابن عباس والرواية ضعيفة، تجد عن عَبيدة السلماني وعَبيدة ليس صحابيًّا، عَبيدة السلماني لو روى ذلك عن الرسول عليه السلام لكان الحديث مُرسلًا منقطعًا، فكيف وهو مقطوع يعني موقوف عليه ؟!
السائل : هو ما قال عن النبي صلى الله عليه وسلم، بين حال السلف.
الشيخ : أنا أعرف لكن بقول: إنها مقطوعة موقوفة عليه، فلو رفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان مرسلًا كان ليس بحجة، أنا أُطمئن بال أبي علي بأنه لا يوجد رواية صحيحة عن أحد من الصحابة أنه يجوز للمرأةِ أن تكشف عن عين واحدة أو عينتين، وحينئذٍ إذا هو يقول من عنده مثلا نفترض هذا فقد خالفت تفسيرك للآية بأنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها لأن الوجه يبدأ من منبت شعر الرأس إلى أسفل الذقن، بينما أنت تقول: تكشف عن عين أو عن عينتين فالذي يقول: كشف عن عين أو عينتين ممكن كمان تكشف عن أنفها، فما الدليل على هذا التفصيل ؟
ترجع إلى رواية ابن عباس وهي ضعيفة منقطعة وتدور على أبي صالح كاتب الليث وهو ضعيف.
إذا عدت إلى عَبيدة فهذه الرواية مقطوعة لا حجة فيها.
عن ابن مسعود لا تجد إلا أنه تغطي بدنها، أما ذكر عين أو عينتين عن ابن مسعود هذا لم يروَ عنه إطلاقًا، ثم لماذا نُهدر أقوال ابن عباس ؟!
زُين لك ذلك القول الذي قال لك: كان يقول من قبل بأن وجه المرأة ليس بعورة ثم رجع عن ذلك .
وماذا تقول عما روي عن ابن عمر وبالسند الصحيح أن رقعة وجه المرأة وكفاها ليس بعورة، فا نسلم لك فرضًا وجدلًا أنه ابن عباس كان يقول من قبل بأن وجه المرأة عورة ثم رجع .
لكن عندك رواية عن ابن عمر صحيحة في * مصنف ابن أبي شيبة * يقول: " بأن رقعة الوجه والكفين ليس بعورة ".
السائل : في أي وقت ؟ قد يكون في الصلاة.
الشيخ : قفزتَ كعادتك، الآن كلمة ابن عمر مطلقة أم مقيدة ؟
السائل : أنا أسأل.
الشيخ : أنا رويتُ لك، يقول هكذا: " رقعة وجه المرأة وكفاها ليس بعورة " أنت تسألني في أي وقت ؟
أنا ما أتكلم الآن عن رأيي، أنا سأقول لك: في كل وقت، لكن لسنا في هذا الصدد، نحن الآن في صدد ما موقفك أنت مما صح عن ابن عمر بهذا الذي ذكرته لك، هل تقول: إن هذا مثلًا خطأ حينئذ نقول ما دليلك ؟ لم تأت بدليل، جئت بالآية: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) ثم خالفتها، أنت نفسك خالفتها، لأنك أبحت لها أن تكشف عن عين أو عن عينتين وهذا من الوجه.
السائل : لكن ابن عمر رضي الله عنه هل قال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس وجه المرأة بعورة ؟
الشيخ : يا شيخ بارك الله فيك الله يهدينا وإياكم أنا بقول قال رسول الله ؟
السائل : لا.
الشيخ : أنا أحاججك الآن، أنت تقول: ابن عباس كان يرى أن وجه المرأة ليس بعورة، هل يحق لي أن أسالك هل رفع ذلك إلى الرسول ؟
ما يحق لي أن أسالك هذا السؤال، لأنك أنت تتكلم عن رأي ابن عباس، وأنا الآن اتكلم عن رأي ابن عمر.
13 - الكلام على الأدلة الواردة في مسألة كشف وجه المرأة ، وأنه لا يعنى أن وجه المرأة ليس بعورة أنه يجوز للرجل أن ينظر له . أستمع حفظ
الكلام على رواية ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وسبب نزول الآيات في مسألة تغطية الوجه.
لكن من باب اختصار الموضوع تركنا الرواية عن ابن عباس على افتراض أنها مضطربة، مرة قال إن الوجه ليس بعورة وأخيرًا قال بأنه عورة، تركنا هذه الرواية.
جئنا إلى ما ثبت عن ابن عمر بأن الوجه والكفين ليس بعورة، ترجع وتسألني هل رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ إيش معنى هذا السؤال ؟!
نحن نتكلم في الآثار الموقوفة فماذا نقول إذا واحد اتبع قول ابن عمر زائد أنه لا يجد لا في كتاب الله ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يفرض عليه أن يخالف ابن عمر وأن يخالف أيضًا ابن عباس في الرواية الصحيحة عنه .
فإذن المسألة فيها شيء من التوسعة، ما ينبغي أن تتعصبوا لرأي عشتم عليه ولا دليل عندكم من كتاب ولا من سنة.
تأتي بالآية ثم تخالفها (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) تفسرون ذلك بالتغطية، هذا خطأ وإن أجمعتم عليه، لأن الإدناء في اللغة كلكم يعرف الإدناء هو التقريب، فهذا الغطاء مثلًا الذي هو الجلباب هذا معناه الإدناء، فهذا الإدناء فهذا الإدناء إما أن يكون بحيث أنه يغطي الوجه كله فيعمي عليها الطريق أو يغطي شيء من الوجه، هذا كله داخل في ملاحظة معنى الإدناء، إذا قلت لمن بجانبك: ادن مني معناه اقترب مش معناه غطي، ف (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) أي: يغطين، وإذا رجعنا إلى أقوال المفسرين في سبب نزول هذه الآية أو الآية الأخرى التي تقول: (( وليضربن بخمورهن على جيوبهن )):
أنه كانت المرأة في الجاهلية تلقي الجلباب على رأسها ثم تمشي هكذا في الطريق يبدو عنقها يبدو شيء من شعرها، فقال تعالى: (( يدنين عليهم من جلابيبهن )).
أنت فهمت عليَّ ما أقول وتعود إلى المصادر التي رجعت إليها لتتأكد مما سمعتَ وسمعتُ.
السائل : إن شاء الله ، أحسن الله إليك .
وإنما هي كما ذكرت لكم هذا شيء وجدناه في كتب العلم عن أئمة أجلاء.
الشيخ : لكن احفظ الطرف الثاني، (( لا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ))
السائل : لا إن شاء الله ، أعوذ بالله
الشيخ : احفظ الطرف الثاني، في خط ثاني.
السائل : والله يا شيخ لو ظهر لنا الحق من غير شبهة والله لنقبلنه.
الشيخ : معليش كلنا ذاك الرجل، هل تظن أنت فيَّ أنه إذا ظهر لي الحق في رأيكم هذا لا أتبعه ؟
السائل : أعوذ بالله، لو كنت أظن ذلك لما أتيتك.
الشيخ : لذلك أقول: أنت تقول هذا فيَّ وأنا أقول هذا فيك .
لكن المسألة تحتاج إلى شيء من رحابة الصدر وسعة الإطلاع والعلم ومعرفة ما صح عن السلف وما لم يصح، ثم استخلاص الحق مما اختلف فيه الناس، وأنت تعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان مِن دعائه في قيام الليل في دعاء الاستفتاح: ( اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) .
فنسأل الله أن يهدينا إلى الحق فيما اختلف فيه الناس.
السائل : والله إنا لنحبك قبل أن نراك، لا نحبك إلا لله سبحانه وتعالى
الشيخ : الله يبارك فيكم ويجزيكم عنا كل خير
السائل : آمين
ولو أننا هذه المسألة ما اتضحت لنا إلى الآن، لكن محبتك في الله على هذا الطريق الذي مشى عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم على الطريق السلفي. والله من أجلها ..
الشيخ : أنا أعتقد لو تأملت في الموضوع لستُ أقول: على ضوء ما جاء في كتابي * حجاب المرأة * لو تأملت في الموضوع على هذه الكلمات القليلات التي ذكرناها آنفًا لتبين لك وجه الحق .
وأكرر لا يلزم من كون: لا يجوز شرعًا النظر إلى الوجه أن يكون هذا الوجه عورة، لا تلازم بين الأمرين، هذا إن تذكرته ثم بحثت فستجده كما نقول: لا دليل على أن وجه المرأة عورة، لكن هناك أدلة على تحريم النظر إلى هذا الوجه فلا تلازم بين الأمرين، والدليل واضح جدًّا لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه الرجل ووجه الرجل ليس بعورة، إذن قولوا بأنه يجب على الرجال أيضًا أن يتبرقعوا وأن يتمندلوا حتى لا تنظر المرأة إلى وجه الرجل، لا قائل بهذا.
السائل : ... كأنهم محتجبين ...
الشيخ : إذن أنت محتجب الآن ؟
السائل : كلنا محتجبين الآن.
الشيخ : هذا ما كنت أسمعه من قبل هههه.
السائل : ...
الشيخ : أهلا وسهلا
السائل : حفظك الله
الشيخ : بارك الله فيك .
السائل : السلام عليكم
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
السائل : الله يجمعنا في دار كرامته
الشيخ : اللهم آمين يارب العالمين
السائل : السلام عليكم .
سائل آخر : ...
الشيخ : ... أما أنه تكشف عن عين وعينتين لا ما يصح.
14 - الكلام على رواية ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما وسبب نزول الآيات في مسألة تغطية الوجه. أستمع حفظ
تتمة مناقشة مسألة كشف وجه المرأة وهل من مصلحة البلاد عدم نشر كتاب جلباب المرأة المسلمة.
الشيخ : أليس الأحسن أن تبحث المسألة جذريًّا، أنا الآن مثلًا عندي كتاب في * حجاب المرأة المسلمة * هل يمكن أن أسحب هذا الكتاب من السوق وأنا في صدد إعادة طبعه، لأن في بعض البلاد كبلادكم هذه كما تقولون: في مصلحة عدم نشر هذا الرأي ولو كان صوابًا، لا يمكنني أن أسحب هذا الكتاب، وأنا أُفتي بما فيه وكلما جاء رد عليه ازددت إيمانًا به، وأنا أُحاول ما استطعت أن أكون حكيمًا فأنا لا أُثير هذه القضية، وهذه المناسبة الآن، هذا الرجل بعث خبر أنه يريد أن يناظرني في هذه المسألة وجاء الجماعة وبلغوني، وقلت لهم: ما عندي مانع، لكن هذا الكلام سيُسجل وسيشاع وسيذاع فمن المسؤول يا ترى، هذا الرجل الألباني الغريب الذي ترك البلاد بعد نحو كذا سنة ولا هؤلاء الذين يتحرشون به، ويوجهون إليه هذه الأسئلة، إذن هم أهل هذه البلاد هم المسؤولون، وأنا ما أستطيع أن أنافق أو أداهن، وإنما أقدم رأيي بكل وضوح وأدافع عن رأيي بكل حق إلى آخره.
أما أن يقال: والله مصلحة البلاد " أهل مكة أدرى بشعابها " ، " صاحب الدار أدرى بمن فيها "، لكن هذا لا يعني أني أنا أكتم العلم وما أبينه لأن البلاد الاسلامية ليست فقط والحمد لله هذه البلاد وإنما هناك بلاد أخرى، انظر الآن كيف أنظر للموضوع، هناك بلاد وهذا نحن نعرفه جيدًا مثل سوريا ومثل الأردن ومثل مصر، أنا ذهبت لمصر قبل خمسة عشرة سنة تقريبًا، ذهبت مرتين وكان السفور القاسمي، قاسم أمين كان منتشرًا في تلك البلاد المصرية والسورية والأردنية وإلى آخره، لكن أنا الآن أرى ظاهرة الحجاب يمشي ولو بشيء من التحرج، لكن حنانيك بعض الشر أهون من بعض، كانت المرأة سابقاً تخرج بشعرها برقبتها بذراعيها إلى آخره، أما الآن في سوريا والأردن حتى في لبنان قبل الحرب الأهلية عندهم كنت أرى في الشوارع فتاة فتاتين ما بين عشرات السافرات، فالآن في الوقت الذي في مثل هذه البلاد مثلًا يحافظون على الحجاب الكامل وأنا أؤيد هذا ولا أحاربه لعلكم تذكرون ذلك، لكن لا أريد أن أقول: حرام، كشف الوجه حرام لأنه الأدلة عندي ما تنهض لهذا التحريم.
ثم لا أريد أن أشدد بالنسبة للبلاد الأخرى التي إذا وصلت المرأة معنا إلى الحجاب الكامل إلى الوجه والكفين نقول: جزاهم الله خير وجزى الله خير الذين سعوا إلى إيصال المجتمع النسائي إلى هذه المرحلة.
تأتي مرحلة أخرى الأفضل أن تستري وجهك وكفيك بحيث لا يرى، فإذن ليس من المصلحة كتمان العلم يا أستاذ ولا المسألة، وبخاصة أن وسائل نشر العلم اليوم ما هي محصورة في بلد دون بلد آخر، فهذا الذي أدين الله به يجب أن يذهب إلى كل البلاد، أما أن بعض البلاد أو بعض الحكام أو الأمراء يستغلون الحق في سبيل تأييد الباطل هذه سُنة الله في خلقه، فالنصارى يستغلون بعض الآيات القرآنية في تأييد أُلوهية عيسى، ألا تعلمون ذلك ؟!
في النصاري ألَّفوا رسائل في تأييد ألوهية عيسى ببعض الآيات القرآنية مع تصريح القرآن بقوله: (( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )) المهم الذي يريد أن يصطاد في الماء العكر لا يمنعه شيء وهو يكابر ويضلل ووإلى آخره، فأنا لا أرى إذن أن يُكتم العلم وإن كنت أعلم أنه قد يُستغل العلم وأهله أيضًا في بعض الأحيان.
خلاصة القول:
الأولى أن نتناقش في هذه المسألة ونتناظر لعلنا نسمع شيئًا جديدًا من كل من الطرفين، ويقربنا إلى التقارب في وجهة النظر في هذه، هذا أولى من تقديم اقتراحات أدبية إقليمية، لأنه في بلد آخر قد يقتضي الأمر العكس تمامًا.
السائل : لكل بلد ما يناسبه.
الشيخ : هو هذا، ورأينا يناسب البلدين، لعلكم تذكرون أن مِن عناوين كتابي * مشروعية ستر الوجه * رددتُ فيه على ناس أعرفهم إلى الآن أحياء في لبنان وفي طرابلس الشام خاصة يرون أن ستر المرأة لوجهها بدعة، فأنا رددت عليهم وقلت: هذا ليس من البدعة، لأن الصحابيات كثيرات منهن كنَّ يتشبهن بأمهات المؤمنين اللاتي ما كنَّ يكشفن عن وجوههن.
فإذن مثل هذا المجتمع الذي فيه من يقول: أن ستر المرأة لوجهها من البدعة هذا ليس من السهل إقناعه بأنه فرض، لكن الأصل أن يقال: أخطأت كيف بدعة وهذه آثار كثيرة وأحاديث وروايات صحيحة عن أن ستر الوجه كان معروفًا في عهد الرسول ويكفي في ذلك قوله: ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين )، لأن مفهوم الحديث حينذاك أن غير المرأة المحرمة تنتقب فكيف يقال هذا بدعة؟!
فإذن " خير الأمور الوسط وحب التناهي غلط "، ألق كلمة الحق ثم لا تبالي، أما أهل البلد والله لهم موقف خاص فأهل مكة أدرى بشعابها، فهل ممكن أن نسمع وجهة نظر في المسألة من ناحية شرعية والأدلة الواردة فيها إن شئت ولا أحرِّج عليك.
السائل : أنا الذي أعرفه في الموضوع حديث عائشة لما أتى صفوان قالت: ( كان يعرفني قبل نزول الحجاب )، والأدلة الأخرى التي فيها جواز كشف الوجه أكثرها يحتمل أن يكون قبل نزول الحجاب، فيه بعض الروايات ليست صريحة بأنها تفيد نسخ هذا الأمر فعلاً.
الشيخ : كلمة إنصاف بارك الله فيك:
هل أدلة القائلين بأن ستر الوجه وجه المرأة فرض وأن الوجه عورة ما تحتمل هي قاطعة يعني؟
السائل : هي عندهم قاطعة.
الشيخ : كيف؟
السائل : هي عندهم.
الشيخ : أنا ما أبحث معهم، أبحث مع السلطان، هل هي قاطعة عندك ؟
السائل : أنا ذكرت لك في البداية.
الشيخ : لأنه بارك الله فيك ولا تؤاخذني أنا على هذا عشتُ، ولذلك بقدر ما لي محبين كثر أمثالكم يوجد لي مبغضون كثيرون، هذا الأسلوب ليس أسلوب العلم وهو تطريق الاحتمال على أدلة الخصم، لأن هذا الخصم سيقابلك بالمثل وحينئذ يجب أن تثبت أن أدلتك قاطعة وهذا لا سبيل إليه، أين الدليل القاطع على أن وجه المرأة عورة، وأذكر مع أنه يحرم النظر إليه لكن لا يجوز لها أن تكشف عن وجهها، أين الدليل القاطع في هذا ؟!
لذلك المسألة الحقيقة بدها إعادة نظر دون التأثر بالجو الإقليمي الذي يعيش فيه الإنسان، لأنك تعرف جيدًا إن شاء الله أن البيئة كما تؤثر في الصحة البدنية تؤثر أيضًا في الصحة العقلية أترى هذا معي ؟
السائل : نعم.
الشيخ : فالناس الذين يعيشون في الأجواء الممتلئة بالصخور قد يقولون ما نقلناه لك آنفًا عن ذاك اللبناني أنه بدعة، والناس الذي يعيشون في أجواء أخرى يقولون حرام، فإذن هناك شيء يسمى بالعصر الحاضر وهذا ليس بالأمر السهل أن الباحث يجب أن يتجرد عن كل المؤثرات البيئية ويدرس القضية على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ويستسلم لها، فأينما أوصلته صار معها وهذا قليل من الناس.
السائل : وهذا سلمك الله في أمور يستطيع الإنسان أن يصفها بوضوح تام، أما بعض القضايا لا يستطيع إلا بعد البحث والتحري الطويل، فمثل القضية هذه ليست من مجرد جلسة واحدة أو جلستين يستطيع الإنسان أن يقول إن هذا هو الحق، لأن كل فريق له أدلة فمثل ما ذكرتم بعضها قد يكون قاطع وبعضها ليس بقاطع لهذا قلت من البداية أنا محل تردد.
الشيخ : أي نعم لكن بعدما قلت أتبعت بقولك: أن الأدلة التي تقول أن الوجه ليس بعورة يعني ما هي قاطعة محتملة فعورضت، فيحنما عورضت لم تثبت على قولك فيها تردد قلتَ: قاطعة.
السائل : عندهم.
الشيخ : هههه، البحث ليس معهم، هم غير موجودين، البحث مع السلطان، على كل حال أنا غرضي أنت لا تؤاخذني أنا ما جئت بالكتاب معي حتى أهيئ نفسي لكل مناقشة يفرضها إخواننا علي، لكن أنا متشبع بالفكرة منذ سنين عديدة جدًّا، وعارف أنَّ الأدلة وما يرد عليها وما يجيبون عنها ووإلى آخره، وأخونا هذا بارك الله فيه رجل طيب وعنده حرارة وحماس لكن ما عنده ذاك الاطلاع الذي يمكن أن أستفيد منه شيئًا ربما يحملنا على تعديل رأينا.
15 - تتمة مناقشة مسألة كشف وجه المرأة وهل من مصلحة البلاد عدم نشر كتاب جلباب المرأة المسلمة. أستمع حفظ
الكلام على الكتب التي أُلفت في الرد على كتاب الشيخ: جلباب المراة المسلمة.
الشيخ : ثلاث مجلدات أجزاء ؟
السائل : ثلاثة أجزاء في الجزأين الأولين ليس !
الشيخ : ما فيه شيء، أنا كان عندي الجزأين الأولين وقبل مجيئي بشهور حصَّلت الجزء الثالث وليس فيه شيء جديد، كله ترداد لما يذكره الشيخ التويجري في * الصارم المشهور * أي نعم، وفي رجل مِن المصريين أيضًا سماه: * اللُّباب في فرضية النقاب *.
السائل : هذا مصطفى العدوي ؟
الشيخ : لأ، مصطفى العدوي له رسالة اسمها: * الحجاب * الرجل جاء للموضوع من أقرب باب، لكن ما جاء بشيء جديد.
المشايخ هنا على الاستدلال بآية: (( يدنين عليهن من جلابيبهن )) أنها تدل على أن وجه المراة عورة، ثم سُرعان ما يتراجعون عن هذا، فيوردون الروايتين المقطوعة والمنقطعة والضعيفة، المقطوعة الموقوفة على عَبيدة، والمنقطعة والضعيفة عن ابن عباس، فمن هنا يقولون: الآية تأمر المرأة بتغطية الوجه أي بجلبابها، ثم يستثنون من ذلك كشف العين الواحدة جزاهم الله خيرًا فأباحوا لها أن ترى الطريق بكشف العين الواحدة أو العينين كلتيهما.
السائل : الفتنة واقعة يا شيخ في العين.
الشيخ : لذلك عموها.
السائل : كانوا يرغبون في مناقشة هذا الموضوع معك.
الشيخ : هل تسمح لهم ؟
السائل : نحن آثارنا عدم إثارة الموضوع، بعضهم كلمك في التليفون في مناقشة موضوع ألف فيه رسالة أخرجها وقد ذكر أنك غضبت عليه ووضعت السماعة في وجهه.
الشيخ : كيف يعني ؟
السائل : كلمك في الأردن.
الشيخ : كلمني في الأردن ؟
السائل : نعم.
الشيخ : هو من الأردن ؟
السائل : هو من جدة، وحكى بعض الأدلة وبينما هو يسترسل وضعت.
الشيخ : ترى ماذا فعل هو ؟
السائل : هو يحكي.
الشيخ : يعني إذا كان هذا الخبر صحيحًا كما أرجو، في عندي بعض الأمثال، في مثل عامي بالشام يقولون: " الذي ما داق المغراية ما بيعرف شو الحكاية "، المغراية: الوعاء الذي كان النجارين قديمًا -وأنا اشتغلت بالنجارة سنتين لما تخرجت من المدرسة الإبتدائية-، وعاء يسمونه سطل، مثل سطل صغير كان الغراء كان عبارة عن قطع مثل البلاستيك لين يحطوه بالماء ويحطوه على النار يتحلل ويذوب ويدهنوا الخشب ويلصقوا بعضه ببعض، الوعاء هذا يسموه المغراية، فهذه لما يريدون تذويب الغراء ما يذوب إلا بالحرارة الشديدة، فيقولوا: الذي ما ذاق المغراية ما يعرف شو الحكاية، وخير من هذا المثل مثل عربي قديم قال: " قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني ".
السائل : وليس الخبر كالمعاينة.
الشيخ : هو هذا، فبعض الناس يتصورون أنَّ الشيخ الألباني جالس يترقب الأسئلة والمجادلة بالهاتف، فيقعد بلف ويدور وو إلى آخره، وأنا بقوله رأيي وهو لا يقنع وهو يستمر وأنا لا أنكر هذا الحقيقة فأحيانًا لا أجد وسيلة إلا أن أسكر في وجهه الهاتف، لكن هو ما يعرف شو الحكاية.
أنا في عمان منكب ليلًا نهارًا على البحث والتحقيق والتحرير وو إلى آخره، ومن كثرة الأسئلة التي توجه إلي وهذا من فضل الله وأسأل الله ألا يفتننا، من كل البلاد التي فيها المسلمين من أوروبا من أمريكا فضلًا عن المملكة إلى آخره، فاضطررت أن أُحدد كل يوم بعد صلاة العشاء، يأتي إنسان ويسألني في غير هذا الوقت وأنا منكب على البحث ساعتين أقول من فضلك: اتصل بي بعد صلاة العشاء، يقول: أستطيع أو لا أستطيع على حسب قناعتي الشخصية، إما أن أخضع لطلبه وأقول اتفضل وإذا به يدخل في محاضرة وفي مناقشة.
وأنا لا أستعبد وإن كنت أعرف التفاصيل ولو عرفت التفاصيل فالأمر كما قيل: " إذا عرف السبب بطل العجب "، ثم أنتم ترون والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فنحن بفضل الله تبارك وتعالى ربنا امتن علينا بالصبر والأناة ووإلى آخره، ولكن لكل شيء حد، فإذا واحد مثلًا أنا عاملته بغير عادتي لكن هذه ليست عادتي، فيجب أن يسأل عن السبب، هو لا ينظر ما في السبب، ينظر فيما حصل، وعلى كل حال ليس هناك إنسان لا يخطئ.