تبيين الشيخ أهمية إلقاء السلام.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهُ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة،ٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ وبعد:
فقد أُلقي في نفسي أن ألقي على مسامعكم كلمة أرجو أن تكون موجزة مختصرة حول السلام الذي هو شعيرة من شعائر الإسلام والذي هذا الاسم " السلام " كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث أخرجه الإمام البخاري في كتابه * الأدب المفرد * بإسناده الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه آله وسلم قال: ( السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) ( السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم ) وقد جاء في الحديث الآخر الذي أخرجه الإمام مسلم في * صحيحه * من حديث أبي هريرة أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ) قوله عليه الصلاة والسلام في آخر هذا الحديث : ( أفشوا السلام بينكم ) يعني الإكثار من إلقاء المسلم السلام على أخيه المسلم وليس ذلك فقط عند ملاقاته إياه فإنه من الواجبات التي هي من حق المسلم على المسلم كما جاء في الحديث الآخر وهو أيضاً في * صحيح مسلم * : ( للمسلم على المسلم خمس إذا لقيته فسلم عليه ).
بيان ما جاء في السنة في كيفية رد المصلي للسلام.
إن من إفشاء السلام ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زار يوما الأنصار في مسجدهم مسجد قباء فكان كلما دخل جماعة للسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو قائم يصلي وألقوا السلام عليه رد السلام عليهم إشارة بيده يقول راوي الحديث وهو جعفر بن برقان: ( فقلنا كيف كان يرد السلام وهو يصلي ؟ فأجاب بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يشير بكفه يجعل بطن كفه إلى الأرض وظهرها إلى السماء كلما دخل مصلي عليه قال هكذا هكذا ) هذه الحركة هي رد المشتغل بالصلاة سلام المسلم عليه لفظا، ولما كان المصلي مشغولاً بما هو فيه من تلاوة القرآن أو التسبيح المناسب لكل ركن كان لا يستطيع أن يرد السلام بلفظه وإن كان ذلك مشروعاً في أول الأمر في أول الإسلام، فقد جاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لما رجع من الهجرة إلى الحبشة وكان أول ما لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وجده يصلي فألقى عليه السلام لفظا كما هو الواجب، ولكنه رضي الله عنه فوجئ بما لم يكن في حسبانه وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه السلام لفظاً وإنما أشار إليه برأسه إشارة هكذا، قال عبد الله بن مسعود: " فأخذني ما قرب وما بعد " يحدث نفسه يتساءل يقول : ترى ماذا جنيت ماذا ارتكبت حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد علي السلام، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة قال: ( إن الله يحدث في أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا كلام في الصلاة ) فقد كان هذا الكلام بين المسلم على المصلي وبين رد المصلي للسلام كان رده لفظا هكذا فارق عبد الله نبيه صلى الله عليه وسلم حينما هاجر إلى الحبشة، فلذلك فكانت مفاجأة ما رآه من النبي صلى الله عليه وسلم لأول مرة بعد أن فارقه وهو عهده بأن النبي صلى الله عليه وسلم يرد السلام في الصلاة لفظا، ذلك أن الكلام من الأحكام التي لم يحرم في الصلاة فورا أي لم يكن من المحرم في الصلاة حينما أمروا بالصلاة، وإنما حرم الكلام فيما بعد حتى لقد كان المصلي يدخل المسجد فيجد الصلاة قائمة ولا يدري هذه الركعة هي الأولى ولا الثانية فيقف في الصف ويسـأل من كان قائما يصلي أي ركعة هذه؟ هذا قبل تحريم الصلاة فيجيبه هذه الركعة الأولى أو هي الركعة الثانية، فإذا كان قد فاته ركعة ماذا يفعل هذا المسبوق بركعة إنه يأتي بالركعة الفائتة ثم يشارك الإمام في صلاته هكذا كان في أول الأمر قبل تحريم الكلام في الصلاة، إلى أن دخل ذات يوم معاذ بن جبل رضي الله عنه فلم يفعل كما كانوا يفعلون، لم يسأل من كان على جانبه وإنما أحرم واقتدى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لما قضيت الصلاة قام وجاء بالركعة الفائتة فقال عليه الصلاة والسلام: ( لقد سن لكم معاذ سنة فافعلوا ما فعل ) أي لم يبق حاجة إلى أن يأتي المسبوق بالركعة الفائتة كما كانوا يفعلون من قبل بعد سؤال المصلين وإنما أن يفعل كما فعل معاذ رضي الله عنه وهذا مما أكده عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه بين الشيخين البخاري ومسلم حيث رويا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار ولا تأتوها وأنتم تسعون فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) أي كما فعل معاذ رضي الله عنه، وأنزل الله عز وجل في إلغاء الحكم السابق الذي كان هو مكالمة الرجل لأخيه في الصلاة فأنزل الله قوله تبارك وتعالى : (( وقوموا لله قانتين )) أي: ساكتين لا كلام في الصلاة .
ويبدوا أن بعض الصحابة الذين لم يدركوا هذا الحكم الجديد ألا وهو منع المصلى أن يتكلم في الصلاة بقي على معرفته القديمة التي ذكرناها آنفا والتي عليها فارق ابن مسعود الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك لما ألقى عليه السلام كان يأمل أن يسمع رد السلام من لفظه صلى الله عليه وآله وسلم وبقية الحديث عرفتموه.
ذكر حديث معاوية بن الحكم السلمي لما عطس رجل بجانبه في الصلاة فقال له يرحمك الله.
ولعل من الفائدة من تمام الفائدة أن نذكر تمام هذا الحديث لأن في توجه معاوية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعديد من الأسئلة بيان أثر التربية الحسنة واستعمال الرفق واللطف بالجاهل لبعض أحكام الدين، فقد سمعتم فيما مضى من هذا الحديث أن رجل كان يتصور بعد أن عرف أنه أخطأ خطأ فاحشاً في الصلاة من نظرة الصحابة إليه ومن ضربهم على أفخاذهم عرف من ذلك كله أنه أخطأ خطأ فاحشاً فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقبلا عليه تصور أنه سيؤنبه سيشتمه سيضربه ولكن النتيجة الطبيعية لمن قال له تبارك تعالى في كتابه : (( وانك لعلى خلق عظيم )) أن يرى غير ما قد يكون تخيل في ذهنه، ولذلك قال فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن ) .
حينما وجد هذا اللطف النبوي الكريم أخذ يوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم السؤال تلو السؤال ليتدارك ما قد يكون هو بحاجة إلى أن يعرف حكم الله عز وجل في تلك المسائل.
فكان مما قاله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: ( يا رسول الله إن منا أقواما يأتون الكهان قال: فلا تأتوهم، قال: إن منا أقواما يتطيرون قال: فلا يصدنكم، قال : إن منا أقواما يخطون ) أي: يعملون يتعاطون الضرب بالرمل ( قال عليه السلام: قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه خطه فذاك، قال: يا رسول الله -وهذا آخر سؤاله- إن لي جارية ترعى غنم لي في أحد فسطا الذئب يوما على غنمي وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة وعليا عتق رقبة يقول يعني فأنا أريد أن أوفي بهذا النذر الذي علي وهو عتق رقبة وعندي جارية فهل ينفعني أن أعتقها فقال عليه السلام: هاتها، فجاء بها فقال عليه السلام للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء قال عليه الصلاة والسلام: من أنا ؟ قالت: أنت رسول، فالتفت إلى سيدها وقال له اعتقها فإنها مؤمنة )
ليس البحث بطبيعة الواقع الآن هو شرح هذا الحديث العظيم والتعليق على كل فقرة من فقراته، وإنما ذكرته كيف تسلسل الحكم وكيف وصل إلى تحريم الكلام ومن ذلك رد السلام باللفظ بينما كان ذلك من قبل في أول الأمر جائزاً مشروعاً.
تتمة : بيان ما جاء في السنة في كيفية رد المصلي للسلام.
هذا هو النوع الأول الذي أردت أن ألفت النظر إلى كيفية رد السلام من المصلي على من سلم عليه، وقبل أن أنتقل إلى النوع الثاني لا بد من التذكير هنا أن إلقاء السلام كما قلنا في الحديث السابق ذكره: ( للمسلم على المسلم حق إذا لقيته فسلم عليه ) فإذن الداخل إلى المصلى أو إلى المسجد ولقي آخاه أو إخوانه المسلمين يصلون فعليه أن يبادرهم بالسلام لأنه لقيهم ولكن الرد لا يكون إلا إشارة كما ذكرنا.
أهمية إلقاء السلام ورده وعدم استبداله بصباح الخير أو مساء الخير أو أهلاً ومرحباً وغيرها من الألفاظ ؟
5 - أهمية إلقاء السلام ورده وعدم استبداله بصباح الخير أو مساء الخير أو أهلاً ومرحباً وغيرها من الألفاظ ؟ أستمع حفظ
التذكير بأن من السنة إلقاء السلام عند الفراق.
هات ما عندك ؟
هل ما سُكت عنه في * تمام المنة * من الأحاديث يعني الصحة ؟ وهل ما سكت عنه الأحكام الفقهية يقصد به موافقة الشيخ سيد سابق ؟
أما بعد: فضيلة الشيخ حفظك الله، هل ما سُكت عنه في * تمام المنة * من الأحاديث يعني الصحة وكذلك في الأحكام الفقهية هل يقصد به موافق الشيخ فيما ذهب إليه الشيخ سيد سابق وجزاك الله خيرا؟
الشيخ : الأصل هو كذلك أي ما كان من حكم فقهي في * فقه السنة * أو حديث نبوي فيه وسكت عنه ولم أنبه على ضعفه فالأصل في كل الأمرين أنني موافق على ثبوت الحديث وثبوت ذلك الحكم الفقهي، إلا أن يشت عن بصري أو عن نظري أو عن فكري والمعصوم من عصمه الله تبارك وتعالى، نعم.
7 - هل ما سُكت عنه في * تمام المنة * من الأحاديث يعني الصحة ؟ وهل ما سكت عنه الأحكام الفقهية يقصد به موافقة الشيخ سيد سابق ؟ أستمع حفظ
هل يمكن أن نصف الله تعالى بأنه يتحرك ؟ وما هو الدليل إذا كان الجواب بنعم ؟
الشيخ : الجواب بالسلب وليس بنعم، لأنه لا يجوز للمسلم أن يصف ربه إلا بما وصف هو نفسه في كتابه أو وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم فيما صح من حديثه فقد جاء وصف الله تبارك وتعالى بالعلو وبأنه ينزل وليس ذلك كما لو قلنا إنه يتحرك أو ينتقل، لأن هذه الألفاظ لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضلا عن أنها لم تذكر في القرآن الكريم، ولذلك فلا يجوز أن نصفه بلوازم بعض الصفات فنحن نعرف أن من طبيعة البشر أنه إذا صعد أو نزل أننا لا نتصور صعوده ونزوله إلا بحركة تتناسب مع كونه مخلوقاً، أما الله عز وجل الذي لا نعرف عنه إلا ما وصف به نفسه فلا يجوز أن نصفه بالحركة والانتقال وإنما نصفه بما جاء من النزول والمجيء ونحو ذلك، تفضل.
عند تضعيف حديث في تحقيقكم لسنن ابن ماجة والترمذي والنسائي هل يقصد به الطريق الذي هو موجود في السنن أو أنه ممكن أن يكون صحيح من طريق آخر لم يذكره ابن ماجة والترمذي والنسائي ؟
الشيخ : الأصل أيضاً في مثل هذه المسألة أن الحديث إذا كان في *سنن ابن ماجه * بإسناد ضعيف وفي غيره في بإسناد صحيح أو كان له من الطرق والشواهد ما يقويه الأصل أننا نقول أنه صحيح أو أنه حسن ولا نقول ضعيف بالنظر إلى إسناد الكتاب الذي أنا أعطي للحديث مرتبته اللائقة به هذا هو الأصل، ولكنني ذكرت في بعض هذه المقدمات أنني أجتهد لإنقاذ الحديث الذي في كتاب من السنن الأربعة لإنقاذه من الضعف بالرجوع ليس فقط إلى هذه السنن بل وإلى الكتب الاخرى سواء ما كان منها مطبوعا أو كان منها مخطوطا، إلا إذا لم يتيسر لي هذا الرجوع وهذا البحث المديد الطويل ففي هذه الحالة أحكم على السند الذي بين يدي، وقد ذكرت في فيما أظن في مقدمة * صحيح الترمذي * أنه كان قد مر حديث في بعض السنن ضعفته بالنظر إلى إسناد هذا الكتاب من السنن، ثم لما جاء دور تصحيح * سنن الترمذي * انكشف لي أن ذاك الحديث الذي كنت ضعفته نظراً لخصوص إسناد الكتاب قد وجدت له طرقا أخرى فصححت المتن بهذه الطرق وإلا فالسند ضعيف، نبهت على هذا وهو جواب هذا السؤال في مقدمة * صحيح سنن الترمذي * فليكن هذا معلوماً لدى الجميع، نعم.
9 - عند تضعيف حديث في تحقيقكم لسنن ابن ماجة والترمذي والنسائي هل يقصد به الطريق الذي هو موجود في السنن أو أنه ممكن أن يكون صحيح من طريق آخر لم يذكره ابن ماجة والترمذي والنسائي ؟ أستمع حفظ
هل صحيح أن الإجماع في عدم رد السلام وقد ورد في أحاديث كثيرة لأنه نقل عن ابن عبد البر الإجماع على عدم وجوب إلقاء السلام وأنه من السنة ، وقال ابن كثير إنه قول العلماء قاطبة ؟
الشيخ : إذا جاءت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تدل على وجوب أمر ما ولم يكن هناك دليل صارف فادعاء الإجماع واعتباره صارفا للأمر عن الوجوب إلى الاستحباب فذلك مما لا ينبغي أن يقع فيه المسلم، لأن نقل الإجماع في مثل هذه المسائل النظرية أمر مستحيل كما أشار الإمام أحمد رحمه الله في قوله الذي رواه ابنه عبد الله في مسائله عن أبيه أنه قال: " من ادعى الإجماع فهو كاذب وما يدريه لعلهم مختلف " ولذلك فلا ينبغي الاعتماد على مثل هذه النقول التي يذكر فيها الإجماع لأنه ثبت لدينا بالتتبع والاستقراء أن كثيراً من مثل هذه الدعاوى للإجماع في بعض المسائل ثبت الخلاف فيها ثبوتاً يقينيا، ولذلك فلا يجوز تعطيل النص من الكتاب أو السنة لنقل لا ندرى أصحيح هو أم غير صحيح، بل ندري أنه لا يمكن أن يكون صحيحاً لما عرفتم من قول الإمام أحمد: " من ادعى الإجماع فهو كاذب وما يدريه لعله مختلف " ولذلك نقول بأن إلقاء السلام حق واجب من المسلم على أخيه المسلم هذا إذا كان واحدا، أما إذا كانوا جماعة وسلم أحدهم فحينذاك يقال: إن إلقاء السلام من منهم ليس واجبا عينيا وإنما الواجب على واحد منهم والآخرون يستحب لهم أن يلقوا السلام مع الذي ألقى السلام أيضاً، أما الواحد مع الواحد فهذا لا بد من القول بالوجوب إلقاءً ورداً للآية السابقة وللأحاديث التي ذكرنا بعضها وأشار السائل إلى شيء منها.
نعم
10 - هل صحيح أن الإجماع في عدم رد السلام وقد ورد في أحاديث كثيرة لأنه نقل عن ابن عبد البر الإجماع على عدم وجوب إلقاء السلام وأنه من السنة ، وقال ابن كثير إنه قول العلماء قاطبة ؟ أستمع حفظ
هل صحيح ما ينقل بأن الشيخ الألباني يوافق ابن حزم في أصول الفقه ويقال أن له منهج خاص في الأصول فما الحق في ذلك ؟ وهل هناك نية للتأليف في هذا ؟
الشيخ : أما النية فلا وصول إليها .
أما أني أوافق ابن حزم فهذا أبعد ما يكون عن الصواب، لأنني كثيرا ما أُنكِّت بجموده في بعض النصوص التي يدل التفقه فيها على جمود ابن حزم في بعض قواعده، ثم أضرب المثل ببعض الجامدين المعاصرين الذين يقعون في مثل جمود ابن حزم وإن كانوا يدعون التحرر ويدعون أنهم مثقفون وأنهم يريدون إسلاما معقولا، حتى قد يصل أمرهم بسبب هذه الدعوة التي يجنحون إليها أن يجعلوا أحكام الشريعة معقولة عند العقول كل العقول وصل بهم الأمر إلى أن أنكروا أحاديث صحيحة ومشهورة، وما الثورة التي أثارها غزالي العصر الحاضر ومن قام بالرد عليه بسبب رده لأحاديث صحيحة في الصحيحين وفي غيرهما، إلا من قبيل هؤلاء الذين من ناحية تراهم يبالغون في رد بعض الأحاديث التي لا توافق أهواءهم ولا أقول عقولهم ومن ناحية أخرى يقعون في خلاف المنطق السليم جموداً منهم على بعض النصوص وتشبهاً بظاهرية ابن حزم، وأنا في كثير من المناسبات انتقد ابن حزم على جموده، ولكن لعل سبب هذا السؤال أنني أقول في بعض الأحيان إن هذا قياس وهذا القياس من أبطل ما يوجد على وجه الأرض فأقتبس من كلام ابن حزم الذي يقول هو: " القياس كله باطل ولو كان منه حق لكان هذا منه عين الباطل " بعض الناس يقيسون قياسات غريبة وغريبة جداً فأستدل بكلام ابن حزم هذا الذي غالى فأنكر القياس وهذا من جموده، لكنه بحق في بعض الأحيان يرد على القائسين والآرائيين الذين يثبتون بعض الأحكام من باب القياس وهو فعلا أبطل قياس على وجه الأرض، مثاله مثلاً بعض المذاهب تقول الكلام في الصلاة يبطلها ولو سهواً ما الدليل؟ قال قياس على الكلام العمد، وقد عرفتم آنفا في قصة معاوية بن الحكم السلمي وما تكلم في صلاته توهما منه وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما علمه ولم يأمره بإعادة الصلاة فكيف يصح أن يقال أن كلام المتكلم خطأً أو جهلا يبطل الصلاة به قياسا على كلام المتعمد؟ أقول أنا في هذه المناسبة: هذا قياس كما يقول ابن حزم " ولو كان من القياس حق لكان هذا منه عين الباطل "
فربما بعض الناس يفهمون من هذا أنني أكون معه في إنكار القياس وأذهب مذهبه وليس الأمر كذلك.
11 - هل صحيح ما ينقل بأن الشيخ الألباني يوافق ابن حزم في أصول الفقه ويقال أن له منهج خاص في الأصول فما الحق في ذلك ؟ وهل هناك نية للتأليف في هذا ؟ أستمع حفظ
أمثلة على جمود ابن حزم على ظاهر الحديث وانتقاد الشيخ الألباني لهذا المنهج.
فراعى الشارع الحكيم طبيعة البنت البكر ومن أجل ذلك وصف أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه نبينا صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ( كان أشد حياء من البكر في خدرها )، فلهذا الحياء اكتفى الشارع الحكيم بأن تصمت البنت، لكن إذا قالت رضيت فذلك نور على نور لأنه في كثير من الأحيان قد يكون الصمت دلالته ظنية، أما إذا صرحت وقالت رضيت فذلك أقوى، أما ابن حزم فأوجب عليها أن تصمت ولا تقول رضيت جموداً منه على هذا اللفظ وعدم رضاه بما فهمه جماهير العلماء أن قوله: ( إذنها صماتها ) مراعاة منه لشعور الفتاة الحيية وهي البكر .
كذلك مثلاً من جمود ابن حزم وهنا المثل بالنسبة لبعض المعاصرين إنه يقول في حديث أبي هريرة الذي أخرجه الشيخان في *صحيحيهما * قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البول في الماء الراكد ) هذا الحديث واضح كل الوضوح أن النهي عن البول في الماء الراكد إنما المقصود منه المحافظة على الأقل على نقاوة الماء وعلى الأكثر على طهارته، فماذا قال ابن حزم؟ قال : فلو إنه بال في إناء فارغ ثم أراق هذا البول من الإناء في الماء الراكد جاز، لماذا؟ لأنه لم يبل مباشرة في الماء الراكد، هذا جمود لم يرضه جماهير العلماء، لأنه لم يراعي في قوله هذا مقصد الشارع من النهي عن البول في الماء الراكد، ومعنى هذه الفلسفة الظاهرية لو أن أحداً بال في قصطل أو في قصبة سواء كانت من شجر أو من حديد صب صباً وذهب هذا البول إلى الماء الراكد جاز فأي فرق بين أن يبول مباشرة أو بواسطة وصلة كهذه الوصلة هذا جمود غير مرضي، لكن هل هذا الجمود قد ذر قرنه في العصر الحاضر أم عمال العقل السليم حملهم على أن لا يجمدوا جمود الظاهريين؟ الجواب: مع الأسف إن كثيرا من المعاصرين والكتاب الإسلاميين يقعون في مثل هذا الجمود وأوضح مثال على ذلك وبهذه المناسبة أنا أقول ما قلت آنفاً عن ابن حزم قول بعض متفلسفة العصر الحاضر من الذين يدعون الفرق بين الصور المجسمة وهي المحرمة والصور غير المجسمة فهي مباحة، ثم لا فرق عندهم في القسم الثاني من الصور التي ليست مجسمة كالتي على الورق أو على الجدر أو على الستائر أو نحو ذلك مما لا حجم لها ولا ظل لها إذا سلط النور عليها، هذا قول قد قاله بعض القدامى ولكن العلماء صرحوا ببطلانه لمجيء أحاديث كثيرة تبين أن الصور التي من هذا النوع الثاني هي أيضاً محرمة، وأوضح دليل و أقواه ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من سفر له وأراد أن يدخل غرفة عائشة وقع بصره على قرام لها فيه صور قال ما هذا يا عائشة قالت قرام اشتريته لك يا رسول الله كأنها تقول أتزين به لاستقبالك فقال عليه صلاة السلام مشيرا إلى الصور التي على القرام أي الستارة إن أشد الناس عذابا يوم القيامة هؤلاء الذين يضاهون بخلق الله ).
الطالب : ...
الشيخ : صار وقت العشاء ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : نكتفي الآن بهذا المقدار لتنصرفوا وتصلون مع الجماعة إن شاء الله.
هل الذكر الذي يقال عند ختام المجلس يقال أيضاً عند نهاية الكتب ؟
الشيخ : لكن ما أدري أي شيء هو وارد في السنة فإيش سؤالك يعني ؟
السائل : يعني هي واردة في ختام المجلس يا شيخ ؟
الشيخ : طيب .
السائل : يعني هل تذكر في نهاية الكتب وكذا مثل خطبة الحاجة يبدأ بها وكذا ؟
الشيخ : هي أعم من ذلك هي تشمل كل مجلس سواء كان مجلساً عائلياً أو كان مجلس علم ألست تعني سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت أستغرك وأتوب إليك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : نعم هو يشمل كل مجلس.
ذكرت يا شيخ أن تارك الصلاة لا يكفر وأن حديث: ( فمن تركها فقد كفر ) هو مثل حديث: ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) أليس هناك فرق بين الحديثين إذ أن الشطر الثاني من الحديث الثاني حكم الكفر فيه يعود على الفعل وهو القتال أما الحديث الأول فهو يعود على تارك الصلاة نفسه ؟
الشيخ : أنت ما تريد أن تذهب إلى الصلاة ؟
السائل : إن شاء الله نذهب يا شيخ .
الشيخ : طيب سجل سؤالك هذا ونجيب عنه مع أننا اليوم تكلما اليوم تكلمنا في هذا مفصلا.
السائل : إي لكن أقصد ذكرت شيخ أنا أقصد كيف يعني لو أشكل أحد وقال هذا كيف يرد عليه ؟
الشيخ : أجبنا عنه أنت كنت في المجلس ولا لا ؟
السائل : إي.
الشيخ : وإذن ؟
السائل : لكن أقصد ، هنا يعود على التارك وليس الترك يعني يعود على هو من تركها هو يعني الرجل ولا كيف يا شيخ ؟
الشيخ : ونحن بنقول عن غيره ؟
السائل : أليس يسمى كافرا بتركها ؟
الشيخ : هو ايش قال فهو كافر ولا فقد كفر ؟
السائل : فقد كفر.
الشيخ : طيب ليش عم بتقول يعني عم بتلاحظ كلمة تارك أو ترك ليش عم تدندن حول كلمة الترك أو تارك شو مقصدك ؟
السائل : المقصد يا شيخ يعني كأني فهمت من كلامك اليوم يا شيخ ذكرت أن الكفر هنا ليس الكفر الأكبر وإنما هذا الفعل كفر مثل ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) فما نطلق عليه كافر.
الشيخ : نعم .
السائل : لكن أقصد ما يكون فيه اختلاف بين هذا الحديث وحديث ( فمن تركها فقد كفر ) حيث أن في الأولى يعود على القتال ، أما في الثانية يعود على التارك يعني نفس الشخص يعني يعود على الفعل في الأولى وقتاله كفر يعود على الفعل.
الشيخ : الترك هذا إيش الفرق بين ترك الصلاة وهو فعل لأنه لم يصل
السائل : طيب
الشيخ : طيب ، وذاك قاتل أخاه المسلم وقال فيه إنه كفر إيش الفرق بين الأمرين ؟
السائل : يعني نقول بالنسبة لتارك الصلاة تهاونا يعني يكفر ؟
الشيخ : أنت تسأل عن شيء بحثنا فيه قريب من نصف ساعة كيف أريدك الآن أن أقنعك بأنه لا يكفر ما دام هو مؤمن كيف نكفره ؟! وضربنا على ذلك أمثلة وأمثلة كثيرة.
السائل : أقصد إزالة الشبهة في هذه بس يا شيخ جزاك الله خير.
سائل آخر : بحثنا اليوم في الصباح موجود في الأشرطة .
14 - ذكرت يا شيخ أن تارك الصلاة لا يكفر وأن حديث: ( فمن تركها فقد كفر ) هو مثل حديث: ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) أليس هناك فرق بين الحديثين إذ أن الشطر الثاني من الحديث الثاني حكم الكفر فيه يعود على الفعل وهو القتال أما الحديث الأول فهو يعود على تارك الصلاة نفسه ؟ أستمع حفظ
بيان أن التفريق في الحكم بين الصور الفوتوغرافية والصور المرسومة باليد هو من ظاهرية العصر الحاضر.
وصلت إلى ذكر حديث عائشة في الستارة التي كانت اتخذتها بمناسبة قدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن النبي عليه الصلاة والسلام أنكر ذلك عليها ذلك وقال: ( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة هؤلاء المصورون يضاهون بخلق الله ) فأشار إلى المصورين الذين صوروا الصور على الستائر وهي صور ليست مجسمة، وإنما هي صور الثوب على الستارة فكان هذا دليلا على بطلان من يحصر الصور المحرمة فيما كانت مجسمة أو لها ظل فهذه الستارة صورها عليها لا ظل لها وليست مجسمة، لذلك جزم كثير من علماء المسلمين وفي مقدمتهم الإمام النووي في شرحه في صحيح مسلم فقال: " الصواب أن الأحاديث تشمل بالتحريم كل الصور سواء ما كان منها مجسما أو غير مجسم "، وصلنا اليوم في عصرنا الحاضر إلى نوع ثالث من الصور وهي الصور الفوتوغرافية فوُجد كثير من الكتاب بل وممن يقال إنهم من الدعاة الإسلاميين من قال منهم بأن هذه الصور الفوتوغرافية هي مباحة لماذا؟ لأنها لم تصور بالقلم أو بالريشة أو بأي وسيلة قديمة وهذا يشبه الجمود الظاهري في تفسيره للحديثين السابقين، حديث: ( إذنها صماتها ) وحديث: ( نهى عن البول في الماء الراكد ) ولا حاجة بنا إلى إعادة الكلام فيهما.
فالآن هذا الجمود الظاهري العصري الذي يفرق بين صورة صُورت بالقلم باليد وبين صورة صُورت بالآلة الفوتوغرافية، هذه صورة وهذه صورة إذا وضعت إحداها بجانب الأخرى لن تجد بينهما فرقا يذكر وإنما الفرق شكلي محض وهو أن يقول هذه صورت باليد فهي حرام وهذه الأخرى صُورت بالآلة فهي حلال هذه ظاهرية ابن حزم في العصر الحاضر.
ولقد قلت مرة لبعضهم: زعموا بأن شيخاً زار تلميذا له فلما جلس في مكانه وجد تجاهه صورة نفسه فوعظ تلميذه وقال له: يا فلان أنا أعرفك تلميذا صالحا تقيا فلماذا وضعت صورتي في هذا المكان ألا تعلم أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة أو كلب؟ قال له: يا سيدي أنا فعلت ذلك لتكون ذكراك في خاطري فقال له هذا لا يجوز فعليك أن تخلعها وتنزعها فبادر التلميذ وأنزلها ثم راحت أيام ورجع الشيخ وزار التلميذ مرة أخرى وإذا به يرى الصورة في مكانها فذكر التلميذ بما كان وقع منه سابقا وكيف أن الشيخ وعظه وذكره فقال وأنه استجاب التلميذ يومئذٍ له فلماذا أنت رجعت ووضعت الصورة مكانها قال التلميذ: يا سيدي نحن كنا فهمنا منك أن الصورة اليدوية هي المحرمة، أما الصورة الفوتوغرافية فهي المباحة فهذه صورة فوتوغرافية فقال الشيخ : بارك الله فيك أنت تلميذ فقيه أو فقهت.
15 - بيان أن التفريق في الحكم بين الصور الفوتوغرافية والصور المرسومة باليد هو من ظاهرية العصر الحاضر. أستمع حفظ
بيان أن التفريق في الحكم بين الصور الفوتوغرافية والصور المرسومة باليد هو حيلة تشبه حيل اليهود .
فالآن لم يعد المسلمون بحاجة إلى استعمال الورق والقلم والريشة والدهان والأصباغ ونحو ذلك فإن الصورة الآن تظهر بلحظة واحدة، قال بعض الظاهريين العصريين أن هذه الصورة حلال لأنها صورت ليست باليد وإنما بالآلة والحقيقة أنها صورت باليد بالآلة كليهما معا وهذه الآلة إنما هي من صنع البشر فالصورة إذن واحدة.
16 - بيان أن التفريق في الحكم بين الصور الفوتوغرافية والصور المرسومة باليد هو حيلة تشبه حيل اليهود . أستمع حفظ
حكمة تحريم التصوير.
ذاك لم يستطع إلا تصوير هذه الصورة الجامدة ظل أياما، الآن هناك آلات كما تعلمون ليس هناك نحت وإنما هناك تجهيز آلات ربما أخذت السنين الطويلة بحيث أن الموظف المختص هناك يضغط على الزر فتخرج الأصنام هناك كاملة وبصورة أجمل من ذلك الصنم الذي كان يظل ذلك الفنان المزعوم كان يظل أياما حتى يستطيع أن يخرج الصنم إلى أقرب هيئة مقبولة، الآن أيضا بضغطة زر تخرج الأصنام في المعمل الكبير هناك بالمئات إن لم نقل الألوف تغيرت الوسيلة ولكن هذه الأصنام أليست أصناما؟ نعم كما قيل : " تعددت الأسباب والموت واحد " فالسبب قديماً كان النحت أياما طوالا حتى يخرج الصنم كما يشتهون، والآن مكثوا يعملون الآلات حتى استطاعوا بضغطة زر يلقون المعجون الذي يريدونه فيخرج هناك صنم يتلألأ لمعان أو أصنام من هذه اللعب التي ابتُلي المسلمون بجلبها إلى بيوتهم كل هذه أصنام وإن اختلفت الآلة كذلك الصور التي لا ظل لها هي صور وهي تمنع دخول الملائكة سواء صورت باليد أو بالآلية.
حكم تصوير الفيديو.
ثم لم تقف هذه الصور صور الفيديو على تصوير أشخاص حقيقيين هم كانوا ثم صوروا ثم ترقى في التصوير فجعلوها تتحرك وتتكلم بواسطة مكبر الصوت ونحو ذلك بل تعدى ذلك إلى اتخاذ صور بأشكال غريبة ومستقذرة جداً، هذا إنسان يكسونه صورة جلد الدب مثلاً فيظهر يتكلم وله فم كبير وإلى آخره ، هذا أيضاً ليس مضاهاة لخلق الله هذا كله شر من تلك الصور التي حرمها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فالقول بأن الصورة اليدوية محرمة والصورة الفوتوغرافية أو الفيديو مباحة هذا هو مذهب ابن حزم الظاهري لو كان في هذا العصر لاستحى هو أن يقول بما يقول الذين يدعون اليوم أنهم على شيء من الفقه والفهم للإسلام، ومن فهم الإسلام وفهم سبب التحريم لا يفرق بين تلك الصور القديمة والصور الحديثة بل هذه الحديثة أولى بالتحريم لما ذكرناه آنفا.
الحكمة من تحريم التصوير
ولكن هناك حكمة أخرى وهي أن الصور كانت في بعض العصور المتقدمة سببا لوقوع الناس في الإشراك بالله عز وجل والكفر بتوحيده كما جاء ذلك في سورة نوح عليه السلام وأن موقف قومه كانوا رافضين لما أمرهم به من عبادة الله وحده لا شريك له لأنهم كانوا اتخذوا أصناما لخمسة من قومهم الصالحين وهم الذين ذكرهم الله عز وجل في قوله حكاية عنهم (( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا )) يقول ابن عباس كما روى البخاري وابن جرير الطبري وغيرهما من أهل الحديث أن هؤلاء الخمسة كانوا عباد لله صالحين انظروا كيف يتدرج إبليس عدو الإنسان يزين لهم أعمالهم ليضلهم عن سواء السبيل كان هؤلاء خمسة عباد لله صالحين فلما ماتوا أرادوا أن يدفنوهم مع قبور الناس جميعا فزين لهم الشيطان وقال هؤلاء هم صفوة الناس صلاحاً وإصلاحا وو إلى آخره لذلك أنا أنصح لكم بأن تجعلوا قبورهم في أفنية دوركم أي أمام الدور كلما خرجتم تذكرتم أعمالهم وأخلاقهم وإصلاحهم فاستجابوا للشيطان ودفنوا قبورهم ليس في المقابر وإنما أمام دورهم وتركهم إبليس جيلا من الزمان حتى جاء الجيل الثاني فوجد الجيل الأول يعكفون على هذه القبور فزين لهم بأن يتخذوا لهم أصناماً لأنه قد تأتي هكذا سول لهم قد تأتي سيول وأمطار ورياح وتذهب بهذه القبور وتذهب ذكراهم من أذهانكم فاستجابوا له ونحتوا خمسة أصنام لهؤلاء العباد الصالحين ووضعوها في مكان ثم جاءهم فيما بعد وقال هؤلاء كما تعلمون ناس صالحون يستحقون الإكرام لا ينبغي أن تضعوهم في مكان غير لائق بهم عليكم أن تضعوهم في بيت خاص فجعلوها في نصب وأماكن رفيعة وجاء الجيل الأخير فأخذوا يسجدون لهم من دون الله تبارك وتعالى فأرسل الله إليهم نوحا عليه السلام كما قص قصتهم في سورة نوح وكان موقفهم أن ردوا دعوة التوحيد (( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا )) قال الله تعالى وقد أضلوا كثيراً
الشاهد : فتحريم الصور نستطيع أن نقول لعلتين اثنتين العلة الأولى : أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة أو كلب، فمهما كانت الآلة التي صُورت فيها الصورة المحرمة فهي صورة وهي تمنع دخول الملائكة سواء كان صنما نحت في أيام عديدة أو صنما أنتج بضغطة زر أو صورة صورت باليد أو صورة صورت بالآلة الفوتوغرافية أو صورة أُخذت بالفيديو كل هذه الأشياء اسمها صور لغة وشرعاً والرسول يقول: ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة أو كلب ) فإذن يجب على المسلمين أن ينظفوا بيوتهم من كل صورة إذا أرادوا أن تتردد ملائكة الله وأن تدخل إلى بيتهم وإلا فإذا خلت الديار من الملائكة استعمرتها الشياطين وهذه كلمة عامية إذا حضرت الملائكة هربت الشياطين فإذا اتخذ المسلم أسبابا شرعية لجلب الشياطين بإبعاد الملائكة فذلك معناه أن هذا البيت لا تحل فيه الرحمة أو تنزل فيه السكينة فإذن الصور حرمت لأنها تمنع دخول الملائكة هذا سبب
وسبب ثاني لأنها كانت وسيلة لعبادة غير الله تبارك وتعالى فسداً للذريعة حرم الشارع الحكيم الصور على جميع أشكالها وأنواعها ولأن الملائكة لا تسكن بيتا فيه صورة أو كلب لذلك أنصح كل مسلم أن يقف عند حدود الله ولا يغتر ببعض التأويلات العصرية لأن المقصود منها تسليك هذا الواقع المخالف للشرع الصريح في أحكامه وهذا من ذاك ونسأل الله التوفيق لنا ولكم والسداد في القول والعمل