ما رأيكم في إثبات الحواس الخمس لله عز وجل، وما رأيكم في نفي ابن تيمية لحاسة الذوق ؟
الشيخ : أي مسألة ؟
السائل : إثبات خمس حواس لله عز وجل .
سائل آخر : قال : نفيهم لحاسة الذوق ولم يتكلم عن حاسة الشم وأثبت حاسة اللمس ، فما هو القول في هذه المسألة ؟
وحدة أثبتت وحدة سكت عنها والثانية !
الشيخ : أما حاسة السمع نحن ما نقول أن لله حواس لكن نقول : أن الله أثبت لنفسه -كما تكلمنا بعد الصلاة- صفة السمع والبصر فهو سميع بصير، لكن ما نقول له حاسة السمع ولا نقول أيضاً له حاسة البصر ، لأن الحواس من طبيعة الناس .
أما الحاسة التي لم يثبتها ، الشم قلت ولا إيش ؟
السائل : نعم قال الشم .
الشيخ : الشم ؟
السائل : نعم .
الشيخ : والسمع ؟
السائل : اللمس والشم والذوق.
الشيخ : أنا ما أعلم هو أثبت الذوق يقول عن ابن تيمية ؟
السائل : يقول: نفى الذوق ولم يتكلم عن الشم وأثبت اللمس .
الشيخ : اللَّمس ما أذكر أنَّ هناك حديثاً صحيحاً .
الذي نقل هذا عن ابن تيمية نقله هكذا ولم يذكر ابن تيمية أي دليل لما أثبته ؟
السائل : بسأل عن السائل.
هل يجوز تسمية الله تعالى بالطيب واعتباره من أسمائه تعالى ؟
الشيخ : نعم يقال: الطيّب، كما جاء في هذا الحديث في صحيح مسلم : ( إن الله طيب ولا يقبل إلا طيباً ) .
يظهر أن هذه صفة وليست اسماً علماً ، فيوصف ربنا عز وجل بهذه الصفة ولا يُطلق عليه اسماً ، هذا هو الجواب عن السؤال ، أنت السائل ؟
السائل : نعم .
الشيخ : تريد شيئاً آخر ؟
السائل : أريد يا شيخ أيضاً : هل يشتق من الصفات أسماء لله عز وجل ؟
الشيخ : لا.
السائل : طيب هذه صفة نشتق منها اسم !
الشيخ : أين ؟
السائل : إن الله طيب صفة لله عز وجل.
الشيخ : نقول: نصفه لكن لا نسميه.
السائل : لا نسميه ، أي : لا نقول إنه من أسمائه ، لأني حضرت مجلساً لأحد المشايخ فكان يطلب فوائداً من هذا الحديث ، فذكر أحد الجالسين من الطلبة : نستفيد من هذا الحديث -بهذا اللفظ- قال : نستفيد من هذا الحديث أن الله عز وجل يسمى بالطيب ، فسألتُ هذا الشيخ قلت له : يا شيخ هل هذا صحيح يشتق من الصفة اسم ؟
قال: نعم يسمى الله عز وجل بالطيب فرغبت منه دليل .
الشيخ : هنا لو قال : الطيب كما جاء في بعض الأسماء كنا نسميه ، لكن هو جاء هنا صفة لله عز وجل فهو صفة .
السائل : يعني من الخطأ أن يطلق اسماً ؟
الشيخ : أي نعم ، اسماً هيك مُفردًا، لا.
السائل : اسم فاعل يا شيخ .
الشيخ : ها ؟
السائل : اسم فاعل .
الشيخ : كيف ؟
السائل : الطيب ما هي اسم فاعل ؟
سائل آخر : اسم فاعل .
الشيخ : اسم فاعل ، نعم ، لكن غير معرف وجاء صفة للفظ الجلالة فهو صفة .
ماهو معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهةِ أنَّ الله قدّر المقادير قبل خلق السماوات والأرض بزمن بعيد فكيف يقال بأن الإنسان مخير في أعماله كالطاعة والعصيان ؟
الشيخ : المسألة في الحقيقة سهلة عند مَن أَحاط معرفةً بتقادير الله عز وجل السابقة للحوادث ، فإذا نحن درسنا أيَّ حادثة مِن الحوادث وقعت فلا نشك أنَّ هذا الواقع هو الذي سبق في اللوح المحفوظ وسُجّل قبل أن يقع، لنضرب على ذلك بعض الأمثلة:
القاتل العمد والقاتل الخطأ والمجتهد المصيب والمجتهد المخطئ ، فلان قتل عامدًا تُرى في اللوح المحفوظ ما الذي كتب؟! أنه سيقتل عامدًا ، الآخر قتل خطأً تُرى ما الذي كان مكتوباً في اللوح المحفوظ ؟ يَقتل عامدًا أم يقتل خطأً ، لا شك أن القدر الإلهي سابق للحوادث وهو بعلمه تبارك وتعالى الأزلي السابق يكتشف هذه الحوادث وسجلها في اللوح المحفوظ قبل وقوعها ، فهي كما وقعت سُجّلت وحينئذٍ نقول : القاتل العمد قتل باختياره أم باضطراره ، وعلى العكس القاتل الخطأ قتل أيضاً باختياره أم رغم أنفه ؟!
سيأتي الجواب : القاتل الأول قتل باختياره ، والقاتل الثاني قتل رغم أنفه ليس باختياره ، فهل نحن لأنه أخبرنا ربُنا تبارك وتعالى بالقدر الذي سَبق أن سجل المخلوقات كلَّها ، لأننا علمنا هذه الحقيقة هل معرفتنا بهذه الحقيقة ستضطرنا نحن أن نغير علمنا بهذا الواقع ؟ قلنا : أن أحد القاتلين قتل باختياره ، فهل نقول : إنه قتل رغم أنفه لأننا اعتقدنا أنه سبق في كتاب الله عز وجل أنه سيقتُل ؟ كان جوابنا سبق في كتاب الله أنه سيقتل باختياره ، فإذاً الاختيار ثابت في القدر كالاضطرار تماماً ، ولذلك كان كنتيجة بدهية جدًّا أنَّ الله عز وجل يعذب القاتل العمد ولا يعذب القاتل الخطأ ، لأن القاتل العمد قتل باختياره ، فالاختيار لا يمكن إنكاره لمجرد اعتقاد أنَّ هذا القتل سُجل في اللوح المحفوظ ، لكن ينبغي أن نتذكر أنَّ الذي سُجل في اللوح المحفوظ سيقع بكل دقة ، وقد قلنا أن الذي وقع وقع باختياره ، فهل هذا مطابق للقدر الإلهي ولا مخالف ؟ هو مطابق للقدر الإلهي .
ولهذا فالذين يقولون بالجبر هم يخالفون القدر الإلهي ، ويريدون أن يسووا بين ما كان مكتوباً في اللوح المحفوظ وفي القدر الإلهي بالاختيار أو بالاضطرار ، من أجل هذا فرّق الشرع والقانون والعقل بين مَن كان مختاراً في شيء وبين من كان غير مختار ، فمناط التكليف إنما هو بوجود الاختيار ، فإذا انتفى الاختيار انتفى التكليف ، فالقول بالجبر ينفي القدر بينما هم يريدون من إثبات الجبر لأنه ثبت في القدر ، القَدَر قسمان :
مسجل بالاختيار أنه سيفعل كذا ، ومسجل بالاضطرار أنه سيفعل كذا .
فإذاً يعود قولهم بالجبر مستندين إلى القضاء والقدر تعود الحجة عليهم على خلاف ما يزعمون .
وهناك نكتة لبعض الظرفاء :
إذا قال لك الجبريُّ : كل شيء يفعله الإنسان فإنما هو مضطر لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ وأنه لابد أن يقع ، قل له : فهل المضطر مؤاخذ ومكلف سيقول لك : لا ، فما عليك دعه يقول هذه الضلالة إلا أن تصفعه صفعةً في خده مثلًا ، هو سيقول أخ ليش ضربتني ، بتقول له : مضطر ، مضطر كلام من أسخف ما يكون ، والإنسان خلقه الله عز وجل في أحسن تقويم .
فأنا أقول مثلًا : أين الاضطرار ، أنا الآن أتكلم معكم يا ترى مختاراً ولا مجبوراً إذا قلتُ مجبوراً هاه ، هاه مجبور على السكوت هاه بتكلم معكم ، أين الاضطرار المزعوم ؟!
فالله عز وجل أحكم الحاكمين خلق الإنسان ومكَّنه من عمل الخير كما مكَّنه من عمل الشر ولذلك قال : (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) : فالمشيئة البشرية تشمل الخير والشر .
وفي اللوح المحفوظ مكتوب على التفصيل الدقيق ما سيأتيه كل مكلَّف في هذه الحياة الدنيا ، إن فعل شيئاً من الشر باختياره حوسب ، وإن فعل شيئاً من الشر مضطراً إليه لم يحاسب ولم يعذب بالتالي ، وليس هناك شرٌّ من الكفر بالإيمان ، ومع ذلك فربنا عز وجل قد فرّق بين من كفر اختياراً وبين من كفر اضطراراً .
3 - ماهو معتقد الجبرية وكيفية الرد عليهم بشبهةِ أنَّ الله قدّر المقادير قبل خلق السماوات والأرض بزمن بعيد فكيف يقال بأن الإنسان مخير في أعماله كالطاعة والعصيان ؟ أستمع حفظ
كلام الشيخ حول فرقة الجبرية وذكر بعض الأدلة على بطلان مذهبهم.
فشكى الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم لعله ترتاح نفسُه مما بدر منه من الخطأ ، فقال له عليه الصلاة والسلام : ( كيف تجد قلبك ) أي : هذه الكلمات التي هي الكفر بعينه هل أنت مطمئن إليها ومنكر صدقي ونبوتي وإلى آخره ، قال : ( أجد قلبي مطئمناً بالإيمان ، فقال عليه الصلاة والسلام : فإن عادوا فعُد ) .
فالآن مَن مِن العقلاء ممن أوتي ذرة من عقل ولب يسوِّي بين كفر عمار بن ياسر وكفر أبي لهب وأبي جهل ، هل يستويان مثلاً ؟ الجواب : لا ، لكنهما كل من الكفرين مسجلٌّ في اللوح المحفوظ لأن الله قال : (( ما فرطنا في الكتاب من شيء )) لكن هذا المسجل هو الذي وقع ، فلماذا هؤلاء الجبريون يتخذون إذاً الكتابة السابقة دليلًا على أن المكتوب مجبورٌ عليهِ صاحبُه ، والمكتوب فيه تفصيل : تارة قد يكتب مجبوراً وتارةً قد يكتب مختاراً ، فالقدر نفسه مطابق الواقع له ، فما كان إجباراً فلا مؤاخذة كما في قصة عمار بن ياسر ، وما كان اختياراً كما في قصة أبي لهب وأبي جهل وأمثالهم من الكفرة ، فبهذا يمكن الرد على هؤلاء الجبرية .
ويكفي أن تعرفوا خطورة مذهبهم وسخافة عقولهم ما قاله الشاعر في حقهم ممثلاً لهم كيف اعتقدوا في ربهم الظلم الذي يترَفّع عنه أظلم الناس ، حيث وصفوا ربهم بقولهم كما قال الشاعر :
" ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له *** إياك إياك أن تبتلَّ بالماء "
هل يفعل هذا أظلم الظلمة ، بيغلله بالأغلال ثم يرميه في البحر ويقول له : اصحك يصيبك رشاش الماء ، أظلم الناس ما يفعل هذا ، أما هم فقد وصفوا ربهم بما لا يليق بأفجر الناس وأقبح الناس:
" ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتلَّ بالماء " .
أما الله عز وجل فقد صرَّح بأنه لا يظلم الناس شيئاً ولكنَّ الناس أنفسهم يظلمون ، وفي الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي لو اجتمع أولكم وآخركم وإنسكم وجِنّكم على صعيدٍ واحدٍ فسألني كل واحد مسألته فأعطيته إياها ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ، يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً ، يا عبادي -وهنا الشاهد- إنما هي أعمالكم أُحصيها عليكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه ) ، فهل هذا الحديث مِن أوله إلى آخره يدل على أن الإنسان لا يملك التصرف ، لا يملك أن يكون صالحاً ، ولا يمكن أن يكون طالحاً ، فإذا كان طالحاً وعذبه رب العالمين وهو يقول : ( أنا حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ) أي : الظلم الذي تعرفونه بينكم ظلماً هو عندي ظلمٌ فنزّهوني ولا تنسبوا إليّ الظلم ، فإذا رجعنا إلى ذلك البيت الذي وَصَفَ عقيدة الجبرية :
" ألقاه في اليم مكتوفاً ثم قال له *** إياك إياك أن تبتلَّ بالماء " :
هذا في عرف البشر عدل ولا ظلم ؟
هو ظلم ، إذاً ربنا عز وجل يعلم الناس أنه هو أنزه من أن يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون .
هل تنصحون بقراءة كتب الشخصيات الآتية ؟ وما عقائد هؤلاء الغزالي الشعراوي الصابوني الطنطاوي ؟
الشيخ : أنصح ولا أنصح ، لا أنصح عامة الناس بقراءة هذه الكتب لما فيها من انحرافات كثيرة عن كثير مِن أدلة السنة وعن منهج السلف الصالح بعامة، هذا نصيحتي لعامة الناس.
أما خاصة الناس الذين أوتوا من العلم ما يساعدهم على تمييز الحق من الباطل مما في هذه الكتب فهؤلاء أنصح لهم أن يقروؤها بل يجب عليهم أن يقرؤوها ليبينوا الزَّغل والانحراف الذي فيها ليحذروا الناس أن يقعوا في مثل ذلك، فإن بعض هؤلاء على الأقل ليست وسائلهم في تبليغ الناس آراءهم وانحرافاتهم هي الكتابة فقط، بل وقد تتاح لهم الفرصة للتحدث مع العالم كله بواسطة المذياع، ولذلك فلابد لبعض أهل العلم أن يقرؤوا هذه الكتب وأن يبينوا ما فيها من الانحراف.
5 - هل تنصحون بقراءة كتب الشخصيات الآتية ؟ وما عقائد هؤلاء الغزالي الشعراوي الصابوني الطنطاوي ؟ أستمع حفظ
بيان حكم الغناء وآلات الطرب ، وبيان ضلال منهج الغزالي في مسألة الغناء وآلات الطرب.
قرأتُ في كتاب لأحد هؤلاء المذكورين في السؤال الذي هو بعنوان : الفتاوى أو نحو ذلك سُئل عن حكم الغناء وآلات الطرب ، فتكلم بنحو صفحة ونصف كله كلام وليس فيه لا آية ولا حديث لا صحيح ولا ضعيف ، فكيف تكون الفتاوى على هذا النَّسق من الكلام الذي يستحلُّ ما حرَّم الله ولا يذكر في ذلك آيةً ولا حديثاً مع أن الحديث الذي يُخالف فتواه حديث صحيح لم يتعرض لذكره إطلاقاً ، فهذا بلا شك انحراف خطير ، وهذا مثال من عشرات إن لم نقل مئات الأمثلة التي وقع هؤلاء الكتَّاب الذين يُسمَّون بأنهم دعاة إلى الإسلام ، هم دعاة إلى الإسلام لا شك ولا ريب ولكنهم يدعون إلى شيء غير قليل مِن مفهومهم للإسلام فهماً يخالف الكتاب والسنة في كثير مما ذهبوا إليه ، وحسبكم الآن هذا المثال حديث تحريم آلات الطرب والتي تسمى بلفظ الشرع : المعازف ، قد أُهمل ولم يُلتفت إليه إطلاقاً ، بل كاتب من هؤلاء الكتاب قد صرح دون أي خشية من الله أو استحياء من عباد الله بأنه هو يحلو له أو يطيب له أن يسمع أحياناً بعض أغاني أم كلثوم ، لا يرى في ذلك حرجاً مع أن ذلك فتنة ما بعدها فتنة ، ولقد بلغنا منذ سنين طويلة أنَّ بعض النسوة افتتنوا بقراءة عبدالباسط هذا المصري أول بروزه وهو يقرأ ماذا ؟!
يقرأ القرآن الكريم ، فكيف لا يفتتن الرجال بالنساء أو ببعض النسوة إذا غنيين ذلك الغناء المعروف ، والعكس بالعكس كيف لا تفتتن النساء بغناء الرجال الذي أصبح يُذاع وأصبح فنًّا مع الأسف ، كل هؤلاء وهؤلاء لم يرفعوا رؤوسهم إلى ما جاء عن الله في كتابه من النهي عن اتباع لهو الحديث ، وصرّح في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث صحيح ، وليس البحث الآن في سرد الأدلة في تحريم تلك الآلة ، وإنما القصد بيان أن هؤلاء الكُتَّاب لم يكونوا على علم صحيح سليم لأنهم لم يدرسوا السنة ، ومن هنا تعرفون قدر قيمة قوله عليه السلام : ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ، كتابَ الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ) فمن تمسك بالقرآن وأعرض عن السنة فمثله كمثل من تمسك بالسنة وأعرض عن القرآن ، فكلاهما لن يأخذ بهذين الأصلين الذين مَن تمسك بهما نجا ومن خالف هلك .
في كتب المصطلح المتقدمة يأتون بأقوال الأئمة بالإسناد فهل هذا الإسناد معرض للنقد كغيره أم يعتبر إسنادا يصلح للاسشهاد ؟
السائل : فضيلة الشيخ -حفظك الله ورعاك- يقول : في كتب المصطلح المتقدمة يأتون بأقوال الأئمة بالإسناد ، فهل هذا الإسناد معرض للنقد كغيره أم يعتبر إسناداً يصلح للاستشهاد ؟
الشيخ : هو الأمر الأول بلا شك ، إذا كان أحد المحدثين روى قولاً عن أحد المتقدمين وكان ينبني عليه حكمٌ شرعي فلابد مِن إثباته والنظر في رجال إسناده كما نفعل تماماً فيما يُروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأن مثل هذا التوثيق أو التجريح سينبني عليه تصحيح بعض الأحاديث أو تضعيفها مما يترتب على ذلك إثبات بعض الأحكام الشرعية أو نفيها .
7 - في كتب المصطلح المتقدمة يأتون بأقوال الأئمة بالإسناد فهل هذا الإسناد معرض للنقد كغيره أم يعتبر إسنادا يصلح للاسشهاد ؟ أستمع حفظ
هل صح عنكم أنكم تنكرون القياس ؟ وما قولكم في إنكار ابن حزم للقياس ؟
الشيخ : لا أدري كيف يَفهم الناس ونحن نقول دائماً بأن القياس أصلٌ من أصول الشريعة ، ولكن الناس انقسموا في هذا القياس إلى ثلاثة أقسام :
قسم أنكروه أصلًا وفصلًا كابن حزم ولا أقول بقوله .
وقسم أثبتوه ولكن قيدوه بأنه ضرورة لا يُصار إلى القياس إلا للضرورة .
وقسم آخر من الذين أثبتوه توسعوا في استعماله توسعاً غير محمود فأثبتوا أحكاماً بالقياس هي ضد النصوص الشرعية ، وقريباً ذكرنا رأياً في مذهب الحنفية أنَّ من تكلم في الصلاة ساهياً بطلت صلاته ، ما الدليل ؟!
قالوا : قياساً للساهي أو المخطئ على العامد ، هنا نحن نذكر كلمة لابن حزم لكن بعض الناس يبدو أنهم يُسيئون فهم الكلام ، يأخذون شطراً منه ويدعون الشطر الآخر ويقعون في سوء الفهم ثم ينسبون إلى الناس ما هم براء منه ، نقول نحن : إن ابن حزم يُنكر القياس جملة وتفصيلًا نحن لا نوافقه على ذلك ، لكن ما الذي حمل ابن حزم على هذا التطرف فأنكر القياس جملةً ؟
حينما رأى بعض القائسين قاسوا النقيض على نقيضه ، قاسوا الساهي أو المخطئ على المتعمد كما ضربنا مثلاً آنفاً بالقاتل العمد والقاتل المخطئ ، هل يستويان مثلا عند الله ؟!
لا يستويان ، هذا معذب وذاك غير معذب ، والفرق هذا متعمد وذلك غير متعمد ، فابن حزم لما رأى تطرف بعض القائسين في قياسهم اشتطَّ هو في الطرف الثاني وقال : القياس كله باطل ، ثم جرى على عبارة له حينما يجادل مخالفيه في بعض أقيستهم فيرد عليهم بما يأتي ، يقول : " القياس كله باطل ولو كان منه حق لكان هذا منه عين الباطل " ، فقياس المتكلم خطأ أو سهواً على المتعمد بيقول لك ابن حزم : لو كان في قياس صحيح لكان هذا منه عين الباطل .
وأنا أقول حقيقة بالشطر الثاني أقول : القياس له أصل وشرحنا هذا في بعض المجالس ، لكن مثل هذا القياس قياس المخطئ على المتعمد هو عين الباطل لأنه يخالف أحاديث صريحة مِن قوله عليه السلام ومن تعليمه ، أما قوله صلى الله عليه وسلم فهو : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) ، وقصة معاوية بن الحكم السُّلمي الذي تكلم في الصلاة ورفع صوته عالياً فقال وهو يصلي بمناسبة تشميته لأحد العاطِسين في الصلاة قال له : ( يرحمك الله -وهو يصلي- فنظروا إليه بأطراف أعينهم مسكتين له ، فضاق بذلك ذرعاً ورفع صوته قائلاً : واثكل أمِّيِّاه ما لكم تنظرون إليّ -هذا كله في الصلاة، فماذا فعل الرسول عليه السلام به هو يصف- قال : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة أقبل إليّ ، فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني ، وإنما قال لي : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن ) ، ما قال له أعد صلاتك ، لماذا ؟ لأنه لم يكن متعمدًا ، أما ذاك المذهب فيقول : تبطل صلاة المتكلم عامدًا كان أو ساهيًا ، عامدًا هذا هو دليله وساهيًا ما دليله ؟ قال : قياس الساهي على المتعمد ، هذا شر قياس على وجه الأرض ، فنحن نقر القياس ولكن نقول كما قال الإمام الشافعي : " القياس ضرورة " ولا نزيد على ذلك .
ما رأيكم فيمن يرى أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد جعل كثيراً من الأحاديث الحسنة وكثيرًا من الأخبار الضعيفة مكذوبة وادعى الاتفاق على وضع أحاديث الاتفاق قائم على أنها ضعيفة ؟
الشيخ : هذا كلام صحيح ، أي : أنَّ ابن تيمية رحمه الله أحياناً يحكم بوضع بعض الأحاديث وهي مِن حيث إسنادُها لا تصل إلى الحكم عليها بالوضع ، وقد سبقه إلى أكثر مِن ذلك أبو الفرج بن الجوزي في كتابه *الموضوعات* ، ولكن هنا شيءٌ يجب أن يلاحظه طلاب العلم ، أو الذين يُشغِلون أنفسهم بقراءة علم الحديث اصطلاحاً وجرحاً وتعديلاً :
الحديث في الغالب يُحكم عليه بالوضع مِن حيث إسنادُه، فإذا كان فيه رجل كذَّاب وضَّاع قيل هذا حديث موضوع ولو كان معناه جميلاً ، على العكس من ذلك يقال في بعض الأحاديث التي أسانيدها لا تنزل بها إلى مرتبة الوضع كما جاء في السؤال ، وإنما يبقى الحديث في مرتبة الضعف ، لأن السند ليس فيه ما يقتضي أن يُحكم على الحديث بالوضع ، فيه رجل ضعيف ، فيه رجل له مناكير وهذا وذاك لا يلزم منه أن يكون الحديث موضوعاً .
لكن بعض الحفاظ النقَّاد في كثير من الأحيان ينظرون إلى متن الحديث عِلاوةً عن نظرهم إلى سند الحديث ، في هذه الحالة يبدو لهم أن متن الحديث موضوع فيقول : هذا حديث موضوع ، لا يعني أن إسناده موضوع كما جاء في السؤال ، السائل يوهم هذه القضية وليس كذلك ، فابن تيمية إذا حكم أحياناً على حديث إسناده ضعيف إنه موضوع فإنما يعني ذلك من حيث المتن ، وليس من حيث السند .
9 - ما رأيكم فيمن يرى أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد جعل كثيراً من الأحاديث الحسنة وكثيرًا من الأخبار الضعيفة مكذوبة وادعى الاتفاق على وضع أحاديث الاتفاق قائم على أنها ضعيفة ؟ أستمع حفظ
ضرب مثالا توضيحي لحديث موضوع من حيث المتن لكن إسناده ضعيف.
توضيح المعنى المراد بالحديث الشاذ وحكمه عند أهل الاصطلاح.
الحديث الشاذ وهو : " ما رواه الثقة مخالفاً فيه مَن هو أوثق منه أو أحفظ منه " :
الشاهد فما حكم هذه الزيادة الشاذة ، يا تُرى يمكن أن يقال فيها موضوعة ؟!
الجواب : إذا كانت الزيادة في ذاتها منكرة مِن ناحية الشرع يمكن مِن هذه الزاوية أن يقال : إن هذه الزيادة موضوعة ، لكن السند لا يعطينا هذا الحكم ، إنما يعطينا أنها ضعيفة ، وهذا مرتبة الحديث الشاذ على القاعدة :
أن الحديث الشاذ ضعيفٌ ، لكن إذا كانت الزيادة مُستنكرة من ناحية الشرع فيمكن أن يقال حينذاك : إن هذه الزيادة التي هي ضعيفة من حيث النظر في السند موضوعة من حيث النظر في المتن .
مثلاً هذا المثال من عندي وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما رواه الشيخان في صحيحهما ، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( يدخل الجنة مِن أمتي سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ) ثم قال عليه السلام في قصة لسنا الآن بحاجة لذكرها بتمامها قال : ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) ، زاد مسلم في رواية دون صاحبه البخاري في أول الحديث : ( هم الذين لا يَرقون ) :
الصورة التي تفرد بها الإمام مسلم قال : ( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ) ما حكم هذه الزيادة يرقون ؟!
قال : هذه الزيادة شاذة والبحث في هذا طويل ولسنا بحاجة ، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بضعف هذه الزيادة ، يعني من جهة الإسناد ، لكننا حينما ننظر إليها من حيث معناها نجدها منكرةً أشد الإنكار ، لأنها تخالف أحاديث أخرى صحيحة إضافةً إلى مخالفتها للثقات الذين رووا الحديث دونها .
من ذلك مثلاً من قوله صلى الله عليه وآله وسلم حينما سُئل عن الرُّقى : ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) ، ( من استطاع منكم أن يرقي أخاه فليفعل ) إذاً كيف يقول أنه لا ينبغي أن يرقي المسلم أحداً من المرضى حتى يكون مِن صفات السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب إلى آخر الحديث ؟!
هذا وجه مِن وجوه نكارة هذه الزيادة بل وبطلانها ، ويؤكد ذلك ما جاء في صحيح البخاري : ( أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرقي الحسن والحسين من العين فيقول : أُعيذكما بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّة ) إذاً رسول الله سيد البشر رقى ، كيف يصح أن يقول : :" هم الذين لا يرقون " : ورسول الله رقى ؟!
كيف يصح أن يقول : " هم الذين لا يرقون " وحض الناس جميعاً على أن يرقوا غيرهم ؟!
إذاً هذه الزيادة باطلة مع إنه ما في بالإسناد متهم بالكذب ولا بالوضع .
إذا عرفتم هذه الحقيقة هان أمرُ الظاهرة التي أشار إليها السائل في أنَّ ابن تيمية يخالِف في كثير من الأحيان المعروف عند علماء الحديث أن حديثاً ما إسناده ضعيف فيقول هو : حديث باطل ، إنما يعني ذلك من حيث المتن .
لكني أقول : قد يكون ابن تيمية في بعض الأحيان قد أبعد النجعة حينما حكم على الحديث بالوضع من حيث متنه ، وهنا يُعتبر ابن تيمية أحياناً من المتشددين في الحكم على بعض الأحاديث بالوضع كابن الجوزي ، لكن إذا عرفتُم مأخذه في ذلك وأنه لا يعني نظرته في السند حتى يقال : خالف الأئمة الذين اقتصروا على تضعيف إسناد هذا الحديث ، كل ما في الأمر أنه نظر من زاوية أخرى فقد يصيب وقد يخطئ ، هذه هي الحقيقة .
ما صحة حديث : ( بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ... ) ؟
الشيخ : ابن مندة ؟
السائل : قال أخرجه ابن المهدي ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم بن زر ، عن عبدالله ، قال : فما مدى صحة هذا الحديث ؟
سائل آخر : هذا يقول عن ابن مسعود يعني أنه موقوف .
الشيخ : الذي أعرفه أن هذا الحديث روي عن غير ابن مسعود وبإسناد ضعيف .
12 - ما صحة حديث : ( بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام ... ) ؟ أستمع حفظ
بيان الفرق بين قول أهل العلم أخرجه فلان ورواه فلان وبيان موطن استخدام كل منهما.
الفرق أن كل من أخرج حديثاً فقد رواه ، وليس كل من روى حديثاً أخرجه ، لأن هذا اصطلاح عند المحدثين يقولون : أخرجه فلان يعني : من مجموعة أحاديثه التي كانت مجموعة في قصاصات من الورق أو كراريس من الورق ثم أخرج أحاديثَ معينة فوضعها في كتاب ، أخرجه من المجموعة التي عنده وروى الحديث في كتاب من كتبه .
أما مَن كان راوياً من رواة الحديث وليس له مصنف أو مؤلف فلا يجوز أن يقال فيه : أخرجه ، خلينا نرتفع إلى عبدالله بن مسعود هنا :
لا يصح أن نقول : أخرجه عبدالله بن مسعود ، وإنما نقول : رواه عبدالله بن مسعود ، وأنت نازل رواه عن عبدالله بن مسعود عاصم بن زُر فلا يقال : أخرجه عاصم بن زر لكن يقال : رواه عاصم بن زر ، وهكذا وأنت نازل حتى يأتي إلى عبدالرحمن بن مهدي ليس لعبدالرحمن هذا كتاب فلا يصح أن يقال أخرجه ابن مهدي ، يمكن أن يقال : رواه ابن مهدي أو أخرجه فلان عن ابن مهدي ، هذا من حيث التنبيه على الفرق بين أخرجه وبين رواه ، أما الحديث هذا فأنا لا يحضرني حال إسنادِه ، فلو عزاه إلى كتاب كان أولى لعلنا نتمكن من مراجعته .
استدللتم على أن للحوادث أول وبداية بحديث ( أول ما خلق الله القلم ) فهل يلزم من أن المخلوقات لها أول وأن الحوادث لها أول ؟
الشيخ : إيش الفرق بين المخلوقات والحوادث ، كل مخلوق حادث وكل حادث مخلوق ، ما أدري ما الذي يريده ؟
السائل : يا شيخ أنا صاحب السؤال .
الشيخ : تفضل .
السائل : أنا أقصد صفات الله ، صفات الله تحدث مثل الكلام مثلاً يتكلم الله متى يشاء ، فأقصد أن الكلام من حيث نوعه فهو قديم ، ومن حيث آحاده فهو حادث ، هذا الذي قصدته ، هل يدخل الحوادث ؟
الشيخ : لكن كلام الله صفة من صفاته ، فهل المخلوقات كذلك ؟
السائل : لا .
الشيخ : فإذاً يفترقان تماماً .
السائل : على هذه المسألة يعني نقول : أن جنس الحوادث ليس له أول .
الشيخ : وقوله عليه السلام : ( أول ما خلق الله القلم ) ؟
السائل : لا أنا أقصد جنس وليس يعني ، لو تصورناها هكذا خالق وخلق ومخلوق فلعله يشكل على كثير من الناس هذه المسألة ، فنقول الخلق هو قديم حيث أنه هي صفة الخلق .
الشيخ : الخلق صفة الخالق قديم .
السائل : نعم والخالق هو الله ذاته سبحانه وتعالى .
الشيخ : لا شك .
السائل : وأن المخلوق هو الحادث .
الشيخ : طيب .
السائل : ويعتبر أول المخلوقات الذي هو القلم .
الشيخ : آه .
السائل : طيب وما جاء أن العرش هو أول المخلوقات ؟
الشيخ : لا أصل لهذا الكلام ، هذا قول وليس مما جاء عن الرسول عليه السلام.
السائل : استدلوا بحديث : ( وكان عرشه على الماء ) .
الشيخ : معليش أنا أعرف بما استدلوا ، لكن أنت قلت : وما جاء أن العرش أول مخلوق ، قلت : لا أصل لهذا الكلام .
وهناك فرق كبير بين الاستنباط لحكم ما استنباطاً يمكن أن يكون صواباً ويمكن أن يكون خطأً .
وبين حكم صرح به الرسول عليه السلام تصريحاً .
فأنا قلت لك : هذا لا أصل له ، أعني : لا يوجد في أي حديث كما قال الرسول القلم أنه أول مخلوق ، لا يوجد أنه قال في العرش أنه أول مخلوق ، لكن كونه قال عليه السلام : ( وكان عرشه على الماء ) هذا لا يبين أنه لم يُخلق شيء قبل الماء الذي كان عرشه عليه ، فإذا كان هذا غير مبين في هذا الحديث وكان حديث القلم صريح في أنه أول مخلوق فليس هناك ما يحملنا على أن نترك النص الصريح إلى النص الذي يحتمل معنى هذا الحديث الصحيح في غير القلم .
فحينئذٍ على كل حال سواءٌ كان -الآن البحث يأخذ طوراً ثانياً- سواء كان القلم هو أول مخلوق أو كان الماء الذي كان عليه العرش ، فإذاً هناك نقطة التقاء بين جميع المختلفين في تعيين أول مخلوق أن هناك أول مخلوق ، صح هذا ولا لا ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : إنما الخلاف في تحديده وتعيينه ، لكن لا خلاف عند الذين اختلفوا وهذا من العجائب أن ابن تيمية نفسه حكى هذا الاختلاف : أن العلماء اختلفوا في أول مخلوق هل هو العرش هل هو القلم هل هو الماء إلى آخره ، فإذاً فيه هناك شيء متفق عليه إنه يوجد أول مخلوق ، فيه شيء مختلف فيه ما هو هذا الأول من المخلوقات ، قيل وقيل ، والصريح كما ذكرنا آنفاً : ( أول ما خلق الله القلم ) .
14 - استدللتم على أن للحوادث أول وبداية بحديث ( أول ما خلق الله القلم ) فهل يلزم من أن المخلوقات لها أول وأن الحوادث لها أول ؟ أستمع حفظ
ما رأيكم في قول بعضهم : أنه ليس في قوله : ( أول ما خلق الله القلم ) دلالة صريحة على أنه أول المخلوقات كما لو قيل: أول ما دخل فلان من الباب قال له: افعل ؟
السائل : بس يا شيخ استشكال على هذا الحديث :
بعضهم يقول : أنه ليس فيه دلالة صريحة ، ويؤولونه أو يقولون إنه من الممكن أن يكون بالمفهوم ( أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب ) يعني كما أن يقول: أول ما دخل فلان من الباب قال له افعل كذا، يقول : ليس فيه دلالة !
الشيخ : شوف شوف هلأ أنت غيرت العبارة : أول ما دخل قال ، الحديث ليس هكذا : ( أول ما خلق القلم ) كمل : ( أول ما خلق الله القلم ) جملة تامة ، ( فقال ) استئناف كلام ، أما لو قال : قال هنا يرد الشبهة التي أنت تذكرها .
السائل : يعني ما تصبح هنا عاطفة الفاء ؟
الشيخ : ولماذا ؟!
ما هو المتبادر نحن نرجع للقواعد : ماهو المتبادر من قوله عليه السلام : ( أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) : كلها جمل مرتبطة بعضها في بعض ، ثم هب أن القضية فيها احتمال أن يقول : أن الماء أول مخلوق أو العرش أول مخلوق ما فيها احتمال ؟
السائل : نعم.
الشيخ : فيها احتمال، فأي الاحتمالين يعني أقوى بحيث يجعل الدليل أضعف ؟!
لا شك أنه هذا الذي ما فيه لفظة : أول ، أضعف ، وهذا أقوى ، والله أعلم .
السائل : يقول يا شيخ في السنة يعني تؤيد ما ذهبتم إليه لكني أردت أن أعرف الرد على مثل هذا وهي المذكورة في كتاب * السنة * : ( أول شيء خلقه الله القلم ، فقال له : اكتب ) فإضافة شيء لعلها ترجح هذا المعنى يا شيخ .
الشيخ : إي نعم هو كذلك ، لكن مِن الذين عندهم شبهة بيفرقوا بين لفظة : قال ، وهذا وجهة نظر ابن تيمية ، وبين : فقال ، ولذلك أنا دندنت حول هذه الكلمة من حيث إثبات صحة الرواية فيها ، لأنه لو قال : أول ما خلق الله القلم قال ، بيكون : قال هو الخبر لهالجملة هذه بينما الخبر هنا القلم ، ( أولُ ما خلق الله القلم ) تمت مبتدأ أو اسم وخبره ، أول ما خلق الله هذه في محل نصب اسم إن ، والقلم هو الخبر لإن ، أما لو قال : قال فحينئذ بتصير الجملة التالية هي الخبر فيختلف المعنى .
السائل : لو سمحت يا شيخ .
سائل آخر : لحظة نفس السؤال.
السائل : إي نفس السؤال.
الشيخ : تفضل.
15 - ما رأيكم في قول بعضهم : أنه ليس في قوله : ( أول ما خلق الله القلم ) دلالة صريحة على أنه أول المخلوقات كما لو قيل: أول ما دخل فلان من الباب قال له: افعل ؟ أستمع حفظ
ما هي ثمرة معرفة ما هو أول شيء خلقه الله ؟
السائل : ثمرة المعرفة بهذه الأشياء أو نفس المسألة هذه الثمرة ؟
الشيخ : اتباع رسول الله والخضوع لحكمه وخبره بالغيب، أليست هذه ثمرة ؟
السائل : أيوا.
الشيخ : وبس، ما يكفيك ؟
السائل : بلى.
هل يوثق بتصحيح بعض العلماء من أهل الجرح والتعديل المتشددين في قولهم : حديث صحيح ويسلَّم لهم ذلك لأنهم متشددين ؟
الشيخ : هذا كلام ماشي مع ما عندهم التصحيح والتضعيف ، فإن كون الإنسان متشدداً فإذا صحح بيكون يعني في الغالب صحيحاً هذه ليست قاعدة مضطردة ، وإنما قاعدة أغلبية ، والعكس بالعكس تماماً ، وعلى هذا ينبغي أن يمشي المبتدئون في طلب هذا العلم فضلًا عن عامة الناس ، أما مَن كان على علم بالجرح والتعديل وأن الجرح مقدم على التعديل مع بيان سببه ومع كون السبب هو في نفسه جرحاً مما هو معلوم عند العلماء فهو لا يَهتم بقضية أن هذا الذي صحح هو متشدد في التصحيح أو متساهل لأن مرجعه في ذلك إلى قواعد هذا العلم ، بخلاف عامة الناس فعليهم أن يتبعوا من صحح حتى لو كان من المتساهلين ، حتى لو كان كالترمذي والحاكم وابن حبان ، فإنهم أعلم من هؤلاء الناس الذين لا علم عندهم ، فلا يجوز لعامة الناس أن يردوا تصحيح الترمذي أو تحسينه بالمعنى العام الذي تلقَّوه عن بعض المحدثين بأن الترمذي متساهل ، طيب متساهل أنت أعلم منه ؟! أنت لا علم عندك مطلقاً فإذاً ربنا يقول : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، فلو فرضنا أنَّ أحد الحفَّاظ من المعروفين بالتساهل صحح أو حسَّن فعلى عامة الناس أن يتبعوه إلا إذا تبين لهم خطؤه فحينئذ لا يجوز اتباعه.
السائل : استفسار يا شيخ :
يعني هل هذا مسوغ لكثير من الناس الآن أن يتبعوا بعض الأحاديث الضعيفة وقد تصل إلى الموضوعة باحتجاجهم بأن فلان من المحدثين أو فلان من الناس قد أورد هذا الحديث في كتابه ، يعني ألا يُنصح هؤلاء بالرجوع إلى التحقيقات من العلماء ، علماء المحدثين المعاصرين من بعض المشايخ الذين تعرفونهم ممن لهم باع في التحقيق أو كذا ، أم يكون لعل هذا الكلام الذي ذكرتموه قد يكون مسوغ لبعض الناس عندما تنكر عليه مثلاً لماذا لا يضع خط مثلاً في السترة فيحتج بهذا الحديث ويقول : حسنه فلان أو فلان ؟
الشيخ : طيب هو كذلك ، ولكن لا يتبع الهوى ، وأنا قلت آنفاً ختمت كلامي : إلا أن يتبين له خطؤه ، فما دام أنه يعلم أن هناك علماء حسنوا حديث الخط فعليه أن يتبعهم لأنهم أعلم منه لكن لا يجوز له أن يصر على خطئه إذا تبين له أن تحسينه أو تصحيحه خطأ ، والكلام كما فهمتَ .
الشيخ : نعم .
17 - هل يوثق بتصحيح بعض العلماء من أهل الجرح والتعديل المتشددين في قولهم : حديث صحيح ويسلَّم لهم ذلك لأنهم متشددين ؟ أستمع حفظ
ما حكم التسمية في الوضوء وإذا كانت واجبة فهل تسقط بالنسيان وهل يسمي في آخر أو في منتصف الوضوء ؟
الشيخ : بالأمس القريب سُئلنا هذا السؤال وأجبنا بأن الحديث صحيحٌ وأنه يقتضي بطلان مَن ترك التسمية بين يدي الوضوء ، أما من نسي فربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، وكما ذكرنا أيضاً آنفاً قوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) : فمن نسي البسملة بين يدي الوضوء كمن نسي التسمية بين يدي الذبح ، فلا يُؤاخذ هذا الناسي فتحلُّ ذبيحته ويصح وضوؤه وبِتالي تصح صلاته ، أما آخر شيء في السؤال فهو :
أن من نسي التسمية ثم تذكرها في أثناء الوضوء هل يسمي ؟!
نقول : نعم يسمي لأنه لا يزال يتوضأ ، ويصح أن يقال فيه : إنه سمى على وضوئه وليس كذلك إذا سمى في آخر وضوئه ، وهنا نقول ما قلناه آنفاً في مسألة القياس :
نحن نقول بأن القياس هو الأصل الرابع من أصول الشريعة ، ولكن كما قال الإمام الشافعي : " لا يقاس إلا للضرورة " : فالآن هنا لا ضرورة ، ما الضرورة التي تسوغ لنا أن نقيس التسمية بعد الوضوء على التسمية بعد الطعام ، هناك نص صريح في الموضوع : ( مَن نسي أن يذكر الله في أول طعامه فليسمِّ في آخره ) نقول : لا ضرورة هنا لهذا القياس كما يشعر أحدنا أنه نسي فتذكر في أثناء الوضوء فهو قد سمى على الوضوء كما قال عليه الصلاة والسلام .