بيان حكم الزيادة في الثمن عند بيع التقسيط.
نحن الآن نضرب مثلاً لتاجرين أحدهما يبيع البيع المعروف اليوم بالثمنين نقد وتقسيط، التاجر الآخر يبيع بثمن واحد هو ثمن التقسيط، ثمن واحد لكن ثمن التقسيط، تُرى من الناحية الاقتصادية وكثرة الزباين وكثرة المرابح أيهما يكون أربح ! آلذي يبيع بسعرين متفاوتين أم الذي يبيع بسعر واحد وهو سعر التقسيط ؟!
أخبروني الآن أيهما يكون أربح يا دكتور ولا مانك معنا ؟
السائل : لا دائماً البيع بالتقسيط ؟
الشيخ : لا، لا، أقل لك: إذا باع بالتقسيط يبيع بثمن النقد.
السائل : بالرخيص.
الشيخ : بالرخيص، فأي التاجرين يكون أربح من الناحية المادية ؟
السائل : الذي يبيع بنفس السعر.
الشيخ : ما فيها شك هذه أربح، تاجران كلاهما يبيع بالنقد وبالتقسيط، أحدهما بثمنين والآخر بثمن واحد هو الثمن الأقل وهو ثمن النقد، واضح ؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب أيهما يكون تجارته ماشيه أكثر وربحه أكبر.
السائل : ثمن واحد.
الشيخ : ثمن واحد، كويس، لماذا لا يفعل المسلمون هكذا ؟ !
لأنهم جشعين لأنهم تربوا التربية، كيف ؟
السائل : الذي يبيع بيع واحد أربح من الذي يبيع في بيعين هذا غير متاح.
الشيخ : ما أنا عارف، هو هذا الذي أقوله، أنا أقول: لماذا المسلمون لا يبيعون بيعتين: بيع نقد وبيع تقسيط بثمن واحد هو ثمن الأقل.
السائل : كل العالم.
الشيخ : اسمح لي، لماذا لا يبيعون ؟ لأننا لسنا مسلمين حقًا، واضح ولا في إشكال عندك ؟
السائل : لا.
الشيخ : آه ، أنا قلت شيئاً: إن هذا أربح دنيا وأخرى، أما دنيا فقد وضح الأمر أن هذا بضاعته تروج وذاك بضاعته تكسد، ويكون ربحه الأخروي مضاعف من ناحيتين:
الناحية الأولى: أنه سيسن سنة حسنة في التجار، رح يضطر التجار إنهم يضاربوه وهذه طبيعة التجار، أنتم تشوفوا واحد فاتح محل بيبيع مثلاً لو فرضنا كاسات أو آنية إلى آخره، راج سوقه بيجي واحد بيعتدي عليه وبيفتح هيك جنب منه، هذا من باب الغيرة والحسد.
فإذا هذا المسلم باع بيعتين بيع النقد وبيع التقسيط لكن بثمن واحد هو ثمن النقد مش الثمن الزائد، الناقص، راح يسن سنة حسنة للتجار فرح يقتدوا فيه رغم أنوفهم مش عن رضاهم، لأنه كسدت بضاعتهم وراح تنقلب القضية في العالم الإسلامي، راح تنقلب المعاملات الربوية التي نحن نعيشها الآن وهذه صورة إلى معاملات شرعية، عندك الثمن ادفعه، ما عندك الثمن أنا أصبر عليك إلى الأجل الذي أنت ترضاه، أين الربح الثاني من الوجه الثاني ؟!
الربح الأول أنه سن سنة حسنة، الربح الثاني -ما شاء الله-: يقول الرسول عليه السلام: ( قرضُ درهمين صدقة درهم ): أنت أيها المسلم إذا أقرضت أخاك المسلم مائة دينار كأنك تصدقت بنصفها خمسين دينار، إذا أقرضته مائتين دينار كأنك تصدقت بمائة دينار، إذن هذا التاجر سيربح أجور أخروية بيقولوا عنا في الشام: " مثل المنشار على الطالع وعلى النازل "، لماذا لا يفعل المسلمون هكذا ؟!
لأنه ما بقي تقوى في القلوب، الآن عندك شيء يا شيخ ناصر تقوله في هذه المناسبة، لأنك أردت أن تقول شيئاً ؟
السائل : نعم عندي بالمناسبة -بارك الله فيك والسامعين- يعني كأنك تقول: إذا كانت هذه العمارة بستمائة ألف وأتى زيد من الناس يريد هذه العمارة وما عنده شيء إلا بعد سنة يأخذ هذه العمارة بعد سنة ما في زيادة ؟
الشيخ : أبد، هو هذا.
السائل : هذا هو ؟
الشيخ : إي نعم.
الشيخ : ولكن ما بال المسلمين الآن مثل ما ذكرت أنت الآن حتى الأخ على أخيه ابن أمه وأبيه يفعل معه هذا الفعل.
الشيخ : هذه هي المشكلة.
السائل : وفي ملاحظة.
الشيخ : تفضل.
ما حكم من يقول لآخر: خذ هذه خمسة عشر ألف ريال وبعد سنة -إن شاء الله- تعطيني سيارة جديدة من أحسن موديل ولم تكن السيارة موجودة أصلاً وقد يكون ثمنها أكثر من ذلك؟
الشيخ : تفضل.
السائل : أن أكثر الناس اليوم واقعين في هذه المسألة وخاصة فيمن كان من مثلنا من العوام.
الشيخ : فيك البركة.
السائل : يقول: خذ هذه خمسة عشر ألف ريال وبعد سنة -إن شاء الله- تعطيني سيارة جديدة من أحسن موديل، ما حكم هذه المسألة ؟
الشيخ : أعطيني سيارة مقابل إيش ؟
السائل : الآن يعطون عمراً من الناس خمسة عشر ألفاً
الشيخ : طيب.
السائل : وبعد سنة تعطيني سيارة جديدة بمائة ألف، بخمسين ألف، بعشرين ألف، بثلاثين ألف، واقع فيها الناس الآن.
الشيخ : طيب بس السيارة الذي يشترطها !
السائل : مش موجودة.
الشيخ : لا لا، هذا الذي يعطيه خمسة عشر ألفاً مقابل إنه يعطيك سيارة جديدة !
السائل : جديدة.
الشيخ : كيف يعني بثمن ولا بدون ثمن ؟
السائل : مقابل هذه الخمسة عشر ألفاً.
الشيخ : والسيارة كم ثمنها أكثر ؟
السائل : السيارة ما بعد وجدت إلى حد الآن، ما جاءت.
الشيخ : يعني بيع مجهول ؟
السائل : مجهول.
الشيخ : طبعاً هذا ما يجوز.
السائل : والسيارة قيمتها حتى الحالية الآن الذي يعطيه إياه قيمتها أربعين.
الشيخ : لا، هذا ربا.
2 - ما حكم من يقول لآخر: خذ هذه خمسة عشر ألف ريال وبعد سنة -إن شاء الله- تعطيني سيارة جديدة من أحسن موديل ولم تكن السيارة موجودة أصلاً وقد يكون ثمنها أكثر من ذلك؟ أستمع حفظ
توضيح مراد الزيلعي بمصطلح : غريب.
السائل : يا شيخ في ذكرت في كلمة غريب في المصطلح لها ثلاثة معاني.
الشيخ : نعم.
السائل : في حين أن أحد علماء الحديث في الهند رد على الزيلعي في * نصب الراية * وقال: إنه استخدم كلمة غريب فيما لا أصل له، وإنه انفرد بهذا الاصطلاح، وأن هذا ليس اصطلاح المحدثين ..
الشيخ : أنا ..
السائل : أنا ما قصدت أنت يعني هو اصطلاح الزيلعي فقط أم تقصد أنه اصطلاح المحدثين قبل الزيلعي ؟
الشيخ : أنا ما قلت قبل أو بعد، قلت: المحدثون لهم ثلاث اصطلاحات، وصرَّحت بأن الزيلعي لما يستعمل هذه العبارة هو مراعاة منه لعلمائه لعلك انتبهت لهذا ؟
السائل : نعم.
الشيخ : طيب، لكن أنا ما أضم صوتي إلى ذلك المحدث الذي أنت تشير إليه فأقول: إنَّ الزيلعي ليس محدثاً، وكذلك لا أستطيع أن أقول: إن النووي ليس محدثًا، وابن حجر ليس محدثًا، لأنهم من المتأخرين، لا، هؤلاء كلهم محدثون، فإذا كان الزيلعي استعمل هذا فصحيح إنّ هذا استعمال خاص، ولذلك وجدتي أنتَ ما عزوتُ هذا الاصطلاح لغيره، بينما الاصطلاح الأول والثاني أطلقت العزو إلى علماء الحديث، بعضهم يستعمل هكذا وبعضهم يستعمل هكذا، فالواقع أن الذي أنت يعني الآن نقلته عن ذلك العالم لا يَستدرك عليَّ، لأني أنا ناقل والعلماء يقولون: " ناقل الكفر ليس بكافر " من جهة، ومن جهة ثانية: أنا أُنكر على هذا الشيخ أو العالم الذي يتشرح من كلامك -والعهدة على الراوي- أنه أخرج الزيلعي من زمرة المحدثين، هذا أنا لا أرضاه، الزيلعي صحيح فقيه حنفي ولكنه فاق جماهير فقهاء الأحناف لأنه برَزَ في علم الحديث ككثير من العلماء الآخرين في المذاهب الأخرى.
ما حكم الامتيازات التي تمنحها بعض الشركات الغذائية وغيرها لبعض الأشخاص أو الجهات فقط وهو يحتكر المنتج به ؟
السائل : الله يسلمك، رعاك الله: الموضع الذي كنت أود أن أُشير إليه ما دخل إلينا أيضاً عن طريق الشركات الأجنبية هذه في الامتيازات، يعني شركة سواء كانت غذائية أو غير غذائية تبغي لها شخص هنا يوزع منتجاتها ويحتكر هذا الشخص هذه المنتجات، هل هذا فعل إسلامي أو غير إسلامي ؟
الشيخ : هذا ما فيه شيء يعني مِن ارتكاب محرم، لكن فيه معنى الأنانية، وهو حب الخير لنفسه، لكن الرسول عليه السلام يقول: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُ لنفسه من الخير ) فإذا احتكر ما الذي سميته ؟
السائل : هو احتكار نوع من الاحتكار.
الشيخ : لكن العبارة المتداولة ؟
السائل : الامتياز.
الشيخ : الامتياز أي نعم، فإذا هو تفرد بهذا الامتياز ولم يحب أن يشاركه في ذلك أحد فما في عندنا نص بالتحريم، لكن لم يتجاوب مع حض الرسول عليه السلام في هذا الحديث الأخير الذي يبين أن من كمال إيمان المؤمن أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.
4 - ما حكم الامتيازات التي تمنحها بعض الشركات الغذائية وغيرها لبعض الأشخاص أو الجهات فقط وهو يحتكر المنتج به ؟ أستمع حفظ
ما هي الغاية من إعطاء المؤخر للمرأة في الإسلام ؟
الشيخ : الشاهد ما الذي أردتُ أن أقول !!
أيوا السؤال هذا: أعتقد أنَّ هذا السؤال ككثير مِن الأسئلة توجيهه خطأ، لأنه يقال: ما الغاية من كذا إذا كان مشروعاً إذا كان محبوباً، أما والمهر المؤجل هذا ليس مرغوباً فيه وليس مشروعاً كقانون في الإسلام أن كل من يخطب امرأة ينبغي ولا أقول: يجب أن يجعل المهر قسمين معجلًا ومؤجلًا هذا ليس من الإسلام في شيء كنظام، وإنما هو كحل مشكلة، يعني رجل يريد أن يحصن نفسه وليس عنده مهر الفتاة أو المرأة التي يريد أن يخطبها مِن أهلها، فإما أن يكون عندَه بعض المهر وإما ألا يكون إلا خاوي الوفاض كما يقال هذا يجوز، لكن رجل مليونير ما بيصح التعامل المعروف اليوم إلا أن يكون المهر قسمين معجل ومؤجل، هذا لا أصله في الإسلام، وحينئذٍ لا يصح توجيه مثل هذا السؤال.
هل يُشرع في الإسلام جعل مهر الفتاة أو المخطوبة قسمين معجل ومؤجل ؟
نقول وقد أجبنا: هذا إذا كان غير ميسور له ذلك، أما الميسور فيجب أن يعجل، لماذا ؟
لقوله تعالى: (( وسارعوا إلى مغفرة مِن ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض )): سارعوا إلى ربكم أي: بالأعمال الصالحة، وإلا ربنا مش جالس على رأس الجبل أو في آخر السهل فنحن نسارع في المشي إليه، وإنما نسارع إلى طاعته لندخل يوم القيامة في جنته، المهر المؤجل في الوقت الذي ليس نظاماً في الإسلام وإنما هو ضرورة أو حاجة، ولذلك يذكر الفقهاء أنَّ الرجل إذا خطب امرأة ولم يضع لها مهرًا فلها مهر أمثالها، يعني فيما بعد، لكن كنظام مهر معجل ومهر مؤجل لا أصل له في الإسلام، وإنما هو كما قلنا إما للحاجة أو للضرورة.
على أنَّه يُصبح هذا النظام ليس فقط على أنه أمر التُزِم وأُحدث في الدين ورسولنا يقول: ( مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ليس فقط هذا هو ضرره، وإنما هناك أضرار يلمَسُها بعض الذين يدققون في هذه المخالفات، ولعل الكثيرين منكم يعني شاركونا في هذه الملاحظة وهي: في كثير من الأحيان لا يتفق الزوجان على حسن المعاشرة بعد التجربة سنة سنتين أقل أكثر إلى آخره، فيضطر الرجل إلى أن يطلقها وأن يستبدل بها غيرَها ممن هي فيما يظن خيراً منها، ولكن هناك غِلٌّ قيدٌ موضوع في عنقه وهو المهر المؤخر، ومِن فساد هذا النظام المتَّبع في هذه الأيام أنَّ ولي البنت يقنع بأن يكون المهر المعجل شكلياً رمزياً قليلاً جدّاً في الوقت نفسه يضاعف المؤجل أضعافاً كثيرة، فإذا جاء وقت الافتراق لن يستطيع أن يفارقها، لأن أمامه أحد شيئين:
إذا لم يستطع الوفاء فالحبس والسجن، وإن استطاع الوفاء عاد ويده في الأرض كما قال عليه السلام: ( عليك بذات الدين ترِبت يداك )، فإذن مِن مفاسد جعل هذا النظام تقسيم المهر إلى معجل ومؤجل أنه يُفسد العلاقات الزوجية بين الاثنين ويجعلهما ممن يعيش حياة في الجحيم ولا يستطيع أن يفارقها للسبب الذي ذكرناه آنفًا.
بينما لو كان في الأصل دفع المهر قليلاً أو كثيراً ثم لم ترق له الحياة معها أقل الأحوال لعدم وجود التجانس الأخلاقي، كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة: أنَّ رجلًا من الصحابة -نسيت الآن اسمه- تزوج امرأة فجاءت بعد مدة تشكو زوجها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتطلب منه أن يفرق بينها وبين زوجها فقالت: ( والله يا رسول الله ما أشكو منه من دين أو خلق ) لا أشكو منه شيء، لكن يطول الكلام لأنه ما في تجانس توافق، التباعد في الأخلاق، ولا مؤاخذة الاتصال الجنسي أحياناً ما يصير توافق بين الزوجين، فإذن سيعيشون في حياة الجحيم، مِن أجل ذلك كان من الحكمة الطلاق، لفك المشكلة هذه التي قد يتعرض لها الزوجان، ولهذا الذي تزوج بمهر مؤخر لا يستطيع أن يطلق، ولذلك تضيع عليه حكمة شرعية الطلاق، ولهذا نقول: خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، فمن تزوج فعليه أن يدفع المهر مقدماً مهما كان كثيراً إذا كان مستطيعاً، وإذا كان غير مستطيع فليدفع ما يستطيع، وإذا لم يجد المرأة المتدينة فليدفع ما تيسر له ولينوِ بنفسه أن يقدِّم المؤخر ليس بآخر الأجل، وإنما على ما له يتيسر، هذا جوابي على هذا.
هل يستدل بقصة المرأة التي شكت زوجها للنبي على جواز أن تطلب المرأة الطلاق دون سبب ؟
الشيخ : لا ما تطلب الطلاق من زوجها بدون سبب، لا بد من سبب.
السائل : طبعاً لا بد من سبب، لكن.
الشيخ : خلاص سؤالك ما هو، بسبب ولا بدون سبب ؟
السائل : بسبب يعني يريد أن يتزوج عليها مثلاً.
الشيخ : هههههه
السائل : في سبب يعني.
الشيخ : الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( أيما امرأة طلبت من زوجها طلاقها مِن غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة ) ، فأنت إما أن تتصور في بأس أو لا بأس، فحينئذ الجواب واضح.
السائل : والله هو أشد البأس عليها إذا تزوج عليها زوجها، في نظري أنا لا بأس، لكن في نظرها هي أشد من هذا لا يكون بأسًا.
الشيخ : ليس نظرك شرعًا ولا نظرها، إنما يجب تفسير الحديث بقواعد الشرع، فهي ترى أنه إذا تزوج عليها !
أنت شو بدك بهذا الموضع الآن اتزوج واحدة أنت بتكفيك.
السائل : ههههه بارك الله فيك.
يحتج بعض النساء على عدم زواج أزواجهن عليهن بأن النبي صلى الله عليه وسلم منع من زواج عليّ على فاطمة أو يطلقها فما رأيكم في هذا؟
الشيخ : هذا ليس بحجة، أولًا يجب تصحيح السؤال، لأن السؤال خطأ، ليس في الحديث أنه اشترط على عليّ.
السائل : الصياغة كانت سريعة.
الشيخ : هذا الذي نريد أن نصححه، لكن فعلاً لما بلغ مسامع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ عليًّا يريد أن يتزوج على ابنته فاطمة، خطب خطبة وعلى وجهه ملامح الغضب، وقال في جملة ما قال: ( أَيُنكح على بنت محمد صلى الله عليه وسلم بنتُ أبي جهل ؟ إنَّ فاطمة يريبني ما يريبها ويغضبني ما يغضبها ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
هذا -بارك الله فيكم- حكم خاص ببنت الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنها -ماذا يقول الإنسان-: بنت سيد البشر وكفى، ولا يجوز لمسلم أن يتعاطى سبباً يخدش في راحة الرسول وفي سرور الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه ليس كسائر البشر في هذه الخصلة التي يجب على كل مسلم أن يكون أَحرصَ الناس على إدخال السرور إلى قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بكل سبب مشروع.
ولما كان من المعلوم أنه يقع مشكلة بين الضرائر عادة فقد تتأذى السيدة فاطمة كضرة تؤذيها، فينتقل هذا الأذى إلى الرسول عليه السلام بطريق غير مباشر، وإيذاء الرسول ليس كإيذاء بعضنا بعضًا، ولذلك حذَّره من ذلك ولم يشترطه في أول الأمر لأنه كان من غير الوارد في الخاطر، خاطر الرسول أن الرسول الذي تفضل على ابن عمه علي بن أبي طالب فزوجه سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام، ما يخطر في البال أنه سيتزوج فيما بعد بنتاً مسلمة لكن مع ذلك بنت مَن ؟
بنت أبي جهل، إذن نستطيع أن نقول بإيجاز: هذا حكم يتعلق ببنت الرسول فلا يقاس عليها بنات الدنيا، لأنه كما يقول بعض الفقهاء: " هذا من باب قياس الحدَّادين على الملائكة ".
السائل : جزاك الله خير.
8 - يحتج بعض النساء على عدم زواج أزواجهن عليهن بأن النبي صلى الله عليه وسلم منع من زواج عليّ على فاطمة أو يطلقها فما رأيكم في هذا؟ أستمع حفظ
ما هي كيفية تحريك الإصبع في التشهد الأخير؟
الشيخ : التشهد يطبقه بعض الناس تحريكاً فيه زيادة على معنى التحريك، بحيث يجعلونه خفضاً ورفعاً، هذه فخذي وضعت كفي عليها، ثم قبضت أصابعي كلها لكني حلَّقت بالوسطى والإبهام هكذا، ثم رفعت السبابة هذه ووجهتا إلى القبلة، الناس ماذا يفعلون!!
خفضاً ورفعاً بغض النظر عن السرعة، لا أتكلم الآن عن السرعة، وإنما أتكلم عن الخفض والرفع، هذا لا أصل له، هذا لا أصل له، إنما الذي له أصل بعد توجيه الإصبع إلى القبلة فهو يحركها محتفظاً بترك الخفض والرفع لأنه لم يأتِ ولا حديث واحد أن الرسول عليه السلام كان يرفعها خفضاً ورفعاً، وكل ما جاء إنما هو يشير بها ويحركها، فقال وائل بن حجر: ( فرأيته يحركها يدعو بها ).
أما نوعية التحريك فليس أيضاً هناك في حديث ما تحديد لنوعية التحريك، فهل هو مثلاً يحركها حتى لا تكاد تظهر حركتها كما يفعل ذلك بعضهم على استحياء، لأنه بيكونوا في مجتمع أعداء للسنة وعمرهم ما شافوا هالحركة هذه فهو يسايرهم ويقنع نفسه هذه تحريك ولو كانت الحركة هذه لا تكاد تظهر، فهل التحريك يكون هكذا بحيث لا تظهر إلا بإمعان النظر أم يكون تحريكاً شديداً ؟!
لم يرد في السنة شيء مطلقاً، ولذلك فأنا أعتقد أن المهم أن يحرك، وألا يثبِّت وألا يرفع ويخفض، لكن هناك رواية عن الإمام أحمد أنه قال: " رأيته يشير بها شديداً " فشديداً يا تُرى إيش معانها؟
الظاهر أن معناها يشير محركاً لها تحريكاً شديدًا، ولكن هذا لم يرد في السنة، هذا رأي لإمام السُّنة، الإمام أحمد -رحمه الله-، فإذا اتَّبعه مسلم فلا حرج عليه لأنه لا يخالف سنة معروفة، لكن لا يفرضها على غيره، ولا يقول: التحريك لازم يكون تحريكًا شديدًا كما قال الإمام أحمد مثلاً، كما أنه لا يفرض تحريكًا من نوع آخر، فما أُطلق في الشرع نطلقه وما قُيد في الشرع نقيده، لعل في ذلك بلاغاً وكفاية إن شاء الله لما سألت ؟
السائل : نعم.
ما هي مدة تحريك الإصبع في التشهد الأخير ؟
الشيخ : آه هذا سؤال ثاني، لكن هذا في الأول، أما الجواب عن السؤال الثاني فهو: مِن ساعة الجلوس إلى السلام، كيف ذلك ؟!
لو تأملنا في حديث وائل بن حجر حين يصفُ لنا صلاةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلمَّا وصل إلى التشهد قال: ( جلس للتشهد ووضع كفَّه اليسرى على فخذه اليسرى، وكفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه، وحلق بالسبابة والوسطى، فرأيته يحركها يدعو بها ) يعني بعد عملية الوضع والقبض والتحليق والرفع قال: ( فرأيته يحركها يدعو بها ) ومعلوم أن الدعاء يستمر إلى آخر التشهد، إذن التحريك مِن ابتداء الجلوس إلى السلام.
هناك شبهة تقول إن المحدثين نقلة أخبار وليس لهم نصيب من الفقه، فكيف الرد عليهم ، وما هي مميزات أهل الحديث في الفقه وما هي أهم مراجعهم ؟
الشيخ : نعم، لا شك أنَّ أصل الفقه في اللغة ثم في الشرع إنما هو: الفهم، والفهم إن كان فهماً لكتاب الله ولحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي أراده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
هو الذي أراده عليه الصلاة والسلام بقوله: ( مَن يردِ الله به خيرًا يفقه في الدين )، وإذا كان الدين ليس هو إلا شيئين اثنين بإجماع الأمة لا خلاف بين أحدٍ منها من أهل العلم طبعاً في أن الدين إنما هو: الكتاب والسنة، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بها: كتابَ الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الخوض ).
والدين إذا كان الدين هو هذا الكتاب والسنة ولا شيء سوى ذلك، ولا يستدركنَّ أحدٌ عليَّ لأن ما كان هناك من شيء ثالث ورابع وربما خامس كمثلًا إجماع وقياس والاستصلاح أو الاستصحاب أو ما شابه ذلك من اصطلاحات فقهية فإنما هي كلها ما سُلِّم بصحة بعضها إنما هو مستقًا من كتاب الله ومن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان هذا هو الدين القرآن والسنة فقد أنعم الله على عباده بنعمة كبرى لا نعمةَ مثلها بعدها أبدًا حين قال: (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينًا )) فالفقه إذن محصور في هذين المصدرين: الكتاب والسنة.
مما لا شك فيه أن القرآن الكريم محصور بين الدَّفتين، أي: المصحف، أما السُّنة فما شاء الله فهي بحر لا ساحل له، فمن هذا الجانب يختلف العلماء في نسبة اتِّباعهم على السنة بعد أن يمكن القول بأنهم اتفقوا جميعاً على أنهم في مستوى واحد في اتِّباعهم على القرآن الكريم لما أشرت إليه آنفًا أن القرآن محصور.
أما السنة فهي ليست محصورة، وهنا يتفاضل ليس علماء الحديث بل وعلماء الفقه في الفقه وليس في الحديث فقط، هنا يتفاضل علماء الفقه وليس علماء الحديث فقط أي: بنسبة ما أحاط كلٌّ منهم بقدر معين من السنة فبنسبة ذلك يكون فقهه صحيحًا وسليمًا قليلًا كان أم كثيرًا.
بعد ذلك إذا سلمنا -وهذا أمر لا خلاف فيه أبدًا بين العلماء- أنه إذا كان المتفقه في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عربيَّ اللسان أو كان مستعرِبًا تعلم اللغة العربية وآدابها حتى شارك أهلها في المعرفة باللغة العربية وآدابها، وهذا شرط أساسي بلا شك، حينئذ لا يمكن أن يتفاضل الفقهاء إلا بشيئين اثنين:
الأول: أشرت إليه آنفاً: نسبة اطلاع كل منهم على السنة، أما القرآن فواضح.
الشيء الثاني الذي لا بد لي من ذكره: هو أن الناس ولو كانوا فرضاً متساوين في فهمهم للغة العربية وهذا التساوي ليس مسلمًّا به، فالناس أيضاً يختلفون في ذلك، لكن قلنا لا بد أن يكون مشاركاً في اللغة العربية وآدابها حتى يتمكن من فهم القرآن والسنة، إلا أن الشيء الآخر الذي أُريد أن أُلفت النظر إليه وهو أن الناس أيضاً يتفاضلون فيه إنما هو كما جاء في حديث علي بن أبي طالب حينما سأله أبو جحيفة السُّوائي كما جاء في * صحيح البخاري *: سأل عليًّا رضي الله عنه: ( هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني: آل البيت- بشيء دون الناس؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صحيفة مكتوب عليها بعض الأحكام المتعلقة بالجراحات والقصاص وفي قوله عليه السلام: المدينةُ حَرَمٌ من أحدث فيها حدثًا أو آوى إليها مُحدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا ) قال: ( اللهم إلا هذا الذي في جفن سيفي وإلا فهمٌ يؤتيه الله عبدًا في كتابه ):
فإذن الناس يتفاضلون الآن في ثلاثة أشياء:
أول ذلك: نسبة اطلاعهم على السنة.
ثاني ذلك: نسبة تضلعهم في اللغة العربية.
ثالث ذلك: ما أوهبه الله عز وجل لكل واحد منهم من سليقة فهم عن الله تبارك وتعالى لآياته ولأحاديث نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان هذا أمراً مُسلمًا وهو كذلك، فحينئذ نقول: كلما كان الفقيه والمحدث كلما كان نسبة اطِّلاعه على السنة قليلة كلما كان فقهه قليلًا، وكلما كانت نسبة اطّلاعه على السنة أكثر كلما كان فقهه أكثر، ولذلك الواقع التاريخي الذي ندرسه في تراجم الأئمة نجد التفاضل بينهم في الفقه والفهم إنما هو كلما كان أكثرهم حديثاً كلما كان أكثرَ فقهًا وإصابة للحق.
11 - هناك شبهة تقول إن المحدثين نقلة أخبار وليس لهم نصيب من الفقه، فكيف الرد عليهم ، وما هي مميزات أهل الحديث في الفقه وما هي أهم مراجعهم ؟ أستمع حفظ
تتمة الرد على شبهة من يصف المحدثين بأنهم نقلة أخبار وليسوا فقهاء، وبيان حال الأئمة الأربعة والتفاضل بينهم من حيث الأعلم بالسنة.
لأن الإمام أبا حنيفة مع أنه قد رُجِّح من حيث الفهم والفقه على كثير من أئمة المسلمين كما يُروى عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: " الناس أو العلماء عيالٌ في الفقه على أبي حنيفة "، لكن مع ذلك كان هو في المرتبة الرابعة من حيث معرفته بالفقه الصحيح، لأن هذا الفقه لا يمكن استنباطه بالرأي والاجتهاد مهما كان صاحب هذا الرأي وصاحب هذا الاجتهاد فقيهاً ولو يضرب به المثل كأبي حنيفة، كما قال الشافعي: " الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة ".
وعلى العكس من ذلك نجد الإمام أحمد كما ذكرنا أقرب الأئمة الأربعة إصابة للحق، ما نقول هو أفقه من أبي حنيفة، لكننا نقول هو أكثر من أبي حنيفة علما بالسنة بنسبة، لا نسبة، لا يمكن ذكرها ولا حصرها، فأبو حنيفة يقول بعض العلماء: أحاديثه كلها لا تبلغ الأربعمائة حديث، مع الحكم بضعف كثير منها إن لم نقل بضعفِ أكثرها.
أما الإمام أحمد فكتاب واحد وهو أشهر كتبه * مسند الإمام أحمد * فيه أربعين ألف حديث، هذا مع التكرار، وبحذف المكرر وحسبكم هذا العدد: ثلاثين ألف حديث، فأين ثلاثين ألف مِن ثلاثمائة؟ ما في نسبة أبدًا.
فإذن نأخذ من هذا: من توفرت فيه الشروط السابقة وزاد في شرط واحد منها ألا وهو: علمه بالسنة أكثر من الآخرين يكون هو الأفقه في الشرع ويكون هو المراد بقوله عليه السلام: ( مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين ).
ولذلك جاء عن الإمام الشافعي -رحمه الله- أنه قال: " من كان لا يعرف السنة فهو لا يعرف القياس "، لأن الذي يريد أن يقيس لا بد له من أن يكون قد أحاط بالقسم الأكبر من السنة.
12 - تتمة الرد على شبهة من يصف المحدثين بأنهم نقلة أخبار وليسوا فقهاء، وبيان حال الأئمة الأربعة والتفاضل بينهم من حيث الأعلم بالسنة. أستمع حفظ
ذكر بعض الأمثلة والقصص الدالة على أن السنة تعطي صاحبها فقهاً أكثر من غيره.
قال: " يأتي الرجل إلى بائع الخفاف وعنده أجناس وقياسات مختلفة يعلقها في صدر المكان، يأتيه رجل بقياس رجلٍ غريبة غير معهودة بين الناس " : فهي مثلًا قصيرة وضخمة عريضة، قصيرة وضخمة تكاد تكون مربعة مثلاً، نشاهد في خلق الله عجائب، يأتي إلى بائع الخفاف هو مجرد ما يشوف القياس هذا يقول له معذرة ما في عندي، ما في حاجة أنه يُفتش، قد يأتي شخص آخر ها في احتمال، كم القياس ؟ مثلًا الطول أربعين، كم العرض؟ والله العرض عشرة، يُفتش الأخ ما يجد، هذا مين ؟ بائع الخفاف.
أما صانع الخفاف يأتي إليه ويريه القياس فيأخذه ويفصله على كيفه، ويحضر له إياه، لماذا؟ لأنه صانع وليس بائعاً مقلداً.
ذاك مثل المقلد وهذا مثل المجتهد، أي: إن المجتهد يستطيع أن يوجِد من الكتاب والسنة أدلة يستنبطها منهما لبعض ما يحدث على مر الزمان.
المثال الذي سبق إلى ذهني وأردت أن أذكره لكم فيه عبرة لما نحن فيه ودليلًا لما نحن فيه أيضاً:
حشو الأضراس، حشو الأضراس مهنة اليوم عند من يسمون بطبيب الأسنان لم يكن معروفاً في ذلك الزمان، فهل يجوز للمسلم أن يحشو ضرسه ؟!
في المسألة قولان: منهم من يقول: يجوز، ومنهم من يقول: لا يجوز، فهؤلاء هم متعصبة الحنفية الذين لم يتفقهوا في الكتاب والسنة وإنما يقيسون على بعض الآراء التي ذُكرت في فروع الكتب المبسوطة.
التمثيل على ما قد يقع في المقلدة للمذاهب من الخطأ في الفتوى لقلة معرفتهم بالسنة وقلة اطلاعهم عليها.
شابٌّ حشا بعض أضراسه وأبوه مِن أهل العلم بالفقه الحنفي، وكان مرجعاً لطائفته هناك في دمشق، وكان يحذر الناس من أن يحشو الأضراس، ثم بلغه بأن هذا الابن قد حشا أضراسَه، وذات يوم يقول لابنه: " يا بُني بلغني أنك حشوت بعض أضراسك، قال له: نعم، شعرت بألم ووجع رحت عند الطبيب فذكر لي بأن أضراسك بحاجة إلى تنظيف وإلى حشو، قال: يا ابني أنت ما تسمع مني دائماً أنا بحذر الناس من هذا الفعل وأقول: إن الذي يحشو ضرسًا من أضراسه يبقى جنبًا طيلة حياته، الذي يحشو ضرسًا من أضراسه يبقى جنبًا طيلة حياته"، فلسفته في ذلك يقول: " المضمضة في الغُسل عند الأحناف فرضٌ، ومن الفرض أنه يجب إيصال الماء إلى كل ذرة مِن أطراف الفم، فحينما انكشف هذا الضرس وجب إيصال الماء إلى الحفيرة التي حدثت بسبب النخر، فحينما جاء هذا وسدَّ هذه الحفيرة منع إيصال الماء إلى ذلك المكان فصار يبقى إذا أجنب جنبًا طيلة الحياة، ولو صلى وهو جنب فلا صلاة له ":
هذه فلسفة ما هي غريبة مِن المقلدين، وهذا يذكرني بما كنت سمعت من بعض مشايخي ولعله أبي -رحمه الله- بنكتة أخرى لكنها ليست من العلم في شيء، لكن فيها مثل هذا التسلسل الفلسفي، قيل: إن عالماً زارَ بعض تلامذته أو أصحابه وجلس ما جلس، ولما خرج وجد نعله كما خلعه، فهو حينما يدخل يدخل مثلاً الإنسان تبقى نعله نحو الوجه نحو هذا الوجه، لكن إكرام العالم أن يذكر صاحب الدار ويوجه له النعل حتى ما يتكلف العالم شوية يعني يوطي يمد يده أو رجله لحتى يوجهه ويمشي، يجب إكرام العالم، فهو لم يجد هذا العالم ضيفه قد أكرمه بتوجيه النعل له، فقال له: أنت كفرت، لماذا؟!
لأنك لم تكرم العالم، ومن لم يكرم العالم لم يكرم العلم، ومن لم يكرم العلم لم يكرم مَن جاء به وهو رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكرم رسول الله لم يكرم من أنزل العلم على رسول الله فقد كفر، هذا التسلسل الفلسفي الذي ما أنزل الله به من سلطان.
نحو هذا وقع فيما يتعلق بحشو الضرس كما سمعتم، هذه مش خيال كالقصة الثانية، ممكن تكون القصة الثانية من باب توضيح فلسفة بعض المقلدين، أما القصة الأولى فهي حقيقة واقعة مع الأسف الشديد.
14 - التمثيل على ما قد يقع في المقلدة للمذاهب من الخطأ في الفتوى لقلة معرفتهم بالسنة وقلة اطلاعهم عليها. أستمع حفظ
مناقشة الشيخ لبعض علماء الأحناف الذي كان يفتي بحرمة حشو الأضراس لأنها تمنع وصول الماء لباطن الضرس عند الاغتسال من الجنابة، والرد عليه.
فإذن أنت مِن أين جئت بهذه الفتوى التي تحكم على بطلان صلاة مَن يحشون أضراسهم في هذا الزمان ؟! طبعًا هو يتعلل ببعض الأشياء التي لا وزن لها، فأنا جئت بشيئين اثنين:
أحدهما ما يتعلق بموضوعنا، والآخر: من نفس كتب الفقه، لكن من لا فقه له في السنة لا فقه له في الفقه التقليدي الذي يوجد اليوم بين أيدي المقلدين.
أما الشيء الذي جئته به من السنة -فهو بيت القصيد كما يقال من هذا الكلام- فقد جاء في * مسند الإمام أحمد * وبعض السنن عن أحد الصحابة واسمه عرفجة بن سعد: ( أنه كان قد أُصيب أنفه في وقعة كلاب، فاتخذ أنفاً من ورِق من فضة، فأنتن عليه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أسلم طبعاً فشكى إليه ذلك، فأمره بأن يتخذ أنفًا من ذهب ): عِلماً بأن الذهب محرم على الرجال، مع ذلك سمح الرسول عليه الصلاة والسلام له أن يتخذ أنفًا من ذهب بديل الأنف مِن الفضة.
وأنا بحكم كوني مارست مهنة تصليح الساعات وفي تصليح الساعات نوعان من اللحام:
الأول: القصدير، والثاني: الفضة، ربما بعضكم أدرك بعض الساعات الجيبية لها غطاءين، هذا الغطاء له مفصلة هذا ينكسر أحياناً فيُلحم بالفضة إذا كان الغلاف فضة، وأحيانًا بالنحاس إذا كان نحاسًا، الشاهد نعرف بالتجربة أن لحام الفضة يصدأ كالحديد، فأنا حينما أقرأ هذا الحديث لماذا أنتن عليه الأنف من الورق من الفضة، لأن هنا كما تعلمون شيء من الرطوبات، فحينما تلتقي هذه الرطوبات بالأنف من الفضة يصدأ ويصير هناك مادة كالأخضر صدأ أخضر، فيُنتن عليه فيتضايق منه بخلاف الذهب، فأمره عليه الصلاة والسلام بأن يتخذ أنفاً من ذهب واستراح.
أنا استدللت عليه بهذا الحديث لأن الرسول عليه السلام إذا أجاز لهذا الإنسان أن يتخذ أنفاً مِن ذهب مع أن ضرورة السن أشد ضرورة من الأنف، لأن هذا تجميل، صحيح هو بذلك ما أقول يعيد خلق الله كما خلقه الله وإنما يقاربه، وبهذا المعدن الذي لا يصدأ ولا يوجد له مشكلة، مع ذلك رسول الله أباح له، فلأن يُبيح حشو الضرس الذي يترتب على تركه بغير حشو أو خلعه، لأنه شو كان يقول؟ كان يقول بدل ما يحشي يركب جسر، تعرفوه، جسر يزال وبينحط، لكن هذا أولًا: لا يثبت ثبات السن الإلهي الطبيعي، وقد ينكسر قد يعمل التهابات وإلى آخره، فلما احتججت عليه بهذا الحديث أجابني بجوابين:
الجواب الأول: أن هذا الاحجتاج ليس من وظيفتي، هذا من وظيفة المجتهد وأنت لست مجتهدًا.
والجواب الثاني قال: هذا الأنف من الذهب كان كطقم الأسنان التي كالقوالب تسموها قوالب ولا إيش ؟
السائل : طقم.
الشيخ : يعني يزال وبنحط، لما الإنسان بدو يتوضأ سواء في الوضوء أو في الغسل بإمكانه أن يقيمه وينظفه، فهذا الأنف من ذهب كان كذلك يقيمه ويحطه، لماذا يقول هذا الكلام هو ؟!
حتى يُسلِّك فتواه الخاطئة، أنا رددت عليه بأن الأنف الأول لو كان كالطقم يرفع ويوضع فمعنى ذلك أنه يُنظف ولا يصدأ حينئذٍ فشكوى عرفجة بن سعد من أنفه من فضة معناه أنه كان لاصقًا، وهنا نقف قليلاً ونفكِّر: هل كان الطب في ذلك الزمان وصل إلى مرحلة مِن الإبداع والاختراع لا نعرفه في هذا الزمان حيث وصلوا إلى تركيب أنف ثابت من فضة أو من ذهب، ما أقنعه قولي هذا مع أنه واضح جدًّا، فجئته من كتبه وهنا الشاهد في الثاني وإن كان ليس له علاقة ببحثنا السابق، العلاقة بهذا الحديث: أنَّ الذي يكون على شيء من الإحاطة بالسنة ليس بحاجة إلى مثل هذه الفروع فمثله يكون كمثل صانع الخفاف.