رحلة النور-134
هل للعقيقة يوم محدد وزمان محدد ؟
السائل : سائل يسأل ويقول: هل للعقيقة يوم محدد وزمان محدد ؟
الشيخ : إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله .
أما بعد:
فالعقيقة كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة: ( تُذبح عن المولود في اليوم السابع ) لابدَّ، وهذا توقيت لمثل هذه العبادة، لا يجوز للمسلم أن يتجاوز هذا التوقيت إلا لعذر قاهر.
( يُذبح عنه يوم سابعه ): وجاء في بعض الروايات الأخرى توسعةٌ في هذه العبادة تدل على أن هناك متسع في التأجيل إلى اليوم الرابع عشر، وفي النهاية إلى الواحد والعشرين، ومعنى هذا أنه إذا لم يتيسر له الذبح في اليوم السابع ففي الرابع عشر، فإن لم يتيسر له ففي الواحد وعشرين وهذا آخر حدٍّ جاء النص عليه فيما يتعلق بالتوقيت للعقيقة، وكما قلت آنفًا:
إذا كان هناك عذر قاهر فكالصلاة التي تفوت المسلم عن وقتها فشأنها كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح: ( مَن نسي صلاة أو نام عنها فليصلها حين يذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ): فوقت الصلاة المنسية أو الصلاة التي نام عنها المكلَّف حين يستيقظ لها أو حين يتذكرها، كذلك كل عبادة مُؤقتة في الشرع وليس لها وقت محدد آخَر فإنما وقتها حينما يتيسر له ذلك.
فإذا عرفتم ما سبق من التوقيت للعقيقة، والوقت الأول هو في اليوم السابع، الوقت الثاني في الرابع عشر، الوقت والأخير في الواحد والعشرين، ما سوى ذلك لا يمكن أن نوجد له وقتًا إلا بالنسبة لمن لم يتيسر له في هذه المواقيت الثلاثة، فحينما يتيسر له الذبح ذبحَ، ونرجو والحالة هذه أن يتقبل الله منه، نعم.
الشيخ : إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبده ورسوله .
أما بعد:
فالعقيقة كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة: ( تُذبح عن المولود في اليوم السابع ) لابدَّ، وهذا توقيت لمثل هذه العبادة، لا يجوز للمسلم أن يتجاوز هذا التوقيت إلا لعذر قاهر.
( يُذبح عنه يوم سابعه ): وجاء في بعض الروايات الأخرى توسعةٌ في هذه العبادة تدل على أن هناك متسع في التأجيل إلى اليوم الرابع عشر، وفي النهاية إلى الواحد والعشرين، ومعنى هذا أنه إذا لم يتيسر له الذبح في اليوم السابع ففي الرابع عشر، فإن لم يتيسر له ففي الواحد وعشرين وهذا آخر حدٍّ جاء النص عليه فيما يتعلق بالتوقيت للعقيقة، وكما قلت آنفًا:
إذا كان هناك عذر قاهر فكالصلاة التي تفوت المسلم عن وقتها فشأنها كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح: ( مَن نسي صلاة أو نام عنها فليصلها حين يذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ): فوقت الصلاة المنسية أو الصلاة التي نام عنها المكلَّف حين يستيقظ لها أو حين يتذكرها، كذلك كل عبادة مُؤقتة في الشرع وليس لها وقت محدد آخَر فإنما وقتها حينما يتيسر له ذلك.
فإذا عرفتم ما سبق من التوقيت للعقيقة، والوقت الأول هو في اليوم السابع، الوقت الثاني في الرابع عشر، الوقت والأخير في الواحد والعشرين، ما سوى ذلك لا يمكن أن نوجد له وقتًا إلا بالنسبة لمن لم يتيسر له في هذه المواقيت الثلاثة، فحينما يتيسر له الذبح ذبحَ، ونرجو والحالة هذه أن يتقبل الله منه، نعم.
كلام الشيخ عن الجهر بالتأمين، ومسابقة المأمومين للإمام فيه.
السائل : فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : وعليكم السلام.
السائل : لكم كلام على الجهر بالتأمين فنود سماعه ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : لكم كلام على الجهر بالتأمين بعد الإمام فنود سماعه.
الشيخ : الجهر بالتأمين إن كان متعلقًا بالإمام فهو سنة صحيحةٌ منصوصٌ عليها في حديث وائل بن حجر في * مسند أحمد * وغيره بالسند الصحيح.
أما إذا كان الجهر بالتأمين متعلقًا بالمقتدين والمأتمين فالراجح عندنا وليس اعتمادًا على نصٍّ صريحٍ في ذلك وإنما اتباعًا لبعض الآثار الواردة عن عبد الله بن الزبير ونحوه: " أن المسجد الحرام كان يرتجّ بتأمين المأتمين بزمانه بسبب جهرهم بآمين "، فالراجح عندنا بعد أن كُنا اخترنا الإسرار بالتأمين من المقتدين ترجح عندي أنَّ الأقرب إلى الصواب أن المقتدين يجهرون أيضاً مع الإمام.
ولا بد في مثل هذه المناسبة من التذكير بأمر طالما غفل عنه جماهير المصلين، ذلك الأمر هو كالإجماع مع الأسف الشديد على ذاك الخطأ وهو:
أن المقتدين يسابقون الإمام بـــــ: " آمين "، الخطأ أن المقتدين يسابقون الإمام بـــ آمين، فلا يكاد الإمام يفرغ من قوله: (( ولا الضالين )) إلا بادره المقتدون بآمين قبل أن يبتدأ الإمام نفسه بآمين.
والحديث صريح في عكس ما يفعله الجماهير اليوم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) إذا أمَّن فأمنوا، على وزان قوله عليه السلام: ( إذا كبر فكبروا ):
فلا يجوز مسابقة المقتدين للإمام بالتأمين كما لا يجوز لهم مسابقة الإمام بالتكبير، ( إنما جُعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين ):
الشاهد أنَّ هذا الحديث وهو متفق عليه بين البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- أنه لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بشيء من التكبير أو الركوع أو السجود أو ما بين ذلك، كذلك أيضاً لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بــــ آمين.
وإذا تنبهتم لهذا وأصغيتم إذا ما صليتم صلاة جهرية فستجدون مع الأسف الشديد أن جماهير المقتدين يسابقون الإمام بـــــ آمين، ولذلك فعلى كل مقتد بالإمام إذا سمع قول الإمام في آخر الفاتحة: (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) أن يحب نفسه المقتدي، عليه أن يضبط نفسه وألا يشرع بقوله آمين إلا بعد أن يسمع الإمام بدأ بقوله: آمين، حينئذ يمكن أن يكون المقتدي قد ائتم بالإمام، أَمَا والإمام لم يكد بعدُ ينتهي من قوله: (( ولا الضالين )) إلا المقتدين سبقوه بــــ آمين، فهذا خطأ صريح مخالف للقاعدة المشار إليها آنفًا في حديث أنس، بل ومخالف لهذا الحديث الخاص بالتأمين، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه )، ومن فضل الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين أن يسَّر لهم الأسباب الموجبة لهم لمغفرة رب العالمين، وهذا الحديث مِن ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرنا في هذا الحديث بأنَّ مغفرة الله تبارك وتعالى للمصلين تحصلُ فقط بألَّا نسبق الإمام بـــ آمين، وأن يأتي تأمينا مع تأمين الإمام بعيد قوله آمين، فمن فعل ذلك غفر الله له ما تقدم من ذنبه، أُعيد عليكم الحديث ليرسخ أولًا في بالكم ، ثم لتنطلقوا في عملكم على موجبه: ( إذا أَمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه )، فلولا أنني لمست هذا الخطأ في كل المساجد في كل البلاد التي جئتها أو نزلت فيها لما ذكرتكم بهذا، وكما قال تعالى: (( وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )).
الشيخ : وعليكم السلام.
السائل : لكم كلام على الجهر بالتأمين فنود سماعه ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : لكم كلام على الجهر بالتأمين بعد الإمام فنود سماعه.
الشيخ : الجهر بالتأمين إن كان متعلقًا بالإمام فهو سنة صحيحةٌ منصوصٌ عليها في حديث وائل بن حجر في * مسند أحمد * وغيره بالسند الصحيح.
أما إذا كان الجهر بالتأمين متعلقًا بالمقتدين والمأتمين فالراجح عندنا وليس اعتمادًا على نصٍّ صريحٍ في ذلك وإنما اتباعًا لبعض الآثار الواردة عن عبد الله بن الزبير ونحوه: " أن المسجد الحرام كان يرتجّ بتأمين المأتمين بزمانه بسبب جهرهم بآمين "، فالراجح عندنا بعد أن كُنا اخترنا الإسرار بالتأمين من المقتدين ترجح عندي أنَّ الأقرب إلى الصواب أن المقتدين يجهرون أيضاً مع الإمام.
ولا بد في مثل هذه المناسبة من التذكير بأمر طالما غفل عنه جماهير المصلين، ذلك الأمر هو كالإجماع مع الأسف الشديد على ذاك الخطأ وهو:
أن المقتدين يسابقون الإمام بـــــ: " آمين "، الخطأ أن المقتدين يسابقون الإمام بـــ آمين، فلا يكاد الإمام يفرغ من قوله: (( ولا الضالين )) إلا بادره المقتدون بآمين قبل أن يبتدأ الإمام نفسه بآمين.
والحديث صريح في عكس ما يفعله الجماهير اليوم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) إذا أمَّن فأمنوا، على وزان قوله عليه السلام: ( إذا كبر فكبروا ):
فلا يجوز مسابقة المقتدين للإمام بالتأمين كما لا يجوز لهم مسابقة الإمام بالتكبير، ( إنما جُعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين ):
الشاهد أنَّ هذا الحديث وهو متفق عليه بين البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- أنه لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بشيء من التكبير أو الركوع أو السجود أو ما بين ذلك، كذلك أيضاً لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بــــ آمين.
وإذا تنبهتم لهذا وأصغيتم إذا ما صليتم صلاة جهرية فستجدون مع الأسف الشديد أن جماهير المقتدين يسابقون الإمام بـــــ آمين، ولذلك فعلى كل مقتد بالإمام إذا سمع قول الإمام في آخر الفاتحة: (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) أن يحب نفسه المقتدي، عليه أن يضبط نفسه وألا يشرع بقوله آمين إلا بعد أن يسمع الإمام بدأ بقوله: آمين، حينئذ يمكن أن يكون المقتدي قد ائتم بالإمام، أَمَا والإمام لم يكد بعدُ ينتهي من قوله: (( ولا الضالين )) إلا المقتدين سبقوه بــــ آمين، فهذا خطأ صريح مخالف للقاعدة المشار إليها آنفًا في حديث أنس، بل ومخالف لهذا الحديث الخاص بالتأمين، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه )، ومن فضل الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين أن يسَّر لهم الأسباب الموجبة لهم لمغفرة رب العالمين، وهذا الحديث مِن ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرنا في هذا الحديث بأنَّ مغفرة الله تبارك وتعالى للمصلين تحصلُ فقط بألَّا نسبق الإمام بـــ آمين، وأن يأتي تأمينا مع تأمين الإمام بعيد قوله آمين، فمن فعل ذلك غفر الله له ما تقدم من ذنبه، أُعيد عليكم الحديث ليرسخ أولًا في بالكم ، ثم لتنطلقوا في عملكم على موجبه: ( إذا أَمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه )، فلولا أنني لمست هذا الخطأ في كل المساجد في كل البلاد التي جئتها أو نزلت فيها لما ذكرتكم بهذا، وكما قال تعالى: (( وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )).
تنبيه عن خطأ يقع فيه المصلين بأن يسابقوا الإمام بالتأمين ؟
ولا بد في مثل هذه المناسبة من التذكير بأمر طالما غفل عنه جماهير المصلين، ذلك الأمر هو كالإجماع مع الأسف الشديد على ذاك الخطأ وهو:
أن المقتدين يسابقون الإمام بـــــ: " آمين "، الخطأ أن المقتدين يسابقون الإمام بـــ آمين، فلا يكاد الإمام يفرغ من قوله: (( ولا الضالين )) إلا بادره المقتدون بآمين قبل أن يبتدأ الإمام نفسه بآمين.
والحديث صريح في عكس ما يفعله الجماهير اليوم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) إذا أمَّن فأمنوا، على وزان قوله عليه السلام: ( إذا كبر فكبروا ):
فلا يجوز مسابقة المقتدين للإمام بالتأمين كما لا يجوز لهم مسابقة الإمام بالتكبير، ( إنما جُعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين ):
الشاهد أنَّ هذا الحديث وهو متفق عليه بين البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- أنه لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بشيء من التكبير أو الركوع أو السجود أو ما بين ذلك، كذلك أيضاً لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بــــ آمين.
وإذا تنبهتم لهذا وأصغيتم إذا ما صليتم صلاة جهرية فستجدون مع الأسف الشديد أن جماهير المقتدين يسابقون الإمام بـــــ آمين، ولذلك فعلى كل مقتد بالإمام إذا سمع قول الإمام في آخر الفاتحة: (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) أن يحب نفسه المقتدي، عليه أن يضبط نفسه وألا يشرع بقوله آمين إلا بعد أن يسمع الإمام بدأ بقوله: آمين، حينئذ يمكن أن يكون المقتدي قد ائتم بالإمام، أَمَا والإمام لم يكد بعدُ ينتهي من قوله: (( ولا الضالين )) إلا المقتدين سبقوه بــــ آمين، فهذا خطأ صريح مخالف للقاعدة المشار إليها آنفًا في حديث أنس، بل ومخالف لهذا الحديث الخاص بالتأمين، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه )، ومن فضل الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين أن يسَّر لهم الأسباب الموجبة لهم لمغفرة رب العالمين، وهذا الحديث مِن ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرنا في هذا الحديث بأنَّ مغفرة الله تبارك وتعالى للمصلين تحصلُ فقط بألَّا نسبق الإمام بـــ آمين، وأن يأتي تأمينا مع تأمين الإمام بعيد قوله آمين، فمن فعل ذلك غفر الله له ما تقدم من ذنبه، أُعيد عليكم الحديث ليرسخ أولًا في بالكم ، ثم لتنطلقوا في عملكم على موجبه: ( إذا أَمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه )، فلولا أنني لمست هذا الخطأ في كل المساجد في كل البلاد التي جئتها أو نزلت فيها لما ذكرتكم بهذا، وكما قال تعالى: (( وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )).
أن المقتدين يسابقون الإمام بـــــ: " آمين "، الخطأ أن المقتدين يسابقون الإمام بـــ آمين، فلا يكاد الإمام يفرغ من قوله: (( ولا الضالين )) إلا بادره المقتدون بآمين قبل أن يبتدأ الإمام نفسه بآمين.
والحديث صريح في عكس ما يفعله الجماهير اليوم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) إذا أمَّن فأمنوا، على وزان قوله عليه السلام: ( إذا كبر فكبروا ):
فلا يجوز مسابقة المقتدين للإمام بالتأمين كما لا يجوز لهم مسابقة الإمام بالتكبير، ( إنما جُعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين ):
الشاهد أنَّ هذا الحديث وهو متفق عليه بين البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- أنه لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بشيء من التكبير أو الركوع أو السجود أو ما بين ذلك، كذلك أيضاً لا يجوز للمقتدين مسابقة الإمام بــــ آمين.
وإذا تنبهتم لهذا وأصغيتم إذا ما صليتم صلاة جهرية فستجدون مع الأسف الشديد أن جماهير المقتدين يسابقون الإمام بـــــ آمين، ولذلك فعلى كل مقتد بالإمام إذا سمع قول الإمام في آخر الفاتحة: (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) أن يحب نفسه المقتدي، عليه أن يضبط نفسه وألا يشرع بقوله آمين إلا بعد أن يسمع الإمام بدأ بقوله: آمين، حينئذ يمكن أن يكون المقتدي قد ائتم بالإمام، أَمَا والإمام لم يكد بعدُ ينتهي من قوله: (( ولا الضالين )) إلا المقتدين سبقوه بــــ آمين، فهذا خطأ صريح مخالف للقاعدة المشار إليها آنفًا في حديث أنس، بل ومخالف لهذا الحديث الخاص بالتأمين، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه )، ومن فضل الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين أن يسَّر لهم الأسباب الموجبة لهم لمغفرة رب العالمين، وهذا الحديث مِن ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبرنا في هذا الحديث بأنَّ مغفرة الله تبارك وتعالى للمصلين تحصلُ فقط بألَّا نسبق الإمام بـــ آمين، وأن يأتي تأمينا مع تأمين الإمام بعيد قوله آمين، فمن فعل ذلك غفر الله له ما تقدم من ذنبه، أُعيد عليكم الحديث ليرسخ أولًا في بالكم ، ثم لتنطلقوا في عملكم على موجبه: ( إذا أَمَّن الإمام فأمِّنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه )، فلولا أنني لمست هذا الخطأ في كل المساجد في كل البلاد التي جئتها أو نزلت فيها لما ذكرتكم بهذا، وكما قال تعالى: (( وذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )).
ما حال محمد بن إسحاق بن يسار المدني من حيث الجرح والتعديل ؟
السائل : سائل يسأل فيقول: محمد بن إسحاق بن يسار كيف حاله من حيث الجرح والتعديل ؟
وإذا انفرد بالحديث الذي فيه فقه، وإذا عنعن في التفسير فأحيانًا يصرح بالتحديث وأحيانًا لا يصرح فيعنعن !
الشيخ : محمد بن إسحاق بن يسار المدني هو إمام في السيرة بخاصة في السيرة النبوية، وإمامٌ في رواية الحديث بصورة عامة، ولكن فيه أمران اثنان:
الأول: أنه في كثير مِن الأحيان يروي عن بعض شيوخه ليس بنصٍّ يصرح فيه بالسماع مِن شيخه، فهو يقول وهو يكثر عادة في روايته عن نافع وهو من كبار التابعين فيقول في كثير من الروايات عنه: " عن نافع "، لا يقول: حدثني نافع ولا يقول: سمعتُ نافعًا وإنما يقول: عن نافعٍ أي: يروي بالعنعنة، فإذا روى في مثل هذه الحالة بالعنعنة يكون حديثه موقوفًا عن تصحيحه حتى يتبين في رواية صحيحة عنه أنه صرَّح بالتحديث كأن يقول: حدثني نافع، أو سمعت نافعًا، أما إذا قال: عن، فتكون روايته معللة بالعنعنة، أي: هو من جملة المدلِّسين الذين يُحتج بحديثهم إذا صرحوا بالسماع أو بالتحديث، ولا يحتج بحديثهم إذا ما عنعنوه، هذه حال ابن إسحاق إذا ما عنعن.
ولكنه إذا صرح بالتحديث فحديثه ليس في مرتبة الحديث الصحيح ولا في مرتبة الحديث الضعيف، وإنما حديثه وسط بين هذا وذاك أي: هو حسن الحديث، ابن إسحاق إذا صرَّح بالتحديث يكون حديثه حسناً.
وإذا انفرد بالحديث الذي فيه فقه، وإذا عنعن في التفسير فأحيانًا يصرح بالتحديث وأحيانًا لا يصرح فيعنعن !
الشيخ : محمد بن إسحاق بن يسار المدني هو إمام في السيرة بخاصة في السيرة النبوية، وإمامٌ في رواية الحديث بصورة عامة، ولكن فيه أمران اثنان:
الأول: أنه في كثير مِن الأحيان يروي عن بعض شيوخه ليس بنصٍّ يصرح فيه بالسماع مِن شيخه، فهو يقول وهو يكثر عادة في روايته عن نافع وهو من كبار التابعين فيقول في كثير من الروايات عنه: " عن نافع "، لا يقول: حدثني نافع ولا يقول: سمعتُ نافعًا وإنما يقول: عن نافعٍ أي: يروي بالعنعنة، فإذا روى في مثل هذه الحالة بالعنعنة يكون حديثه موقوفًا عن تصحيحه حتى يتبين في رواية صحيحة عنه أنه صرَّح بالتحديث كأن يقول: حدثني نافع، أو سمعت نافعًا، أما إذا قال: عن، فتكون روايته معللة بالعنعنة، أي: هو من جملة المدلِّسين الذين يُحتج بحديثهم إذا صرحوا بالسماع أو بالتحديث، ولا يحتج بحديثهم إذا ما عنعنوه، هذه حال ابن إسحاق إذا ما عنعن.
ولكنه إذا صرح بالتحديث فحديثه ليس في مرتبة الحديث الصحيح ولا في مرتبة الحديث الضعيف، وإنما حديثه وسط بين هذا وذاك أي: هو حسن الحديث، ابن إسحاق إذا صرَّح بالتحديث يكون حديثه حسناً.
بيان بعض مسائل مصطلح الحديث وتطوره بين المتقدمين والعصور المتأخرة التي استقر فيها المصطلحات كالحديث الحسن.
الشيخ : ولا يخفى عليكم -إن شاء الله- جميعًا أن مرتبة الحديث الصحيح أَعلى مِن مرتبة الحديث الحسن وهذا أعلى من مرتبة الحديث الضعيف، ولكن الاصطلاح في الحديث الذي يُحتج به أنَّ بعضَه صحيحٌ وبعضَه حسنٌ فهذا اصطلاح لم يكن شائعًا في أول بدء نشوء علم الحديث، فعلماء الحديث القُدامى الحديث عندهم ينقسم إلى قسمين: صحيح وضعيف، لكن شأن كل علمٍ يُبدأُ بِه أن يكون غير محرر تمام التحرير، وكلَّما مضى عليه عهدٌ كلَّما زاد تحريرًا وتدقيقًا، ولذلك فعلماء الحديث في مصطلحهم جعلوا الحديثَ المحتج به مقسوم إلى قسمين: صحيح وحسن، لكن هذا الحديث الحسن لم يكن متداولاً بين علماء الحديث قديماً، أول مَن عرف باستعماله هو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وأول مَن أذاعه وأشاعه هو تلميذه الإمام الترمذي، فإذا كان الأمر كذلك فهذا يفيدنا ألَّا نَتحامل كثيرًا على بعض مَن يقول في حديث ابن إسحاق إنه حديث صحيح، لأن الصحيح يدخل فيه الحسن أيضًا بالنسبة لاصطلاح المحدثين المتقدمين منهم.
وإذا عرفنا هذا التفصيل عرفنا حينذاك بدقة أنَّ حديث ابن إسحاق هو وسطٌ بين الحديث الصحيح وبين الحديث الضعيف، هو حسنٌ ومرتبة أو منزلة الحديث الحسن عند المحدثين أن يُحتج به كما يُحتج بالحديث الصحيح تماماً.
وإذا عرفنا هذا التفصيل عرفنا حينذاك بدقة أنَّ حديث ابن إسحاق هو وسطٌ بين الحديث الصحيح وبين الحديث الضعيف، هو حسنٌ ومرتبة أو منزلة الحديث الحسن عند المحدثين أن يُحتج به كما يُحتج بالحديث الصحيح تماماً.
5 - بيان بعض مسائل مصطلح الحديث وتطوره بين المتقدمين والعصور المتأخرة التي استقر فيها المصطلحات كالحديث الحسن. أستمع حفظ
بيان خطأ بعض الناشئين في علم الحديث الظانين بأن الحديث الحسن لا ينبغي أن يكون في رواته أي مغمز، وهذا غير صحيح كحال ابن إسحاق فقد قلَّ ضبطه عن درجة الثقة.
الشيخ : إلا أنَّ هناك شيئاً لا بد من التنبيه عليه، لأن كثيرًا من إخواننا الطلاب الناشئين في هذا العلم، العلم العظيم، علم الحديث، يظنون أن الحديث الحسن لا ينبغي أن يكون في بعض أو أحد رواته مغمز ما مطعن ما، هذا خطأ، لأن الراوي إذا قيل في حديثه بأنه حسن كما نحن الآن نتحدث عن ابن إسحاق فإنما ذلك لأن فيه شيء من الضعف في حفظه في ضطبه في إتقانه وإلا لجعلوا حديثه في مرتبة الحديث الصحيح، فكلما رأينا حكمًا لبعض المحدثين المحققين في حديث ما إنه حديث حسن ففي هذه الحالة يجب أن نتذكر أن في بعض رواته شيء مِن الضعف، فلا يجوز حينذاك لأحد الناشئين في العلم أن يقول: الحديث الفلاني حسَّنه الحافظ ابن حجر مثلاً أو العراقي أو الزيلعي وفيه فلان وقد قال فيه فلان: إنه ضعيف الحديث أو قال مثلاً يروي المناكير أو ما شابه ذلك من العبارات، لأن مثل هذا الغَمز أو هذا الطعن لا ينبغي أن نتشبَّث به وأن نجعله علة في هذا الحديث الذي حسنه إمام مِن أئمة الحديث كما أشرنا آنفًا، وإلا كان الحديث مثل هذا الناشئ مرتبتان فقط: صحيح وضعيف، أما المرتبة الوسطى فقد ألغاها بهذا النقد المستعجِل والنقد السريع الذي لم يكن على جمع كل الأقوال التي قيلت في هذا الراوي، وبعد ذلك أن يستصفيَ من هذه الأقوال ما يدل عليه علم مصطلح الحديث في القاعدة المعروفة: " إذا تعارض الجرح والتعديل قُدِّم الجرح على التعديل "، وهذه القاعدة أيضاً ليست على إطلاقها وشمولها، بل لها قيد وضابط: " الجرح مقدم على التعديل إذا كان الجرحُ مُبينًا سبُبُه "، وليس هذا أيضاً بالشيء الذي يكفي ليكون مبرراً ومسوغاً لتقبُل الجرح بعد أن بُيِّن السبب، بل لا بد من دراسة هذا السبب هل يصلح أن يكون سببًا جارحًا للراوي فيعتمد عليه ويعتبر حديثه حديثاً ضعيفاً، ذلك لأن كثيرًا من الأسباب التي تروى في الجرح لا قيمة لها في الجرح.
6 - بيان خطأ بعض الناشئين في علم الحديث الظانين بأن الحديث الحسن لا ينبغي أن يكون في رواته أي مغمز، وهذا غير صحيح كحال ابن إسحاق فقد قلَّ ضبطه عن درجة الثقة. أستمع حفظ
أمثلة على الأسباب التي لا يقبل الجرح بها " من خوارم المروؤة "
الشيخ : كما روي عن بعض المحدثين القدامى قيل له: " لماذا لا تروي عن فلان؟ قال: لأني رأيته راكبًا يومًا على برذون ": لعل كثيراً منكم لا يعرف البرذون ما هو !
هو فرس من حجم غير حجم الفرس العربي الذي تعرفونه جميعاً، فهو أقصر قامة وأملأ بدنا، ثم إن في مِشيته شيء من الخيلاء يضيق بسببه المسمى خيلًا من الخيلاء، هذا كان موجودًا عندنا إلى عهد قريب في سوريا قبل أن تنتشر استعمال السيارات، وكان يَركب هذا النوع بعض الجباة للأموال مثل الفرانة ونحو ذلك، فترى هذا الراكب على البرذون تمشي به هكذا فهو يختال، هو لا يقصد، لكن طبيعة البرذون هذا أنه يجعل الراكب عليه يختال به لخيلائه هو، الشاهد: كان جوابه بأني رأيته راكباً برذوناً، هذا ليس له علاقة بالجرح، لأن الجرح إنما يثبت بأحد شيئين: إما طعناً فيه في صدقه أو طعنًا فيه في ضبطه وحفظه، أما أنه كان يركب برذوناً فنحن الآن نجد كبار المشايخ يركبون السيارات الفارهة مثلًا فما يعتبر هذا جرحاً وطعناً في عدالتهم أو في روايتهم.
كذلك روي عن بعضهم: " لماذا لا تروي عن فلان؟ قال: إني سمعت من داره آلة طرب ": يمكن أن يكون ما سمعه من الصوت أولًا من جاره وليس من داره، فأنتم تعلمون أن الدور إذا كانت متجاورة بعضها إلى بعض فليس من السهل الحكم بأن هذا الصوت خرج من هذه الدار أو من تلك، وفي مثل هذا الظن لا ينبغي الجرح والطعن، وقد يكون فعلاً الصوت صادرًا من نفس الدار ولكن ممن لا يملك هو أمره، كأن يكون بعض أولاده الناشزين والخارجين عن طاعته فهو بين أن يطرده وبين أن يتمتع به وعلى عِوج كما جاء في بعض الأحاديث، فقد يكون الصوت فعلاً من دار الرجل المحدِّث الذي جُرِح بسبب خروج صوت الآلة من داره ولكن له وجهة نظر في ذلك وله اجتهاد، فكثير من الآباء يُبتلون ببعض الأبناء فهم مثلًا لا يستقيمون على الجادَّة، لنضرب مثلاً واقعياً اليوم:
كثير من الشباب اليوم يتأثرون بالمدنية الغربية فهم يحلقون لحاهم، أحد الأولاد ينشأ في بيت فاضل، رجل صالح والأم صالحة، لكن الولد بسبب مخالطته للمجتمع المتأثر بالعادات الغربية الفاجرة، يحلق لحيته، ينصحه أبوه المرة بعد المرة والكرة بعد الكرة ولا تفيد فيه النصيحة، فماذا يفعل هذا الوالد ؟!
هو بين أمرين اثنين:
إما أن يطرده من داره، وإما أن يبقيه في داره على عُجره وبجره كما يقال، عسى ولعل أن يهتدي فيما بعد، فممكن مثل هذا الولد أن يستعمل العود أو أي آلة من آلات الطرب بدون رضا ذاك الأب، فإذن مجرد أن سمع ذاك المحدث الناقد مثل هذا الصوت مِن مثل هذا الراوي وهو عدل وهو حافظٌ ضابط لكن سمع منه آلة طرب لا يجوز الجرح بمثل هذا السبب.
هو فرس من حجم غير حجم الفرس العربي الذي تعرفونه جميعاً، فهو أقصر قامة وأملأ بدنا، ثم إن في مِشيته شيء من الخيلاء يضيق بسببه المسمى خيلًا من الخيلاء، هذا كان موجودًا عندنا إلى عهد قريب في سوريا قبل أن تنتشر استعمال السيارات، وكان يَركب هذا النوع بعض الجباة للأموال مثل الفرانة ونحو ذلك، فترى هذا الراكب على البرذون تمشي به هكذا فهو يختال، هو لا يقصد، لكن طبيعة البرذون هذا أنه يجعل الراكب عليه يختال به لخيلائه هو، الشاهد: كان جوابه بأني رأيته راكباً برذوناً، هذا ليس له علاقة بالجرح، لأن الجرح إنما يثبت بأحد شيئين: إما طعناً فيه في صدقه أو طعنًا فيه في ضبطه وحفظه، أما أنه كان يركب برذوناً فنحن الآن نجد كبار المشايخ يركبون السيارات الفارهة مثلًا فما يعتبر هذا جرحاً وطعناً في عدالتهم أو في روايتهم.
كذلك روي عن بعضهم: " لماذا لا تروي عن فلان؟ قال: إني سمعت من داره آلة طرب ": يمكن أن يكون ما سمعه من الصوت أولًا من جاره وليس من داره، فأنتم تعلمون أن الدور إذا كانت متجاورة بعضها إلى بعض فليس من السهل الحكم بأن هذا الصوت خرج من هذه الدار أو من تلك، وفي مثل هذا الظن لا ينبغي الجرح والطعن، وقد يكون فعلاً الصوت صادرًا من نفس الدار ولكن ممن لا يملك هو أمره، كأن يكون بعض أولاده الناشزين والخارجين عن طاعته فهو بين أن يطرده وبين أن يتمتع به وعلى عِوج كما جاء في بعض الأحاديث، فقد يكون الصوت فعلاً من دار الرجل المحدِّث الذي جُرِح بسبب خروج صوت الآلة من داره ولكن له وجهة نظر في ذلك وله اجتهاد، فكثير من الآباء يُبتلون ببعض الأبناء فهم مثلًا لا يستقيمون على الجادَّة، لنضرب مثلاً واقعياً اليوم:
كثير من الشباب اليوم يتأثرون بالمدنية الغربية فهم يحلقون لحاهم، أحد الأولاد ينشأ في بيت فاضل، رجل صالح والأم صالحة، لكن الولد بسبب مخالطته للمجتمع المتأثر بالعادات الغربية الفاجرة، يحلق لحيته، ينصحه أبوه المرة بعد المرة والكرة بعد الكرة ولا تفيد فيه النصيحة، فماذا يفعل هذا الوالد ؟!
هو بين أمرين اثنين:
إما أن يطرده من داره، وإما أن يبقيه في داره على عُجره وبجره كما يقال، عسى ولعل أن يهتدي فيما بعد، فممكن مثل هذا الولد أن يستعمل العود أو أي آلة من آلات الطرب بدون رضا ذاك الأب، فإذن مجرد أن سمع ذاك المحدث الناقد مثل هذا الصوت مِن مثل هذا الراوي وهو عدل وهو حافظٌ ضابط لكن سمع منه آلة طرب لا يجوز الجرح بمثل هذا السبب.
الكلام عن حد الحديث الحسن ومرتبة محمد بن إسحاق إمام السيرة، وبيان مثال زيادته المنكرة في حديث ابن مسعود في التشهد وهي قوله: ( ثم نهض ) .
الشيخ : الشاهد: أنَّ الحديث الحسن هي مرتبته مِن أدق علوم الحديث كما يصرح الإمام الذهبي -رحمه الله- في رسالته *الموقظة* لأن نظر الشخص الواحد يتردد في هذا الراوي بين أن يجعل حديثه صحيحًا أو يجعله ضعيفًا، وإنما درجة وسطى، وقد يأتي غيره فيرفعه إلى الصحيح، ويأتي ثالث فينزل به إلى الضعيف، لذلك لا ينبغي التسرع في رد بعض الأحاديث التي حسَّنها بعض الحافظ النقاد.
حديث ابن إسحاق هو من هذا النوع الدقيق الذي لا يُرفع حديثه إلى مرتبة الصحيح ولا يَنزل حديثه إلى مرتبة الحديث الضعيف وإنما هو حسنٌ يُحتج به إذا لم يكن هناك معارضٌ له هو أقوى منه، وأُنبه على شيء أخيرًا لنتوجه لسماع سؤال آخر، وهو:
أن المعروف المتداول بين كتب علماء الحديث وأصحاب التخريجات ونحو ذلك هو إعلال حديث ابن إسحاق بالعنعنة فقط، ولكن يجب التنبه إلى أنه قد يُعل أيضاً بالمخالفة، لأن حفظه ليس حفظاً قوياً كما فُهم من كلامنا السابق بحيث يكون بمرتبة الحديث الصحيح، فأحياناً نجد في بعض رواياته شيء مِن المخالفة التي يسميها علماء الحديث بـــــ " النكارة "، يحضرني على ذلك مثالٌ وقد رأينا هذا قد لجأ إليه بعض الذين كتبوا في نقض بعض الأحاديث أو تصحيحها:
يروي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه العظيم الموسوعة الحديثية المعروف بـ * مسند الإمام أحمد * يروي بالسند الصحيح إلى محمد بن إسحاق، ومحمد بن إسحاق يروي مُصرحاً بالتحديث عن شيخه لا أذكره الآن، عن ابن مسعود: ( أنه تعلم مِن النبي صلى الله عليه وسلم صفة التشهد ) المعروفة عند جماهير المصلين اليوم والمعروف باسم: تشهد ابن مسعود.
الشاهد أن هذه الرواية التي رواها الإمام أحمد عن ابن إسحاق بسنده الصحيح هو، لكن الوقفة الآن في نفس ابن إسحاق، قال: ( فإذا انتهى في التشهد الأول مِن التحيات قال: أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله نهض ): هذا الحديث لو صح كان دليلاً قاطعاً على أنه لا يُشرع في التشهد الوسط بعد التشهد شيء مِن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو شيء مِن الدعاء، لكن عند جمع طرق حديث ابن مسعود في التشهد وهي كثيرة والحمد لله، وأوسع من رأيت جمعاً لهذه الطرق هو الإمام الطبراني في * المعجم الكبير* المطبوع والحمد لله اليوم، فقد عُني عناية خاصة بجمع طرق حديث ابن مسعود في التشهد، كل هذه الطرق لا يوجد فيها ما صرح ابن إسحاق بأنه في التشهد الوسط إذا انتهى قام ونهض، فتعتبر هذه الزيادة التي زادها ابن إسحاق على سائر الثقات زيادة شاذَّة بل منكرة، فهذه الملاحظة وهي أنَّ حديث ابن إسحاق أحياناً ولو صرح بالتحديث يكون حديثه مردوداً وذلك لمخالفته لبعض الرواة الثقات.
حديث التشهد عن ابن مسعود موجود في كتب السنة وبخاصة منها الصحيحين، ولا يوجد فيهما بل ولا في غيرهما من السنن والمسانيد من طريق غير طريق ابن إسحاق هذه الزيادة التي جاء بها، فتفرد بها ابن إسحاق، حينئذ زيادته هذه لا تُقبل منه مع أنه قال: حدثني، صرح بالتحديث في هذه الواية، فإذن ابن إسحاق له علتان: العنعنة والتفرد أحياناً، لكنَّ التفرد يقبل بدون مخالفة ويرفض مع المخالفة، وهذا حال ابن إسحاق في بعض الأحيان إذا تفرد احتُجَّ به، وإذا خالف لم يحتج به، نعم.
حديث ابن إسحاق هو من هذا النوع الدقيق الذي لا يُرفع حديثه إلى مرتبة الصحيح ولا يَنزل حديثه إلى مرتبة الحديث الضعيف وإنما هو حسنٌ يُحتج به إذا لم يكن هناك معارضٌ له هو أقوى منه، وأُنبه على شيء أخيرًا لنتوجه لسماع سؤال آخر، وهو:
أن المعروف المتداول بين كتب علماء الحديث وأصحاب التخريجات ونحو ذلك هو إعلال حديث ابن إسحاق بالعنعنة فقط، ولكن يجب التنبه إلى أنه قد يُعل أيضاً بالمخالفة، لأن حفظه ليس حفظاً قوياً كما فُهم من كلامنا السابق بحيث يكون بمرتبة الحديث الصحيح، فأحياناً نجد في بعض رواياته شيء مِن المخالفة التي يسميها علماء الحديث بـــــ " النكارة "، يحضرني على ذلك مثالٌ وقد رأينا هذا قد لجأ إليه بعض الذين كتبوا في نقض بعض الأحاديث أو تصحيحها:
يروي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه العظيم الموسوعة الحديثية المعروف بـ * مسند الإمام أحمد * يروي بالسند الصحيح إلى محمد بن إسحاق، ومحمد بن إسحاق يروي مُصرحاً بالتحديث عن شيخه لا أذكره الآن، عن ابن مسعود: ( أنه تعلم مِن النبي صلى الله عليه وسلم صفة التشهد ) المعروفة عند جماهير المصلين اليوم والمعروف باسم: تشهد ابن مسعود.
الشاهد أن هذه الرواية التي رواها الإمام أحمد عن ابن إسحاق بسنده الصحيح هو، لكن الوقفة الآن في نفس ابن إسحاق، قال: ( فإذا انتهى في التشهد الأول مِن التحيات قال: أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله نهض ): هذا الحديث لو صح كان دليلاً قاطعاً على أنه لا يُشرع في التشهد الوسط بعد التشهد شيء مِن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو شيء مِن الدعاء، لكن عند جمع طرق حديث ابن مسعود في التشهد وهي كثيرة والحمد لله، وأوسع من رأيت جمعاً لهذه الطرق هو الإمام الطبراني في * المعجم الكبير* المطبوع والحمد لله اليوم، فقد عُني عناية خاصة بجمع طرق حديث ابن مسعود في التشهد، كل هذه الطرق لا يوجد فيها ما صرح ابن إسحاق بأنه في التشهد الوسط إذا انتهى قام ونهض، فتعتبر هذه الزيادة التي زادها ابن إسحاق على سائر الثقات زيادة شاذَّة بل منكرة، فهذه الملاحظة وهي أنَّ حديث ابن إسحاق أحياناً ولو صرح بالتحديث يكون حديثه مردوداً وذلك لمخالفته لبعض الرواة الثقات.
حديث التشهد عن ابن مسعود موجود في كتب السنة وبخاصة منها الصحيحين، ولا يوجد فيهما بل ولا في غيرهما من السنن والمسانيد من طريق غير طريق ابن إسحاق هذه الزيادة التي جاء بها، فتفرد بها ابن إسحاق، حينئذ زيادته هذه لا تُقبل منه مع أنه قال: حدثني، صرح بالتحديث في هذه الواية، فإذن ابن إسحاق له علتان: العنعنة والتفرد أحياناً، لكنَّ التفرد يقبل بدون مخالفة ويرفض مع المخالفة، وهذا حال ابن إسحاق في بعض الأحيان إذا تفرد احتُجَّ به، وإذا خالف لم يحتج به، نعم.
8 - الكلام عن حد الحديث الحسن ومرتبة محمد بن إسحاق إمام السيرة، وبيان مثال زيادته المنكرة في حديث ابن مسعود في التشهد وهي قوله: ( ثم نهض ) . أستمع حفظ
متى يقدم الجرح على التعديل والعكس ؟
السائل : سائل يسأل: يقدم الجرح على التعديل إذا عُلم الجرح، أما إذا لم يُعلم من يُقدم ؟
الشيخ : سبق الجواب، الجرح مقدم على التعديل إذا عُرف الجرح وكان الجرح مبيناً وكان فعلًا علة، فحينئذ فإذا لم يُعلم الجرح قُدِّم التعديل.
الشيخ : سبق الجواب، الجرح مقدم على التعديل إذا عُرف الجرح وكان الجرح مبيناً وكان فعلًا علة، فحينئذ فإذا لم يُعلم الجرح قُدِّم التعديل.
هل يرتقي الحديث الحسن لغيره إلى مرتبة الصحيح ؟
السائل : سؤال: هل يرتقي الحديث الحسن لغيره إلى مرتبة الصحيح ؟
الشيخ : الحديث الحسن إنما يُحسن بالنظر إلى طرقه، مما لا شك فيه أنَّ مثل هذا الحديث كلما زادت طرقه كلما زادت قوته، وإذا زادت قوته فيمكن أن يصل الحديث بمرتبة الصحيح وتكون مرتبته في الصحة أقوى مِن الحديث الصحيح لذاته، لأن الصحيح لذاته قد يكون فردًا أي: تفرد به ثقة، أما الحديث الحسن الذي رواه جمعٌ في كل فرد من أفراد هؤلاء الرواة ضعفٌ يسقط حديثه عادة عن مرتبة الحديث الحسن لذاته، لكن هذه المجموعة لا شك أنها ترفع الحديث إلى مرتبة الصحة وقد تجعله أقوى من الصحيح لذاته، هذه قضية على كل حال قضية نسبية، ولا يستطيع كل أحدٍ أن يحكم فيها حكماً صحيحاً دقيقاً إلا الذي يباشر جمع الطرق من جهة، ودراسة مفردات هذه الطرق من جهة أخرى هو الذي يستطيع أن يقول هذا حديث حسن لغيره أو حديث صحيح لغيره أو هو أصح من الحديث الصحيح لذاته .
نعم.
الشيخ : الحديث الحسن إنما يُحسن بالنظر إلى طرقه، مما لا شك فيه أنَّ مثل هذا الحديث كلما زادت طرقه كلما زادت قوته، وإذا زادت قوته فيمكن أن يصل الحديث بمرتبة الصحيح وتكون مرتبته في الصحة أقوى مِن الحديث الصحيح لذاته، لأن الصحيح لذاته قد يكون فردًا أي: تفرد به ثقة، أما الحديث الحسن الذي رواه جمعٌ في كل فرد من أفراد هؤلاء الرواة ضعفٌ يسقط حديثه عادة عن مرتبة الحديث الحسن لذاته، لكن هذه المجموعة لا شك أنها ترفع الحديث إلى مرتبة الصحة وقد تجعله أقوى من الصحيح لذاته، هذه قضية على كل حال قضية نسبية، ولا يستطيع كل أحدٍ أن يحكم فيها حكماً صحيحاً دقيقاً إلا الذي يباشر جمع الطرق من جهة، ودراسة مفردات هذه الطرق من جهة أخرى هو الذي يستطيع أن يقول هذا حديث حسن لغيره أو حديث صحيح لغيره أو هو أصح من الحديث الصحيح لذاته .
نعم.
هل هناك سنن عادات وسنن عبادات ؟
السائل : هل هناك سنن عادات وسنن عبادات، أفتونا مأجورين ؟
الشيخ : نعم، هذه المسألة في الواقع يجب أن يكون على بينة منها كثير من طلاب العلم، وبخاصة من كان منهم حريصاً كل الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن ينبغي أن تكون قُدوته أو أن يكون اقتداؤه به عليه السلام مقروناً بالعلم الصحيح وليس مقروناً بالعاطفة فقط، لأن العاطفة قد تحمل صاحبها على مخالفة الشرع في كثير مِن الأحيان، وما منشأ وقوع الغلاة مِن المحبين لرسول الله والمادحين له مدحاً لا يليق شرعاً إلَّا مِن هذا المنطلق، أنهم يبالغون في حبه عليه السلام دون نظر إلى القيود الشرعية فمثل ما قال عليه السلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: ( لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسولُه ) هذا الحديث نقيض ما يُنقل عمن اشتُهر بالبوصيري حينما يقول:
" دَعْ مَا ادَّعَتهُ النَّصَارَى في نَبِيِّهِمُ *** وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيْهِ وَاحْتَكِمِ "
دع ما دعته النصارى في نبيهم: ماذا قالت النصارى ؟
عسيى ابن الله، إذن أنت لا تقول محمد ابن الله وقل ما شئت بعد ذلك، لا، لا بد من وزن، ولعله يعني واحتكمِ يعني احتكم إلى الشرع، ونحن نعلم ما جاء في * مسند الإمام أحمد *: ( أن جماعة جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: أنت سيدنا وابن سيدنا وأنت خيرنا وابن خيرنا، فقال عليه السلام: قولوا بقولكم هذا أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ) يعني: لا يجركم إليه بمثل هذا السبيل الذي يزينه لكم مِن المبالغة في مدحه عليه السلام، وفي الحديث الآخر لما قيل له: ( أنت سيدنا قال: السيد الله ): أبى عليه السلام أن يوصف بأنه سيد أصحابه وهو بلا شك ليس سيد أصحابه فقط، بل هو كما قال عليه السلام بحقّ: ( أنا سيد الناس يوم القيامة )، ( أنا سيد ولد آدم )، ( آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ): ولكن لماذا قال عليه السلام لأولئك الذين مدحوه في وجهه بقولهم له: ( أنت سيدنا ) لماذا قال لهم: ( السيد الله )؟ خشية عليهم أن يستجرينهم الشيطان كما ذكر في الحديث السابق.
فالشاهد أنَّ الاعتدال في اتِّباع الرسول عليه السلام هو كالاعتدال في مدحه، فكما أنه يُخشى من هذا المدح أن يقع المادح في الغلو فيه فيتشبه بالنصارى، كذلك يخشى على المتبع للرسول عليه السلام الغلو، أن يقع في الغلو في اتباعه فيتبعه مما لا يحسن شرعاً اتباعه فيه، مثلًا:
ثبت في * صحيح مسلم *: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة وله أَربع غدائر ) أربع غدائر أي: أربع ضفائر، لأن اللهجات العربية تختلف، فبعضهم يُسمي ضفيرة المرأة ضفيرة، وبعضهم يسميها غديرة، والجمع غدائر ووإلى آخره، إلى اليوم يوجد في بعض البوادي العربية بعض الشباب في عنفوان شبابه لهم شعر طويل وقد ضفروه ضفائر أيضًا كما هو شأن النساء فيما مضى من الأيام، أما اليوم فقد استُأصلت الشعور كما ترون تقليدًا للكافرات أو الفاسقات إلا القليل من النساء المسلمات.
فالشاهد الرسول عليه السلام بناء على هذه العادة العربية دخل مكة وله أربع غدائر، وقد جاء في شمائله عليه السلام أنه كان له شعر طويل إذا قصُر بلغ شحمتي الأذنين وإذا طال بلغ رؤوس المنكبين، فلو أن إنساناً ربى شعره وكما يقولون اليوم يعني سواليف شاليش أو ما شابه ذلك، فهل هذا يكون من السنة التعبدية أم هذا من السنن العادية ؟
نقول: لا شك أن الرسول صح عنه أنه كان له هذا الشعر الطويل، وصح عنه كما سمعتم أنه في بعض الأحيان اتخذ منه أربع غدائر، فإذا ربّى المسلم شعره على أن ذلك عادة من العادات لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك عليه، لكنه إن فعل ذلك بدعوى إنه يتبع الرسول عليه السلام نقول له: قف، هذا ليس مجال للاتباع لأنه من العادات وليس من سنن العبادات فلا بد من هذا التقييد.
الشيخ : نعم، هذه المسألة في الواقع يجب أن يكون على بينة منها كثير من طلاب العلم، وبخاصة من كان منهم حريصاً كل الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن ينبغي أن تكون قُدوته أو أن يكون اقتداؤه به عليه السلام مقروناً بالعلم الصحيح وليس مقروناً بالعاطفة فقط، لأن العاطفة قد تحمل صاحبها على مخالفة الشرع في كثير مِن الأحيان، وما منشأ وقوع الغلاة مِن المحبين لرسول الله والمادحين له مدحاً لا يليق شرعاً إلَّا مِن هذا المنطلق، أنهم يبالغون في حبه عليه السلام دون نظر إلى القيود الشرعية فمثل ما قال عليه السلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: ( لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسولُه ) هذا الحديث نقيض ما يُنقل عمن اشتُهر بالبوصيري حينما يقول:
" دَعْ مَا ادَّعَتهُ النَّصَارَى في نَبِيِّهِمُ *** وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيْهِ وَاحْتَكِمِ "
دع ما دعته النصارى في نبيهم: ماذا قالت النصارى ؟
عسيى ابن الله، إذن أنت لا تقول محمد ابن الله وقل ما شئت بعد ذلك، لا، لا بد من وزن، ولعله يعني واحتكمِ يعني احتكم إلى الشرع، ونحن نعلم ما جاء في * مسند الإمام أحمد *: ( أن جماعة جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: أنت سيدنا وابن سيدنا وأنت خيرنا وابن خيرنا، فقال عليه السلام: قولوا بقولكم هذا أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ) يعني: لا يجركم إليه بمثل هذا السبيل الذي يزينه لكم مِن المبالغة في مدحه عليه السلام، وفي الحديث الآخر لما قيل له: ( أنت سيدنا قال: السيد الله ): أبى عليه السلام أن يوصف بأنه سيد أصحابه وهو بلا شك ليس سيد أصحابه فقط، بل هو كما قال عليه السلام بحقّ: ( أنا سيد الناس يوم القيامة )، ( أنا سيد ولد آدم )، ( آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ): ولكن لماذا قال عليه السلام لأولئك الذين مدحوه في وجهه بقولهم له: ( أنت سيدنا ) لماذا قال لهم: ( السيد الله )؟ خشية عليهم أن يستجرينهم الشيطان كما ذكر في الحديث السابق.
فالشاهد أنَّ الاعتدال في اتِّباع الرسول عليه السلام هو كالاعتدال في مدحه، فكما أنه يُخشى من هذا المدح أن يقع المادح في الغلو فيه فيتشبه بالنصارى، كذلك يخشى على المتبع للرسول عليه السلام الغلو، أن يقع في الغلو في اتباعه فيتبعه مما لا يحسن شرعاً اتباعه فيه، مثلًا:
ثبت في * صحيح مسلم *: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل مكة وله أَربع غدائر ) أربع غدائر أي: أربع ضفائر، لأن اللهجات العربية تختلف، فبعضهم يُسمي ضفيرة المرأة ضفيرة، وبعضهم يسميها غديرة، والجمع غدائر ووإلى آخره، إلى اليوم يوجد في بعض البوادي العربية بعض الشباب في عنفوان شبابه لهم شعر طويل وقد ضفروه ضفائر أيضًا كما هو شأن النساء فيما مضى من الأيام، أما اليوم فقد استُأصلت الشعور كما ترون تقليدًا للكافرات أو الفاسقات إلا القليل من النساء المسلمات.
فالشاهد الرسول عليه السلام بناء على هذه العادة العربية دخل مكة وله أربع غدائر، وقد جاء في شمائله عليه السلام أنه كان له شعر طويل إذا قصُر بلغ شحمتي الأذنين وإذا طال بلغ رؤوس المنكبين، فلو أن إنساناً ربى شعره وكما يقولون اليوم يعني سواليف شاليش أو ما شابه ذلك، فهل هذا يكون من السنة التعبدية أم هذا من السنن العادية ؟
نقول: لا شك أن الرسول صح عنه أنه كان له هذا الشعر الطويل، وصح عنه كما سمعتم أنه في بعض الأحيان اتخذ منه أربع غدائر، فإذا ربّى المسلم شعره على أن ذلك عادة من العادات لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك عليه، لكنه إن فعل ذلك بدعوى إنه يتبع الرسول عليه السلام نقول له: قف، هذا ليس مجال للاتباع لأنه من العادات وليس من سنن العبادات فلا بد من هذا التقييد.
ضرب مثال للبس النبي صلى الله عليه وسلم لحذاء له قبالان وأن ذلك من سنن العادات.
الشيخ : وإذا وقع المتبع في الغلو وخذوا مثالاً آخر: قد جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: ( أن النبي صلى الله عليه وآله كان له نعلان لهما ِقبالان ) قبالان: يعني سيرين، الإبهام في حجرة والأربع أصابع في حجرة أخرى، يعني في بعض البلاد هذا يُسمى بالصندل شبشب أما أدري يسمونه إيش ؟
السائل : حذاء.
الشيخ : حذاء اسم عام، فالمهم في الحذاء مثلاً الذي يغطي القدم الأصابع كلها، وفي هذا الحذاء الذي يُظهر أربع أصابع في سير والإبهام في سير، فإذا قيل لإنسان: أنت لماذا لبست هذا النعل الذي له قِبالان ؟
يقول: اتباعاً لسنة الرسول عليه السلام، يخرج من هذا الكلام أن الذي يلبس الحذاء الذي يغطي الخمس أصابع هذا يكون مخالفاً لسنة الرسول عليه السلام، هذا كله ليس مِن الصحة في شيء، لأن هذه مِن العادات وليست من العبادات، فكل ما فعله الرسول عليه السلام بحكم العادة والجبلة فليس للإنسان أن يتقصد التعبد والتقرب إلى الله بذلك، لماذا، وهنا السر والدقة ؟! لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد التقرب إلى الله بذلك الفعل الذي يتقصد المتبع له التقرب به إلى الله تبارك وتعالى، ولا بد للمقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتدي به في الأمرين كليهما معاً، لأنه إذا انفصل أحدهما عن الآخر وقعت المخالفة ولا بد، ما هما ؟
صورة الفعل، والقصد في ذاك الفعل.
السائل : حذاء.
الشيخ : حذاء اسم عام، فالمهم في الحذاء مثلاً الذي يغطي القدم الأصابع كلها، وفي هذا الحذاء الذي يُظهر أربع أصابع في سير والإبهام في سير، فإذا قيل لإنسان: أنت لماذا لبست هذا النعل الذي له قِبالان ؟
يقول: اتباعاً لسنة الرسول عليه السلام، يخرج من هذا الكلام أن الذي يلبس الحذاء الذي يغطي الخمس أصابع هذا يكون مخالفاً لسنة الرسول عليه السلام، هذا كله ليس مِن الصحة في شيء، لأن هذه مِن العادات وليست من العبادات، فكل ما فعله الرسول عليه السلام بحكم العادة والجبلة فليس للإنسان أن يتقصد التعبد والتقرب إلى الله بذلك، لماذا، وهنا السر والدقة ؟! لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد التقرب إلى الله بذلك الفعل الذي يتقصد المتبع له التقرب به إلى الله تبارك وتعالى، ولا بد للمقتدي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتدي به في الأمرين كليهما معاً، لأنه إذا انفصل أحدهما عن الآخر وقعت المخالفة ولا بد، ما هما ؟
صورة الفعل، والقصد في ذاك الفعل.
ضرب بعض الأمثلة لسنن العبادات التي يخالف فيها بعض الناس بالنية دون الظاهر، وكذا بيان بعض سنن العادات التي يتقرب بها بعض الناس وهي ليست عبادة
الشيخ : صورة الفعل والقصد والنية في ذلك الفعل، وخذوا مثالاً الآن في العبادات التي لا خلاف فيها:
لو أنَّ مسلماً صلى ركعتي الفجر سنة الفجر، وهذه بلا شك عبادة، وهي كما قال عليه السلام : ( ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها ) لو صلاها مصل بنية الوجوب، هل يكون مقتدياً بالرسول ؟
سيكون جوابكم جميعاً -إن شاء الله- لا يكون متبعاً للرسول، لماذا؟
لأنه خالفه في نيته، صحيح وافقه في فعله، كان يصلي ركعتين فهو يصلي ركعتين، لكن إذا نوى بهاتين الركعتين أنهما واجبتان فقد خالف الرسول عليه السلام لأنه لم يكن ينوي الوجوب، وكيف وقد ثبت عنه بطرقٍ متعددة أن الله تبارك وتعالى فرض على أمته خمس صلوات في كل يوم وليلة لا تقبل الزيادة ولا تقبل النقص، فمن صلى إذن ركعتي الفجر بِنية غير نية الرسول عليه السلام لا يكون متبعاً له بل يكون مخالفاً له.
إذا جئنا لمن يُطيل شعره يتقرب إلى الله عز وجل بهذه الإطالة فقد خالف السنَّة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أطال شعره ما قصد التقرب به إلى الله تبارك وتعالى.
على العكس من ذلك تماماً: قصر القميص وجعله إلى نصف الساقين، من فعل ذلك مقتدياً بالرسول عليه السلام فهو مأجور وهذه من سنن العبادة وليست من سنن العادة، فكل فعل فعله الرسول عليه السلام بباعث العادة أو بباعث الطبيعة والجبلة لا ينبغي للمسلم أن يبالغ في ذلك وأن يفعله متقرباً إلى الله تبارك وتعالى.
جاء في الصحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على مائدة فقيل له: هذا لحم ضب، فأمسك عن الطعام، وكان أحد الصحابة يأكل منه بشراهة وبحب بالغ وتسيل مرقة هذا اللحم على لحيته، ورسولنا صلوات الله وسلامه عليه ينظر إليه نظرة المتعجب، حتى توهم ذلك المحب ).
( أجد نفسي تعافه ): فإذن من كان يحب أكل لحم الضب كخالد بن الوليد لا يكون مخالفاً للسنة، والذي يكره بجبلته أكل هذا النوع من اللحم لا يكون متبعاً للسنة لأن هذه ليس لها علاقة بالعبادة، وعلى ذلك فقس.
فسُئلت اليوم عن إنسان يُرى بأنه قد فك أزرار قميصه هكذا، ويظهر منه صدره مثلاً، لماذا تفعل هكذا ؟
قال: هكذا جاء في الحديث والحديث عن ابن عمر: ( أنه رأى الرسول عليه السلام قد حلل أزرار قميصه حتى بدا منه صدره ): يا أخي يمكن أن يكون الرسول مشوب بسبب الحرارة أراد أن يترطب بعض الشيء ففك القميص، فليس هناك ما يُشعر بأن من السنة أن يحل الأزرار الإنسان ويكشف عن صدره وإلا، أنا أقول من عندي، هذه فلسفة من عندي قد تكون صواباً وقد تكون خطأ: إذن لا حاجة لوضع الأزرار لأنه يكون عبثاً، لا، لأن الأزرار فيها مصلحة، إن كان يريد أن يتقي البردَ زرر، وإن كان يريد التبرد فكَّها وهكذا، فهذه القضية ليس لها علاقة إذن بالعبادة، وإنما هي من العادة فيجب أن نفرق بين سنن العادة وسنن العبادة.
لو أنَّ مسلماً صلى ركعتي الفجر سنة الفجر، وهذه بلا شك عبادة، وهي كما قال عليه السلام : ( ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها ) لو صلاها مصل بنية الوجوب، هل يكون مقتدياً بالرسول ؟
سيكون جوابكم جميعاً -إن شاء الله- لا يكون متبعاً للرسول، لماذا؟
لأنه خالفه في نيته، صحيح وافقه في فعله، كان يصلي ركعتين فهو يصلي ركعتين، لكن إذا نوى بهاتين الركعتين أنهما واجبتان فقد خالف الرسول عليه السلام لأنه لم يكن ينوي الوجوب، وكيف وقد ثبت عنه بطرقٍ متعددة أن الله تبارك وتعالى فرض على أمته خمس صلوات في كل يوم وليلة لا تقبل الزيادة ولا تقبل النقص، فمن صلى إذن ركعتي الفجر بِنية غير نية الرسول عليه السلام لا يكون متبعاً له بل يكون مخالفاً له.
إذا جئنا لمن يُطيل شعره يتقرب إلى الله عز وجل بهذه الإطالة فقد خالف السنَّة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أطال شعره ما قصد التقرب به إلى الله تبارك وتعالى.
على العكس من ذلك تماماً: قصر القميص وجعله إلى نصف الساقين، من فعل ذلك مقتدياً بالرسول عليه السلام فهو مأجور وهذه من سنن العبادة وليست من سنن العادة، فكل فعل فعله الرسول عليه السلام بباعث العادة أو بباعث الطبيعة والجبلة لا ينبغي للمسلم أن يبالغ في ذلك وأن يفعله متقرباً إلى الله تبارك وتعالى.
جاء في الصحيح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على مائدة فقيل له: هذا لحم ضب، فأمسك عن الطعام، وكان أحد الصحابة يأكل منه بشراهة وبحب بالغ وتسيل مرقة هذا اللحم على لحيته، ورسولنا صلوات الله وسلامه عليه ينظر إليه نظرة المتعجب، حتى توهم ذلك المحب ).
( أجد نفسي تعافه ): فإذن من كان يحب أكل لحم الضب كخالد بن الوليد لا يكون مخالفاً للسنة، والذي يكره بجبلته أكل هذا النوع من اللحم لا يكون متبعاً للسنة لأن هذه ليس لها علاقة بالعبادة، وعلى ذلك فقس.
فسُئلت اليوم عن إنسان يُرى بأنه قد فك أزرار قميصه هكذا، ويظهر منه صدره مثلاً، لماذا تفعل هكذا ؟
قال: هكذا جاء في الحديث والحديث عن ابن عمر: ( أنه رأى الرسول عليه السلام قد حلل أزرار قميصه حتى بدا منه صدره ): يا أخي يمكن أن يكون الرسول مشوب بسبب الحرارة أراد أن يترطب بعض الشيء ففك القميص، فليس هناك ما يُشعر بأن من السنة أن يحل الأزرار الإنسان ويكشف عن صدره وإلا، أنا أقول من عندي، هذه فلسفة من عندي قد تكون صواباً وقد تكون خطأ: إذن لا حاجة لوضع الأزرار لأنه يكون عبثاً، لا، لأن الأزرار فيها مصلحة، إن كان يريد أن يتقي البردَ زرر، وإن كان يريد التبرد فكَّها وهكذا، فهذه القضية ليس لها علاقة إذن بالعبادة، وإنما هي من العادة فيجب أن نفرق بين سنن العادة وسنن العبادة.
13 - ضرب بعض الأمثلة لسنن العبادات التي يخالف فيها بعض الناس بالنية دون الظاهر، وكذا بيان بعض سنن العادات التي يتقرب بها بعض الناس وهي ليست عبادة أستمع حفظ
هل هناك فاصل يوضح لنا الفرق بين سنن العادة وسنن العبادة ، ومتى تخرج سنة العادة فتصبح عبادة ؟
الشيخ : ومجمل القول: أنَّ ما كان يدور في البال أن هذا مِن سنن العادة إذا جاء نصٌّ في الحض عليه خرج عن كونه مِن سنن العادة ودخل في سنن العبادة، كمثل قوله عليه السلام: ( خير ثيابكم البياض، فألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم ): لولا هذا الحديث لكان لبس الرسول عليه السلام للبياض ذوق خاص، فأنت إذا كان مِن ذوقك أن تلبس البياض فبيض إذا صح التعبير وإلا فلا، ولكن ما دام جاء مثل هذا الحديث: ( خير ثيابكم البياض ): ارتفعت هذه العادة إلى مستوى السنن المستحبة والمشروعة، هذا ما يمكن أن يقال بهذه المناسبة، نعم.
14 - هل هناك فاصل يوضح لنا الفرق بين سنن العادة وسنن العبادة ، ومتى تخرج سنة العادة فتصبح عبادة ؟ أستمع حفظ
ما صحة حديث النهي عن الانتعال قائمًا ؟ وهل هذا ينطبق على جميع الأحذية مع الدليل ؟
السائل : أسئلة جاءت كثيرة حول صحة حديث النهي عن الانتعال قائمًا، وهل هذا ينطبق على جميع الأحذية والدليل، جزاكم الله خيرًا ؟
الشيخ : هذا الحديث لا شكَّ حديث صحيح، لكنه فيما يبدو لا يشمل كل النعال وإنما يختص ببعض النعال التي يجد المنتعل لها حين يريد أن ينتعلها شيئًا مِن المشقة، فخشية أن ينقلب على ظهره أو أن يقع مضجعًا على يمينه أو على يساره جاء الرفق مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا النهي.
أما النعل الذي هو كما تحدثنا آنفاً الذي ليس له سير يُشد وليس له عقب وإنما يدك الرجل بسهولة كما لو كان يمشي فلا نعتقد أن الحديث أراد مثل هذا النوع في جملة ما أراد من النعال.
أما قول السائل : ما الدليل، فأريد أن أُلفت نظر السائل بأن هذا السؤال كثيرًا ما نُسأل عنه فنقول: ينبغي على إخواننا طلاب العلم أن يتذكروا حقيقة علمية لا جدل فيها وهي: أن ليس كل مسألة يوجد فيها حديث فضلًا عن آية يكون الحديث مُفصلاً تفصيلًا يروق للسائل أن يكون بالوضوح الذي تمناه، لا يوجد في كثير من المسائل مثل هذا الوضوح، ولذلك جاء في * صحيح البخاري * من حديث أبي جُحيفة السُّوائي: ( أنه سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ -يعني: معشر أهل البيت- بشيء دون الناس؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صفحة أو صحيفة مكتوب عليها المدينة حرم -إلى آخر الحديث- ثم قال: وإلا -وهنا الشاهد- وإلا فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه ): هذا الفهم لا يشترك فيه كل الناس، لا يشترك فيه كل العلماء فضلًا أن يشترك فيه كل الناس جميعاً طالب علم وغير طالب علم، وإنما هو شيء ينقدح في قلب العالم ولا ينقدح في قلب عالم آخر فضلًا أن ينقدح في قلب كل الناس جميعاً، بعض الأحاديث هكذا تكون ليست مِن الوضوح بحيث أنه يشترك كل الناس في معرفته، فنحن إذا قلنا وذهبنا مذهب من فصَّل ذاك التفصيل في فهم حديث النهي عن الانتعال قائماً أنه لا بد من التفريق بين نعل سهل الانتعال وبين نعل صعب الانتعال، إذا قلنا هذا جاء السؤال: ما هو الدليل ؟!
ما في عندنا دليل أخي مفصل تفصيل على كيفك أيها السائل، إنما هو هذا الذي نراه، فمن اقتنع بما نرى فبها ونعمت، ورأيُنا بل ورأي كبار علمائنا المتقدمين منهم والمتأخرين ليس ملزماً للآخرين، ولكن هو نور يستضاء به بالنسبة للآخرين، فمن شرح الله صدره بمثل هذا التفصيل في مثل هذا الحديث أو غيره واطمأن إليه عمل به، وإلا فمجال الأخذ بالآراء الأخرى واسع جدًّا، وهذا ما نختم الحديث في الجواب عن هذا الحديث.
السائل : جزاك الله خير.
الشيخ : وإياكم.
الشيخ : هذا الحديث لا شكَّ حديث صحيح، لكنه فيما يبدو لا يشمل كل النعال وإنما يختص ببعض النعال التي يجد المنتعل لها حين يريد أن ينتعلها شيئًا مِن المشقة، فخشية أن ينقلب على ظهره أو أن يقع مضجعًا على يمينه أو على يساره جاء الرفق مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا النهي.
أما النعل الذي هو كما تحدثنا آنفاً الذي ليس له سير يُشد وليس له عقب وإنما يدك الرجل بسهولة كما لو كان يمشي فلا نعتقد أن الحديث أراد مثل هذا النوع في جملة ما أراد من النعال.
أما قول السائل : ما الدليل، فأريد أن أُلفت نظر السائل بأن هذا السؤال كثيرًا ما نُسأل عنه فنقول: ينبغي على إخواننا طلاب العلم أن يتذكروا حقيقة علمية لا جدل فيها وهي: أن ليس كل مسألة يوجد فيها حديث فضلًا عن آية يكون الحديث مُفصلاً تفصيلًا يروق للسائل أن يكون بالوضوح الذي تمناه، لا يوجد في كثير من المسائل مثل هذا الوضوح، ولذلك جاء في * صحيح البخاري * من حديث أبي جُحيفة السُّوائي: ( أنه سأل علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ -يعني: معشر أهل البيت- بشيء دون الناس؟ قال: لا، اللهم إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صفحة أو صحيفة مكتوب عليها المدينة حرم -إلى آخر الحديث- ثم قال: وإلا -وهنا الشاهد- وإلا فهمًا يؤتيه الله عبدًا في كتابه ): هذا الفهم لا يشترك فيه كل الناس، لا يشترك فيه كل العلماء فضلًا أن يشترك فيه كل الناس جميعاً طالب علم وغير طالب علم، وإنما هو شيء ينقدح في قلب العالم ولا ينقدح في قلب عالم آخر فضلًا أن ينقدح في قلب كل الناس جميعاً، بعض الأحاديث هكذا تكون ليست مِن الوضوح بحيث أنه يشترك كل الناس في معرفته، فنحن إذا قلنا وذهبنا مذهب من فصَّل ذاك التفصيل في فهم حديث النهي عن الانتعال قائماً أنه لا بد من التفريق بين نعل سهل الانتعال وبين نعل صعب الانتعال، إذا قلنا هذا جاء السؤال: ما هو الدليل ؟!
ما في عندنا دليل أخي مفصل تفصيل على كيفك أيها السائل، إنما هو هذا الذي نراه، فمن اقتنع بما نرى فبها ونعمت، ورأيُنا بل ورأي كبار علمائنا المتقدمين منهم والمتأخرين ليس ملزماً للآخرين، ولكن هو نور يستضاء به بالنسبة للآخرين، فمن شرح الله صدره بمثل هذا التفصيل في مثل هذا الحديث أو غيره واطمأن إليه عمل به، وإلا فمجال الأخذ بالآراء الأخرى واسع جدًّا، وهذا ما نختم الحديث في الجواب عن هذا الحديث.
السائل : جزاك الله خير.
الشيخ : وإياكم.
ما هو الضابط في معرفة الحديث الشاذ ؟ وكيف نفرق بينه وبين زيادة الثقة المقبولة ؟
السائل : السؤال الأخير -لأن الوقت قارب على الانتهاء الآن-.
الشيخ : جزاك الله خير.
السائل : السؤال الأخير: ما هو الضابط لمعرفة الحديث الشاذ، لأن بعض أهل العلم بالحديث يحسن أو يصحح حديثًا يرميه الآخر بالشذوذـ كحديث تحريك الإصبع ؟
الشيخ : نعم، هذه القضية في الواقع من دقائق علم الحديث، معرفة الحديث الشاذ، أولاً: مِن دقة المسألة أنهم اختلفوا في تعريف الحديث الشاذ، ثم تأتي دقة أخرى في تطبيق هذا التعريف لأن القضية قضية نسبية.
الحديث الشاذ هو: " ما خالف الثقة غيره من الثقات ممن هو أوثق منه، أو أكثر منه عددًا، وليس الحديث الشاذ أن يتفرد الثقة برواية حديث ما دون أن يخالفَ غيره " هذا التعريف أول من عرفنا أنه أوضحه هو الإمام الشافعي رحمه الله وعلى ذلك جرى علماء الحديث وهو: أن يخالف الثقة من هو أوثق منه.
وحينئذ ننزل إلى الدقة الأخرى: كيف يمكن معرفة المخالفة هذه؟
هذه لا تظهر إلا بتتبع الطرق من جهة، وإلا باستحضار ترجمة كل راوي بدقة مِن جهة أخرى، فإذا كان الراوي ضابطاً حافظاً، وكان له اختصاص بالراوي عنه أو بالشيخ الذي روى عنه، فحينذاك يُعتدُّ بمخالفته لمن هو ثقة مثله أو ولو كان أوثق منه بصورة عامة، لكن اختصاصه بشيخه جعل له أرجحية على ذاك الثقة الذي هو أحفظ منه بصورة عامة، فالحديث الشاذ يتبين كما قلتُ آنفاً بدراسة ترجمة المخالِف والمخالَف، المخالِف أو المخالَفين، هذه الدراسة هي التي يمكن بها وزن إن كان الحديث الذي تفرد به الثقة شاذًا أو كان من باب ما يقول عنه علماء الحديث في تعريف آخر لهم: " زيادة الثقة مقبولة ": ولا تناقض بين هذه القاعدة وتلك كما يتوهم كثير من الناس، فهم يقبلون زيادة الثقة مطلقاً، لا، زيادة الثقة مقبولة بضابط ألا يكون الزائد شذَّ في زيادته وخالف في ذلك من هو أوثق منه، كل ما في الأمر حينما نقول: أوثق منه هذه بحاجة إلى تدقيق لأنه ربما يكون المخالِف فرداً والمخالفان له اثنين، ومع ذلك تكون رواية الثقة أرجح مِن رواية الاثنين، كيف هذا ؟!
يُنظر إلى قوة ضبط الثقة ونسبة قوة الضبط للمخالِفين له، كما عبر عن ذلك بعض الشعراء في غير هذه المناسبة لكن في اقتباس، قال الشاعر:
" لا تُحارِب بِناظِرَيكَ فُؤادي *** فَضَعيفانِ يَغلِبانِ قَوِيّاً ":
فالنسبة هذه تتراوح تارة يكون الضعيفين أفضل من قوي، وقوي يكون أقوى من قويين، لاحظ في ذلك نسبة القوة في كل من المخالِف أو المخالَف، هذا ما يمكن أن يقال الآن بالنسبة للحديث الشاذ .
ونرجو الله عز وجل أن ينفعنا بما علَّمنا وأن يزيدنا عِلمًا وهدىً وصلاحًا وتقى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ : جزاك الله خير.
السائل : السؤال الأخير: ما هو الضابط لمعرفة الحديث الشاذ، لأن بعض أهل العلم بالحديث يحسن أو يصحح حديثًا يرميه الآخر بالشذوذـ كحديث تحريك الإصبع ؟
الشيخ : نعم، هذه القضية في الواقع من دقائق علم الحديث، معرفة الحديث الشاذ، أولاً: مِن دقة المسألة أنهم اختلفوا في تعريف الحديث الشاذ، ثم تأتي دقة أخرى في تطبيق هذا التعريف لأن القضية قضية نسبية.
الحديث الشاذ هو: " ما خالف الثقة غيره من الثقات ممن هو أوثق منه، أو أكثر منه عددًا، وليس الحديث الشاذ أن يتفرد الثقة برواية حديث ما دون أن يخالفَ غيره " هذا التعريف أول من عرفنا أنه أوضحه هو الإمام الشافعي رحمه الله وعلى ذلك جرى علماء الحديث وهو: أن يخالف الثقة من هو أوثق منه.
وحينئذ ننزل إلى الدقة الأخرى: كيف يمكن معرفة المخالفة هذه؟
هذه لا تظهر إلا بتتبع الطرق من جهة، وإلا باستحضار ترجمة كل راوي بدقة مِن جهة أخرى، فإذا كان الراوي ضابطاً حافظاً، وكان له اختصاص بالراوي عنه أو بالشيخ الذي روى عنه، فحينذاك يُعتدُّ بمخالفته لمن هو ثقة مثله أو ولو كان أوثق منه بصورة عامة، لكن اختصاصه بشيخه جعل له أرجحية على ذاك الثقة الذي هو أحفظ منه بصورة عامة، فالحديث الشاذ يتبين كما قلتُ آنفاً بدراسة ترجمة المخالِف والمخالَف، المخالِف أو المخالَفين، هذه الدراسة هي التي يمكن بها وزن إن كان الحديث الذي تفرد به الثقة شاذًا أو كان من باب ما يقول عنه علماء الحديث في تعريف آخر لهم: " زيادة الثقة مقبولة ": ولا تناقض بين هذه القاعدة وتلك كما يتوهم كثير من الناس، فهم يقبلون زيادة الثقة مطلقاً، لا، زيادة الثقة مقبولة بضابط ألا يكون الزائد شذَّ في زيادته وخالف في ذلك من هو أوثق منه، كل ما في الأمر حينما نقول: أوثق منه هذه بحاجة إلى تدقيق لأنه ربما يكون المخالِف فرداً والمخالفان له اثنين، ومع ذلك تكون رواية الثقة أرجح مِن رواية الاثنين، كيف هذا ؟!
يُنظر إلى قوة ضبط الثقة ونسبة قوة الضبط للمخالِفين له، كما عبر عن ذلك بعض الشعراء في غير هذه المناسبة لكن في اقتباس، قال الشاعر:
" لا تُحارِب بِناظِرَيكَ فُؤادي *** فَضَعيفانِ يَغلِبانِ قَوِيّاً ":
فالنسبة هذه تتراوح تارة يكون الضعيفين أفضل من قوي، وقوي يكون أقوى من قويين، لاحظ في ذلك نسبة القوة في كل من المخالِف أو المخالَف، هذا ما يمكن أن يقال الآن بالنسبة للحديث الشاذ .
ونرجو الله عز وجل أن ينفعنا بما علَّمنا وأن يزيدنا عِلمًا وهدىً وصلاحًا وتقى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اضيفت في - 2021-08-29