بيان مفهوم السلفية واتباع سبيل المؤمنين.
لا شك أنهم الذين قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، بل الحديث المتواتر: ( خير الناس قرني ) -وكثير من الناس يروونه بلفظ: خير القرون، وما وجدنا له أصلاً في كثير من الروايات التي وقفنا عليها واستطعنا أن نحكم على الحديث بأنه من الأحاديث المتواترة، لا يوجد في طريق من هذه الطرق هذا اللفظ المشهور: خير القرون قرني-، لا وإنما اللفظ الصحيح: ( خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ) هؤلاء هم المقصودون مباشرةً بقوله تعالى : (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) نحن الآن في أوائل القرن الخامس عشر فإلى أي جماعة ننتسب، ليس عندنا جماعة ننتسب إلا هذه الجماعة الأولى التي شَهِد لها رسولُنا صلوات الله وسلامه عليه بالخير وبالتزكية، فمتى نقول الآن كلامًا جدلياً: متى يتفق المسلمون ولن يتفقوا على أن يرفعوا من بينهم كل هذه النسب المذهبية والفكرية، حينذاك نلتقي معهم على كلمة سواء، وهي: نحن مسلمون، لأننا في هذه الحالة نكون قد اتفقنا على الرجوع إلى كتاب الله وإلى حديث رسول الله وعلى ما كان عليه القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية، لكن هل هذا سيكون ؟!
ما أعتقد ذلك لأن الله يقول: (( ولا يزالون مختلفين * إلا مَن رحم ربك ولذلك خلقهم )).
هل تنصحون بتبني أصول ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام ؟
السائل : بالنسبة إلى تبني أُصول ابن حزم الظاهري في كتاب *الأحكام * هل بها شيء، يعني تبني هذه الأصول في فهم الفقه، وتطبيقها في الفقه يعني ؟
الشيخ : هذا طبعًا هو إذا تبناه عن تفهم وقناعة وليس عن تقليد فلا فرق إذا تبنى أصول ابن حزم أو أصول الشافعي في رسالته أو أصول الشاطبي أو نحو ذلك، المهم أن يتبنى ما يتبنى مِن القواعد العلمية الأصولية وهو مُقتنع بها، أما تقليدًا لابن حزم فنحن لم نرض أن نكون مقلدين لمن هو أعلى طبقة وأسمى عِلمًا من ابن حزم، فإذا كان ولا بد من التقليد فنحن نقلد من كان قبله، لكن نحن نتبصر كما أمرَ ربنا عز وجل في قوله: (( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومَن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ))، الذي يدرس أصول ابن حزم كالذي يدرس فروع ابن حزم في * محلَّاه * مثلًا، فإن كان عن اقتناع واتباع للدليل فحيَّ هلًا به، أما إن كان عن جمود وتقليد وتعصب فهذا ما لا نرضاه لمسلم، تفضل.
السائل : لو سمحت يعني في أصول ابن حزم إنكار القياس، وعدم الاعتبار بقول الصحابي أظن هذا يقصده الأخ.
سائل آخر : لا ما أقصده.
السائل : ما تقصد هذا ؟
الشيخ : إذن دعه، سؤاله عام، ونحن أجبناه وأنا في اعتقادي.
السائل : وفي عمومه تدخل فيه هذه الأشياء.
الشيخ : لا بد هو كذلك.
السائل : فهل له أن ينكر القياس ؟
الشيخ : أنا لا أعتقد أنه يوجد كتاب لا يُؤخذ عليه شيء مطلقًا، " أبى الله أن يتم إلا كتابه " كما يروى عن الإمام الشافعي، أنا في اعتقادي أن * الإحكام في أصول الأحكام * لابن حزم خير كتاب أُلف في الأصول على ما فيه من شذوذ، وذلك لأنه حقيقة كتاب أصول، بينما تجد كتب الأصول مجرد دعوى، مجرد قاعدة أصل يضعونه ويمشون، نعم ؟
السائل : نظريات.
الشيخ : أيوا ما في أدلة، بينما الأصول التي تُبنى يتفرع عليها ألوف المسائل الفرعية، هذه الأصول يجب أن تكون قد دُّعِّمت بقواعد قوية من كتاب الله ومن أحاديث رسول الله حتى يكون الإنسان مطمئنًا في الاستناد والاعتماد عليها، أنا في علمي ما وجدت كتابًا نحا منحى ابن حزم في تقعيد القواعد تلك الأصولية مع الأدلة التي هو يراها مع الابتعاد عن تشدده وشذوذه في بعض المسائل، تفضل.
السائل : أقول أبو محمد ابن حزم كتابه هذا على منهج علماء الحديث.
الشيخ : لا، ليس كذلك، علماء الحديث لا ينكرون القياس.
هل تقسيم الحافظ الذهبي لأئمة النقد إلى متشدد ومتوسط ومتساهل مسّلَّم به ؟
السائل : شيخ بالنسبة لتقسيم الحافظ الذهبي لأئمة النقد إلى متشدد ومتساهل ومتوسط، هل يُسلَّم هذا على إطلاقه، وكيف يعتبر ذلك عن تعارض قول المتشدد والمتساهل ؟
الشيخ : أعد عليَّ ما قلتَ.
السائل : أقول: الحافظ الذهبي قسم أئمة النقد إلى متشدد ومتوسط ومتساهل، فهل هذا التقسيم يسلَّم على إطلاقه، لأن كل راوي ضعفه متشدد فهو شدد في تضعيفه، ثم كيف يكون استعمال هذا التقسيم في ترجيح ؟!
الشيخ : يعني الذي أريد أن أفهمه من كلامك: يُسلَّم على إطلاقه يعني إذا قال: هذا متشدد مسمى بعينه يسلَّم على إطلاقه، وذاك متوسط وذاك متساهل ولا ماذا ؟
السائل : هل يسلم أولًا تقسيم الحافظ الذهبي ؟
الشيخ : لا بد هذا أمر واقع، هذا مسلَّم به.
السائل : طيب استعماله، كيفية استعماله ؟
الشيخ : هذا الذي أريد أن أفهمه منك، تعني الاستعمال يعني إطلاقًا كل من سماه بأنه مثلًا متوسط فيقبل كلامه لأنه متوسط ومعتدل دون بحث ودون أخذ والعكس بالعكس ؟
السائل : هو استعماله من الجهتين، إذا مثلًا متشدد وثق هل نعض عليه لأنه متشدد إطلاقًا هذا أمر، ثم عن التعارض عند تعارض من وثق ومن جرح كيف يكون استعمال هذا التقسيم ؟
الشيخ : ما عندي جواب الآن على في هذا .
تفضل.
من خلال قراءتنا في التراجم وجدنا ابن معين يوثق كثيراً من الرواة المضعفين من غيره، فهل مدل هذا على دراسة الرواة وعدم قبول تقسيم الذهبي للأئمة مطلقاً، فابن معين متشدد عنده ويظهر أنه خلاف ذلك، نرجو التوضيح.
الشيخ : على إطلاقه.
السائل : على إطلاقه، ينبغي أنا ندرس هذه الطبقات التي قال عنها الذهبي وقُلد فيها، ما دام ابن معين تكشف لنا أنه غير متشدد أنه يعني ذهب كثير من الأشياء يجعلنا نعيد النظر في.
الشيخ : هذا الذي أنا فهمته من سؤالك، يعني نأخذ من جعله من المتشددين على إطلاقه ومن جعله من المتوسطين على إطلاقه ومن، هكذا ؟
طبعًا جوابي: لا، لابد من البحث.
السائل : عند التعارض.
الشيخ : نعم.
السائل : يعني البعض يقول: إذا مثلًا وثق المتشدد وضعف مثلًا المتساهل يطرح قوله ويعتبر بقول المتشدد.
الشيخ : لا، يجب أن نرجع إلى القواعد.
السائل : من يأخذ بهذا القول.
الشيخ : نعم ؟
السائل : من يأخذ بها القول ؟
الشيخ : في صحيح، وأي شيء لا يقال، المهم أنه ينبغي أن نرجع إلى القواعد: " الجرح مقدم على التعديل "، " والتعديل يقبل ممن لا يعرف بمثل تساهل ابن حزم "، فلا بد من الرجوع للقواعد.
السائل : إذن على هذا ما نأخذ بالتقسيم السابق ؟
الشيخ : لا لا، ما نأخذه على إطلاقه، لابدَّ من بحث كل راو على حدة، طيب.
السائل : يا شيخ -جزاك الله خير- لو جمعت كتاب في الجرح والتعديل لأن الكلام يعني متناثر بأماكن، والكتب المشهورة الآن يعني فيها ما فيها، وهي التي تدرَّس وتستعمل فيه.
الشيخ : يا أستاذ لا تكلفنا ما لا نطيق وجزاك الله خيرًا.
السائل : هذا المجال يا شيخ !
4 - من خلال قراءتنا في التراجم وجدنا ابن معين يوثق كثيراً من الرواة المضعفين من غيره، فهل مدل هذا على دراسة الرواة وعدم قبول تقسيم الذهبي للأئمة مطلقاً، فابن معين متشدد عنده ويظهر أنه خلاف ذلك، نرجو التوضيح. أستمع حفظ
ما الحق في كلام العلماء على مسألة تسلسل الحوادث ؟
السائل : سؤالي على ثلاثة فروع يُقبل ؟
الشيخ : ثلاثة فروع ؟
السائل : نعم.
الشيخ : اذكر فرعًا ثم فرع ثم فرع.
السائل : ما الحق في كلام العلماء على مسألة تسلسل الحوادث ؟
الشيخ : هذا تكلمنا عنه أيضًا في بعض المجالس قريبة العهد، أظن كان هذا البحث في مجلس أبي معاذ، الجواب باختصار:
أننا لا نرى القول بهذا لسببين اثنين:
السبب الأول: أنه يتعارض مع إثبات أول مخلوق، وإثبات أول مخلوق بدون تعيين وتحديد كأنه أمرٌ متفق عليه حتى عند مَن قال بحوادث لا أوَّلَ لها.
والسبب الثاني وهو الأهم: أن الحديث في تحديد أول مخلوق صحيح عن الرسول عليه السلام وهو قوله: ( أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب، قال: ما اكتب ؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة )، الذي يقول بحوادث لا أول لها وبتسلسل بالقدم هو يقول صراحة: ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق، ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق وهكذا إلى ما لا أوَّلَ له، كيف يتفق هذا مع قوله عليه السلام الآنف الذكر: ( أول ما خلق الله القلم ) !.
يضاف إلى ذلك بأن القول هذا مع عدم وروده عن السلف وإنما هو فهم لبعض أئمة الخلف، دخول في التحدث عن أمرٍ غيبي أمر خطير جدًّا لمجرد الرأي والاجتهاد، والأمور الغيبية كما نعلم جميعًا لا ينبغي أن نتوسَّع فيها، بل علينا أن نقف عند النص وانتهى الأمر، تفضل.
السائل : جزاك الله خير، يعني أنا بعيد عهد بالحديث هذا، فيما قرأناه أن ابن تيمية وابن القيم يقولون إن هذا اللفظ جاء: ( أولَ ما خلق الله القلم ) فأول منصوب على الظرفية، لكن الآن أنا أسأل: هل ثبتت الروايات باللفظ الأول ؟
الشيخ : هو هذا وأنا بينته قديماً في * تخريج شرح الطحاوية * فرددت هذا التأويل، والأسلوب العربي وأنتم أعرف بأسلوبكم مني، أنا متعلق بلغتكم، فأنا إن صح شيء فأنا متعرب، أما أنتم العرب وأنتم الأصل.
السائل : لا لا إذا ثبت.
الشيخ : لا، بقولك: الرواية هكذا: ( أولُ ما خلق الله القلم ) مبتدأ وخبر ( فقال له: اكتب ) جملة استئنافية، ( قال: ما أكتب ؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ) فليس هنا نصب، وإنما مرفوع مبتدأً ومرفوع خبرًا، ثم جملة استئنافية متممة للكلام الأول.
السائل : لو ثبتت الرواية ممكن يعني تعتبر ظرفًا وتمشي على الوجوه العربية.
الشيخ : لو ثبتت !
السائل : لو ثبتت.
الشيخ : لكن كما جاء في بعض الآثار ولا مؤاخذة: " اجعل لو عند ذاك الكوكب ".
ثم لا تنسَ قلتُ آنفًا كلامًا له أهميته: لقد اختلف العلماء في أول مخلوق، وأشرتُ إلى أن الذي يقول بحوادث لا أول لها هو حكى هذا الخلاف ورجَّح خلاف هذا الحديث بما قام في نفسه أن: أوَّلَ منصوب على الظرفية، وقال: أول مخلوق هو العرش، إذن انتقضت الدعوة كلها، وهذا مهم كما لا يخفاكم.
السائل : لا يقول أول مخلوق ما هو أول مخلوق، يقول هو أسبق من القلم، لا يقول هو أول مخلوق.
الشيخ : لا لا يقول، يحكي المسألة الخلاف بين العلماء في تحديد أول مخلوق، ويرجح أن أول مخلوق هو العرش، إي نعم، وأنا الآن أستأذن من فضيلة الشيخ الساعة الآن الساعة التاسعة، خلاص انتهى بارك الله فيك، ارفقوا ارفقوا، تسمحون يا فضيلة الشيخ ؟
السائل : على راحتكم.
الشيخ : نعم ؟
السائل : أقول: على راحتكم.
الشيخ : جزاك الله خير.
هل صلاة المرأة في البيت أفضل مطلقا أم صلاتها في المسجد النبوي ؟
الشيخ : إي نعم.
هل صلاة الرجل للنافلة في بيته أفضل أم في المسجد النبوي ؟
الشيخ : كذلك.
السائل : كونه في المدينة أفضل من الحرم الرجل ؟
الشيخ : نعم.
السائل : حتى ولو لم يصل الفرض في الحرم ؟
الشيخ : ...
السائل : حتى أقصد الوتر أو قيام الليل إذا ما صلى العشاء في الحرم.
الشيخ : بيكون آثم.
السائل : كيف ؟
الشيخ : يكون آثماً إذا لم يصل الفرض في المسجد.
السائل : صلى في المسجد، لم يصل في المسجد النبوي يقصد، أيدرك فضل الصلاة ؟
الشيخ : نعم، يدرك فضل النافلة.
السائل : النافلة أفضل من ألف إذا صلى في مسجد غير المسجد النبوي، صلى النافلة في البيت، كذا يعني ؟
الشيخ : مَن صلى الفرض في غير المسجد النبوي فله فضل المساجد الأخرى، وإذا صلى النفل في بيته فله فضل ما لو صلى في المسجد النبوي وزيادة.
ما حكم بيع التقسيط والأجل؟ وما هو الفرق بينهما ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : ذكرت لي الفرق بين بيع الأجل وبيع التقسيط أن الأول جائز.
الشيخ : ما في فرق.
السائل : ما في فرق بين الأجر ؟
الشيخ : لا لا غير جائز.
السائل : كلاهما غير جائز، الأجل والتقسيط ؟
الشيخ : لأن بيع الأجل هو بيع التقسيط.
السائل : قد يكون.
الشيخ : لكن قد يكون بيع نسيئة بحيث أنه كلما تأخر زاد الربا، فهذا فيه نسيئة.
السائل : لكن الصور المعهودة الآن في بيع التقسيط هذه جائزة ؟
الشيخ : لا.
السائل : غير جائزة.
ما حكم استبدال سيارة قديمة بسيارة جديدة وهل يدخل هذا بالربا ؟
الشيخ : شو الصورة يا أخي أنت تخلط مسألة بأخرى.
السائل : استبدال سيارة قديمة بجديدة ؟
الشيخ : نعم.
السائل : في أي مسألة تقع ؟
الشيخ : كيفية الاستبدال ؟
السائل : تدفع الفرق، تأخذ الجديدة وتدفع الفرق الزيادة.
الشيخ : نقدًا ؟
السائل : إي.
الشيخ : ما فيها شيء.
السائل : ما فيها شيء، ما تكون بيعتان في بيعة ؟
الشيخ : لا، بمعنى تُقوَّم القديمة بألف والجديدة بثلاثة آلاف ويدفع ألفين.
السائل : ما فيها شيء.
الشيخ : لا.
ما هي علة التحريم في بيع التقسيط ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : علة التحريم التقسيط أنه يعود إلى بيعتين في بيعة يعني ؟
الشيخ : علة التحريم في ماذا ؟
السائل : بيع التقسيط.
الشيخ : طبعًا لأنه هو قال: ( فله أوكسهما أو الربا ).
هل الأشاعرة من الفرق الضالة ؟
الشيخ : ما فهمتك.
السائل : أقول: الأشاعرة هل هم من الفرق الضالة ؟
الشيخ : الأشاعرة ؟
السائل : إي.
الشيخ : تحدثنا اليوم، فيهم ضلال.
السائل : هل هم من الفرق ؟
الشيخ : الله أعلم ! حسبك أن تعلم فيهم ضلال.
ما الذي يحل للرجل من الذهب ؟
الشيخ : للرجل ؟
السائل : للرجل.
الشيخ : لا يحل له شيء للزينة.
السائل : للزينة لا يحل شيء ولو قليل.
الشيخ : وإنما يحل له الضرورة والحاجة.
السائل : مثل الذي يوضع في بعض البشوت هذا ما يجوز خيوط ذهب أو شيء ؟
الشيخ : طبعاً.
هل يشترط في ثبوت الإجماع أن يعلم مستنده ؟
إذا أطلق أحد العلماء: أجمع أهل العلم، هل يشترط أن نعرف دليله أو مستنده ؟
الشيخ : لا يمكن إثبات هذا الإجماع، الإجماع هو المعلوم من الدين بالضرورة، فهو لا يحتاج إلى نقل بالسند.
السائل : معلوم مِن الدين بالضرورة! ما يحتاج أن نعرف لو نص من الرسول ليعرف الإجماع ؟
الشيخ : لا، ما عليه المسلمون دون خلاف بينهم على مرِّ الدهور والعصور فهو الذي يمكن أن يقال إنه إجماع، أما الإجماع في الآراء الفقهية التي لا يمكن أن نتصور اجتماع الأمة الإسلامية في مكان ما واتفاقهم على ذاك الرأي هذا مستحيل وقوعه، فبالأولى يستحيل نقله وروايته.
هل هناك دليل ثابت على زكاة عروض التجارة ؟
الشيخ : الزكاة التي يتحدثون عنها بأنها تقوَّم وأنه يُخرج منه بالمائة اثنان ونصف هذا لا دليل عليه.
السائل : ما عليه دليل ؟
الشيخ : إي نعم، لكن لا بد من إخراج شيء من الزكاة من باب إعمال النصوص العامة.
السائل : يعني القياس على الذهب والفضة غير قياس !.
الشيخ : لا قياس، لا قياس مع النص.
السائل : طيب ما رأيك كيف تخرج زكاتها ؟
الشيخ : هذا يعود إلى الغني الذي أغناه الله مِن فضله، فهو وتزكية نفسه: (( قد أفلح من زكَّاها * وقد خاب من دسَّاها )).
ما حكم نكاح الشغار ؟
الشيخ : رأيي أنه يجوز بشرط واحد وهو: ألَّا يكون من آثار هذا النكاح ما يكون عادة مِن آثار نكاح الشغار، بمعنى زيد تزوج أخت عمرو والعكس بالعكس، لكن كل واحد دفع المهر، فإذا ما وَقع خلاف بين زيد وزوجه سَرَتْ العدوى إلى عمرو وزوجه كالشغار تمامًا إن طلق هذا طلق ذاك، فلا يجوز ولو كان هناك مهر، إذا كان العُرف هكذا، أما إذا كان عادةً لا يترتب شيء من هذا الذي يترتب عادة من نكاح الشغار فما دام أنه وجد المهر فهو جائز.
السائل : ولو بشرط ؟
الشيخ : لعلي أوضحت ؟
السائل : نعم، لكن لو واحدًا منهما تزوج إرضاء لأخيها أو أبيها ليس حباً للزوجة يعني ؟
الشيخ : هذه مسألة أخرى سواء كان شغارًا أو لم يكن شغارًا، هنا نقول تزوجت برضاها أو كرهًا عنها، هذا بحث آخر ماذا تريد بهذا الشرط ؟
السائل : ولو اشترط أن يزوجه أخته بمثل المهر ؟
الشيخ : كل منهما أخذ الثانية بمهر لكن إذا كان يقع عادة خلاف بين الزوجين فيسري إلى الآخَرَين فلا يجوز ولو دفع المهر.
ما صحة حديث: ( هدايا العمال غلول ) ؟
الشيخ : ( هدايا العمال ).
السائل : ( هدايا العمال )، طيب صح ؟
الشيخ : نعم.
ما حكم الصلاة خلف معتزلة زماننا ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : الصلاة خلف المعتزلي على علم من المأموم ؟
الشيخ : أنت تحكي عن معتزلة أول الزمان ولا آخر الزمان ؟
السائل : آخر الزمان.
الشيخ : آخر الزمان، مَن هم معتزلة آخر الزمان في مكان تعني ؟
السائل : بعضًا من الأحناف.
الشيخ : هؤلاء ليسوا معتزلة، هؤلاء ماتريدية.
السائل : فيهم اعتزال على أقل تقدير بعد.
الشيخ : إذن تغيرت صورة سؤالك بين أن يكون معتزليًا وبين أن يكون فيه اعتزال فيختلف الأمر، كون الرجل فيه اعتزال لا يقال فيه: إنه معتزلي، قد يكون مِن أهل السنة وفيه اعتزال.
السائل : لكن هذا ليس متأخرًا، المعتزلة المتأخرة ما يستطيع.
الشيخ : فهمت جوابي !؟ قد يكون من أهل السنة وفيه اعتزال عند بعض أهل السنة، مثلاً مِن أحاديث الساعة في المجالس الخاصة والعامة بين طلاب العلم حديث: ( خلق الله آدم على صورة الرحمن ) يروون عن بعض الأئمة أنه قال: " من قال بخلاف هذا الحديث فهو جهمي "، وابن خزيمة معلوم بأنه من أئمة الحديث والسنة.
تنبيه من الشيخ حول الأفضل في رد السلام إن كان كاملاً بقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وزيادة: مغفرته.
الطالب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الشيخ : لأمر ما ألقيتُ السلام عليكم بما ينتهي إليه السلام، فقلتُ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فما سمعتُ منكم الرد إلا بالمثل، وكان طمعي أن أسمع الرد منكم بالأحسنِ إلا فرد من هنا ربما سمعته زاد: ومغفرته، وقد جرى نقاشٌ اليوم بيني وبين بعض الطلبة سألني هاتفياً وجرى هذا الحديث بمناسبة أنه ألقى السلام عليَّ.
أنا شعرتُ أنه قرأ هو لبعضهم نقدًا للحديث الذي ذكرتُه في بعض المجلدات من * سلسلة الأحاديث الصحيحة * أنَّ الصحابة كانوا إذا سلَّموا على النبي صلى الله عليه وسلم زاد هو: ( ومغفرته )، انتقد بعضهم هذا الحديث وذهب إلى أنه ضعيف، فما احببتُ أن أدخل معه في هذه النقطة التي فيها خلاف، أي: هل صح الحديث أم لم يصح، فقلت له: ما لك وللحديث الآن، حسبك القرآن، فربنا عز وجل يقول كما تعلمون جميعًا: (( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) قلت لهذا السائل : هل يجوز للمبتدئ السلامَ أن يقول ابتداءً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ فأجاب بالإيجاب، قلتُ: فما هو الرد الأحسن الذي ذكر في الآية السابقة؟ فعجبت مِن تردده وتلكؤه لأن الآية صريحة جدًّا: (( فحيوا بأحسن منها أو ردوها )) فالرد هو أن يقول السلام الذي أنا قلته فيرد بالمثل، أما الأحسن فأن يزيد عليه ولو لفظة وبركاته، قلت يا أخي لماذا هذا التردد، هذا نص من القرىن الكريم الذي لا يختلف فيه مسلمان، وهو صريحٌ في أنَّ هناك ردين لمن ابتدأ السلام: الرد الأول رد بالمثل، والرد الآخر رد بالأحسن، فأنا إذا قلتُ لكَ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فأنت أعدت عليَّ هذا السلام فقد رددت بالمثل، لكن لو أنك أردت أن تسمو في الرد وأن تحسن الردَّ بالأحسن كما جاء في الآية السابقة ألا تزيد على ما أنا قلته ؟ قال بعد دهي ومناقشة: أنه يبدو أن الأمر هكذا، فأنا ما أدري لماذا نحن نتردد حتى في تطبيق نصٍّ قرآني صريح لا يقبل التأويل ؟!
وإذا جاءنا حديثٌ يطابق نص القرآن لو كان هذا الحديث لا وجود له مطلقاً ما خسرنا الحكمَ الشرعي الذي صرح به القرآن، فإذن لماذا نقف عند هذا الحديث فنقول: هل هو صحيح أو ضعيف ؟!
إن كان المقصود هو محض البحث العلمي الحديثي فلا بأس، أما إن كان المقصود هو ألا نعمل بما تضمنه هذا الحديث من الفقه فمضمون هذا الحديث مضمون في نفس الآية الكريمة، ولذلك فأنا أقول لكم: ينبغي أن تنشروا العلم ليس فقط ما هو موضع خلاف بين أهل السنة والبدعة، ونتعصب نحن للسنة على أهل البدعة، ولا نتحدث إلا في هذه المسائل، بينما هناك مجالٌ واسع جدًّا مِن الفقه المستنبط من الكتاب فضلاً عن الفقه المستنبط من السنة، فهذا الفقه صريحٌ جاء عن السلف منتهى السلام: وبركاته، هذا كلام صحيح، لكن أساء بعضهم فهم هذه الآثار فظن أنه لا يجوز حتى في الرد، مُنتهى السلام في الابتداء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فلا يجوز هنا الزيادة، لأن الزيادة لم ترد لا في كتاب ولا في سنة، أما إذا كان المبتدي جاء بالسلام الكامل هذا فلا بد أن نزيد عليه إعمالًا للنص القرآني السابق وبالحديث الموافق له هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
والآن نسمع ما عندكم من أسئلة، وأرجو رجاء حارًا ألا تكون أسئلة متكررة، لأن الشيء المكرر يكون ممجوجًا ملفوظًا غير مرغوب فيه، فالعسل مثلًا يبقى الإنسان يأكل عسل عسل يمله ويكَلّ منه، لذلك نرجو أن تكون الأسئلة فيها نوع من الحاجة ومن الجِدّة، لا أن تكون متكررة، والآن نبدأ أولًا بالأيمن فالأيمن، لأنها سنة نبوية، ثم بالأقرب فالأقرب، لأن الناس يقولون: قال الله عز وجل: " الأقربون أولى بالمعروف "، رب ناس يقولون: لماذا قال الشيخ : " لأن الناس يقولون: الأقربون أولى بالمعروف " ، ولم يقل: قال الله عز وجل الأقربون أولى بالمعروف ؟
لأن هذا من الأوهام الشائعة، لا يوجد في القرآن هذا النص، إنما بعض الناس يتوهمون أن من آيات القرآن: الأقربون أولى بالمعروف، هذا ليس قرآناً ولكنه معنى مقبول شرعًا، فنحن نبدأ بالأقرب فالأقرب لهذا الذي ذكرناه مبتدئن بالأيمن فالأيمن لأن السنة كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب التيامن -وفي لفظ: التيمن- في كل شيء، في ترجله وفي تطهره وفي تنعله وفي شأنه كله ) ومن الشؤون ما نحن فيه في هذه الساعة.
18 - تنبيه من الشيخ حول الأفضل في رد السلام إن كان كاملاً بقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وزيادة: مغفرته. أستمع حفظ
ما هي الأدلة على دخول الجن في الإنس من الكتاب والسنة ؟
السائل : نعم.
الشيخ : تفضل.
السائل : ما هي الأدلة على دخول الجن في الإنس من الكتاب والسنة ؟
الشيخ : هذا بحث طُرق وشبعتم منه، والآية الكريمة: (( كالذي يتخبطه الشيطان من المس ))، والأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من معجزاته أنه أخرج بعض الشياطين من بعض المرضى فنشط المريض كأنما نشط من عقال، فحسبكم هذا، وهذه عقيدة صحيحة تلقتها الأمة بالقبول إلا المعتزلة وإلا من كان فيه اعتزال وقد لا يكون من المعتزلة.
نرجو توضيح المراد بقوله عليه السلام: ( يجري الشيطان من ابن آدم مجرى الدم ) ؟
الشيخ : لا، هذا الكلام أو هذا تحميل الحديث الصحيح هذا ما لا يتحمل، ومِن هنا ندخل في بحث هام جدًّا قد يغفل عنه كثير من طلبة العلم إن لم أقل قد يغفل عنه بعض أهل العلم أو على الأقل بعض من ينتسب إلى أهل العلم، قوله عليه السلام: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) له مناسبة، هذه المناسبة تشرحُ وتبين للسامع للحديث المعنى الصحيح المقصود من الحديث فلا يسعُه حينذاك أن يحمله ما لا يتحمل من المعنى، الحديث في * صحيح البخاري * وفي باب الاعتكاف منه بصورة خاصة، أو كتاب الاعتكاف الذي يلي كتاب الصيام: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان معتكفًا في مسجده فزارته زوجتُه صفية وجلست عنده مُدة، ثم خرج معها يقلِبُها إلى أهلها، فوقف معها بجانب المسجد في الطريق، وهو معها يتحدث مرَّ رجلان مِن الأنصار فلمَّا وقع بصرهما على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبجانِبه امرأة ): هم لا يعرفونها بطبيعة الحال، لأن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كُنَّ يحتجبن حتى في وجوههن وجوبًا وخصوصيةً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك كانت الفضليات النساء الفاضلات مِن الصحابيات الجليلات يُغطين أيضًا وجوههن تشبهًا بنساء الرسول عليه السلام أمهات المؤمنين، فما عرف هذان الرجلان هذه المرأة التي وقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم معها.
( فسارعا السير المشي، فقال لهما عليه الصلاة والسلام: على رِسلكما إنها صفية زوجتي، قالا: يا رسول الله إن كنا نشك في أحدٍ فما كنا لنشكّ بك يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري مِن الإنسان -وفي بعض الروايات-: من ابن آدمَ مجرى الدم ) إذا ربطنا هذا الحديث بمناسبته انكشف لنا المراد منه، ( يجري من الإنسان من ابن آدم مجرى الدم ):
بالوسوسة، وليس بالإيذاء والصرع كما زعم المشار إليه في كلام السائل .
الآن ننتقل لنسمع سؤالًا ثانيًا.
ما حكم ما يفعله بعض الطلبة من أوراد معينة ومياه مقروء عليها لرقية المصاب بالجن وما الطريقة الصحيحة لذلك ؟
السائل : نعم.
الشيخ : تفضل.
السائل : الآن بعض الطلاب يستخدمون أماكن معينة وأوراد معينة لرقاء المصاب بالجن، ويجعلون معهم ماء مثلاً مقروء عليه ويباع بأسعار أغلى من ثمنه نفسه، فهل هذا جائز، وكيف الطريقة ؟
الشيخ : ما في عندنا طريقة وردت عندنا في الشرع إلا تلاوة القرآن الكريم، ليس عندنا مما ورد إلا هذا، وإن كنا نعلم أنَّ ابن القيم وغيره من العلماء يأتون بأشياء أخرى ما أدري ثبتت لهم بالتجربة، أمَّا في السنة فما علمنا لذلك أصلًا، فنحن نقول: من كان يُخرج الجان مِن الصرعى بتلاوة كتاب الله عز وجل فهذا لا يجوز إنكاره، لأنه أمر ثابت ونافع دون أن يكون هناك شركٌ أو يكون فيه بدعة، هذا الذي نعلمه ولا نزيد عليه، تفضل.
السائل : شيخ هو يأخذ الماء.
الشيخ : بس.
21 - ما حكم ما يفعله بعض الطلبة من أوراد معينة ومياه مقروء عليها لرقية المصاب بالجن وما الطريقة الصحيحة لذلك ؟ أستمع حفظ
ما حكم قول الإخوة لبعضهم عند الافتراق: دعواتك مستدلين بقول أم سلمة رضي الله عنها لبعض الصحابة وهو مسافرين " لا تنسانا من دعائك "؟
الشيخ : أنا أولًا لا ..
السائل : ما سمعنا السؤال نرجو إعادته.
الشيخ : السائل هو يعيد السؤال.
السائل : جرى على ألسنة كثير من طلاب العلم قولهم: دعواتكم بعد الانصراف من اللقاء، وفي ظني -والله أعلم- أنهم لما يقولون: دعواتكم من غير أن يقصدوا فعلاً طلب الدعاء منه، وإنما أصبحت فقط عادة جارية على الألسن، ويقولون دليلهم في ذلك حديث في * صحيح مسلم * أو خبر في * صحيح مسلم * عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت لأحد الصحابة: ( لا تنسانا من دعائك ) وهو مسافر، فهل هذا الفعل من طلاب العلم هو مطابق لما قالته أم سلمة رضي الله عنها ؟
الشيخ : أنا أردت أن أقول: إني لا أستحضر حديثًا بهذا المعنى في * صحيح مسلم * فالعهدة على الراوي سواءً كان الراوي هو السائل أو كان غيره، أنا لا أعلم هذا الحديث، فإذا ثبت ذلك، فذلك لا يعني أنه مِن السنة أن يقول المسلم لمن يودعه: دعواتك، سواء كان يقصد الدعاء أو كان لا يقصد، هذا غير مهم، لأنه إن كان غير قاصد فهو لغو من الكلام لا قيمة له ولا وزن له، لكن القيمة تأتي فيما إذا كان يقصد ذلك، حينئذ يدخل هذا في باب الإحداث في الدين، إن صحَّ الحديث المنسوب إلى أم سلمة فهو يدل على ما يدل عليه أدلة أخرى مِن جواز دعوة المسلم لأخيه المسلم .
أما أن يُتخذ سنة بعد كل لقاء وعند كل افتراق فهذا شأنه شأن كثير من البدع التي يفعلها بعض الناس كمثل مثلًا المصافحة دبر الصلاة في بعض البلاد في سوريا في الأردن مثلًا، وقول بعضهم لبعض: تقبل الله، هذا دعاء، لكن التزامه دبر كل صلاة هو بلا شك مِن البدع، والبدعة التي يسميها الإمام الشاطبي: " بالبدعة الإضافية ".
خلاصة الجواب: إن قال المسلم لأخيه المسلم عند تلاق أو عند افتراق: ادع لي أو دعواتك فعل ذلك أحيانًا فلا مانع، أما التزام ذلك حتى تصبح كأنها سنة منقولة فهي حينئذٍ تدخل في باب: " البدعة الإضافية "، تفضل.
السائل : حديث يا شيخ ليس في * صحيح مسلم * بهذا اللفظ.
الشيخ : نعم ؟
السائل : أقول * صحيح مسلم * لا يوجد فيه هذا الحديث.
الشيخ : ما أقول أنا لا يوجد، العهدة على الراوي، أنا لا أعلم هذا.
22 - ما حكم قول الإخوة لبعضهم عند الافتراق: دعواتك مستدلين بقول أم سلمة رضي الله عنها لبعض الصحابة وهو مسافرين " لا تنسانا من دعائك "؟ أستمع حفظ
هل حديث: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) للإمام فقط أو للمأمومين كذلك، وما الجمع بينه وبين الآية الكريمة: (( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )) ؟
سائل آخر : تعقيب جزاك الله خير.
الشيخ : تفضل.
السائل : هذا الحديث لا وجود له في الكتب المذكورة، ولكن رواه الإمام أحمد عن عمر -رضي الله عنه- لما سافر للعمرة.
الشيخ : ذاك حديث آخر سامحك الله.
السائل : لأن فيه: ( لا تنسانا من دعائك ).
الشيخ : ذاك حديث آخر وهو حديث ضعيف.
السائل : نفس المتن.
الشيخ : إي لكن هو يعزو عن أم سلمة.
السائل : أقول يا شيخ فائدة الحديث الذي حققته أنت في * مختصر المنذري * عن أم الدارداء ليس عن أم سلمة.
الشيخ : عن أم الدرداء صدقت، صحيح أي نعم.
جوابًا عن سؤال الأخ الذي سأل حول: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، نقول: هذا الحديث فيه خلاف بين الفقهاء خلاف مديد طويل، والذي يهُمُّنا الآن ما يتعلق بالجواب عن السؤال:
هذا الحديث خلاصة الجواب أنَّه عامٌّ مخصوص، وذلك يعني أنه يجب على الإمامِ وعلى المنفردِ وعلى المقتدي بالإمام الذي لا يَسمع قراءة الإمام لسبب وأنتم فسروا الأسباب مِن عندكم، يجب على كل هؤلاء أن يقرأوا الفاتحة فإذا لم يفعلوا كانت صلاتهم باطلة.
أما من كان مقتديًا بالإمام ويسمع قراءة الإمام فلا يجوز له والحالةُ هذه أن يقرأ وراء الإمام حين يكون الإمام قارئاً، أمَّا إذا كان للإمام سكتة طويلة كهذه السكتة التي يفعلها بعض الناس المتذهبين بحيث يسكت الإمام بعد فراغه مِن الفاتحة لِيقرأ المقتدون من خلفه الفاتحة، إذا وجد المقتدي هذه الستكة استغلها وقرأ الفاتحة فيها، أو كان يقرأُ على السنة، يقطع الفاتحة آية آية: (( الحمد لله رب العالمين )) يأخذ نفس، (( الرحمن الرحيم )) يأخذ نفس، في هذه السكتات إن كان هو يستطيع أن يقرأ الفاتحة قرأها وإلا فقراءة الإمام له قراءة، هذا جوابنا عن ذاك السؤال، فإن كان قد أحطتُ بالإجابة عن السؤال فبها، وإلَّا إن فاتني شيء فذكرني.
23 - هل حديث: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) للإمام فقط أو للمأمومين كذلك، وما الجمع بينه وبين الآية الكريمة: (( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )) ؟ أستمع حفظ
إذا دخل المصلي الصلاة بعد قراءة الإمام للفاتحة فهل يقرأ دعاء الاستفتاح والفاتحة أم لا ؟
إذا دخل في صلاته بعد قراءة الفاتحة للإمام ؟
الشيخ : بعد قراءة الإمام للفاتحة ؟
السائل : وبعد الاستفتاح، وما دعا دعاء الاستفتاح.
الشيخ : خلاص مضى.
السائل : متى يقرأ الفاتحة ؟
الشيخ : هذا السؤال أصعب منه بالنسبة لبعض الناس، لعلكم سمعتم سؤاله الأخير، أنا قلتُ له: إن كنت أجبتُ عن سؤالك فبها وإن فاتني شيء فذكرني، لا أدري هو يستأنف سؤالاً آخر أو يذكرني بما فاتني.
المهم أنه يقول الآن: أنه إذا جاء المسبوق والإمام يقرأ من السورة وقد قرأ الفاتحة وإن كان يسكت سكتة وقرأ فيها من قرأ، لكن هو جاء والإمام يقرأ بعض الآيات فماذا يفعل ؟!
أصعب من هذا السؤال الذي يأتي المسجد ويجد الإمام راكعاً، هذا ما أدرك شيئاً من القراءة مطلقاً لا الفاتحة ولا ما بعد الفاتحة !
فجوابنا: أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة، وقلتُ ابتداء بأن هذا الحديث الأول: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) هو من العام المخصوص، مخصّصٌ في قضيتين اثنتين، ظهر لكم الآن ما هما:
القضية الأولى: أنه إذا كان يسمع قراءة الإمام فقراءته له قراءة فلا يقرأ هو الفاتحة، والفاتحة سقطت ركنيتها عنه.
والحال الثانية التي تُستثنى من عموم الحديث الأول: ( لا صلاة ) إذا جاء ووجد الإمام راكعاً بحيث لا يمكنه أن يقرأ الفاتحة ولو في الصلاة السرية التي يجب عليه أن يقرأ الفاتحة، فقد جاء في الحديث الصحيح، وهو مِن نوادر الأحاديث الصحيحة التي وفقنا الله عز وجل لاكتشاف بعض أسانيده المفقودة مِن عشرات بل مئات الكتب المطبوعة والمخطوطة، وجدناها في مخطوطة لــــــ " مسائل الإمام إسحاق بن منصور المروزي للإمام أحمد والإمام إسحاق بن راهويه "، جاء هناك الحديث في هذه المسائل بالسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أن من جاء والإمام راكع فليركع وليعتد بالركعة، ومن جاء والإمام ساجد فليسجد ولا يعتد بالركعة ): فإذن الذي جاء وقد انتهى الإمام من قراءة الفاتحة وشرع في قراءة بعض الآيات فقد سقطت عنه رُكنية الفاتحة لأن قراءة الإمام قراءة لمن خلفه.
السائل : جزاك الله خير.
24 - إذا دخل المصلي الصلاة بعد قراءة الإمام للفاتحة فهل يقرأ دعاء الاستفتاح والفاتحة أم لا ؟ أستمع حفظ
شيخ ما قولكم في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا ينازعونه بالقراءة، فقال في آخر الحديث لهم: ( لا تفعلوا إلا بأم الكتاب ) ؟
الشيخ : تجد الجواب في * صفة الصلاة *.
لكن أقول إيجازًا وتطمينًا للسائل ومن قد يكون في نفسه أثر لهذا السؤال:
هذا الحديث يظن كثير مِن الناس أنه يفيد وجوب قراءة الفاتحة على المؤتم، هنا مسألة فيها دقة لها علاقة بعلم أصول الفقه:
( لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ): ( لا تفعلوا ) أي: لا تقرأوا شيئاً من القرآن، هذا نهيٌ، ثم جاء الاستثناء: ( إلا بفاتحة الكتاب ) هذا الاستثناء يفيد جواز قراءة الفاتحة وليس وجوب قراءة الفاتحة، لأن المستثنى مِن النهي يفيد الإباحة ولا يفيد الوجوب. محرم على المحرم بالحج أو العمرة أن يصطاد، فلما قال الله عز وجل: (( وإذا حللتم فاصطادوا )) هذا الأمر لا يفيد الوجوب وإنما يرفع الحظر السابق وهو تحريم الصيد على المحرم.
مثله قوله تعالى: (( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) إلى آخر الآية، فقوله: (( فانتشروا في الأرض وابتغوا مِن فضل الله )) لا يعني أنه فرض عليكم الانتشار، وإنما يعني جاز لكم الانتشار بعد أن حرمت عليكم الانتشار بقوله: (( فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ))، فإذن لا يعني هذا الاستثناء وجوب الفاتحة لأن هذا الاستثناء من النهي، الاستثناء من النهي لا يعني الوجوب وإنما يعني الإباحة.
والذي يؤكد هذا المعنى الدقيق لفظ الحديث في * مسند الإمام أحمد *: ( فلا تفعلوا إلَّا أَن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب ) شوفوا التعبير يختلف: ( فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب )، الرواية الثانية: ( إلا أن تفعلوا ) يعني ما عليكم أن تقرأوا فلا يفيد الوجوب، فإذا جاء الحديث أو أحاديث تدل على عدم وجوب قراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية فلا منافاة بينها بين ما دلت عليه هذه الأحاديث وبين الحديث الذي ذكره السائل : ( فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب ) لا سيما من رواية الإمام أحمد: ( إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب ) .
عندك شيء ؟
السائل : في حديث يا شيخ: ( لا يكن أحدكم إمعة )، هل هو صحيح ؟
الشيخ : حديث: ( لا يكن أحدكم إمعة ).