بيان أهمية السؤال في طلب العلم.
فإن من الأساليب العلميَّة لنشر العلم النافع إن شاء الله هو ما أشار إليه ربنا عز وجل في كتابه : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، وكذلك قوله عليه السلام في حديث الذي أصيب بشجَّة في رأسه ثم أجنب ، واستفتى بعض من حوله ، فأفتوه بأن لا بد له من الاغتسال ، فاغتسل ، فكان عاقبة ذلك أنه مات ، وبلغ خبره النبيَّ صلى الله عليه وسلم بطبيعة الحال نختصر الحديث ، فقال عليه السلام: ( قتلوه قاتلهم الله ، ألا سألوا حين جهلوا ، فإنما شفاء العيِّ السؤال ) ( ألا سألوا حين جهلوا ، فإنما شفاء العيِّ السؤال ) فالتعلم بطريق السؤال والجواب هو طريقة سلفية مُتَّبعة أسَّسها الله عز وجل في كتابه ، وتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته ، ولذلك نرى أن هذه الطريقة في كثير من الأحيان تكون أنفع لبعض الحاضرين أو كل الحاضرين حسب المناسبات، لأن كلَّ واحد منهم يوجِّه ما عنده من المسائل التي يهتمُّ بها أكثر من غيرها ، وعلى ذلك فإذا كان عندكم بعض الأسئلة فنحب أن نسمعها ، وإن كان عندنا جواب عليها أجبنا ، وإلا وكلنا الأمر إلى عالمه، تفضل.
ما رأيكم فيما انتشر بين الناس من جلوس بعض الشباب للرقية وعقد مجالس خاصة لذلك مع بيع الماء والزيت المقروء عليه والتبرك به كذلك ؟
الشيخ : هذا السؤال سبق بالأمس القريب ، و أيضًا ذكرنا الجواب ، وقلنا : إن الذي نعلمه في هذه المسألة ليس إلا قراءة شيء من القرآن على االمصروع ، أما ما سوى ذلك فلا نعلم له أصلًا في السنة ، أما بيع الزيت والنَّفث فيه والتبرك به ، فهذا كذلك مما لا نعرف له أصلًا ، ولا نستطيع أن نقرَّ أمرًا ، أوَّلًا: لم نجد له أصلًا في الكتاب والسنة ، وثانيًا: لم نعرف ذلك من عمل سلفنا الصالح ، أما أن هناك ناسًا يفعلون ذلك أو لا يفعلون ، فهذا كما قلت أيضًا في الأمس القريب العهدة فيه على الراوي ، فنحن عندنا ما نعلم شيئًا من ذلك أبدًا، أما قضية التلاوة على المصروع، فأمر معهود على مرِّ العصور الإسلامية
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : فقط التلاوة ، - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - ، أما ما سوى ذلك فلا علم لنا به ، ولا نقرُّه لما سبق بيانه .
2 - ما رأيكم فيما انتشر بين الناس من جلوس بعض الشباب للرقية وعقد مجالس خاصة لذلك مع بيع الماء والزيت المقروء عليه والتبرك به كذلك ؟ أستمع حفظ
ما حكم استعمال الصعق الكهربائي في معالجة المصروع ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : الصعق بالكهرباء.
الشيخ : كمان في صعق بالكهرباء ؟
السائل : أي نعم .
الشيخ : ما أدري إذا الصعق بالكهرباء ، نحن نعرفه عند الأطباء .
السائل : يقولون مجرب .
الشيخ : عند الأطباء معليش ، الحقيقة أن هناك أمور تتعلق بالتجربة ، يعني هذا السؤال الأخير يلفت نظري إلى أن نقول شيئًا : هناك أمور تتعلق بالتجربة ولا تتعلَّق بالديانة ، فالصعق بالكهرباء أظنُّكم تعلمون أن هذا أمر معهود عند الأطباء الماديين ، فهم حينما يأتيهم بعض المُصابين بنوع من الصَّرع ، فيستعملون كل العلاجات المعهودة لديهم ، ثم يلجؤون إلى هذه التيَّارات الكهربائية على قاعدة " آخر الدواء الكي " ، فلا نستطيع أن نقول وبحثي الآن بالنسبة للأطباء الماديين لا نستطيع أن نقول ما حكم تسليط هذه التيارات الكهربائية على بعض المرضى المصابين بالصرع أو بغيره ، لأن الأمر لا يتعلق أولًا بالدين ، وإنما يتعلق بالطب ولستُ طبيبًا ، أما الدين فلم يتعرَّض لهذا لا سلبًا ولا إيجابًا .
تجارب في العلاج بالصوم الطبي.
وعلى سبيل أيضًا المثال الأخير مع شيء من الطرافة والنكتة ، هذا الذي كان يُصرع مما لمس من هذا النوع من الصوم من الفائدة ، صار كلما جاء إليه إنسان يشكو مرضًا ألمَّ به وعَيَا الأطباء علاجه يقول له عليك بالصوم ، عليك بالصوم ، جاءه شخص شاب وسيم يشكو إليه أمَّه ، وهي عجوز وأصبحت طريحة الفراش، ولا تستطيع أن تنطلق لقضاء حاجتها ، ومع أن لها ابنتين ممرَّضتين في بعض المستشفيات ملَّتا وكلَّتا من خدمتهما لأمِّهما العجوز ، لأنه تتصوَّرون معي أصبحت في حالة يعني من القذارة بحيث أنّه حتى الأولاد يعافون هذه الأمور ، فلما شكى ابن هذه العجوز أمرَها قال له : صوِّمْها ، وهو شرح له ماذا يعني بالصوم ، أي : امنعها من كل طعام ، وضع أمامها على الطاولة مثل هذه إبريق الماء والكأس ومتى شاءت تشرب ، قال يا أخي هذه تصيح وهذه عجوز وربما تموت ووإلى آخره تموت جوعًا بزعمه ، هو يقول له مازحًا : الحكي بيناتنا أنت ما لك مصدق أن تموت العجوز فتستريح أنت وأختاك منها ؟ صوِّمها ، فالرجل كأنَّه اقتنع ، وفعلًا وضع الماء أمام العجوز ومنعوا عنها الطعام بكل أشكاله ، والشراب بكل أنواعه ، هي تصيح وهم لا يردُّون عليها ، طعام طعام أكل ما أحد يرد عليها ، فاضطرت أن تشرب الماء حينما تشعر بالحاجة ، يقول ابنها الذي أخذ هذه الوصفة من صاحبنا : ما مضى إلا نحو ستِّ أيام إلا جاء يبشِّر صاحبنا بأن أمَّه قامت من فراشها وبدأت تخدم نفسها بنفسها ، وهكذا ظلَّت هي بعد أن رأت أثر هذا الصوم صارت هي تمنع نفسها من الطعام حتى شفاها الله تبارك وتعالى .
تتمة الكلام عن حكم استعمال الصعق الكهربائي في معالجة المصروع ؟
السائل : ... .
الشيخ : لا يختلف جوابي عن ذاك ، لأن القضية قائمة على التجربة ، ترى الأطباء الماديون حينما وصلت تجاربهم إلى استعمال هذه الوسيلة ، هم وصلوا إلى هذه الوسيلة بالتجارب دون أن يعرفوا السر هل هناك جني يتأثر بمثل هذه الوسيلة أم لا ؟ لكن هم عرفوا يعني كما قيل عن بعض الأعراب : " كيف عرفت ربك ؟ قال : الأثر يدلُّ على المسير " ، فهم استنبطوا من هذا الاستعمال بعد التجربة أن هذه التجربة مفيدة ، لكن مثلًا هل هناك جراثيم يقتلونها بواسطة هذه الوسيلة وهي الصدمات الكهربائية؟ ما يستطيعون أن يعلِّلوا ، لكنهم وجدوا أن هذه الصدمات هي صدمات نافعة لنوع من أنواع هذه الأمراض ، هؤلاء الآن كما تنقلون ونحن عندنا في الشام لا نعرف شيئًا من ذلك يعلِّلون أن الجنَّ الذي صرع ذاك الإنسي يتأثَّر بهذه الصدمات الكهربائية ، ممكن أن يكون الأمر كذلك ، وممكن أن لا يكون كذلك ، لكن المهم نحن يجب أن ننظر إلى آثار هذه الصدمات ، هي نفعت أم لم تنفع ، كالضرب الذي يُنقل أيضًا عن بعضهم من المحدثين اليوم أو من القدامى ، هذا الضرب كما نعلم هو بالنسبة للأحياء العاديين مضرٌّ ، لكن هم يقولون بالتجربة أنّ هذا المصروع مهما ضربته بالعصا الغليظة مثلًا بحيث لو كان غير صريع لأوجعته ولربَّما كسرته ، وإنما في هذه الحالة لا يتأثَّر ، وإنما يتأثَّر الصَّارع من الجنِّي إذا صح التعبير ، فإذن نحن لا نستطيع أن نقول أنّ هذا التعذيب منهم هو صحيح ، لكن المهم أن ننظرَ إلى الأثر ، إذا كان الأثر مفيدًا للمصروعين فَبِها ، ما دام أن هذه الوسيلة أولًا لا تخالف الشريعة ، وثانيًا لا تضرُّ بالمصروع . هذا ما عندي والله أعلم .
السائل : هل لكل أحد أن يتطبب بهذا ؟
الشيخ : لا ليس لكل أحد كالطبابة هل لكل أحد أن يتطبب ( من تطبب وليس بطبيب فهو ضامن ) كما قال عليه السلام .
السائل : ...
الشيخ : يكفي هذا نحن ما نستطيع أن ندخل في التفاصيل .
السائل : لأن المسألة ...
الشيخ : معليش يا أخي في ما ذكرنا كفاية لأن التفاصيل صعب أن نقول نحن لا يجوز لأي ... كالعلم تمامًا ، هل يجوز لطالب علم أن يفتي وهو بعد لم ينهِ الدرجة الثانية أو الثانوية كما يقولون اليوم؟ ما يجوز، هل يجوز أن يصحِّح ويضعِّف في الأحاديث كما يفعل بعض الطلاب الناشئين اليوم وهو لسَّا في أول الطريق ؟ طبعًا لا يجوز ، لا يجوز التطبيب إلا لأهل العلم بالطِّبِّ وهكذا نعم
ما معنى قول الذهبي : " لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشَّأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة " ؟
الشيخ : الحقيقة أنا قرأت هذا الكلام وما هضمته ، لكن هو يعني والله أعلم استنباطًا واقتباسًا من قوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، من ملاحظتنا لهذا الحديث بعد فهمه فهمًا صحيحًا يمكن أن نفهم كلمة الذهبي ، كثير من الناس في اعتقادي وفي علمي لا يفهمون هذا الحديث الصحيح : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) فهمًا صحيحًا ، هم يقولون هؤلاء الذين لم يفهموا الحديث فهمًا صحيحًا ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) أي : لا تجتمع أكثر أمتي على ضلالة ، ويعنون بذلك الاحتجاج بالأكثرية ، يعنون بذلك الاحتجاج بما عليه الجمهور ، فهم يفهمون من الحديث أن الحديث يؤيِّد مذهب الجمهور ، وهذا خطأ واضح جدًّا ، لنضرب على ذلك مثلًا يفرِّق بين هذا الفهم الخاطئ والفهم الصحيح الذي سيتبيَّن بعد ضرب المثل ، إذا افترضنا أن الأمة عددها عشرة أشخاص ، تسعة منهم كانوا في رأي ، وواحد منهم وهو العاشر كان في رأي مخالف للرأي الأول ، على هذا المفهوم الخاطئ للحديث فالخطأ مع الواحد والصواب مع التسعة ، لكننا نحن نقول يعني الحديث أن هذه الأمة التي هي في فرضيَّتنا عشرة أشخاص لم تجتمع على ضلالة ، لأن واحدًا منهم قال بقول ، والتسعة قالوا بقول آخر ، فيمكن أن يكون الحق مع الواحد ، فحينئذٍ يصدق قوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ويمكن أن يكون الحق مع التسعة ، فأن يصدق الحديث في هذه الحالة أولى وأولى ، لكن حمل الحديث دائمًا وأبدًا على أنه دليل أن الجمهور الصَّواب معه دائمًا أبدًا ، هذا خطأ في فهم الحديث أولًا ، وفهمٌ في تطبيق هذا الفهم عمليًّا على الأقوال التي نجدها قد اختلف فيها العلماء ، أعني لن تستطيع أن تجد عالما أو طالبَ علم أو ما دون ذلك من الطَّبقات من هو جمهوري في كلِّ مسألة ، لن تجد هذا ، إذن إذا كان فهمك الأول للحديث صحيحًا ، فيجب أن تكون جمهوريًّا في كل مسألة ، وهذا لا يوجد ، فكم وكم من عالم خالف الجمهور ، كم وكم من مذهب خالف المذاهب الأخرى ، كم وكم من مقلِّد خالف أقوال الجمهور في المذهب الواحد ، وهكذا ، لذلك فعمليًّا التمسك برأي الجمهور غير واقع ، فحينئذٍ كيف تفهمون الحديث على فهم خطأ أولًا ، ثم لا يوافق ما أنتم عليه تطبيقًا ثانيًا، هذا خطأ ، فإذن لا يمكن أن تجتمعَ الأمة على توثيق إنسان وهو في واقع أمره غير ثقة ، والعكس بالعكس ، لا بد أن يختلف هؤلاء ، فمن موثِّقٍ ومن مضعِّفٍ ، وحينذاك لا بد من الوزن بالقسطاس المستقيم ، وذلك بالرجوع إلى علم مصطلح الحديث .
6 - ما معنى قول الذهبي : " لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشَّأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة " ؟ أستمع حفظ
هل يجوز إطلاق البدعة على المخالف في مسائل العبادات ؟
الشيخ : السؤال فيه خطأ لفظي ، لعله لفظي ، إطلاق البدعة على المخالف شيء ، واطلاق البدعة على المسألة التي خولفت فيها السُّنَّة شيء آخر .
والفرق: أن تقول فلان مبتدع شيء ، وهذه المسألة التي يقول فيها فلان بدعة شيء آخر ، هذا التفريق أمر ضروري جدًّا ، لأننا نعتقد مع العلماء المحقِّقين وعلى رأسهم ابن تيمية رحمه الله أنه لا ينجو عالمٌ من خطأ ما ، هذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، ولا ينتطح فيه عنزان ، كما كانوا يقولون في قديم الزمان ، لا ينجو عالم من أن يقع في خطأ ، نأتي الآن التَّفريع على هذا الأمر المُتَّفق عليه ، الخطأ قد يكون في تحليل ما حرَّم الله ، وقد يكون في تحريم ما أحلَّ الله ، وقد يكون في إنكار سنة ، وقد يكون في إقرار بدعة ، هذا أمر واقع ما له من دافع ، لا يمكن إنكاره ، وحينئذٍ إذا قال العالم أي عالم كان : هذه المسألة حلال ، لكن هو يعلم أن فلانًا من أهل العلم قال : حرام ، سيقول هذا الذي يقول هذا حرام خطأ بلا شك ، وهو بالتالي مخطئ ولكنه مأجور، لأنه ما قال ذلك إلا عن اجتهاد ، وعلى ذلك سَلسِل الموضوع إلى أن نصل إلى صلب المسألة .
إذا ادَّعى مدَّعٍ مثلي أن المسألة الفلانية كما ذكرنا آنفًا في بعض الأمثلة بدعة ، فأنا لا أعني أن الذي قال هذه الكلمة وأنا رأيتها بدعةً أنه يُوصف بأنه مبتدع ، لأن كلمة المبتدع كلمة تعني أن من طبيعته ومن ديدنه أنه يبتدع ويبتدع لذلك أخذ هذ الاسم ... ، وهذا مثاله معروف ... * الجامع الصغير * ، سواء في الصحيح أو في الضعيف لكن الصحيح بصورة خاصة معزو للترمذي فقط ... إنه عادل ما يأخذ هذا الوصف لمجرد أنه مرة ، لكن يأخذه فيما إذا غلب عليه العدل ، فيقال إنه عادل ، ولو أنه على العكس من ذلك في بعض القضايا ظلم ، فالعبرة بما يغلب على الإنسان من خير أو شر ، من صواب أو خطأ ، وما شابه ذلك ، إذن لا غرابة بأن نقول فلان أخطأ في قول هذا حلال وهو حرام ، أو بالعكس ، أو أن نقول أن هذا القول هو بدعة في الدين ، لأن هذا رأينا ، لكن هذا لا نعني به بأن الذي جاءت منه هذه البدعة هو مبتدع ، بسبب الذي ذكرناه آنفًا أنَّ كلمة مبتدع تعني أنه من شأنه أنه يبتدع ، فلذلك يجب أن نفرِّق إذا سمعنا ، وأنا أشعر بأن المقصود بهذا السؤال هو قولي الذي قلتُه منذ أكثر من عشرين سنة ربما ، ولا يزال إلى اليوم مطبوعًا ، ولا أزال أنا مصرًّا عليه ، بأن وضع اليدين على الصدر بعد الركوع بدعة ، هذا لا يعني أن من أخذ بذلك هو مبتدع ، لكن أنا أعتقد أن هذا القول بدعة ، لماذا ؟ لأنه لم يفعله السلف الصالح ، وهذا تعريف البدعة عند جميع العلماء ، نعم أولئك الذين يقولون بسنِّيَّة هذا الوضع هم لهم أدلَّتهم ، ولذلك فأمرهم كأمري أنا وغيري ممن معنا في هذه المسألة يدور بين أن يُؤجروا أو نؤجر أجرين ، أو أحد الفريقين يُؤجر أجرًا واحدًا ، والفريق الآخر أجرين ، لكن هذا التعبير أنه بدعة يعني أنه لم يفعله السلف ، وهذا عبادة ، فما أدري لماذا تُستنكر هذه القضية ولا تستنكر مثلًا ما يُنسب إلى أبي حنيفة من أقوال خالف فيها السنة ، بل ربما خالف فيها أقوال أئمة السلف والصحابة وإلى آخره ، مع ذلك يظلُّ هو إمامًا من أئمة المسلمين ، لأن العبرة بما غلب عليه من الصَّواب ، وليس بما ندر منه من خطأ ، وهكذا كما قال الإمام مالك رحمه الله : " ما منَّا من أحد إلا ردَّ ورُدَّ عليه إلا صاحب هذا القبر " ، لعل الأمر وضح في هذا الكلام حول ذاك السؤال .
بالنسبة لما سيصدر من * السلسلة الصحيحة * أو صحيح السنن الأربعة ؛ ألا ترون أن ذكر فقه الحديث باختصار في نهايته يقرب السنة الصحيحة بين يدي الأمة ويقرب فقهها ، ويكون أنفى للظاهرية أي : الأخذ بظاهر الحديث دون الرجوع لأقوال العلماء في شرحه ؟
السائل : يقول السائل : ألا ترون أن توشيحكم للأحاديث الصحيحة في فقه كل حديث باختصار ، فيما سيصدر من * السلسلة الصحيحة * أو صحيح السنن الأربعة ، حتى تقرب السنة الصحيحة بين يدي الأمة ويقرب فقهها ، ويكون أنفى للظاهرية ، أي : الأخذ بظاهر الحديث دون الرجوع لأقوال العلماء في شرحه ؟
الشيخ : أعد السؤال .
السائل : يقول : ألا ترون أن توشيحكم للأحاديث الصحيحة .
الشيخ : توشيحك ؟
السائل : توشيحكم هكذا ، للأحاديث الصحيحة في فقه كل حديث باختصار ، فيما سيصدر من * السلسلة الصحيحة * أو صحيح السنن الأربعة .
الشيخ : ما فهمت هذا الكلام .
السائل : السائل موجود .
الشيخ : أنت ؟
السائل : ...
الشيخ : اسمحلي شوي.
السائل : السائل موجود.
الشيخ : سؤالك، تفضل .
السائل : أي ذكركم عقب كل حديث فيما سيصدر إن شاء الله من * السلسلة الصحيحة * أم صحيح السنن يكون أنفع لنا طلبة العلم وللمسلمين أجمعين ... ويُقرَّب فقهها ويكون أنفى للظاهر .
الشيخ : تقصد يعني تلخيص البحث في نهاية البحث أن نقول : ممَّا تقدم يتبيَّن ، بأن الحديث صحيح أو حسن ، هكذا ؟
السائل : لأ ، فقه الحديث عند الفقهاء ومراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه .
الشيخ : يعني .
السائل : يعني ذكر فقه كل حديث باختصار وجيز عقب كل حديث تخرِّجونه في * السلسلة * يحفظ أحدنا الحديث .
الشيخ : معليش هذا نقول نحن كتابنا ليس كتاب فقه ، هذا له مجال آخر ، لكن هنا السؤال أظنُّ يتضمَّن شيئًا آخر .
الطالب : هو صاحب السؤال .
الشيخ : إذن هذا الذي تقصده ؟
السائل : هذا الذي أقصده.
الشيخ : فقط ؟
السائل : نعم.
الشيخ : الجواب تأخذه من عنوان السلسلة ، ما هو ؟ * سلسلة الأحاديث الصحيحة *
السائل : ولكنكم ذكرتم ..
الشيخ : * وشيء من فقهها وفوائدها * ، شيء من فقهها وفوائدها ، أنا لم ألتزم وسوف لا أستطيع أن ألتزم أن أتكلَّم عقب كل حديث عن فقه الحديث لأن هذا ... وبيان الصحيح من الضعيف هو ما أنا فيه في هاتين السلسلتين .
السائل : شيخ ؟
الشيخ : نعم .
السائل : يعني ألا ترون أنه يكون في بعض الأوقات الأخذ بظاهر هذه الأحاديث دون الرجوع إلى أقوال العلماء لفقهها، ألا ترون أن الكلام على هذا الحديث فقط دون ... ولو معانيه أو مراد رسول الله منه يؤدِّي إلى مثل هذه الظَّاهرية التي ظهرت في بعض الأوقات ؟ وهو أن الإنسان يأخذ.
الشيخ : سامحك الله كأنك تقول هذا الكلام في السنن الأربعة بل كأنك تقول هذا الكلام في الصحيحين ، يا أخي لكل مجاله ، يعني أنت تعرف علماء فقهاء دوَّنوا فقههم عاريًا عن دليل ، وتجد على العكس من ذلك علماء في الحديث ذكروا الأحاديث بأسانيدها ولم يتكلموا عن صحَّتها أو ضعفها ، وما أتبعوها بهذا الذي تقترحه وهو شيء حسن لا مجال لإنكاره، لكن هذا أخي يحتاج إلى توجُّه خاصٍّ وتفرُّغ خاص ، أما أن تقول أن هذا يؤدِّي إلى ظاهرية إلى آخره ، إذن الذين سنُّوا لنا هذه السنة هم يعني أخطؤوا فيما فعلوا ؟ هذا هو التخصص يا أخي ، كل شيء له مجاله ، هذا في علم الحديث ، وذاك في علم الفقه ، وهناك فقه آخر هو الفقه المقارن ، الذي يذكر المسألة ويبحثها من جميع ما قيل فيها ، ثم يبيِّن أدلة كل من الفريقين ، ثم يرجِّح الراجح عنده ، هذا له مجاله الآخر .
8 - بالنسبة لما سيصدر من * السلسلة الصحيحة * أو صحيح السنن الأربعة ؛ ألا ترون أن ذكر فقه الحديث باختصار في نهايته يقرب السنة الصحيحة بين يدي الأمة ويقرب فقهها ، ويكون أنفى للظاهرية أي : الأخذ بظاهر الحديث دون الرجوع لأقوال العلماء في شرحه ؟ أستمع حفظ
ما رأي الشيخ في كتب الحكيم الترمذي والثعلبي والأحاديث الواردة فيها ؟
الشيخ : معروف أن الحكيم الترمذي يعني من حيث عقيدته أنه متصوف ، وأنه قد تكلَّموا في عقيدته كما نحو ما قيل في ابن عربي النكرة ، وأن أسانيده التي يرويها في كتابه * نوادر الأصول * قلَّ ما يسلم منها من علَّة ، والثعلبي كذلك ، ولعلكم لاحظتم في كثير من الأحاديث التي خرَّجتها في * السلسلة الضعيفة * كان منها قسم كبير نقلته من " تفسير الثعلبي " المخطوط ، وفيه كثير من الضِّعاف والموضوعات ، ومعلوم عند العلماء أن كتب أمثال هؤلاء فيها الصحيح والضعيف ، وهو هذا الغالب عليه ، وفي هذا الضعيف قسم كبير من الأحاديث الموضوعة ، وإذا كنا نعلم جميعًا أن السنن الأربعة التي تأتي بعد * الصحيحين * فيها الضعيف وفي بعضها الموضوع ، فأولى وأولى أن يوجد شيء من ذلك فيما ذكرتم من كتاب الثعلبي أو كتاب الحكيم الترمذي ونحوهما
نعم .
السائل : الضعف يا شيخ من جهة .
الشيخ : كيف ؟
السائل : الضعف من جهة الحكيم نفسه أو من جهة الأسانيد التي أوردها
الشيخ : لأ بالنسبة للثعلبي بالنسبة لأحاديث ، أما بالنسبة للحكيم الترمذي ، فمن الأمرين كليهما نعم .
السائل : يقول السائل .
سائل آخر : ...
الشيخ : كيف ؟
السائل : ... مثل حديث : ( إذا زخرفتم مساجدكم ) هذا الحديث تفرد به الحكيم الترمذي ...
الشيخ : شو هو نص الحديث ؟
السائل : ( إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم ) هذا الخديث حسنته.
الشيخ : تفرد به الحكيم الترمذي.
السائل : ...
الشيخ : أيوا ، أنا ما عندي جواب أريد ورقة أكتب فيها الملاحظة هذه .
الشيخ : الحكيم الترمذي أو الترمذي الحكيم ، ولنصطلح على هذا تمييزًا بين الرجلين ، فهذا لا يعني أن الحديث ليس له راوٍ آخر من أصحاب الكتب المعتمدة ، هذا لا يعني ، لكن يعني أن السيوطي ما وقف على هذا الحديث على هذا مخرِّج سوى هذا الذي رمزَ له ، فحينما أنا أصحِّح أو أحسِّن لا أعني أيضًا أنه لم يروه إلا فلان ، لكن أنا الذي يهمُّني أن هذا الحديث حسن .
وبهذه المناسبة أقول : تبيَّن لي بالتجربة من بعض الأسئلة والمناقشات التي سمعتها أن كثيرًا من الناس حينما يستفيدون من كتابي * صحيح الجامع * مثلًا ينقلون عنِّي فيقولون الحديث الفلاني وينزلون تحت : حسَّن إسناده الألباني في * صحيح الجامع *، هذا التعبير خطأ أقوله : بأنني ما أدري ، هل أتمكَّن يومًا ما من أستدرك هذا الذي أنا أحدِّثكم به الآن ؟
أقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لَفعلت كما فعلت في * صحيح أبي داود *، وأنت على علم ببعض الأمثلة فيه، فإني أقول هناك : " هذا الحديث إسناده صحيح " ، وتارة أقول : " هذا الحديث إسناده حسن صحيح " ، تارة أقول : " هذا حديث صحيح " ، وتارة أقول : " هذا حديث حسن " ، ونبَّهت في المقدمة الفرق بين هذه الاصطلاحات الأربعة ، إذا قلت : " إسناده صحيح " فإسناده صحيح ، إذا قلت : " صحيح " ، فهو بمجموع الطرق ، وإذا قلت : " إسناده حسن صحيح " فهو حسن لذاته صحيح لغيره ، وإذا قلت : " حسن " فأعني أنه ضعيف لذاته حسن لغيره .
فالذين ينقلون عنِّي أننِّي حسَّنت الإسناد في الحديث الفلاني اعتمادًا على أني كتبت أسفل هذا الحديث في *صحيح الجامع*: حسن، قال الألباني : إسناده حسن هذا خطأ في كثير من الأحيان ، ولكي لا يقع مثل هذا الخطأ في النقل عنِّي كان ينبغي أن أقول في الحديث الحسن : إسناده حسن ، وفي الحديث الذي هو حسن لغيره : حسن فقط ، وأنصُّ على ذلك في المقدمة حتى لا يُؤخذ عليَّ شيء أنا لا أراه .
كذلك أقول في نهاية الجواب عن هذا السؤال : كان ينبغي أن نُلفت النظر أن عزو السيوطي للحديث لشخص ما لا يعني أن هذا ليس له ثانيًا ، يمكن أن يكون له ثانٍ ، ويمكن أن يكون له ثالث ورابع وهكذا ، حاولتُ أن أنبِّه أحيانًا في الصحيح فأقول مثلًا : هذا تخريجه في الأحاديث الصحيحة ، نقطتين فوق بعضهم : رواه حم يعني أحمد ، وإلى آخره ، لكن ما استطعت أن أطَّرد هذا الأمر في كل حديث ،
خلاصة القول: لا أقول هذا إلا بيانًا للواقع وليس دفاعًا ، فكل منَّا كما علمتم دائمًا وأبدًا معرَّضٌ ليقع في الخطأ ، وأظن أن الإتيان بالكتاب الآن لا حاجة إليه ، لأنك فهمتم ماذا نقول ، نحن لا نقول أنه لما قال السيوطي رواه الحكيم الترمذي، وقلنا تحت: حسن ، أننا نعني إسناد الترمذي لهذا الحكيم المزعوم نفسه ، يمكن أن يكون هذا خطأ مني وقع .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : ما فهمت .
السائل : له طريق آخر يعني .
الشيخ : طيب.
السائل : ... .
الشيخ : كويس، فإذن في مصدر آخر يعني ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : هذا هو . طيب ، لكن لا أزال أقول: لا أبرئ نفسي من الخطأ وكلنا وجزاكم الله خيرًا إذا نبَّهتمونا ، فهذه فائدة نستفيدها .
السائل : بارك الله فيك.
الشيخ : تفضَّل .
إذا جاء في نصٍّ أمر ، ولم يُعرف له صارف ؛ إلا أنه لم يُنقل عن أحد من أهل العلم القول بالوجوب بعد تقصِّي أقوالهم في المسألة ؛ فهل يصح القول بالوجوب ؟ وإذا وُجد مع ذلك مَن نقل الإجماع على عدم الوجوب ممَّن له قدم راسخة في نقل الخلاف كابن المنذر ؛ فهل يجوز القول بالوجوب ؟
الشيخ : لا نرى ذلك بهذه القيود التي جاءت في السؤال ، لا نرى القول بالوجوب والحالة هذه .
10 - إذا جاء في نصٍّ أمر ، ولم يُعرف له صارف ؛ إلا أنه لم يُنقل عن أحد من أهل العلم القول بالوجوب بعد تقصِّي أقوالهم في المسألة ؛ فهل يصح القول بالوجوب ؟ وإذا وُجد مع ذلك مَن نقل الإجماع على عدم الوجوب ممَّن له قدم راسخة في نقل الخلاف كابن المنذر ؛ فهل يجوز القول بالوجوب ؟ أستمع حفظ
ما قول الشيخ فيمن تعارضت عنده الأدلة في المسألة ولم يستطع ترجيح أحد القولين فماذا يفعل ؟
الشيخ : ما وضح لي القصد من السؤال ، أعده عليَّ .
السائل : ما قول الشيخ فيمن تعارضت عنده الأدلة في المسألة في مسألة واحدة
الشيخ : أيوا .
السائل : ولم يستطع بحسب الدليل ترجيح أحد القولين ، وقد نزلت به هذه المسألة ، فماذا يفعل ؟ ويكون في قول بالجواز.
الشيخ : يأخذ بالأحوط ، لكن أنا يعني أكاد لا أهضم هذه الصورة ، يعني لم يستطع الترجيح ، لأن طرق الترجيح كثيرة وكثيرة جدًّا، وقد يجد إمامًا مع قول من هذه الأقوال يثق بعلمه أكثر من غيره ، فيكون هذا مرجِّحًا لديه ، لكن نقول : إذا صدق هذا الوصف وفعلًا حار الرجل في التَّرجيح فيأخذ بالأحوط ، كما يشير إلى ذلك قوله عليه السلام : ( استفت قلبك وإن أفتاك المفتون ) ( وإن أفتاك الناس وأفتوك ) ، فالجواب إذن يأخذ بما تبرأ به الذمة ، فلان يقول حرام ، آخر يقول حلال ، ولم يترجح عنده فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، وانتهى الأمر ، نعم .
11 - ما قول الشيخ فيمن تعارضت عنده الأدلة في المسألة ولم يستطع ترجيح أحد القولين فماذا يفعل ؟ أستمع حفظ
ما رأيكم في كتاب * المصاحف * لابن أبي داود والروايات الواردة فيه ، لأن البعض يقول بأن هذا الكتاب يخدم الشيعة والمستشرقين في الطعن بالقرآن ؟
الشيخ : الحقيقة أن كتاب * المصاحف * لابن أبي داود لم يُتَحْ لي دراسته دراسةً كاملةً ، مع العلم أنني كنتُ وقفت على نسخة المخطوطة ، ولكن كما تعلمون بالتجربة قراءة المخطوطات من ألفها إلى يائها ليس بالأمر السهل، ثم علمنا أخيرًا ، بل علمنا قديمًا أنه مطبوع في أوروبا ، وعلمنا حديثًا أن هذه المطبوعة صُوِّرت ، فحصَّلت على نسخة من هذه المصورة ، لكني إلى الآن لم أتفرَّغ لقراءتها ، هذا الجواب من وجهة ، والجواب من وجهة أخرى ممكن أن يستغلَّ بعض أهل الفرق أو من المسلمين أو بعض الملل من الكفار والمشركين يُمكنهم أن يستغلوا ليس فقط كتاب * المصاحف * ، تأليف بشر من البشر يخطئ ويصيب ، بل أولئك كلهم جميعًا يستغلُّون المصحف نفسه الذي هو كلام الله عز وجل من ألفه إلى يائه ، ولذلك نحن بصفتنا مسلمين ولا أقول كمسلمين كما يقول بعض المعاصرين ، نحن بصفتنا مسلمين لا ينبغي أن نهتم بمثل هذه الإشكالات التي تُورد ، أن هذا الكتاب فيه روايات يستغلها الشيعة الرافضة ، ويستغلُّها الكفرة الفجرة ، لأن هذا باب الاستغلال لا يمكن سدُّه إطلاقًا ، وحسبكم أن النصارى حتى اليوم يستدلون في إثبات ألوهية عيسى عليه السلام بمثل الآيات التي فيها أن الله عز وجل نفخ فيه من روحه ، فإذن هل نرفع هذه النصوص التي يستغلها هؤلاء الكفرة ؟ لا، وإنما نحن ندعها ، ثم ما كان من غير كتاب الله عز وجل نجري عليه الأصول والقواعد العلمية، فما صحَّ منها قبلناه، وما لم يصحَّ رفضناه، ولا علينا بعد ذلك أن هؤلاء الكفار استغلوا ذلك استغلالًا سيئاً ، لأنهم يستغلون كلام الله تبارك وتعالى .
أريد من هذا الجواب أن نهتمَّ بأنفسنا ولا نهتم بإشكالات غيرنا، لأن إشكالات هؤلاء لا تنتهي ، حتى تنصبَّ في كلام الله رب العالمين تبارك وتعالى.
12 - ما رأيكم في كتاب * المصاحف * لابن أبي داود والروايات الواردة فيه ، لأن البعض يقول بأن هذا الكتاب يخدم الشيعة والمستشرقين في الطعن بالقرآن ؟ أستمع حفظ
ما رأيكم فيمن نزلت به مسألة خلافية يعتمد الرجيح فيها على صحة الحديث أو ضعفه ، والحديث مختلف في صحته عند المحدثين ، وهو ليس له القدرة على الترجيح في خلاف المحدثين ؟
الشيخ : أعد .
السائل : يقول: ما رأي الشيخ فيمن ليس له القدرة على الترجيح في خلاف المحدثين في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، إذا نزلت فيه مسألة يعتمد الترجيح فيها على صحة الحديث ويكون هذا الحديث مُختلف في تصحيحه ؟
الشيخ : هذا يشبه المسألة التي قبل الأخيرة ، يعني هو مثلًا حديثًا صحَّحه ابن حبان ، وهذا الحديث ضعَّفه أحمد ، وهو ليس عنده وسيلة ترجيح ، فأحمد أوثق من ابن حبان ، وهكذا إلى أن تضيق الأمور عليه ، فحينذاك يعود الأمر إلى ما قلناه آنفًا : ( استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس ) لا بدَّ من ذلك ، على أنه قد يتداخل الأمر الجواب السابق يعود أيضًا جوابًا لبعض الأمثلة من هذه الأحاديث ، فإذا كان التصحيح فيها احتياط لدين المسلم فيأخذ بقول من صحَّح ، هذا إذا لم يتيسَّر له الترجيح بالنظر إلى المصحِّح أو المضعِّف ، والعكس بالعكس ، إذا كان التصحيح يستلزم منه التساهل ببعض الأحكام الشرعية فهو يأخذ بمن ضعَّف الحديث ، فالأمر الحقيقة يعني سهل ولكنه واسع ، فينبغي على من احتار هذه الحيرة أن يستعمل علمه إن كان عنده علم ، وإلا رجع إلى قوله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) ، والظاهر والله أعلم أن هذه النقطة الأخيرة هي التي ينبغي أن يلجأ إليها هذا الذي وقف في نقطة الحيرة ، فهو لا يستطيع أن يرجح قولًا على قول ، فيسأل من يثق بعلمه ممن حوله من أهل العلم والفضل .
13 - ما رأيكم فيمن نزلت به مسألة خلافية يعتمد الرجيح فيها على صحة الحديث أو ضعفه ، والحديث مختلف في صحته عند المحدثين ، وهو ليس له القدرة على الترجيح في خلاف المحدثين ؟ أستمع حفظ
ما رأيكم فيمن يبدأ بدراسة الفقه من خلال كتب الفقه المختصرة ؟
الشيخ : هذا هو الواجب، لكن لعله وراء السؤال شيء آخر، وإلا هذا بدهي واضح .
السائل : ... كزاد وغيره.
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني يبدأ بدراسة المختصرات يعني كالزاد مثلا * زاد المستقنع *
سائل آخر : يعني ما هي الطريقة المثلى لدراسة الفقه ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني ما هي الطريقة المثلى لدراسة الفقه ؟
الشيخ : هكذا يعني السؤال ؟
السائل : هل الدراسة في البداية على طريقة الفقه المقارن أو يبدأ.
الشيخ : هو هذا كان السؤال ؟ أنا فهمت السؤال أنّ واحد درس هكذا ، ويتبع الدليل ، أما أنا أقول : هذا يختلف باختلاف الجو الذي يعيش فيه طالب العلم ، إن كان طالب العلم مثلًا يعيش في بلاد يغلب عليها التقليد ، وليس فيهم عالم بمعنى الكلمة للعلم ، لأنكم تعلمون أنَّ:
" العلم قال الله قال رسوله *** قال الصحابة ليس بالتمويه "
إلى آخره، وتعلمون أن المقلِّد ليس عالماً ، فإذًا إذا كان الإنسان طالب العلم يعيش في جوِّ ليس فيه عالم ، فليس له سبيل لطلب العلم إلا أن يبدأ ببعض الكتب المذهبية ، سواء كان مذهب الحنفي أو الشافعي أو المالكي أو الحنبلي ، لكن من الواجب عليه أن ينتهي إلى النقطة التي جاءت في آخر السؤال ، وهي : ألا يتعصَّب لهذه الدراسة الفقهية الجامدة فيما إذا ثبت لديه بعد زمن قصير أو طويل أن بعض المسائل التي درسها خالفت الدليل الشرعي من الكتاب والسنة ، فعليه أن يترك ما درس ويتمسَّك بما صحَّ ، لأن هذا الإنسان لا يمكن أن يُقال له استقل بالفهم من الكتاب والسنة وهو يعيش في جو كله جهل ، بينما إذا كان طالب العلم يعيش في جو كله أهل علم أي : يدعون إلى اتباع الكتاب والسنة ، ولا يتعصَّبون لمذهب من المذاهب ، فنحن لا نرى أن يقرأ كتابًا في المذهب من المذاهب الأربعة ، وإنما يقرأ كتابًا مستقل صاحبه عن التقليد والجمود على مذهب من المذاهب المعيَّنة ، وإذا أشكل عليه شيء مما جاء في ذلك سأل من حوله من أهل العلم ، لهذا أعتقد أن خير الأمور الوسط ، فلا يجوز أن نحرِّم على الناس أن يدرسوا الفقه التقليديَّ ، لا يجوز أن نحرِّم تحريمًا مطلقًا تدريس الفقه التقليدي ، لأنه في بعض البلاد كما ذكرنا لا يمكن إلا ذلك ، إما أن يقال ابقَ كما أنت جاهل ، وإما أن يُقال ابدأ واطلب العلم كما يبدأ هؤلاء الناس ، ثم إذا تيسَّر له أن يعلو بعض الشيء في هذا العلم فَبِها ، وإلا فهو قد أعذر إلى الله عز وجل حينما لم يرضَ أن يبقى جاهلًا كسائر العامة وإنما طلبَ العلمَ الذي يمكنه تحصيله وهو في ذلك الجو ، بينما الذين يعيشون في جو علمي فعلًا ، فهؤلاء لا يجوز لهم أبدًا أن يقلدوا مذهبًا من المذاهب ، لأنهم سيضيِّعون على أنفسهم كثيرًا من السنن الثابتة في المذاهب الأخرى .
السائل : مثل ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : أمثال الكتب هذه التي تصلح لذلك.
الشيخ : مثلًا أقول : * الروضة الندية * ، * الروضة الندية * لصدِّيق حسن خان هي في الواقع -عليكم السلام ورحمة الله وبركاته- من الكتب التي فتحت الطريق أمام الناس لكي يخرجوا من الجمود المذهبي ، فهو جرى في ذلك على اختيار أصح الأقوال مما ثبت في الكتاب والسنة ، وهو بلا شك شرح لكتاب الشوكاني المسمَّى بـالدرر إيش ؟ البهية .
السائل : البهية إي نعم .
الشيخ : * الروضة النديَّة شرح الدرر البهيَّة * ، الدرر هو المتن ، و *الروضة الندية * هو الشرح لصدِّيق حسن خان ، الشوكاني له شرح على متنه اسمه ماذا ؟ الدراري البهية .
السائل : * الدراري المضيَّة * .
الشيخ : المضيَّة نعم ، فهذان الكتابان في الواقع مع أن صديق خان توسَّع بعض الشيء أكثر من الشوكاني ، فتح الطريق لهذا النهج المستقيم ، ثم جاء من بعده الشيخ سيد سابق ذكره الله بالخير فألَّف كتابه * فقه السنة * حاول أن يمضي قُدُمًا في هذا النهج ، لكنه في حدود ما استطاع فعل، وفاته الشيء الكثير ، لأن هذا الأمر يحتاج إلى علم بالحديث تصحيحًا وتضعيفًا ، وقد حاولنا أن نكمِّل مشروعه هذا الحسن بوضعنا لكتابنا *تمام المنَّة في التعليق على فقه السُّنَّة* والآن نحن طبعنا وبدأنا نضع فهرس لهذا المطبوع الذي فيه تعليق على *فقه السنة* بالنسبة للأجزاء القديمة التي كانت صغيرة ، أظن ثلاثة أجزاء آخرها فيه كتاب الصيام ، فأنا طبعت مجدَّدًا الآن الجزأين الذين كانا طُبعا بالآلة الساحبة ، وأضفتُ إلى ذلك الجزء الثالث الذي لم يكن قد طُبع وفيه كتاب الصيام ، ولعله يكون قريبًا إن شاء الله في متناول أيدي القرَّاء .
نعم .
السائل : * الثمر المستطاب * يا شيخ ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : * الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب *
الشيخ : * الثمر المستطاب * هذا المشروع ما أظن يتاح لنا إتمامه ، لأن هذا المشروع واسع جدًّا ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لما جاءت المكتبة من دمشق إلى عمان جاءتني المسودَّة ولم تأتني المبيضَّة ، فهو في حكم الموقوف .