نصيحة بعدم رفع الصوت في المسجد خاصة إذا وجدت جماعة أخرى تصلي.
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) .
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
قبل البدء بقراءة بعض الأحاديث من كتاب الترغيب والترهيب حسب العادة أرى لزاما عليّ أن أذكر والذكرى تنفع المؤمنين ولعل هذه الذكرى أو هذا التذكير قد سبق مني ولكن يبدو أنه لابد من متابعتنا لإخواننا بالتذكير حتى ترسخ الذكرى في قلوبهم وفي نفوسهم .
نحن دائما وأبدا ننكر على غيرنا بعض المخالفات التي يقعون فيها كمثل رفع الأصوات في المساجد ونقول إن خير الذكر الخفي ونورد في سبيل ذلك قليلا أو كثيرا من النصوص ثم مع الأسف الشديد نقع نحن في مثل ما يقع غيرنا ودون أن نتنبه لذلك أو نشعر.
فأنا دخلت آنفا والصلاة قائمة من بعض إخواننا الذي يبدو أنهم فاتتهم الصلاة مع الجماعة في المسجد فتداركوا الجماعة ها هنا في هذا المكان فدخلت فوجدت من جهة هذه الصلاة قائمة ومن جهة أخرى إخواننا الذين ليسوا في صلاة يتحدثون بعضهم مع بعض ويرفعون أصواتهم ولا يحترمون هذه الصلاة القائمة فيقعون في التشويش على هؤلاء المصلين وكنت أنا منهم حينما قمت أصلي الوتر ها هنا .
فلذلك فيجب أن نعلم أن هذا من الإيذاء الذي لا يتنبه له كثير إن رفع الأصوات في الأماكن التي فيها ذكر الله أو فيها صلاة قائمة هذا لا يجوز ولو بعبادة أخرى فقد ذكرنا لكم أكثر من مرة قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( يا أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة ) وفي رواية ( فتؤذوا المؤمنين ) ( لا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين ) نحن نرى في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعتبر رفع الصوت بالذكر الذي يشوش على الذاكرين أو المصلين من إيذاء المؤمنين فماذا نقول إذا كان هذا الإيذاء ليس بالذكر وإنما بالكلام أقل ما يقال أو أحسن ما يقال فيه أنه كلام مباح .
لذلك أرجو أن تتذكروا هذه الحقيقة فلا تقعوا في شيء تؤذون به إخوانكم المؤمنين ثم يترتب من وراء ذلك أن تحافظوا لهذا المكان حرمته فهذا المكان ليس قهوة وليس مجلس لهو وإنما هو مجلس علم فينبغي احترامه وينبغي إجلاله وذلك على الأقل بأن لا ترفع فيه الأصوات فإن المكان الذي ترفع فيه الأصوات إنما هي الأسواق المكان الذي ترفع فيه الأصوات إنما هي الأسواق أما مجالس الذكر ومجالس العلم فلا ينبغي للمسلم فضلا عن أكثر من مسلم أن يرفعوا أصواتهم فيؤذوا المؤمنين الآخرين
هذا ما أردت التذكير به والذكرى تنفع المؤمنين والآن اقرأ عليكم بعض الأحاديث ولا أريد أن أكثر لأن في نفسي أن ألقي عليكم كلمة تتعلق بموسمنا الحاضر ألا وهو موسم الحج.
باب : " الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمد والمبادرة بالعمل وفضل طول العمر لمن حسن عمله والنهي عن تمني الموت " الكلام على إسناد حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( أكثروا ذكر هادم اللذات ). وحديث عنه كذلك : ( فإنه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه ) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( أكثروا ذكر هاذم اللذات يعني الموت فإنه ما كان في كثير إلا قلله ولا قليل إلا جزأه )
قال : " الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمد والمبادرة بالعمل وفضل طول العمر لمن حسن عمله والنهي عن تمني الموت " هذا عنوان هذا الفصل .
الحديث الأول وهو حديث حسن قال .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( أكثروا ذكر هادم اللذات ) يعني الموت رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن وابن حبان في صحيحه فإنه بهذه الزيادة يعني قال ( أكثروا ذكر هادم اللذات فإنه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه ) الحديث الذي بعده ضعيف
السائل : ...
الشيخ : نعم ( ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه ) الحديث الذي بعده ضعيف
والذي بعده حسن وهو قوله وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بمجلس وهم يضحكون فقال ( أكثروا من ذكر هادم اللذات ) أحسبه قال ( فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه ولا في سعة إلا ضيقه عليه ) رواه البزار بإسناد حسن والبيهقي باختصار ( أكثروا ذكر هادم اللذات ) أي قاطع اللذات وبعضهم يرويه بالدال المهملة هادم اللذات والمعنى واحد إلا أن الأشهر من حيث الرواية هو الذال المعجمة أكثروا هاذم اللذات هكذا الحديث جاء في بعض الروايات المشهورة في بعض الروايات الأخرى وكما ذكرنا بإسناد حسن فيه هذه الزيادة وهذه الجملة التي تعتبر جملة تعليلية حيث قال عليه الصلاة والسلام ( فإنه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه ) المقصود من هذه الجملة أن المسلم له حالتان حالة سعة من العيش وحالة ضيق وشظف من هذا العيش فالغالب على الذين وسع الله عليهم في رزقهم وفي نعمهم أن الغفلة تسيطر عليهم لأن المال فتنة كما قال عليه الصلاة والسلام ( إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال ) فالسعة من العيش يقترن دائما وأبدا المال الكثير فيكون فتكون هذه السعة على الإنسان سبب وقوعه في الغفلة الغفلة عن ربه الغفلة عن عبادته تبارك وتعالى الغفلة عن كل شيء يجب أن يقوم به فإذا ما ذكر الموت والمقصود من ذكر الموت هو أن يظل ذاكرا له مش يذكر الموت مرة في حياته أو خمسة عشرة وإنما هو دائما ذاكر لهذا الموت الذي كتبه الله عز وجل وعلى كل حين فإذا ما كان من عادته ومن دندنته أن يذكر الموت الذي من قريب سيلاقيه فإذا كان في سعة من العيش ضيّق عليه هذه السعة أي ضيق عليه دائرة الافتتان بهذه السعة وكان ذكره للموت سببا لأن يظل مراقبا لله تبارك وتعالى وقائما بما فرض الله عليه وعلى العكس من ذلك إذا كان في الحالة الأخرى أي في الضيق من العيش فذكره للموت يوسعه عليه وكيف ذلك ؟ لأنه سيجد نفسه ما دام أنه قادم على ربه بطريق هذا الموت سيجد نفسه في سعة لأنه مهما كان الإنسان في ضيق فالأمر كما قال الله عز وجل (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ))
فإذن ذكر الموت يفيد الإنسان سواء كان في حالة سعة من العيش أو في ضيق منه وهذه حقيقة واقعة ولذلك يترتب من اعتياد المسلم ذكره للموت الذي هو قادم عليه إما قريبا أو بعيدا يترتب من وراء ذلك أن يظل ذاكرا لله عز وجل وقائما بكل ما يجب عليه
2 - باب : " الترغيب في ذكر الموت وقصر الأمد والمبادرة بالعمل وفضل طول العمر لمن حسن عمله والنهي عن تمني الموت " الكلام على إسناد حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( أكثروا ذكر هادم اللذات ). وحديث عنه كذلك : ( فإنه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه ) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( أكثروا ذكر هاذم اللذات يعني الموت فإنه ما كان في كثير إلا قلله ولا قليل إلا جزأه ) أستمع حفظ
بيان أهمية المبادرة لأداء فريضة الحج فإن الإنسان قد يطرأ عليه ظروف لا يعلمها إلا الله قد تعيقه على الأعمال الصالحة .
فلذلك جاء في الحديث ( اغتنم خمسا قبل خمس ) وذكر فيها ( شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك ) فيجب على المسلم أن يتذكر هذه الحقيقة التي نشاهدها في كل الناس فالسليم يمرض ويومئذ كانت الوسيلة في الحج إلى بيت الله الحرام من الأماكن البعيدة إنما هي الدابة ولذلك قال عليه السلام ( وتضل الدابة ) ( قد يمرض المريض وتضل الدابة ) وخاصة الإبل فهي من طبيعتها الضلال والشرود فلذلك قد يكون الإنسان مالكا لبعير قد أعده ليحج عليه وإذا به يفاجأ بأن هذا البعير قد ضل وشرد ... لا يحصله وقد يحصله بعد فوات الفرصة وبعد فوات تمكنه من الحج إلى بيت الله الحرام في تلك السنة لذلك فمن تذكر المسلم للموت أن يندفع إلى القيام بما وجب عليه قبل أن يفجأه الموت .
ونحن الآن في موسم الحج فمن كان منكم لم يحج حجة الإسلام بعد ووجد في نفسه الاستطاعة بمعناها الواسع الاستطاعة في بدنه في صحته الاستطاعة في ماله الاستطاعة في كل شيء يحيط به فقد يكون مثلا موظفا عند الدولة فلا تسمح له الدولة أن يحج فنقول أنا أحج في السنة الآتية هنا نقول لهذا الموظف يجب أن تتعاطى كل الأسباب لكي لا تتأخر عن المبادرة بالحج إلى بيت الله الحرام بحجة إنه والله رئيسي ما سمح لي فنحن نعلم كثيرا من الطرق يسلكها بعض الناس للإتيان لما هو أقل وجوبا من الحج إلى بيت الله الحرام وينجحون في ذلك فتعاطي كل الأسباب الممكنة لمثل هذا الموظف فضلا عن غيره للمبادرة إلى الحج أولى وأولى.
3 - بيان أهمية المبادرة لأداء فريضة الحج فإن الإنسان قد يطرأ عليه ظروف لا يعلمها إلا الله قد تعيقه على الأعمال الصالحة . أستمع حفظ
بيان أنواع النسك في الحج ووجوب الإتيان بالعمرة في الحج.
فمن المعتاد مثلا أن يذكر من أشرنا إليهم بأنه يجب على المسلم أن يحج بالمال الحلال وهذا أمر طبعا واجب
وأن يتحلل من الحقوق التي للناس عليه وأن يقوم بأدائها إليهم وهذا أيضا أمر واجب لكن هذه الأشياء لا تخلو رسالة في مناسك الحج إلا وفيها التنبيه بمثل هذه الأمور وهذا أمر جيد ولكن هناك أمور أخرى بحاجة أن يذكر بها الحاج ومع ذلك فقلّ من نجد ممن يذكر بها.
فمن ذلك أن الحج ثلاثة أنواع تمتع وقران وإفراد فيجب أن نعلم بأن الحج المفرد هذا لا يجوز أن يتقصده المسلم في حجه بل يجب عليه أن يصرف نظره عنه ذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة حجة الوداع المعروفة والتي منها فيها رسالة أيضا نذكرها ( قال وقد خطبهم بعد أن سعى بين الصفا والمروة فوقف على المروة وقام فيهم خطيبا ) وقال في جملة ما قال ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) وشبك بين أصابعه هكذا دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة هذا النص يعني أن المسلم لا يجوز أن يحج حجة بغير عمرة لأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة يعني ربنا عز وجل جعل العمرة في الحج من الحج وهذا النص يشعر بأن العمرة في الحج جزء لا يتجزأ يعني يشعر بأن العمرة ركن من أركان الحج ولولا أنني لا أعلم أن أحدا ذهب إلى هذا ولذلك لولا أنني لا أعلم أن أحدا تمسك بظاهر هذه الدلالة لقلت بها لكن لا أحد سبقني بهذا التصريح فنقول بأن العمرة واجبة هذا النص أقل ما يفيد وجوب العمرة في الحج لأنها صارت جزءا من هذه العبادة فقد يكون هذا الجزء ركنا من أركان العبادة وقد يكون فرضا غير ركن هذا محتمل فأقل ما يقال أن العمرة في الحج فرض من فروض الحج لكن لا نستطيع أن نقول بأن العمرة في الحج ركن من أركان الحج بمعنى إذا ترك العمرة في الحج بطل حجه لا نستطيع أن نقول هذا لأننا لا نعلم أحدا سبقنا إلى ذلك لكن سبقنا كثير كثير من كبار العلماء من الصحابة وغيرهم إلى القول بوجوب العمرة في الحج لذلك ينبغي على كل من أراد الحج في هذه السنة أو في السنين الآتية أن يعتمر بين يدي الحج في أشهر الحج لتكون حجته كما قال عليه الصلاة والسلام ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) ولا فرق ولا فرق بين أن يكون هذا الحاج يحج لنفسه أو يحج عن غيره فقد سمعنا مرارا في كل سنة تقريبا أن بعض المشايخ الذين اعتادوا أن يحجوا حجة بدل يحجون حجة إفراد وجعلوها نظاما بحيث قام في أذهان بعض الناس ممن لا علم عندهم وممن لا يتمكنون من الاستيضاح من الذين يلقنونهم هذه المسائل صار عرفا عندهم أن حجة الإنسان عن نفسه شيء وحجته عن غيره شيء آخر فهو يحج عن نفسه حج تمتع أما عن الغير حج البدل يحج حجة مفرد هذا التفصيل هذا التفصيل لا أصل له في الشريعة .
العلماء لا شك اختلفوا في هذه الأنواع الثلاثة من المنسك أيها أفضل فالحنفية يذهبون إلى إن القران أفضل والشافعية إلى أن الإفراد أفضل والحنابلة إلى أن التمتع أفضل وبعض الحنابلة يجعلون هذه الأفضلية للواجبات التي لا يجوز التهاون بها فهؤلاء الذين اختلفوا كل منهم ما ذهب إليه يتبناه لنفسه سواء حج عن نفسه أو عن غيره لكن الحقيقة إن الذين يذهبون اليوم يحجون حجة بدل يرمون من وراء جعل الحجة هذه حجة البدل حج الإفراد إلى أمر من أمرين يختلف تعلق أحد الأمرين بهذا الحاج يختلف اختلاف نية هذا الحاج فإذا أحسنا الظن به فهو إنما يقصد أن يحج حجة بدل ليخفف من نفقات هذه الحجة عن الذي أنابه أو كلفه بأن يحج حجة البدل هذا إذا حسّنا الظن به .
أما إذا أسأنا الظن وهذا طبعا خلاف الأصل فمجال القول واسع هو يريد أن يقضي حجة البدل بأقل الثمن ليستفيد مما زاد مما أعطي له كتكاليف لهذه الحجة أما أن يكون هناك في الشرع تفريق بين من يحج عن نفسه وبين من يحج عن غيره فهذا لا أصل له.
هذه الأنواع الثلاثة لا نستطيع نحن أن نفرض على الناس رأيا معينا ولكن الذي تبين لنا من دراسة الكتاب والسنة المبينة للكتاب هو أن حج التمتع أفضل الأنواع بلا شك ولا ريب بل هو واجب من واجبات المتعلقة بمنسك الحج ولذلك نذكر أن من حج عن غيره فكما لو حج عن نفسه يجب أن يجعل حجته حجة تمتع على كل حال.
بيان أن حج البدل عن الغير لا يشرع للمتساهل المفرط، وإنما يشرع في حدود النصوص الواردة.
ألا وهو أن التوسع في حجة البدل حتى صارت نوع من أنواع التجارة في هذا العصر هذا التوسع لا أصل له في الشرع .
يجب أن نعرف أن كل عبادة كلّف الله عز وجل بها عباده إنما أراد بها صلاح نفوسهم وقلوبهم فإذا ما قام أحد بشيء من الواجبات هذه عن غيره فهذا الغير إن صح التعبير لا يستفيد من عمل ذلك الإنسان شيئا ذلك لآيات كثيرة
من أشهرها قول ربنا تبارك وتعالى (( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )) وقوله عز وجل (( وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ )) تماما كما هو الشأن في أصل هذه العبادات كلها أصلها الإيمان لأن هذه العبادات لا تفيد صاحبها شيئا إذا لم يقترن معها الإيمان الصحيح وهذا معروف لدى الجميع حيث قال الله عز وجل (( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين )) فإذا آمن شخص ما إذا آمن الولد وبقي والده على الشرك لم يفد إيمان ولده والده شيئا إطلاقا لأن هذا الإيمان الذي طهر قلبه من أدران الشرك والضلال إنما هو خاص به فوالده لا يستفيد من إيمان ولده شيئا كذلك إذا كان هناك والد وولد كلاهما مسلم لكن أحدهما صالح والآخر طالح الصالح يصلي مثلا والطالح لا يصلي فإذا صلى المصلي سواء كان ولدا أو والدا لم يستفد من صلاته الآخر الذي لا يصلي وهكذا دواليك كل العبادات والقاعدة (( ومن يتزكى فإنما يتزكى لنفسه )) كما هو الشأن في ذلك كما هو الشأن في الأمور المادية التي يقوى بها بدن الإنسان ويحيى إذا كان هنا والد وولد أحدهما يأكل ما يقوم بصحته وبجسده وبقوته والآخر لا يأكل فهذا الذي يأكل يفيد نفسه وذاك الذي لا يأكل لا يستفيد من أكل غيره شيئا يذكر أو شيئا مطلقا
هكذا الشأن تماما في العبادات وفي الطاعات لذلك صح عن بعض السلف وأظنه عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه قال " لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد " ... قال ابن عمر " لا يحج أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد " فإذن حجة البدل هذه فليس لها أصل مطلقا قد يبدو هذا من كلامنا السابق ولكن نريد أن نضيق دائرة حجة البدل في حدود النصوص التي جاءت بهذه الحجة لكن أردت أن أذكر بالقاعدة " لا يصلي أحد عن أحد ولا يحج أحد عن أحد " إلا ما جاء به النص.
فلننظر في أي نوع أو في أي جنس من الناس جاءت حجة البدل وأنها تشرع عنه فأول ما نجد من النصوص في ذلك حديث البخاري في تلك الخثعمية التي ( سألت الرسول صلى الله عليه وسلم يوم النحر في حجة الوداع قالت يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الرحل وقد أدركته فريضة الله الحج أفأحج عنه قال عليه السلام حجي عنه ) هذا الحديث لا يجوز فهمه فهما مطلقا عن القيد الذي جاء في ظل السؤال وعلى أساسه جاء الجواب فقد سمعتم أن المرأة تصف حال أبيها بصفات أولها أنه شيخ كبير فانٍ لازم ذلك كما قالت لا يثبت على الرحل يعني ما يستطيع أن يركب الناقة وأن يتابع طريقه إلى بيت الله الحرام فإنه يميل ويقع عن الأرض فيموت ( وقد أدركته فريضة الله الحج ) أي فرض الحج يوم فرض وهو شيخ كبير لا يثبت على الرحل لأن فريضة الحج ثبتت في أواخر حياته عليه الصلاة والسلام على ما هو أرجح الأقوال ولذلك تأخرت حجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر سنة من حياته فلا يقاس ولا يلحق به فالرجل يدركه الحج وهو في عز شبابه ويجد المال والفراغ والنشاط ولا يعوقه عن المبادرة بالحج شيء إطلاقا سوى اشتغاله بتجارته ببيعه وشرائه بأهله وأولاده ونحو ذلك من متاع الحياة الدنيا فليس له عذر في تأخير الحج ثم يموت كهلا بل شيخا ولم يحج حجة الإسلام مطلقا ولا عذر له كما ذكرنا وقد يكون من أولئك الناس الذين حجوا إلى أوروبا إلى بلاد الكفر والضلال مرارا وتكرارا في سبيل ماذا في سبيل تجارته وفي سبيل توسيع أمواله ثم يموت ويكون خلّف أموال كثيرة وكل ولد من أولاده صار غنيا بسببه من بعد وفاته وقد ورثوا ماله فيخرجون ألفين أو ثلاثة آلاف ليرة بكل سهولة كما لو أخرج الفقير درهما هذه حجة بدل عن أبينا لا يستفيد أحد شيئا من هذه الحجة مطلقا لا الذي حج حجة البدل ولا الذي حُج عنه وهو الوالد المتوفى آثما فاسقا إن لم يمت كافرا لأن الله عز وجل أشار في الآية السابقة الذكر بقوله (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين )) هذا الذي لم يحج ممكن أن نتصوره أنه لم يعرض عن الحج كفرا بالحج كفرا قلبيا اعتقاديا يمكن نتصور هذا كما نتصور مثله في تارك الصلاة ويمكن والعياذ بالله أن يكون منكرا للحج وأنا أعرف بعض الأشخاص من الشباب المسلم زعم حج ثم ندم على حجته فهذا لا شك في كفره وارتداده عن دينه لأنه وجد هناك مظاهر فسرها كما يفسرها الكتاب المستشرقون أعداء الدين بأنها مظاهر وثنية كتقبيل الحجر الأسود مثلا ورأى هناك تقصير المسلمين بسبب جهلهم بسبب عدم تربيتهم من تجمع القاذورات والأوساخ والذباب وإلى آخره فرجع والعياذ بالله وهو نادم على ما حج إليه من بيت الله الحرام فهذا الذي مات غنيا ولم يحج حجة الإسلام ممكن أن نتصوره ليس كافرا بالحج ولكن متساهلا فيه فإذا ما حج غيره عنه فماذا تفيده هذه الحجة هو مات كما قلنا فاسقا والحج كالصلاة إنما المقصود بها أولا ابتلاء من الله لعباده كما قال (( لنبلوكم أيكم أحسن عملا )) والمقصود تزكية نفس القائم بطاعة الله فهذا مات ولم تتزك نفسه بالحج لأنه لم يحج ولم تتزك نفسه ولو حج الناس جميعا عنه لأنه من عمل صالحا فلنفسه .
إذن حجة البدل في هذه الصورة لا تشرع مطلقا ولا يجوز للحاج أن يأخذ كلفة الحجة إذا ما عرف أنه يحج عن هذه النوعية من الناس الذين يجب عليهم الحج واستطاعوه ولم يقوموا به انشغالا منهم بالدنيا المرأة الخثعمية وصفت زوجها بأوصاف .
الطالب : أباها
الشيخ : نعم
الطالب : أباها
الشيخ : وصفت أباها بأوصاف يعذر هذا الأب ألا يحج فمن كان بهذه المثابة فيمكن أن يحج عنه هذه صورة من صور حجة البدل مشروعة.
توضيح متى يشرع حج البدل عن الغير لمن لم يكن متساهلا أو مفرطا .
ولذلك فنحن لا نزال ولن نزال لحكمة أرادها الله عز وجل نجهل هوية هذا الإنسان الذي هو شبرمة ولكن قواعد الشريعة تمنع هنا من أن يتساءل سائل أو يقول قائل إذن في هنا شيء ضاع على المسلمين نقول لا لأن المسائل الفرعية ليس يمكن لإنسان أن يحيط بها علما لاسيما هذه الفرعيات التي تنطع فيها المتأخرون من مختلفي المذاهب فهي بالألوف إذا ما قلنا بالملايين لا يمكن الإنسان أن يحيط بها وإنما يحيط بها تلك القواعد الشرعية الأصولية التي بعضها نص عليها ربنا عز وجل في كتابه ونبينا صلى الله عليه عليه وسلم في سنته والبعض الآخر استنبطها العلماء فالآن هنا لم نعرف هوية هذا الشخص فنحن نفترض أن يكون مثل والد تلك المرأة الخثعمية لم يستطع الحج فحج عنه نفترض أنه أوصى بأن يحج عنه إذا افترضناه انشغل بالتجارة وبماله وهذا صعب تصوره في زمن النبوة والرسالة كما أنه من الصعب الإنسان أن نتصور أنه كان في زمن الرسول عليه السلام من يترك الصلاة لأنه الزمن هناك هو أنقى زمن وجد على وجه الأرض مطلقا فنتصور إنسان تارك صلاة في زمن الرسول عليه السلام ثم نتصور إنه هناك لابد من إجراء عملية إسقاط الصلاة كما يفعل المتأخرون أو تارك الحج عامدا متعمدا فنحج عنه حجة بدل كما يفعلون أيضا اليوم هذا صعب جدا أن نتصوره
لذلك نتصور الخير المقرون بالعذر وهو ذلك الوالد عاجز عن الحج شبرمة قد يكون مثله وقد يكون لم يستطع أن يحج في السنة الأولى أو السنة الثانية ثم عرض له المرض فتدارك الأمر فكلف قريبه أن يحج عنه
فإذن وهذا هو بيت القصيد من هذه الكلمة دائرة حجة البدل ضيقة جدا فأرجو ألا يتورط بعض إخواننا فيغره حجه إلى بيت الله الحرام وإلى الصلاة في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام فيعتبر ذلك عذرا ليحج حجة بدل عن أي إنسان كان لا يجوز هذا وإنما يستوضح فإن وجد المحجوج عنه من أحد النوعين الصنفين السابقين فهذه غنيمة أرسلها الله تبارك وتعالى إليه فليغتنمها أما غير ذلك فلا يجوز أن يحج عنه لأنه لا يحج أحد عن أحد إلا ما دل عليه الدليل وقد عرفنا أنهما نوعان اثنان .
تذكير بأن النائب في حج البدل عن الغير عليه أن يأتي بالنسك كما لو كان يحج عن نفسه، ويختار أفضل النسك وهو التمتع.
لذلك لا ننصح أيضا أحدا أن يحج حج قران ولو أن فيه العمرة ولو أنه حقق قوله عليه السلام ( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ) إلا أن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين حجوا حج قران ولم يسوقوا الهدي أن يفسخوا حجهم وقرانهم إلى عمرة .
فنحن لو تصورنا الآن إنسانا يمثل الرسول صلى الله عليه وسلم تماما كأبي بكر وغيره من أصحابه رأى رجلا قد حج حج قران ولم يسق الهدي ماذا تظنون يقول له يقول له كما قال عليه السلام اجعلوا حجكم عمرة ولولا أني استقبلت من أمري ما استدبرت إلى آخر الحديث ولذلك فنحن نقتدي به عليه السلام ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ولا ننصح لحاج أن يحج حجة قران إلا إن تصورنا حالة نادرة جدا خاصة في مثل بلادنا هذه ساق الهدي معه على الأقل من ذي الحليفة يسوق الهدي يعني المواشي التي يريد أن يضحي بها لله إلى منى هذا شبه خيال بالنسبة لزماننا وتربيتنا الاجتماعية إن تصورنا هذه الصورة فلا نمنع من حجة القران لكن هذا لما كان أقرب إلى الخيال منه للواقع لم يبق أمام الحجاج إلا أن يتمتعوا ذلك خير لهم وأيسر وبهذا القدر كفاية .
7 - تذكير بأن النائب في حج البدل عن الغير عليه أن يأتي بالنسك كما لو كان يحج عن نفسه، ويختار أفضل النسك وهو التمتع. أستمع حفظ
كيف الجمع بين حديث ( إذا تقابل المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) وما حصل بين الصحابة من القتال ؟.
الشيخ : الحديث محمول على الذيَن يقتتلان لا في سبيل الله وإنما في سبيل الانتصار النفس أو الحرص على المال او نحو ذلك وهذا الحمل الحديث لابد منه والسؤال يرد في الواقع من عدم تذكر السائل على الأقل ولا أقول من عدم علمه بمثل قول الله عز وجل (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) فنحن نجد في هذه الآية تصريح رب العالمين عز وجل بإطلاق كلمة المؤمنين على كل من الطائفتين الصالحة والباغية (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) فحينما يحكم ربنا عز وجل على كل من الطائفتين المتقاتلتين بأنهما من المؤمنين فحينئذ لا نستطيع أن نجمع بين الآية وبين هذا الحديث إلا بأن يحمل الحديث على تقاتل في سبيل الدنيا لا في سبيل المطالبة بالحق كما هو المقصود بالآية السابقة فكلاهما في النار هنا لأن كل منهما أراد قتل صاحبه بغير حق أما حينما يكون كل منهما يقاتل صاحبه فيما يعتقد أنه يقاتله في سبيل الله فهذا الحديث لا يحمل على مثل هذه الصورة وإنما الآية تحمل على هذه الصورة وحين ذاك لابد من حمل الحديث على التقاتل في سبيل الدنيا .
وكل من الصورتين يوجد في هذه الأرض فتقاتل علي مع معاوية تقاتل علي مع جيش عائشة ونحو ذلك كله داخل في عموم آية (( وإن طائفتان من المؤمنين )) إلى آخرها هذا نقوله للتوفيق بين الآية والحديث ولكن كل طائفة مؤمنة يمكن أن تصور وجود أفراد فيهم ليسوا بمؤمنين أصلا وإنما هم أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر فظهروا مسلمين ولكنهم في أنفسهم شرعا هم منافقون وهم كما قال تعالى (( في الدرك الأسفل من النار )) .
فالجيشان المتقاتلان جيش علي وجيش معاوية أنا شخصيا لا أستبعد أن يكون هناك أفراد في كل من الجيشين لا ينطبق عليهم الآية لكن ينطبق عليهم الحديث يعني أفراد أخذوها حمية جاهلية في كل من الطائفتين بينما الجمهور تصور فيهم أنهم قاتلوا قاتل بعضهم بعضا في سبيل إحقاق الحق الذي يعتقده فالخلاصة أن الحديث يحمل على من كانت نيته سيئة والآية على من كانت نيته صالحة لكن قد يكون في عمله مخطئ وغير مصيب .
8 - كيف الجمع بين حديث ( إذا تقابل المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) وما حصل بين الصحابة من القتال ؟. أستمع حفظ
بيان معنى حديث ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما ).
وهذا أيضا يذكرنا بحقيقة هامة جدا ضل عنها أقوام قديما وحديثا فانحرفوا عن جادة الجماعة المسلمة يذكرنا بأن الكفر كفران كفر قلبي وكفر عملي فالكفر القلبي هو الذي يخرج به صاحبه من الملة أما الكفر العملي فلا يخرج به من الملة وهو على هذا أيضا ينبغي تفسير أحاديث منها قوله عليه السلام ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) مجرد قتال المسلم لأخيه المسلم كفر هل يعني الكفر ردة الجواب ننظر لقتاله لأخيه المسلم إن كان قتالا مقرونا باستحلال قلبي لهذا القتال قتال المسلم فهو كفر اعتقادي ومعناه الردة وإن كان قتاله لأخيه المسلم لم يقترن معه استحلال هذا القتال بقلبه وإنما هو معصية من معاصي ربه فهو كفر عملي وليس كفرا اعتقاديا وهذا بحث طالما طرقناه مرارا وتكرارا.
التحذير من بدعة التكفير بالمعاصي
فحلق لحيته وتبودر وتغندر وحط الملاية وخرج ولم يتنبه له كل الحفظة الذين على ممر السجون كما هو معروف إلا آخر واحد شك فيه فألقى القبض عليه والقصة بأى مؤسفة جدا عاد به المدير مدير السجن اللي أكرمه فأوقف السجناء صفا طويلا وأمرهم أن يبصقوا في وجه لأنه استغل طيبة قلب مدير السجن هذا هذه قصة مؤسفة ... جدا ليس الغرض منها إلا العبرة انظروا كيف ماذا يفعل الغلو في الدين بصاحبه إنه آمن مع جماعة كثيرة أو قليلة بأن المسلم إذا ارتكب معصية وأصر عليها فهو كافر لا يعرفون الكفر القلبي والكفر العملي ويخالفون بذلك نصوص كثيرة جدا للكتاب والسنة ثم تجد عاقبة هذا التحمس خور واضمحلال نفسي بحيث أنه يستحل لنفسه أن يحلق لحيته وهو يعلم أن حلقها حرام ثم يتشبه بالنساء لينجو من السجن بينما أحد الأنبياء السابقين وهو يوسف عليه السلام يقول (( ربي السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه )) ما فعل شيئا هو سوى أن دعوه إلى المعصية فآثر بالسجن على أن يكون قريبا من هذا الجو الفاسد الذي يدعى فيه إلى معصية الله عز وجل هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين والسلام عليكم ورحمة الله .