باب : " باب الرجل راع في أهله " . شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، والمرأة راعية في بيت زوجها، والخادم في مال سيده )
1 - باب : " باب الرجل راع في أهله " . شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله، والمرأة راعية في بيت زوجها، والخادم في مال سيده ) أستمع حفظ
باب : " باب المرأة راعية " . شرح حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ( من صنع إليه معروف فليجزه فإن لم يجد ما يجزه فليثن عليه... )
روى بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صنع إليه معروف فليجزه فإن لم يجد ما يجزه فليثن عليه فإنه من أثنى عليه فقد شكره وإن كتمه فقد كفره ومن تحلى بما لم يعط فكأنما لبس ثوبي زور )
في هذا الحديث أدب من الآداب الإسلامية التي يجب على كل مسلم أن يتخلق بها حيث يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليه معروف فليجزه ) يعني أيما مسلم أحسن إليه محسن فكافأه بمكافأة ما فعلى المكافأ أن يقابل المكافأة بمكافأة مثلها فإن جزاه مالاً جزاه مالاً وإن جزاه خدمة جزاه خدمة ، أي يقابل الحسنة بالحسنة ولا يكون أنانياً يتطلب من الناس أن يخدموه وأن يجزوه خيراً أما هو فلا يقابل إحسانهم بإحسان مثله ، ليس هذا من أدب الإسلام، بل الإسلام يقول كما سمعتم في حديث الرسول عليه السلام : ( من صنع إليه معروف فليجزه ) كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر : ( من صنع إليكم فمعروفاً فكافئوه ) ثم يتحدث الرسول عليه السلام بحالة ما إذا كان المكافأ لا يجد ما يكافئ به من أحسن إليه فيقول : ( فليجزه فإن لم يجد ما يجزه فليثن عليه ) هذا طريق لمقابلة المكافأة بمكافأة مثلها فيما إذا كان المكافأ لم يستطع أن يقابل المكافأ بمكافئة مثلها، فحينذاك يجب أن يثني خيراً ، يعني رجل أهدى إلى إنسان ما هدية مادية أي شيء كان ثم المهدى إليه لا يستطيع أن يقابل الهدية بهدية مثلها فعلى الأقل يقول الرسول عليه السلام: ( فليثن خيراً ) أي ليذكر الذي أحسن إليه وأهدى إليه بخير فليثن خيراً، وقد جاء بيان هذا الإثناء الذي أمر به الرسول عليه السلام كيف يكون في حديث آخر فقال عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليه معروف فقال جزاك الله خيراً فقد أبلغ الثناء ) في هذا الحديث الذي رواه المؤلف رحمه الله الأمر بالثناء لمن ؟ للذي أحسن إليك أو أهدى إليك وهذا الأمر يأتي في المرحلة الثانية كما هو نص الحديث ، المرحلة الأولى أن تقابل المكافأة بالمكافأة فإن لم تستطع قابلت المكافأة بالثناء بالكلام الحسن الجميل وأحسن شيء في هذه المكافأة التي هي الثناء ماجاء بيانه في الحديث الآخر ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليه معروف فقال : جزاك الله خيرا فقد أبلغ الثناء ) إذن هنا مرحلتان إحداهما أحسن من الأخرى ، الأولى : أن تقابل المكافأة بمكافأة مثلها سواء كانت معنوية أو كانت مادية، فإن عجزت عن مقابلة المكافأة بالمكافأة فتثني خيراً على من قدم إليه تلك المكفأة، أيّ كلام حسن يشعر الرجل المكافئ بأنك قبلت هذه المكافأة بنفس طيبة رضية وأنت تقابل ذلك بالثناء على المكافئ، لكن أحسن ما يقول المثني على المكافئ خيراً هو كلمة جزاك الله خيراً، وينبغي أن نذكر بهذه المناسبة أنه قد جرى عرف حادث الآن يعتبر ذلك من الآداب الإجتماعية وهو أن المحسن إليه يقابل المحسِن بكلمة شكراً فأقل شيء يفعله الإنسان مع آخر يقول هذا الآخر للمحسن إليه شكراً، فالذي أريد التنبيه عليه هو أن هذه الكلمة لا بأس بها لأنه سيأتي بعد قليل من أحاديث الكتاب قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) فمن أحسن إليك خيراً فقلت له شكراً فقد طبقت هذا الحديث الآتي وهو قوله عليه السلام : ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) ولكن يجب أن نعلم أن استعمال هذه الكلمة أي شكراً هي بديل ما علمنا الرسول عليه السلام من الدعاء بالخير مما سبق ذكره، ألا وهو قولنا : جزاك الله خيراً فهذه الكلمة خير من كلمة شكراً وذلك من وجهين اثنين : الوجه الأول أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد ذكر أن قول القائل : جزاك الله خيراً أو أبلغ الثناء ( من صنع إليه معروفاً فقال جزاك الله خيراً فقد أبلغ الثناء ) فإذا قال القائل شكراً ما أبلغ الثناء ، صحيح أنه شكر المحسن إليه وعمل بمقتضى قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يشرك الله من لا يشكر الناس ) ولكن لم يعمل بالحديث الآخر ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( من صنع إليه معروف فقال جزاك الله خيراً فقد أبلغ الثناء ) إذن يجب أن نستعمل هذه الكلمة جزاك الله خيراً بديل شكراً ما دام أن الرسول عليه السلام قد ذكرها ووصفها بأنها أبلغ الثناء.
2 - باب : " باب المرأة راعية " . شرح حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ( من صنع إليه معروف فليجزه فإن لم يجد ما يجزه فليثن عليه... ) أستمع حفظ
باب : " باب من صنع إليه معروف فليكافئه " . تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ( ... فإنه من أثنى عليه فقد شكره وإن كتمه فقد كفره ... )
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( فإنه إذا أثنى عليه فقد شكره ) كأنه يربط عليه السلام هذا الأمر بالحديث الآتي ، لا يشكر الله من لا يشرك الناس ، فمن أثنى على المحسن خيراً فقد شكره.
ثم قال عليه الصلاة والسلام : ( وإن كتمه فقد كفره ) أي إن الرسول عليه السلام في هذه الجملة الأخيرة ألا وهي قوله : ( وإن كتمه فقد كفره ) يعالج بعض النفوس المريضة بعض النفوس التي تغلب عليها الأنانية وحب الذات وهي التي إن أحسنت إليها سكتت ولم تذكر المحسن بخير وذلك من كب النفس الأمارة بالسوء لذلك يقول الرسول عليه السلام : ( ومن كتمه فقد كفره ) فرجل أحسن إلي فالمرتبة الأولى في المجازات بالخير أن تكافئه بمثل ما عاملك تعامله والمرتبة الثانية إن لم تجد ما تكافئه به أثنيت عليه خيراً وإلا فإنك إن لم تثن عليه خيراً كتمت ذلك فقد كفرت هذه النعمة التي قدمها إليك ربنا تبارك وتعالى على يد ذلك المحسن إليك فكان كفراً لكنه كفر نعمة فالكفر درجات، ومن ذلك كفر النعمة كما جاء في هذا الحديث : ( وإن كتمه فقد كفره ) إذن فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله أنه إن أحسن إليه محسن أن يكتم هذا الإحسان، لأن أقل مراتب الشكر أن تذكر المحسن بخير ولا تكتم هذا الخير عن الناس بل تذيعه بين الناس أن فلان فعل معي كذا وكذا عمل معي كذا وكذا فهذا هو شكرك إياه حينما تعجز عن مقابلة إحسانه بإحسان مثله، يعني أن الإنسان إذا أهدي إليه هدية مثلاً كتاب فرضنا وأنت تستطيع أن تقابل هذه الهدية بهدية مثلها فهذا هو الواجب في المرتبة الأولى، فإن لم تكن عندك الطاقة والقدرة أن تقابل ذلك المهدي إليك بالكتاب لأن الناس متفاوتون من ناحية المادة، فلو أن رجلاً مرموقاً يتوجه إليه الناس بمختلف الهدايا وكان من الناحية المادية وسطاً أو دون الوسط لا يستطيع أن يقابل كل هدية بمثلها فعلى الأقل أن يقابل تلك الهدية بالثناء والشكر هذه هي المتربة الثانية، أما المرتبة الأولى أن تقابل المكافأة بمكافأة مثلها، أهداك كتاباً تهدي إليه كتاباً، أهداك ثوباً تهدي إليه ثوباً، أهداك أي شيء آخر تقابله بالمثل هذا إن استطعت ، وإن كان هناك مرتبة عليا أعلى من هذه بكثير وهي التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث جاء في شمائله عليه الصلاة والسلام أنه كان يقبل الهدية، كان عليه الصلاة والسلام إذا أهديت إليه هدية لا يرفضها ولا يردها وإنما يقبلها ولكنه عليه الصلاة والسلام كان يرد الهدية ويثيب عليها بخير منها، هذا شأن النفوس الكريمة الطيبة أن تقبل الهدية وتثيب عليها بخير منها، إذن هذه المرتبة العليا التي ليس فوقها مرتبة.
الآن صار عندنا ثلاث مراتب المتبة العليا التي ليس فوقها هي التي كان عليها الرسول عليه الصلاة والسلام وهي أن يكافئ بخير مما كوفئ به، المرتبة الثانية: أن تكافئ بمثل ما كوفئت به، المرتبة الثالثة والأخيرة: أن تذكر المكافئ لك بالخير وبالدعاء الحسن وخير الدعاء هو كما فصلنا قول الرسول عليه السلام : ( جزاك الله خيراً ) فإن لم يكفئ بأحسن منها أو لم يقابل المكافأة بمثلها أو لم يثن على المكافئ خيراً لم يبق هناك إلا الكفر لهذه النعمة ألا وهي كتمانها، بعض النفوس المريضة تفعل هذا تأتيه الهدية فلا يحس بها أحد وهذا لا يجوز، وفي هذا الأدب الذي أدبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن نذكر المهدي بخير بأقل المراتب معالجة لنفس المهدي ونفس المهدى إليه ، أما المهدي فتطيب نفسه ويروق له أن يهدي المهدى إليه مرة أخرى بمثل ذلك أو بأحسن من ذلك هذا نفس المهدي، وفي هذا الأدب معالجة نفس المهدى إليه بهضمها وإخضاعها لحكم الشارع وهو أن يذكر أن فلان أحسن إلي، لأنه في هذا ملاحظة لما كان سبق معنا في بعض الدروس من قوله عليه الصلاة والسلام : ( اليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة ) فحينما يرضى المهدى إليه أن يقول فلان أعطاني كذا، فلا شك أن في هذا القول وفي هذا الإخبار من ناحية المتحدث هضم لنفسه، لأنه يشعر السامعين بأنه قبل هذه الهدية ورضي بها فكانت يده هي السفلى ففي هذا ترويض للنفوس أن لا تكون مستكبرة وأن لا تكون مستعلية على الحق ، وفي المقابل فيه تطييب لنفس المهدي لأن الإنسان المهدي حينما يشعر بأن هديته لا يشكر عليها ولا يقابل بالثناء الحسن فتضعف نفسه ولا يتشجع مرة أخرى على إعادة مثل تلك الهدية ، إذن لا بد من مقابلة المكافئة بأقل المراتب وهي الثناء بالخير والدعاء للمهدي بقوله جزاك الله خيراً وإلا إن لم يفعل ذلك وكتمه فقد كفره.
3 - باب : " باب من صنع إليه معروف فليكافئه " . تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ( ... فإنه من أثنى عليه فقد شكره وإن كتمه فقد كفره ... ) أستمع حفظ
تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ( ... ومن تحلى بما لم يعط فكأنما لبس ثوبي زور ).
فالرسول عليه السلام يقول : ( من تحل بما لم يعط فكأنما لبس ثوبي زور ) وفي حديث آخر في *صحيح البخاري ومسلم* : ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) فالمتشبع بما لم يعط هو بمعنى من تحلى بما لم يعط ، رجل مثلا يدعي أن هو دائماً ليلاً نهاراً في بيته مآكل من أطيب المآكل من اللحم والأرز والفاكهة وكذا وكذا ، والحقيقة ليس عنده شيء من ذلك إطلاقاً فهو يدعي ويتحلى بما لم يعط فهذا لا يجوز هو كذب في حد نفسه، ولكنه كذب يريد أن يستعلي به علي به على غيره سواء كان هذا المتشبع أو هذا المتحلي رجلاً أو امرأة فهذا لا يجوز لأنه كذب ومن أفحش الكذب لقوله عليه الصلاة والسلام : ( فهو كلابس ثوبي زور ) أو ( فكأنما لبس ثوبي زور ).
السائل : كلمة تحل ، ... تجمل.
الشيخ : هو.
السائل : ومن تجمل بما لم يعط ...
الشيخ : لا، هو المقصود هنا تعمد إظهار ما ليس له إذا تحلى بثياب مستعيرة أو مستعارة وادعى أنها ثيابه أو ادعت أنها ثيابها فهو مقصود هاهنا، أما مجرد لبس ثياب الغير وهذا معروف بين النساء خاصة في العرس حتى في عهد الرسول عليه السلام أن العروس تستعير من زينة جارتها فهذا لا بأس فيه لكن البأس يدعي من ادعائها أنها لها أن تقول : زوجي اشترى لي أخي أهدى لي والحال كذب، أما مجرد هذا اللباس دون هذه الدعوى فلا يدخل في هذا الحديث ، يعني التحلي والتشبع التحلي في هذا الحديث والتشبع المذكور في الحديث الآخر : ( من تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور ) ليس مقتصراً على الفعل فقط بل فعل مقرون بالقول الذي يوهم الآخرين أن هذا الذي لبسه وتظاهر به هو ملكه هو مما أهدي إليه أو أعطي إليه هذا هو الذي ينصب عليه هذا الوعيد، أما مجرد أن أستعير أنا لباساً أو أستعير سيارة مثلاً وأقضي بها نزهة وأنا لا أتظاهر أمام الناس ولا أدعي أن هذه سيارتي هذه أهداها لي الأمير الفلاني أو الصديق الفلاني أو الغني الفلاني إذا فقط ركبتها بدون أن أخلو بذلك بهذه الدعوة الباطلة فلا بأس من ذلك إطلاقاً ، المستنكر في التحلي وفي التشبع هو التحلي المقرون بنسبة هذا الذي تحلى به إلى نفسه مهدياً إليه من غيره فهذا هو المقصود بهذا الحديث في الصحيح.
4 - تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : ( ... ومن تحلى بما لم يعط فكأنما لبس ثوبي زور ). أستمع حفظ
شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( من استعاذ بالله فأعيذوه ... )
في هذا الحديث أيضاً آداب أخرى بالإضافة إلى الأدب السابق وهو ذكر من أحسن إلينا بالخير وبالثناء إذا عجزنا عن مكافأته بمثل ما كافأنا هو به، لكن الرسول عليه السلام قد أضاف إلى هذا الحديث فوائد أخرى فقال عليه الصلاة والسلام : ( من استعاذ بالله فأعيذوه ) ما معنى من استعاذ بالله فأعيذوه ؟ كلنا يعلم أنه لا تجوز الاستعاذة بغير الله عز وجل، لأنه لا يعيذ من شر ومن ضير إلا الله تبارك وتعالى، لذلك أمرنا في القرآن الكريم لأننا إذا تلونا كلام الله تبارك وتعالى أن نقول : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه ) فلما كانت الاستعاذة لا تكون إلا من الله، فإذا استعاذ أحدنا من غيره فينبغي أن نعيذه لأنه استعاذ بعظيم ألا وهو الله تبارك وتعالى ، فالرسول عليه السلام يأمرنا بأن من استعاذ منا بالله عز وجل أن نعيذه، ولعل خير مثال عملي مما ثبت في السنة الصحيحة يفسر لنا هذه الفقرة من هذا الحديث ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام : ( من استعاذكم بالله فأعيذوه ) ذلك ما رواه الإمام البخاري في *صحيحه* عن السيدة عائشة وغيرها من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة تعرف بابنة الجون أو بالمرأة الجونية فلما دخل عليها واقترب منها قال عليه الصلاة والسلام لها: هبي نفسك لي ، فقالت : وهل تهب الملوك للسوقة؟ أعوذ بالله منك ) كانت هذه المرأة فيما يبدو من سلالة بيوت تنتسب إلى الملوك فكانت تنظر إلى نفسها بأنها ذات شرف وذات حسب فهي غمزت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه هو لا يعرف بأنه من أبناء اللوك فهي قالت : وهل تهب الملكة نفسها للسوقة يعني لعامة الناس الذين هم عادة مسوقون من قبل الملوك ( أعوذ بالله منك ) فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن قال لها : ( لقد عذت بعظيم ) وفي رواية أخرى : ( لقد عذت بمعاذ الحقي بأهلك ) فصرفها وفارقها ، لمجرد أن استعاذت بالله لأنها استعاذت بعظيم كما قال عليه الصلاة والسلام فصرفها واستغنى عنها بالكلية مع أنها كانت من أجمل النساء في زمانها، فإذن ( من استعاذ بالله فأعيذوه ) لازم أن أي إنسان استعاذ بالله من شيء فيجب أن نساعده ونعيذه مما استعاذ منه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
السائلة : مريم بن عمران (( قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ))
الشيخ : ماني سمعان شو عمبتقولي.
السائلة : مريم ... (( قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ))
الشيخ : إي نعم .
السائلة : ...
الشيخ : سمعت شو قالت ؟
السائلة : السيدة مريم لما قالت (( إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً ))
الشيخ : هذا سمعته شو بو؟
السائلة : ...
الشيخ : شو ساوا جبريل معها أعاذها ولا ما أعاذها ؟ لأن المشكلة مو في كلمة مريم المشكلة إذا كانت هناك مشكلة أن نشوف شو موقف جبريل اللي استعاذت مريم منه عرفت شو ؟ يعني أنا مثلاً إذا قلت لإنسان أعوذ بالله منك لا بقا تحاكينا فأنا لست مخطئاً المخطئ هو إذا استمر يكلمني فهنا في قصة مريم ، مريم قالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا لأن جبريل عليه الصلاة والسلام جاء إلى مريم بصورة بشر (( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً )) وهي وين كانت ؟ كانت في خلوتها لابتعادها عن الناس جميعاً نساءً ورجالاً، فحينما تفاجأ ببشر فيخطر طبعاً في هذه المرأة لاسيما حينما تكون امرأة شريفة صالحة كمريم أن هذا مو جاي إلا للشر فقالت له : (( إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً )) فالمحذور بقا لو كان المستعاذ منه هنا شخص عادي فأراد أن يحقق هذا الحديث ( ومن استعاذكم بالله فأعيذوه ) فإذا أراد أن يحقق هذه الاستعاذة وجاي هو بنية سيئة أن ينصرف عنها عرفت شو ااقضية؟ لكن الحقيقة أن جبريل الذي هو من الملائكة بل من رؤساء الملائكة الذين وصفهم الله عز وجل بقوله : (( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) ولذلك أجابها بقوله عليه السلام (( قالت إني أعوذ بالرحمن إن كنت تقياً * قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً )) فحينئذٍ طاب قلب مريم وعرفت أنه رسول الله يعني ملك من ملائكة الله أرسلها ليبشرها بعيسى عليه الصلاة والسلام، فإذن قضية استعاذة مريم ليس لها علاقة بهذا الموضوع لأن الحديث إنما يتحدث عن موقف المستعاذ منه شو لازم يساوي ، لازم يعيذ يعني يحقق رغبة المستعيذ كما جاء في تمام الحديث: ( ومن سألكم بالله فأعطوه ) فواحد سألنا بالله لازم إيش ؟ نعطيه سؤله وطلبته، فمريم عليها الصلاة والسلام استعاذت من جبريل توهماً منها أنه بشر أولاً وأنه بشر سيئ القصد ثانياً ، فقالت: (( إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً )) لكن جبريل بشرها خلاف ما دار في خلدها وفي ذهنها أن الله أرسله إليها مبشراً بأن الله عز وجل سيرزقها غلاماً من غير أب ، إذن فهذا هو الأدب الأول في هذا الحديث وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( من استعاذ بالله فأعيذوه ) والمثال المناسب هي قصة ابنة الجون التي خطبها الرسول عليه السلام ولما جيء بها إليه ودخل عليها قالت : أعوذ بالله منك فصرفها وقال لها : ( لقد عذت بعظيم بمعاذ ).
تتمة شرح حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( ... ومن سأل بالله فأعطوه )
تتمة شرح حديث ابن عمر رضي الله عنه : ( ... ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى يعلم أن قد كافأتموه )
7 - تتمة شرح حديث ابن عمر رضي الله عنه : ( ... ومن أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى يعلم أن قد كافأتموه ) أستمع حفظ
باب : " باب من لم يجد المكافأة فليدع له " . شرح حديث أنس بن مالك رضي الله عنهما : ( أن المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله قال : لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم به )
بعض الصلوات ( فبلغ ذلك الفقراء فعاد رسولهم إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالوا يا رسول الله بلغ الأغنياء ما ذكرت لنا أو ما قلت لنا ففعلوا مثل ما فعلنا فقال عليه الصلاة والسلام : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) فالغرض من هذا وهذا ليس المقصود هو ما يزينه دعاة الاشتراكية للناس اليوم من التسوية التامة بين الناس هذا أمر مستحيل ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ) ولكن المسلم الفقير الذي يجد حسرة في نفسه ألا يجد ما يتصدق به يجد من الوسائل ومن التشريعات الكثيرة التي شرعها الرسول عليه السلام ما لو قام بها لاستغنى غناء أكثر من غناه من كثير من الأغنياء الذين يكسبون الأجور بالأموال، فهذا الحديث بين الرسول عليه السلام أن هذه التسبيحات والتحميدات والتكبيرات ( لو فعلتم ذلك سبقتم من قبلكم ولن يدرككم إلا من فعل مثل فعلهم ) وفي حديث آخر أنه قال لهم عليه السلام : ( إن لكم بكل تسبيحة صدقة وبكل تحميدة صدقة وبكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة ) إلى آخر الحديث ، فإذن الذي لا يجد قروشاً يتصدق بها يجد مجالاً لأن يذكر الله ويسبحه ويكبره فيكسب بذلك ما شاء الله من الصدقات في الوقت الذي نجد أكثر الأغنياء قد تفرغوا بكليتهم لجمع المال، ولذلك تجد منهم الأقل من القليل من يتغفرغ للطاعة خاصة الإكثار من النوافل، لأنهم لا يجدون هذا الوقت الذي صرفوه في سبيل جمع المادة فاصرفها أنت أيها الفقير في سبيل ذكر الله عز وجل وتسبيحه وتكبيره وتحميده فتكسب بذلك من الصدقات ما يعجز عن مثلها أولئك الأغنياء.
الشاهد في هذه الأحاديث: أن الرسول عليه السلام يؤدب طائفتين من الناس الأغنياء والفقراء ، الأغنياء القادرين على إغاثة المستغيثين وإعاذة المستعيذين وإعطاء السائلين فيأمرهم بأن يعيذوا من استعاذ بهم وأن يعطوا من سألهم هذا هو القسم الأول من المجتمع أغنياء.
ثم يربي عليه الصلاة والسلام القسم الثاني من المجتمع ألا وهم الفقراء، لأنهم إن استطاعوا مقابلة المكافأة بمثلها فبه، إن لم يستطيعوا فليثنوا خيراً على الذي أحسن إليهم وليكثروا لهم من الدعاء حتى يعلموا أنهم قد كافؤوه، وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
8 - باب : " باب من لم يجد المكافأة فليدع له " . شرح حديث أنس بن مالك رضي الله عنهما : ( أن المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله قال : لا ما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم به ) أستمع حفظ
شرح حديث تميم الداري رضي الله عنه : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ) الذي فيه قصته مع الجساسة والدجال .
الرسول عليه الصلاة والسلام يقول في مطلع هذا الحديث وهي خطبة أو وهو أي هذا الحديث خطبة خطبها الرسول عليه الصلاة والسلام بمناسبة عودة تميم الداري من رحلة بحرية رأى فيها من عجائب خلق الله مما خبأه الله عز وجل إلى آخر الساعة رأى الدجال ورأى الجساسة، وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام حدثهم عن الجساسة وعن الدجال قبل قصة تميم الداري التي يحكيها الرسول عليه الصلاة والسلام الآن في هذا الخطبة فيقول لهم : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ) أي إن عادة الرسول عليه السلام أن يقف في الناس يعظهم يذكرهم يرغبهم فيما عند الله بأن يعملوا طاعات معينة ويرهبهم عما عند الله من عذاب أليم فينهاهم عما يتسببون به إلى الوقوع في العذاب الأليم، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول : أنا لم أجمعكم لشيء من هذا لا لرغبة ولا لرهبة كما هي عادة الرسول عليه السلام، وإنما جمعهم ليقص عليهم قصة حدثه بها أحد أصحابه، والمفروض أن الصحابة يتحدثون عن الرسول وهنا في هذه الخطبة إنما الرسول عليه السلام هو يحدث عن أحد أصحابه، لذلك يقول الرسول عليه السلام : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن تميم الداري أتاني فأخبرني خبراً منعني القيلولة من الفرح وقرة العين ، فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم ).
تميم الداري هذا كان رجلاً نصرانياً ثم أسلم وآمين به عليه الصلاة والسلام، فبعد أن مهد الرسول عليه السلام بتلك الكلمة أي هو طلبهم ليجتمعوا والعادة إنما يجمعهم ليعظهم كما فصلنا وذكرنا يقول أنا ما جمعتكم لشيء مما أنتم اعتدتموه مني، ولكن تميماً الداري أتاني فأخبرني خبراً مهماً ومفرحاً جداً من شدة ما فرحت به منعني القليلولة ، القيلولة هي نوم الظهيرة نوم الاستراحة في نصف النهار ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ( قيلوا فإن الشياطين لا تقيل ) فمن شدة ما فرح النبي صلى الله عليه وسلم بخبر تميم الداري ما أخذه النوم وهذا شيء طبيعي الإنسان لما بيكون في حالة نفسية طبيعية وكان بحاجة للنوم بنام، لكن لما بتكون نفسه مضطربة لفرح أو ترح ما بياخدو النوم، وهذا كل إنسان منا يعرف ذلك من نفسه وهكذا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بشر بنص الكتاب والسنة فمن شدة فرحه بخبر تميم الداري له بما رأى منعه هذا الفرح القيلولة وقرة العين ( منعني القيلولة من الفرح ومن قرة العين ) ما استطاع الرسول ينام من شدة الفرح طبعاً قرة العين هو كناية عن شدة الفرح (( ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً )) يعني شيء يقر العين ويفرح النفس فرحاً شديداً، فلما قرت نفس الرسول عليه السلام وعينه من خبر تميم ما استطاع القيلولة قال : ( فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم ) يعني من أجل هذا جمعتكم ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة تنفعكم، وإنما أنقل إليكم ما في نفسي من الفرح الذي نشأ نتيجة ما أخبرني به تميم الداري.
قال عليه الصلاة والسلام : ( ألا إن تميم الداري أخبرني أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة ) قوارب السفية السفينة عادة تكون كبيرة فترسي مراسيها على جانب الساحل ثم تنزل منها القوارب الصغيرة قال لما اضطرتهم الريح إلى الجزيرة قعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة بواسطة القوارب ( فإذا هم بشيء أهلب -فسر بنفس الحديث كثير الشعر يعني دابة كثيرة الشعر- قالوا له : ما أنت ؟ قالت أنا الجساسة قالوا : أخبرينا قالت ما أنا بمخبركم شيئاً ولا سائلتكم شيئاً ولكن هذا الدير قد رامقتموه رأيتموه فأتوه ) بناية فيها رجل تقول الجساسة هذا الدير شايفينه ( فاتوه فإن فيه رجلاً بالأشواق إلى أن تخبروه ويخبركم، فأتوه فدخلوا عليه فإذا هم بشيخ موثق مغلل شديد الوثاق ما بيقدر يعني يفلت فصار الحديث الآتي بينهما فقال لهم من أين ؟ قالوا من الشام قال ما فعلت العرب ؟ قالوا نحن قوم من العرب عما تسأل ؟ قال ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم ) يعني الرسول عليه السلام ( قالوا خيراً ناوى قوما أي عادى قوماً فأظهره الله عليهم فأمرهم اليوم جميع ) يعني العرب اللي آمنوا بالرسول عليه السلام ثم هو عادى الذين كفروا به فهم اليوم مجتمعون يداً واحدة يشرح كيف أمرهم اليوم جميع فيقول : ( إلههم واحد ودينهم واحد ، قال ما فعلت عين زغر - قرية بالشام - قالوا خيراً يسقون منها زرعهم ويستقون منها لسقيهم ) يعني العين لا تزال غزيرة بيسقوا منها أنفسهم وبيسقوا منها دوابهم ( قال ما فعل بئر بيسان ؟ قالوا يطعم ثمره كل عام ) يعني أنها تنبت وتثمر ( قال ما فعلت بحيرة طبرية قالوا تدفق جنباتها من كثرة الماء.
9 - شرح حديث تميم الداري رضي الله عنه : ( إني والله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ) الذي فيه قصته مع الجساسة والدجال . أستمع حفظ
تتمة شرح حديث تميم الداري رضي الله عنه : ( ... لو فلت من وثاقي هذا لم أدع أرضاً إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة -أي المدينة- ليس لي عليها سبيل هذه طيبة ) في قصته مع الدجال والجساسة.
هذا الحديث هو صحيح من الناحية الحديثية بقا صحيح لغيره ذلك لأن في إسناده ضعفاً، ولذلك نحن أشرنا إلى ضعف بعض الفقرات التي لم نجد لها شاهداً بخط أفقي وضعنها على تلك الجمل لأنها لم تأت في ذاك الحديث الطويل الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وقد ذكرت هنا في التعليق تفصيل لهذا، والحديث الطويل في *صحيح مسلم* مذكور في الحاشية وهو صحيفتين وزيادة، والطلب كان بشرح هذا الحديث المختصر وقد فعلت بقدر ما تيسر والحمد لله رب العالمين.
10 - تتمة شرح حديث تميم الداري رضي الله عنه : ( ... لو فلت من وثاقي هذا لم أدع أرضاً إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة -أي المدينة- ليس لي عليها سبيل هذه طيبة ) في قصته مع الدجال والجساسة. أستمع حفظ
ما حكم حديث : ( إنما تغسل ثوبك من الغائط والبول والمني والمذي والدم والقيء ) وحديث : ( لا يقرأ الجنب والحائض شيئاً من القرآن ) ؟
الحديث الثاني : ( لا يقرأ الجنب والحائض شيئاً من القرآن ) السؤال صحة الحديث؟
والجواب : كلاهما ضعيف، وأحدهما أشد ضعفاً من الآخر.