شرح باب " باب الخروج إلى الضيعة "
الضيعة في الأصل هي كل سبب يتعاطاه الإنسان للحصول على ما يعتاش به، فسواء كانت مهنة أو نجارة أو زراعة أو نحو ذلك، ثم غلب استعمال هذه الكلمة على القرية التي هي موضع للحرث وللزرع والمقصود هنا بالضيعة هي النخيل والمزرعة.
شرح حديث أبي سلمة رضي الله عنه قال: ( أتيت أبا سعيد الخدري وكان لي صديقاً فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فخرج وعليه خميصة له ).
عن أبي سلمة قال: ( أتيت أبا سعيد الخدري وكان لي صديقاً فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فخرج وعليه خميصة له ).
بهذا المقدار ينتهي هذا الحديث فقد يتسائل المتسائل ما هي الغاية وما هي الحكمة من إيراد المصنف لهذا الحديث الذي ليس فيه إلا أن أبا سعيد الخدري خرج مع صاحبه وصديقه أبي سلمة إلى الضيعة يعني إلى النخيل، فأي شيء في هذا الخبر؟ الذي يبدو لي والله أعلم أن المصنف يشير بهذا الباب الذي عقده وهو الخروج إلى الضيعة إلى جواز اتخاذ ما به يعتاش المسلم من الزرع والنخيل، ولذلك ساق هذا الحديث الذي تضمن خروج الصحابي الجليل ألا وهو أبو سعيد الخدري إلى نخيله وضيعته أي التي يتخذها سبباً لمعاشه، فقد يقال فكيف التوفيق بين ما دل عليه هذا الأثر من جواز اتخاذ الضيعة أي المهنة سواء كانت زراعة نخيل أو غيره من الشجر أو أي مهنة أخرى كيف التوفيق بين هذا الذي دل عليه الأثر من جواز اتخاذ الضيعة وبين الحديث المشهور ألا وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا )؟ فقد يبدو أن هذا الحديث المرفوع إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ينافي تعاطي مهنة الزراعة ليعتاش بها كما دل عليه تبويب المصنف لباب الخروج إلى الضيعة واستدلاله على ذلك بأثر أبي سلمة مع صديقه أبي سعيد الخدري الصحابي المشهور الذي خرج وصاحبه إلى النخيل .
كيف التوفيق بين هذا الأثر وبين نهي الرسول عليه السلام عن اتخاذ الضيعة ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ) ؟
والجواب: فيما يبدوا لي والله أعلم أن النهي عن اتخاذ الضيعة هو كمثل قوله عليه السلام في الحديث الآخر: ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فهذا الحديث الأخير يفسر الحديث الذي قبله: ( لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ) ووجه التفسير أن نفهم الحديث هكذا : لا تتخذوا الضيعة بحيث أنها تلهيكم عن القيام بما فرض الله عليكم من الواجبات والحقوق التي من أبرزها الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى، فهذا الاتخاذ الذي يؤدي إلى إهمال ما يجب على المسلم أي واجب كان هذا هو الذي نهى الرسول عليه الصلاة والسلام أو هذا الذي عناه الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله : ( لا تتخذوا الضيعة فرغبوا في الدنيا ) أي: لا تتخذوا الضيعة فتتكالبون عليها وتهتمون بها اهتماماً يصرفكم عن القيام بما أوجب الله عليكم فهذا هو المنهي عنه وبهذا المعنى أيضاً يفسر حديث آخر يشكل على كثير من الناس وفعلاً قد اتخذه بعض الألمان المستشرقين مطعناً في المسلمين بل في دينهم، ذلك الحديث هو ما رواه البخاري في صحيحه ( أنه عليه الصلاة والسلام رأى سكة -يعني المحراث الذي يشق به الأرض للزرع- فرأى سكة في أرض أو في نخيل فقال عليه السلام : ما دخل هذا بيت قوم إلا ذلوا ) أو كما قال عليه السلام ، فاتخذ هذا الحديث بعض المستشرقين الألمان فقالوا هذا هو الإسلام يريد من المسلمين أن لا يعملوا لدنياهم فهو يجعل اتخاذ السكة يعني آلة الحرب سبباً للذل فكيف تتفاخرون بهذا الإسلام وتقولون الإسلام يأمر بالعمل ويأمر بالعمل حتى يبالغ بعض الناس فيروي حديثاً لا أصل له في سبيل إظهار الإسلام أنه يحض على العمل حضاً بالغاً فيقول قال عليه الصلاة والسلام : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) هذا الحديث لا أصل له، يجب أن نعرف هذا حتى لا ننسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله لأنه قال عليه الصلاة والسلام : ( من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) وليس الإسلام بحاجة إلى أن يظهر كماله وفضله على الناس بمثل هذا الحديث الضعيف الذي لا أصل له، وقريباً قد مر بنا بعض الأحاديث التي تحض المسلم على أن يعمل الخير ونوَّع الرسول عليه السلام أسلوبه في عمل الخير حتى ذكر من ذلك : ( أن تعين أخرق ) وفسرنا الأخرق الذي لا مهنة له ولا صنعة له، فأنت تعينه بصنعتك فالإسلام أسمى وأعلى من أن يكون بحاجة إلى إثبات نوع من أنواع كماله، ومن ذلك أن يحض الناس على العمل في سبيل أن يكف يده على الناس وأن تكون يده هي اليد العليا.
2 - شرح حديث أبي سلمة رضي الله عنه قال: ( أتيت أبا سعيد الخدري وكان لي صديقاً فقلت: ألا تخرج بنا إلى النخل فخرج وعليه خميصة له ). أستمع حفظ
الرد على من قال من المستشرقين بأن الإسلام ينهى عن العمل الدنيوي.
خلاصة القول : أن الإسلام لا ينهى عن تعاطي أسباب المعاش لكن بشرطين اثنين:
الشرط الأول : أن لا يتكالب عليها المسلم فتصرفه عن القيام بواجبات أخرى .
والشرط الثاني : أن يكون سعيه في حدود الشرع فلا يبيع ما لا يجوز بيعه ولا يتعاطى في معاملة من معاملاته مع الدولة أو مع الناس بما لا يجوز كالربا الذي ضربنا به مثلاً آنفاً.
إذن قول المصنف هاهنا: " باب الخروج إلى الضيعة " فيه إشعار بجواز خروج المسلم إلى ضيعته إلى مزرعته كوسيلة من وسائل معاشه، لأن أبا سعيد الخدري خرج إلى نخيله وهو صحابي جليل مشهور فعمله يصور لنا جزءاً مما جاء به الشارع وهو الخروج للسعي وراء الرزق.
ويكفي في الحض على العمل بالشرطين السابقين أن لا نتكالب عليه فينسينا بعض الواجبات، وأن لا نتعاطى الوسائل المحرمات يكفي في الحض على العمل وعلى الزرع بصورة خاصة قوله عليه الصلاة والسلام : ( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فلا يدعها حتى يزرعها ) هذه مبالغة عظيمة جداً في حض الرسول عليه الصلاة والسلام على تعاطي أسباب الزراعة وكسب الرزق الحلال فيقول : إذا سمع أحدكم بأن الساعة قد قامت على الناس وكان هو يتهيأ لزراعة شتل من المشاتل التي عنده فبينما هو أخذها يريد أن يزرعها وإذ اضطربت الدنيا وقامت الساعة، لا يقول هاي الساعة قامت بقا أنا شو معيشني بعدها فلا يضعها بل يزرعها، هذه مما جاءت السنة في الحض على تعاطي أسباب الرزق وبصورة خاصة بطريق الزرع، ولذلك فالإسلام لا ينهى أبداً عن تعاطي أسباب الرزق، ولكنه يريد أن يكون ذلك بعدل وتوسط فلا هو يضيع أهله بسبب إهماله لتعاطي أسباب الرزق ولا هو يغرق أهله في الرزق بسبب تكالبه عليه فينسى وينسى أهله معه ما أوجب الله عليهم من القيام بالواجبات، والحديث السابق : ( وتركتم الجهاد في سبيل الله ) فيه تصريح بأن الأخذ بأذناب البقر والرضا بالزرع الذي يؤدي إلى ترك الجهاد في سبيل الله إذا فعل ذلك المسلمون سلط الله عليهم ذلاً لا ينزعه عنهم حتى يرجعوا إلى دينهم، وهذا هو الواقع أكبر دليل على صدق الرسول عليه السلام فيما أخبر به فقد سسلط الله على المسلمين ذل اليهود في بلاد الإسلام (( وما ربك بظلام للعبيد )) لم هذا ؟ لأنهم تكالبوا على الدنيا ولم يعد يهمهم إلا الحصول على المال ومن الأمثلة التي وقعت في نفس أرض فلسطين هو مبادرة كبار أصحاب الأراضي في فلسطين على بيع أراضيهم لليهود أنفسهم الذي هذا البيع الذي كان من أقوى أسباب التمكين لليهود في أرض فلسطين، فأخذوا يشترونا بأغلى الأثمان فكان أولئك الأغنياء أصحاب الأراضي يبيعونها لهم طمعاً فيما لديهم من المال، فكان عاقبة ذلك أن طردوا من أموالهم ومن أراضيهم ولم يبق لهم إلا الخزي والعار نسأل الله السلامة، هذا تعليقنا على أثر أبي سعيد الخدري وخروجه مع صديقه إلى النخل.
أما قوله في هذا الحديث : " فخرج وعليه خميصة له " الخميصة هي ثوب معلَّم مخطط أشبه ما يكون بما يعرف حتى يوم في البلاد الشامية ... .
كراهة الصلاة بثوب له أعلام وألوان تلهي .
هذه الخميصة أي الثوب المعلَّم أحمر وأصفر وأبيض إلى آخره هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بين يدي ربه يصلي فتلهيه هذه الخميصة ذات الأعلام الخضراء والزرقاء ووإلى آخره، فيقول: ( خذوا خميصتي هذه ) خذوها اصرفوها عني ( واتوني بأنبجانية أبي جهم ) ثوب سادة سادة ما هو مخطط ولا هو معلم لماذا يصرف الخميصة عنه ؟ قال فإنها ألهتني عن صلاتي هذه رواية البخاري ورواية * الموطأ *: ( فإنها كادت أن تلهيني عن صلاتي ) ومن هذا نأخذ حكماً شرعياً وهو أن المسلم إذا قام يصلي في مكان ما فيجب أن يكون ذلك المكان خلواً من أي نقش أو زخرفة قد تعرضه في صلاته لالتهاء بذلك عنها، ومن هنا جاء أيضاً حديث آخر في * صحيح البخاري *: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى يوماً وقال للسيدة عائشة أميطي عني قرامك هذا ، -القرام الستارة- فإن تصاويره تلهيني عن صلاتي أو تشغلني عن صلاتي ) فلا ينبغي للمسلم أن يصلي في مكان فيه صور في زخارف فيه نقوش، لأن المقصود من وقوفه بين يدي ربه تبارك وتعالى هو أن ينصرف عن الدنيا وعن زخرفها في حدود الاستطاعة لا أن يأتي هو بنفسه بأسباب تزيده وهو يصلي لهواً أو التهاءً عن ربه تبارك وتعالى.
حكم زخرفة المساجد.
الخلاصة: أن تعاطي المهنة هو أمر يأمر فيه الشارع ولكن في حدود الاعتدال والتمسك بالأسباب المشروعة.
شرح حديث علي رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه منها بشيء ، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله ... ).
عن علي رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه منها بشيء، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله فضحكوا من حموشة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما تضحكون ! لرِجل عبد الله أثقل في الميزان من أُحد ) رجل عبد الله بن مسعود أثقل من أحد في الميزان عند الله تبارك وتعالى ، وما ذالك إلا لأنه كان من المهاجرين السابقين الأولين وكان أوتي حظاً كبيراً من العلم والفقه في الإسلام، ولذلك جاء ذكر عبد الله بن مسعود في غيرما حديث صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال مثلاً : ( لو كنت مؤمراً أحد بغير مشورة لأمرت ابن أم عبد ) يعني: عبد الله بن مسعود ، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام في بيان بعض فضائل ابن مسعود : ( من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) فعبد الله بن مسعود رضي الله عنه من هؤلاء الصحابة الذين أوتوا حظاً وافراً من المناقب والفضائل والعلم، والشاهد من إيراد الحديث تحت هذا الباب هو إثبات أيضاً جواز الخروج إلى خارج البلدة إما للمهنة والصنعة كما في أثر أبي سعيد الثابت حيث خرج إلى نخله وإما للفسحة أو النزهة كما قد يمكن أن يكون حديث ابن مسعود هذا لأنه يقول علي في أوله : ( أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود أن يصعد شجرة ) والغالب أن مثل هذا الشجر لا يكون خاصة يومئذٍ في وسط المدينة وإنما في خارجها، وقد روى الإمام البخاري فيما سيأتي إن شاء الله قريباً أو بعيداً ( أن الرسول عليه السلام كان يحب الخروج إلى هذه التلاع ) يععني الهضبات المشرفة المطلة كان يحب الرسول عليه السلام مثل هذا الخروج، فهاهنا لما أمر ابن مسعود أن يقطع غصناً من شجرة قد يكون في سبيل النزهة أو في سبيل العمل وراء الضيعة ونحو ذلك، فلما صعد ابن مسعود على الشجرة ونظر أصحابه إلى ساق عبد الله ضحكوا من حموشة ساقيه أي من دقتها، يعني يبدو من هذا الحديث أن ابن مسعود كان شخصاً نحيلاً ضئيل الجسم لم يكن بديناً ملحماً مشحماً فلما طلع على الشجرة وهم طبعاً كانوا يلبسون الأزر ما كانوا يلبسون السروال اللي كنا نلبسه قديماً أو البنطلون الي ابتلي به الناس اليوم حديثاً وإنما كانوا متواضعين في لباسهم إنما هو ثوب يستر به أحدهم عورته وهو الإزار فإن زاد شيئاً آخر على ذلك فإنما هو الرداء يعني فوطتين فوطة للقسم الأعلى وفوطة للقسم الأدنى، فحينما يصعد أحدهم إلى مرتفع من مكان ينكشف الساق أكثر مما لو كان يمشي على الأرض عادة، ذلك لأن هنا سنة يجب أن يعرفها الرجال هذه السنة أن الثوب الذي يستر به المسلم نصفه الأدنى من بدنه وهو المعروف قديماً بالإزار وما يقوم مقامه اليوم هذا الأفضل في حقه أن لا يكون طويلاً الأفضل أن يبلغ إلى نصف الساق هذه الدرجة العليا في الفضيلة فإن طال فإلى الكعبين هذه رخصة فإن زاد عن الكعبين ففي النار، لذلك إطالة العباية إلى ما تحت الكعبين نتكلم عن الرجال بقى أنتم خذو مجدكن لا يأخذ على خاطركن لأن الناس هنا على العكس كلما أطالت ذيلها كلما كان أرضى لها عند ربها، نحن نتكلم عن الرجال فالرجال الثوب الأفضل أن يكون إلى نصف الساقين فإن طال فإلى ما فوق الكعبين، فإن طال ما دون الكعبين ففي النار يعني يستحق صاحبه العذاب في النار، ومعنى هذا أن البنطلون اللي هو في أصله لا يشرع لباسه لما فيه أولاً التشبه بالكفار ولما فيه أيضاً من جهة أخرى من تجسيم الأفخاذ والعورة فهو من هذه الجهة لا يجوز، وكذلك لا يجوز من جهة أخرى وهو لأنه طويل إلى ما تحت الكعبين أصبح البنطلون اليوم يكاد يغطي قدم رجل كلها بطوله وسعته هذا في النار بصريح الحديث قال عليه الصلاة والسلام: ( أزرة المؤمن إلى نصف الساق، فإن طال فإلى الكعبين، فإن طال ففي النار ) ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : ( لا ينظر الله إلى من يجر إزاره خلاء يوم القيامة ) .
فالشاهد أن الصحابة كانوا يقتدون بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ويأخذون بأفضلها اتباعاً لأمر ربنا تبارك وتعالى: (( اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتخذوا من دونه )) قال تبارك وتعالى : (( اتبعوا احسن ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتخذوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون )) فالصحابة كانوا يتبعون أحسن ما أنزل إليهم فالأحسن هو أن يكون الثوب إلى نصف الساق، فما هو المفروض في عبد الله ابن مسعود أن يكون ثوبه إلى نصف الساق فإذا صعد إلى الشجرة فتقريباً انكشف الساق كله فظهرت دقته للناس فضحكوا ، هذا الضحك طبعاً ليس هو استهزاءً هذا هو المفروض في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وإنما هذا الضحك يعني يأتي فجأة على بعض الناس حينما يرى أمراً غريباً ، ابن مسعود لما يصعد الشجرة ويظهر ساقه كساق الفرس وأمثاله فيضحك بعض الناس فيريد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يلفت أنظار أولئك الناس أن هذا الذي تتعجبون من دقة ساقه وهذه الدقة معناها ليس لها وزن لكن لها وزن عند الله عز وجل إلى درجة أنه يزن جبل أحد ( لرِجل عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه عند الله أثقل في الميزان من أحد ).
هذا الباب التاسع عشر بعد المئة .
6 - شرح حديث علي رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه منها بشيء ، فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله ... ). أستمع حفظ
" باب المسلم مرآة أخيه " شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من وراءه )
من رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من وراءه ) .
هذا حديث عظيم سواء في مطلعه في الفقرة الأولى منه ألا وهو قوله عليه السلام : ( المؤمن مرآة أخيه أو بالتفصيل الآتي بعده ) فمعنى هذا الحديث: ( المؤمن مرآة أخيه ) يعني يجب أن تكون علاقة المسلم مع أخيه المسلم بحيث أنه يستعين به على أن يرتقي إلى درجات الكمال بسبب أخيه المسلم وكيف ذلك ؟ لأن من طبيعة الإنسان ومن طبيعة النفس الأمارة بالسوء الغافلة المغفلة أنها لا ترى عيوبها وإنما ترى عيوب غيرها ، الإنسان لا ينتبه لعيبه لسببين اثنين : السبب الأول : لسوء طويته ، والسبب الثاني : ولو كان صالحاً فهو لا يتمكن ولا يشعر ولا يحس بعيبه، ولذلك فيجب أن يرى عيوبه بمرآته، فما هي مرآته ؟ هي أخوه المسلم، وكيف يكون الأخ المسلم مرآة لأخيه المسلم ؟ هو النصيحة حينما أنا أرى أمامي شخصاً وأرى فيه عيوباً وهو غافلاً عنها فيجب علي أن أصنحه، فإذا أنا نصحته انتبه هو لعيبه وبادر إلى إصلاحه ، واليوم المسملون بسبب انصرافهم عن آداب نبيهم عليه الصلاة والسلام وتوجيهاته التي منها هذا الحديث: ( المؤمن مرآة المؤمن ) مرآة أخيه المؤمن ، فبدل واقعنا اليوم فبدل من أن يتخذ بعضنا بعضنا مرآة يكتشف به عيوبه التي لا سبيل إلى أن يطلع هو عليها بنفسه تصبح هذه الحقيقة معكوسة فإذا أنا نصحت أحداً قال عليك بنفسك قال أنت عمتطعن في أنا ماني عاجبك أنا كذا أنا كذا، فانقلبت النصيحة أي انقلبت المرآة الي كانت المفروض أن تكون مجلية أن تكون منيرة إلى مرآة مظلمة أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبباً لإيثار الأحقاد والشحناء والبغضاء، هذا من جهة من نصح لسبب مرآة أخيه المسلم، أي المسلم الذي رأى عيب الآخر فنصحه عاد المنصوح باللائمة على الناصح فلم يستفد من مرآته من أخيه المسلم الذي نصحه هذا من جهة، من جهة أخرى قد تكون القضية على العكس من هذا تماماً فأنا صحيح أرى عيباً في إنسان فأنقده لا لأنصحه وإنما للنقد للتشريح والتجريح فهذا أيضاً لا يجوز، فهل هذه معاملة المسلم لأخيه المسلم ؟ أبداً ، المؤمن أخي المسلم مرآة المسلم يرى عيبه بواسطته، ولذلك فبدل أن يتهرب أحدنا من قبول نصيحة الآخر يجب أن يقول كلمة الخليفة الراشد الذي خطب الناس فقال ما معناه : " رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي " هذا هو المسلم الكامل لأنه يعلم أن العيوب التي ينطوي عليها نفس الإنسان هي أكثر من أن يستطيع هذا الإنسان أن يتنبه لها أو أن يكتشفها، وإنما يكتشفها منه أخوه الذي يقابله فهو عليه أن ينصحه وأن يحفظه، لذلك قال عليه الصلاة والسلام في تمام الحديث بعد قوله : ( المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن ) يعني صاحبه وصديقه ( يكف عليه ضيعته ويطوه من ورائه ) يكف ... عليه السلام يكف عليه ضيعته ... .
الذي يطعن فيه ظلماً وزوراً من أكل أكلة أي من تعاطى هذا السبب المحرم ليتوصل إلى شيء حقير من حطام الدنيا فجزاؤه أن الله يطعمه مثلها من جهنم يوم القيامة، كذلك من كُسي برجل مسلم يعني حصل على كسوة بسبب نيله من عرض أخيه المسلم وطعنه فيه وفي غيبته فإن الله عز وجل يكسوه من جهنم، ومن قام برجل مسلم مقام رياء وسمعة يعني يقوم يتكلم بين الناس علناً يشهره بخلاف ما فيه يتظاهر أن هو رجل له السيطرة وله السلطة أو هو رجل لا يبالي بالناس ولا يخاف وإنما يتكلم الحق والحقيقة أنه يتكلم باطلاً، فمن قام مثل هذا المقام مقام رياء وسمعة يتظاهر به أمام الناس ويطعن في أخيه المسلم فإن الله يقوم به مقام رياء وسمعة يوم القيامة أي يشهره أمام الناس بمثل ما شهر هو ذلك المسلم فيجازيه على ذلك شراً ويعذبه عذاباً أليماً، مثل هذا المقام مقام الرياء والسمعة ما رواه الإمام البخاري في *صحيحه* عن سعد بن أبي وقاص أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل خلفه كان والياً ، سعد كان والياً في الكوفة من قبل عمر فجاء بعض الناس وشكوه إلى عمر ما كانت هذه الشكوى ؟ قالوا لا يحسن الصلاة بنا ، سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة تأتي شكوى جائرة ظالمة كاذبة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأن هذا أميرنا بس لا يعرف يصلي بنا فبعث وراه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء قال : الناس يقولون هكذا فقال سعد : والله يا أمير المؤمنين لا آلو يعني لا أقصر أن أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأطيل في الأولين وأقصر في الآخرين الركعتين الآخيرتين، وزيادة من عمر ابن الخطاب في التحري أرسل رجالاً من عنده إلى مقر ولاية سعد بن أبي وقاص يتحسس هؤلاء أخبار الناس شو رأيكم في سعد بن أبي وقاص فالجماهير أثنت عليه خيراً إلا شخص واحد قال إذا كان لا بد يعني أن أنا أبدي رأيي فأنا أقول: إنه لا يعدل في السوية ويعني نسبه إلى الظلم في العطاء، فلما سمع هذا سعد بن أبي وقاص قال : اللهم إن كان كاذباً فإني أدعو عليه بثلاث دعوات : اللهم أطل عمره وأفقره في كبره ولا تمته حتى يفتتن في دينه أو كما قال ، يقول راوي الحديث فلقد رأيته شيخاً كبيراً قد نزل حاجبه على عينه وهو في الطرقات يمشي يغمز الجواري في سن كبير الله أعلم ثمانين تسعين سنة وهو يغمز الجواري يداعبهن كما يفعل الشباب الفساق هذا مما استجاب الله دعاء سعد على ذلك الإنسان، لماذا ؟ لأنه رفع صوته يشهد شهادة زور أمام الناس ويطعن فيه فهو قام مقام سمعة ورياء فدعا عليه سعد بن أبي وقاص فاستجاب الله عز وجل دعاءه وابتلاه بالكبر بالعجز وفتنه فكان يغامز الجواري ... .
7 - " باب المسلم مرآة أخيه " شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( المؤمن مرآة أخيه والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من وراءه ) أستمع حفظ
حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس ) استدل المذهب الحنبلي بهذا وغيره على أن وقت صلاة الجمعة يمتد من أول وقت صلاة العيد إلى آخر وقت الظهر فما هو تعليقكم على ذلك ؟
عن جابر قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس ) رواه أحمد ومسلم والنسائي.
السؤال : استدل المذهب الحنبلي بهذا الحديث وغيره على أن وقت صلاة الجمعة يمتد من أول وقت صلاة العيد إلى آخر وقت الظهر فما هو تعليقكم على ذلك ؟
الجواب: أن مذهب الإمام أحمد هو الصواب في هذه المسألة وهذا الحديث دليل واضح في ذلك لأنهم إذا كانوا يصلون الجمعة ثم يذهبون فيريحون جمالهم حين تزول الشمس فمتى كانت الخطبة يوم الجمعة ومتى كانت الصلاة ؟
طبعاً قبل زوال الشمس، وهناك نصوص صريحة بأنهم كانوا يصلون كان الرسول عليه السلام والخلفاء الراشدون من بعده يصلون الجمعة قبل الزوال وليس هذا بالحتم اللازم وإنما هو بالأمر الجائز فيجوز صلاة الجمعة قبل الزوال، وأنا تكلمت على هذه المسألة بتفصيل في رسالة مطبوعة منذ القديم وهي المسماة بـــ*الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة* فهناك تعرضت لأحكام صلاة الجمعة صلاة الجمعة الكثيرة ومنها هذه المسألة بالذات فمن شاء التفصيل فعليه إن يرجع إلى تلك الرسالة.
8 - حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس ) استدل المذهب الحنبلي بهذا وغيره على أن وقت صلاة الجمعة يمتد من أول وقت صلاة العيد إلى آخر وقت الظهر فما هو تعليقكم على ذلك ؟ أستمع حفظ
الركعتان المذكورتان في حديث ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فاليركع ركعتين ولتجوز فيهما ) هي تحية المسجد أم سنة صلاة الجمعة ؟ وكم ركعة سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية ؟
السؤال : الركعتان المذكورتان في الحديث هي تحية المسجد أم سنة صلاة الجمعة ؟ وكم ركعة سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية ؟
الشيخ : ليس لصلاة الجمعة سنة قبلية مطلقاً وإنما هناك تنفل مطلق ، كل من دخل المسجد يوم الجمعة أن يصلي ما تيسر له كما جاء في بعض الأحاديث: ( من غسل واغتسل وبكر وابتكر ثم أتى المسجد فصلى ما كتب الله له أو ما قدر له ثم جلس ليصغي إلى الإمام غفر الله له ما بينه وبين الجمعة التي تليها ) أو كما قال عليه السلام ، فالشاهد أن وظيفة الداخل إلى المسجد يوم الجمعة سواء دخل قبل الأذان بزمان طويل أو قصير أن يصلي ما تيسر له ركعتين أربعة ستة ثمانية نفل مطلق، فإذا صعد الخطيب المنبر أنهى الصلاة واستعد للإصغاء للخطبة، أما صلاة رتيبة ركعتين هي سنة الجمعة القبلية فهذا لا أصل له مطلقاً، ذلك لأن السنة في عهد الرسول عليه السلام أن الجمعة ليس لها إلا أذان واحد، وكان هذا الأذان يؤذن والرسول عليه السلام على المنبر فليس هناك وقت يتسع لصلاة ركعتين فضلاً عن أربعة هذا في عهد الرسول عليه السلام، أما في ما بعد فقد زيد أذان ثاني وأدخل المسجد ومد بين الأذانين والوقت بحيث أنه يتسع لصلاة أربع ركعات، فهذا لم يكن في عهد الرسول عليه السلام فهو من البدع، أما الحديث فهذا إذن ليس له علاقة بسنة الجمعة القبلية وإنما هي تحية المسجد، وفقه الحديث أن تحية المسجد لا تسقط والخطيب يخطب يوم الجمعة، فمن دخل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب كما يقول في هذا الحديث فليركع ركعتين وليتجوز فيهما، عن زيد بن أرقم .
السائلة : والسنة البعدية ؟
الشيخ : السنة البعدية نعم السنة البعدية سنة ثابتة يوم الجمعة صحيحة عن الرسول عليه السلام، ثبت عنه أنه كان يصلي ركعتين بعد الجمعة في بيته وقال هو عليه الصلاة والسلام بلسانه : ( من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعا ) فإذن المسلم يوم الجمعة مخير أن يصلي بعد فرض الجمعة ركعتين أو أربع ركعات، وكل من الركعتين أو الأربع ركعات الأفضل أن يصليها في البيت كل من الركعتين أو الأربعة الأفضل أن يصليها في البيت، لكن إذا صلاها في المسجد جاز إنما الخلاف في الأفضل، ولا فرق بين الركعتين وبين الأربع ركعات في مسألة الأفضلية.
السائلة : ...
الشيخ : هذا على الخيار، والأفضل الفصل، بسم الله.
9 - الركعتان المذكورتان في حديث ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فاليركع ركعتين ولتجوز فيهما ) هي تحية المسجد أم سنة صلاة الجمعة ؟ وكم ركعة سنة صلاة الجمعة القبلية والبعدية ؟ أستمع حفظ
أيها أفضل للمرأة أن تصلي الجمعة في المسجد أم في البيت ؟
الشيخ : لا ، بقائهن في بيوتهن.
السائلة : خاصة في المساجد المزدحمة كالحرم وغيره.
الشيخ : إي نعم.
ما هو الفقه المستخلص من حديث ( صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العيد ثم رخص في الجمعة فقال : من شاء أن يصلي فليصلي ) ؟
السؤال : ما هو الفقه المستخلص من الحديث ، يقول أبو حنيفة وأبو يوسف : " من أدرك التشهد مع الإمام فقد أدرك الجمعة فيصلي ركعتين بعد سلام الإمام وتمت جمعته ".
إذن هذا له علاقة بالسؤال الرابع .
حديث زيد بن أرقم ( صلى العيد عليه الصلاة والسلام ثم رخص بالجمعة فقال من شاء أن يصلي فليصلي ).
هذا يؤخذ منه حكم غريب بالنسبة لجماهير الناس وصحيح ثابت في السنة، هذا الحكم هو : إذا اجتمع يوم الجمعة وعيد الأضحى أو عيد الفطر فمن صلى العيد يسقط عنه فرضية صلاة الجمعة يسقط عنه فرضية صلاة الجمعة، لا لا يجوز أن يصلي الجمعة وإنما فرضية صلاة الجمعة تسقط عنه ما دام أنه صلى صلاة العيد، لما بيجتمعوا في يوم واحد عبادتين صلاة العيد وصلاة الجمعة فصلاة العيد تسقط فرضية صلاة الجمعة، فمن صلى صلاة العيد فإن شاء صلى الجمعة في المسجد مع الناس وإن شاء لم يصل هذا الحكم بالنسبة لغير الإمام، أما الإمام فلا بد من أن يصلي العيد ولا بد من أن يصلي الجمعة، لأنه قد لا يتمكن إنسان أن يصلي العيد بسبب من الأسباب فإذا لم يحضر الإمام ليصلي الجمعة ضاعت عليه هذه الفريضة وهذا لا يجوز، فغير الإمام إذا صلى العيد سقطت عنه فرضية صلاة الجمعة.
11 - ما هو الفقه المستخلص من حديث ( صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم العيد ثم رخص في الجمعة فقال : من شاء أن يصلي فليصلي ) ؟ أستمع حفظ
ما رأيكم في ما يقوله أبو حنيفة وأبو يوسف : " من أدرك التشهد مع الإمام فقد أدرك الجمعة فيصل ركعتين بعد سلام الإمام وتمت جمعته " ؟
يقول أبو حنيفة وأبو يوسف: " من أدرك التشهد مع الإمام فقد أدرك الجمعة فليصل ركعتين بعد سلام الإمام وتمت جمعته ".
السؤال : ما هو رأيكم بهذا الكلام ؟
أقول: هذا الكلام غير صحيح ، والصحيح في هذا ما ذهب إليه الإمام الشافعي وغيره أن من أدرك ركعة من صلاة الجمعة فقد أدرك الجمعة وإلا فيصليها ظهراً، وهذا أيضاً مما شرحناه في رسالتي السابقة الذكر ألا وهي * الأجوبة النافعة * هناك بينا أن رأي الإمام الشافعي في هذه المسألة هو الصواب وهو من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أدرك الجمعة ومن لم يدرك الجمعة لازم يصليها ظهراً.
12 - ما رأيكم في ما يقوله أبو حنيفة وأبو يوسف : " من أدرك التشهد مع الإمام فقد أدرك الجمعة فيصل ركعتين بعد سلام الإمام وتمت جمعته " ؟ أستمع حفظ
سمعنا بأن الكحل والخاتم من الزينة التي يباح إظهارها فما هو الدليل ؟
فإن كان القول لابن عباس فهذا لا يعتبر نصاً شرعياً أمام الآية (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )) .
هناك أمور تؤخذ من واقع حياة الصحابة، وحياة الصحابة هي من جملة الموارد أو المصادر التي يلجأ إليها الفقيه ليستدل على ما يجوز وعلى ما لا يجوز ونحن حينما ذهبنا في كتاب * حجاب المرأة المسلمة * إلى إثبات أن وجه المرأة ليس بعورة مع تفضيل ستر هذا الوجه إنما ذهبنا إلى ذلك لأدلة كثيرة منها : أن الصحابيات كان فيهن قسم كبير كاشف عن وجوههن يكشفن عن وجوههن، فحينما نرى هذا الكشف ورسول الله يقره نعتبر هذا دليلاً على جواز الكشف وهذا دليل من أدلة كما أشرت آنفاً، ولست الآن في هذا الصدد ولكني أريد أن أقول: إن من الواقع أيضاً الذي كان عليه النساء في عهد الرسول عليه السلام أن الكحل كان أمراً مرغوباً فيه سواء للرجال وللنساء، وقد جاء في * صحيح البخاري * أن امرأة مات زوجها عنها وهي حامل ثم وضعت حملها بعد عشرة أو خمسة عشرة يوماً فتجملت وتزينت وتكحلت للخطاب وكان هناك رجل قد خطبها اسمه أبو السنابل، فحينما رآها قد تهيأت للخطاب أخذته الغيرة فقال لها : لا يجوز لك حتى تنقضي العدة يعني أربعة أشهر وعشرا وكان فيما يبدوا أنها فقيهة أو بلغها أن من مات زوجها وهي حامل ثم وضعت فقد انتهت عدتها، فلذلك هي اعتبرت نفسها بمجرد أن وضعت جنينها قد انتهت من عدتها، فلما سمعت من أبي السنابل ذلك الإنكار توجهت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقالت له : إن أبا السنابل يقول كذا وكذا فقال عليه الصلاة والسلام : ( كذب أبو السنابل فقد حللت فتزوجي بمن شئت ) الشاهد من هذا أن أبو السنابل رأى الكحل في عيني تلك المرأة مما يدل أن هذا كان أمراً معتاداً في ذلك الزمن ومقرراً في عصر الرسول عليه السلام، فإذا انضم إلى ذلك أن بعض الصحابة فسروا قوله تعالى : (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )) بالكحل والخاتم، فأيد ذلك الواقع بمثل هذا التفسير وليس يهمنا نحن هنا أن يكون هذا التفسر تفسيراً صحيحاً لهذه الآية، أي (( إلا ما ظهر منها )) ما بهمنا أصاب الصحاببي في تفسير الآية بما سبق أو لم يصب، لكننا يهمنا ونستفيد من هذا التفسير صواباً كان أو خطئاً بأن هذا الصحابي يشرح أو يفسر بهذه الآية أمراً واقعاً في المجتمع الصحابي في المجتمع النسائي من الصحابة .
(( إلا ما ظهر منها )) من الكحل والخاتم أي هو أصاب في تفسير هذه الآية أو أخطأ وإنما هو يقرر جواز ظهور خاتم المرأة وظهور كحلها.
أقرب لكن هذا بمثل هذا وهو أغرب من هذا بكثير بالنسبة لمن لم يطرق سمعه هذا العلم الجديد، قوله تعالى : (( إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إن شانئك هو الأبتر )) بالأمس القريب يعني أمس مبارح كنا سهرانين لدى صديق لنا فلسطيني كويتي ومعه صهر له هذا الصهر يحكي لنا مشاكل السلفيين وغير السلفيين في الكويت ومن جملة ما قال : يا أخي واحد عميصلي شافه الآخر عامل هيك فهذا الآخر أنكر عليه قال له شو هاد ودعمه الذي يحكي لنا اسمه أبو إبراهيم فقلت له رويدك أنت تنكر هذا وهو معروف قال كيف علمنا ودعا خيراً ، قلت: قال الله عز وجل : (( إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر )) شو معنى وانحر ؟ قال علي بن أبي طالب أي ضع يديك في الصلاة عند نحريك ، ضع يديك في صلاتك عند نحرك وانحر من يخطر بباله هذا االمعنى ؟ لا أحد إطلاقاً، والمعنى المذكور في كتب التفسير هو قولين للعلماء مشهورين في المذهب الحنفي والمذهب الشافعي وانحر في المذهب الحنفي يعني أضحية ، عند العلماء الآخرين : انحر نحراً مطلقاً وهذا هو القول الصحيح اللي بدل عليه سياق الآية وسباقها ، يا محمد إنا أعطيناك الكوثر أي الخير الكثير فماذا عليك أن تفعل ؟ فصل لربك تطوعاً وشكراً وانحر النحائر شكراً لله عز وجل ، (( إن شانئك )) أي: باغضك هو الأبتر الأقطع نسله إلى آخره.
هدول القولين هن المشهورين عند في كتب التفسير أما " ضع يديك عند نحرك في الصلاة " فوالله أنا أول من يعترف أن هذا المعنى لا يخطر في بالنا إطلاقاً، لكن هذا المعنى صحيح ولا لا ؟ إذا أردنا أن لا نتجرأ على تخطئة الصحابي فنقول : ممكن يكون هذا معنى من معاني الآية ، وإذا لم يقنع إنسان بهذا المعنى فأقول وهنا الشاهد إن كان هذا المعنى بالنسبة لهذه الآية ما هو صحيح لكن هو حتماً يفسر تفسيراً شاهده بعينه، لأنه ما ممكن يرى الصحابة ويرى الرسول عليه السلام لا يفعل هذا وبجي يفسر الآية بما يخالف واقع حياة الرسول عليه السلام وواقع حياة الصحابة، فهذا التفسير هو كواقع صحيح، أما كتفسير لهذه الآية فممكن يكون صحيح وممكن يكون غير صحيح ، هذا تماماً يقال في مسألة : (( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها )) بل الراجح عندنا كما ذكرت في كتابي * حجاب المرأة * إلا ما ظهر منها بدون قصد هذا هو الأرجح في الآية لكن الصحابة الذين فسروا (( إلا ما ظهر منها )) أي من الزينة مثل الخاتم والكحل هذا تفسير منهم للواقع وتأييد لهذا الواقع بهذه الآية فأصابوا في التأييد أو أخطؤوا ما يهمنا بقدر ما يهمنا أن نفهم من هذا التفسير أنهم يعالجون أمراً واقعاً وهذا الأمر الواقع أن الله عز وجل سمح للمرأة إذا كانت مكتحلة أنها ما تخرج من بيتها إلا حتى تفرك عينيها فتضر بها ، لا هذا من الزينة التي سمح بها كذلك الخاتم لاسيما إذا كان الخاتم أصبح جزءاً من بدن المرأة لا يتجزأ .
هذا جوابنا بالنسبة لهذا السؤال وبهذا القدر كفاية ولا في لسا بعد .
نصلي وقد يكون أحياناً مجلات فيها تصاوير في المكان الذي نصلي فيه فهل صلاتنا صحيحة ؟
أقول: الصلاة صحيحة مع الكراهة ، وثاني مرة اكتبي من فضلك اقلب الورقة.
ما حكم معاملة الجار القريب وخاصة النساء منهن إذا كن يرتدين الجلباب والآن خلع وهل هذا العمل يوجب المقاطعة ؟
الجواب: المقاطعة بالنسبة لأفراد المجتمع الإسلامي كالكي بالنسبة للفرد المريض، فالكي كما قيل في الأمثال وقد روي حديثاً وليس بصحيح : ( آخر الدواء الكي ) فالمقاطعة هي آخر علاج فلا يجوز لمسلم أو مسلمة المبادرة إلى مقاطعة المسلم الذي انحرف عن إسلامه، بل علينا أن نتابعه بزيارته وتذكيره بدينه وبربه عله يرجع ويتوب فإن يئسنا ومللنا وضاعت أوقاتنا سدى وخشينا أن ينتقل هذا الداء إلى غير مصدره حينئذٍ قلنا سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين .
وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
15 - ما حكم معاملة الجار القريب وخاصة النساء منهن إذا كن يرتدين الجلباب والآن خلع وهل هذا العمل يوجب المقاطعة ؟ أستمع حفظ
أليس الكحل كان عادة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : نعم عادة .
السائلة : يعني وضعهم غير وضعنا.
الشيخ : عادة وأقرها الشارع الحكيم وما أقره الشارع فأراد إنسان ما أن يتخذ ذلك عادة .
السائلة : ...
الشيخ : مثاله عادة تربية الشعر بالنسبة للرجال هذه عادة نبوية فإذا أراد مسلم بدأت الفوضى ما صبرتم ولا ؟
السائلة : ...
الشيخ : ... فقد كان للرسول عليه السلام جمة ولمة إذا قصرت بلغت شحمتي الأذني وإذا طالت بلغت رؤوس المنكبين شاليش يعني الرسول كان له شاليش فإذا أراد مسلم ، نحن قد نتكلم الآن في الخيال لكن نقرر الحقيقة الشرعية ولا علينا بعد ذلك الناس غضبوا أو رضوا فإذا أراد مسلم أن يطيل شعره إلى هنا أو إلى هنا اقتداءً بالرسول عليه السلام لا بالكفار وبالافرنج فليس لنا أن لا تفعل هذا لأنه ما دام الرسول فعل هذا فأقل ما يقال فيه أنه جائز، وهذا نقوله تماما في النساء وهو مما ابتلي وهو مما ابتلي به النساء كثيرات وإنما الأعمال بالنيات فقد جاء في * صحيح مسلم * ( أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يأخذن من شعورهن حتى تكون كالوفرة ) يعني كمان شاليش فإذا وجد بعض النساء قصت شعرها فنحن لا نبادر بالإنكار عليها ولا بالرضا منها وإنما ننظر إلى القصد فإن كان القصد هو الترخص بمثل ما ترخصت به نساء الرسول فالأمر جائز، وإن كان القصد به استغلال هذه الرخصة ليتظاهر أمام الناس أن نحن سلفيات لكننا متقدمات يعني تقدميات مانا رجعيات ليتظاهر المرأة بهذا العمل اللي أصله جائز أمام الفاسقات والفاجرات اللي نحن مانا رجعيات فهذا عمل سيئ حينذاك لأن الأعمال بالنيات.
نعود إلى الشباب طعلت علينا موضة الشاليش والتواليت والخنافس اللي بيسموها إلى آخره، فإذا فعل شاب فأطال شعره اقتداءً بالخنافس فحسبه هذا الاسم ، وإن كان فعل ذلك والله اقتداءً بالرسول عليه السلام فليس عليه إنكار ولكن سرعان ما يظهر إن كان هذا أطال شعره اقتداءً بالرسول عليه السلام، ليه ؟ لأن سنراه مثلاً مطول شعره وحالق لحيته، ليش يعني مطول شعرك ؟ قال اقتداءً بالرسول طيب الرسول كانت لحيته جليلة وعظيمة فليش أنت أطحت بها؟ هذا أول عنوان في تكذيب هذا الإنسان في قوله بأنه فعل ذلك أو أطال شعره اقتداءً بالرسول عليه السلام، إذن هنا ليس لنا إلا أن نقرر هذه الحقيقة ونقول : ( إنما الأعمال بالنيات ).
نرجع إلى الكحل فالتي تكتحل ترخصاً وتزيناً بما جاء من الصحابيات وجاز لهن فليس لنا علينا من سبيل، أما التي تكتحل وتكمل الكحلة بالبودرة أو الحمرة تبين أيضاً المكتوب من عنوانه مثل ذلك الشاب الذي أطال شعره وحلق لحيته، فالتي اقتصرت على التكحيل وابتعدت عن الحمرة والبودرة هذا دليل عملي منها أن هي تترخص بالمقدار الذي أجازه الشارع ولا تزيد على ذلك شيئاً مما لا يجوز فيما تصنعه النساء الفاجرات أو الكافرات.
ما حكم إطالة الشعر ؟
الشيخ : يعني مثل حكايتي أنا ؟
السائلة : ...
الشيخ : إي شو علي يعني هلأ أنا إذا قلت مثل حكايتي تظني أني فضحت حالي لا ، عم أحكي عن واقعي راح جاوبك ، لأن اللحية فرض أما إطالة الشعر مو فرض رخصة يعني عم ننتكلم نحن أنه رخصة، فمن أطال فليس لنا عليه مجال ومن قصر أو حلق جلت يعني بالمرة كمان ما لنا عليه كلام فهذه إطالة الشعر أو تقصيره من أمور العادة .
أما إعفاء اللحية فمن الواجبات في العبادة، لذلك أهل العلم وأهل الدين يحرصون أشد الحرص على إعفاء اللحية لأنه فرض هذا الإعفاء وحلق اللحية فسق إي بس ما تعملوا مشاكل مع رجالكن لأنهم حتؤمروهم بشيء بيأمروكم بأشياء.
المهم فحلق اللحية فسق وإعفاءها فرض ، أما إطالة الشعر أو عدم إطالته على الخيار لذلك قال عليه السلام : ( احلقوه كله أو اتركوه كله ) فما في هناك أمر لازم في قضية مثل ما جاء في قضية اللحية، لذلك ترى أو ترين أنت وغيرك أن العلماء الذين لا يزالون يتمسكون بالسنن أو الواجبات ملتحين لكن مو مربين شعرهم لأن تربية الشعر ما هو واجب مثل تربية شعر اللحية.
السائلة : ...
الشيخ : إي انصحيهن.
هل صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك شعره ولا يحلقه بسبب كثرة انشغاله ؟
الشيخ : لا لا أبداً لا أظنك واهمة .
السائلة : يمكن .
الشيخ : أبداً الرسول عليه السلام هاي جبت لك حديث : ( اتركوه كله أو احلقوه كله ) يعني إذا كان جاز لنا أن نتأول فعل الرسول عليه السلام حينما كان يطيل الشعر لأن هذا لأنه ما كان فاضي فماذا نعمل بقوله : ( اتركوه كله أو احلقوه كله ) ؟ هذا نص قولي منه بجميع الناس أن لكم الخيار تحلقوه احلقوه بتربوه ربوه ، وما بالك وأنت عمبتذكريني بهذا الكلام ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غداير ) ضفائر بدي أقول لك يعني فيا ترى المرأة الواحدة منكن إذا تركت شعرها هيك مسدول أفضى لها وأفرغ لها ولا تقعد تضيع وقتها بتضفير الشعر أنا بشوف مرتي لما بتجي بتصف شعر بنتي وبتقعد تضفر لها اياه أديش بروح وقت ؟ مع أن هذا أسهل بينما المرأة بدها تضفر شعرها بيديها نفسها هذا أصعب بكثير فأي أقرب إلى الفراغ أن يضفر شعره ولا يتركه كما هو ؟
السائل : ...
الشيخ : لا شك أن الأفرغ أن يترك الشعر كما هو فليش ضفره فاضي ولا مو فاضي ؟ فاضي إذن القضية ما لها علاقة بأنه فاضي ولا مو فاضي إنما هذه يعني سنة عملية عادية هذه نقطة يجب أن نفهمها السنن تنقسم إلى قسمين : سنن عبادة وسنن عادة ، سنن عبادة وسنن عادة يعني مو كل شيء فعله الرسول عليه السلام يستحب بحقنا أن نفعله إلا إذا كانت من سنن العبادة ، مثلاً سنن العبادة ما فينا أحد يجهلها صلاة الليل والناس نيام صلاة الضحى مثلاً والنوافل المعروفة الصيام القيام إلى آخره، لكن من الثابت في السنة هذا الأمر الي ذكرته آنفاً أن الرسول عليه السلام في بعض الأحيان كان يربي شاليش في بعض الأحيان هالشاليش يضفره لا أحد من العلماء بيقول من السنة التعبدية أن الرجل العالم الفاضل يطول شعره، ولا أحد يقول أنه إذا طول شعره أحياناً يعمل ضفائر وغدائر ما أحد يقول هذا، ليه ؟ لأن هذا سنن عادة وليست سنن عبادة، من أين عرفنا؟ عرفنا من أشياء كثيرة منها أن الرسول عليه السلام عربي الأصل والمجتمع الذي ولد وعاش فيه عربي أيضاً، ومن عادة العرب قبل ولادة الرسول عليه السلام فضلاً عن قبل بعثته أنهم يطيلون شعورهم ويضفرونها أيضاً حتى اليوم يوجد بعض البدو حتى أنا رأيت بعض الشباب في سجن الحسكة بعض شباب من البدو لهم ضفائر هيك صغيرة هالقدر مربينهم معناه أن هذه العادة لا تزال موروثة حتى اليوم ، فالرسول عليه السلام بحكم عادة البلاد التي كان يعيش فيها طول شعره واتخذ منها غدائر وضفائر أحياناً هذه سنن عادة.
مثال آخر: كان قميص الرسول عليه السلام إلى نصف الفخذين نحن الآن قمصاننا إن طالت تصل إلى الخصر تقريباً ما حدا بيقول أن هذا مخالف إيش للسنة وإذا اتخذنا القميص إلى الركبتين ما حدا بيقول أن هذا مخالف للسنة لأنها سنة عادة وليست سنة عبادة.
أغرب من هيك يقول أنس بن مالك كما في * صحيح البخاري *: ( كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم نعلان لهما قبالان ) القبال السير يعني الي بنسميه نحن اليوم ... الإبهام له بيت وأربع أصابع لها بيت عريض ... بلادنا، هذا نعل الرسول عليه السلام فيا ترى إذا لبسنا صباط أو بوتين أو صندل وما لبسنا هذا ... بنكون خالفنا السنة ؟ لا هذه من سنن العادة ، فإطالة الشعر سنن عادة من شاء فعل ومن شاء ترك، أما إعفاء اللحية ففرض واجب لأن الرسول أمر بذلك ونهى تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال إلى آخر ما هنالك، فنكتفي بهذا المقدار.