تتمة لباب : " باب الانبساط إلى الناس " . شرح حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما : ( ... إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم ).
هذا حديث خاطب به رسول صلى الله عليه وآله وسلم معاوية بن أبي سفيان وكان ذلك طبعاً قبل أن يتولى الملك، ويقول العلماء إن في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بمثل هذا الحديث تلميحاً لطيفاً إلى أنه قد يتولى يوماً ما ولاية الناس وشؤونهم، ولذلك نصحه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن لا يعاملهم على أساس من سوء الظن وإلقاء الشبهة والريبة فيهم، فقد قال عليه الصلاة والسلام له : ( إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم ) أي: إنك إذا ظننت بهم ظن السوء وعاملتهم على أساس سوء الظن بهم كان ذلك دافعا لهم وحافزاً على أن يرتكبوا ما من أجله أنت أسأت الظن به، فلا يجوز للمسلم أن يسيء الظن بأخيه المسلم لاسيما إذا كان له ولاية عامة على الناس فلا ينبغي أن يعاملهم على أساس إساءة الظن بهم، لأن إساءته الظن بهم يحملهم على أن يكونوا عند سوء ظنه بهم، أي إنه كما هو معلوم أن الإنسان الذي له ولاية ما على شخص ما إذا صارحه أو عامله على أساس إحسانه الظن به كان في الغالب ذلك المظنون به الظن الحسن عند حسن الظن به، فكذلك على العكس من هذا إذا الرئيس رئيس الدولة أو رئيس القرية أو نحو ذلك من الرئاسات إذا أحسنوا الظن بالناس كان ذلك من الحوافز والدوافع على أن يكون أتباعه عند حسن ظنه بهم والعكس بالعكس من ذلك تماماً فإذا هو أساء الظن بهم كانوا عند سوء ظنه بهم، ونحو هذا الحديث ما جاء في * صحيح مسلم *: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى الرجل أن يطرق أهله ليلاً يتخولهم ويتظنن بهم سوءًا ) نهى الرسول عليه السلام الرجل إذا كان مسافراً أن يأتي أهله ليلاً أي يقصد أن يأتيهم ليلاً من باب المباغتة والمفاجأة ليشوف شلون وضع الجماعة في البيت معنى ذلك أنه ألقي في نفسه سوء الظن بأهله ولذلك فجأهم وبغتهم ليلاً، هذا نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام من هذا الباب لأنك إذا طرقت أهلك ليلاً حمل ذلك أهلك على أن يسيؤوا الظن بك كما أنت طرقتهم ليلاً وأوهمتهم أنك سيئ الظن بهم كذلك هم يعاملونك بمثل هذا العمل، ومعلوم في عرف الناس عادة أنه إذا اتهم شخص بتهمة وكان بريئاً من هذه التهمة وحاول أن يدفع التهمة عن نفسه فلم يستطع فماذا يكون مصير هذا المتهم؟ يقول كما نسمع هذا كثيراً ها هي الناس عميتحدثوا عنا فإذن فلنفعل ما يتحدثون به عنا، فمن هنا كان هذا الحديث في غاية الحكمة في التخطيط للأمير في معاملة المأمور هو عليهم بحسن الظن لا بسوء الظن، لأن معاملته إياهم على أساس سوء الظن كما قال في هذا الحديث يفسدهم.
( إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم ) وهذا الإفساد قد بيناه بمثل ذلك الكلام السابق، وغاية الحديث والمقصد منه هو أن يتعامل المسلمون على أساس حسن الظن بعضهم ببعض وليس على أساس سوء الظن لاسيما من كان منهم له ولاية عامة كالحاكم أو خاصة كالرجل في أهل بيته، لذلك نهى الرسول عليه السلام أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخولهم أو يلتمس عثراتهم.
الحديث الذي بعده حديث ضعيف.
1 - تتمة لباب : " باب الانبساط إلى الناس " . شرح حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما : ( ... إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم ). أستمع حفظ
باب " باب التبسم " شرح حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنهما قال : ( ما رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي ... )
يروي المصنف رحمه الله بإسناده الصحيح .
عن جرير وهو بن عبد الله البجلي قال : ( ما رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : يدخل هذا الباب رجل من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك فدخل جرير ).
المقصود في هذا الحديث هو طرفه الأول ، وفيه بيان أن الرسول عليه السلام كان من آدابه وأخلاقه في صحبته لأصحابه أن يهش لهم ويبش في وجوههم ولذلك يقول جرير بن عبد البجلي: ( ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي )، وهذا التبسم قد كان سبق معنا في بعض الأحاديث أنه من الصدقات التي بها وبأمثالها مما يسر للمسلمين من الصدقات يستطيع المسلم سواء كان ذكراً أو أنثى أن يصبح غنياً بالأجور فقد يفوق بمثل هذه الأعمال كثيراً من أصحاب الأموال والدثور فقد قال عليه الصلاة والسلام في حديث : ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة ) ولذلك كان طبيعياً جداً أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعامل أصحابه بمثل هذا الأدب الذي وجه أصحابه إليه حينما قال لهم: ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة ).
ولكن هاهنا شيء يجب أن نذكره لاسيما وكثيراً ما نسأل عنه وهو وقريباً كنت في الأردن فسألني أحد الدكاترة هناك : ما رأيك في اجتماع يعقد بين الرجال والنساء أو بين الشباب والشابات والشابات متجلببات بالجلباب الشرعي فما رأيك بهذا الاجتماع وقد سماه بحق فقال : ما رأيك في هذا الاختلاط ؟ وفعلاً هو اختلاط ولو أنه في تلك الحدود التي ذكرناها.
قلت له : إذا أردنا أن نتمسك بالحرفية الحرفية اللفظية فأقول: ما دام أن النساء في هذا المجلس متجلببات ومتسترات الستار الشرعي فلا بأس من هذا الاجتماع، ولكن الحقيقة قلت له أن هذا لا يمكن أن يكون إلا نظرياً، أما عملياً فكيف تستطيع أن تتصور مثل هذا الاجتماع من أوله إلى آخره قد تسلط أو حكم أو تحكم على هذا الاجتماع الرزانة بحيث أن أحد الحاضرين لا يتكلم بكلمة يندفع من ورائها إحدى الحاضرات فتتبسم أو تضحك، من الذي يستطيع أن يتحكم على مثل هذا المجلس الخليط من النساء والرجال فلا يبدر من أحد الحاضرين ما يحمل الآخرين على الضحك أو التبسم ؟ هذا عملياً غير ممكن، ولذلك فالأشرع الابتعاد عن عقد مثل هذه الاجتماعات الخليط من نساء ورجال بدعوى أن السترة متوفرة، لأن كون السترة متوفرة هذا شرط من الشروط وأدب من الآداب الواجبة في الإسلام ولكن هناك نوعية الكلام هناك نوعية الحديث، فإن تبسم رجل بامرأة هناك أو بالعكس امرأة برجل فضلاً عن ضحك فضلاً عن قهقهة فحينئذٍ يخرج من هذا المجلس عن أن يكون أدباً عن أن يكون مجلساً إسلامياً، ولذلك فلا نرى إقرار مثل هذه الاجتماعات مطلقاً ما أمكن إلى ذلك سبيلاً، لأن الإنسان لا يملك نفسه أن يضحك أحياناً فيضحك الآخرين فهنا يكون الشيطان قد طرق على الحاضرين باباً للإفتان والفتنة.
لذلك فإذا كان من أدب الرسول عليه السلام أنه لا يلقى أصحابه إلا تبسم في وجههم عملاً بقوله لهم : ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة ) فجيب أن نفهم هذا الحديث على ضوء القواعد الإسلامية والتي منها باب سد الذريعة فيتبسم الرجل في وجه الرجل والمرأة في وجه المرأة وليس العكس لا يتبسم الرجل في وجه المرأة الغريبة عنه ولا المرأة في وجه الرجل الغريب عنها، لأن هذا مفتاح للفتنة اللهم إلا إذا كان هناك حرمة يعني يتبسم الرجل بل ويضحك في وجه بنته بنت أخيه ونحو ذلك من المحارم، أما المرأة الغريبة عنه فلا يجوز أن يلقاها إلا بكل حشمة وبكل رزانة وبعيد أشد البعد عن الفتنة.
إذن التبسم في وجه الأخ المسلم هو صدقة لكن الجنس مع الجنس والإلف مع أليفه هذا هو المقصود من هذا الحديث وهو الطرف الأول وهو أن من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ومن سنته أنه كان إذا لقي أحد أصحابه -وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته - تبسم في وجهه، ومعنى هذا أن الرسول عليه السلام لم يكن فظاً كما يقولون اليوم لم يكن عبوساً قمطريراً وإنما كان هشوشاً بشوشاً فلا جرم والله عز وجل يصفه بقوله : (( وإنك لعل خلق عظيم )).
ثم جاء في تمام هذا الحديث فائدة أن جريراً رضي الله عنه لما جاء ليدخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم عليه الصلاة والسلام مبشراً بمجيء جرير هذا: ( يدخل من هذا الباب رجل من خير ذي يمن ) هو جرير من عبد الله البجلي من قبيلة من القبائل اليمنية فأخبرهم عليه الصلاة والسلام بأنه من خير هذه القبيلة بقوله : ( يدخل من هذا الباب رجل من خير ذي يمن على وجهه مسحة ملك ) أي على وجهه آثار الملك والنعمة والجمال وقد كان كذلك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا ينطق إلا بالحق ، هذا حديث في التبسم تبسم الرسول عليه السلام.
2 - باب " باب التبسم " شرح حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنهما قال : ( ما رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي ... ) أستمع حفظ
شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط حتى أرى منه لهواته ... ).
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم صلى الله عليه وآله وسلم ).
في هذا الحديث أو في طرفه الأول منه السيدة عائشة تحدث عن طبيعة الرسول عليه السلام وهو أنه كان يتبسم، ولكن ما كان يضحك ضحكاً بالغاً بحيث يرى اللهوات يعني شو بسموه العامة اللسان الصغير اللي في رأس الحنك ؟
الطالبة : البلعوم .
الشيخ : البلعوم ، فما كان يبالغ بحيث أنه يفتح فمه كما يفعل كثير من الناس، وهذا بلا شك وإن كان هذا الضحك بالقهقهة والصياح ليس محرماً لكن لا شك ولا أنه مما لا يدل أبداً على الكمال والفضل، ولذلك فمن كان مقتدياً فليقتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان لا يزيد على التبسم فلا يضحك لاسيما بالقهقهة والصياح ورفع الصوت هكذا تقول السيدة عائشة : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته ) يعني: ما رأيته يضحك ضحكاً أرى منه لهواته إنما كان يتبسم صلى الله عليه وسلم.
وهنا شيء لا بد من ذكره: قد جاء في بعض الأحاديث عن غير السيدة عائشة رضي الله عنها وصف الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه ضحك حتى بدت نواجذه فما هو التوفيق بين مثل هذا الحديث وحديث عائشة الذي تلوناه آنفاً؟ عائشة تقول : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك قط بحيث أن أرى لهواته ) وغيرها تقول : أنه سمع الرسول عليه الصلاة والسلام ورآه يضحك حتى بدت منه نواجذه، والنواجذ هي الأضراس، فالتوفيق سهل وذلك باستخدام قاعدة من القواعد العلمية وهي التي تقول من حفظ حجة على من لم يحفظ ومن علم حجة على من لم يعلم، فكل من السيدة عائشة وغيرها كل من السيدة عائشة التي نفت أن يكون الرسول كان يضحك وغيرها الذي أثبت أنه ضحك كل منهم صادق وكل منهم روى ما سمع وشهد فلا نكذب شخصاً منهم على حساب الآخر، فنقول إذن من قبيل التوفيق بين ما نفته السيدة عائشة من ضحك الرسول عليه السلام وأنه كان يتبسم فقط وبين ما أثبت غيره في غيرما حديث أنه كان يضحك حتى تبدو منه نواجذه أنه أحياناً أي بصورة نادرة كان الرسول عليه السلام يضحك وما ذلك إلا لقوة الباعث على الضحك، فهذا يكون على سبيل الندرة من ذلك مثلاً أن الرسول عليه السلام حدث ذات يوم أصحابه بالحديث الآتي فقال : ( إني لأعرف آخر رجل يخرج من النار وآخر رجل يدخل الجنة رجل يخرج من النار يحبو حبواً ) يخرج من النار هلكان طبعاً لا يستطيع أن يمشي بشراً سوياً هلكان تعبان فيمشي حبواً كالطفل الصغير يمشي إلى طريقه إلى الجنة فهو آخر رجل يخرج من النار وآخر رجل يدخل الجنة يخرج من النار يحبو حبواً، فبينما هو يمشي بدت له شجرة عظيمة وارفة الظلال كثيرة الثمار فقال : يا رب أوصلني إلى تلك الشجرة كي أستظل بظلها وآكل من ثمرها وأشرب من مائها فيقول الرب سبحانه وتعالى : أي عبدي هل عسيت إن أنا أوصلتك إليها أن لا تسألني غيرها ؟ فيقول : لا يارب لا أسألك غيرها ، فيوصله ربنا تبارك وتعالى إليها فيستظل بظلها ويأكل من ثمرها ويشرب من مائها، ثم ينطلق يمشي إلى الجنة فتبدو له شجرة أخرى هي أعظم وأنضر من الأولى فيقول: يا رب أوصلني إلى تلك الشجرة ويعيد العبارة السابقة فيمتن ربه عليه فيقول: يا عبدي ألست قد عاهدتني أن لا تسألني غير تلك فعسى أن تسألني غير هذه فيقول: لا أسألك غيرها فيستظل بظلها ويأكل من ثمرها ويشرب من مائها ثم يتابع الطريق فتبدو له شجرة ثالثة وهكذا يعود ويطمع في فضل الله عز وجل فيسأله أن يوصله إليها وهكذا، ثم ينطلق يمشي حتى إذا ما دنا واقترب من الجنة وأبوابها قال: يا رب أدخلني الجنة فيقول : ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها فيقول العبد: أي رب أتهزأ به وأنت الرب وأنت الحق فهنا يضحك راوي الحديث وهو عبد الله بن مسعود فيسأله التابعي الذي سمع الحديث منه لم ضحكت؟ قال: لأن الرسول عليه السلام لما ذكر أن العبد قال لله عز وجل أتهزأ بي وأنت الرب ضحك الرسول عليه السلام، ولعل هنا قال الراوي حتى بدت نواجذه عليه السلام، فسئل الرسول لما ضحك قال: لأن الله ضحك من عبده حينما قال له : أتهزأ بي وأنت الرب ؟ لم يصدق هذا العبد المسكين وهو يعلم نفسه أنه خرج من النار هالك لا يستطيع أن يمشي فكيف يقول الله له ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها، ما اتسع عقله لهذا الفضل الإلهي العظيم فظن أن الله عز وجل ربه يستهزئ به فقال بجهالته أتستهزئ بي وأنت الرب، فضحك الرسول عليه السلام من كلام هذا العبد لأن الله عز وجل ضحك، فالشاهد أن الرسول عليه السلام كان يضحك نادراً ولكن الدافع له على الضحك هو أن يكون هناك قوة وازعة قوية جداً بحيث يضحك الرسول عليه السلام أي .
خلاصة القول: أن الرسول عليه السلام كانت عادته الغالبة التبسم ونادراً ما كان يضحك فإذا ضحك فلم يكن ضحكه ضحك اللاعبين اللاهين وإنما كان ضحكه عليه السلام ضحك تعجب مدفوع إليه دفعاً ومقصور عليه قصراً .
قالت السيدة عائشة : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته ).
إذن عرفنا التوفيق بين نفيها وإثابت غيرها أن المثبت مقدم على النافي، وهذه قاعدة هامة جداً بها يتمكن طالب العلم من التوفيق بين كثير من النصوص التي تبدو له بادي الرأي أنها متعارضة.
3 - شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا قط حتى أرى منه لهواته ... ). أستمع حفظ
البيان والتمثيل لقاعدة " من علم حجة على من لم يعلم " مع ضرب الأمثلة على ذلك .
فقولها ( ما رأيت رسول الله ضاحكاً قط ) لا ينفي أن يكون الرسول عليه السلام ضحك أحياناً وقد رأى ذلك منه بعض أصحاب الرسول عليه السلام إنما كان يتبسم صلى الله عليه وآله وسلم أي في غالب أحيانه.
تتمة شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( ... وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف فيه وجهه ... ).
يعني كان عليه الصلاة والسلام يتأثر بظواهر الطبيعة، لكنه حينما يتأثر بهذه الظواهر إنما يراقب الله من ورائها، فهو عليه الصلاة والسلام دائماً يحيا ويعيش ذاكراً لله عز وجل في كل حال وفي كل مناسبة، ومن ذلك إذا رأى الرسول عليه السلام في السماء غيماً أو ريحاً شديداً اضطرب عليه الصلاة والسلاام وظهر تأثره مما رأى من الغيم والريح على وجهه عليه الصلاة والسلام .
وجاء في رواية أخرى : ( فإذا أمطرت السماء سري عنه ) هذه زيادة في بعض الأحاديث وسيأتي في مكان آخر إن شاء الله في الكتاب إذا أمطرت يعني الرسول عليه السلام كان له حالتان إذا ما امتدت الغيوم في السماء أو لعبت الرياح فكان يضطرب الرسول عليه السلام ويظهر ذلك على وجهه فإذا نزلت الأمطار سري عنه أي زال عنه الكرب والخوف الذي كان يملأ جوفه عليه الصلاة والسلام، كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تراقب هذا في وجه الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: ( يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية ) يعني تقول السيدة عائشة للرسول عليه الصلاة والسلام أنت غير الناس، الناس عادة بس يشوفوا الغيم بيستبشروا بالخير بالمطر بينما أنت يظهر على وجهك الكراهية، فما هو السر وما هو السبب في هذا الاختلاف بينك وبين الناس ؟ الناس يستبشرون ويفرحون إذا رأى الغيم وأنت يظهر على وجهك الخوف والكراهية فقال: ( يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب؟ عذب قوم بالريح، قد رأى قوم العذاب فقالوا: (( هذا عارض ممطرنا )) ) يشير الرسول عليه السلام بهذا إلى الآية: (( فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا )) يعني هذا في الحقيقة أن الرسول عليه السلام هو كما قال بحق في حديث آخر: ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم لله ) فالرسول عليه السلام بلا شك هو أخشى الناس في الله وأخوفهم من الله تبارك وتعالى، ومن الدليل على ذلك هذا الحديث حيث تقول السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أنه إذا رأى الغيم أو لعبت الرياح رؤي على وجهه وعرف على وجهه الكراهية فلما سألته وقالت له: إن الناس يستبشرون خيراً فما لنا نرى في وجهك الكراهية ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل كان قد عذب قوماً بالريح ) وهؤلاء القوم الذين عذبوا بالريح هم كعامة الناس الذين إذا رأوا الغيم والريح عميلعب لعب بيستبشروا خيراً وهكذا أصاب ذلك القوم قالوا : (( هذا عارض ممطرنا )) وإذا هيك ريح عقيم تستأصل بيوتهم ودورهم وعقارهم فجعلتهم كالأمس الدابر.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم من خوفه من ربه تبارك وتعالى كان يخشى أن تكون هذه الريح ريح عاصف ليست ريحاً ممطرة مبشرة بالخير، ولذلك كان يستولي عليه صلى الله عليه وآله وسلم الخوف، ولذلك جاءت الزيادة الأخرى فإذا أمطرت السماء زال الخوف من رسول الله وتحقق بأنه فعلاً أنه خير، لذلك قالت السيدة عائشة في الرواية الأخرى: ( فإذا أمطرت السماء سري عنه ) أي: ذهب عن وجهه الكراهية التي تبدو في أول الأمر قبل أن تمطر السماء، لأنه كان يخشى عليه الصلاة والسلام من أن تكون ريحاً عاصفاً، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام أيضاً من هديه أنه إذا أرى ريحاً يقول: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ) أي: أن الريح قد تأتي بالخير وقد تأتي بالشر ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يغتر لا يغتر المسلم بخير يراه فقد ينقلب شراً فلا يأمن مكر الله إلا القوم الكافرون، فإذا رأى المسلم ريحاً في السماء فيجب أن يتصور نفسية رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يرى الريح فيخاف المسلم منا ينبغي أن يخاف خشية أن تكون ريحاً عاصفاً تحمل عذاباً لقوم عصوا الله رب العالمين، فإذا انصرفت هذه الريح بسلام وتبعها الأمطار استبشر خيراً .
فحينما لا يدري المسلم هذه الريح هي خير أم شر فعليه أن يسأل رب العالمين أن يسأله خيرها وأن يتعوذ به من شرها.
5 - تتمة شرح حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( ... وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف فيه وجهه ... ). أستمع حفظ
باب : " باب الضحك " . شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( أقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) . وحديث : ( لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) وبيان الفرق بينهما.
فروى في هذا الباب بإسناد حسن .
عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( أقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) .
ثم روى أيضاً عن أبي هريرة لكن بإسناد صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) .
الفرق بين الحديثين : الحديث الأول : يعلوا ويسموا بالمسلم فيأمره أن يقلل من الضحك والحديث الثاني ينهاه عن الإكثار من الضحك، لأن الضحك القليل إذا اعتاده الإنسان توصل إلى الإكثار منه، والحديث يشهد بأن الإكثار من الضحك سبب من الأسباب المميتة للقلب، ومعنى موت القلب طبعاً ليس المقصود بموت القلب الموت المادي أي الطبي الذي يعني أن وقفت نبضات القلب فمات الإنسان طبعاً ليس هذا المقصود، لأن القلب له وظيفتان : وظيفة يعرفها جميع الناس حتى الكفار وخصوصاً منهم الأطباء وهو أنه سبب حياة البدن وأنه المضخة الفطرية التي تمد الإنسان بهذا الدم الذي هو سبب حياته في تقدير الله عز وجل هذه الوظيفة يعرفها جميع الناس كما قلنا ، ووظيفة أخرى لا يعرفها إلا الشرع لا يعرفها إلا أهل الشرع المتمسكين بنصوص الكتاب والسنة هذه الوظيفة هي حياة الإنسان من الناحية الفكرية من الناحية الروحية هذه الحياة مقرها هذا القلب ليس كقطعة لحم، وإنما تفر أي كالروح المودعة في هذا الجسد والتي لا يعرفها حتى اليوم ولن يعرفها أحد كنهها وسرها أبداً كما قال تعالى : (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً )) كذلك هذا القلب هو سبب حياة هذا الإنسان حياة عقلية روحية قد يحيى الإنسان الحياة المادية إما الحياة الطبيعية أو حياة ... لأنه يحيا حياة مادية كما يحيى أي حيوان يمشي على وجه الأرض، أما الحياة العقلية والفكرية فلا يحياها إلا من كان قلبه حياً حياة روحية عقلية ، الروح والعقل هذا الحديث يعطينا أن القلب هو سبب حياة الإنسان حياة روحية وأن هناك أسباب مادية تقضي على هذه الحياة الروحية التي مقرها القلب ومن هذه الأسباب كثرة الضحك (( لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب )).
ولعل كثيرا من المسلمين فضلاً عن غيرهم لا يعلمون أن مركز العقل أي الفهم هو القلب ويظنون أن مركز العقل هو الدماغ وهذه غفلة ويا لها من غفلة، لأنها سيطرت على كثير من العلماء والأدباء والكتاب فضلاً عن جماهير الناس، يتوهمون جميعاً أن مركز الفهم هو هذا الدماغ وهذا خطأ لأن نصوص الشريعة كلها تشهد بأن العقل والفهم إنما مركزه القلب لذلك ربنا يقول : (( أم لهم قلوب لا يعقلون بها أم لهم آذان لا يسمعون بها )) فكما أن هذه الأذن هي أداة السمع كذلك القلب أداة العلق والفهم، ولذلك جاءت الأحاديث تترى تؤكد أن هذا القلب هو مركز حياة الإنسان في فهمه وفي حياته الروحية ولعل من ذلك الحديث المشهور : ( إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيها ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) فمن الوسائل التي تساعد على إفساد هذا القلب وعلى إماتته كثرة الضحك فعلى المسلم وخصوصاً النساء أن لا يكثرن من الضحك أن لا يرفعن أصواتهن بالضحك ولو بين أنفسهن ولو لم يكن هناك رجل غريب فالنساء أولى بالحشمة وبالرزانة ولذلك كن يسمين قديماً بالمخدرات، لكن مع الأسف الشديد أصبح هذا الاسم اسم غير مسمى لا وجود له في نسائنا وبناتنا اليوم إلا ما قل وندر فأحوج من تكون أو من يكون إلى الإقلال من الضحك هن النساء لأن النساء وصفهم الرسول عليه السلام بأنهن القوارير أي أنهن يتأثرن بأقل شيء أي بالخير وبالشر هم أشد وأسرع تأثراً من الرجال، فإذا كان الرسول عليه السلام يخبر وخبره حق وصدق بأن كثرة الضحك تميت القلب فعلى المسلمين جميعاً والنساء خاصة أن يقللن من هذا الضحك حتى يحتفظوا بسلامة قلوبهن ولا يتعرضن لشيء من الضعف له أو إماتته لا سمح الله.
6 - باب : " باب الضحك " . شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( أقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) . وحديث : ( لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) وبيان الفرق بينهما. أستمع حفظ
شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم ... ).
عنه قال: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، ثم انصرف وأبكى القوم ) .
يعني لما وعظهم الرسول عليه الصلاة والسلام بعد أن رآهم يضحكون ويضحكون في تحدث بعضهم بعض قال لهم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعظهم ويحذرهم من هذا الضحك الذي يميت القلب.
رويدك بأصحابك يعني ترفق بهم تلطف بهم لا تشدد عليهم في وعظك وتذكيرك إياهم لذلك قال لهم الرسول عليه السلام أخيراً: ( أبشروا وسددوا وقاربوا ) هذا في الحقيقة وعظه الأول ووعظه الأخير جامعه كما يقول أهل العلم أن المسلم يجب أن يكون يحيا بين منزلتي الخوف والرجاء، فلا هو خائف من رب العالمين تبارك وتعالى خوفاً ينسيه رحمته ولا هو راغب طامع في رحمته طمعاً ينسيه عذابه وعقابه، وإنما وكان بين ذلك قواماً فهو يعيش راغباً راهباً، هذا الذي يدندن هذا الحديث إليه أو حوله بأوله وآخره أي أن الإنسان لا يكون غافل عن عذاب الله ونقمته وسطوته وجبروته من جهة ولا هو أيضاً ينسى فضله تبارك وتعالى ورحمته بعباده كما جاء في بعض الأحاديث لعله في هذا الكتاب حينما رأى الرسول عليه السلام امرأة من السبايا وهي تركض بين المعسكر لتبحث عن طفلها حتى وجدته فضمته إلى نفسها فقال عليه الصلاة والسلام: ( لله أرحم بعباده من هذه بطفلها أو بولدها ).
فإذن المسلم ينبغي أن يعيش بين الخوف والرجاء، حياته بين الخوف والرجاء يستلزم أن يكون بعيداً عن سفاسف الأمور فلا يضحك إلا نادراً ولكن أيضاً لا ييأس من رحمة الله لأنه كما قال تعالى: (( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون )) هذا هو المقصود من هذا الحديث فيما يبدو لي، وبهذا القدر كفاية وبحثنا في الدرس الآتي إن شاء الله في أدب من آداب الرسول عليه السلام في مسيره في انطلاقه وهو " باب إذا أقبل أقبل جميعاً وإذا أدبر أدبر جميعاً " وموعدنا الدرس الآتي إن شاء الله.
7 - شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدثون فقال : والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم ... ). أستمع حفظ
ما هو حكم التكبير أيام عيد الفطر والأضحى ؟ وما هي الأوقات المفضلة لذلك ؟ وما هي صيغة التكبير ؟
الأول: ما هو حكم التكبير أيام عيد الفطر والأضحى وما هي الأوقات المفضلة لذلك وما هي صيغة التكبير ؟
الشيخ : هذا السؤال يتضمن أموراً ثلاثة حكم التكبير في العيدين والأوقات المفضلة فيها وصيغة التكبير .
أما حكم التكبير فهو الوجوب لقوله تعالى : (( ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون )) وغير ذلك من الآيات والأحاديث .
وأما الأوقات المفضلة لذلك فليس لتكبيرات العيدين وقت معين وإنما هو كما سمعتن في الآية السابقة مطلق، فالمسلم في العيدين يجب أن يحيى ذاكراً لله عز وجل فيكثر من الذكر لا على التحديد وتحديد أدبار الصلوات بالتكبيرات هذه من محدثات الأمور ليس لها أصل في الشريعة إطلاقاً، وإنما يكبر قبل الصلاة وبعد الصلاة وبين الصلوات أي ليس هناك وقت معين لتكبيرات العيدين.
أما صيغة التكبير فليس هناك صيغة وردت عن الرسول عليه السلام نفسه وإنما جاء عن بعض أصحابه، فمما صح عنهم هو ما هو معروف اليوم في كثير من البلاد الإسلامية بدون الزيادات التي نسمعها هنا في الشام: " الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد " هذا فقط لا غير.
8 - ما هو حكم التكبير أيام عيد الفطر والأضحى ؟ وما هي الأوقات المفضلة لذلك ؟ وما هي صيغة التكبير ؟ أستمع حفظ
ما صحة حديث : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر ويصليهما جميعاً وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ) ؟
عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر ويصليهما جميعاً وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم ، هل هذا الحديث صحيح ؟
الجواب: فيه خلاف كثير بين علماء الحديث فمنهم المصحح ومنهم المضعف ومنهم من يحكم عليه بالوضع وهذا أبعد الأقوال عن الصواب وأصحها أولها أي أن الحديث صحيح وفيه التنصيص على مشروعية جمع التقديم، وهناك أحاديث أخرى أيضاً تؤكد هذا المعنى أي أن الرسول عليه السلام كان يجمع جمع تقديم بين الظهر والعصر أما أحاديث جمع التأخير فهي أكثر وأكثر، ولذلك فالمسلم في السفر يخير بين أن يجمع جمع تقديم أو جميع تأخير، لأن كلاً من الجمعين ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأحاديث الصحيحة، والجمع رخصة ليس بعزيمة كالقصر القصر عزيمة أي لا يجوز للمسافر أن يصلي تماماً بل يجب عليه أن يصلي قصراً، فالرباعية تصبح ثنائية ولا بد هذا بالنسبة للقصر، أما الجمع فرخصة إن شاء جمع وإن شاء لم يجمع صلى كل صلاة في وقتها، فإذا كانت الحاجة للمسافر تقتضيه أن يجمع جمع تقديم قدم وإن كانت الحاجة تقتضيه أن يجمع جمع تأخير أخر فهو وراحته وحاجتة ( صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته ).
السائلة : ...
الشيخ : لا هنا المنزل ليس المقصود البيت المقصود الخيمة التي كان ينصبها في السفر فتصبح له منزلاً مؤقتاً فليس البيت، المقصود هنا الخيمة يعني.
السائلة : ...
الشيخ : لا ، قال في الحديث السابق في غزوة تبوك مو في المدينة وليس في البيت وإنما في الخيمة.
السائلة : ...
الشيخ : آه عارض طيب السؤال العارض جوابه : المسافر تتبع أحكام سفره بعد تجاوزه بنيان بلدته أو قريته اللهم إلا في الصوم ففي الصوم خاصة إذا عزم على السفر وهو في بلده جاز الإفطار له، يعني مثلاً أنا بكرة مثلاً ناوي أسافر والوقت رمضان فيجوز أن لا أتسحر ولساتني في البيت ويجوز أن آكل بعد السحور أفطر يعني لي؟ لأني عازم على السفر هذا الحكم خاص فقط في الصوم، أما الصلاة فلا يبدأ القصر والجمع فيها إلا بعد الخروج من بنيان البلدة أو القرية.
9 - ما صحة حديث : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر ويصليهما جميعاً وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ) ؟ أستمع حفظ
ما الذي يجب على الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان ؟
حديث سلمة قال : ( لما نزلت (( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )) كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها ) أخرجه البخاري.
كنت قد ذكرت في جلسات ماضية جواباً عن سؤال لإفطار الحامل والمرضع المضطرة إلى ذلك في رمضان بأنها تفطر وتطعم عن كل يوم مسكيناً حسب الآية القرآنية (( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )) ونرى في هذا الحديث بأن الآية قد نسخت بعد نزول الآية التي بعدها (( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )) نرجوا توضيح ذلك ؟
الجواب : ننبه على شيء يتعلق بكلمة النسخ فالاصطلاح الأصولي الفقهي اليوم وقبل اليوم بمئات السنين أن معنى نسخ الشيء نسخ الآية أو نسخ الحديث هو: رفع الحكم الذي جاء في الحديث أو في الآية مطلقاً جملة وتفصيلاً، هذا هو الاصطلاح الذي استقر عليه أهل الأصول وهذا اصطلاحهم، أما الصحابة فكانوا يستعملون النسخ بهذا المعنى وبمعنى آخر وهو في اصطلاح علماء الأصول يعبر عنه بالتخصيص يعني الصحابة لما بيقول الآية فلانية نسخت الآية الفلانية تارة يعني بلفظة النسخ رفع الآية مطلقاً كما هو في الاصطلاح في علم الأصول وتارة يعني نسخت أي خصصت منها حكماً معيناً ولم تلغ الحكم من أصله فهاهنا الآن سلمة بن الأكوع لما يقول أن آية: (( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )) نسختها الآية التي بعدها: (( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )) إما أن نحمل كلمة نسخ على النسخ العام فهو يعني أن آية الفدية نسخت مطلقاً وهذا هو رأي الجمهور، وإما أن نفهم بأنه يعني بقوله نسخت هذه الآية تلك أي خصصتها والمعنى الثاني سواء كان يعنيه سلمة بن الأكوع أو لا يعنيه هو الصواب، ذلك لأن آية: (( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )) كانت أيضاً مطلقة أول ما نزلت هذه الآية كانت مطلقة لا تخص ناسا دون آخرين، أي أن الله عز وجل حينما فرض صيام رمضان لم يفرضه على المكلفين كما هو المفروض اليوم وإنما فرضه على عباده المؤمنين على التخيير بين شيئين: إما أن يصوم المكلف فأدى الفرض وإما أن يفطر فيفدي لا بد من أحد شيئين إما أن تصوم فقد أديت الفرض، لأ بدك تفطر لأنك أنت ما تهيأت لمثل هذا الصيام المديد الطويل لأنهم في الجاهلية ما كانوا يعرفون مثل هذا الصيام، وهذا من حكمة التشريع أي ما يسمى بالتدرج في التشريع ففرض عليهم صوم شهر رمضان على التخيير بين الصيام أو الفدية، فمن صام فلا بدية عليه ومن فدى فلا صوم عليه كان هذا حكماً مطلقاً فلما نزلت: (( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )) هذه الآية كما يقول سلمة نسخت الآية الأولى فإما أن نفهم من قوله نسخت يعني مطلقاً وإما أن نفهم المعنى الثاني وهو كما قلنا اصطلاح سلفي نسخت بمعنى خصصت وقيدت آية : (( وعلى الذين يطيقونه )) بالشيخ العجوز المسن وبالمرأة الحامل والمرضع فما هو المنسوخ من هذه الآية؟ ما سوى هذه الأنواع الثلاثة.
ما الدليل على ذلك؟ أدلة بعضها أحاديث مرفوعة والبعض الآخر أحاديث موقوفة على ابن عباس منها قوله عليه الصلاة والسلام: ( إن الله تبارك وتعالى وضع الصوم عن المرضع والحامل والمسافر ) وضع أي أسقط فمثل هذا وقول ابن عباس أن معنى: (( وعلى الذين يطيقونه )) خاص بالشيخ والمرأة الحامل والمرضع.
خلاصة القول : حديث سلمة بن الأكوع إن يعني هو النسخ العام فهو مخصص بتلك الأدلة، وإن كان يعني النسخ الخاص فلا خلاف بين ما قررناه وبين ما هو ذهب إليه بأن النسخ معناه التخصيص أي باختصار ... يعني أن الحكم الذي كان عاماً من قبل ألغي ووقف فقط عند الشيوخ المسنين وعند النساء الحوامل والمرضع من هنَّ.
السائلة : ...
الشيخ : من وين جبتي لا ؟
السائلة : ...
الشيخ : أنت من وين عمبتجيبي حرف لا قبل كل شيء؟ الآية أنت متذكرة الآية (( وعلى الذين يطيقونه )) أنت مأخوذة ببعض التفاسير.
السائلة : ...
الشيخ : مانك قارئة التفاسيرة لكن لا من وين عببتجيبيها ؟
السائلة : ...
الشيخ : أيوا.
السائلة : ...
الشيخ : مين بحطهم ؟
السائلة : ...
الشيخ : هلأ المرضع المرضع والحامل ما بتستطيع الصيام ؟
السائلة : ...
الشيخ : عفواً الحامل والمرضع تستطيع الصيام ولا لا ؟ قولي إي ، قولي إي حتى تتعلمي المناقشة، تستطيع ولا ما تستطيع ؟ قولي تستطيع.
السائلة : ...
الشيخ : بحث ثاني طيب نقسم المحومل والمراضح قسمين قسم تستطيع وقسم لا تستطيع مليح ؟، القسم اللي يستطيع القسم الذي يستطيع يطيق الصيام ولا لا يطيق؟ يطيق فهدول يطيقون (( وعلى الذين يطيقونه )) بقي حكمهم حتى اليوم هذا الجنس يعني، بعدين كمان الشيوخ المسنين من رجال ومن نساء كمان هدول قسمين قسم يعني ... بالمرة يمكن إذا جوعته ساعة يموت إي هذا مو داخل في التكليف مطلقاً، لكن قسم ثاني إذا صومته أتعبته هذا سقط عنه هذا الواجب لأن الله بنى شريعته كلها على أساس (( وما جعل عليكم في الدين من حرج )) فعامة الناس مكلفين أن يصوموا، أما العجائز والشيوخ المسنين اللي يصعب عليهم الصيام مو يستحيل في حقهم الصيام يستحيل ما بقي في تكليف سقط التكليف، فالشيوخ العجائز اللي باستطاعتهم الصيام مع المشقة وكذلك النساء الحامل أو المرضع منهن فهدول الله عز وجل رأفة بهم أسقط الصيام كفرض وأوجب عليهم الفدية، لكن إن صامت الواحدة منهن أو صام الشيخ العاجز سقط الفرض طبعاً عنهم، لكن إذا أراد أن يأخذ بالرخصة فهذه الرخصة كما يذهب إلى ذلك ابن عباس رضي الله عنه.
السائلة : ...
الشيخ : ما أسرع ما نسيتي قلت ليك أنت متأثرة بالتفسير قلتلي لا شفتي شلون إي هذا غلط يا أختي إذا ربا عمبيقول: (( وعلى الذين يطيقونه )) نحن نجي نقول وعلى الذين لا يطيقونه !
السائلة : ... غلط.
الشيخ : بلا شك غلط ، بلا شك غلط، كل إنسان بزيد حرف واحد على القرآن فهو مخطئ أشد الخطأ، ولأبين لك شلون غلط حتى يعني تقتنعي تماماً، إذا كنا بدنا نقول : وعلى الذين لا يطيقونه شو معنى الآية حينئذٍ ؟ وعلى الذين يستحيل عليهم الصيام فدية طعام مسكين هيك بيطلع معنى الآية، لكن كملة معي (( وعلى الذين يطيقونه طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خير لكم )) شلون وأن تصوموا وأنتم ما بتستطيعوا مطلقاً هذا مستحيل إذن (( وعلى الذين يطيقونه )) أي وعلى الأجناس من المكلفين هذا في أول الإسلام هلأ بنحكي وعلى الأجناس المكلفين بالصيام لكنهم إذا صاموا صاموه بشدة فلهم مخرج أن يفطروا وأن يقضوا لكن الصوم خير لهم، عرفت شلون بقا حرف بقى حرف لا ، حرف لا باطل أشد البطلان يعني واضحة تماماً.
السائلة : ...
الشيخ : بقوا سنين إي نعمى بقوا سنين من أول الإسلام إي نعم
ما صحة حديث: ( من جاع أو احتاج فكتمه عن الناس وأفضى به إلى الله تعالى كان حقاً على الله أن يفتح له قوت سنة من حلال ) ؟
الجواب: الحديث ما بين ضعيف أو موضوع، والآن لا يتيسر لي الجواب الفاصل هل هو ضعيف أو موضوع ؟
أما أنه صحيح أو حسن فهذا أبعد ما يكون .
ولعلي في الدرس الآتي إن شاء الله أقدم الجواب الواضح الفصل.