باب : " باب حسن الخلق إذا فقهوا " . شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل ) .
حسن الخلق والفقه والفهم في الدين كان له هذه الفضائل التي ستسمعونها في الأحاديث الآتية:
الحديث الأول وهو صحيح .
من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل ) .
فهذا الحديث كما قرأنا طريق لأن يتخلق المسلم بالخلق الحسن يوصله إلى مرتبة ودرجة الرجل القائم بالليل ، وفي بعض الأحاديث الأخرى : ( والصائم بالنهار ).
( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل ) زاد في بعض الأحاديث الصحيحة: ( والصائم بالنهار ) .
فهذا نص صريح بأن المسلم إذا حسّن خلقه وصل إلى مرحلة المتعبّدين ولو كان هو ليس في عبادته في مرتبة أولئك المتعبدين ، أي إن المسلم المحافظ على الفرائض والمبتعد عن المحرّمات إذا حسّن معاملته وأخلاقه مع أهله مع أولاده مع جيرانه مع كل من يخالطه من الناس وصل بحسن خلقه إلى مرتبة ذلك العابد القائم في الليل والصائم في النهار، فلا شيء أفضل إذن من أن يحسّن الرجل المسلم والمرأة المسلمة خلقه فينال بذلك درجة العابدين القائمين بالليل الصائمين بالنهار.
ولكن هذا كما ألمحنا في تعليقنا على الباب يُشترط فيه أن يكون متفقّهاً في دينه، وهذا الشرط الذي وضعه الممصنّف في قوله : " باب حسن الخلق إذا فقهوا " إنما أخذه من الحديث الثاني.
1 - باب : " باب حسن الخلق إذا فقهوا " . شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل ) . أستمع حفظ
شرح حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا ) .
عن أبي هريرة قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا ) .
من هنا جاء هذا الشرط : ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا ) مطلقاً ولو كان جاهلا لا يعرف في الإسلام شيئاً ؟ الجواب : لا ، ( إذا فقهوا ) أي إذا عرفوا أحكام الشريعة التي تلزمهم من الفرائض والواجبات والمحرّمات حتى يكون في دينه على بصيرة منه كما قال تعالى : (( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )).
فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الثاني : ( خيركم إسلاما أحاسنكم أخلاقا إذا فقهوا ) دلّ على أن فضيلة حسن الخلق التي في الحديث الأول وهو أن له درجة قائم الليل وصائم النهار إنما هو بشرط أن يكون متفقّها في الدين ، فإذن في هذا الحديث الثاني حض لكل مسلم على وجوب التفقه في الدين وألا يعيش في يومه جاهلا لا يعرف ما يجب عليه وما يحرم عليه .
وبيت القصيد من هذين الحديثين اللذين أوردهما المصنف في هذا الباب إنما هو حض المسلمين رجالا ونساء على أن يحسّنوا أخلاقهم، الرجل مع زوجته ، والزوجة مع زوجها ، والرجل الوالد مع ولده ،و الوالدة مع ولدها وهكذا ، الجار مع جاره والتاجر مع زبائنه كل هؤلاء وهؤلاء في هذا الأحاديث حض لهم على أن يحسنوا أخلاقهم وتحسينهم لأخلاقهم يستلزم أن يحسّنوا معاملاتهم بعضهم مع بعض ، فمن كان خيرهم خلقاً كان أفضلهم عند الله تعالى وأعلاهم منزلة لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل ) أي: درجة قائم الليل وصائم النهار وإن كان لفظ الحديث ظاهره خاص بالرجال حيث قال : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل وصائم النهار ) فليس المقصود حصر هذه الفضيلة وحصر هذه المنقبة بالرجال فقط لما علمنا مرارا وتكرارا في دروس مضت قوله عليه الصلاة والسلام : ( النساء شقائق الرجال ) ، وفي لفظ : ( إنما النساء شقائق الرجال ) أي كل حكم ترتّب على الرجال فمثله يترتّب على النساء، كل ما حرم على الرجال حرم على النساء، كل ما شرع للرجال شرع للنساء وهكذا كل أحكام الشريعة ( إنما النساء شقائق الرجال ) إلا ما استثني من أحكام، والأحكام المستثاة هي قليل جدا وكلنا يعلم ذلك من النساء والرجال فحينما يأتي الحديث يقول : ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل صائم النهار ) فينبغي أن نتذكر والحالة هذه الحديث السالف : ( إنما النساء شقائق الرجال ) فنعلم من ذلك أن المرأة أيضًا إذا حسّنت خلقها سبقت المتعبّدة القائمة في الليل الصائمة في النهار بحسن خلقها وحسن معاملتها لمن تعاملها، ذلك بالطبع إذا كانت تلك المتعبّدة سيئة الخلق، والواقع مع الأسف الشديد أننا نجد كثيرا من الرجال وكثيرا من النساء ممن إذا تُرجم تُرجم بأنه رجل مسلم ورجل صالح ولكنّه إذا ما ابتلي بأمر يفصح عن خلقه فسرعان ما يظهر للناس سوء خلقه، وحينذاك يكون ذلك الرجل الذي يقتصر على الإتيان بما فرض الله تبارك وتعالى عليه من الأحوال والابتعاد عما حرم الله عليه مع حسن خلقه يتميّز هذا على ذاك الإنسان الذي يشهد له بأنه صالح وأنه قائم الليل وصائم النهار ولكنه سيء الخلق مع الناس، من هنا نعرف مبلغ وأهمية حسن الخلق في الإسلام فعلينا أن نتعظ بهذا الحديث رجالاً ونساءً وأن يحسّن كل منا خلقه مع الاخر لا سيما الزوج مع الزوجة ، والزجة مع زوجها لوثيق الرباط الذي ربط الله تبارك وتعالى بينهما بين الزوج والزوجة .
فائدة : فضل حسن خلق الزوجة مع زوجها.
شرح الحديث ثابت بن عبيد : ( ما رأيت أحدا أجل إذا جلس مع القوم ولا أفكه في بيته من زيد بن ثابت "
يعني لم يُذكر فيه الرسول صلوات الله وسلامه عليه لكن فيه بيان ووصف لأحد رجالات المسلمين الأولين من الصحابة المقرّبين ألا وهو زيد بن ثابت رضي الله عنه حيث .
قال ثابت بن عُبيد : ( ما رأيت أحدا أجل إذا جلس مع القوم، ولا أفكه في بيته، من زيد بن ثابت ).
زيد بن ثابت معروف أنه من كبار الصحابة بل هو الرجل الذي كلفه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب حينما اتفقا على أن يُجمع القرآن من الصحف ومن الرّقاع ومن صدور الرجال فلم يجدوا من بين ألوف الصحابة من هو أليق وأحرى بأن يُصّنف بالقيام بهذا الواجب واجب جمع القرآن مما تفرّق منه في بطون الرّقاع والعظام وصدور الرّجال لم يجدوا أليق بهذا العمل الهام أن يقوم به مثل زيد بن ثابت رضي الله عنه .
فيصف الواصف وهو ثابت ابن عبيد هذا الرجل الفاضل بخصلتين قرينتين عظيمتين قلّما تجتمعان في الرجل الصالح فهو يقول : ( ما رأى أجل من زيد بن ثابت إذا جلس في القوم ) .
معنى ذلك أنه رجل جليل وعظيم ووقور يعني تهابه الرّجال وتحسب له حساباً فإذا جلس في المجلس نظروا له كأنه كبيرهم وكأنه شيخهم وكأنه كبيرهم وعظيمهم فلا أحد يستطيع أن يخرج عن أدب المجلس ما دام هذا الصحابي الفاضل وهو زيد بن ثابت موجوداً فيه.
( ما رأيت أحدا أجل إذا جلس مع القوم من زيد بن ثابت ).
وصفة أخرى في الطرف الآخر من هذه الصفة الأولى وقلما تجتمعان فيقول عطفا على الصفة الأولى : " ولا أفكه في بيته من زيد بن ثابت " فهو إذا جلس مع القوم رجل جليل لكنه في بيته فكِه يعني ... لعوب، فليس مع أهله ومع زوجته مع أولاده صارماً جليلاً كما هو في مجلس قومه، بل هو له شخصيتان إذا جلس مع الرجال فهو كبيرهم وهو عظيمهم وهو دليلهم، وإذا جلس مع أهله فهو أفكههم وأقربهم إلى نفوس أهله، أما هاتين الصفتين قلما تجتمعان في الإنسان، فاجتماعهما يدلان على فضل هذا الإنسان وأنه الذي يغلب على الناس إما أن يكون رجلاً جليلاً حيثما كان، سواء كان في قومه في المجلس حيث لا ينفع هناك الفكاهة والمزاحة مع المجالس العامة لا يصلح هناك إلا الحزم والعزم، فالرجل الفاضل إما أن يكون هكذا في كل مجلس وإما أن يكون على العكس هيّنا ليّنا مزوحاً لعوباً يرضى منه الناس ولكن لا يستطيع أن يسيطر على الجو ويتحكّم فيه ويجعل في هذا المجلس الجلالة والوقار فإما هكذا الناس وإما هكذا، أما الجمع بين الصفتين بأن يعطي لكل مقام حقّه فهذا نادر وعزيز، فاجتماع هاتين الخصلتين في الرجل المسلم مما يدل على أنه قد بلغ الأوج في حسن الخلق، فخلقه مع الناس ليس كخلقه مع أهله مع أولاده، فلذلك جاء في بعض الأحاديث الصحيحة : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) وبطبيعة الحال لا يعني هذا الأثر وهو أن زيد بن ثابت كان أفكه الناس مع أهله أنه يتساهل معهم فلا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن المنكر لا هذا ليس هو المقصود، وإنما المقصود أنه لا يقسو عليهم ولا يشتد عليهم ولا يعاملهم دائماً بالصرامة وبالحزم وإنما تارة وتارة، وكذلك لا يعني قول الرسول عله الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) أن يتساهل الرجل مع زوجته فيسمح لها أن تلبس ما تشاء وأن تنطلق إلى حيث تشاء وأن تأكل أيضًا حسب هواها وحسب كيفها دون مراعاة قاعدة : (( والذين إذا أنفقوا لم يُسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما )) فقوله عليه السلام : ( خيركم خيركم لأهله ) معنى ذلك أنه دائما يمشي معهم في حدود الشرع فلا هو يشتد عليهم حيث لا يسمح الشرع بالاشتداد عليهم ولا هو أيضًا يقسو عليهم حيث يسمح بل يأذن الشرع بأن يتساهل معهم، هكذا كان زيد بن ثابت رضي الله عنه وصل حسن خلقه إلى أنه إذا جلس مع قومه كان أجلهم وأعظمهم وإذا جلس مع أهله كان أفكههم وأقربهم إلى نفوس أهله .
4 - شرح الحديث ثابت بن عبيد : ( ما رأيت أحدا أجل إذا جلس مع القوم ولا أفكه في بيته من زيد بن ثابت " أستمع حفظ
شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحب إلى الله عز وجل قال الحنيفية السمحة ) .
عن ابن عباس قال : ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إلى الله عز وجل؟ قال: الحنيفية السمحة ) .
هذا الحديث أيضًا يعالج فيه طرفاً مما يتعلق بحسن الخلق، فإن من حسن خلق المسلم كما ألمحنا إليه سابقاً ألا يشتد في معاملته للناس حيث لا يجز الشرع ذلك وخاصة في معاملته لأهله، فقد سئل عليه السلام : أي الأديان أحب إلى الله؟ والمقصود هنا بالأديان ليست الطوائف المختلفة وإنما هي الأخلاق التي يتزيّن بها المسلم ويتقرّب بها إلى الله تبارك وتعالى أي الأديان أحب عند الله عز وجل ؟ قال عليه السلام في الإجابة على ذلك : ( الحنيفية السمحة ) الحنيفية بالطبع المقصود بها الحكم الذي يميل المتمسّك به عن الأديان الباطلة والشرائع المخالفة للإسلام إلى ما جاء به الإسلام، لأن الحنيفية ملّة إبراهيم حنيفاً أي مائلاً عن الشرك عن عبادة الأصنام، فهذا الدين هو الأحب إلى الله عز وجل مع السماحة وهو عدم التشدد فيما لم يأمر الإسلام فيه بالتشدد، فقال عليه السلام جواباً عن سؤال السائل : أي الأديان أحب إلى الله عز وجل ؟ قال: ( الحنيفية السمحة ).
ولعل أحسن مثالاً يوضح السماحة التي يحض بها الإسلام ويأمر به حديث السيدة عائشة رضي الله عنها الذي جاء في * صحيح البخاري ومسلم * أن الحبشة لعبت ذات يوم بالحراب في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولعب الحبشة بالحراب هو كناية عن لعبة السيوف والمضاربة بالسيوف التي كانت في عهد قريب معروفة في بلادنا السورية، فهي عبارة عن نوع من الرياضة ليتصور المرتاض فيها بدنه ليستعد لملاقاة أعدائه، فالحبشة فيما يبدو لهم عادة في بلادهم في لعبهم بحرابهم تشبه لعب الشاميين بسيوفهم، فلما لعبت الحبشة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بحرابهم خرجت السيدة عائشة لتطلع ولتشهد لعب الحبشة بحرابهم، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يُنكر ذلك عليها بل أقرّها على مشاهدتها لذلك اللعب، بل ساعدها على ذلك بأن وقف الرسول عليه الصلاة والسلام لها وقف أمام باب الحجة، ووقفت السيدة عائشة خلفه، ووضعت ذَقَنها على منكبه عليه الصلاة والسلام وهي تنظر من وراء الرسول عليه السلام إلى ذلك اللعب.
وهنا لا بد من إلفات النظر إلى ناحية لغوية المعروف ببلاد الشام إطلاق الذقَن على اللحية ، يقولون : " فلان حلق ذقنه " والذّقن في اللغة العربية لا يقصد به اللحية وإنما المكان الذي تنبت عليه اللحية هذا هو الذّقَن، وحاصل هذا الكلام أن للمرأة ذَقن كالرّجل، فلا تستغربن إحداكن هذا التعبير أن السيدة عائشة وضعت ذَقنها على كتفه عليه السلام، فتقول قائلة المرأة ليس لها ذقن، فالذقن المقصود الموضع الذي تنبت عليه اللحية، يعني بتعبير آخر المعروف بالحَنك، فالسيدة عائشة رضي الله عنها وضعت ذَقَنها على منكب الرسول صلوات الله وسلامه عليه وهي تنظر إلى الحبشة وتتفرج على لعبهن في المسجد.
فكان الرسول صلوات الله وسلامه عليه من كمال سماحة نفسه وحسن خلقه مع أهله أنه كان يداعبها والحالة هذه فيقول : ( أشبعتِ ؟ أشبعتِ ؟ ) فتقول : " لا ، لا ، قالت : حتى كنت أنا التي مللت " ثم توجّه السيدة عائشة رضي الله عنها إلى الأزواج إلى كل الأزواج نصيحة فتخاطبهم بقولها فتقول : فاقدروا قدر الجارية العاربة الحديثة السن، يعني تأخذ موعظة وتتلقّى درساً من هذا الحديث الصحيح للرجال وتوجّهه إليهم فتقول لهم : هكذا صبر علي الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أشد الناس غيرة على أهله ، صبر عليّ واقفاً وأنا متكّئ به وواضع ذقني على كتفه ومنكبه ، ثم هو يقول لها أمللت ؟ فتقول هي : لا لا لا ، حتى اكتفت هي بالفرجة وبالنظر إلى لعب الحبشة فطلبت هي الانصراف ، فتقول هي للرجال : " فاقدروا قدر الجارية العاربة الحديثة السن " تعني رضي الله عنها أنها تقول للرجال : لا تعاملوا النساء الحديثات السّن اللاتي لم يدخلن الدنيا كما ينبغي ولم يشبعن بشيء من ملحها ومن طرائفها كما تكون المرأة كبيرة السن فيجب على الرجل تقول السيدة عائشة أن يكون سمحاً مع زوجته فلا يحتج عليها حيث سمح الشارع الحكيم بألا يشتد عليها.
فهذا الحديث ولتكن مع هذه القصة التي روتها لنا السيدة عائشة واقع تبين لنا سماحة الرسول عليه السلام لها وحسن خلقه معها ، يؤكد هذا أنه جاء في بعض طرق حديث السية عائشة أنه عليه الصلاة والسلام قال بعد هذه القصة بعد وهي لعب الحبشة في المسجد قال عليه السلام : ( لتعلم يهود أن ديننا سمح ) أو قال: ( يسر ) أو نحو ذلك، فهذه الفكرة من لعب الحبشة في المسجد والمسجد بني لعبادة الله عز وجل أقر الرسول عليه السلام أولاً الحبشة على لعبهم، وثانيا أقرّ السيدة عائشة على تفرّجها إلى لعب الحبشة قال : ( ذلك لتعلم يهود أن في ديننا فسحة أو يسرا ) أو نحو ذلك، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، هذا الحديث كما قلنا إسناده حسن.
5 - شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأديان أحب إلى الله عز وجل قال الحنيفية السمحة ) . أستمع حفظ
شرح الحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( أربع خلال إذا أعطيتهن فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا حسن خليقة وعفاف طعمة وصدق حديث وحفظ أمانة ) .
عن عبد الله بن عمرو قال : ( أربع خلال إذا أعطيتهن -أيها المكلف- فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا: حسن خليقة، وعفاف طعمة، وصدق حديث، وحفظ أمانة ) .
هذه الخصال الأربعة إذا أعطيها مسلم يقول عبد الله بن العاص رضي الله عنه وهو صحابي ابن صحابي وهو من كبار زُهّاد الصحابة وعُبّادهم رضي الله عنه، فهو لما زوجه والده لفتاة من قريش وبعد أيام سأل والده كَنّته زوجة ابنه هذا عبد الله : " كيف أنت وكيف حالك مع زوجك ؟ " فكان جوابها غريباً بالنسبة لعمّها زوج أبيها حيث قالت له: " إنه لم يطأ لنا بعد فراشاً " تكني والكناية أدب وأسلوب من أسلوب العرب، فهي تقول : نحن كأننا لم نتزوج بعد، فثقل الأمر على عمرو بن العاص والد عبد الله فشكاه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأنه قال له يا رسول الله زوجت ابني وكأنه لم يتزوج وأني سألت زوجته فقالت: لم يطأ لنا بعد فراشاً يعني كأنه فلّت الزوجة ونام في مكان آخر، يقول عبد الله بن عمرو : فإما لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما أرسل إليّ فقال يا عبد الله : ( بلغني أنك تقوم الليل وتصوم النهار ولا تقرب النساء ) ، فقال : " حقًّا ذلك يا رسول الله " فأمره عليه الصلاة والسلام في قصّة طويلة لسنا الآن في صدد بيانها وقد ذكرناها أكثر من مرّة إنما الرسول عليه السلام أمره أن يعتدل في عبادته: ألا ينام الليل كله وألا يصوم الدهر كلّه وإنما تارة يفطر وتارة يصوم ، والرسول عليه السلام انتهى به في آخر الأمر في هذه القصة أن قال له: ( اقرأ القرآن في كل ثلاث ) اقرأ القرآن يعني اختم القرآن كله في كل ثلاث ليالي ، هو كان يختم القرآن في كل ليلة كان يختم في كل شهر ثلاثين ختمة قرآن، وكان يصوم الدهر كلّه لا يعرف الإفطار إطلاقاً، فبطبيعة الحال رجل يقوم الليل كله ويصوم الدهر كله هذا لا حاجة له بالنساء بطبيعة الحال، ولذلك كانت الشكوى من زوجة عبد الله فأمره عليه السلام أن يقوم الليل بحيث يترسّل في ختم القرآن في ثلاث ليالي ما يصير يختم كل ليلة ، أو في الليتين وإنما في ثلاث ليالي وإنما أجاز له الرسول عليه السلام أن يختم القرآن في ثلاث ليالي وفي خصوص الصيام قال له في آخر الأمر : ( صم يوماً وأفطر يوماً فإنه أفضل الصيام وهو صوم داود عليه السلام وكان لا يفرّ إذا لاقى ).
فكان داود عليه السلام مع صيامه لا يزال محتفظاً على قوّته وبطولته فكان إذا لاقى العدو صبر أمامه ولم ينهزم ، لأن الذي ينهزم من أمام العدو إنما هو رجل مريض ضعيف القوّة ، فكأن الرسول يقول لعبد الله : إنك إن حافظت على هذا الصيام تصوم يوماً وتفطر يوماً جمعت به بين المحافظة على طاعتك لربك وبين المحافظة على قوتك لبدنك ولجسدك، ولكن الأيام تمضي وعبد الله بن عمرو بن العاص يشيب ويسن -يختير يعني- وبطبيعة الحال سنة الله عز وجل في خلقه أن الإنسان إذا كبر سنّه أن تضعف قوته وهذا معروف في القرآن الكريم، ولذلك هو لما فارق الرسول عليه السلام على أن يختم في كل ثلاث لياليختمة ، وأن يصوم يوماً ويفطر يوماً لما كبر سنه شعر بالضعف فكان يقول : يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه الآن لما عجز وأسن وختير صار يعني بكل نفس متعبة يستطيع أن يحافظ على ما فارق عليه الرسول عليه السلام من ختم القرآن في ثلاثة ليالي ومن متابعة صيام يصوم يوماً ويفطر يوماً فكان يتأسف أنه لم يقبل رخصة الرسول عليه السلام الأولى ، حيث قال له : ( اقرأ القرآن في كل شهر مرّة ) ما قبل ، إلا أن يريد زيادة ، يريد زيادة حتى وصل به الرسول عليه السلام بأن يقراءة القرآن في ثلاث ليالي فندم في آخر حياته ولكن هو لا يريد أن يترك ما فارق الرسول عليه عليه الصلاة والسلام.
عبد الله بن عمرو هذا الذي ما سمعتموه هو بعض ترجمته اكتسب من تجربته من حياته هذه النصيحة فقال : ( أربع خلال أي خصال )
إذا أعطيتهن أيها المسلم سواء كنت رجلا أو امرأة فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا، لا يضرك إذا تخلّقت بهذه الأخلاق لأربعة ما فاتك من الدنيا من زينتها من مالها من متاعها .
6 - شرح الحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( أربع خلال إذا أعطيتهن فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا حسن خليقة وعفاف طعمة وصدق حديث وحفظ أمانة ) . أستمع حفظ
تتمة شرح حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( ... حسن خليقة، وعفاف طعمة، وصدق حديث، وحفظ أمانة ) .
الرسول عليه السلام يقول لعمر: ( ما آتاك الله من مال ونفسك غير مشرفة إليه فخذه وتموّله فإنما هو رزق ساق الله إليك ) وفي بعض الروايات : ( خذه وتموّله وتصدق به ) هذا من عفاف الطعمة.
والخصلة الثالثة : صدق حديث أي: من أعطي إذن مع عفة طعمة وحسن خليقة صدق الحديث فهو دائما وأبداً يتكلّم صدقاً ولا يعرف للكذب طريقاً أبداً فهذه أيضًا خصلة من هذه الخصال الأربع التي إذا أوتيها المسلم أو المسلمة فلا يضره ما فاته من زينة الدنيا وزخرفها.
والخصلة الرابعة والأخيرة: وهي حفظ أمانة، وهذا في الواقع يلتقي مع الخصلة الثانية وهي عفّة طعمة، لأن الإنسان العفيف الذي لا تميل نفسه إلى أموال الناس ولو قُدّمت إليه من طريق حلال فهذا أولى وأولى أن يحافظ على ما وضع عنده من أمانة وهو يحقق قول الله عز وجل فيها وهو قوله : (( أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها )).
فإذن: يقول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ( أربع خلال إذا أعطيتهن فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا: حسن خليقة، وعفاف طعمة، وصدق حديث، وحفظ أمانة ).
ونكتفي الآن بهذا المقدار من الأحايث لنتوجّه بعد ذلك إلى الإجابة عن بعض الأسئلة التي توفرت لدي.
7 - تتمة شرح حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( ... حسن خليقة، وعفاف طعمة، وصدق حديث، وحفظ أمانة ) . أستمع حفظ
ما صحة أثر : " كنت أبيع الأدم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب فقال لي: أد صدقة مالك " عن عمر رضي الله عنه ؟ وما فقهه ؟
السؤال واحد: هل هذا أثر صحيح وإذا كان صحيحاً فما هو الفقه المستخلص منه؟
الجواب عن هذا السؤال : أن هذا الأثر غير صحيح الإسناد، وعلّته من الراوي لهذا الأثر عن عمر مباشرة وعن ابنه الراوي له عنه وهو أبو عمر بن سماك ، فكلّ من الولد والوالد مجهول لا يُعرف بالثقة ولا بالحفظ والضبط، ولذلك فهذا الأثر لا يثبت عن عمر رضي الله عنه، وهو بلا شك لو ثبت لكان دالاً على ما يذهب إليه كثير بل أكثر العلماء من وجوب الزكاة على عروض التجارة وأنه يجب تقييمها وإخراج الزكاة منها بالمئة اثنان ونصف كما هو المعروف في زكاة النقدين، ولكن ما دام أن ذلك لم يثبت عن عمر فلا يجوز أن نستنبط منه حكماً شرعياً، لا سيما وقد روى الإمام أحمد في * مسنده * بإسناد خير من هذا الإسناد ما يعارض هذا الأثر، روى الإمام أحمد أن جماعة من التجار جاؤوا بخيل من الشام إلى المدينة ثم طلبوا من عمر رضي الله عنه أن يأخذ منها صدقتها فقال عمر : ( إنه لم يصنع ذلك صاحباي من قبلي ) يعني بهما الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصدّيق، فهو يصرّح بأن النبي عليه السلام ومن بعده أبو بكر الصدّيق لم يأخذا زكاة عروض التجارة من هذا النوع وهي الخيل ، ولما كان الناس يومئذ غير الناس في يومنا هذا، الناس يومئذ يلحّون على الحكام المسلمين أن يأخذوا منهم الزكاة، أما الناس اليوم فيحتالون على الأحكام الشرعية ليتخلصوا من الزكاة ، وذلك ما يُسمّى " بالحيَل الشرعية " فهؤلاء التجار ألحوا على عمر بن الخطاب أن يأخذ منهم زكاة تلك الخيل وأصرّ عمر على موقفه السابق ، فتدخّل في الموضوع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: خذها يا أمير المؤمنين منهم وهي صدقة من الصدقات يعني ليست زكاة مفروضة فأخذها منهم فطابت قلوبهم.
فدل هذا الحديث على خلاف ما دل أثر عمر هذا الذي فات من أنه لا يجب الزكاة على عروض التجارة، ومن هنا نستطيع أن نفهم شيئا من الجواب عن السؤال رقم اثنين.
8 - ما صحة أثر : " كنت أبيع الأدم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب فقال لي: أد صدقة مالك " عن عمر رضي الله عنه ؟ وما فقهه ؟ أستمع حفظ
ما الدليل من الكتاب والسنة على عدم وجوب الزكاة في عروض التجارة ؟
الجواب من وجهين اثنين:
أولاً: أن الأموال الأصل فيها الحرمة التحريم كالدّماء والأعراض، فلا يجوز استباحة شيء من هذه الأمور إلا بنص لأن الأصل فيها الحرمة كما جاء في خطبة الرسول عليه السلام في عرفات حين قال : ( ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في عامكم هذا في بلدكم هذا ) فلما كانت الأموال الأصل فيها الحرمة فلا يجوز أخذ شيء منها إلا بنص، فالله فرض الزكاة على النقدين فرض الزكاة على الحيوانات وهي معروفة، وفرض الزكاة على أنواع معيّنة من الزروع كما سيأتي بيانه في الجواب عن السؤال الثالث .
ولم نجد في الكتاب ولا في السنّة آية أو حديثاً يأمر المسلم بأن يخرج زكاة عروض تجارته، فإذا كان الأصل الحرمة ولم يأت نص يخرجنا من هذا الأصل فجب علينا أن نبقى على هذا الأصل، والأصل في الأشياء هنا الحرمة وليس الإباحة، القاعدة التي تقول: " الأصل في الأشياء الإباحة " هي فيما خلق الله عز وجل من أمور مما أنبت من نباتات وخلق من حيوانات فالأصل في هذه الأشياء الإباحة، أما فيما يتملّكه الإنسان من مال فالأصل فيه الحرمة كما ذكرنا من خطبة الرسول عليه السلام، حتى يأتي نص ينقلنا من الحرمة إلى الإباحة والوجوب هذا أولا.
وثانياً: أن التجارة كانت معروفة في عهد النبوة والرسالة، يقول: كنا سمع أن عثمان بن عفان كان من أغنى أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام حتى تمكّن وهو شخص واحد أن يجهّز جيش العسرة من ماله الخاص، وكذلك عبد الرحمن بن عوف كان من أغنياء الصحابة حتى قُطع الذهب بالفؤوس بعد وفاته، لم يُنقل إطلاقاً أن تجار الصحابة وفي مقدّمتهم هذان الصحابيان أن الرسول عليه السلام أمرهما أن يخرجا زكاة تجارتهما أو أنهما أخرجا الزكاة فعلا لأنهما لو أخرجا لعرفنا أن الرسول أمرهما بذلك، فما نُقل أن الرسول أمرهما بذلك، ولا نقل أنهما أخرجا فعلاً الزكاة من تجارتهما.
إذن حتى الآن صار معنا دليلين على أن الزكاة لا تجب على عروض التجارة، الدليل الأول: أن الأصل في الأموال الحرمة، الدليل الثاني: أن التجارة كانت معروفة في عهد الرسول عليه السلام فلم يأمر بإخراج الزكاة ولا أمر الصحابة شيئا من الزكاة عنها.
ثالثاً وأخيراً: ما ذكرناه آنفا من موقف عمر بن االخطاب وأصحابه الذين كانوا معه في تلك الجلسة من امتناعه أن يأخذ زكاة الخيل التي جاء بها أصحابها للتجارة من بلاد الشام، وإنما أخذ منهم صدقتها صدقة تطوع من أصحاب هذه الأموال.
ولكن هنا شيء لا بد من التذكير به إذا كان رجل أنعم الله تبارك وتعالى عليه بثروة من أموال التجارة ، فقد أمرنا بتطير أنفسنا مما طُبعت عليه كما قال تعالى : (( وأحضرت الأنفس الشّح )) ، وقد أمرنا بأن نطهر أنفسنا من أوضار وآثار الشّح وذلك بأن نخرج الزكاة (( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها )) فتزكية النفس حينذاك بالنسبة للأموال التي يملكها المسلم على نوعين اثنين: النوع الأول: الزكاة التي فرضها الشارع محدودة النصاب محدودة الواجب عليه التي هي اثنان ونصف مثلاً أو الربع أو العشر أو نحو ذلك مما هو معروف في كتاب الزكاة من كتب الحديث والفقه فهو يُخرج من تلك الأموال التي فرض الله عز وجل عليها نسبة معيّنة بالمئة اثنان ونصف فبذلك يطهر ماله، والمال المطلق الذي لم يفرض الشارع الحكيم عليه زكاة معيّنة فهو يخرج منها ما تطيب نفسه مما يشعر بأنه في طريق تزكية نفسه مما طبعت عليه من الشح والبخل.
ما هي الزروع والثمار التي تجب فيها الزكاة ؟ وما هو الدليل عليها ؟
لما أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام معاذ بن جبل إلى اليمن وأمره في جملة ما أمره به أن يأخذ منهم الزكاة، فقال له فيما يتعلق بالزروع: ( لا تأخذ الصدقة إلا من أربع: من القمح والشعير والزبيب والتمر ) فهذه الأربعة أمر الرسول عليه السلام معاذاً أن يأخذ الزكاة من أصحابها ونهاه أن يأخذها من غيرها، قال : ( لا تأخذ منهم الزكاة إلا من أربع ، القمح والشعير والزبيب والتمر ) هذه الأنواع التي فرض الشارع الحكيم زكاتها، هذا جواب عما جاء في هذه الورقة.
هل يجوز للمرأة أن تذهب للدرس وزوجها يريدها أن تذهب إلى درس أحسن من درسها , حيث أن مدرّستها تلميذة الأستاذ الذي يُلقي الدرس الآخر ؟
هل يجوز للمرأة أن تذهب للدرس وزوجها يريدها أن تذهب إلى درس أحسن من درسها، حيث أن مدرّستها تلميذة الأستاذ الذي يُلقي الدرس الآخر؟
الجواب: لو أن هذا الزوج أمر الزوجة بأن تذهب إلى الدرس الحسن لا إلى الدرس الأحسن وجب عليها أن تطيعه .
فكيف والسؤال يقول إن زوجها يأمرها بأن تذهب فقط إلى الدرس الأحسن ؟
فيجب على الزوجة -الخلاصة- أن تطيع زوجها ما دام لا يأمرها بمعصية الله تبارك وتعالى.
11 - هل يجوز للمرأة أن تذهب للدرس وزوجها يريدها أن تذهب إلى درس أحسن من درسها , حيث أن مدرّستها تلميذة الأستاذ الذي يُلقي الدرس الآخر ؟ أستمع حفظ
إذا كانت المرأة تريد أن تصوم ست أيام شوال وعليها صيام رمضان هل يجوز لها أن تؤخر دينها وتصوم أولاً ست أيام من شوال ؟
الجواب: لا بد من التفصيل: إن كان عليها صيام أيام فقط من رمضان وليس كل رمضان فحينئذ تصوم ست أيام من شوال وتصوم الأيام التي عليها من رمضان ثم تصوم ست أيام من رمضان، لأن شوال شهر كله مجال للست أيام من شوال لا يشترط أن تكون متقدمة الست أيام من شوال أو متوسطة أو متأخرة، فإذا كان عليها مثلاً عشر أيام من رمضان، سبعة أيام من رمضان فمجرّد أن يدخل اليوم الثاني من عيد الفطر عليها أن تبادر بقضاء ما عليها من أيام من رمضان، لأن القضاء عليها أوجب من ست أيام شوال، فإن انتهت من قضاء ما عليها من أيام رمضان بعد ذلك صامت ست أيام من شوال.
أما إذا كانت عليها شهر رمضان كله إما بمرض أو نفاس أو نحو ذلك فهي إذا صامت ست أيام من شوال معنى ذلك أنها ستؤخر صوم رمضان بعد الست أيام وتأخذ أيام من شهر ذي القعدة، فهنا تكون قدّمت النفل على الفرض ففي هذه الحالة لا يجوز، لأن الله عز وجل يقول: (( وسارعوا إلى مغفرة من ربّكم وجنّة عرضها السماوات والأرض )) فالمسارعة إلى الطاعة أمر واجب في الفرائض وأمر مستحب في النوافل، فامرأة عليها قضاء شهر رمضان كله فبعد العيد لازم تباشر بقضاء شهر رمضان كله، لا عليها أيام خمسة ستة عشرة أيام، تبادر بقضاء ما عليها من أيام ثم تصوم ست أيام من شوال،
صيام ست أيام من شوال أمر مستحب، وإن صامها الصائم في أول شوال أو في وسطه أو في آخره وقع الست أيام من شوال، أما صوم رمضان هذا واجب، فتقديم الواجب أوجب من تقديم النفل، وعندي مما يقرّب لكن الموضوع: لو أن هذه المرأة عليها ست أيام من رمضان وتريد أن تصوم ست أيام من شوال، صامت ست أيام من شوال بحجة أنها بعد ذلك تصوم ست أيام تبع رمضان شو سوت هذه ؟ هذه قدّمت المهم وأخرت الأهم هذا قلب الموضوع الذي يوضح ما سبق وهذه المرأة بعد ما صامت الست من شوال ماتت ماذا نقول عنها طائعة ولا عاصية ؟ تكون عاصية لأنه كونها تكون طائعة لما صامت الست من شوال لكن ما أدّت الفرض الذي عليها، صحيح صامت الست من شوال نفل، لكن حالة صيام الست أيام نفل بينها وبين أن تؤدي وأن تقضي ما عليها فرض.
هذا مثل واحد من إخواننا العامة الأذكياء ينكّت أحياناً، يأتيني بصاحب من أصدقائه يعرفه فيّ يقول مداعباً : " أعرّفك بفلان ، فلان مرضي من الوالدين مغضوب من رب العالمين " يشير إلى ذلك إلى أن فلان مطيع لأبيه وأمه ولكن لا يصلي خمس صلواته فهو بار بالوالدين لكنه مغضوب من رب العالمين، ... (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً )) كذلك هذه المرأة هي عليها ست أيام من رمضان وبتحب تصوم ست أيام من شوال ، خليها تقدم الأهم على المهم تصوم ست أيام من رمضان بعدين تصوم ست أيام شوال.