شرح باب : " باب قول الرجل للصغير يا بني " .
فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
درسنا اليوم الباب الثالث والسبعين بعد المئة قال المصنف رحمه الله :
" باب قول الرجل للصغير يا بني " .
لا يزال المصنف رحمه الله يقدم أبوابا يترجم بها لأحاديث لها صلة وثقى ببعض الأحاديث القولية التي تقدمت في دروس مضت من مثل قوله عليه السلام ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ) .
فكأنه يريد أن يقول وأن يدلنا على أن من رحمة الصغير أن يقال يا بني إذا كلم وإذا نودي نودي بهذه اللفظة التي تشعر الولد الصغير بحنو الرجل الكبير المنادي له بقوله يا بني وهو تصغير ابن فلما كان من المعروف بداهة وفطرة أن أحب شيء إلى الوالد إنما هو ابنه فلذلك كان من المناسب في مكالمة الأطفال الصغار بهذا اللفظ اللطيف ألا وهو قوله يا بني .
وليستدل على ما ترجم له في هذا الباب أتى هنا بأثر عن بعض الصحابة المقصود وهو أثر طويل فيه قصة لكن المقصود فيه أنه خاطب غلاما ليس ابنا له بقوله يا بني.
شرح أثر ابي العجلان المحاربي قال : " ... قال بن عمر يا بنى إن سبيل الله كل عمل صالح فإن كان والدك إنما أوصى بجمله في سبيل الله عز وجل فإني رأيت قوما مسلمين يغزون قوما من المشركين فادفع إليهم الجمل ... "
عن أبي العجلان المحاربي قال : " كنت في جيش ابن الزبير فتوفي ابن عم لي وأوصى بجمل له في سبيل الله فقلت لابنه ادفع إليّ الجمل فإني في جيش ابن الزبير فقال اذهب بنا إلى ابن عمر حتى نسأله فأتينا ابن عمر فقال يا أبا عبدالرحمن إن والدي توفي وأوصى بجمل له في سبيل الله وهذا ابن عم وهو في جيش ابن الزبير أفأدفع إليه الجمل قال ابن عمر يا بني " هنا الشاهد " قال ابن عمر يا بني إن سبيل الله كل عمل صالح فإن كان والدك إنما أوصى بجمله في سبيل الله عز وجل فإذا رأيت قوما مسلمين يغزون قوما من المشركين فادفع إليهم الجمل فإن هذا وأصحابه في سبيل غلمان قوم أيهم يضع الطابع "
انتهت الرواية وفيها طبعا فوائد كما هي العادة تأتي بمناسبة سوق المصنف للقصة من أجل هذه اللفظة أن ابن عمر قال للسائل " يا بني " فلابد من العودة إلى فلابد إذن من الرجوع إلى أول القصة.
2 - شرح أثر ابي العجلان المحاربي قال : " ... قال بن عمر يا بنى إن سبيل الله كل عمل صالح فإن كان والدك إنما أوصى بجمله في سبيل الله عز وجل فإني رأيت قوما مسلمين يغزون قوما من المشركين فادفع إليهم الجمل ... " أستمع حفظ
تتمة شرح أثر أبي العجلان المحاربي قال : " كنت في جيش بن الزبير فتوفى بن عم لي وأوصى بجمل له في سبيل الله فقلت لابنه ادفع إلى الجمل فإني في جيش بن الزبير فقال اذهب بنا إلى بن عمر حتى نسأله ... ) وبيان ما حصل بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان من حروب بسبب الخلافة.
أبو العجلان هذا تابعي كان في جيش ابن الزبير متى هذا؟ ابن الزبير في خلافة الأمويين خرج عليهم كان في مكة فرأى أنه أولى بالخلافة من خلفاء بني أمية ولذلك دعا الناس إلى مبايعته بالخلافة مع إنه الخليفة قائم وكان في زمنه عبدالملك بن مروان الأموي كان هنا خليفة بالشام طبعا هو ورث الخلافة ممن قبله واستمر المسلمون يعيشون تحت حكم هؤلاء الخلفاء وإن كان هذه الخلافة والحق يقال ما كانت قائمة في ابتداء الأمر على العدل ولا أريد أن أخوض في تفاصيل وإنما أشير إشارة سريعة إن الحسين رضي الله عنه كان اضطر إلى مبايعة معاوية بن أبي سفيان بالخلافة وذلك في سبيل حقن دماء المسلمين حتى لا يتقاتل أصحاب الحسين الذين يرون مبايعته من بعد علي أولى من معاوية فتنازل عن حقه وسلم الخلافة لمعاوية وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أشار إلى هذه الحقيقة وذلك من نبوءات الرسول عليه السلام الكثيرة والتي تدل على صدقه وأنه إنما يتكلم بوحي ربه.
ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إن ابني هذا سيد ) أشار إلى الحسين ( ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) وقد كان كذلك فحينما تنازل الحسين فحقن بذلك دماء الجيشين جيشه هو وجيش معاوية فبهذه الطريقة من سلوك أحد الفريقين طريق التنازل عن حقه وهو الحسين في سبيل حقن دماء المسلمين انتقلت الخلافة من آل البيت إلى معاوية بن أبي سفيان ثم بعد معاوية جاء يزيد وهكذا إلى أن جاءت خلافة عبد الملك بن مروان يومئذ في خلافة عبدالملك نادى عبدالله بن الزبير هذا بالخلافة لنفسه فبايعه كثير من الناس خاصة هناك في الحجاز ولما خشي الخليفة الأموي أن يتمكن وأن يلتف الناس حول عبدالله بن الزبير جرت هناك مع الأسف الشديد معارك كثيرة بين أتباع عبدالله بن الزبير من جهة وبين جيش عبدالملك بن مروان من جهة أخرى إلى أن وصل الأمر أن هاجم جيش عبدالملك عبدالله بن الزبير في عقر داره وهو في مكة ومع الأسف الشديد رميت مكة بالمجانيق حتى قتل ابن الزبير وهو في يدافع عن نفسه وهناك قصة طويلة الشاهد جيش ابن الزبير هو هذا الجيش
3 - تتمة شرح أثر أبي العجلان المحاربي قال : " كنت في جيش بن الزبير فتوفى بن عم لي وأوصى بجمل له في سبيل الله فقلت لابنه ادفع إلى الجمل فإني في جيش بن الزبير فقال اذهب بنا إلى بن عمر حتى نسأله ... ) وبيان ما حصل بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان من حروب بسبب الخلافة. أستمع حفظ
بيان هل لعبد الله بن الزبير أن يخرج فيطالب بالخلافة بدعوى إنه أحق من هذا القائم في زمنه ألا وهو عبد الملك أم ليس له الحق ؟
هناك بلا شك من يناصر حتى اليوم عبد الله بن الزبير باعتبار أنه صحابي ابن صحابي ثم كان على صلاح وكان على تقى وكان شجاعا بخلاف الذين كانوا في زمانه ولو أنهم كانوا مسلمين ولكن ليس لهم هذا الشرف أولا وليسوا من جهة أخرى مشهورين بالصلاح والتقوى ثانيا فهو رأى أن يطالب بالخلافة لنفسه لكن ناسا آخرين وفيهم من الصحابة أنفسهم من لم يرضوا لابن الزبير هذا الذي فعله من مناداته بالخلافة لنفسه لأن في ذلك إثارة للفتنة بين المسلمين وهم أحوج ما يكونون إلى صيانة هذه القوة التي تجمعت حول خليفة واحد.
ومن أدلة هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا آخرهما ) ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا آخرهما ) بويع خليفة ثم قام واحد يطالب بالبيعة له لا يجوز حتى لو كان أحق بذلك من الأول ما دام أن المسلمين تجمعوا وراء هذا الخليفة وبايعوه أصابوا أو أخطأوا ليس هناك مجال لمناقشة هذا الأمر لأنه لو فرض أن هذا الذي بويع ليس أحق بالخلافة من الآخر الذي لم يبايع فاجتماع الناس حوله مصلحة وتفرقهم عنه حتى يجتمعوا وراء الخليفة الآخر هذه مفسدة فيجب دفع هذه المفسدة لاسيما والمصلحة قائمة لذلك قال عليه السلام ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا آخرهما ) وهذا نص صريح بأنه إذا اختلف المسلمون في شخصين فإذا ما بويع أحدهما فيجب على المسلمين جميعا أن يبايعوه وأن يجتمعوا حوله ولا يلتفتوا إلى الذي يدعي الخلافة له بعد الأول
من هنا كان كثير من أصحاب الرسول عليه السلام لم يدخلوا في جيش ابن الزبير ولم يؤيدوه ومنهم عبد الله بن عمر وهو أكبر منه وأعلم منه وأحق بالخلافة منه حتى قال بعضهم لأبيه عمر " ألا توصي بالخلافة لابنك عبدالله " لما له من علم ومن صلاح وزهد ونحو ذلك مما يتفاضل فيه الناس
فابن عمر هذا كان لا يرى صنيع ابن الزبير صالحا وكان يأخذ عليه هذا الخروج ويدعي بأنه إنما دعا بالخلافة لنفسه ليس لمصلحة المسلمين فمصلحة المسلمين قائمة بخلافة القائم يومئذ وهو عبد الملك بن مروان وإنما دعا للخلافة حبا للرئاسة هكذا يقول ابن عمر في آخر هذه القصة .
4 - بيان هل لعبد الله بن الزبير أن يخرج فيطالب بالخلافة بدعوى إنه أحق من هذا القائم في زمنه ألا وهو عبد الملك أم ليس له الحق ؟ أستمع حفظ
تتمة شرح على أثر أبي العجلان المحاربي قال: " ... فتوفى بن عم لي وأوصى بجمل له في سبيل الله فقلت لابنه ادفع إلى الجمل فإني في جيش بن الزبير فقال اذهب بنا إلى بن عمر حتى نسأله ... ) ، وبيان أهمية الرجوع إلى أهل العلم الراسخين لسؤالهم عما يشكل، واستحباب التكني بكنية، ومراعاة أدب منادة الشخص بكنيته.
" فتوفي ابن عم لي وأوصى بجمل له في سبيل الله " ابن عم لأبي العجلان هذا مات وكان أوصى بجمل يحارب عليه في سبيل الله.
" فقلت لابنه " أبو العجلان يقول لابن عمه
" أعطني الجمل " ما دام أبوك أوصى بهذا الجمل في سبيل الله ادفع لي الجمل فإني في جيش ابن الزبير كان ابن ابن عم أبي العجلان يبدو كيسا عاقلا حيث لم يبادر إلى الاستجابة لقريبه .
" فقال اذهب بنا إلى ابن عمر حتى نسأله " نأخذ رأيه باعتباره من كبار الصحابة ومن علمائهم .
" فأتينا ابن عمر فقال: يا أبا عبدالرحمن إن والدي " هذا ابن عم أبي العجلان يقول لابن عمر " يا أبا عبد الرحمن " كنية عبد الله بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن ناداه بكنيته.
وهذا أدب من الآداب الإسلامية وأظن مضى شيء من هذا في درس سابق أن الأدب الإسلامي ألا ينادى الرجل باسمه ولا بلقب له وإنما بكنيته ولذلك فقلّ ما نجد بل لا يمكن أن نجد رجلا من السلف الصالح ليس له كنية لابد اسمه محمد بن أحمد محمد إسماعيل إلا ويصير له كنية أبو أحمد أبو محمد أبو صالح أبو عبد الرحمن إلى آخره
وهذه سنة تركها المسلمون منذ مئات السنين وبخاصة منهم الأعاجم الأعاجم لا يعرفون هذه السنة مطلقا لأنه غلبت عليهم العادات الأعجمية أما العرب فجماهيرهم حتى اليوم يحافظون على هذه السنة لأنه هي في الأصل عادة عربية ثم دعمها الرسول عليه السلام وكنى كثيرا من الأتباع له بكنن حتى بعض النساء فمثلا السيدة عائشة رضي الله عنها على الرغم من أنها لم ترزق ولدا وهي زوجة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فكأنها أحست بشيء من الغضاضة حيث أنه لا كنية لها ( فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت نساؤك كلهم لهم كنى فقال لها تكني بابن أختك عبد الله بن الزبير ) هذا فتكنت بأم عبد الله وهي لا ولد لها فهذا مما يؤخذ منه إنه من الأدب إسلامي أن المسلم يتكنى بكنية ولو لم يكن له ولد
وأعجب من هذا أن هناك طفلة صغيرة كانت من أقارب الرسول عليه السلام من جهة خديجة ( جاء الرسول عليه السلام ببعض الثياب الجميلة واللائقة بالنساء فألبس شيئا من هذه الثياب تلك الفتاة الصغيرة ثم قال لها هذا سنا يا أم خالد هذا سنا يا أم خالد ) وهي طفلة هكذا فكناها بأم خالد ولا مانع أن نذكر بأني اقتديت بالرسول في هذا فكنيت ابنتي هذه بأم خالد فهي أم خالد.
5 - تتمة شرح على أثر أبي العجلان المحاربي قال: " ... فتوفى بن عم لي وأوصى بجمل له في سبيل الله فقلت لابنه ادفع إلى الجمل فإني في جيش بن الزبير فقال اذهب بنا إلى بن عمر حتى نسأله ... ) ، وبيان أهمية الرجوع إلى أهل العلم الراسخين لسؤالهم عما يشكل، واستحباب التكني بكنية، ومراعاة أدب منادة الشخص بكنيته. أستمع حفظ
تتمة شرح أثر أبي العجلان المحاربي قال : " ... فقال اذهب بنا إلى بن عمر حتى نسأله فأتينا بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ان والدي توفى وأوصى بجمل له في سبيل الله ... " وبيان أنه ليس في سبيل الله ما يحصل من الاقتتال بين المسلمين بسبب الرئاسة والحكم.
يقول " إن والدي توفي وأوصى بجمل له في سبيل الله وهذا ابن عمي وهو في جيش ابن الزبير أفأدفع إليه الجمل " قال ابن عمر " يا بني إن سبيل الله كل عمل صالح " يعني سبيل الله بابه واسع ماهو محصور بأن تقدم هذا الجمل لجيش ابن الزبير وفي ابن الزبير من الخدش ما أشرت إليه آنفا وسيصرح بذلك
" إن سبيل الله كل عمل صالح فإن كان والدك إنما أوصى بجمله في سبيل الله عز وجل " وأردت أنك تضع الوصية في محلها المناسب لها بدون شك ولا تردد فافعل ما أذكره لك
" إذا رأيت قوما مسلمين يغزون قوما من المشركين فادفع إليهم الجمل " لأنه هذا جهاد في سبيل الله لا إشكال فيه " فإن هذا " يعني ابن الزبير " وأصحابه " يعني الجيش اللي أنت بدك تقدم الجمل إليه بناء على طلب ابن عمك " غلمان قوم أيهم يضع الطابع " هذه جملة كناية إنه هذا الرجل وأتباعه إنما هن أتباع غلمان شخص يتسابقون لمن يكون له الطابع يعني الخاتم أي لمن تكون له الرئاسة التي تستلزم عادة أن يتصرف صاحبها في الأمور إصدار الأوامر والختم عليها لمن يكون له الطابع يعني يكون له الرئاسة هذه بتكون عادة الختم وتصريف الأمور هي لهذا الرئيس فها هنا يقول ابن عمر يغمز من قناة ابن الزبير إنه هذا الرجل ما يقاتل الآن جيش المسلمين عبدالملك بن مروان في سبيل الله لحتى أنت تقدم جملك له لا شوف المسلمين لما يقاتلوا المشركين فقدم الجمل إلى هؤلاء المسلمين أما هؤلاء فهم طلاب رئاسة وتسلط هكذا حكم ابن الزبير ولا شك أن هذا الحكم إنما هو ظن من ابن عمر قد يكون صوابا وقد يكون خطأ
6 - تتمة شرح أثر أبي العجلان المحاربي قال : " ... فقال اذهب بنا إلى بن عمر حتى نسأله فأتينا بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ان والدي توفى وأوصى بجمل له في سبيل الله ... " وبيان أنه ليس في سبيل الله ما يحصل من الاقتتال بين المسلمين بسبب الرئاسة والحكم. أستمع حفظ
بيان الخلاف الذي جرى بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك ، والخلاف الذي جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهم . و أن الحكم يكون على الظاهر من أمر الولاة والخلفاء.
ولكن لا شك في أن قيام ابن الزبير خطأ من الناحية الإسلامية إلا أنه هناك فرق كبير بين نقول خطأ مقصود منه كما يقول ابن عمر حبا في الرئاسة فحينئذ يكون آثما لا سمح الله ، وبين إنه يكون خطؤه باجتهاد منه فحينئذ يكون مأجورا أجرا واحدا وهكذا نقول على الخلاف السابق الذي نتج منه هذا الخلاف وغيره وهو خلاف بين معاوية وعلي والقتال الشديد اللي وقع بين طائفتين في معركة صفين مع الأسف
فجيشان من المسلمين تقاتلوا قتالا عجيبا جدا ما نستطيع أن نقطع بأن معاوية كان أيضا طالب رئاسة ممكن أن يكون كذلك لأنه ليس معصوما ولو أنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم أو من كتاب النبي وممكن أن يكون مجتهدا وأنه لم يتقصد الخروج على من بويع أيضا بالخلافة وهو علي بن أبي طالب حبا في الرئاسة
7 - بيان الخلاف الذي جرى بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك ، والخلاف الذي جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهم . و أن الحكم يكون على الظاهر من أمر الولاة والخلفاء. أستمع حفظ
تكملة التعليق على أثر: أبي العجلان المحاربي قال: كنت في جيش ابن الزبير...) وفيه بيان أنه يجب صون اللسان عما جرى بين الصحابة والتابعين من الاقتتال ونكل نياتهم إلى علام الغيوب.
نقول كان مخطئا بلا شك هذه الناحية الأولى
الناحية الأخرى هل كان معاوية وعبد الله بن الزبير نحن شركناهما معا في أن كلا منهما كان على خطأ وبالنسبة لمعاوية لحديث ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ) وبالنسبة لعبدالله بن الزبير ( إذا بويع لخليفتين ) فالخليفة الأول كان مبايع فإذن عبد الله بن الزبير مخطئ لكن من ناحية أخرى هل نستطيع أن نقول إن معاوية كانت نيته سيئة عبد الله بن الزبير كانت نيته سيئة لا نستطيع أن نقول لا هذا ولا هذا وما أحسن ما قال بعض السلف أو بالأحرى بعض الأئمة وأظنه الإمام النووي رحمه الله لما سئل ماذا ينبغي أن يكون موقفنا تجاه الصحابة والذين جاؤوا من بعدهم وتقاتلوا بعضهم مع بعض بسبب الخلافات على الحكم نقول إنه هذا مغرض وهذا مصلح قال " تلك أمة طهّر الله سيوفنا من دمائهم فلننزه ألسنتنا من الكلام فيهم " يعني الله عز وجل ما ابتلانا حتى نكون في زمانهم ونقاتل نكون مع هذول أو مع هذول بلا شك وحدة مخطئة والأخرى مصيبة
فإذا ربنا عز وجل صاننا من هذا فعلى الأقل خلينا نحفظ ألسنتنا ولا نطعن فيهم نقول هذا كان مغرض وهذا كان مصلح لأنه هذه القلوب لا يعرفها إلا علام الغيوب .
وبهذا القدر كفاية .
والحمد لله رب العالمين